الشيخ فيصل مولوي فى حوار لإخوان ويب

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الشيخ فيصل مولوي فى حوار لإخوان ويب

حوار : السعيد العبادي


  • 1: بداية ما هو توصيف الجماعة الاسلامية للوضع الراهن في لبنان؟

الوضع الراهن اليوم أن لبنان تعرّض لزلزال كبير جداً، بدأ بإفراغ مركز رئاسة الجمهورية، والطعن بمشروعية الحكومة، ثم بإغلاق المجلس النيابي، والوصول أخيراً إلى استخدام السلاح بين المعارضة والموالاة بقصد اخضاع الآخر بالقوة لموقف سياسي معيّن. بعد هذا الزلزال الذي شلَّ المؤسسات الدستورية، وفتح باب الحرب الأهلية لبنان أمام أحد احتمالين:

الأول: الهدوء والاستقرار الذي يتبع الزلزال في أغلب الأحيان. وهذا لا يمكن أن يتحقق إلاّ بتنازلات متبادلة تؤدي إلى تسوية سياسية مرحلية تعيد بناء المؤسسات الدستورية، وترمم ما تصدّع عن بناء الوحدة الوطنية والسلم الأهلي. وهو أمر ممكن التحقيق إذا صدقت نيات جميع الأطراف، وسهّلوا مهمة اللجنة العربية.

الثاني: إنفجار البركان الذي يتبع الزلزال أحياناً، وهو تسونامي إن حصل فمن الصعوبة أن يتوقف قبل أن يأكل الأخضر واليابس، ويفجر الصيغة اللبنانية، ويجعل لبنان ساحة مفتوحة أمام العدو الصهيوني. هذا خطر كبير نتمنى أن لا يحصل، وندعو جميع القوى السياسية والزعماء إلى بذل كل الجهود من أجل التوافق على الحد الأدنى الذي يحفظ الجميع ويحفظ لبنان.

  • 2: ماهي الأسباب الحقيقية التي ترونها ساعدت في اذكاء نار المواجهة؟

الأسباب التي ساعدت في إذكاء نار المواجهة، هي الصراع السياسي الحاد حول علاقة المقاومة بالدولة في لبنان، هذا الصراع الذي غذته التدخلات الأجنبية، وأدى إلى شلل شبه تام في المؤسسات الدستورية. ومن تفاعلات هذا الصراع اتخاذ الحكومة قرارين خطيرين يتعلقان بالمقاومة، بحجة المحافظة على سيادة الدولة. هذا الذي دفع المقاومة إلى اعتبار القرارين إعلان حرب عليها، فقررت الدفاع عن نفسها بإعلان حرب حقيقية.

نحن نعتقد أن التوافق على التهدئة، وإعادة بناء المؤسسات الدستورية، وسحب السلاح من الشوارع، وإنهاء العملية العسكرية إذا تم، فهذا لا يشكل أكثر من مقدمة لحل جذري لا بد منه حتى لا تتكرر المأساة، ذلك هو الإتفاق على صيغة جديدة للتوفيق بين الدولة والمقاومة، لأنّ استمرار الصراع بينهما قاتل، ولأنّ انتصار الدولة على المقاومة محال، فضلاً عن أنّه سيجعل الوطن مجدداً لقمة سائغة أمام العدو الصهيوني، كما أنّ انتصار المقاومة على الدولة ينهي المقاومة نفسها، لأنّ وجودها وشرعيتها إنّما يستمد من حرصها على الدفاع عن شعبها وحمايته.

