الفرق بين المراجعتين لصفحة: «تشكيل الوزارة الجديدة يشكل تكريسا للفساد»
عطية مصطفى (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''<center> تشكيل الوزارة الجديدة يشكل تكريسا للفساد</center>''' '''بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي''' ...') |
Attea mostafa (نقاش | مساهمات) لا ملخص تعديل |
||
(مراجعتان متوسطتان بواسطة نفس المستخدم غير معروضتين) | |||
سطر ١: | سطر ١: | ||
'''<center> تشكيل الوزارة الجديدة يشكل تكريسا للفساد</center>''' | '''<center><font color="blue"><font size=5>تشكيل الوزارة الجديدة يشكل تكريسا للفساد</font></font></center>''' | ||
'''بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي''' | '''بقلم : الدكتور [[عبد العزيز الرنتيسي]]''' | ||
الإعلان عن تشكيل وزارة جديدة لم يكن أمرا مفاجئا للشعب | [[ملف:د.عبد العزيز الرنتيسى.jpg|تصغير|250px|يسار|'''<center>د.[[عبد العزيز الرنتيسي]]</center>''']] | ||
الإعلان عن تشكيل وزارة جديدة لم يكن أمرا مفاجئا للشعب ال[[فلسطين]]ي ، لأن الشعب الذي أفشل العديد من مخططات التخريب الصهيو- أمريكية في السابق يدرك بوعيه الثاقب أن السلطة لم تكن جادة في حديثها عن الإصلاح ، بل ربما لم تكن معنية بأي إصلاح حقيقي ، فالإصلاح الحقيقي مرفوض أمريكيا و صهيونيا و لذا لم يكن متوقعا أن تقدم السلطة على خطوة من شأنها أن تغضب أمريكا و الكيان الصهيوني و هي التي عودتهما على سياسة الاستجابة للضغوط ، و التغيير الوزاري لا يعتبر خطوة نحو الإصلاح حتى و لو شمل جميع الوزراء بلا استثناء ، فكيف يكون إصلاحا و قد اقتصر الأمر على إعادة انتشار للمتهمين بالفساد ، و هذا يعني باختصار أنه جاء التشكيل في معظمه وفق الإرادة الصهيو- أمريكية لما يسمى بالإصلاح ، و أما احتجاجهما عليه فإما أن يكون من باب التسويق لهذه الخطوة الشكلية المسرحية ، أو ربما أن التشكيل الجديد لم يحقق بعض النقاط التي تراها أمريكا ضرورية لإحداث التغيير المطلوب أمريكيا على مستوى القيادة . | |||
و نحن ندرك أن من يقبل بالدخول في اللعبة الأمريكية لا يستطيع الخروج عن قواعدها ، فهناك العديد من الدول الكبرى التي قبلت بقواعد اللعبة الأمريكية و كانت تتحاشى دائما إغضاب الوحش الأمريكي الذي يتزعم قوى الشر في العالم رغم ما تملكه هذه الدول من قوة عسكرية و اقتصادية هائلة ، و رب متسائل يقول : | و نحن ندرك أن من يقبل بالدخول في اللعبة الأمريكية لا يستطيع الخروج عن قواعدها ، فهناك العديد من الدول الكبرى التي قبلت بقواعد اللعبة الأمريكية و كانت تتحاشى دائما إغضاب الوحش الأمريكي الذي يتزعم قوى الشر في العالم رغم ما تملكه هذه الدول من قوة عسكرية و اقتصادية هائلة ، و رب متسائل يقول : | ||
سطر ٩: | سطر ١١: | ||
