ليس دفاعـًا عن الرنتيسي .. ولكنها الحقيقة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
ليس دفاعـًا عن الرنتيسي .. ولكنها الحقيقة

بقلم: الأستاذ عادل أبو هاشم

كاتب وصحفي فلسطيني - الرياض

مدير تحرير جريدة الحقائق- لندن

لا أحد ينكر أثار التسوية السياسية والتي يطلق عليها- زورًا وبهتانـًا- عملية السلام على جميع مجالات الحياة الفلسطينية المختلفة .

حيث ظهرت أكثر وضوحـًا على حركة التحرير الوطني الفلسطيني " فتح" ، فقد قطعت اتفاقية أوسلو وما تبعها من اتفاقيات الخيط الرفيع الذي يربط بين أعضاء حركة فتح . باعتبارها المشارك الأساسي - بل الوحيد - في عملية السلام ، ودفعت هذه الاتفاقية بالكثيرين من أبناء حركة فتح ممن لم يكن لهم تاريخ نضالي سواء من الناحية العسكرية أو السياسية إلي القفز على السطح للانقضاض على كعكة أوسلو وهي التي يمثلها في هذه الحالة أجهزة السلطة الفلسطينية ..!!

وأصبحنا نرى أشخاصـًا – لم نسمع بأسمائهم في مسيرة الثورة – يتباهون ويفاخرون ببطولات غير موجودة لديهم ولا يعلمون عنها هم أنفسهم شيئاً ، بل أصبح ينسب إلى نفسه أعمالاً كثيرة ولم يقم بها ولم يحلم في يوم من الأيام القيام بها ، وظهرت طبقة جديدة من المنتفعين الذين احتلوا مناصب ليسوا أهلاً لها واعتبروا أنفسهم فوق القانون ، وفوق الضوابط وفوق الحسابات ، وحجة كل واحد فيهم أنه محرر الأوطان وقاهر الأعداء !

لقد كان عزاؤنا في بادئ الأمر أن هؤلاء المنتفعين المتسلقين الذين "شربوا حليب السباع" عند دخول السلطة الفلسطينية إلي الأراضي الفلسطينية في مايو" أيار"عام 1994 م والذين شكلوا جماعات وكتل متجانسة فكرياً أو مصلحياً أو مناطقياً أو حتى "جماعاتياً" نسبة إلى جماعة أبو فلان وأبو علان ، والذين لا يربطهم غير رابط مصلحي يقوم على الحصول على النصيب الأكبر من كعكة السلطة سينكشفون عاجلاُ أم آجلاً أمام أبناء شعبهم ، ولكن بعد أكثر من ست سنوات اكتشف الفلسطينيون خطأ ما اعتقدوا به، حتى قيام انتفاضة الأقصى في سبتمبر "أيلول" عام 2000 م ، حيث فضحت هذه الانتفاضة المباركة بعض قادة الأجهزة الأمنية الذين أصبحوا "نجومـًا للفضائيات" وأشبعونا زعبرة طوال ست سنوات على استعدادهم لمواجهة قوات الاحتلال ..!!

لقد جاءت الانتفاضة وما تبعها من احتلال قوات العدو الإسرائيلي لمدننا وقرانا ومخيماتـنا لتظهر لنا تقصير الأجهزة الأمنية بالقيام بواجبها المطلوب في حماية مكتسبات الشعب الفلسطيني، وحماية المواطن الفلسطيني، وكشفت الدور القمعي الذي مارسته هذه الأجهزة ضد المتظاهرين من أبناء شعبها ضد الاحتلال، وكأن هناك إصرارا من بعض قادة الأجهزة الأمنية على تحويل السلطة إلى نظام قمعي متخلف يصادم أحلام وآمال وتطلعات شعبهم .

شاهدنا ذلك في أحداث غزة المؤسفة في أكتوبر 2001 م ، وفي قضية محاولة اعتقال أجهزة الأمن الفلسطينية للمجاهد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي في ديسمبر 2001 م وما تبعها من إطلاق الشرطة الفلسطينية النار على بعض المجاهدين الذين أطلقوا صواريخ القسام على المستوطنات الصهيونية ، ومقتل مجاهد من حركة الجهاد الإسلامي في نفس اليوم برصاص الشرطة الفلسطينية ، .

وقتل ستة من مشيعي جثمان هذا المجاهد وجرح العشرات ، وفي حالة وفاة الشاب عبد الناصر الصوافطة وإصابة آخرين من جراء إطلاق الشرطة الفلسطينية الرصاص على آلاف المتظاهرين الذين انطلقوا إلى سجن نابلس للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين في يناير 2002 م ، وفي مطاردة الممرض أحمد لبد من مخيم الشاطئ وإطلاق النار على عيادة وكالة الغوث التي يعمل بها وإصابة طبيب وبعض المارة في نفس الشهر .!

