صلاح شحادة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
صلاح شحادة..

الشهيد صلاح شحادة

الأستاذ صلاح شحادة

"يجب أن نرتقي إلى المحاربة بالدماء، وسنواصل المقاومة مهما كلفَتْنا، وإن فقدنا السلاح فسنقاتلهم بأيدينا، علينا أن ندرك أن الشعوب المضللَة لا تستيقظ إلا بدفع الضريبة من دماء المسلمين".

هذه كلماتٌ مضيئةٌ قالها صلاح شحادة

فرغم مرور ثلاث سنوات على الجريمة الصهيونية لاغتيال شحادة إلا أن كلمات الشهيد التي حفرها بمداد من نور لا زالت تصدح في أرجاء فلسطين المحتلة، ولا زال تلاميذ وأشبال "أبو مصطفى" القساميون الذين تعلموا على يديه معنى الجهاد والتضحية يحملون الراية دفاعًا عن الأقصى الأسير والأرض المباركة التي دنسها الصهاينة.

لقد استشهد شحادة الذي كان المطلوب الأول للصهاينة بعد حياة عسكرية وجهادية استمرت قرابة عشرين عامًا ترك خلالها مؤسسةً عسكريةً قويةً، زرعت الخوف والرعب في نفوس جنود الاحتلال الصهيوني وقطعان مغتصبيه، حتى أشرف على اغتياله رئيس وزراء الكيان الصهيوني ليكون بحق رجلاً تحاربه دولة..

إنه الرجل الذي أسس كتائب القسام، وابتكر اقتحام المغتصبات، وطوَّر السلاح، بدءًا من الهاون والمضادات للدبابات ثم القذائف والصواريخ.

لقد لقي "أبو مصطفى" ربه شهيدًا بعد أن أذاق الصهاينة صنوف المرارة جرَّاء عملياته التي نشرت الذعر في أرجاء الكيان الصهيوني في جريمة بشعة ومذبحة منكرة يشيب لهولها الولدان بمدينة غزة، راح ضحيتها 15 شهيدًا، معظمهم من النساء والأطفال في 23 يوليو 2002م،

فلقد كان القائد الأول للقسام نموذجًا للقائد الرباني الذي أمضى حياته مجاهدًا للأعداء، وكان أبًا عطوفًا وأخًا متواضعًا سخَّر وقته وجهده في خدمة والدفاع عن أبناء شعبه.

فكان لنا في (إخوان أون لاين) في هذه الذكرى التي تحمل لنا رياح الجنان ورائحة المسك من شهيد سار على الدرب فوصل.. أن نتعرف على فصول من جهاده عن قرب،

ونستعرض لمحاتٍ من حياة رجل من الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً﴾ (الأحزاب: 23).

السيرة الذاتية للشيخ القائد القسامي البطل صلاح شحادة

الشهيد صلاح شحادة
  • الاسم: صلاح مصطفى محمد شحادة.
  • البلد الأصلي: سيافا من مواليد بيت حانون شمال قطاع غزة.
  • التعليم الابتدائي والإعدادي: في مدارس بيت حانون.
  • التعليم الثانوي: في مدرستي فلسطين ويافا الثانوية بمدينة غزة.
  • المؤهل الجامعي: بكالوريوس في الخدمة الاجتماعية من جمهورية مصر العربية.
  • نزحت أسرتُه إلى قطاع غزة من مدينة يافا بعد أن احتلتها العصابات الصهيونية عام 1948م؛ حيث أقامت في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين.
  • في عام 1958 دخل صلاح المدرسة الابتدائية التابعة لوكالة الغوث وهو في سن الخامسة، ودرس في بيت حانون المرحلة الإعدادية، ونال شهادة الثانوية العامة بتفوق من مدرسة فلسطين في غزة،ولم تسمح له ظروفه المادية بالسفر إلى الخارج لإكمال دراسته العليا، وكان قد حصل على قبول لدراسة الطب والهندسة في جامعات تركيا وروسيا.
  • التحق بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية في الإسكندرية، وفي السنة الثالثة بدأ التزامه بالإسلام يأخذ طابعًا أوضح.
  • عمل باحثًا اجتماعيًا في مدينة العريش في صحراء سيناء، وعُيِّن لاحقًا مفتشًا للشئون الاجتماعية في العريش.
  • بعد أن استعادت مصر مدينة العريش من الصهاينة في العام 1979م انتقل صلاح للإقامة في بيت حانون، واستلم في غزة منصب مفتش الشئون الاجتماعية لقطاع غزة.
  • في بداية العام 1982م استقال من عمله في الشئون الاجتماعية، وانتقل للعمل في دائرة شئون الطلاب في الجامعة الإسلامية في مدينة غزة.
  • اعتقلته سلطات الاحتلال في العام 1984م؛ للاشتباه بنشاطه المُعادي للاحتلال الصهيوني، غير أنه لم يعترف بشيء، ولم يستطع الصهاينة إثبات أي تهمة ضده، وأصدروا ضده لائحة اتهام حسب قانون الطوارئ لسنة 1949م، وهكذا قضى في المعتقل عامين.
  • بعد خروجه من المعتقل في العام 1986م شغل منصب مدير شئون الطلبة في الجامعة الإسلامية إلى أن قررت سلطات الاحتلال إغلاق الجامعة؛ في محاولةٍ لوقف الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت في العام 1987م، غير أن الشيخ صلاح شحادة واصل العمل في الجامعة حتى اعتُقل في أغسطس 1988م.
  • اعتقل في 18/8/1988م، واستمر التحقيق حتى 26/6/1989م في سجن السرايا، ثم انتقل من زنازين التحقيق إلى غرف الأسرى، وفي 14/5/1989م أُعيد إلى زنازين التحقيق بعد أن تم الاعتراف عليه بمسئوليته عن الجهاز العسكري لحركة حماس، واستمر التحقيق لمدة 200 يوم، وبذلك بلغ مجمل التحقيق معه عامًا كاملاً، وكانت التهم الموجهة إليه المسئولية عن الجهاز العسكري لحماس، وإصدار أوامر باختطاف الجنديين (سبورتس، وسعدون).
  • ومسئولية حماس والجهاز الإعلامي في المنطقة الشمالية، وحُكِم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات على تهمة مسئولية حماس والجهاز الإعلامي في المنطقة الشمالية، أُضيفت إليها ستة أشهر بدل غرامةٍ رفضَ الشيخ المجاهد أن يدفعها للاحتلال.
  • وبعد انتهاء المدة حُوِّل إلى الاعتقال الإداري لمدة عشرين شهرًا؛ ليتم الإفراج عنه بحمد الله تعالى في 14/5/2000م.
  • الشيخ صلاح شحادة هو مؤسس الجهاز العسكري الأول لحركة المقاومة الإسلامية حماس، والذي عرف باسم (المجاهدون الفلسطينيون)، ووُجِّهت لهم تهمُ تشكيل خلايا عسكرية وتدريب أفرادها على استعمال السلاح، وإصدار أوامر بشن هجمات ضد أهداف عسكرية صهيونية.
  • والمجاهد "أبو مصطفى" متزوج، وعندما دخل السجن كان لديه ستُّ بنات، عُمْر أكبرهن عشر سنوات، وخرج وله ستة أحفاد.
  • حاز على الحزام البني في المصارعة اليابانية أثناء دراسته في الإسكندرية، ومارس رياضة رفع الأثقال في فترة ما قبل الجامعة.
  • واستُشهد بتاريخ 23 يوليو 2002م مع زوجته وابنته إيمان في مجزرة غزة.

تفاصيل عملية الاغتيال الجبانة

هذا ما تبقى من جسد الشهيد.

كشفت الصحافة الصهيونية بعض التفاصيل حول المجزرة البشعة التي ارتكبها جيش الاحتلال في غزة ليلة الإثنين 22/7/2002م، والتي أدت لاستشهاد القائد العام لكتائب القسام ومساعده زاهر نصار وأكثر من خمسة عشر آخرين، وإصابة ما يزيد عن 150 فلسطينيًا.

وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أنه بعد الحادث مباشرة رنَّ الهاتف في منزل أرنون فرلمان المستشار الإعلامي لشارون سأله شارون إذا كان على علمٍ بآخر المستجدات ورد فرلمان:

"نعم.. تقصد الاستقالة المتوقعة لداليا رابين فيلوسوف نائبة وزير الدفاع؟!

لا.. رد شارون: "أقصد اغتيال صلاح شحادة في غزة"..!!

مراقبة طويلة

وأشارت الصحيفة إلى أنه في الأشهر الأخيرة وذلك في 2002 قبل اغتيال الشهيد شحادة كثَّف جيش الاحتلال من مراقبة تحركات القائد العام لكتائب القسام، مستخدمين بذلك أحدث الوسائل والتقنيات التكنولوجية إلى جانب العملاء.

