الموقوفون الإسلاميون في لبنان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الموقوفون الإسلاميون في لبنان يطالبون بإطلاق سراحهم


Arrest Islamic Motamar5.jpg

شكل إطلاق سراح الضباط الأربعة من السجن بعد أربع سنوات من التوقيف بارقة أمل لذوي الموقوفين الإسلاميين، الذين استبشروا خيراً بقرب إطلاق سراح أبنائهم، خاصة أنهم يعتبرون أبناءهم مظلومون. لكن ذلك لم يحصل، ما دفع ذوي الموقوفين الإسلاميين والجهات المتضامنة معهم لرفع الصوت مطالبين بمساواة أبنائهم بالضباط الأربعة وإطلاق سراحهم.

نظم أهالي الموقوفين الإسلاميين مؤتمراً في بيروت تحت عنوان «الحرية والعدالة» أطلقوا فيه العديد من المواقف الداعية لإنصاف أبنائهم وإطلاق سراحهم، وحذروا من أن صبرهم بدأ ينفد.

مفتي الجمهورية اللبنانية القى كلمة بالنيابة عنه الشيخ هشام خليفة، فطالب بإنصاف المظلومين، واستنكر المزاجية في فرض الكفالات عليهم دون سبب مقنع، ودعا القضاء كي ينأى بنفسه عن الانقسامات السياسية، وأن يحافظ على استقلاليته ونزاهته والإسراع بإطلاق سراح الموقوفين الإسلاميين.

كلمة تيار المستقبل ألقاها المحامي جميل قمبريس الذي اعتبر أن استقلالية القضاء ونزاهته تقضي برفع الظلم وإطلاق سراح المظلومين من السجون. ولفت إلى أن توقيف الضباط الأربعة كان قانونياً سنداً لمواد في القانون تسمح بالتوقيف الاحتياطي دون تحديد سقف زمني، وكان يجدر تعديل هذه المواد، لكن الظروف الأمنية التي مرّ بها لبنان خلال السنوات الماضية هي التي أخرت إقرار التعديل.

كلمة الجماعة الإسلامية ألقاها رئيس مكتبها السياسي د. علي الشيخ عمار، فأكد أن المعتقلين الإسلاميين ليس لهم أي دور في أية مسألة أمنية يمكن أن تهدد المجتمع اللبناني، ولفت إلى أنهم الأحرص على الأمن والاستقرار من كثير ممن يملكون امتيازات في هذا البلد. وأشار عمار إلى أن العديد من الضباط الأمنيين والوزراء الذين جرى لقاؤهم مقتنعون بأن الموقوفين الإسلاميين لم يثبت عليهم أي تورّط يوجب توقيفهم، بينما الذين قتلوا وأحرقوا واعتدوا على المواطنين ما زالوا طلقاء.

كلمة التيار السلفي ألقاها الشيخ راضي الإسلام الشهال، فاعتبر أن الطائفة السنية في لبنان جزء أساسي من التركيبة اللبنانية، وهي تدين كل عمليات التغريب التي تطيح الأمن والاستقرار وتتسبب بفوضى عارمة. وطالب المسؤولين بردع الظالم عن الاستمرار بظلمه، خاصة أن ظلم المسؤول المؤتمن أعظم بكثير من ظلم الشخص العادي.

الدكتور زكريا المصري ألقى كلمة التيار الإسلامي المستقل، فطالب بمعاملة الموقوفين الإسلاميين أسوة بغيرهم من الموقوفين لا سيما الضباط الأربعة الذين أطلق سراحهم بعدما تعذر الحصول على دليل يدينهم. وأشار إلى أن العديد من الموقوفين الإسلاميين متهمون بالمشاركة في المقاومة في العراق، في حين أن القانون اللبناني لا يتضمن أي مادة تجرم المقاومة أو تدينها.

المحامي زاهر مطرجي تحدث باسم لجنة محامي الدفاع عن الموقوفين الإسلاميين وأدان ما تعرض له الموقوفون الإسلاميون من مضايقات إبان التحقيق معهم، وطالب بإجراء محاكمة عادلة والإسراع بها لكل من ثبت تورطه في الإخلال بالأمن والإضرار بالممتلكات الخاصة والعامة، وإخلاء سبيل كل من لم تثبت ادانته.

