لا أمن للغزاة في فلسطين

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا أمن للغزاة في فلسطين

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

لقد قدم شارون نفسه للناخب الصهيوني على أنه الوحيد الذي يمكن أن يجلب له الأمن والاستقرار، ولقد ساعده تاريخه الحافل بالإرهاب وسفك الدماء على إقناع الشارع الصهيوني بزعمه ذاك، وما من شك أنه قبل أن يوقع شعبه في شباك هذا الوهم، كان هو الضحية الأول لهذا الوهم، ولذا فإني لا أشك لحظة أن شارون كان يؤمن إيمانا عميقا أن في مقدوره كإرهابي عالمي جلب الأمن لشعبه عبر ممارسة مختلف أشكال الإرهاب ضد شعبنا الفلسطيني، وغاب عن ذاكرة شارون أن كل الإرهابيين من قبله فشلوا فشلا ذريعا في بلوغ هذه الغاية،

فاغتيل رابين دون بلوغ الهدف، وسقط بيرز أمام نتنياهو لأنه فشل في تحقيق الأمن، وانتهى الحال بنتنياهو إلى الخروج من الرئاسة والكنيست لفشله في جلب الأمن، وقضى باراك على ماضيه الحافل بالإرهاب عندما خر صريعا أمام شارون في انتخاباتهم الأخيرة للأسباب ذاتها، ولو فكر شارون قليلا لعلم أنه لن يكون أوفر حظا ممن سبقه من عتاة الإرهابيين.

وبدأ شارون خطته الإرهابية لتوفير الأمن وحدد لها مائة يوم، وانتهت المدة وقد تدهور الوضع الأمني تدهورا لم يشهده من قبل، وازدادت ضربات المجاهدين على اختلاف أنواعها كما وكيفا، وغدت فلسطين مقبرة لهم، وبدأ الهروب الصهيوني من فلسطين وغادر قرابة المليون صهيوني عائدين إلى أوطانهم الأصلية التي هاجروا منها ليغتصبوا الوطن، وتردد عشرات الآلاف من المصدومين على العيادات النفسية، وتحطم قطاع السياحة تماما، وتراجع الاستثمار إلى أدنى مستوياته،

وقذف الله في قلوبهم الرعب، وأصبح المشهد اليومي المألوف لدى الصهاينة تشييع الجنازات، حتى أنني أستطيع أن أزعم أن أسوأ فترة على صعيد تردي الوضع الأمني عاشها الغزاة الصهاينة في فلسطين هي فترة شارون، وتحول شارون إلى خطة جديدة أطلق عليها جهنم، وبدأ حملة منظمة من الاغتيالات الجبانة مستخدما الطائرات والصواريخ الأمريكية، مع أخذه كافة التدابير الأمنية اللازمة من وجهة نظره لمنع الانتقام الفلسطيني عن طريق العمليات الاستشهادية التي تزلزل عمق فلسطين، فإذا بكتائب القسام تخترق كل الحواجز الأمنية، وتوجه ضربتها في أكثر الأماكن أمنا كما صرحت بذلك أجهزته الأمنية، فانهار مطعم البيتزا وانهارت معه كل خطط شارون الأمنية، ومن هنا بدأ شارون يترنح بل ويتخبط لا يدري ما العمل، مما اضطرني أن أمد يدي لإنقاذ شارون من أوهامه، لأضعه على حقيقة غابت عنه، أعماه عنها ارتباط اسمه بسلسلة طويلة من الإرهاب وسفك الدماء، فغررت به حماقته وانتفاخته الشيطانية.

وأقول لشارون الطريق إلى أمن الصهاينة ممكن وممكن جدا، ولكن :

لا أمن أبدا ليهودي جاء من أمريكا وأوروبا واستراليا وكندا وبولندا ومن كل مكان على وجه الأرض ليغتصب وطننا، ويلقي بنا نحن أصحاب الأرض الشرعيين إلى مخيمات اللجوء نتلظى فيها على جمر الغربة والحرمان والذل منذ أكثر من ثلاثة وخمسين عاما.