وأضافت الصحيفة أن الفوَّهة الصهيونية كانت تتعقَّب شحادة.. هذه حقيقة كانت تعرفها حماس ويعرفها كل من تتبع قرارات الطاقم الوزاري، بعد عملية يونيو التي استهدفت حافلة ركاب عند مفترق بات في القدس، عزز الكيان الصهيوني من جهوده؛ لضرب قادة حماس في غزة.

الشيخ الشهيد أحمد ياسين

الشيخ الشهيد أحمد ياسين

وكشفت الصحيفة أن الحكومة الصهيونية اتخذت قرار اغتيال قادة حماس السياسيين والعسكريين، باستثناء مؤسس حركة المقاومة الإسلامية حماس الشيخ أحمد ياسين التي اغتالته طائرات الاحتلال الصهيوني في مارس 2003م وذلك في جلسة للطاقم الوزاري.

وأودع القرار بأيدي الجيش من أجل تنفيذه.. أما المصادقة النهائية على تنفيذ العمليات فقد أنيطت برئيس الحكومة وبوزير الدفاع، ودعم بيريز أيضًا العمليات ضد قادة حماس، لكنه رفض بعد ما حدث أن يقول ما إذا كان يؤيد اغتيال شحادة أم لا.

استخدام إف 16

وكتبت الصحيفة نقلاً عن شارون قوله لوزراء حكومته: "لقد شوهد شحادة أربع مرات في الأسبوع الماضي عبر فوهات نيران طائرات (إف 16) الصهيونية"،

وقال شارون:

"لقد كان على مرمى الإصابة وتقرر عدم إطلاق الصاروخ عليه؛ خشية إصابة المواطنين الذين تواجدوا في المكان"!!

يوم الإثنين ليلاً قبل عودته من إجازة خاصة وقصيرة في لندن استُدعي بنيامين بن أليعازر وزير الدفاع إلى الهاتف، على الجانب الثاني كان سكرتيره العسكري العميد مايك هرتسوغس: "لقد توفرت الفرصة العسكرية المناسبة.. أطلب مصادقتك عليها"، وسأله بن أليعازر عدة أسئلة، ومِن ثم صادق على ضرب الشيخ شحادة.

وكما هو متعارف عليه سارع ضباط الجيش إلى المقر الرسمي لرئيس الحكومة شارون في القدس، وعرضوا الخطة أمامه، وقال رئيس شعبة المخابرات العسكرية الجنرال أهرون زئيف فركاش إن شحادة يتواجد في بيت جديد يتألف من طابقين في غزة، وأُطلع ضباط المخابرات وشارون على صور جوية تُظهر موقع المبنى.

قتل متعمَّد للنساء والأطفال

وحسب المعلومات المتوفرة لدى الجيش كان شحادة يتواجد في البيت مع زوجته وابنته ابنة الـ14 ومساعده زاهر ناصر، وأفاد أبي ديختر رئيس الشاباك (جهاز الأمن العام الصهيوني) أن شحادة ورجلين آخرين يتواجدون في المنزل، ووصف ضباط المخابرات المنزل بتفاصيله وأشاروا إلى أنه محاط بساحة.

وحسب إحدى الروايات أشار الضباط إلى "وجود خرائب أخرى وراء الساحة تُستخدم للسكن"، وتقول رواية أخرى رواها أحد المشاركين في اللقاء إنه لم يتم التحدث لدى شارون عن وجود أناس في الخرائب الملاصقة للبيت، وأوصى الجيش بتدمير البيت عبر قصفه بصاروخ تطلقه طائرة (إف 16)؛ لأنه يمكن هكذا فقط ضمان نجاح العملية واغتيال شحادة.

الإرهابي شارون

الإرهابي شارون

بعد 20 دقيقة من منتصف الليل تلقى شارون أول تقرير عن العملية: هُدم البيت الذي يقيم فيه شحادة، ولم يكن من الواضح إذا كان شحادة قد قُتِل أو لا، وقرابة الساعة الثانية والنصف فجرًا سمع شارون من سكرتيره العسكري الجنرال يوآب غلانط أن العملية تُوِّجت بالنجاح، فلقد تم التعرف على جثة شحادة، ومع ذلك أُبلغ شارون أن مدنيين من النساء والأطفال قُتلوا في العملية.

قائمة الشرف

واتهمت الصحيفة الشهيد بأنه من كبار المطلوبين لإسرائيل (الكيان الصهيوني)، وأن أيديه ملطخةٌ بدماء الصهيونيين، وعمل حتى يومه الأخير في تخطيط العمليات الاستشهادية في الكيان الصهيوني، وأشارت يديعوت أن جهاز الشاباك أَعَدَّ مسبقًا قبل عملية الاغتيال قائمةً بكل التهم والعمليات المنسوبة للشيخ الشهيد شحادة؛ كي يتم توزيعها على وسائل الإعلام عندما يحين الوقت المناسب.

وردًا على السؤال حول ما الذي سيجنيه الكيان الصهيوني من اغتيال شحادة في وقت تُعلن فيه حماس أن الكيان الصهيوني كله أصبح هدفًا الآن قال منسق أعمال الحكومة في المناطق الجنرال عاموس جلعاد:

لقد كان شحادة ينوي أصلاً تحويل حياة الصهيونيين إلى جهنم.

رشوة جنسية لعميل فلسطيني

إعدام أحد عملاء الصهاينة

تعتبر ظاهرة العملاء الفلسطينيين الذين يعملون من قبل المخابرات "الصهيونية" أحد المهام الأولية لجهاز الأمن الوقائي الفلسطيني، وهذه الدراسة السرية للجهاز تكشف عن عدة أساليب للعمل لدى المخابرات الصهيونية، وعن كيفية تجنيد وتشغيل العملاء، وعن تدريبهم خلال لقاءات في المغتصبات، وعن الثمن الذي يستلمه العملاء في المقابل.

ويعتبر أحد العملاء الذين تم استغلاله جنسيًا من قبل المخابرات "الصهيونية" هو الذي أدى إلى تصفية أحد كبار حماس وهو صلاح شحادة.

ساحة التصفيات.. نظرة من الداخل

قرر جهاز الأمن الوقائي أن يعرض بالنص جميع المعلومات التي بين أيدينا حول ما يتعلق بتصفية الشهداء وأحد الأبطال البارزين في التاريخ الفلسطيني الشهيد صلاح شحادة، وكما تم الوعد فقد تم الكشف عن الدراسة الخاصة والأكثر سريةً، والتي قد كُتبت في قسم الشئون "الصهيونية" لجهاز الأمن الوقائي الفلسطيني في قطاع غزة

وموضوع الدراسة "تشغيل العملاء من قبل الشاباك".. لقد قرر العدو تصفية النواة الصلبة للتنظيمات الفلسطينية، وذلك بواسطة إنزال العقاب على الناشطين في الصراع الفلسطيني، ونحن من جانبنا سنبذل كل جهدنا ولوجه الله تعالى من أجل إحباط نوايا العدو، رغم قلة الوسائل المتواضعة التي بحوزتنا بالمقارنة مع الوسائل المادية والتكنولوجية الضخمة والمتقدمة والتي يمتاز بها العدو.

ونحن نشير وبفخر أن جهاز الأمن الوقائي نجح باعتقال أحد الضالعين في هذه المذبحة خلال أيام قليلة من وقوعها، ونحن نعلم أن هناك عملاءَ آخرين يقومون بمهمات أكثر أهميةً مما قام بها الحقير أكرم الزطمة، وعاجلاً أم آجلاً سنعتقل هؤلاء وسنرسلهم إلى مزابل التاريخ.

هذه الوثيقة التي تم كشفها من قبل الاستخبارات "الصهيونية" ضمن عمليات الاقتحام الأخيرة لقطاع غزة كانت مُعَدةً لشخص رئيس جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني (رشيد أبو شباك)، وهذه الوثيقة التي يُكشف عنها لأول مرة تحتوي على تحليل شامل عن عمليات تشغيل العملاء من قِبَل "الكيان الصهيوني" ووجهة نظر السلطة الفلسطينية على موضوع التصفيات، مصادر فلسطينية أشارت أن جهاز الأمن الوقائي ينوي إنتاج فيلم إرشادي من أجل تعليم وإرشاد الفلسطينيين عن كيفية منع التصفيات وتجنيد العملاء من قِبل "الكيان الصهيوني".

إنها دراسة شاملة مشبعة بالتهكمات والإرشادات السياسية، إلى جانب تحليل عملي وتفصيل استخباراتي دقيق يتعلق بتصفية صلاح شحادة قائد الذراع العسكري لحركة حماس في الليلة التي بين 22 و23/7/2002، وكما هو معروف فقد قُتل مع صلاح شحادة 14 شخصًا آخرين من بينهم أطفال ونساء، وهذه العملية أصبحت نقطةً مهمةً في المواجهة بين الكيان الصهيوني والفلسطينيين داخل الكيان الصهيوني نفسه.