  • 3: ماذا تفسر التحرك السريع من حزب الله للسيطرة على بيروت وبعض المناطق اللبنانية عقب القرارات الأخيرة من الحكومة؟

التحرك السريع أكّد ما هو معلوم عند الجميع عن جاهزية حزب الله لأي عمل عسكري. وسبق له أن تحرّك لرد الاعتداءات الصهيونية بوقت أسرع. أمّا قدرته على السيطرة على العاصمة وبعض المناطق اللبنانية الأخرى فهي ترجع إلى اكتمال تجهيزاته كجيش نظامي كامل يتحرّك وفق استراتيجية العمل المقاوم، بينما لم يكن أمامه أي تنظيم عسكري حتى لو كان بدائياً، وذلك لأنّ جميع الميليشيات التي كانت قائمة خلال الحرب الأهلية السابقة جرى حلّها عقب اتفاق الطائف، وبقيت المقاومة باعتبارها موجّهة ضد اسرائيل، ونمت وتطورت خلال عشرين سنة برعاية وتأييد الدولة بالإضافة إلى الدعم السوري والإيراني والذي كان مقبولاً ومطلوباً، خاصة وأنّ الاحتلال الصهيوني كان قائماً في قسم من منطقة الجنوب.

  • 4:هل بدأت بالفعل نذور حرب أهلية في لبنان؟

ما حصل في لبنان هو أنّ المقاومة اعتبرت سلاحها في خطر، فأعلنت حرباً استباقية بهدف إلغاء القرارين اللذين تعتبرهما بداية لنـزع سلاحها. فهي لا تريد حرباً أهلية أو فتنة طائفية. ومن الطبيعي أنه لا يوجد في لبنان من يخطر على باله مقاتلة المقاومين الذين دافعوا عن كرامة لبنان ضد العدو الصهيوني. لكن الحرب الاستباقية المعلنة جعلت المقاومة في وجه شعبها، وليس في وجه الحكومة وقراراتها. ولأن الأعمال الجارية على الأرض أدخلت جانباً كبيراً من الصراع في أتون الفتنة المذهبية، فقد أصبحنا فعلاً أمام خطر حرب أهلية وجهها الأساسي سياسي، وهو يدور حول العلاقة بين الدولة والمقاومة، لكن يغلب عليها وخاصّة عندما تمتدّ الوجه المذهبي.

ورغم أن العلاقة بين الدولة والمقاومة تجد كثيراً من القوى المعادية التي تريد إضرام النار فيها خدمة للعدو الصهيوني، فإنه لا يمكن أن تجد فريقاً لبنانياً يدعو إلى القطيعة بين الدولة والمقاومة. نعم، الخلاف قائم حول الصيغة المناسبة للتكامل بينهما مع المحافظة على سيادة الدولة وعلى جهوزية المقاومة. لذلك فأنا أستبعد حصول حرب أهلية تحت هذا العنوان. ولأن جميع القيادات السياسية والدينية، الطائفية والوطنية ترفض ابتداء قيام حرب أهلية، وتعرف مقدار الخسارة التي يتحملها الجميع بسببها أن حصلت لا سمح الله. لذلك أعتقد أن مثل هذه الحرب لن تقع، وسيبادر الجميع إلى محاصرة بوادرها ومنع امتدادها.

إن الصراع السياسي سيزداد حدة، وقد أوصلنا إلى شفير الهاوية، لكن أملنا بالله كبير، وثقتنا بوعي اللبنانين وحرصهم على وحدتهم كبير أيضاً، وهذا ما يجعلنا نرجّح عدم قيام حرب أهلية.

  • 5: ما هو دور الجماعة الاسلامية في هذا الشأن إلى أي جانب تقف المعارضة أم الموالاة؟

الجماعة الإسلامية تقف إلى جانب وحدة لبنان بجميع أطيافه، وقيام دولة مركزية وليس اتحاداً بين الطوائف. دولة يحكمها القانون وتعامل جميع مواطنيها بعدالة. وتتمتع بسيادة كاملة على أرضها وشعبها. دولة تحتضن المقاومة طالما أنّ التهديد الصهيوني قائم. والجماعة تعتبر نفسها جزء من مقاومة المشروع الصهيوني الأمريكي، وتدعو إلى التوافق على صيغة جديدة تحفظ وجود المقاومة وكرامة شعبها ودماء مواطنيها. هذه هي ثوابت الجماعة السياسية، ولن نجدها مجتمعة لا عند المعارضة ولا عند الموالاة، وبناءً على ذلك نجد أنفسنا خارج المعارضة وخارج الموالاة، لكننا نحتفظ بخطوط تواصل وتعاون مع الجميع لتحقيق أهدافنا وثوابتنا، والتي نعتقد أنّها تحفظ لبنان الدولة ولبنان المقاومة والوحدة الوطنية والسلم الأهلي.

