قراءة خاصة فى تجربة حزب العدالة والتنمية التركى

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
قراءة خاصة فى تجربة حزب العدالة والتنمية التركى
اردوغان والعلم.jpg

الشيخ راشد الغنوشي ( * )

تركيا بلد المتناقضات والألوان المختلطة

من جهة الجغرافيا هي بلد يمتد بين قارتين، ورغم أن معظمه يقع في آسيا، وهو ما اتخذه الرئيس الفرنسي السابق تعلة لتأسيس رفض انتمائه إلى أوروبا، بل اعتبر انتماءه للاتحاد بمثابة الإجهاز عليه.

أما من جهة النظام السياسي فهي بلد ديمقراطي، بل لعلها أقدم ديمقراطية في المنطقة، إذ ظلت صناديق الاقتراع تفرز برلمانات وحكومات، من دون أن يشكك أحد في مصداقيتها، مما هو غريب في دول حديثة مشابهة من جهة تاريخ العلاقة بالحداثة، مثل مصر و تونس.

ومع ذلك فالبلد تداولت عليه فترات الديمقراطية والانقلابات العسكرية. وكان آخرها انقلاب 1980 الذي وضع حداً لفوضى الاقتتال بين الجماعات القومية واليسارية، كما أراد أن يضع حداً لصعود الإسلاميين.

ولم يعد الجيش إلى ثكناته إلا بعد أن أعاد ترتيب الحياة السياسية، وضبط الهيكل العام للدولة على نحو يجعل للمؤسسة العسكرية سلطة الرقابة على سير العملية الديمقراطية، ومدى انضباطها بالإطار العلماني للدولة، وبجملة الاختيارات الكبرى الاقتصادية والعسكرية والعلاقات الدولية، وذلك عبر سلطة مجلس الأمن القومي، الذي بلغ سلطانه حد طرده رئيس وزراء منتخب، بل وإيقاف العملية الديمقراطية ذاتها، وحل الأحزاب، والزج برؤسائها في السجون، من أجل إعادة ترتيب الأوضاع بما جعل العسكر هم الدولة في المحصلة النهائية.

من جهة الثقافة، تركيا بلد القطائع والمتناقضات الشديدة، فقد حولها انقلاب النخبة المتغربة (نخبة جماعة الدونمة أي اليهود المتأسلمون بعد طردهم من الأندلس، والتجائهم إلى حاضرة الخلافة) بقيادة مصطفى كمال أتاتورك، من عاصمة الأمة الإسلامية المترامية الأطراف، عبر القارات الثلاث، إلى دولة قومية شوفينية، في تعصبها للعنصر التركي، وعلمانية متطرفة حاربت الإسلام بكل ما ملكت من وسائل، وراهنت على استبدال الهوية الإسلامية العثمانية بهوية قومية علمانية أوروبية، عبر حملة شاملة على كل مؤسسات الإسلام التعليمية والوقفية والشعائرية بل التشريعية والدولية.

لقد غيّرت الدولة قبلتها بالكامل، ولم تدخر جهداً في حمل الشعب على ذلك، رغم أن تجربة ثلاثة أرباع قرن أثبتت أن تغيير هويّات الشعوب أمر بالغ العسر، بسبب ما أبداه الشعب من مقاومة متعددة الأشكال، كان من بينها صعود حزب من داخل النخبة العلمانية العسكرية في الخمسينات، بقيادة عدنان مندريس، وفتح ثغرة محدودة في جدار العلمانية المتطرفة في عدائها للإسلام، التي أرساها مؤسس الجمهورية.

وتتمثل هذه الثغرة البسيطة في الاتجاه إلى الاعتراف بالهوية الإسلامية ل تركيا ، عبر السماح بأداء الأذان بالعربية، ما جعل الناس يخرون سجداً ويبكون فرحاً، وكذا الإذن بفتح معاهد لتخريج الأئمة والخطباء.

ورغم أن هذه السياسة لم تستمر أطول من الفترة بين 1950 و1960، إذ تم التصدي لها بكل عنف، من قبل حراس المعبد العلماني، الذين انقلبوا على الديمقراطية، بعد أن كانوا قد بدأوا بالانقلاب على الإسلام، فعلّقوا رئيس الوزراء المنتخب عدنان مندريس، ورئيس الجمهورية جلال بايار على المشنقة...

وبعد أن أعادوا ترتيب الأوضاع، وبضغط من الشركاء الأوروبيين، من أجل الحفاظ على مستوى من الانسجام مع الوجه الأوروبي، الذي تحرص عليه النخبة، أو المفروض عليها، تمت العودة إلى الديمقراطية، غير أنها أفرزت مرة أخرى حزباً علمانياً معتدلاً بزعامة شخصية معتدلة قريبة من الجماعات الصوفية هو سليمان ديميريل، الذي استأنف على نحو ما سياسة مندريس من جهة السماح بالممارسة الدينية، وهو نفسه كان معروفاً بأداء الصلاة.

وفي عهده استأنفت الحركة الإسلامية بزعامة البروفسور نجم الدين أربكان عملها، ضمن حزب جديد هو حزب السلامة الوطني، الذي ظهر على أثر ما شهدته الساحة من صراعات اليمين واليسار وتشتت الأحزاب، ما أتاح لأربكان فرصة التحالف مع مختلف الأحزاب العلمانية لتشكيل الحكومة مرة مع اليسار بزعامة أجاويد، "رئيساً للوزراء"، ومرتين مع حزب العدالة بزعامة ديميريل.

قدمت هذه التحالفات الغطاء السياسي الضروري لنمو بنية تحتية قوية للإسلام، تمثلت في إشادة سلسلة واسعة من المدارس الثانوية والابتدائية لتخريج الأئمة والخطباء، واستقبلتهم كليات الشريعة لمواصلة تعلمهم ثم انفتحت في وجوههم مختلف أبواب الاختصاصات، وفك الحصار عن المساجد والتدين عامة.

غير أنه أمام صعود الإسلاميين واشتداد حمى الصدام بين المتطرفين من اليمين واليسار، تدخلت المؤسسة العسكرية الوصي على تراث أتاتورك لتضع حداً لصعود الإسلاميين المتزايد مع اندلاع الثورة الإسلامية في إيران، من جهة، وللفوضى من جهة أخرى.

ولم تعد إلى ثكناتها إلا بعد أن وضعت الوثيقة الدستورية الرابعة، التي نصبّت المؤسسة العسكرية عبر مجلس الأمن القومي حارساً ووصياً على تراث أتاتورك، كما سبق، وتسلم تورغت أوزال رئاسة الوزراء، فما لبث أن أعاد منهج مندريس إلى الواجهة في خطوة تهدف إلى مصالحة تركيا الحديثة مع هويتها الإسلامية والتخفف من تصلب العلمانية الأتاتوركية المعادية للإسلام.