إن هذه الوثيقة مهمة من عدة نواحٍ: من ناحية الخلاف والمواجهة بين أجهزة السلطة وحركات المعارضة، وتكشف عن أسلوب العمل لجهاز الشاباك وعن طريق تشغيل العملاء، وهذه التفاصيل ممنوعٌ نشرُها من قِبَل الصحافة "الصهيونية"

وتكشف أيضًا عن إدارة الأمن على الأرض لدى الفلسطينيين، وهنا أهمية أخذ الدرس للمستقبل؛ حيث يبرز الأمن الوقائي من خلال هذه الوثيقة، وحقيقة المكانة لصلاح شحادة الناشط العسكري مهمة من الناحية العسكرية وليس من الناحية الدينية أو السياسية، والذي يعتبر من أبرز رجال التاريخ الفلسطيني.

وفي الجانب الآخر فإن جهاز الأمن الوقائي لا يرى أي مشكلة في العمليات التي قام بتنفيذها صلاح شحادة، وهذا الجهاز لا يرى على نفسه أي التزام في إحباط عمليات يتم ارتكابها من قِبل المنظمات الفلسطينية، والعكس هو الصحيح في نظر كاتبي هذه الدراسة، فإن جهاز الأمن الوقائي يوظف الشعب الفلسطيني، وعلى رأس هذه الأمور إحباط الاختراق الاستخباري للعدو الصهيوني للتنظيمات الفلسطينية أيًّا كانت بما فيها حماس والجهاد.

وتظهر هذه الوثيقة عدم وجود ملاحظات أو أي اعتذار، وتوضيحات عن عدم قدرة المخابرات الفلسطينية من إحباط محاولات الاغتيال ومنع المخابرات "الصهيونية" من تجنيد عملاء، على الرغم من وجود جهاز الأمن الوقائي.

ولم يمنع الصراع الظاهر من هذه الوثيقة بين السلطة وحماس جهاز الأمن الوقائي من أن ينظر إلى قادة العمليات العسكرية التابعين لحماس، والذين تم قتلهم من قبل "الكيان الصهيوني" خلال الانتفاضة كأبطال ماتوا موت الشهداء من أجل فلسطين.

جذب العملاء

وتوضح الوثيقة أن على رأس أولويات جهاز الأمن الوقائي في نطاق العمل الاستخباراتي هو تحديد المتعاونين مع "الكيان الصهيوني" و لم يكن إحباط "العمليات التفجيرية" من أولويات الجهاز في هذه الوثيقة، وعلى خلفية الأهداف المشتركة والتعاون بين المنظمات على الأرض مكنت أجهزة الأمن التابعة للسلطة منظمات المعارضة من بناء (دوائر أمنية) خاصة من أجل الدفاع عن المطلوبين التابعين لها، وعلى ضوء ذلك تدعي الوثيقة أن تصفية صلاح شحادة هو في الحقيقة فشل مهني من قبل حركة حماس.

والنص التالي يوضح في بداية الدراسة أن الشهيد صلاح شحادة سقط ضحية معلومات دقيقة من مصادر مختلفة عميلة أوصلتها للمخابرات "الصهيونية" وجزءٌ من هذه المعلومات لم يكن عن الشهيد، وهذا أمر طبيعي أن يحصل للقيادات المهمة والذين يقضون جل وقتهم من أجل فلسطين والشعب الفلسطيني، وترى أن "الكيان الصهيوني" يبذل جهدًا كبيرًا من أجل زرع العملاء المقربين من القيادات أو في دائرة أوسع، وبعون الله سنصل إليهم عاجلاً أم آجلاً.

وهذه الدراسة فيها انتقادٌ من الفلسطينيين؛ حيث تقول "ونحن كفلسطينيين نعاني من مرض التفاخر بحمل الأسلحة"، فعلى الرغم من أن حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله يعتبر كبير المطلوبين "للكيان الصهيوني" فلا ترى حرسه الشخصي أبدًا على شاشات التلفزيون يحملون السلاح، ومن خلفه يقف شخصان حارسان له، وكل واحد منهم له مسدس في مغمده، وهو خلافٌ لما تراه في غزة..

ففي الوقت الذي يتحرك به زعماء الفصائل السياسية والعسكرية المختلفة فترى من حولهم رجالاً مسلَّحين ببنادق أوتوماتيكية من جميع الأنواع!!

وأن حركة المطلوبين للعدو "الصهيوني" تشكل دائرةً مهمةً، فحينها يرصد العدو "الصهيوني" أسماءً لمساعديهم أي المطلوبين مما يسهل على أجهزة الأمن التابعة للعدو من تحديد المطلوبين وأماكنهم، وذلك من خلال مساعديهم، والذين في الأغلب يتحركون وهم مكشوفون، وهذا التفاخر ليس في مكانه!!

ونشب خلاف في جهاز الأمن الوقائي حول الإعلام عن أجزاء من هذه الوثيقة، وكتب أحد مساعدي رشيد أبو شباك في 28 أكتوبر 2002م أن كتابة كراسة تكشف عن الاحتلال الصهيوني البغيض يعتبر أمرًا غير عادي، في حين أن هذه المادة ستُلقي الضوء على الطبيعة الشريرة للاحتلال والأسلوب الخبيث الذي يستغل به العدو أبناء شعبنا،

ويجعلهم أداةً مسلطةً على رقاب شعبهم وعن تمرد وعداء العملاء وتعاونهم مع الاحتلال الصهيوني من خلال المهمة الخائنة التي يقومون بها.. هذه الدراسة جديرة بأن تجد ارتياحًا في عيون الكثير من أبناء شعبنا؛ لأن ظاهرة العملاء جعلتهم لا يذوقون طعم النوم.

وفي الحقيقة وإذا كانوا مهتمين لمعرفة من يقف خلف هذه المذبحة فعليهم أن يكونوا على استعداد أن يزودونا بكل معلومة لديهم؛ من أجل تحديد كل من لهم علاقة في هذا الأمر، ولكن من مصلحتهم إظهار ضعف السلطة في هذا الأمر؛ من أجل ربح نقاط إضافية لصالحهم، وإن الأمر المهم الأخير هو أنهم يعتقدون أن التعاون في المجال الأمني في نهاية الأمر سيؤدي إلى اختراق أمني للجناح العسكري لحماس، والحقيقة أنهم قد فشلوا في الدفاع عن قائد لهم في هذا المستوى مثل الشهيد " صلاح شحادة ".

وهذه الدراسة افتتحت بالدوافع التي مهدت لها أن ما حصل في الدرج هو مذبحة بكل ما في الكلمة من معنى، ومن منطلق إيماننا بدمائنا وأرواح الشهداء الذين قُتلوا في هذه الجريمة البشعة قررنا أن نكتب للعامة وللجماهير الفلسطينية وإلى أبناء أُمتنا العربية والإسلامية أحد فصول الحرب الاستخباراتية بيننا وبين العدو " الصهيوني".

وستكون هناك حاجة لهذه الأمور الموثقة للأجيال القادمة، وستكون أمنيةً استخباراتيةً للتمهيد لإنهاء الاحتلال والصراع الفلسطيني بصورة واضحة،

وهكذا سيكون النصر واضحًا بعون الله، ونحن نعلم أننا موجودون في حرب مكشوفة حرب العقول الأدمغة والمعلومات الاستخباراتية أمام العدو، ويساعد هذا الحوار الدائر في هذا المجال على تأكيد وتخطيط القضايا الأمنية لصالح أبناء شعبنا من أجل معالجة مثل هذه القضايا في المستقبل من خلال التصور العالمي ضد ما يسمى (بالهوس الأمني).

وتحت هذه الأمور تأتي قائمة مفصلة من الأسماء المتعاونين البارزين الذين تم اعتقالهم بسبب الخيانة، مثل محمد ثابت الراعي وكتب عنه أنه قام بتسليم معلومات لكل أعضاء التنظيمات الفلسطينية بواسطة جهاز بث وجد في حوزته.

وآخر مثل محمود محمد الشريف والذي اعترف بأنه قام بدور مركزي في تصفية الشهيد محمود الخواجة وتمت مصادرة جهازي اتصال كانا بحوزته كان قد استخدمهما لهذه الأغراض، إضافةً إلى أمور حساسة أخرى.

قوات أمن فلسطينية

لماذا لا تستطيع أجهزة الأمن الفلسطينية إحباط محاولات اغتيال؟!

يتساءل المحقق ويسرد عددًا من التبريرات لنجاح المخابرات الصهيونية..