كلمة هيئة رعاية السجناء في دار الفتوى ألقاها المحامي عبد الرحمن ضاهر، فلفت إلى المخالفات القضائية التي يتم ارتكابها من خلال إحالة ملفات الموقوفين الإسلاميين إلى المحكمة العسكرية رغم أن الأخيرة محكمة استثنائية. وأشار إلى أن أكثر من 250 موقوفاً يقبعون خلف القضبان في السجون اللبنانية، أغلبهم متهم بقضايا مدة سجنها في حال ثبتت التهمة بحقهم لن تتجاوز ستة أشهر، في حين أنهم يقبعون في السجن منذ أكثر من سنتين.

وجرى عرض على هامش المؤتمر فيلم يوثق معاناة الموقوفين الإسلاميون في السجون اللبنانية.

درغام: على القضاء اللبناني الإسراع بإجراء المحاكمات العادلة للموقوفين الإسلاميين

اعتبر مرشح الجماعة الإسلامية عن دائرة طرابلس الدكتور رامي درغام أن قضية الموقوفين الإسلاميين لا بدّ للقضاء اللبناني من إعادة النظر فيها مع التمسك بمبادئ حقوق الانسان والتأكيد على ضرورة تطبيقها، وعليه فإننا كجماعة إسلامية ندين ما تعرّض له الموقوفون الإسلاميون من أساليب ومضايقات خلال التحقيق معهم وما يعانونه من سوء ظروف اعتقالهم وما يمارس من تضييق على حقوقهم بمقابلة ذويهم ومحاميهم لا سيما خارج القضبان والحواجز, مع المطالبة بإجراء محاكمة عادلة والإسراع بها لكل من ثبت تورّطه في الإخلال بالأمن أو قتل عناصر الجيش أو الإضرار بالممتلكات الخاصة والعامة, وضرورة الإسراع بإخلاء سبيل كل من لم تثبت إدانته أسوة بمن تم إخلاء سبيلهم بذات القضية منذ فترة وجيزة.

كلام درغام جاء خلال إفطار أقيم في مطعم عكرة بدعوة من آل المهباني وشخصيات وفعاليات منطقة ساحة الكورة في طرابلس.

الموقوفون الإسلاميون لا بواكيَ لهم!

فجأة استيقظ اللبنانيون ليجدوا أنفسهم وسط أجواء توحي بدولة تحترم القانون والمؤسسات، وترفض أي مساس بحقوق الإنسان. فقوى المعارضة في لبنان تحولت دون سابق إنذار إلى منطق النزاهة والشفافية، والحرص على عدم الإساءة إلى أي مواطن والانتقاص من حقوقه التي كفلها الدستور وشرعة حقوق الإنسان.

ملفتة هذه الحميّة المفاجئة لالتزام تطبيق القانون ومعاقبة المتجاوزين له أو المتعسّفين باستخدامه، ومستغرب هذا الاحترام المفاجئ لحقوق الإنسان والحريات العامة والخاصة.

مفهوم أن يرفع الضباط الأربعة أصواتهم بعد الإفراج عنهم احتجاجاً على الظلم الذي لحق بهم لتوقيفهم قرابة أربع سنوات دون دليل. لكن أن تمتشق قوى المعارضة سيف الحريات واحترام القانون، وتحتجّ على مخالفة القانون والتعسّف باستخدامه، فهذا أمر لم نعهدها عليه لا هي ولا قوى الموالاة. فالطبقة السياسية رغم الاختلاف بين أطيافها، لكنها توافقت على مخالفة القانون وشرعة حقوق الإنسان والضرب عرض الحائط بكل ما لا ينسجم مع مواقفها ومصالحها.

سأفترض حسن النية في تغيّر المعارضة المفاجئ، وأن صحوة ضمير مفاجئة انتابتها لتكون حارساً للقانون، وحامياً لحقوق الإنسان، وسأغتنم هذه الفرصة لأدعوها إلى تبني مظلمة الموقوفين الإسلاميين القابعين خلف القضبان منذ سنوات لأسباب وظروف أكثر ظلماً وتعسفاً مما شهده الضباط الأربعة بكثير.