ضمن هذه الأجواء، تفاعلت مجموعة عوامل سياسية داخلية وخارجية، لتعزز من موقع الإسلام السياسي، فمن عودة الحركة الإسلامية في صيغتها الجديدة المتمثلة بحزب الرفاه بزعامة نجم الدين أربكان، وتفشّي الفساد وسط النخبة العلمانية للأحزاب، وتعطش الشعب للهوية، والأزمة الاقتصادية، إلى استمرار انغلاق البوابة الأوروبية في وجه تركيا، مروراً بانتشار الكتاب الإسلامي بفعل الترجمات السريعة لكل ما ينشر في العالم الإسلامي، ولا سيما من قبل كتّاب الحركة الإسلامية في تيارها الوسطي، كل هذه الأمور كان لها الأثر في تعزيز المد الإسلامي، حتى بات حزب «الرفاه» على رأس الأحزاب التركية بنسبة فاقت 22% من أصوات الناخبين، فأمكن لما يسمى الإسلام السياسي أو الحركة الإسلامية تشكيل الحكومة لأول مرة في تاريخ الدولة التركية الحديثة، متحالفاً مرة أخرى مع حزب علماني محافظ، تتزعمه سيدة هي تانسو تشيلر، وذلك سنة 1996

غير أن حراس المعبد العلماني قد استنفروا مصممين على الإطاحة بأربكان وحزبه، رغم كل التنازلات، التي قدمها للتواؤم مع شعائر المعبد، من مثل الوقوف على قبر أتاتورك، وأداء التحية له، واستقبال مسؤولين إسرائيليين، والمحافظة على الارتباطات الأطلسية والأوروبية. ولكنهم نقموا عليه بسبب مدّه جسوراً قوية مع الجوار العربي والعالم الإسلامي عامة، بمبادرته لزيارة عدد من الأقطار العربية والإسلامية مثل (ليبيا ومصر وإيران)، وعمله في تأسيس نادي الثمانية G8 للدول الإسلامية الكبرى، مقابل نادي السبعة للدول الرأسمالية الكبرىG7. واستضافته في شهر رمضان بعض رموز الصوفية والأئمة الكبار.

ورغم أن أداء أربكان الاقتصادي كان عظيماً في النزول بالتضخم والبطالة والدين الخارجي إلى أدنى نسبة، بالقياس إلى الحكومات السابقة، ورغم أدائه المتميز غير المسبوق للبلديات، التي تديرها جماعة الرفاه، إلا أن ذلك وبقدر ما رفع مكانة الإسلاميين لدى الشعب، بقدر ما رفع مستوى نقمة الباب العالي (الهيئة العليا لرجال الأعمال والصحافة وقادة العسكر)، فصعّدوا الضغط عليه حتى حملوه على الاستقالة، وحركوا أداة أخرى من أدوات سيطرتهم (المحكمة العليا) فحلت حزباً في أوج عطائه، بنفس الاتهام الثقافي المعتاد: النيل من هوية الدولة العلمانية.

وشنت على التيار الإسلامي ما يشبه حرب إبادة، وذلك على إثر ما استبد بأذهان حراس المعبد العلماني، من شعور بأن الحياة من حولهم بقيادة رئيس الوزراء، زعيم الحركة الإسلامية، اتجهت قدماً في اتجاه الإسلام، بما يهدد بتغيير طبيعة الدولة، فانعقد مجلس الأمن القومي في اجتماع عاصف اشتهر باجتماع 28 فبراير 1997 الذي صدر عنه 18 بنداً، هي جملة من الإجراءات الصارمة ضد التيار الإسلامي على كل الصعد الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية، وأمر رئيس الوزراء الإسلامي بتنفيذها، ما اضطرّه إلى الاستقالة، لتدخل بعده تركيا في طور عصيب من الاضطراب السياسي والثقافي والفساد الاقتصادي المهدد بالانهيار.

واستمرت هذه المرحلة العصيبة، التي عرفت بمرحلة 28 فبراير، ولم تنته إلا بانهيار الطبقة السياسية بيمينها ويسارها، وجملة أحزابها تقريباً، ليعود التيار الإسلامي بعد خمس سنوات في ثوب جديد بزعامة شابة، تربت في أحضان المعاهد الدينية، ثم في الحركة الإسلامية خلال عقدين، وشملتها موجة الاضطهاد.

وتمثّلت هذه الزعامة بشخصية الطيب رجب أردوغان، الذي أطيح به من رئاسة بلدية من أكبر البلديات في العالم، حيث تجلت فيها عبقريته، إذ توصّل إلى حل مشكلات حياتية فشل فيها كل من سبقه، فأحاطه الناس بحب عظيم.

ولم يشفع له ذلك من العزل والزج به في السجن.

لقد أفضى الحكم العسكري إلى إقصاء زعيم الحزب أربكان من السياسة، ما اضطره أن يمارسها من وراء ستار، من خلال حزب جديد هو حزب الفضيلة، دفع إلى قيادته أحد رفاقه هو المحامي رجائي قوطان، وحافظ الحزب على مكانه على رأس الأحزاب، لكن في المعارضة.

ولم يرض ذلك الباب العالي، فصدر قرار بحلّه، فتشكل حزب السعادة بديلاً له.

وفي مؤتمره تحدى تيار الشباب بزعامة عبد اللَّه غول وأردوغان قيادة الحزب المتمتعة بثقة أربكان.

وكاد غول أن يفوز بالقيادة، ليضع موضع التنفيذ البرنامج الإصلاحي الذي يطالب به هو وأردوغان، فلما لم يحصل ذلك انطلق هذا التيار إلى تشكيل حزب جديد انحاز إليه 51% من نواب الحزب في البرلمان.

وكانت الفكرة الأساسية لحزب «العدالة والتنمية»، الحزب الجديد من أحزاب الحركة الإسلامية، تحمل جملة من التعديلات على السياسات المعهودة في هذا التيار، اعتباراً بما حدث في السنوات الست العصيبة الماضية، حيث تعرضت الحركة الإسلامية لمخطط إقصاء واستئصال وكسر عظم، على يد صاحب السلطة العليا الجيش.

لقد كان من أهم الدروس التي استقاها الحزب الجديد تجنب كل ما يفضي إلى تجدد الصدام مع صاحب السلطة، بل العمل على كسب ثقته، وكذا تجنب الصدام مع العسكر ومعبدهم العلماني، وهو ما لا يمكن تحقيقه مع استمرار زعامة أربكان، الطرف المباشر في ذلك الصدام.

وكذا إعطاء الأولوية للعلاقة مع أوروبا وللاقتصاد، والابتعاد عن إثارة المعارك حول بعض القضايا الحساسة، مثل الحجاب، باعتباره من أسخن ساحات الصراع بين التيار الإسلامي والتيار العلماني، الذي لم يتردد في طرد نائبة من البرلمان، وشطبها، رغم أنها منتخبة... فقط بسبب إصرارها على غطاء الرأس، وهو ممنوع بنص دستوري، مع أن الزائر لتركيا يفاجأ بالحجم الواسع لانتشار الحجاب، حيث يتراوح في مدينة مثل إسطنبول بين 70 إلى 80%، على حين أن أبسط معنى للديمقراطية أن تكون السلطة معبرة عن إرادة الشعب كله أو أغلبه على الأقل، وهذا مثل آخر صارخ على ما تتلظى به الحياة التركية من تناقضات، فهي خليط من إسلام وعلمانية، عثمانية وأوروبية، دكتاتورية وديمقراطية، حكم الشعب وحكم العسكر، بين شارع يملأه الإسلام ودستور يحاربه.

