أردوغان.. مشروع نهضوي يجمع بين الأصالة والحداثة
بقلم: وائل الحديني
منذ أعوامٍ قليلة كان نجم الدين أربكان يترك السلطة تحت ضغط قادة الجيش التركي في مشهدٍ مأساويٍ, حينها كان رجب طيب أردوغان - رئيس بلدية إسطنبول- داخل السجن بتهمة إهانة العلمانية.
كتبتُ يومها مقالاً بعنوان (أنور.. الطيب.. أربكان.. مشروع نهضوي لم يكتمل)؛ فأنور إبراهيم لم يكن أحسن حالاً؛ فخلافٌ مع أبيه الروحي- رئيس وزراء ماليزيا - وضعه بين جدران زنزانة بتهمةٍ أخلاقية مُلفقة.
ورغم أن الأجواء لم تكن مُشجعةً إلا أن الكاتب الأردني محمود الخطيب توقَّع بأنَّ تركيا التي أنجبت محمد الفاتح قادرةٌ على إنجاب "محمد فاتح" جديد لا يرضى بأن يكون كمال أتاتورك - المشكوك في نسبه- حارسًا على بابه.. وقد صدق حدسه.
لم يتوقف "العدالة والتنمية" أمام جمود العلمانية طويلاً والتف عليها، وحقق مكاسب متتالية مما هو متاح بمرونةٍ عالية.
لا يجب أن نغفل عن تهنئة الشعب التركي، و" حزب العدالة والتنمية " على هذا العُرس الديمقراطي غير المسبوق.
ترشُّحٌ في أجواء من الحرية ودعايةٌ في أجواء من الحرية وتصويتٌ في أجواءٍ غير مسبوقة من الحرية، وفرز في أجواءٍ غير مسبوقة من الحرية، وقبل ذلك استقالة عدد من الوزراء المعنيين بالعملية الانتخابية، وتعيين مستقلين لكي لا تكون هناك فرصةٌ لتدخل أجهزة الدولة.
قد يكون ما ذكرته إجراءات تلقائية، لكننا في العالم الثالث لم نرها لكي نُدركها حقيقةً.
ما حدث فخرٌ لأردوغان ولكل الإسلاميين والعلمانيين ولكل الأتراك، هكذا يكون التَّحضُر،
أتمنى أن تُعَمم التجربة عربيًّا ونرى انتخاباتٍ بها 3% نزاهةً، فنموت راضين وبحمد الله مسبحين.
كما كان متوقع فاز " حزب العدالة والتنمية " بنسبةٍ غير مسبوقة؛ كمحصلة أربع سنواتٍ من الجهد المُضني، والبذل والعطاء بعيدًا عن الشعارات والجمود، وهذا يؤكد أن الإسلاميين يملكون مشاريع وبرامج يمكن أن تصمد إذا توافرت لها عوامل النجاح.
أعتقد أن العلمانية في شكلها المُتشدد ستُعاني بعد أن وصلت إلى الحكم عدة مراتٍ وخرجت بفضائح أخلاقية، وتُهم فساد وتربُّح غير مشروع، بعكس أردوغان وزملائه الذين يملكون تاريخًا وحاضرًا ناصعًا وأخلاقيًّا, لذا يستحقون الفوز.
من المعلوم أن الناتج القومي التركي وصل في عهد حكومة أردوغان إلى أربعمائة مليار دولار، بينما كان قبلها مائة وثمانين فقط، والصادارت وصلت إلى ما يقرب من مائة مليار بعدما كانت قبلها ستة وثلاثين فقط، ودخل الفرد وصل إلى 5500 دولار في العام بينما كان قبلها 3 آلاف فقط، ونسبة الفوائد انخفضت إلى 20% بعدما كانت قبلها أكثر من 60%، ومعدل التضخم انخفض إلى 9% بعدما كان قبلها أكثر من ثلاثين في المائة، ونسبة الديون انخفضت من 90% إلى 57 % مقارنةً بالناتج القومي.
هذه إنجازات الإسلاميين فماذا أنجزت العلمانية سوى التَّحرُّش بهم؟!!.
ورغم أن العلمانية وفَّرت انتخابات نزيهة استطاع الإسلاميون من خلالها الوصول للحكم، إلا أنها تَبقى متحجرة الجوهر، فوصول أردوغان إلى السلطة بشعبيةٍ جارفة لم يشفع لزوجته أن تدخل قصر الرئاسة؛ لأنها ترتدي غطاء الرأس، قد يكون ذلك من الملفات الشائكة التي يتعرض لها أردوغان هذه المرة.. فها هو قد عاد أقوى مما كان.
المصدر
- 'مقال:أردوغان.. مشروع نهضوي يجمع بين الأصالة والحداثةإخوان أون لاين