لماذا فقد الأمن في أمريكا

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لماذا فقد الأمن في أمريكا

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

مقدمة


لقد وقف العملاق الأمريكي عاجزا تماما أمام الضربات التي تلقاها أكثر من موقع استراتيجي هام في نيويورك وواشنطن، وبعيدا عن أساليب التنديد والشجب والمجاملة والنفاق التي توشحت بها دول العالم على اختلاف مشاربها، .


وعل تباين قربها أو بعدها من أمريكا، أرى أن الحل لأدواء العالم لا تكون أبدا عبر توجيه الاتهامات غير المستندة على بينات، ولا تكون عبر تصدير التهديدات التي تدل على عدم استيعاب حقيقة ما يجري، ولكنها فقط تتم عبر التشخيص لهذه الحالة، وبالتالي معرفة أسباب العلة التي أصابت هذا العالم، ومن ثم وضع العلاج المناسب الذي يكمن في إزالة الأسباب.


فمن هي الجهة التي قامت بهذه العمليات المتقنة والتي تدل على سعة اطلاع منفذها وعظم قدراته وإمكاناته ؟

وما هي الأسباب التي حدت بها للقيام بهذه العمليات ؟

وما هو العلاج الصحيح الذي يجب على العالم أن يستخدمه للحصول على الأمن والاستقرار ؟

ما من شك أن هناك عدة احتمالات سنتطرق إليها :

الاحتمال الأول

كلنا يعلم أن السياسة الأمريكية الخارجية تقوم على أسس خاطئة جدا، فأمريكا لا تحترم الشعوب الفقيرة والمسحوقة، ولا تقر لها بحقها في الحياة الكريمة، بل ولا تعترف لها بحقها في السيادة على مصادرها الطبيعية، وتحرمها من القدرة على النهوض لتبقى سوقا للبضائع الغربية فتفرض عليها التخلف والتبعية، وكل ذلك لصالح أمريكا وثرائها، مما جعل هذه الشعوب تحقد على أمريكا وتنظر إليها نظرة عداء، وهذا يشمل تقريبا كافة شعوب المعمورة خاصة الفقيرة منها، فأمريكا اليوم لها أعداء في أمريكا اللاتينية، وفي أوروبا خاصة منطقة البلقان، وفي أفريقيا، وفي ما يسمى بمنطقة الشرق الأوسط، وفي جنوب شرقي آسيا، وما موقف المنظمات الأهلية بل والوفود الرسمية في مؤتمر دوربان في جنوب أفريقيا، وما هذه المظاهرات في كافة أرجاء المعمورة ضد العولمة إلا ترجمة لذلك، ويكفي أننا أينما ولينا وجوهنا نجد أن العلم الأمريكي يحرق، فإن كان سبب الهجوم على أمريكا استخفاف أمريكا بهذه الشعوب ونهب خيراتها لتجعلها في صراع دائم مع الفقر، فالتهديد والتنديد والوعيد لن يجلب الأمن لأمريكا، طالما أن أمريكا تسرق رغيف

الخبز من هذه الشعوب، مما يفقدها أمنها الغذائي، الذي يفقدها بالتالي أمنها واستقرارها السياسي، فالعلاج إذن يكمن في إعطاء الشعوب حقوقها وعدم قهرها وتجويعها ونهب خيراتها.

الاحتمال الثاني

هناك تحيز أمريكي واضح وصريح لصالح العدو الصهيوني ضد شعبنا الفلسطيني الأعزل، وهناك دعم يتنافى مع كل القيم الإنسانية لكل الممارسات الصهيونية الغير مشروعة، ابتداء من الاحتلال لوطننا ورفض الانسحاب، مرورا بكل أشكال العدوان والإرهاب الممارس ضد شعبنا من تقتيل وتهجير وتهويد للمقدسات وحصار وتجويع وتدمير للبيوت والبنى التحتية وتجريف للأراضي الزراعية وقتل للأطفال واغتيال للقيادات ومذابح جماعية، واستخدام لأحدث التقنيات العسكرية الأمريكية ضد شعبنا الأعزل، كما أن أمريكا لم تفتأ تستخدم الفيتو ضد أي توجه عالمي لإدانة هذه الممارسات، ثم نراها تسارع لإدانة أي عمل مشروع يقوم به شعبنا الفلسطيني للدفاع عن نفسه، ومن أجل تحرير وطنه ومقدساته، مما أجج نار الحقد في قلوب أبناء شعبنا الفلسطيني وقلوب أبناء أمتنا العربية والإسلامية على أمريكا، وهذا يعني أن أمريكا قد تحتمل أن ينتصر الفلسطينيون لما يصيبهم على يد الصهاينة العنصريين من أمريكا، ولكن كلنا يعلم أن كافة الفصائل الفلسطينية قد أعلنت عدم مسئوليتها عن هذه العمليات، كما أنها أكدت جميعها من قبل أنها لن تفتح جبهة خارج فلسطين خاصة مع أمريكا، كما أنها في الواقع لا تملك الإمكانات التي تؤهلها للقيام بعمليات نوعية كتلك، لكن إن كان هذا أحد الاحتمالات لدى أمريكا فلا يكون العلاج أبدا إلا بالكف عن التحيز لهذا العدو المجرم في عدوانه الغاشم على شعبنا المشرد من وطنه.