هذا هو الواقع الذي يجب التعامل معه بالحكمة، والرهان على النفس الطويل في التطوير، وتأجيل طرح المحاور المثيرة، وإعادة ترتيب الأولويات، وإيلاء قضايا المعاش، وحقوق الإنسان، واحترام القانون، ومقاومة الفساد في نخبة الحكم الأهمية الكبرى، وتهيئة البلد للانضمام إلى أوروبا سبيلاً اخر للتقوي على الباب العالي الجديد، والحد من سلطانه المطلق.

ما حقيقة مشروع‏ العدالة والتنمية؟

قد يكون من الطبيعي التساؤل عن إمكان استمرار وتواصل هذا المشروع الجديد، الذي بدأه مندريس واستأنفه ديميريل ثم تورغت أزال، ووصل إلى أوجه مع أربكان، أي مشروع مصالحة تركيا الحديثة مع تاريخها وهويتها، من خلال الحد من التطرف العلماني للدولة في عدائها للدين، في مسعى لاستبدال علمانية متطرفة بأخرى معتدلة، هي أقرب إلى النوع الأوروبي، الذي يغلب عليه الحياد، إزاء المسألة الدينية، وذلك بالإفادة من التجارب السابقة، باعتماد مرونة أكبر في خدمة المشروع نفسه، بما يحفظ جوهره، ويتخلى ولو ظرفياً عن بعض مظاهره، من أجل فتح أبواب التطور في وجهه بعيداً عن أسباب التصادم مع «الباب العالي».

وتأتي أهمية هذا التساؤل مع اعتبار البعض أن مشروع «العدالة والتنمية» هو تنازل عن مشروع الحركة الإسلامية بل خيانة له. وفي أفضل الأحوال الرهان على ما سماه هذا البعض بالعلمانية الإسلامية،؟؟ أو هو ما اعتبره أنصار مؤسس المشروع البروفسور نجم الدين أربكان إيثاراً لملاذ السلطة، والعيش تحت الأضواء، وإرضاء العسكر ومؤسسة المال والإعلام والأمريكان؟ تنازل عن جوهر المشروع الإسلامي، واستسلام للعلمانية، وانتصار ساحق لها، كما روج لذلك بعض عتاة العلمانية في بلادنا، مبدين فرحة صفراء بانتصار العدالة والتنمية؟

الثابت أن حزب العدالة والتنمية بزعامة النجم الصاعد الشاب رجب أردوغان، رئيس بلدية إسطنبول، (وهو إلى جانب غول أبرز الشباب، الذين أعدهم أربكان لخلافته)، قد نجح إلى جانب احتفاظه بشعبية واسعة داخل التيار الإسلامي في استقطاب قطاع واسع من اليمين العلماني المحافظ، الذي تخلى عن أحزابه التقليدية، وتركها تنهار بسبب فسادها وعجزها عن تقديم حلول لمشاكل البلاد الكبرى، كما استقطب فئات أقل من ذلك من اليسار، الذي تراجع بنسبة الثلث لنفس الأسباب.

واستقطب كذلك حوالى ثلث الناخبين الأكراد، فضلاً عن استقطابه للقاعدة الإسلامية (حوالى 23%)، عدا نسبة ضئيلة (2%) ذهبت إلى "السعادة".

وكل هذه الفئات الواسعة رأت في "العدالة والتنمية" وزعامته الشابة منقذاً للبلاد من كارثة الفساد الاقتصادي، أو من الحرب الأهلية في كردستان، أو من التصادم مع العسكر.

وكلها رأت فيه، رغم التباين الثقافي، الأمل في إنقاذ تركيا من الفساد الاقتصادي، بما عرف عن زعمائه من فعالية ونظافة خلال ممارستهم لإدارة البلديات.

ولكن رغم تعدد واختلاف الأوعية التي غرف منها "العدالة والتنمية"، تبقى الرافعة الكبرى التي رفعته إلى السلطة، في انتصار ساحق، على أحزاب وزعامات عريقة، (أحالها دفعة واحدة على المعاش، كما تفعل رياح الخريف مع الأوراق اليابسة، إيذاناً بتجدد شباب السياسة)، هي قاعدة إسلامية، قد وعت بيقين أن التمادي بنفس السياسات والوجوه بزعامة مباشرة أو غير مباشرة لمؤسس الحركة الإسلامية، ليس من شأنه غير استمرار اشتباك غير قابل للتسوية، قد غدا معوقاً لتحقيق المشروع الإسلامي حتى في مطالبه ذات الأولوية من الحرية للشعائر والحجاب والمدارس دينية، لذلك كان لا بدّ من تغيير في الخطاب والوجوه والتكتيكات... فكان العدالة والتنمية، وفي وقفة أمام المشهد التركي، يمكن قراءة ما يلي:

أ- القاعدة الإسلامية التي رفعت أردوغان إلى سدة الوزارة الأولى، تجاوزت نسبتها 22% من أصوات الناخبين، ولم يذهب منها إلى حزب السعادة غير 2%، فأين ذهب البقية إذا لم يكونوا هم غالبية من صوت للعدالة؟

ب- إن أداء الإسلاميين في الحكم لم يكن سلبياً، كما وأنّ إدارتهم للمدن التركية الكبرى مثل إسطنبول وأنقرة وأرض روم كانت ممتازة، وهو الأداء الذي جعل من أردوغان نجماً ساطعاً في سماء إسطنبول، لا بشعارات إسلامية هي أصلاً محظورة الاستعمال في تركيا بل ببرامجه وإنجازاته، التي جعلت الماء والكهرباء ووسائل النقل والخبز تصل إلى كل بيت، والطرقات معبدة ونظيفة، وعشرات الالاف من الطلبة يتمتعون بالمنح، وإضافة إلى تأمين فائض في خزائن البلدية، بعد أن كانت مثقلة بديون تبلغ عدة مليارات من الدولارات.

وهو ما فرض على النخبة السياسية أن تسلّم أن لا أحد قادر على منافسة الإسلاميين في إدارة شؤون البلديات.

كما فرض التسليم بحقيقة أخرى أن رصيد الإسلاميين في الحكم، وحل مشاكل الناس، ليس مجرد شعارات تدغدغ المؤمنين، وتعدهم بالجنة، وتخوّفهم بالنار، على أهمية أثر ذلك لو حصل، وإنما برامج عملية لحل مشكلات معيشية، فشلت أحزاب العلمنة في حلها، بسبب انفصالها عن ضمير الشعب، وما تلوثت به من مفاسد.

ج- إن كل المؤشرات في العالم الإسلامي، وحيثما وجد مسلمون، تشهد على ارتفاع مذهل لنسب التدين، حتى تلك التي طبقت فيها بشراسة ووحشية وتواطؤ دولي ومحلي خطط الاستئصال وتجفيف الينابيع مثل تونس، بسبب ما تعرض له التدين والمتدينون من قهر على يد حكومات قمعية فاسدة، مثل تسلط الدولة في تونس و تركيا، على المؤسسات الدينية، وعلى ضمير المؤمنات بتجريدهنّ من حقهنّ في التعبير عن تدينهن، بحمل رداء التُقى، ما تسبب في طرد الآلاف منهنّ من المدارس، وكبت الملايين وقهرهن وذويهن، وكذا حرمان أصحاب المشروع الإسلامي من حقهم الطبيعي والشرعي في المشاركة في الشؤون العامة، ومنها العمل السياسي، وكبت كل تعبير ديني. وباعتبار أن الدين هو أعمق ما في الضمير الفردي والجمعي لأمتنا، فإن كل مدافع عنه محبوب، وكل عدو له مبغوض، لا سيما والكبت والقمع لكل حر هو شريعة الأنظمة القائمة، ما جعل الهوة تتسع بينها وبين الشعوب.