ولا أمن لمن اغتصبوا ودنسوا مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشرعوا في تقويض أركانه بشق الأنفاق تحت قواعده تمهيدا لهدمه وإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه.

ولا أمن أبدا للقتلة من اليهود الذين بقروا بطون الحوامل وفتكوا بالأجنة، وذبحوا الأطفال الرضع، وسفكوا دماء الشيوخ والنساء والشباب في عشرات من المذابح في فلسطين كمذبحة دير ياسين وقبية وكفر قاسم، والتي كان آخرها مذابح بيت لحم ونابلس وطول كرم، وفي لبنان كمذبحة "قانا" ومذبحة صبرا وشاتلا، وفي مصر كمذبحة الأطفال في مدرسة بحر البقر، والغدر بالأسرى المصريين وقتلهم في حربي 1956 و 1967.

ولا أمن لمن نهبوا أرض المزارعين الفلسطينيين ليقيموا عليها مغتصباتهم ويشقوا من خلالها طرقهم الالتفافية، ليحرموا المزارع من لقمة العيش التي يقيت بها نفسه وأهله.

ولا أمن لمن فرضوا علينا ذل الاحتلال وحاصروا مدننا وقرانا، ودمروا بيوتنا واقتلعوا أشجارنا ونهبوا مياهنا وخيراتنا وعاثوا في أرضنا أسوأ أنواع الفساد التي عرفها تاريخ البشرية منذ بداية الخليقة حتى يومنا هذا.

وعليه نقول للصهاينة الذين يعيشون حالة من الذعر الآن بسبب عمليات القسام الاستشهادية، إنكم تدفعون ثمن استجابتكم لنداء القادة الصهاينة الذين غرروا بكم وحرضوكم على الهجرة إلى فلسطين ، فجئتم من أصقاع الأرض لتمارسوا أبشع صور الإرهاب ضد أبناء شعبنا الأعزل، وتدفعون ثمن انتخابكم لهذا الإرهابي المجرم الذي ولغ في دماء المسلمين وتصفيقكم له عندما استخدم طائرات الأباتشي الأمريكية الصنع في قتل الأطفال والقادة السياسيين ونشطاء الانتفاضة، وتدفعون ثمن عنجهية هذا المجرم شارون وهمه أن يشار إليه بالبنان ويقال عنه أنه بطل، فهو يبني لنفسه مجدا على حساب دمائكم وأشلائكم ودموعكم ومعاناتكم.

أنا أدرك أنهم يغررون بكم ويقولون لكم بأن أمريكا معكم ولن تخذلكم، وأن العديد من الدول العربية معكم تساند عدوانكم على الشعب الفلسطيني الأعزل، بل وأن العالم بأسره معكم، وأنكم تملكون من العتاد العسكري ما لا تملك الدول العربية مجتمعة، وأدرك أنهم ما زالوا يخدعونكم قائلين لكم بأن شارون لديه خطة جهنمية تؤدي إلى اقتحام مدن الضفة وقطاع غزة، وأنه سيقتل 30,000 من الفلسطينيين وسيجرد 40,000 من أسلحتهم ويعيد احتلال المدن والقرى التي خرج منها من جديد، ولكني أدرك أيضا أن شارون بهذا التغرير يقودكم إلى حتفكم وتصفية وجودكم،

وأدرك أنكم لن تحصلوا على الأمن الذي وعدكم به شارون، وأنكم ستواصلون تشييع الجثامين صباح مساء طالما أن شارون يستخف بعقولكم، وإذا أردتم أن تحقنوا دماءكم وتحفظوا أرواحكم وتحققوا أمنكم فعليكم بالرحيل عن ديارنا والعودة من حيث أتيتم، عودوا إلى أوطانكم واتركوا لنا وطننا هذه هي المعادلة الوحيدة التي تحقق لكم الأمن، أي تحقيق العدالة ورفع الظلم الذي وقع على شعبنا، وإلا فلا أمن للغزاة في فلسطين.

المصدر

للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.