"إذا كان الأمر كذلك فلماذا نعيب على السلطة في استجابتها للضغوط الأمريكية في ظل هذا الواقع الذي يشهد اختلالا شديدا في موازين القوة لصالح الوحش الأمريكي ؟" … نقول إننا إنما نعيب على السلطة أنها قبلت بما لم تقبل به قوى التحرر في عالمنا المعاصر ، و هو الدخول في إطار اللعبة الأمريكية ، فحزب الله على سبيل المثال عاش نفس الضغوط ، و نفس الواقع ، و نفس التحديات إلا أنه رفض الدخول في اللعبة الأمريكية ، فظل يقاوم الاحتلال و بقيت مقاومته مشروعة ، ثم انتصر ، أما السلطة فبدخولها اللعبة - بتوقيعها على اتفاقية أوسلو - ألزمت نفسها بما عجزت عن تنفيذه ، و حوّلت مقاومتنا المشروعة إلى إرهابٍ ، و أخذت تسبق غيرها بالتنديد بها و اتهامها و التنصل منها ، و وزّعت المهام وفق الرؤية الصهيونية مما أدى إلى الفساد السياسي ، و الإداري ، و المالي ، و الاجتماعي ، و الأخلاقي ، و الأمني ، أي فساد عام و شامل . | "إذا كان الأمر كذلك فلماذا نعيب على السلطة في استجابتها للضغوط الأمريكية في ظل هذا الواقع الذي يشهد اختلالا شديدا في موازين القوة لصالح الوحش الأمريكي ؟" … نقول إننا إنما نعيب على السلطة أنها قبلت بما لم تقبل به قوى التحرر في عالمنا المعاصر ، و هو الدخول في إطار اللعبة الأمريكية ، فحزب الله على سبيل المثال عاش نفس الضغوط ، و نفس الواقع ، و نفس التحديات إلا أنه رفض الدخول في اللعبة الأمريكية ، فظل يقاوم الاحتلال و بقيت مقاومته مشروعة ، ثم انتصر ، أما السلطة فبدخولها اللعبة - بتوقيعها على اتفاقية أوسلو - ألزمت نفسها بما عجزت عن تنفيذه ، و حوّلت مقاومتنا المشروعة إلى إرهابٍ ، و أخذت تسبق غيرها بالتنديد بها و اتهامها و التنصل منها ، و وزّعت المهام وفق الرؤية الصهيونية مما أدى إلى الفساد السياسي ، و الإداري ، و المالي ، و الاجتماعي ، و الأخلاقي ، و الأمني ، أي فساد عام و شامل . | ||
و لما كان هناك تململ عام من هذا الفساد الذي بات يصبغ جميع مناحي الحياة في الضفة و القطاع ، مما اضطر السلطة نفسها للإقرار به ، لأنها لم تعد قادرة على الاستخفاف بالعقول ، و عدم الاكتراث بغضب الجماهير ، أو تجاهل الأصوات المخلصة التي ارتفعت منددة بالفساد و مطالبة بالإصلاح ، فالفساد الذي نخر في أوصال مجتمعنا | و لما كان هناك تململ عام من هذا الفساد الذي بات يصبغ جميع مناحي الحياة في الضفة و القطاع ، مما اضطر السلطة نفسها للإقرار به ، لأنها لم تعد قادرة على الاستخفاف بالعقول ، و عدم الاكتراث بغضب الجماهير ، أو تجاهل الأصوات المخلصة التي ارتفعت منددة بالفساد و مطالبة بالإصلاح ، فالفساد الذي نخر في أوصال مجتمعنا ال[[فلسطين]]ي بات يشكل خطرا حقيقيا على وحدتنا الوطنية ، و صمود شعبنا في مرحلة من أصعب و أدق مراحل جهاده ، و بات يهدد مستقبل وجودنا على ترابنا الوطني ، و لكن السلطة بدلا من التجاوب مع الأصوات المطالبة بالإصلاح باتخاذ خطوات إصلاحية جادة ، أخذت تشق طرقا التفافية عبر صحراء التغيير الوزاري المجدبة إلا من الأشواك و الأوهام لاحتواء التوجه الجماهيري العام نحو الإصلاح ، و لامتصاص حالة الغضب التي تسود الشارع ال[[فلسطين]]ي بسبب الفساد ، فرفض الجميع المشاركة فيها إلا الشيوعيين الذين لا يمثلون شيئا في الشارع ال[[فلسطين]]ي . | ||
و إدراكا من أمريكا و الكيان الصهيوني أن الدعوة إلى الإصلاح الجاد التي تتبناها الغالبية الساحقة في الشارع | و إدراكا من أمريكا و الكيان الصهيوني أن الدعوة إلى الإصلاح الجاد التي تتبناها الغالبية الساحقة في الشارع ال[[فلسطين]]ي قد تهدم كل الإنجازات [[الصهيونية]] التي تحققت عبر المفاوضات العبثية التي انطلقت من دهاليز أوسلو ، كانت الدعوة الصهيو- أمريكية إلى الإصلاح ، و لكنه الإصلاح الذي يهدف إلى تحسين الأداء الأمني للسلطة بما يكفل لجم المقاومة ال[[فلسطين]]ية ، و اجتثاثها من جذورها . | ||