د- إن حملَةَ رسالة الإسلام اليوم هم في الصف الأول من جبهة الذود عن الأمة وعن دينها في مواجهة الحملات المتصاعدة عليها، والتي لم يتردد الأمريكان في تعليق لافتة الصليب عليها، هذه الهجمة الدولية على الإسلام وأمته من جهة، ولا سيما في فلسطين ، و العراق ، وما ينهض به الإسلام من أدوار تعبئة وتجنيد للرأي العام، وما قدمته وتقدمه الحركة الإسلامية من نماذج رائعة في الفداء، ونقل الرعب إلى صفوف الأعداء، وتعديل موازين القوى... كل ذلك أسهم في تأجيج المشاعر الدينية في الأمة، بما ضاعف من شعبية الإسلاميين، على حساب الجماعات العلمانية، لا سيما أنّ خنوع الكثير منها وتذللها لقوى القمع في الداخل والخارج... مع فشوّ الفساد في أوساط جماعاتها الحاكمة... تعاضد على تدهور شعبيتها، وتضاؤل وزنها، واتساع الهوة بينها وبين شعوبها.

ظهر ذلك في مختلف أرجاء العالم الإسلامي من جاكرتا إلى طنجة، مروراً بإسلام آباد والمنامة ومصر والجزائر وساراييفو و تونس نفسها... ما أدّى إلى اكتساح إسلامي للشارع التركي ظهر في الانتخابات الأخيرة في شكل فوز ساحق للإسلاميين بحوالى ثلاثة أرباع مقاعد البرلمان، وهو تطوّر لا يشكّل ظاهرة شاذة ولا فريدة في الحالة العامة، التي تمر بها الأمة، بل هو من جهة جزء من هذه الحالة العامة، التي تتعرض فيها الأمة لأشد التحديات، فتحتاج إلى تجريد أمضى أسلحتها.

وهل وقف في وجه تفوق السلاح الإسرائيلي الساحق غير سلاح الاستشهاد، ورأسماله الإيمان باللّه واليوم الآخر.

على أنّ ما حدث يشكّل من جهة أخرى تواصلاً وامتداداً لمسار طويل بدأه الشعب التركي منذ خمسينيات القرن الماضي، بل منذ قرن في اتجاه اجتذاب الحداثة في إطار الإسلام وتراثه ولخدمته، وذلك في مواجهة الخيار الاخر الذي طرحه الغرب على الأمة، وتبنته كل الأحزاب العلمانية بمختلف تلوناتها، ولا سيما تلك القائمة منها على النمط الماركسي، أو حتى النمط الفرنسي، الذي تأثرت به النخبة الحاكمة في تركيا وفي تونس، وهو النمط الذي لا يرى في الدين، غير كونه عقبة في طريق التقدم، مطلوب إزاحتها، والتفلّت منها بإحدى آليتي «الاجتهاد» العشوائي، أي غير المنضبط بقواعد تفسير النصوص، والإهمال أو الإلغاء جملة، توصلاً إلى إحالة المسألة الدينية إلى زاوية الخصوصيات الفردية، ثم تنظيم الحياة بمعزل عنها، بل على النقيض من تعاليمها، بما يفضي نهاية إلى انتزاعها من تلك الزاوية نفسها، وإحالتها إلى سلة المهملات، إذ طبيعة الحياة لا تتحمل في النهاية غير سلم أعلى واحد من القيم: إما أن تكون مرجعيته العليا الوحي، بحيث تتعايش في ظلّه الأقليات وتتواءم معه، وتسالمه، على نحو أو آخر، أو أن تكون مرجعيته أرضية، فتستقل بتنظيم المجال العام، وتفرض على الآخرين الانزواء إلى المجال الخاص.

ولأن مشروع التقدم على طريق التقليد للغرب، والنظر إلى ديننا وحضارتنا وتاريخنا، ومكانة الإسلام القيادية فيهما، من الزاوية الغربية، قد فشلا فشلاً ذريعاً في أن ينجزا أي شي‏ء، مما وعدا به من ازدهار اقتصادي، وتقدم حضاري، وعزة قومية، وعدل وحرية، فضلاً عن تحرير فلسطين، وتوحيد الأمة، وتركيا مثل في الخيبة، حتى إن وحدتها القومية باتت مهددة بالتمزق، بسبب تمزيق الخيط الناظم لشعوبها: الإسلام، وإحلال نزعة شوفينية متغربة بدله، عزلت تركيا عن محيطها العربي الإسلامي، وزجت بها في حرب أهلية مدمّرة مع المكونات العرقية والثقافية غير التركية مثل الأكراد، الذين لم يسمع أحد بمشكل معهم لا في تركيا ولا في العراق خلال تاريخ طويل من الحكم الإسلامي، قبل ظهور النزاعات القومية، ولذلك لا عجب أن صوّت الأكراد بكثافة لصالح إسلاميي حزب العدالة.

إذن، فليس في ما حققه هؤلاء من فوز ساحق أي أمر مستغرب، باعتبارهم غدوا رمزاً للتديّن، ولنظافة اليد، والقرب من الناس، والتفان في خدمتهم، والدفاع عن الهوية الإسلامية للبلد... إنهم التواصل وحاملي مشروع التصالح بين تركيا وهويتها الإسلامية... بين حاضرها وماضيها... بين إسلامها وحركتها الإسلامية من جهة، وبين عصرها وقوميتها وعلمانيتها من جهة أخرى. إنّهم الطموح لمواجهة التحديات الكبرى، التي تواجهها تركيا والعالم الإسلامي، واستجابة تتشكل من مزيج مركب بين الإسلام والحداثة... بين الإسلام والديمقراطية.

ما هو الإستراتيجي وما هو الظرفي في هذه الاستجابة؟

إن الحركة الإسلامية التركية التي أسسها البروفسور نجم الدين أربكان، في صيغها المختلفة، التي برزت بها إلى الساحة، وآخرها حزبا «السعادة» بقيادة طوقان، و«العدالة والتنمية» بزعامة رجب الطيب أردوغان، قد غلبت عليها الروح العملية، ولم يعرف لها جهد في مجال الإنتاج الفكري: فمؤسس الحركة مهندس يحسن لغة الأرقام والتخطيط، وقد طبع التيار بطابعه، وللمهندسين دور قيادي بارز في الحركة الإسلامية المعاصرة بديلاً عن المشايخ.

أما غذاؤهم الفكري فمستمد في أصله من فكر الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية في ال باكستان و حركة النهضة التونسية ، عبر الترجمات السريعة، التي برعوا فيها، لكل ما يصدر في ساحة الفكر الإسلامي، مضافاً إليه ثلث قرن من العمل السياسي والاجتماعي والاقتصادي في مناخ علني مفتوح، وهو ما يميز الإسلاميين الأتراك والماليزيين عن أمثالهم من العرب.