  • نحن نعلم أن الشارع الفلسطيني بجميع أطيافه الوطنية مصمم على كشف العملاء بعد تنفيذ عمليات الاغتيال، وأيضًا لماذا لا تقوم هذه الأجهزة بتنفيذ عمليات وقائية في المنطقة تفشل محاولات الاغتيال قبل وقوعها.
  • يخطئ من يظن أن السلطة بأجهزتها تعلم من هو على قائمة الاغتيال للعدو " الصهيوني"، ويسعى المعولون إلى خلق دوائر أمنية مغلقة للحفاظ على أنفسهم، وفي نفس الوقت تسعى المخابرات "الصهيونية" للدخول إلى هذه الدوائر الأمنية؛ من أجل جمع المعلومات.
  • إن الشاباك يسعى إلى إيقاع أناس في الفخ الأشبه عليهم في نظر العامة، وأصحاب ماضٍ نقي وليس لهم أي سوابق أمنية وأخلاقية، ولا يخشاهم عناصر التنظيمات بأي شيء، وفي بعض الأحيان تتنافس عليهم التنظيمات الفلسطينية في تشغيلهم داخل هيئاتهم الخاصة على خلفية التنافس التنظيمي القائم على الشارع الفلسطيني..
  • المذكرة توصل وتوضح مدى التأييد من جانب أجهزة الأمن التابعة للسلطة مع المعارضة الفلسطينية؛ في محاولاتها مرارًا وتكرارًا لدحض الادعاءات بالتعاون مع الكيان الصهيوني.
  • أجهزة الأمن الفلسطينية مكَّنت جميع التنظيمات الفلسطينية من الدفاع عن عناصرها وبناء دوائر أمنية للدفاع عن مطلوبيها، وقد كشفت الانتفاضة أن الكيان الصهيوني لم يكن باستطاعته الوصول إلى معظم المقاتلين الذين تم تصفيتهم دون مساعدة من خارج الدوائر الأمنية أو من داخلها.

كاتبو هذه الوثيقة يعربون عن شعورهم تجاه حقيقة أن حركة فتح التي جاء معظمهم من رحمها أصبحت ومن سنة تأسيسها عام 1964م مخترَقةً بشكل كبير من قبل المخابرات "الصهيونية"،ومحاولتهم التوضيح في الفرق بينها وبين الحركات الأخرى بررت ذلك بسبب قدم الحركة في تاريخ نشأة الصراع الفلسطيني، ونحن نعترف أن حركة فتح قد فقدت العشرات من قادتها العسكريين خلال هذا الصراع بسبب العملاء الذين تم زرعهم داخل الحركة وخارجها.

هناك ثلاث مراحل أساسية قبل عملية التصفية للمطلوب الفلسطيني يوضحها قسم الشئون "الصهيونية" للمخابرات الفلسطينية.

المرحلة الأولى: تعميم اسم الشخص في قائمة المطلوبين، بعد ورود معلومات أكيدة حول مهمته ونشاطه التنظيمي والمركزي، ويتم دفع الاسم إلى الحكومة الأمنية والسياسية؛ من أجل الموافقة على عملية التصفية.

المرحلة الثانية: وضع خطة التنفيذ العملية والمفصلة من قِبل أجهزة الأمن "الصهيونية"، وتشمل الخطة: معلومات استخباراتية، طريقة التصفية، الظروف والاحتمالات، عوائق مختلفة، ومثل هذه الخطة يجب أن تمر من خلال موافقة وزير الدفاع، وفي بعض الأحيان رئيس الحكومة، وفي مراحل أخرى ضمن مشاورات على مستوى أمني رفيع المستوى مثل الحكومة المصغرة تحت اسم "مشغار" أو ما يسمونه بالمفاوضات والمقصود (عمليات وغارات).

المرحلة الثالثة: مرحلة التنفيذ؛ حيث يتم التنفيذ فجأةً وبدون سابق إنذار عندما تحين الفرصة؛ لذلك تزود كل من المخابرات "الصهيونية" والمخابرات العسكرية سوية أو منفردين بمعلومات مطلوبة للجيش وإلى سلاح الجو الذي يقوم بتنفيذ العملية، وهذا الأمر يتطلب موافقة وزير الأمن ورئيس الحكومة.

استغلال جنسي

وتوضح الوثيقة أن تعميم اسم صلاح شحادة في قائمة المطلوبين بعد حصول "الكيان الصهيوني" على معلومات استخباراتية من مصادر خفية ومصنفة، وحسب هذه المعلومات فإن صلاح شحادة يقف على رأس الجهاز العسكري التنفيذي لحركة حماس، المهمة التي أُلقيت على أكرم الزطمة بموت صلاح شحادة كانت الأكثر مركزيةً..

هكذا كُتب في الوثيقة "المتعاون الحقير الزطمة طالب لغة إنجليزية في جامعة الأزهر.. أعزب واعتقل من قبل الجهاز الأمني في 26/7/2002م".

الزطمة وحسب الوثيقة بدأ ارتياد المركز الثقافي البريطاني في غزة؛ وذلك من أجل تحسين قدرته في اللغة الإنجليزية، وفي شهر لأغسطس 2000 التقى في المركز بشخص طوله 180سم متوسط الحجم لون وجهه أبيض يميل إلى الصفار وشعره ناعم ويميل إلى الشقار في 38 من عمره،

يلبس بنطالاً أمريكيًّا لونه بيج وبلوزة بيضاء، هذا هو عميل الشاباك الذي عرض نفسه باسم " تري من أصل كندي"، محاضر في جامعة اتوى وصل إلى قطاع غزة من أجل عمل دراسة اجتماعية اقتصادية.

وحسب هذه المذكرة عرض تري على الزطمة استخدامه كمترجم بحكم معرفته على اللغة الإنجليزية مقابل 10 دولارات في اليوم، وافق الزطمة فورًا على العقد وأبلغ تري الزطمة أنه متزوج من كندية اسمها (سارة) في الثلاثين من عمرها، وتزوج بها قبل سنتين وقد خرجت لنزهة إلى مصر.

وبعد تفصيل واسع لظروف الأمكنة التي تجول الاثنان بها سويًّا، وكان الأمر حول ما يتعلق بموضوع البحث لـ(تري) في مخيم الشاطئ للاجئين، وفي مطعم على شاطئ البحر، وسوق الزاوية، وسوق الشجاعية، وأفادت أيضًا أن (تري) اقترح على أكرم إعطائه تصريح دخول إلى "الكيان الصهيوني" وافق أكرم وتوجه إلى وزارة الشئون المدنية الفلسطينية من أجل استلام هذا التصريح.

وحينها بدأت سفريات الاثنين إلى "تل أبيب" عن طريق الضفة الغربية، وقام (تري) بتحضير الأوراق والوثائق لأكرم في المنزل الجديد، هكذا ادعى في حي السفارة الكندية، وقام أيضًا (تري) بالتنزه معه في القدس ويافا وتل أبيب وحتى في بيته.

في شهر أغسطس 2000م وصلت سارة زوجة تري إلى غزة، وهي شقراء لطيفة بنت 30 سنة كما ورد في الوثيقة، وفي بداية سبتمبر 2000م وفي تل أبيب قام (تري) بتعريف أكرم على صديق جديد واسمه ديفيد في 45 من عمره، وسافر الثلاثة إلى شاطئ البحر في تل أبيب، وادعى ديفيد أن جنسيته كندية، وقام بتسجيل رقم الهاتف الخلوي الخاص بأكرم.

وهنا وحسب ما تقول الوثيقة جاءت اللحظة الحاسمة من مرحلة تجنيد أكرم؛ حيث وصل ديفيد وتري إلى قطاع غزة عدة مرات بصحبة أكرم وإلى القدس وإلى الضفة الغربية وحتى سافروا إلى مصر، وفي إحدى المرات جاء (تري) إلى قطاع غزة بصحبة شابين وفتاتين، وقبل أسبوع من اندلاع الانتفاضة اتصل ديفيد بأكرم وتم اللقاء بينهما في قطاع غزة؛

وتحدث ديفيد مع أكرم حول العلاقة ما بين الشباب والشابات وأراه صورة شاب وفتاة في حالة ممارسة الجنس، وفي اليوم التالي ذهب بصحبة ديفيد إلى شاطئ البحر في قطاع غزة، وعرض عليه مرة أخرى نفس الصورة، ولكن وضع بمكان رأس الشاب الأصلي الذي كان يمارس الجنس مع الفتاة رأس أكرم، وهكذا وُجد انطباعٌ لدى أكرم كان يمارس الجنس مع الفتاة في الصورة.

وتحت التأثير الفاضح لهذه الصورة، وكما قيل في الوثيقة أبلغ ديفيد أكرم أنه ضابط استخبارات "صهيوني" وأن اسمه (أبو محمد)، وقال لأكرم حول ما يتعلق بالصورة إن أحدًا لن يراها، وقد جهزت صورًا كثيرة أخرى أكثر حرجًا ونحن سنساعد إذا قمت بمساعدتنا.

ديفيد أعطى لأكرم 300 دولار؛ على شرط أن يتصل عليه أكرم عن طريق التليفون الخلوي بعد اللقاء، وبعد ذلك اتصلت سارة على (أكرم)، وطلبت منه أن يفتح له رقم حساب خاص به في البنك؛ وذلك من أجل أن ترسل له مساعدات مادية، وبدأت بإرسال مبلغ وقدره 100 دولار شهريًا.