و لما كان الإصلاح المطلوب يتنافى مع ما قامت به السلطة و مع ما تريده أمريكا و الكيان الصهيوني ، فقد دعت حماس إلى إصلاح حقيقي و جذري يقوم أولا على تقييم الحقبة السابقة و محاكمتها ، فقائد السيارة لا يأمن اجتياز الطريق بسلام إلا إذا نظر بين الفينة و الأخرى عبر المرآة إلى الخلف ، ثم إلى إعداد برنامج سياسي متفق عليه يقوم على قاعدة المقاومة و دحر الاحتلال من خلال حوار وطني شامل تشارك فيه كل القوى الوطنية و الإسلامية في الداخل و الخارج ، ثم انتخاب ممثلين للشعب | و لما كان الإصلاح المطلوب يتنافى مع ما قامت به السلطة و مع ما تريده أمريكا و الكيان الصهيوني ، فقد دعت حماس إلى إصلاح حقيقي و جذري يقوم أولا على تقييم الحقبة السابقة و محاكمتها ، فقائد السيارة لا يأمن اجتياز الطريق بسلام إلا إذا نظر بين الفينة و الأخرى عبر المرآة إلى الخلف ، ثم إلى إعداد برنامج سياسي متفق عليه يقوم على قاعدة المقاومة و دحر الاحتلال من خلال حوار وطني شامل تشارك فيه كل القوى الوطنية و الإسلامية في الداخل و الخارج ، ثم انتخاب ممثلين للشعب ال[[فلسطين]]ي في الداخل و الخارج يسهرون على تنفيذ ذلك البرنامج السياسي ، و يشكلون المرجعية السياسية ، هكذا يتم الإصلاح عبر وضوح الرؤية ، و سلامة الوسيلة ، و الشفافية و المحاسبة ، و ما سوى ذلك لا يعدو كونه تكريسا للفساد . | ||
و هناك من يظن أن مشاركة حماس و قوى المعارضة الأخرى في التشكيلة الوزارية الجديدة كان بإمكانه أن يقود إلى إصلاح من الداخل ، و نقول لهؤلاء الطيبين المشفقين لقد أخطأتم التقدير ، فالانخراط في الفساد لا يمكن أن يؤدي إلى إصلاح ، و دخول حماس في التشكيلة الوزارية إنما يوسع رقعة الملتزمين بما التزمت به السلطة في أوسلو مما يعزز الفساد و يكرسه ، إن قيام الوزارة على نفس الأسس التي أدت إلى الفساد هي الكارثة الحقيقية بعينها ، فالبناء الذي يقوم على قواعد فاسدة لا يمكن أن يكون بناء صالحا ، أما إذا كان الأساس سليما فترميم البناء كلما اعوج سيكون أمرا سهلا و ميسورا ، فمصيبتنا إذن في القواعد و ليست في الفروع ، و لذلك تشكيل الوزارة على نفس الأسس السابقة إنما يشكل تكريسا للفساد . | و هناك من يظن أن مشاركة [[حماس]] و قوى المعارضة الأخرى في التشكيلة الوزارية الجديدة كان بإمكانه أن يقود إلى إصلاح من الداخل ، و نقول لهؤلاء الطيبين المشفقين لقد أخطأتم التقدير ، فالانخراط في الفساد لا يمكن أن يؤدي إلى إصلاح ، و دخول [[حماس]] في التشكيلة الوزارية إنما يوسع رقعة الملتزمين بما التزمت به السلطة في أوسلو مما يعزز الفساد و يكرسه ، إن قيام الوزارة على نفس الأسس التي أدت إلى الفساد هي الكارثة الحقيقية بعينها ، فالبناء الذي يقوم على قواعد فاسدة لا يمكن أن يكون بناء صالحا ، أما إذا كان الأساس سليما فترميم البناء كلما اعوج سيكون أمرا سهلا و ميسورا ، فمصيبتنا إذن في القواعد و ليست في الفروع ، و لذلك تشكيل الوزارة على نفس الأسس السابقة إنما يشكل تكريسا للفساد . | ||