إن غلبة الروح العملية على المجادلات النظرية الأيديولوجية جعل حركة التطور لديهم يسيرة، مكتفين في المجال الأيديولوجي بالمتابعة الدقيقة لكلّ ما يصدر في العالم الإسلامي، عبر الترجمة السريعة، عن مفكري الحركة الإسلامية، ولا سيما الجيل الجديد، ما دفعهم إلى تركيز جهدهم على تأصيل فكر الحداثة في الساحة الإسلامية من قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والمجتمع المدني، مع صبغة صوفية هي من تراث البلد.

وهذه حقيقة يعرفها كل من له صلة بحثية جادة، أو معاشرة مباشرة للحركة الإسلامية في تركيا، الأمر الذي يفرض وضع ما رفعه زعماء حزب العدالة والتنمية من شعارات في حملاتهم الانتخابية، التي قادتهم إلى فوز ساحق في ظروفها المحددة، وذلك من قبيل الإعلان مثلاً بأن «العدالة والتنمية» ليس حزباً دينياً، أو أنه ليس حركة إسلامية، أو التأكيد على التوافق بين الإسلام والعلمانية، وفي الاقتصاد إلباسها كساء أيديولوجياً فضفاضاً يتجاوز مسلمات الفكر الإسلامي المعروفة في الساحة الإسلامية، والتي نشأ عليها مؤسسو حزب العدالة.

إن استصحاب تلك المسلمات هو الموقف العلمي الرصين، بعيداً عن الجري وراء الأماني، كما هو حال التصفيق المشبوه من طرف بعض غلاة العلمانية المتذاكين لفوز التنمية والعدالة، باعتباره نصراً للعلمانية، وهزيمة للإسلام السياسي!! أو حال تلك الأقلام التي تجاوزت الرصانة العلمية وهي المعروفة عادة بالرصانة في التحليل والاستنتاج، إذ ذهبت إلى وصف أيديولوجية العدالة والتنمية بالعلمانية المؤمنة، وذلك دون استناد إلى أي نص قد صدر قديماً أو حديثاً عن خريج معاهد الأئمة والخطباء حامل كتاب اللّه رجب الطيب أردوغان ، زعيم الحزب، الذي كان لتوه قد خرج من السجن بتهمة النيل من العلمانية، لمّا أورده في خطبة له من أبيات لجلال الدين الرومي، يؤكد فيها أن المصاحف أسلحتنا، والمساجد ثكناتنا، والمآذن مدافعنا.

والحركة الإسلامية إنما قامت منذ ابتُليت الأمة بالاحتلال الغربي وما صاحبه من غزو فكري، استهدف إقصاء الإسلام عن الحياة الدستورية للمسلمين ومن توجيه تصوراتهم الفلسفية وقيمهم ونظم حياتهم أي علمنة الإسلام. وذلك رغم انعدام الحاجة في الإسلام لمثل بعض الأدوار الإيجابية، التي قامت بها العلمنة في الغرب، مثل محاولة تحرير الدين من سلطان رجال الدين، من أجل فتح الباب أمام المؤمن ليقيم علاقة مع ربه، من دون واسطة، وليتعامل مع النصوص المقدسة من دون وصاية لأي مجتهد.

وهو معنى ثابت في ديننا. وهو تحرير العقل من كل وصاية، وفسح المجال أمامه ليرتاد أي مجال، من دون حواجز ولا قيود من خارجه، والثقة في قدرته على المعرفة.

بينما كانت الكنيسة لا ترى للمعرفة من طريق غير الكتاب المقدس، وهذا المعنى الإيجابي للعلمانية أيضاً ثابت في دين الإسلام، دون حاجة إلى استيراد.

وللتنبيه فإن تأكيد مرجعية الوحي العليا ضمن آليات الاجتهاد المعروفة لم يمنع المسلمين من الاختلاف والتنوع وحتى التناقض والتصادم، وذلك في غياب مؤسسة تحتكر التفسير والنطق باسم السماء، والتفتيش في ضمائر الناس، بما يعيد الأمر نهاية إلى الناس، حكماً في ترجيح «اجتهاد» على آخر، دليلاً للعمل، ويستمر باب الاختلاف والحوار مفتوحاً مشجعاً عليه وعلى ولوجه؛ "أصاب المجتهد أم أخطأ فهو مأجور".

علمانية جزئية وأخرى شاملة

إن العلمانية كما ذكر أحد أبرز المتخصصين فيها، المتتبعين لمسار تطورها، الدكتور عبد الوهاب المسيري في آخر دراسة مستفيضة له (العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة) بأنها «مصطلح خلافي جداً شأنه شأن مصطلحات أخرى، مثل التحديث والتنوير والعولمة، شاع استخدامها، وانقسم الناس بشأنها بين مؤيد ومعارض، بل لعل العلمانية أكثر المصطلحات إثارة للفرقة، إذ يتم الشجار حوله بحدة تعطي انطباعاً بأنه مصطلح محدد المعاني والأبعاد. ولكننا لو دققنا النظر قليلاً لوجدنا أن الأمر أبعد ما يكون عن ذلك لعدة أسباب:

1 إشكالية العلمانيين، أي شيوع تعريف العلمانية بأنها فصل الدين عن الدولة. وهو ما سطّح القضية تماماً وقلص نطاقها.

2 تصور أن العلمانية مجموعة أفكار وممارسات واضحة، الأمر الذي أدى إلى إهمال عمليات العلمنة الكامنة والبنيوية.

3 تصور العلمانية باعتبارها فكرة ثابتة لا متتالية آخذة في التحقق، فالعلمانية لها تاريخ.

4 أخفق علم الاجتماع الغربي في تطوير نموذج مركّب وشامل للعلمانية، الأمر الذي أدى إلى تعدد المصطلحات والافتقار إلى وضوح الرؤيا.. ويخلص الدكتور المسيري إلى أنه «توجد علمانيتان لا علمانية واحدة: الأولى جزئية، ونعني بها العلمانية باعتبارها فصل الدين عن الدولة وحسب، والثانية شاملة، ولا تعني فصل الدين عن الدولة وحسب، وإنما فصل كل القيم الإنسانية والأخلاقية والدينية لا عن الدولة فحسب، وإنما عن الطبيعة وعن حياة الإنسان في جانبيها العام والخاص، بحيث تنزع القداسة عن العالم، ويتحول إلى مادة استعمالية، يمكن توظيفها لصالح الأقوى».

ولأن العلمانية معنى ملتبس، وإلى أن يثبت صدور نصوص تثبت تراجع جماعة «العدالة والتنمية» عن الخط الفكري العام للحركة الإسلامية، في اعتقادها في شمول الإسلام لكل ما هو تصور وقيمة وسلوك فردي أو جماعي، مما هو متناقض حتى مع أكثر معاني العلمانية شيوعاً، الذي هو تحرير السياسة: أي المجال العام من نفوذ الدين، يبقى الموقف العلمي في الحكم على أيديولوجية آخر تشكلات الحركة الإسلامية التركية «حزب العدالة» هو مبدأ الاستصحاب، وتفسير ما يصدر عنهم من كلمات عامة، بما عرفوا به من مرونة وواقعية، من أجل تجنب الصدام مع السياج الحديدي، الذي يحيط بالحياة السياسية التركية، ويفرض عليها قيوداً صارمة، يجعلها أبداً مهددة بسيف ديمقليدس، الذي طالما نزل على رؤوس الإسلاميين، رغم مرونتهم، الأمر الذي جعل مجرد التلفظ ب الإسلام نفسه جريمة في الحياة السياسية، وفرض استخدام مصطلحات بديلة مثل النظام الملي أو العدالة.