إن قصة كمين أو "فخ العسل" الذي وضع فيه أكرم يضر بقيمة الوثيقة؛ لأن هذه الأمور ببساطة غير صحيحة، ففي "الكيان الصهيوني" لا يتشوقون في مثل هذه الأمور والأساليب لأسباب مهنية، فمن المتوقع أن يكون الزطمة قد نجح في تضليل محققيه الفلسطينيين، وأن يعرض نفسه بأنه سقط ضحية استغلال وابتزاز "صهيونية"، وتوقعات أخرى هي أن الفلسطينيين قد خجلوا من هذه الخيانة فبرروها على أنها شيطانية العدو، هذه الوثيقة تحاول توضيح كيفية نجاح الصهاينة مع شخص (زطمة)، فإن أكرم من عائلة فلسطينية متواضعة؛

ودخلها بسيط ومحدود، وإن تطلعات أكرم الشخصية هي أن يعيش حياةً غربيةً مختلفةً عن حياة ثقافة شعبه وعاداته العربية، فهو فطن جدًا وسريع الذكاء، وقد حاول خلال تعلمه في الأزهر أن يبدأ مع بعض الفتيات لكنه فشل، ومن الواضح جدًا أن جهاز الشاباك درس عقليته ووضع أكرم قبل أن يستلمه (تري)؛ ولذلك فإن محاولات (تري) بالتقرب من أكرم كانت هادئة ويسودها الصبر.

المبالغ القليلة التي تعود (تري) أن يعطيها لأكرم أكدت على العلاقة القوية معه، فقد أخذوا بالحسبان أنه طالب وفي حالة اقتصادية صعبة، لقد تعود تري أن يذهب للصلاة في الكنيسة، ونجح في أن يقنع أكرم أنه مسيحي وبجنسية كندية، وهنا استخدم (تري) الأسلوب القديم في إعطاء هدايا لأكرم، مثل جهاز تليفون خلوي، نظارات، جاكيت فرو من جلد النمر؛ وذلك من أجل خلق جو من الأمان بينهما.

وفي البداية كان من الصعب على أكرم فهم الأهداف الحقيقة لـ(تري) و(ديفيد)، ولكن بعد وقت قصير فهم أكرم أنه سيصبح عميلاً للشاباك "الصهيوني" وأن أصدقائه الاثنين ما هما إلا ضباطا مخابرات "صهيونية"، وفي الوقت الذي سافر به أكرم مع الاثنين في شارع "تل أبيب" كان من الواضح أن الاثنين كانا يعرفان الشوارع جيدًا وأنهما ليسا سائحين في الكيان الصهيوني، وفي حديث أكرم ركز ديفيد حول مواضيع تتعلق بالنساء.

فهذا أمر بمثابة جرس إنذار لكل فلسطيني وطني ذكي، وفي اللحظة التي كانوا يتجولون بها في شوارع القدس التقى (ديفيد) بجنود "صهيونيين" وتأسف أمام الجنود "الصهيونيين" باللغة العبرية، فسأله أكرم هل تتكلم اللغة العبرية فرد عليه ديفيد أنه يعرف قليلاً، وفي كل الأحوال التي سافر بها أكرم إلى الضفة الغربية وإلى الصهاينة كان (ديفيد وتري) يحمل وثائق أكرم من أجل الحواجز "الصهيونية"، وفي كل مرة كان يذهب للجنود "الصهيونيين" ويعود بعد ربع ساعة ومعه تصريح بالدخول من الحواجز، وعن هذه الظاهرة كان يجب على أكرم أن يبدي تساؤله في نفس المكان.

وفي اللحظة التي عرف فيها أكرم أن ديفيد هو رجل مخابرات "صهيوني" كان عليه أن يبلغ عن ذلك لأي جهة كان أكرم يثق بها، مثل صديق أو قريب أو أي عنصر يخدم في أجهزة الأمن الفلسطينية، ولو حصل ذلك فمن المتوقع أن يكون باستطاعتنا عمل شيء من أجل إنهاء هذه القضية من البداية.

وتحت عنوان لقاءات أكرم مع ضابط المخابرات "الصهيوني" يرِد ذكر تفصيل جميع اللقاءات لما دار فيها من حديث وإبلاغ للمعلومات، وبعد أن هدد (ديفيد) (أكرم) مرةً ثانيةً بأن يكشف صوره، وعرض عليه مساعدة نقدية كبيرة؛ وذلك من أجل السفر والهجرة إلى كندا، وتقابل الاثنان قبل يوم واحد من اندلاع الانتفاضة في إحدى المغتصبات في الضفة الغربية.

وخلال اللقاء أبلغ (أكرم) (ديفيد) بمعلومات وشهادات عن مواجهات الفلسطينيين وجنود الاحتلال في رفح، وفي اللقاء الثاني كان في نفس المغتصبة، وقد ارتبط هنا (أكرم) بعميل مخابرات جديد واسمه (أبو مفيد) والذي أعطاه الاسم المشفر باسم (علي) وأبو مفيد، وأعطى لأكرم رقم الهاتف وأعطاه 600 دولار، وبعدها ذهب أكرم إلى رفح، وهنا كان يتصل أبو مفيد يوميًا وذلك من أجل متابعة تحركات الفلسطينيين الذين يطلقون النار ومتابعة نشطاء الانتفاضة في منطقة رفح.

وفي فبراير 2001م وصل أكرم للقاء أبو مفيد في إحدى المغتصبات في غزة، وفجأةً دخلت شابة إلى غرفة أكرم حيث مارس معها الجنس في الغرفة، وبعد ذلك دخل أبو مفيد إلى الغرفة وخرجت الشابة بسرعة، وطلب ضابط المخابرات من أكرم متابعة تحركات عدد من نشطاء الانتفاضة وتحديد أماكن بيوتهم، وقام بتسليمه مبلغ 1000 دولار!!

واستمرارًا لهذه اللقاءات وفي إحدى المغتصبات تعرف أكرم على ضابط مخابرات جديد واسمه (أبو أيوب)، وعرض أمامه فيلم فيديو يظهر به أكرم مع الفتاة التي ذُكرت سابقًا، وهدده ضابط المخابرات "الصهيوني" بنشر فيلم الفيديو؛

إذا لم يحافظ على علاقته مع الاستخبارات "الصهيونية"، وبعد ذلك أوكلت إليه مهمة متابعة وتعقب عدة فلسطينيين الذين يطلقون النار على "الصهيونيين"، وأن يتعقب أيضًا عدة خطباء المساجد.

فهم جهاز المخابرات "الصهيوني" أن أكرم قد تعوَّد أن يستلم منه المال في البداية مساعدةً، وبعد ذلك كأجرة في المراحل اللاحقة، وبذلك أثَّروا على إدارته وعلى مستوى حياته التي يحلم بها، وأدت اللقاءات التي أجراها أكرم مع ضباط المخابرات في المغتصبات إلى قناعة لدى أكرم أنه وصل إلى مرحلة اللاعودة.

خاصةً بعد ممارسة الجنس والتي أصبحت ضده عند المخابرات، ومع ذلك فإن ضابط المخابرات اعتاد على تذكير أكرم بالضحايا "الصهيونيين" الذين سقطوا نتيجة "عمليات تفجيرية"، ووضوح هذا الأمر على أكرم؛ وذلك من أجل التأثير على انتمائه الوطني، وحتى يصبح مع مرور الوقت أحمقَ بليدًا، ولكي يكون صهيونيًا أكثر من مشغله، فقد بدأ بنفسه بالمبادرة والاتصال من أجل الإبلاغ عن نشطاء الانتفاضة دون أن يطلب منه ذلك.

وتؤكد الوثيقة أنه وفي كل مرة كان يأتي بها الزطمة وبقية المتعاونين إلى المغتصبة؛ وذلك من أجل مقابلة ضابط المخابرات كانوا يتصرفون مثل (الكلاب)؛ ففي البداية كانوا يفتشونهم وبعد ذلك يوضع على رؤوسهم غطاء أسود؛ كي لا يتعرفوا على الطريق التي يسلكونها عبر المغتصبة وفي بعض الأحيان طلبوا منه في السيارة أو في الجيب العسكري الاستلقاء لكي يكون قريبًا من نعالهم أو تحتها.

وفي شهر يوليو 2002م أرسل "أبو إيهاب" الزطمة إلى تعقب "صلاح شحادة" والتي أدت في نهاية الأمر إلى تصفية صلاح شحادة أحد كبار حماس.. ففي يوم الإثنين 22 يوليو اتصل أبو إيهاب على أكرم، وطلب منه أن يخرج إلى مسجد الصحابة فخرج أكرم إلى المسجد، ورأى جموعًا من المصلين تخرج من المسجد.

ولكن الشيخ شحادة ما زال هناك، وفي حوالي الساعة العاشرة والنصف ليلاً جاءت معلومات من أبو إيهاب لأكرم أن يخرج إلى منطقة سكن الشيخ شحادة، وهناك شاهد سيارتين من نوع (فولفو وسوبارو) وكان شحادة من بين ركابهم ودخلوا إلى بيت شحادة المكان الذي تجسس عليه كثيرًا قبل ذلك.