لقد كان بإمكان الأجهزة الأمنية الفلسطينية أن تسجل في الكثير من المواقع لوحات صمودية وبطولية بدلا من النهايات التي انتهت إليها مع تقديرنا لدور العديد من أفراد الأجهزة الأمنية الذين شاركوا في النضال وصد الاجتياحات الاحتلالية، ولكن بدلا من ذلك فقد استمرأ بعض قادة هذه الأجهزة أسلوب "الردح" الذي أتقنوه على الفضائيات طوال السنوات الماضية، .

ووصلت بهم الوقاحة إلى إصدار البيانات المزورة ضد قادة ورموز مجاهدينا الأبطال الذين ضحوا بالغالي والنفيس في سبيل قضيتهم وشعبهم .!

وكان آخرها البيان الذي صاغه وطبعه وأشرف على توزيعه جهاز المباحث العامة في غزة ضد المجاهد والقائد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي لدوره البطولي في التصدي للمؤامرات الصهيونية وفضحها ، وحضه على الجهاد في سبيل الله والوطن .!

ورغم وجود الأدلة الدامغة التي تدين جهاز المباحث العامة الذي صاغ ووزع هذا البيان ، فإن السلطة لم تحرك ساكنـًا كما هي العادة ..!!

لم نسمع من السلطة أي تحقيق فيما تـناقلته وكالات الأنباء عن لقاء في أكتوبر الماضي بين قادة أجهزة أمنية فلسطينية ومسؤولين في جهاز الشاباك الصهيوني لوضع خطة لاغتيال الدكتور عبد العزيز الرنتيسي بهدف التخلص من أحد أبرز قادة المجاهدين في الأراضي الفلسطينية للعدو الإسرائيلي .!

كذلك لم نسمع أي نفي من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية لهذا الخبر .!

بدلا من ذلك أصدر جهاز المباحث العامة الفلسطيني في غزة بيانـًا مدسوسـًا ضد المجاهد والقائد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي الذي قدم الكثير لقضيته ودينه ووطنه وشعبه وتحمل في سبيل ذلك السجن والإبعاد والملاحقة والمعاناة .!

إن المجاهد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي "رهين المعتقلات الإسرائيلية والفلسطينية" والذي اعتقل أربع مرات في سجون السلطة الفلسطينية كان آخرها لمدة 21 شهرًا بسبب مطالبته السلطة الفلسطينية بالكشف عن قتلة الشهيد محيي الدين الشريف في مارس "آذار" 1998 م لهو أكبر وأسمى من الأيدي القذرة التي صاغت هذا البيان ووزعته .!

إن أجهزة الأمن هي التي ابتدعت أسلوب البيانات المزورة ضد خصومها السياسيين ، وهاهو أسلوب البيانات المزورة يظهر من جديد ضد مجاهدي ورموز الشعب الفلسطيني ، بعد أن كانت البيانات السابقة موجهة ضد السلطة نفسها ، ومن يرتكب الخطأ عليه أن يتوقع أن يرتد الخطأ عليه .!

فلا زلنا نذكر بيان الضباط الأحرار إلي بيان فتح منطقة مخيم البريج – مجانين غزة إلي بيان شرفاء فلسطين ، وجميعها تتحدث عن الخونة والمتسلقين على أكتاف المناضلين ، والتلاعب بقوت الجنود والمناضلين والكادحين ورواتبهم ، والتهديد بقتل أصحاب المناصب الرفيعة والكروش المتعفنة الذين يعيشون حياة البذخ والترف والفسق على حساب الأسرى والفقراء وأسر الشهداء .!

الطريف في قصة البيان المذكور هو تصريح الناطق باسم الشرطة الفلسطينية الذي يدافع فيه عن المباحث العامة دون التحقيق في الموضوع ، مع تأكيده على أن واجب الشرطة هو الوقوف ضد كل من يتجاوز القانون ويعاهد فيه شعبنا على خدمة قضاياهم وحماية أمنهم وسلامتهم ..!

إذا أردنا الحديث عن ممارسات الشرطة الفلسطينية في الاعتقال وأعمال القمع والمصادرة والاعتداء على الحريات ، ومنع أفراد المجتمع من التعبير ، وانتهاك الحقوق الأساسية للإنسان ، وتلفيق التهم والدسائس فالحديث ذو شجون .!!

ولكن نذكر هنا قصتين فارق بينهما خمس سنوات لنستطيع الحكم على ممارسات الشرطة الفلسطينية في خدمة قضايا الإنسان الفلسطيني .!

في أبريل عام 1995 م وبينما كان الشاب الميكانيكي أكرم محمد الهليس يقود سيارته في شارع مزدحم بحي النصر في مدينة غزة أوقفته سيارة شرطة وصرخ عليه من فيها قائلاً هات هويتك ورخصتك وألحق بنا على مركز شرطة العباس، ولما سأل عن السبب تقدم منه أحد رجال الشرطة فسبه وصفعه على وجهه وحين احتج الشاب هجم عليه خمسة من رجال الشرطة بلباس مدني وأوسعوه ضرباً ثم اقتادوه إلى مركز العباس ، .