ولا شك أن مسلمي حزب العدالة، وهم يمارسون السياسة، ضمن هذا السياج الضيق الخانق، قد تعلموا من تجربتهم الكثير، وراكموا التجارب، فغدوا أكثر حذراً واقتداراً على تجنب وقوع ذلك السيف على رؤوسهم. إن التفسير بضرورات التلاؤم مع ذلك الإطار هو الأولى في حمل بعض شعاراتهم المبهمة، من إطلاق دعاوى لا سند لها من فكرهم. وليس الإسلاميون الأتراك هم وحدهم من فُرِض عليهم صياغة أيديولوجيتهم بما يتواءم مع السياج المفروض عليهم، بل إن جملة التيارات الإسلامية في العالم ولا سيما في البلاد، التي مُنيت بتحديث فوقي صارم، مثل تونس و الجزائر و مصر، قد اضطرت للإقدام على نوع من تلك المواءمة، فقد تخلى الكثير منهم عن مسمى الإسلام في الراية التي يرفعونها مثلاً للانسجام مع قانون الأحزاب، مع أن لا أحد قد صرح بأنه قد تنازل عن شي‏ء من إسلامه.

وأما في ما يصدر عن جماعة العدالة والتنمية من بعض التصريحات لا يحمل على الظن أن الأمر يتعلق بتحولات فكرية، بل هو مجرد خطط عملية تتصل بفقه الواقع، فقه تنزيل المبادى‏ء في زمان ومكان محددين، بما يقتضيه ذلك من تدرج، وترتيب الأولويات، ورعاية الظروف، على اعتبار أن القرآن نزل منجماً، وكذا طبق، وكذا شأنه إذا أريد تطبيقه مجدداً؟.

ففي موضوع الحجاب، على سبيل المثال، وهو ساحة ساخنة جداً، ونموذج لضيق أفق وتعصب ودكتاتورية العلمنة التركية ونسختها المشوهة التونسية، ما كان سبباً في تعكير الحياة السياسية وتأزيمها، سياسة جديدة للإسلاميين على هذا الصعيد، لم تمس قط مجال الاعتقاد والتصور، ولا مجال الالتزام الشخصي، فكل ذلك على ما هو عليه، لا صوت فيهم ارتفع مشككاً في شرعية الحجاب، ولا قدم في مستواه الشخصي تنازلاً عنه، حتى عندما شكل ذلك استفزازاً لرئيس الدولة، إذ ذهب إلى توديعه رئيس البرلمان وهو من حزب العدالة بصحبة زوجته المحجبة، كما هو شأن زوجات وبنات زعماء الحزب، خلافاً لمن تحالف معهم.

مما بعث برسالة واضحة مزدوجة: الإسلاميون متمسكون بدينهم، لكنهم لا يفرضون ذلك على الآخرين، وسيعملون ولو بتدرج على منع الآخرين من إدمان فعل ذلك، إلا أنهم لا يرون في ذلك الوقت أولوية تستحق خوض المعارك من أجلها، إذ العبرة ليست بالعناوين على أهميتها بل بالمضامين، وما قيمة سلوك معين: صلاة أو حجاب يفرض بالقوة، في دين قد جعل القيمة الدينية الأولى لكل عمل ليس شكله وإنما باعثه «إنما الأعمال بالنيات».

ولو أننا تأملنا في جملة ما أعلنه حتى الآن حزب العدالة والتنمية من سياسات، لوجدناه امتداداً متطوراً لتراث الحركة الإسلامية التركية، مع مرونة أكبر في التنزيل، وحرص أكبر على ترتيب الأوليات بطريقة عقلانية ذكية: فقد تطور خطاب أربكان ذاته إثر تراكم التجربة وضغوط الواقع وتواؤما مع السياج الحديدي المكون من ثلاث أثافي: الغرفة التجارية المكونة من كبار رجال الأعمال، وهي تحت سيطرة الدونمة، وكبريات الصحف، وهي على صلة وثيقة بهم، وثالثة الأثافي قيادة الجيش، وهي على صلة أيضاً بالركنين السابقين، فهؤلاء هم الماسكون بخيوط اللعبة، ولهم هيمنة على المحكمة العليا.

وهم المحددون للفلك الذي تتحرك فيه السياسة: البرلمان والحكومة والأحزاب. هذا فضلاً عن السياج الخارجي، الذي يشد تركيا إلى أوروبا، وإلى الحلف الأطلسي، وإلى المؤسسات الرأسمالية الدولية.

إن أربكان بدأ مسيرته الإسلامية ممتلئاً بالمثل الإسلامية المعروفة في معارضة مشروع أتاتورك القائم على قطع تركيا نهائياً عن جذورها الإسلامية، وعن امتدادها العربي الإسلامي، ودمجها في أوروبا، فكان همه الأعظم استعادة تركيا إلى العالم الإسلامي، والتصدي بالوسائل القانونية لذلك المشروع، ولعضويتها في الحلف الأطلسي، وللنظام الرأسمالي، وللصهيونية.

وكانت القدس محور خطابه الأساسي، ولكن ممارسته خلال ثلث قرن للسياسة فرضت عليه أن يدرك مدى صلابة تلك الأسيجة، وشراسة حراسها، فعدّل من خطابه ومن إستراتيجيته على نحو فرض عليه الاعتراف بتلك الأسيجة، ومنها العلاقة مع إسرائيل، والتعامل معها، على أمل ترسيخ وتوسيع القاعدة الشعبية لمشروعه.

ومع كل ما طوّر من خطابه في اتجاه الواقعية، فقد كان صعباً على حراس المعبد في الداخل والخارج أن يقبلوا بشخصيته الكاريزمية، لا سيما أنه قد تحرك أحياناً في المناطق المحظورة، إذ سارع إلى الدفع ببعث كيان إسلامي اقتصادي دولي، من شأنه أن ينشط ذاكرة يراد لها أن تموت. فأطاحوا به دون أن ترف لهم عين.. حاول أن يقود السفينة من وراء ستار، ولكن ما أمكن له ذلك، وسارت الأمور على غير ما أراد الزعيم من خليفة له.

وتمكن أردوغان وغول من خلال ما يتمتعان به من مكانة في التنظيم، وزعامة شعبية وخبرة في التكتيك، ولا سيما من حزب التيار الأكبر في الحركة إلى صفهما.

ولم يفعلا من جهة الأيديولوجيا إلا أن صبّا نفس الرحيق في قوارير أكثر جمالية وجاذبية، وانتهجا نهجاً أكثر واقعية، دون تقديم تنازلات أيديولوجية، غير التي عهدت عن جملة التيار.

