فوز العدالة بالانتخابات التركية.. الصراع السياسي مستمر

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
فوز العدالة بالانتخابات التركية.. الصراع السياسي مستمر
انصار حزب العدالة والتنمية يحتفلون يالفوز.jpg

إستانبول - سعد عبد المجيد

أحدث فوز حزب العدالة والتنمية بزعامة طيب أردوجان بأغلبية المقاعد البرلمانية وضمان الأغلبية المطلقة- متخطيًّا حاجز الـ (276 مقعدًا)- اهتزازًا عنيفًا بالدوائر السياسية ب تركيا ؛ فالاضطرابات بدأت تدب في داخل الأحزاب المهزومة أو تلك التي تعثرت أمام حاجز الأصوات الانتخابية المؤهل للمجلس، وأكراد تركيا من المنتمين لحزب المجتمع الديمقراطي يلوحون باستعدادهم للتفاهم مع الحكومة حول انتخاب وشخصية رئيس تركيا القادم، وبورصة إستانبول للأوراق المالية حققت رقمًا قياسيًّا جديدًا اليوم الإثنين 23/7/ 2007 م.

يستعد حزب العدالة والتنمية الفائز بالانتخابات البرلمانية لاستلام خطاب التكليف الحكومي من الرئيس التركي ليشكل حكومته المنفردة الثالثة بعد الحكومتين المُشَّكَلتَيْن في نوفمبر 2002 م و مارس 2003 م.

ومثلما أحدث فوز العدالة والتنمية ارتياحًا شديدًا في أسواق المال وبورصة الأوراق المالية التي حققت اليوم الإثنين رقمًا قياسيًّا مدهشًا بلغ أكثر من 55 ألف نقطة بزيادة 3 آلاف نقطة في نصف يوم.

وبينما كان المؤشر العام عند حدود 25 ألف نقطة وقت بلوغ العدالة الحكم في نوفمبر 2002 م فإنه خلق قلقًا واضطرابًا ينذر بعواصف ستجتاح الأحزاب المهزومة وعلى رأسها الحزب الجمهوري بزعامة دنيز بايقال الذي مُني الحزب تحت قيادته بهزيمة معنوية كبيرة تلقتها قوى اليسار العلماني رغم دخول المجلس والسيطرة على حوالي 90- 95 مقعدًا وسماح تحالفه مع الحزب اليساري الديمقراطي بإدخاله للمجلس بعدد 13- 14 مقعدًا، وكذا أدخل نفس التحالف حزب الأحرار برئاسة يشار أوقيان للمجلس بعدد 2-3 مقاعد؛ فقد تظاهرت صباح الإثنين مجموعة مؤيدة لمصطفى صاري جول رئيس بلدية حي شيشلي بإستانبول الذي أُخرج من الجمهوري قبل عدة أشهر مطالبة باستقالة بايقال وتولي صاري جول الحزب.

أما حزب الحركة الوطنية الذي احتل المرتبة الثالثة بزعامة دولت باغجلي وبعدد مقاعد 70- 71 مقعدًا فقد امتنع عن إبراز أي نوع من الفرح والابتهاج لعدم تمكنه من تحقيق حلم الفوز بالانتخابات والحكومة المنفردة التي وعد بها في حملته الانتخابية، وعلَّق باغجلي على فوز العدالة بقوله: "إن شعبنا أعطى لنا وظيفة المعارضة بالمجلس ونحن نحترم إرادة الشعب".

الأناضول سد للإسلام والاعتدال

يذكر أن نتائج الانتخابات التركية المفجعة والصادمة لتياري يسار ويمين الوسط العلماني جددت بجلاء دون أدنى لبس أن هضبة الأناضول التي احتضنت الإسلام قبل حوالي 10 قرون زمنية لا زالت السد المنيع لحماية الإسلام والدفاع عنه؛ بتقديم أصواتها ل حزب العدالة والتنمية الذي أظهر بالفعل والقول أنه يحترم الإسلام ويقدر المتدينين ب الإسلام .

وهذا يتبين في النسب العالية جدًا التي حققها الحزب بمحافظات الأناضول على النحو الآتي:

أرزروم (68%)، مرعش (68%)، ملاطيا (67%)، قيصري (66%)، عنتاب (66%)، قونيا (65%)، آدي يامان (65%)، آقسراي (63%)، كوتاهيا (62%)، أورفا (61%)، شانقري (60%)، بايبورت (60%)، دوزجه (60%)، العزيز (59%)، تشوروم (56%)، بولو (55%)، سيواس (55%)، أرزنجان (54%)، صقاريا (53%)، قرامان (51%)، كيليس (51%)، قوجالي (49%)، بورصا (49%)، نيغده (48%)، نوشهر (47%)، مانيسا (40%)، بوردور (40%)، يالووا (40%)، وهي كلها الممثلة لوسط الأناضول ب تركيا الذي يرسل سنويًّا بين 200- 300 ألف حاج ومعتمر.