== المصدر == | == المصدر == | ||
*'''مقال:'''[http://www.palestine-info.info/arabic/palestoday/readers/articles/rantese/12-6-02.htm تشكيل الوزارة الجديدة يشكل تكريسا للفساد]'''المركز الفلسطينى للإعلام''' | *'''مقال:'''[http://www.palestine-info.info/arabic/palestoday/readers/articles/rantese/12-6-02.htm تشكيل الوزارة الجديدة يشكل تكريسا للفساد]'''المركز الفلسطينى للإعلام''' | ||
{{روابط عبد العزيز الرنتيسي}} | |||
[[تصنيف:تصفح الويكيبيديا]] | [[تصنيف:تصفح الويكيبيديا]] | ||
[[تصنيف:روابط عبد العزيز الرنتيسي]] | [[تصنيف:روابط عبد العزيز الرنتيسي]] |
المراجعة الحالية بتاريخ ١٢:٠٩، ٢ يونيو ٢٠١٤
بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي
الإعلان عن تشكيل وزارة جديدة لم يكن أمرا مفاجئا للشعب الفلسطيني ، لأن الشعب الذي أفشل العديد من مخططات التخريب الصهيو- أمريكية في السابق يدرك بوعيه الثاقب أن السلطة لم تكن جادة في حديثها عن الإصلاح ، بل ربما لم تكن معنية بأي إصلاح حقيقي ، فالإصلاح الحقيقي مرفوض أمريكيا و صهيونيا و لذا لم يكن متوقعا أن تقدم السلطة على خطوة من شأنها أن تغضب أمريكا و الكيان الصهيوني و هي التي عودتهما على سياسة الاستجابة للضغوط ، و التغيير الوزاري لا يعتبر خطوة نحو الإصلاح حتى و لو شمل جميع الوزراء بلا استثناء ، فكيف يكون إصلاحا و قد اقتصر الأمر على إعادة انتشار للمتهمين بالفساد ، و هذا يعني باختصار أنه جاء التشكيل في معظمه وفق الإرادة الصهيو- أمريكية لما يسمى بالإصلاح ، و أما احتجاجهما عليه فإما أن يكون من باب التسويق لهذه الخطوة الشكلية المسرحية ، أو ربما أن التشكيل الجديد لم يحقق بعض النقاط التي تراها أمريكا ضرورية لإحداث التغيير المطلوب أمريكيا على مستوى القيادة .
و نحن ندرك أن من يقبل بالدخول في اللعبة الأمريكية لا يستطيع الخروج عن قواعدها ، فهناك العديد من الدول الكبرى التي قبلت بقواعد اللعبة الأمريكية و كانت تتحاشى دائما إغضاب الوحش الأمريكي الذي يتزعم قوى الشر في العالم رغم ما تملكه هذه الدول من قوة عسكرية و اقتصادية هائلة ، و رب متسائل يقول :
"إذا كان الأمر كذلك فلماذا نعيب على السلطة في استجابتها للضغوط الأمريكية في ظل هذا الواقع الذي يشهد اختلالا شديدا في موازين القوة لصالح الوحش الأمريكي ؟" … نقول إننا إنما نعيب على السلطة أنها قبلت بما لم تقبل به قوى التحرر في عالمنا المعاصر ، و هو الدخول في إطار اللعبة الأمريكية ، فحزب الله على سبيل المثال عاش نفس الضغوط ، و نفس الواقع ، و نفس التحديات إلا أنه رفض الدخول في اللعبة الأمريكية ، فظل يقاوم الاحتلال و بقيت مقاومته مشروعة ، ثم انتصر ، أما السلطة فبدخولها اللعبة - بتوقيعها على اتفاقية أوسلو - ألزمت نفسها بما عجزت عن تنفيذه ، و حوّلت مقاومتنا المشروعة إلى إرهابٍ ، و أخذت تسبق غيرها بالتنديد بها و اتهامها و التنصل منها ، و وزّعت المهام وفق الرؤية الصهيونية مما أدى إلى الفساد السياسي ، و الإداري ، و المالي ، و الاجتماعي ، و الأخلاقي ، و الأمني ، أي فساد عام و شامل .