وقد تحدثوا عن أن مشروعهم يهدف من الناحية الثقافية إلى مصالحة بين العلمانية والإسلام، وبين الديمقراطية والإسلام، وأنهم حزب محافظ مسلم على غرار الأحزاب المسيحية الأوروبية.

وليس في ذلك جديد على خطاب أربكان، على الرغم من أنّ جماعته تؤكد أن خطاب جماعة العدالة والتنمية ليس هو الذي أوصلهم إلى اكتساح الساحة، وإنما تفاهمهم مع الباب العالي بكل أثافيه الداخلية، مؤسسة رجال الأعمال والصحافة والجيش والأمريكان وإسرائيل... «ذلك التفاهم هو الذي جعل قوة الإعلام تعمل ليل نهار لتلميعهم، وتصوير أن ليس في تركيا سوى حزبين يمين محافظ هو حزب العدالة والتنمية ويسار هو حزب الشعب، وهو ما أفضى إلى تهميش الباقي».

وعلى فرض أن هذا التفسير يحمل بعض دلالات الصدق، فهو يبالغ في احتقار وعي الشعب، وتصويره على أنه مجرد ألعوبة في يد الإعلام، ويهمل من خلال ذلك خبرة هذا الفريق الشاب وما كسبه من زعامة ونجاحات وخبرة، خلال إدارته الفذة للبلديات الكبرى والصغرى، وذلك مقابل ضعف الزعامة في الفريق الاخر، الذي عوّض دور مؤسس الحركة.

لقد عبرت القاعدة الإسلامية، من خلال ميلها إلى الفريق الشاب وزعامته المتوقدة، عن رغبة في تغيير الوجوه والخطاب، كما عبرت قطاعات أخرى من الشعب عن نفض يدها من زعامات تاريخية أنهكها الزمن شيخوخة، وفتّ الفساد في عضدها... عبرت هي الأخرى عن رغبتها في التغيير، وأملها في الشباب، والخروج من طور التفتت والتمزق، والانشغال بترقيع حكومة، وسقوط أخرى.

فوضعت ثقلها مع فريق شاب منسجم جربته فنجح في مد المياه إلى كل حي، وتسريح المجاري، وتنظيف الشوارع، وإعانة المساكين والشباب.

على ضوء ذلك يمكن اعتبار ما حدث في تركيا ثورة بيضاء ضد نظام سياسي ميت أصلاً، فجاءت صناديق الاقتراع لتعلن عن دفنه.

فهو من الناحية الرمزية إعلان عن إفلاس مشروع علمنة تركيا وتغريبها، وبداية النهاية لذلك المشروع.

ومن ناحية أخرى فهو انتصار للديمقراطية لا للعلمانية، وتعبير عن إصرار الشعب التركي على أن يدخل أوروبا مسلماً، بقيادة إسلامية قوية شابة، مدعومة بقوة من شعبها، متصالحة مع تاريخها ومع محيطها العربي والإسلامي.

ويدلّ على ذلك اختيار عبد اللَّه غول عندما كان يتولى رئاسة الحكومة البلاد العربية المنطقة الأولى لزيارته، إلى جانب لقائه مع الأمين العام للجامعة العربية، وتقديمه طلباً لعضوية مراقب في الجامعة العربية، كل هذه رموزاً مفعمة بالدلالات على حرص إسلامي تركيا كإسلاميي كل العالم الإسلامي، وليس علمانييهم، على اعتبار العرب عمقهم وسندهم، لا سيما وقد عاش الترك والعرب كياناً واحداً حوالى أربعة قرون.

قد يعتبر البعض وهو على حق، أن فوز الإسلاميين الباهر في تركيا هو انتصار لمصالحة بين العلمانية والإسلام. ولقد حدث مثل ذلك مرات في تركيا بين إسلامييها وعلمانييها اليساريين والمحافظين، إذ جمعهم برنامج سياسي واحد، وحكومة واحدة، كما أنه حصل على الصعيد العربي والإسلامي العام تصالح بين العلمانية والإسلام، وقد تأسس على إثر ذلك مؤسسة مهمة جداً، وهي المؤتمر القومي الإسلامي، وما تفرع عنه من فعاليات ميدانية بين أنصار التيارين، إن على الصعيد السياسي، ضمن تجمع الأحزاب العربية، أو ضمن مسيرات التضامن، نصرة لقضايا الأمة الكبرى في فلسطين والعراق، أو على صعيد معارضات محلية، كما هو حاصل في اليمن بين التيار الإصلاحي والاشتراكي والناصري، وقد جاء اغتيال الزعيم جار اللّه عمر لإفساده لما يمثله من خطر، أو على صعيد المجتمع المدني، بما حصل على صعيد النقابات العمالية والمهنية من تعاون وتحالف بين التيار الإسلامي، وبين تيارات علمانية دفاعاً عن الحريات وحقوق العمال وتصدياً للدكتاتورية.

غير أن الجدير بالتنبيه إليه هنا، أن هذا التعاون أو التحالف بين التيارين إنما تم بين قوى الاعتدال فيهما. أما قوى التطرف والاستئصال في التيارين فلا زالا ينظّران للقطيعة، ويؤصلان العداوة، لدرجة الإقدام على التحالف مع أنظمة بوليسية فاسدة، ووضع الخبرات التنظيمة والسياسية والبعد الدولي تحت تصرفها، كما حصل في تونس من طرف تيارات يسارية انتهازية، بعضها قد أقلع دون أن يتخلى نهائياً عن تراثه الاستئصالي، ولا اعتذر عن خدماته، التي قدمها للدكتاتورية، وبعضها لا يزال مستمرئاً تقديم خبراته وقدراته لأنظمة سلخ أعزَّ سِنِيِّ شبابه في سجونها ومقاومتها، احتجاجاً على ارتباطاتها بالإمبريالية، مع أن تلك الارتباطات كانت شعارات بينما هي اليوم حبال غليظة.

والحقيقة أن ما حصل في تركيا ليس تصالحاً بين العلمانية والإسلام، إذ قد تعاونت منذ السبعينيات مختلف أحزاب الاعتدال العلماني مع الاعتدال الإسلامي، إذ المعركة في عمقها وليس في مظاهرها ليست بين علمانية وإسلام، وإذا كان هناك من معركة هي بين المتطرفين الاستئصاليين على الجهتين، وإذا كان من كسب يمكن أن يكون قد تعزز على هذا الصعيد، فهو ترجيح كفة الاعتدال العلماني على التطرف العلماني، وإنما المعركة في عمقها، إنما هي بين الباب العالي بجملة أثافيه المتحالفة: مؤسسة رجال المال، والإعلام وقيادة الجيش، مع غطاء الرأسمالية الدولية والصهيونية العالمية، من جهة، والشعب التركي بعلمانييه وإسلامييه من الجهة الأخرى.

والسؤال هنا، لماذا بدا حرص جماعة العدالة والتنمية على دمج تركيا في الكيان الأوروبي على هذه الدرجة من الإصرار والحرص والغرابة، مما لا يتساوق مع الاتجاه العام للإسلاميين في حرصهم على التميز عن الغرب والاستقلال عنه، وهو ما بدأت به تجربتهم نفسها حتى التسعينيات؟

والجواب هو لا يبعد أن يكون مرد هذا الإصرار والحرص وثيق الاتصال بمعركة الديمقراطية التركية مع السياج، الذي يخنقها، ويفرض عليها اللعب داخل مربع ضيق حدده الباب العالي.