وحينها كما تقول الوثيقة طلب أبو إيهاب من أكرم الزطمة ترك المكان والعودة إلى بيته، وبعد وقت قصير سمع أكرم أو سمعت معه مدينة غزة بأكملها صوت رعد من الانفجارات هزت أنحاء المدينة في ساعات المساء، وبعد ذلك توجه أكرم بصحبة أحد أصدقائه؛ وذلك من أجل مشاهدة المكان وحينها فهم أن البيت الذي تم قصفه هو البيت الذي طلب منه أن يتعقبه، ورأى الدمار ولم يستوعب ما رأى من الدمار الرهيب؛

ولذلك لم يستطع النوم في تلك الليلة، وفي الساعة الثالثة قبل الفجر اتصل أكرم على أبو إيهاب وأبلغه أنه خائف بسبب ضلوعه في هذه العملية، فقال له أبو إيهاب لا تخف فإنه ليس لك أي علاقة في الأمر، فرد عليه أكرم لقد قتل هناك أبرياء فرد عليه لو بقي صلاح على قيد الحياة فربما يقتل أبرياء أكثر فليس هناك مفر من قتله ولكن قُتل معه ضحايا أبرياء، فعاد وقال أنا خائف فرد عليه لا تخف ستأخذ مني هدية محترمة، وفي يوم الجمعة من نفس الأسبوع حدد الاثنان لقاءً في مغتصبة رفح (رفيع- يم)، ولكن وبعد تحديد الموعد اعتقل الزطمة من قبل قوات الأمن الوقائي.

حالة الطوارئ في جهاز الأمن الوقائي

إن تحليل التصفية من جهة الاستخبارات الفلسطينية أظهرت النتائج التالية:

أن الزطمة لم يعرف شيئًا عن حالة وظروف الشيخ شحادة، عندما بدأ الزطمة في تعقبه، فقد بدأ بالتعرف عليه فقط من خلال الأوصاف التي أخبره عنها ضابط المخابرات "الصهيوني"، ومن الواضح أن لجهاز الاستخبارات "الصهيوني" معلومات سابقة عن الشقة التي كان يسكن بها الشيخ شحادة.
بالإضافة إلى معلومات لها علاقة إلى تحركات الشيخ وعدد من السيارات التي يتحرك بها، وهذا الأمر من مصادر "صهيونية"، والمذكرة تقتطف بحذر أنه ليس هناك معلومات عن هذا الأمر قد ظهرت في الصحافة "الصهيونية" حول هذا الموضوع، ولكنها من مجموعة الاعترافات التي أبلغها الزطمة.

مجزرة غزة برواية شهود العيان

من شهداء مجزرةغزة

لقد أكد العدو الصهيوني على عنجهيته مرةً أخرى؛ بارتكابه لمجزرة بشعة راح ضحيتها 15 شخصًا بينهم 10 أطفال، إن مجزرة ببشاعة مجزرة غزة ليس من السهل أبدًا على الأيام أن تمحو آثارها، فأشلاء الشهداء ربما تنتهي بدفنها وركام البيوت قد يجلو برفعها.

ولكن ما لا يمكن محوه أبدًا هو ما خلفته تلك المجزرة البشعة من آهات وصيحات على ذكريات اندثرت بلحظة واحدة دون سابق إنذار، ولسوف تبقى تلك الآهات والدمعات شاهد عيان على تلك المجزرة الصهيونية ضد أبناء شعبنا.

معجزة إلهية

نادية الحويطي (24 عامًا) والتي تحققت فيها معجزة إلهية، بعد انتشالها من تحت الأنقاض حيةً ترزق تقول بكلمات مسحوبة من صدرها لقد كنت نائمةً مع أولادي في سبات عميق، وبينما أنا كذلك فزعت على صوت انفجار لا يوصف مصحوبًا بنيران حمراء كالبركان، وتتابع بأنها وجدت نفسها داخل حفرة تحيط بها الحجارة من كل جانب، وتضيف لقد أصبت بذهول شديد حتى أنني ظننت نفسي أحلم أو في عالم الخيال.

وتضيف نادية أنها أصبحت تحاول رفع الركام من فوقها ولكن بلا جدوى، ولم تتمكن من الصراخ؛ لطلب النجدة بعد أن فقدت صوتها من هول ما شاهدت عندها، لم يخطر ببالي إلا نطق الشهادتين، فالموت هو النتيجة الحتمية لما أنا فيه، ولكن فجأةً سمعت أصواتًا خارج الحفرة وكأنها تنادي علي، وإذا بالنور ينبثق داخل الحفرة شيئًا فشيئًا وأصوات الشباب في الخارج تكبر وتهلل، ومن ثم قام الشباب بانتشالي وستري بملابسهم بعد أن تمزقت ملابسي عن جسدي.

كل شيء راح

خضر الصعيدي (70 عامًا) في حالة فقدان وعي كامل، يقول ابنه نبيل:"

أبي يفضل الجلوس عادةً في المظلة أسفل البيت، ولذلك كانت إصابته بالغة؛ حيث سقط عليه الركام، وقد أُصيب جميع أفراد أسرتي بجراح وهم 15 فردًا معظمهم أطفال"، ويضيف أنه بعيد القصف لم ير شيئًا أمامه غير دخان كثيف أسود اللون كان يملا المكان، وأصبح يجري في كل اتجاه وينبش في الأرض في محاولة يائسة للبحث عن أفراد أسرته إلى أن أغمي عليه، وعندما أفقت وجدت بيتنا قد أصبح أثرًا بعد عين..
لقد ذهب البيت وبقيت ديون بنائه.. وتساءل: "ما الذي حدث؟ أين ابنتي دينا؟ أين زوجتي؟ ماذا يقولون في الأخبار؟"
ويقول رامز بينما أنا نائم فزعت على صوت عظيم فوجدت حائط الغرفة فوق جسدي وعندها أغمي علي تمامًا، ومحمود مطر الذي يقابله في السرير يقول: كنت أشاهد التلفاز مع جدتي، وعندما قمت لإغلاق التلفاز لأنام وجدت نفسي بين الركام، ويؤكد محمود أن ما حدث لم يكن لديه أدنى شك في أنه زلزال بأعلى درجات الريختر.

ثمرة الشهادة

بإمكان كل إنسان التلذذ بمنظرها أو حتى تمنيها، ولكن أحدًا لا يمكن أن يدعي القدرة على قطفها حتى ولو كان أدنى الناس منها.. تلك الكلمات تضعها قصة مروان زينو في مصاف الحقائق.. في تلك الليلة السوداء وساعة القصف كان مروان واضعًا ركبتيه إلى ركبتي رفيق دربه يوسف الشوا يتسامران فوق سطح منزله، وضع مروان كأسين من الشاي على الطاولة التي كانت بجوارهما، وفي وقت واحد تناولا قليلاً من الشاي ثم أعادا الكأسين إلى موضعهما، بدأ مروان حديثه لصديقه التي كان يصغي له باهتمام عن وضعه المادي الصعب؛

حيث إنه بلا عمل منذ عامين، لقد كان اللقاء هادئًا جدًا ويتخلله جو من الألفة والوفاق، ولكن ما كان لذلك اللقاء ليطول كثيرًا؛ فلقد حانت ساعة الفراق بين الصديقين وبين كأسي الشاي للأبد بصاروخ واحد كتب ليوسف الشوا لقاء ربه شهيدًا ولمروان زينو الإقامة في المستشفى جريحًا، والأدهى والأمرُّ أن البيت الذي يحوي ذكرياتهما ما عاد بيتًا.

مروان يعاني الآن من آلام شديدة في جميع أنحاء جسمه بعد إصابة جميع أنحاء جسمه بشظايا الصاروخ..يقول مروان ما حدث لا يمكن أن يتصوره عقل؛ لقد كنت أتحدث مع صديقي عن المعاناة وإذا بالمعاناة تزداد وتصبح مائة معاناة ومعاناة!!

ويتابع مروان بكلمات تقطر ألمًا عندما حدث القصف اختفيت عن الوجود وظننت أن القيامة قد قامت،ولم أصحُ على نفسي إلا بعد يومين، ويشير مروان إلى أنه يعاني من آلام هائلة تجعله في حالة ثوران وتخبط،ووسط الدموع الحارة يقول مروان مطأطئًا رأسه لقد أصبح بيتي الذي عملت طوال 20 عامًا لبنائه أكوامًا من الرمال وقليلاً من الحجارة، ويؤكد مروان بأنه لا حل إلا بالعودة إلى الله وتوجه برأسه إلى سقف الغرفة وردد "حسبي الله ونعم الوكيل.. حسبي الله ونعم الوكيل".

تلاميذ شحادة على الدرب سائرون

أحد مجاهدي كتائب عز الدين القسام

"إننا على دربك يا قائدنا صلاح شحادة لسائرون" بهذا الشعار تؤكد كتائب القسام الوفاء بالعهد ومواصلة الدرب على طريق الجهاد والاستشهاد، وهي تخترق كافة الحواجز الأمنية من جديد؛
لتضرب في العمق الصهيوني في عملية نوعية جديدة بكل المقاييس رغم قلة القتلى فيها.. إلا أنها إثبات جديد تقدمه كتائب القسام على قدرتها النوعية.