  • 6: هل تعتقد أن دور الجامعة العربية سيحد من الأزمة الحالية أم أنها مجرد تحركات سياسية ليس أكثر؟

إنّ دور الجامعة العربية في هذه الظروف المأساوية مهم جداً، ويمكن أن يساعد الأطراف على التوصّل إلى تسوية سياسية، لكنّه لا يحل مكانهم. عليهم جميعاً أن يكونوا مستعدين لتقديم تنازلات حتى يمكن الوصول إلى تسوية سياسية تحفظ لبنان، وتحفظ لهم أدوارهم فيه.

  • 7: بعد الأحداث الأخيرة بماذا تنظرون إلى حزب الله والوجود السوري في لبنان؟

حزب الله تنظيم سياسي عسكري نشأ في ظل المقاومة ضد العدو الصهيوني، يوم كان يحتل بعض الجنوب اللبناني، ونجح في إخراج العدو بدون أي اتفاق، كما نجح في الصمود أمامه في عدوان تموز 2006، رغم الخسائر الكبيرة التي تحمّلها لبنان كلّه. بينما لم تستطع الدول العربية أن تصمد أمام العدو الصهيوني، ولم يخرج هذا العدو من سيناء إلا بموجب اتفاق ينال من سيادة مصر، ولم يخرج من الضفة الغربية والقدس حتى الآن، وقد خرج من غزّة بدون اتفاق لكن أيضاً تحت ضغط المقاومة.

نحن نعتقد أن حزب الله أخطأ اليوم، عندما استخدم سلاحه في الداخل من أجل إلغاء القرارين المشؤومين اللذين أصدرتهما الحكومة. من حقه بلا جدال المطالبة بإسقاط القرارين، ونحن معه في ذلك. ولو اكتفى برفض تنفيذهما فإن الحكومة لا تملك إجباره على التنفيذ. لكن الدخول في عمل عسكري جعله يتوجّه إلى معركة ضد الناس وليس ضدّ الحكومة. هل يمكن أن نتصور مقاوماً يتنقل في شوارع بيروت ينتظر عدواً له ليقاتله، وهو الذي كان مرابطاً على الحدود يدافع عن أهل بيروت، وهل نتصور خروج أهل بيروت من بيوتهم لمواجهة المقاومين، وقد دخل معهم من يغتنم فرصة الاجتياح لاعتقال أو مقاتلة جيرانه المختلف معهم سياسياً، وهو الذي كان يعيش معهم بمحبة وأخوة رغم الخلاف السياسي.

نعتقد أن حزب الله وقع في خطأ كبير، بحق نفسه وبحق المقاومة وبحق إخواننا الشيعة، وبحق لبنان، قد يكون له مبررات لا نعلمها، لكن وقع ما وقع، وتم إلغاء القرارات عملياً، وسيتم إلغاؤها رسمياً في أول اجتماع للحكومة، فهو مطالب فوراً بإعلان إنهاء العمل العسكري في كل لبنان حتى يطمئن الناس، ثم يفتح الحوار بين الجميع من أجل التوصل إلى تسوية سياسية تطفىء ما تبقى من نار مشتعلة هنا وهناك.