كما أظهر الناخب بساحل البحر الأسود تحولاً مثيرًا نحو طلب الاستقرار واستمرار حزب العدالة في الحكم بتقديم نسب أصوات على النحو الآتي: سامسون (57%)، أوردو (54%)، رزا (53%)، قسطموني (39%)، سينوب (43%).

كما قدمت محافظات بجنوب وجنوب شرق تركيا وساحل بحر إيجه أصواتها للعدالة في ظاهرة جديدة لم تشهدها تركيا منذ عشرات السنين.

يشار إلى أن الحزب الجمهوري (CHP) المعارض حصل على عدد 111-112 مقعدًا (منها 16- 17 مقعدًا لحزبي اليساري والأحرار) بتحقيقه تفوقًا على العدالة في محافظات أرداخان (41%)، إزمير (35%)، إدرنه (35%)، قيركلالري وموغلا (34%)، إستانبول (25%).

بينما أحرز حزب الحركة الوطنية (اليميني القومي MHP) نجاحًا كبيرًا في محافظات عثمانية (44%)، مرسين (24%)، إسبارطة (23%)، شانقيري (21%)، مانيسا وبورصا (20%)، ومحافظة دنيزلي (17%)، إدرنه (16%)، جيراسون (16%)، وجُومُوش خانة (19%)، وأسكي شهر (15%)، أرزروم (13%)، وعدد المقاعد البرلمانية المنتظرة للحزب بين 71-73 مقعدًا.

يأتي هذا في وقت حققت مجموعة المستقلين وأغلبهم ينتمون لحزب المجتمع الديمقراطي (DTP الكردي) مقاعدها البالغة 23-24 مقعدًا بجمع أصواتها من محافظات شرق تركيا التي يتركز فيها الأكراد مثل شيرناق وماردين وديار بكر وهكاري وتونجلي.

تحول مثير في قلاع يسار تركيا

فوز حزب العدالة والتنمية بنسبة 46% تعني في نظر بعض المراقبين للشئون التركية أنه زاد أصواته بنسبة 12-13% عن انتخابات عام 2002 م، وتعد نسبة 20% للجمهوري زيادة بأصواته بنسبة بين 2-3% وهي وإن كانت تقدمًا على مستوى الأصوات إلا أنها تعني من ناحية أخرى هزيمة ثقيلة للتيار اليساري العلماني، على حد وصف حكمت شتين رئيس المجلس الأسبق وأحد أبرز شخصيات يسار الوسط العلماني ب تركيا ، وفشلاً يحتاج لمعالجة وتفكير طبقًا لرأي أوندر صاو نائب رئيس الحزب الجمهوري الذي طلب ليلة أمس من المتشاجرين أمام مقر الحزب التزام الهدوء والتصرف بحكمة.

واعتبر عبد الرحمن كورت الفائز بمقعد عن العدالة والتنمية (AKP) لمحافظة ديار بكر أن الفوز الكبير للحزب بتصاعد أصواته للضعف بمناطق وللضعفين بمناطق أخرى في محافظات شرق تركيا يوضح أن الناس تثق في قيادات وتوجهات حزب العدالة.

لقد حدث تراجع في معقل من معاقل الجمهوري بدائرة محافظة آنطاليا جنوب تركيا باحتلال الحزب فيها المركز الثاني، ونفس الأمر تكرر في محافظة زونجولداق على ساحل البحر الأسود والتي فاز فيها اليسار طوال الثلاثين عامًا الماضية.

ومن المفاجآت أيضًا أن تتحول أصوات قلاع يسارية بمحافظات مثل دنيزلي (42%) وأسكي شهر (44%) نحو حزب العدالة والتنمية؛ ليحقق أعلى نسبة حصل عليها داخل المحافظات وهي 71% من الأصوات في محافظة "بنجول"، حتى محافظة آنطاليا معقل دنيز بايقال والتي تصوت دائمًا لليسار فاز فيها العدالة بنسبة 34% متخطيًّا الجمهوري.

فشل اليسار في فهم التغييرات المجتمعية

حكمت شتين رئيس البرلمان الأسبق ورئيس الحزب الجمهوري السابق علق على نتائج الانتخابت بقوله: "لم يكن النجاح غريبًا للعدالة وكان منتظرًا، ولكن المفاجأة هي هذه النسبة الكبيرة والمعارضة أثبتت فشلاً ذريعًا في مواجهة العدالة والتنمية، ولم أرَ بحياتي حملة انتخابية مثل الحملة التي قادتها المعارضة لم تتمكن فيها من مخاطبة الجماهير بصورة صحيحة في قضايا الداخل والخارج، وأمامنا فترة صعبة قادمة، والنتائج تشير إلى طلب التضامن والتسامح وتركيا بحاجة للتضامن لمواجهة انتخاب رئيس الدولة، الحملة الانتخابية كانت توجه نحو الأقطاب ولا يمكن أن تدفع الجمهورية فاتورة أخطاء أحزاب المعارضة في ضوء هذه النتائج".