سنداً للمحكمة الدولية فإن إخلاء سبيل الضباط الأربعة تمّ بسبب عدم وجود دليل «موثوق» يدينهم حسب تعبير قاضي الإجراءات التمهيدية للمحكمة، ويفهم من ذلك أنه ربما توافرت أدلة غير موثوقة وقرائن، لكنها غير كافية للإبقاء على توقيف الضباط. في حين أن الموقوفين الإسلاميين يتم انتزاع القرائن والاعترافات منهم تحت التعذيب ليشكل ذلك مبرراً للإبقاء عليهم، رغم مخالفة ذلك لكل القوانين وشرعات حقوق الإنسان، لكن قوى المعارضة لم تنتبه إلا للضباط الأربعة، أو ربما هي تجد نفسها معنية فقط بالضباط.

المبرر القانوني لتوقيف الضباط الأربعة هو المادة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي لا تنص على سقف زمني لمدة التوقيف، وهي مخالفة صريحة قاد ارتكابها إلى جانب أعضاء مجلس النواب رئيس الجمهورية السابق إميل لحود الذي لم يكن يخطر في باله حينها أن «جماعته» سيكونون يوماً من الأيام ضحية هذه المادة، فهو قصد بها الموقوفين الإسلاميين للاستفادة من سقف التوقيف المفتوح. ولعلّ هذا هو السبب الذي جعل وزير العدل ابراهيم النجار يتردد في إحالة المادة على مجلس الوزراء تمهيداً لتعديلها في مجلس النواب، فالمستفيدون منها سيكونون الموقوفين الإسلاميين الذين لا بأس بظلمهم وتجاوز القانون بحقهم، طالما أن أحداً لا يسندهم ولا ينصر مظلمتهم.

الضباط الأربعة ومن خلفهم من قوى المعارضة يطالبون باستقالة ومحاسبة القضاة الذين شاركوا في ظلمهم، في حين أن الموقوفين الإسلاميين ما زال الظلم يلحق بهم، والقضاة الذين تعسّفوا باستخدام القانون بحقهم وظلموهم وتغاضوا عن التعذيب الذي أصابهم ما زالوا خلف مكاتبهم يتلقون التهاني من المراجع السياسية على الحزم الذي يبدونه في كشف شبكات التآمر على الوطن دون توافر دليل «موثوق»، فالدليل في هذه الحالة غير ضروري، والشبهة تكفي للاعتقال طالما أنها تمسّ الموقوفين الإسلاميين.

صرح الضباط الأربعة عقب إخلاء سبيلهم أنهم لم يتعرضوا لأي ضغوط نفسية أو جسدية أثناء التحقيق معهم أو خلال توقيفهم، والمخالفة القانونية الوحيدة هي الإبقاء على توقيفهم طوال هذه المدة، في حين أن الموقوفين الإسلاميين تذخر ملفات القضاء بعشرات المخالفات والجرائم بحقهم، تشهد عليها مسالخ التعذيب التي ارتكبتها الأجهزة الأمنية وما زالت لانتزاع اعترافات يصرح الموقوفون أمام قضاة التحقيق أنها انتزعت منهم بالقوة، لكن القضاة «الشرفاء» لا يلقون بالاً للأمر فيبنون قراراتهم الظنية بالإدانة طالما أنهم يدركون أن أحداً لن يراجعهم بذلك.

ما جرى مع الضباط الأربعة يشكل وصمة عار في جبين القضاة المسؤولين على إبقاء توقيفهم، لكن مظلمة الموقوفين الإسلاميين وصمة عار مستمرة في جبين القضاء الذي يبقيهم موقوفين دون دليل، ووصمة في جبين الأجهزة الأمنية التي عذبتهم، ووصمة في جبين كل الجهات والمقامات والمؤسسات والجمعيات والأحزاب التي تعتبر نفسها معنية بمظلمة هؤلاء لكنها لم تتحرك بشكل جدي، اللهم سوى إطلاق تصريحات تنادي بإطلاق سراحهم والقيام بزيارات رسمية تطالب بإنصافهم.

الضباط الأربعة وجدوا من يرفع الصوت بمظلمتهم، لكن يبدو أن الموقوفين الإسلاميين لا بواكي لهم.