أما الوجود السوري في لبنان، فهو غير مرتبط بوجود أجهزة مخابرات أو جنود سوريين، إنّه تواصل عميق بين الشعبين الشقيقين، هناك أكثر من مائة ألف عامل سوري في لبنان رغم تأزم العلاقات بين البلدين، هناك ألوف وربما عشرات الألوف من الزيجات المختلطة، هناك عشرات الألوف من العائلات بعضها في لبنان، وبعضها في سوريا. صحيح أنّ العلاقات الرسمية شهدت أزمة كبيرة منذ خروج الجيش السوري في لبنان، وشيوع الكلام عن كثير من الممارسات التي وقعت أثناء وجوده، واتهام النظام السوري باغتيال الرئيس رفيق الحريري. لكنها أزمة عارضة لا يمكن أن تؤثّر على التاريخ والجغرافيا والمشاعر المشتركة والمصالح المتبادلة. نعم هناك بالإضافة إلى ذلك شرائح لبنانية واسعة تتبنّى سياسات النظام السوري، وهذا أمر طبيعي ويدخل ضمن التنوّع اللبناني المعروف. نحن نتمنّى أن تنكشف الحقيقة في جريمة اغتيال الرئيس الحريري، وتعود العلاقات الرسمية بين الدولتين إلى وضعها الطبيعي المتماثل مع العلاقات الشعبية.

  • 8: بماذا تقيّم دور الجيش في الأزمة الحالية؟

الجيش فيما نعتقد كان حريصاً على تهدئة الأمور وعدم الدخول في الفتنة. هذا هو قراره الرسمي، وهكذا كان يتعامل ضباطه وجنوده على الأرض، لكنّه في النهاية يتعامل مع واقع. وكان مضطراً لعدم التصادم عسكرياً مع المقاومة، ولذلك فإنّ التجاوزات الواقعة منها لم يستطع منعها، بينما استطاع أو حاول منع التجاوزات من الآخرين، فشعر الناس بعدم التوازن في تعامله مع الطرفين، لكن هذا الأمر كان محدوداً، وجاء نتيجة الواقع المفروض، ولم يكن قراراً من القيادة. وهذا ما جعل الموالاة مستمرة في ترشيح قائد الجيش رئيساً توافقياً للبلاد.

  • 9: ما هي رؤيتكم لحل الأزمة وهل هناك أي خطوات قمتم بها بهذا الشأن؟

رؤيتنا لحلّ الأزمة تقوم على النقاط التالية:

- صدور قرار من مجلس الوزراء بإلغاء القرارين الذين تسببا بهذه الأزمة.

- إعلان حزب الله والمعارضة إنهاء جميع الأعمال العسكرية في بيروت وسائر المناطق اللبنانية، وفتح الطرق، وفتح المطار والمرفأ.

- بدء الحوار السياسي بين الفرقاء برعاية الجامعة العربية، وعدم مغادرة اللجنة العربية قبل الوصول إلى تسوية سياسية أصبحت واضحة المعالم تتضمّن:

1- انتخاب رئيس الجمهورية التوافقي العماد ميشال سليمان.

2-تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية يتم فيها تمثيل القوى الرئيسية بالتوازن.

3- إصدار قانون جديد للانتخابات على أساس القضاء.

  • 10: بماذا تنظرون إلى مستقبل لبنان في ظل الأوضاع الحالية؟

مستقبل لبنان إذا استمرت الأوضاع الحالية بدون حل، هو مستقبل مظلم، له كدولة، وللمقاومة كمشروع تبنته الأمّة كلها في مواجهة العدوان الصهيوني الأمريكي، وحتى للمنطقة كلها. لذلك نأمل ونطالب بإلحاح جميع القيادات اللبنانية بالإسراع في دخول الحوار السياسي والتوافق على التسوية الممكنة. كما نطالب الإخوة العرب أن يساعدونا في هذه الأزمة الصعبة حتى ننقذ لبنان والمنطقة من انفجار رهيب يحقّق من خلاله العدو الصهيوني ما عجز عن تحقيقه في جميع حروبه العدوانية.


للمزيد عن الشيخ فيصل مولوي

وصلات داخلية

حوارات مع الشيخ فيصل مولوي

مقالات بقلم الشيخ فيصل مولوي

مقالات كتبت عنه

أخبار متعلقة

وصلات فيديو

للمزيد عن الإخوان في لبنان

أهم أعلام الإخوان في لبنان

روابط داخلية

كتب متعلقة

ملفات متعلقة

.

مقالات متعلقة

.

وثائق متعلقة

متعلقات أخري

وصلات خارجية

مقالات خارجية

تابع مقالات خارجية

وصلات فيديو