و لما كان هناك تململ عام من هذا الفساد الذي بات يصبغ جميع مناحي الحياة في الضفة و القطاع ، مما اضطر السلطة نفسها للإقرار به ، لأنها لم تعد قادرة على الاستخفاف بالعقول ، و عدم الاكتراث بغضب الجماهير ، أو تجاهل الأصوات المخلصة التي ارتفعت منددة بالفساد و مطالبة بالإصلاح ، فالفساد الذي نخر في أوصال مجتمعنا الفلسطيني بات يشكل خطرا حقيقيا على وحدتنا الوطنية ، و صمود شعبنا في مرحلة من أصعب و أدق مراحل جهاده ، و بات يهدد مستقبل وجودنا على ترابنا الوطني ، و لكن السلطة بدلا من التجاوب مع الأصوات المطالبة بالإصلاح باتخاذ خطوات إصلاحية جادة ، أخذت تشق طرقا التفافية عبر صحراء التغيير الوزاري المجدبة إلا من الأشواك و الأوهام لاحتواء التوجه الجماهيري العام نحو الإصلاح ، و لامتصاص حالة الغضب التي تسود الشارع الفلسطيني بسبب الفساد ، فرفض الجميع المشاركة فيها إلا الشيوعيين الذين لا يمثلون شيئا في الشارع الفلسطيني .
و إدراكا من أمريكا و الكيان الصهيوني أن الدعوة إلى الإصلاح الجاد التي تتبناها الغالبية الساحقة في الشارع الفلسطيني قد تهدم كل الإنجازات الصهيونية التي تحققت عبر المفاوضات العبثية التي انطلقت من دهاليز أوسلو ، كانت الدعوة الصهيو- أمريكية إلى الإصلاح ، و لكنه الإصلاح الذي يهدف إلى تحسين الأداء الأمني للسلطة بما يكفل لجم المقاومة الفلسطينية ، و اجتثاثها من جذورها .
و لما كان الإصلاح المطلوب يتنافى مع ما قامت به السلطة و مع ما تريده أمريكا و الكيان الصهيوني ، فقد دعت حماس إلى إصلاح حقيقي و جذري يقوم أولا على تقييم الحقبة السابقة و محاكمتها ، فقائد السيارة لا يأمن اجتياز الطريق بسلام إلا إذا نظر بين الفينة و الأخرى عبر المرآة إلى الخلف ، ثم إلى إعداد برنامج سياسي متفق عليه يقوم على قاعدة المقاومة و دحر الاحتلال من خلال حوار وطني شامل تشارك فيه كل القوى الوطنية و الإسلامية في الداخل و الخارج ، ثم انتخاب ممثلين للشعب الفلسطيني في الداخل و الخارج يسهرون على تنفيذ ذلك البرنامج السياسي ، و يشكلون المرجعية السياسية ، هكذا يتم الإصلاح عبر وضوح الرؤية ، و سلامة الوسيلة ، و الشفافية و المحاسبة ، و ما سوى ذلك لا يعدو كونه تكريسا للفساد .
و هناك من يظن أن مشاركة حماس و قوى المعارضة الأخرى في التشكيلة الوزارية الجديدة كان بإمكانه أن يقود إلى إصلاح من الداخل ، و نقول لهؤلاء الطيبين المشفقين لقد أخطأتم التقدير ، فالانخراط في الفساد لا يمكن أن يؤدي إلى إصلاح ، و دخول حماس في التشكيلة الوزارية إنما يوسع رقعة الملتزمين بما التزمت به السلطة في أوسلو مما يعزز الفساد و يكرسه ، إن قيام الوزارة على نفس الأسس التي أدت إلى الفساد هي الكارثة الحقيقية بعينها ، فالبناء الذي يقوم على قواعد فاسدة لا يمكن أن يكون بناء صالحا ، أما إذا كان الأساس سليما فترميم البناء كلما اعوج سيكون أمرا سهلا و ميسورا ، فمصيبتنا إذن في القواعد و ليست في الفروع ، و لذلك تشكيل الوزارة على نفس الأسس السابقة إنما يشكل تكريسا للفساد .
المصدر
- مقال:تشكيل الوزارة الجديدة يشكل تكريسا للفسادالمركز الفلسطينى للإعلام