وهناك اقتادوه إلى غرفة تعرض فيها لألوان من الضرب والتعذيب أدت إلى أصابته بكدمات عدة ، وإلى كسر إصبعه بواسطة الضابط المسؤول عن التعذيب، وبعد أن أخذ حصته من الضرب أطلق سراحه فخرج الشاب أكرم متوجهاً إلى مكتب الرئيس ياسر عرفات ليشكو إليه ما حدث معه، في مكتب الرئيس التقاه أحد الضباط وحاول إثنائه عن عزمه طالباً منه نسيان الموضوع وإلا واجه ما هو أسوأ وقال له صراحة إنه إذا ما ركب رأسه فقد يجد نفسه متهماً بقضية أخرى كالعمالة أو الاتجار في المخدرات تنتهي بحبسه مدى الحياة ، وحين كشف عن جسمه وأطلع ضابط مكتب الرئيس على آثار الضرب والتعذيب بعدما عرض عليهم إصبعه المكسور ، قال له ضابط آخر إنه هو الذي فعل ذلك بنفسه لكي يتهم الشرطة الفلسطينية زوراً وبهتاناً!

وفي إبريل عام 2000 اعتقل الصحفي الفلسطيني عبد الله عيسى في سجن المخابرات العامة ب قطاع غزة، وأثناء اعتقاله تعرض للضرب مع زوجته أثناء زيارتها له، وتعرض منزله لإطلاق النار ليلاً لتخويف زوجته وأطفاله ! وربما لحثهم على طلب اللجوء السياسي إلى إسرائيل !

وبعد مرور ثلاثة أسابيع على اعتقال عبد الله عيسى أعلن رئيس المخابرات الفلسطينية اللواء أمين الهندي أن عيسى سيقدم لمحاكمة قريباً وقد جرى اعتقاله لقيامه بمراسلة صحف في الخارج ، وتسريب أخبار تسيء إلى شخصيات فلسطينية وإلى العلاقة مع دول وجهات صديقة .. ثم أفرج عن عبد الله عيسى دون أن نعرف لماذا لم يقدم إلى القضاء الفلسطيني .!

قد يحسب للفلسطينيين نجاحهم في تجنب الغرق في وحول الحرب الأهلية والدخول في تفاصيل السيناريو الأسود الذين توقعه الكثيرون غداة مصافحة الأيدي الشهيرة بين عرفات ورابين في البيت الأبيض في 13 سبتمبر 1993 م ، .

وهو السيناريو الذي دأبت أجهزة المخابرات الإسرائيلية على ترسيخه بوضع الشعب الفلسطيني أمام حرب أهلية لا تبقي ولا تذر تؤدي إلي القضاء على منجزات وطموحات هذا الشعب ، لتقدم إسرائيل للعالم أجمع مبررات للمذابح التي قامت بها ضد الفلسطينيين عبر السنوات السابقة .

فرغم أن الشعب الفلسطيني بكل فئاته وطوائفه ومختلف فصائله قد استطاع تلافي هذا السيناريو الأسود إلي الآن إلا أن الذي يجري هذه الأيام من كتابة وتوزيع البيانات القذرة ضد المجاهدين والمناضلين من أبناء شعبنا ، .

وملاحقة واعتراض المجاهدين واعتقالهم ، كلها مؤشرات خطيرة توضح أن ما كان يحلم به العدو الإسرائيلي منذ أوسلو في "أفغنة الأراضي الفلسطينية " قد اقترب من التحقيق .!

إن السلطة الفلسطينية مطالبة بإعادة النظر في سياساتها ، وإيقاف مسلسل التجاوزات وعبث الأجهزة الأمنية بأمن المواطنين وحرياتهم الأساسية ، وإجراء تحقيقات فورية وعلنية لبعض المسؤولين في هذه الأجهزة الذين أوصلوا شعبهم إلى حالة من الفزع واليأس في ظل الهجمة الصهيونية الشرسة اليومية ضد أطفالنا ونسائنا وشيوخنا .!

إن الحق والعدل أبقى وأثبت على أرض وطننا ، وإن إصرار البعض من قادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية على التحول إلى " لحديين " وطابور خامس للطعن في جهاد وتضحيات وصمود المناضلين والمجاهدين من أبناء شعبنا ، والعمل بكل السبل والوسائل الدنيئة للدخول في مواجهة شاملة مع جماهير الشعب الفلسطيني إرضاءً للعدو الإسرائيلي يشكل طعنة لمسيرة نضال وجهاد الشعب الفلسطيني المتواصل منذ أكثر من قرن ، وخيانة لدماء الشهداء والجرحى والأسرى الذين سقطوا على درب الحرية والاستقلال أمام حرب الإبادة والتطهير العرقي الذي يمارسه العدو الإسرائيلي لكل ما هو فلسطيني .

لقد علمنا التاريخ أنه لا يرحم ..! ولا يتآمر ..! لكنه يسجل المؤامرات ..!...

المصدر

للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.