مراد قرا يالجين وزير الخارجية ونائب رئيس الحكومة الأسبق ورئيس الحزب الشعبي الاجتماعي (يسار الوسط) أعرب عن أمله في عدم تكرار مثل هذه النتائج في الانتخابات القادمة، قائلاً: "إن الحزب الجمهوري ليس المعَبِّر عن تيار يسار الوسط وهو المسئول عن هذا الفشل الذي نراه اليوم، لقد أضاع فرصة توحد وتضامن اليسار ب تركيا وها هي النتيجة".

حسام الدين جيندروق رئيس البرلمان التركي الأسبق عن حزب الطريق القويم اعتبر استخدام تعبير "رئيس متدين" أثناء مساعي محاولة انتخاب عبد الله جول رئيسًا لتركيا كان عصا سحرية في أيدي حزب العدالة جذب بها أصوات الناخبين.

ويقول صحفي تركي لا بد وأن نحترم هذه النتائج المعبرة عن إرادة الجماهير طالما أننا في نظام ديمقراطي والعدالة نال ثقة الجماهير دون شك.

ويتفق المحلل السياسي التركي مراد يتكين في أن هذه النتائج تبرز بوضوح أن بيان الجيش يوم 27 مايو الماضي ونقل الحزب الجمهوري لمسألة انتخاب رئيس البلاد للمحكمة الدستورية لعبا دورًا كبيرًا في الانتصار الذي حققه حزب العدالة وسمح له بانتقال جزء كبير من أصوات يمين الوسط لصفوفه، ولكني أرى أيضًا أن هذا المجلس معبر عن كل تركيا لتمكن 3 أحزاب من دخوله جمعت نسبة 90% من الأصوات تقريبًا.

من جهته يُقيِّم الدكتور حسن بولنت قهرمان (جامعة صابانجي بإستانبول) هزيمة اليسار العلماني بزعامة الجمهوري بقوله: إنه لم يكن ممكنًا تحقيق نجاح للجمهوري وهو يتحدث بأسلوب الثلاثينات والأربعينات، وابتعاده عن الواقع وقضاياها المعاصرة مثل الفقر والاحتباس الحراري، وطلب عضوية الاتحاد الأوروبي، وتوقفه فقط على داخله، لقد فشل في فهم التغييرات التي يشهدها المجتمع التركي ومن ثمَّ نحن أمام هذه الصورة اليوم.

أزمة انتخاب الرئيس في المحك م

اختيار رئيس جديد للبلاد أول اختبار للبرلمان التركي

نتائج الانتخابات التي أعطت لحزب العدالة الأغلبية المطلقة وهي قوة مساوية تقريبًا لقوته البرلمانية السابقة أعادت للأذهان مجددًا مسألة انتخاب رئيس الدولة المعلقة منذ مايو الماضي، على أساس أنها أول الأعمال المطلوب من المجلس إيجاد حل لها في غضون شهر بعد انعقاد المجلس؛ لذا يقول المحلل السياسي التركي فاتح ألطايلي "تركيا أمام مشكلة خلال شهرين وهي انتخاب رئيس جديد، والعدالة تحول إلى مركز لقوى اليمين بعد نجاحه في جذب أصواتها تدريجيًا ويلزم احترام النتائج في كل الأحوال".

مراد يتكين المحلل السياسي أكد من جهته أن هناك مشكلة تتعلق بانتخاب رئيس تركيا الجديد ستعود لبؤرة الأحداث من جديد، ولا يعرف كيف سيتعامل معها حزب العدالة الفائز بالانتخابات.

وقد لوّح صلاح الدين دميرطاش الفائز بمقعده عن محافظة ديار بكر والعضو بحزب المجتمع الديمقراطي بإمكانية التفاهم مع الحكومة عند انتخاب رئيس الجمهورية؛ لأن الرئيس منصب مهم لكل الأتراك ونحن ننظر لشخصية الرئيس وتوجهاته في حقوق الإنسان والديمقراطية والأمر لا يتوقف على الأغلبية بالمجلس ولكن على التفاهم والتضامن.

بينما أكد فرات دينجر نائب رئيس حزب العدالة والتنمية رفض أي فروض وأن الحزب مع التفاهم والتضامن بدون ضغوط وانتخاب الرئيس سيكون من بين أعضاء المجلس وليس من خارجه.

المصدر

للمزيد عن علاقة الإخوان بتركيا

وصلات داخلية

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة

أعلام من تركيا

أخبار متعلقة

وصلات خارجية


وصلات فيديو