الاحتمال الثالث

كل العالم يدرك عداء المجاهد أسامة بن لادن لأمريكا، وقيامه بعمليات ضدها في السابق، وموقفه ذلك كان ثمرة للهيمنة الأمريكية على مقدرات أمتنا العربية والإسلامية، ومناصرة أمريكا للعدو الصهيوني الذي يغتصب فلسطين ويدنس المسجد الأقصى، ولذلك كان بن لادن هو المرشح الأول عند أمريكا دون أن تقدم أمريكا ولو دليلا واحدا على زعمها ذلك، وهذا أحد الاحتمالات الذي ضعفته إدانة طالبان للعمليات‘ وإعلانها أن بن لادن لا علاقة له بهذه العمليات، ولا أعتقد أن هذا المشجب سيخدم أمريكا أو يوفر لها الأمن، والأولى بها أن ترفع هيمنتها عن المنطقة العربية خاصة، وأن تكف عن دعمها اللامتناهي للاحتلال الصهيوني كي تحصل على أمنها.

الاحتمال الرابع

الكل يعلم أن سياسة أمريكا الداخلية لم تكن أفضل بحال من سياستها الخارجية، فهناك عنصرية بغيضة داخل أمريكا، وهناك طبقات معدمة ومسحوقة في الولايات المتحدة الأمريكية، وهناك عصابات إجرامية لها ثقلها في عالم المافيا الأمريكية، ولا زلنا نذكر على سبيل المثال لا الحصر ما جرى في أكلاهوما، وهذا الاحتمال ربما كان أقوى الاحتمالات بلا منازع، والسبب في ذلك أن العملية تدل على أن المخطط لها من داخل البيت، يعلم دقائق الأمور التي بدونها لا يمكن أن يكون هذا النجاح الباهر، كما أن المخطط للعملية يملك المال الكافي لتنفيذ سلسلة من العمليات الخطيرة جدا، وإذا كان الأمر كذلك فلا يجوز التعجل في توجيه أصابع الاتهام إلى المسلمين والعرب، لأن ذلك لن يوفر عندئذ الأمن لأمريكا، وسيجعلها تضل الطريق في ما تجريه من تحقيقات، ولن يوفر الأمن حينئذ إلا علاج الوضع الأمريكي الداخلي، بالابتعاد عن العنصرية وإعطاء الطبقات المسحوقة حقوقها كاملة، والتوقف عن الدعوة المستمرة للأخلاق الهابطة بعيدا عن القيم والمبادئ والمثل.

الاحتمال الخامس

يجب ألا ننسى أبدا أن مصدر الإرهاب والحروب في العالم هو هذا الكيان الصهيوني، وما من بؤرة متوترة في العالم إلا من ورائها اليهود ( أو كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا )، ولذلك من الاحتمالات القوية أن يكون الصهاينة من وراء هذه العمليات، فلديهم الاختراق الكامل لكل مناحي الحياة في أمريكا، ولديهم القدرة على التخطيط لمثل هذه العمليات، ويملكون المال الكافي لتمويل مثل هذه العمليات، ولقد قاموا في الماضي بافتعال مذابح لليهود ليكرهوهم على الهجرة إلى فلسطين ، وإن قيل ما هدف اليهود من القيام بهذه العمليات ؟

نقول هدفهم من ذلك إلهاء العالم عما يدور من جرائم صهيونية على أرض فلسطين، وكذلك تحريض العالم على المسلمين بتوجيه أصابع الاتهام إليهم، ومن ثم الحصول على تأييد غربي ودولي لتنكر اليهود لحقوق الشعب الفلسطيني، وكذلك جر العالم إلى حرب عالمية جديدة يستفيد من ورائها الصهاينة كما حدث معهم في الحرب العالمية الأولى والثانية، وإذا كان الأمر كذلك فأمن أمريكا لن يتحقق ما لم تدرك هذه الحقيقة، فإذا أغفلت هذا الاحتمال أثناء تحقيقاتها لمعرفة من وراء هذه العمليات فلن تحقق الأمن أبدا.

بعد هذا الطرح يمكننا القول أن الأمن الغربي لن يتحقق على حساب أمن الشعوب المستضعفة، وأن دعم الغرب للصهاينة لن يوفر لهم الأمن، وأن العدالة واحترام الإنسانية هما السبيل الوحيد الذي يجلب الأمن لكل شعوب المعمورة.

المصدر

للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.