إنه سعي للتمرد على ذلك السياج، والتخلص من هذه الوصاية على إرادة الشعب، ونوعاً من سحب البساط من تحت أقدام الجنرالات، الذين يسوغون تسلطهم على إرادة الشعب، ويشترون الصمت الأوروبي على جرائم الشريك، بما يقوم به هذا الشريك من حراسة لمصالحه في مواجهة «الخطر الأصولي» الداهم، والساعي إلى استعادة «الخلافة»، وغزو أوروبا مجدداً.

إن حرص الإسلاميين على الاندماج في أوروبا هو نوع من تجريد الخصم من سلاحه، وتجريد ظهيره الخارجي من أوهامه، وعرض صداقة بديلة عنه، نظيفة، ترفع الحرج عنه تجاه مجتمعه المدني الحقوقي، الذي طالما ندد بانتهاكات الشريك التركي للمعايير الأوروبية للديقراطية وحقوق الإنسان.

إن عرض الإسلاميين بالذات لهذه الصداقة أو الشراكة، ترفع الغطاء عن المتطرفين العلمانيين والاستئصاليين، لا في تركيا وحسب، بل في عدد كبير من بلاد العالم الإسلامي، حيث تقدم أنظمة دكتاتورية فاسدة، تتمسح بالحداثة والعلمانية، ولا حظ لها من هذا ولا ذاك، تقدم نفسها للغرب، وتشتري صمته على فظائعها، باعتبارها «حارسة لمصالحه، في مواجهة الغول الإسلامي، الذي يهدد كل منجزات الحداثة»، ويبشر بالقطيعة مع الغرب، بل بالحرب عليه، وهذا التعميم الذي تنشره الأنظمة الديكتاتورية يحرص على الخلط بين المجرى العام للتيار الإسلامي، الحريص أبداً على العمل والتطور ضمن القانون، لو ترك القانون قناة للتنفس، ولو ضيقة، وبين التيارات الهامشية المتطرفة: إفرازات الدكتاتورية. وللحقيقة فإن تركيا، رغم تطرف علمانية الباب العالي وفساده، لم تصل إلى حد الاختناق، وانسداد كل القنوات، ولذلك لم تعرف العنف الإسلامي، وإن عرفت العنف العلماني اليميني واليساري، لذا أمكن أن يتحقق للحركة الإسلامية تراكم للخبرة والتجربة والتطور، عبر ثلث قرن من الممارسة والتجربة،، وهذه الحركة وإن تعرضت تكويناتها الحزبية للحل، وتعرض نفر قليل جداً من زعمائها للسجن، فقد ظلت أمامها عموماً مساحة من الحرية مفتوحة لاستقبال حزب جديد، كلما نزل سيف ديمقليدس على سابقه.

إن انضمام تركيا إلى أوروبا وهي موحدة وراء حزب قوي، وزعيم شاب ألمعي، متصالحة مع هويتها، منفتحة ومتعاونة مع عمقها العربي والإسلامي، يمثل فرصة كبيرة لقيام ديمقراطية تركية إسلامية حقيقية، متخففة من سطوة الباب العالي لصالح تعزيز سلطة الشعب، متمتعة بقدر كبير من الاستقرار، وقد انزاح سيل الفوضى عن حزبين قويين أحدهما محافظ مدافع عن الهوية، يقابله تيار يساري يدافع عن إرث أتاتورك، وما يعتبره «قيم الحداثة».

كما إن نجاح هذه التجربة، بقدر ما يقدم من دعم معنوي للقوى الديمقراطية، على اختلاف مرجعياتها المعتدلة إسلامية وعلمانية، يغري بالاتباع، بقدر ما يمثل خطراً مخيفاً على قوى التطرف، على اختلاف مرجعياتها، التي اجتهد بعضها في التعتيم على التجربة، واشتراك الإسلاميين فيها، وبعضها بلغ به التطرف إلى حد إنكار إسلاميتهم، وكأن الشعب إنما اختارهم لعلمانيتهم، وكان أولى أن يختار صوراً علمانية أوضح، مثل أحزاب اليسار، التي كنس زعيمها الحاكم كنساً، وقد جعل من تعرية رؤوس الفتيات، أو حرمانهن من التعليم والشغل بطولة علمانية، وفحولة ديمقراطية، ولم يقصّر التطرف الإسلامي ممثلاً في كل ألوانه، في منافسة حليفه الموضوعي العلماني، في احتراف تكفير الديمقراطية و أربكان و أردوغان .

إن انتصار الديمقراطية الإسلامية في دولة محورية مثل تركيا، حدث يستحق الاحتفاء من كل القوى الديمقراطية، على اختلاف مرجعياتها، اخذين بعين الاعتبار كثافة وحدة الأسيجة، التي تخنق هذه التجربة، وتحد من حريتها في التصرف، فلا نطالبها بما ليس من صلاحياتها واختصاصاتها، وإنما هو عائد إلى الباب العالي.

إن عبقرية هذا الفريق إنما تمثلت في جملة ما تمثلت به هو رسم مسارب ضيقة، تجنبهم الصدام معه، ويُقدر أنهم لو تمكنوا من مواصلة السير عليها سينتهون إلى توسيع تلك المسارب، التي تتحرك فيها الديمقراطية اليوم فتحاصره بالجماهير، عن طريق ما تحققه من نجاحات والتفاف شعبي، ولا سيما على صعيدين: أولهما الصعيد الاقتصادي، الذي أوصلته عجائز التطرف العلماني إلى قاع سحيق، وزجت بحوالى 12 مليوناً في لجة الفقر والبطالة. وثانياً على صعيد المجتمع المدني إطلاقاً لقواه المعطلة بتدخلات العلمنة المتطرفة.

إن إطلاق قوى ومؤسسات المجتمع المدني، ورفع وصاية الدولة عليها، وتقديم التشجيع لها، من مدارس وجمعيات ومساجد ومؤسسات خيرية ونقابات مهنية ومنظمات شبابية ونسوية، كل ذلك يمكن أن يشكل حماية لهذه التجربة، ورصيداً لتعزز قوتها واستقرارها ونموها وتأثيراتها الداخلية: ترسيخاً للعلاقة بين الإسلام والديمقراطية، ورفعاً من المستوى المعيشي للفئات المطحونة، بتجفيف ينابيع الفساد، ودعم التضامن والسلم الأهلي، وتمتين الوحدة الوطنية، بالاعتراف بحقوق الأقليات، وتعزيز سلطة المجتمع المدني، ودولة القانون، وحقوق الإنسان.، ومشاركة المرأة في كل مجالات النهوض.

وعلى الصعيد الخارجي: دعم مسار التضامن العربي التركي، والتركي الإسلامي. والحد من حجم التعاون الإسرائيلي التركي، والتركي الأمريكي، الذي ليس للعرب أن يطالبوا بقطعه، حتى يضربوا المثل الحسن بدل المثل السيى‏ء القائم اليوم.

المصدر

للمزيد عن علاقة الإخوان بتركيا

وصلات داخلية

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة

أعلام من تركيا

أخبار متعلقة

وصلات خارجية


وصلات فيديو