السجل الجهادي المشرق

عملية "تل الربيع" الجديدة تمثل الرد الرابع على اغتيال القائد العام صلاح شحادة وردًا فوريًا على مجزرة خان يونس، وتشكِّل رقمًا جديدًا في السجل الجهادي المشرق والإعصار الاستشهادي الجارف، والذي يدق بكل قوة أركان المؤسسة العسكرية الكيان الصهيوني المتخبط.

والذي لا يملك شيئًا أمام جهابذة العمل العسكري وجنرالات القسام الذين تربوا في مدرسة المصطفى- صلى الله عليه وسلم- وتتلمذوا في جامعة حماس، وتخرجوا من كلية القسام العسكرية، ودرسوا فنون القتال على يد شيخهم القائد العام صلاح شحادة.

تحمل رسالة حية

هذه العملية تحمل في معانيها رسالةً حيةً للحكومة العسكرية الكيان الصهيونية، التي ترتكب المجازر بحق أبناء شعبنا الفلسطيني الأعزل في كل مكان، وكان آخرها في محافظة خان يونس الفداء، مفادها أن لا جدوى من كافة الاحتياطات الأمنية، ولا جدوى من السور الواقي والجدار الحازم، وأن لا مفر إمامهم من ضربات القسام الموجعة، وهي تشكل لطمةً قويةً لزبانية الحكم في تل أبيب.

اختراق نوعي للأمن الصهيوني

القادة العسكريون في تل أبيب ورغم احتياطاتهم الأمنية المشددة لم يخفوا تخوفاتهم وهواجسهم بتحقيق حماس نصر مؤكد، كما عهدوا ورأوا بأمِّ أعينهم أشلاء جنودهم وقتلاهم المتناثرة في كل بقعة من بقاع فلسطين المحتلة، ووقف عدد منهم يصف العملية بأنها اختراق نوعي للأمن الصهيوني وشكل من إشكال المعجزات على حد وصفهم في ظل الحصار المطبق على مدن ومخيمات وقرى الشعب الفلسطيني.

وبالرغم من اتخاذهم كافة التدابير اللازمة في أعقاب حصولهم على معلومات استخبارية تفيد بأن هناك متسللين من قطاع غزة قد نجحوا بالفعل في اختراق ما يسمى بالخط الأخضر، ووصولهم إلى الكيان الصهيوني،ولم يخفِ هؤلاء القادة الجبناء والذين يحسبون ألف حساب إلى القسام وجنده المغاوير الذين عودونا أن يعزفوا ألحان الشهادة والخلود، وأن يشفوا صدور قلوب قوم مؤمنين ويكونوا خير جنود.

أشفت الغليل وأثلجت الصدور

هذا ما أعرب عنه وبدا جليًا على وجوه أهالي شهداء مجزرة خان يونس، وراح ضحيتها 16 شهيدًا وأهالي شهداء الأطفال الأربعة في رفح؛ حيث أفاد ذووهم في أحاديث متفرقة لمراسل موقع القسام هناك أن عملية تل أبيب الجديدة أشفت غليلهم وأثلجت صدورهم، وأنهم يباركون هذا العمل الجهادي، ويطالبون المزيد منه؛ حتى يتم الانتقام لأبنائهم الشهداء، والتي لم تجف دماؤهم بعد.

كتائب القسام سترد بحرب مدن مماثلة

يأتي الرد الرابع في عملية "تل الربيع الجديدة" لتوازن الردع في أعقاب تصريح رئيس وزراء العدو شارون باجتياح قطاع غزة، وكما يشن الكيان الصهيوني كل يوم حربه المعلنة، ويصعِّد من لهجته الدموية ضد شعبنا، تؤكد كتائب القسام أنها سترد بحرب مدن مماثلة؛

حيث سيكون الرد في كل مدن الكيان الصهيونية أقوى وأعنف وأشد شراسة من ذي قبل، وسيعلم الساسة والعسكريون في الكيان الصهيوني على حد سواء أن كتائب القسام رقم صعب ومعادلة قوية لا يمكن تجاهلها أو تجاوزها، ولا تقبل القسمة على أحد، وأنها عصية على الانكسار أو الاندثار بإذن الله.

عملية ناجحة

جرحى أصيبوا في عملية نتانيا الأخيرة

إن العمليات الاستشهادية لا تقاس بكثرة عدد القتلى في هذه العملية أو غيرها، ولا يجب النظر إليها على هذا النحو، ولكن طبيعة المكان والوضع الراهن تفرض على الاستشهادي أساليب وسلوكيات أخرى، ولا أحد يعلم ما هي الظروف التي لازمت العملية، والتي دفعت الاستشهادي إلى سلوك منحى آخر، وعدم تمكنه من الوصول إلى الهدف المحدد، ولكن تقاس بنجاح الوصول واختراق كافة التدابير الأمنية، وإمكانية حرية التنقل، وحمل المتفجرات، وإخفائها والتجول بها.

حجم العجز الصهيوني

إن هذه العملية البطولية تبين للقاصي والداني حجم العجز الصهيوني في القضاء على جذوة الجهاد المشتعلة في فلسطين،

كما أنها توضح للعالم بأسره أن التبجح الكيان الصهيوني والتمادي في غيه وتسويق نفسه على أنه قوة لا تقهر لا يمكن تصديقه، ولقد فشل الكيان الصهيوني في تسويق إشاعاته المغرضة في تشويه صورة المجاهدين، وأصبح العالم يتعاطف مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وأصبح التساؤل في العالم الغربي اليوم عن ثقافة الاستشهاد،

وكيف لشاب أو فتاة أن يحملوا أروحهم على كفيهم ويلقوا بها في سبيل الله، وجاء الجواب مسرعًا وعرفه الكثير أنه من أجل تحرير فلسطين وتخليصها من نير الاحتلال.

انتظرونا في رد قسامي هادر

فهنيئًا للاستشهادي المجهول الشهادة، وهنيئًا لك أيها القائد العام الشهيد صلاح شحادة، أبناؤك..

أبناء الشهيد عز الدين القسام، والذين لم يألوا جهدًا في ضرب العدو الصهيوني وتفتيته،

وانتظرونا في رد قسامي هادر جديد بإذن الله.

أشعار في وداع الشهيد

تركْتنا للأسئلة

الشهيد صلاح شحادة وابن أخيه بلال

شعر: خميس

تركْتنا للأسئلةْ
تدور في أذهاننا وتملأ المخيِّّلةْ

وغبتَ عنا، يا صلاحُ، فجأةً

في لحظةٍ من الزمان مذهلةْ

كان لها وقعٌ علينا

مثل وقع الزلزلةْ

فأنت كنتَ كالأبِ الروحيِّ

كنت قائدًا لنا

وكنتَ رمزًا من رموز المرحلةْ

تركتنا للأسئلةْ

ونحن بعدُ لم نزل

نستكشفُ الطريقَ نستبينُ أوَّلهْ

عقولنا حائرةٌ أفكارنا مبلبلةْ

كنّا بحاجةٍ إليكَ

كي تحثنا على الجهاد والثباتِ

كي تدلنا على الجهاتِ..

كنتَ مرشدًا لنا، وكامل المواصفاتِ

كنتَ نقطة ارتكازنا والبوصلةْ

وكنتَ في زمان الصمتِ صرخةً مجلجلةْ

يا من ضربت في العطا والبذل خير الأمثلةْ

من يوم أن رحلتَ يا حبيبنا..

كل القلوب لم تعد، ظلت إليك راحلةْ

كلُّ الشفاه لم تزل لليوم عنك سائلةْ

كل الدروب أصبحتْ موحشةً وموحلةْ

أهكذا بسرعة تركتنا؟!

مودعًا كل الذين رافقوكَ، والذين بايعوكَ،

والذينَ يوم شيَّعوك، أقسموا

أن تستمر القافلةْ؟!

أهكذا بسرعةٍ

فهمتَ لبَّ المسألةْ؟

وكلَّ ما بين المماتِ

والحياة من صلةْ؟

فرُحتَ تمشي بخطىً

حثيثةٍ مستعجلةْ

مودعًا دارَ الفناءِ والحياة الزائلةْ؟

وطامعًا في جنةٍ عريضةٍ

وخير مقعدٍ وخير منزِلةْ؟!

تركتنا للأسئلةْ

نبحث عن معلِّمٍ بعدك، يا معلِّمًا

تركتنا مُعَلَّقين بين أرضٍ وسما

وراغبين دائمًا في أن نموت ميْتةً مماثلةْ

تركتنا للأسئلةْ

لأمةٍ يُرثى لها ضعيفةٍ مهلهلة

بلادها مُحبِطةٌ مخزِيةٌ ومخجِلةْ

كأنها الأصفارُ تبقى هكذًا على اليسار مهمَلةْ

تركتنا للإخوة الأعداءِ،

للمُنسِّقين في الخفاءِ،

للمفاوضينَ الطاحنين للهواءِ،

للذين يخرجوننا من مهزلةْ لِمَهزَلةْ

وللَّذين وسَّخوا صفحتهم

حتى غدت كالمزبلةْ!

لكنَّنا...

وفي سبيل الله.. موتُنا

غدا الأمنيَّةً المفضَّلةْ

سنستمرَُ

ثم نستمرُّ

ثم نستمرُّ في الكفاحْ

كُنْ مطمئنًا حيث أنت الآنَ يا صلاحْ

فأنت قد عودتنا على حمل السلاحْ

ولم تعد لدينا أي مشكلةْ

وكل ما يُحاك اليوم ضدنا لن نقبلهْ

لن نقبلهْ...لن نقبلهْ

ما دام فينا جسدٌ

نصنعُ منه قنبلةْ!

إلى روح شيخ الشهداء

منزل الشهيد صلاح بعد قصفه

شعر: شادي الأيوبي

شيخَ البطولةِ عذرًا لي على
شغفي ذكراكَ هيجتِ الأحزانَ

في لهف كادتْ تنازعني روحي إليكَ صبًا،

فقلتُ يا روحُ رفقًا بيْ ارجعي

وقفي والنفسُ تخفي هوىً عذبًا يؤرقها

لا تخفينَ الهوى يا نفسُ

واعترفي إلى أبي مصطفى شيخ الرجال..

هفتْ منا القلوبُ وهامتْ فيه في كلف

شيخ ولا كلُ أبطالِ الوغى ثقة

بالحلم مشتهر بالبأسِ متصف

كالشمس تشرقْ بالبشرى لأمتِنا

كالبدرِ يسطعُ بالآمال في الزُلَف

من ذا رأى مثلَهُ عزمًا وتضحيةً

في زمرةِ السلفِ الأبرارِ والخلفِ

متى رحلتَ وموجُ البحرِ يبحرُ

في آفاقِ عينيكَ يحكي عنكَ للصدف

متى هجرتَ وما زالتْ مدائنُنا

يرنو لذكراكَ منها كلُ منعطفِ

ما كنتَ بدعًا من الفرسانِ بل

عبرتْ على الطريق ِأسود العزِ والشرف

أما كفاكَ فخارًا يا مفارقَنا

أن تخطفَ الأمنَ من أعماق مختطف

أُلامُ فيكَ على دمع يغالبُني

لو يعلمونَ بما أخفي منَ الشغف

أتلفتَ روحَك نعمَ البيعُ فزتَ بهِ

وقد تكونُ جنانُ الخلدِ في التلف

أوردتَها موردَ الإيمان في ثقةٍ

وقلتَ يا نفسُ ذاكَ النورُ فاغترفي

وسرتَ تحدو وريحُ الغدرِ عاصفة

من كل صوبٍ فلم تعبأْ ولمْ تَخَف

وقلتَ يا أمتي بالحق فاعتصمي

وقلتَ يا أمتي بالوعيِ فأتلفي

وقلتَ يا أمتي داءُ العدى ظلَم

إِما كَويناهُ يومًا بالحديدِ شُفي

أحييتَ عزمتَنا والكيدُ منتبه

وسرتَ في طَرَفٍ والموتُ في طرف

فيا لعزمِكَ كمْ ربيتَ من بطلٍ

ويا لصبركَ كمْ سطرتَ من صحف

والحادثاتُ صهرنَ السائرينَ كما

تُميزُ النارُ بين الطين والخَزَف

ما كنتَ في سجنِهم كانوا بسجنِك همْ

ضاقوا بصبرِكَ ضيقَ النفس بالشَظَف

ما كانَ دربكَ مخطوطًا بلا هدفٍ

ولا بناؤكَ مبنيًا على جُرُفِ

نعمْ حياتُكَ كانتْ للعدى ندمًا

وموتُكَ اليومَ ألقاهمْ إلى الأسف

فما مضيتَ لأرضِ الخلدِ في عجلٍ

إلا وخلفَكَ آلافٌ من الأُنُف

لقد ملأتَ قلوبَ الغادرينَ أسىً

لما ملأتَ نواديهِمْ منَ الجِيَف

حتى ارتشفتَ الردى يا شيخُ مبتسمًا

قد يبسمُ الموتُ في أنفاس مرتشف

لمْ ندرِ موتَكَ لم نفهمْ معانيَهُ

حتى عدا الغادرُ المحتلُ في صلفِ

وكنتَ إنْ سمعوا لحنًا ترددُهُ

فروا كفأرٍ جبان القلبِ مرتجف

وكنتَ تزهدُ والدنيا بزينتِها

جاءتكَ تزهو بطيبِ العيش بالترف

إنَ الدعيَ يُرائي لوْ بمقتلِهِ

لكنَ داعية َالزهدِ الخفي خفي

ذكرى صلاح

شعر الدكتور محمد الشيخ محمود صيام

الشهيد صلاح مع إسماعيل هنية
لَكَ يا صَلاَحُ تَحِيَّةٌ وسَلاَمُ
مَا نَاحَ فِي الوَطَنِ السَّلِيبِ حَمَامُ

قدْ كُنْتَ في الميدانِ رَمْزَ شَجَاعَةٍ

سَتَظَلُّ تَذْكُرُهُ لَنا الأيَّامُ

بَطَلٌ لَهُ بَيْنَ الجَمِيعِ تَمَيُّزٌ

وعلَيْهِ مِنْ حُبِّ الجَمِيعِ وِسَامُ

والقَائِدُ الفَذُّ الذِي صَقَلَتْهُ

تَجْرِبَةُ السِّنِينِ السُّودِ وهْوَ غُلاَمُ

فإذا بِهِ سَهْمٌ يُصِيبُ عدُوَّنا

واليومَ يَنْدُرُ أنْ تُصِيبَ سِهَامُ

وصَحِبْتُهُ فعَرَفْتُ فيهِ شَمَائِلاً

قَدْ لاَ يُحِيطُ بوَصْفِهِنَّ كَلاَمُ

حِلْمٌ وصَبْرٌ رَغْمَ ما يَجْرِي لَنا

مِمَّا تَطِيشُ- لهَوْلِهِ- الأحْلاَمُ

وكذلِكَ الأبطَالُ خيرُ صِفاتِهِمْ

فِي الحادِثاتِ الصَّبْرُ والإقْدَامُ

وخَبَرْتُهُ فإذا بأكْبَرِ هَمِّه

طَرْدُ الغُزَاةِ لِكَيْ يَعُمَّ سَلاَمُ

وسَبِيلُهُ نَهْجُ النَّبِيِّ وصَحْبِهِ

والتَّابِعِينَ فَمُصْحَفٌ وحُسَامُ

أمَّا الحِوَارُ أوِ التَّفاوُضُ فهْوَ

فِي مِنْهَاجِهِ- مَعَ هَؤُلاَءِ- حَرَامُ

دَرَجُوا علَى نَقْضِ العَهُودِ ودِينُهُمْ

سَفْكُ الدِّمَا والفَتْكُ والإجْرَامُ

ولِذا فليسَ لرَدِّهمْ عنْ غَيِّهم

إلاَّ فَتىً منْ شَعْبِنا مِقْدَامُ

سِيَرُ النبيِّ وصَحْبِهِ نَهْجٌ لَهُ

وكِتَابُ رَبِّ العَالَمِينَ إمَامُ

وتَخَطَّفَتْهُ يَدُ المَنُونِ ونَهْجُهُ

سَيَظَلُّ ما صَلَّى العِبَادُ وصَامُوا

سَنُقَاوِمُ المُحْتَلَّ حَتَّى يَنْجَلِي

هَذا الظَّلاَمُ ولَنْ يَدُومَ ظَلاَمُ

سَنُعِيدُ للأقْصَى المُبَارَكِ عِزَّهُ

ولَنا تُرَفْرِفُ فَوْقَهُ الأعْلاَمُ

سنُحَرِّرُ الوَطَنَ السَّلِيبَ ولَنْ

يَظَلَّ بساحِهِ- رَغْمَ اللِّئَامِ- لِئَامُ

نَحْنُ الأوْلَى أجْدَادُنا قَدْ أيْقَظُوا

واسْتَيْقَظُوا والعَالَمُونَ نِيَامُ

وبَنَوا وعَلَّوا فِي البِنَا مَجْدًا لَنا

كيفَ الهَوَانُ وكيفَ الاسْتِسْلاَمُ

لَنْ يَكْتُبَ التَّارِيخُ إلاَّ أنَّنا

قَومٌ- علَى مَرِّ الزَّمَانِ- كِرَامُ

فإذا هَوَى بَطَلٌ فإنَّ وَرَاءَهُ

ألْفٌ مِنَ الصِّيدِ الكِرَامِ قِيَامُ

ذكرى صلاحٍ تذيبُ القلبَ من كمدِ

وتلهبُ النفسَ أشواقًا بلا هَمَدِ

شيخُ الكتائب

شعر: فارس عودة

شيخُ الكتائبِ كمْ عشنَا بصحبتِه
عمرًا يراوحُ بينَ الحلو والنكدِ

عاشَ الشهيدُ بعزمٍ لا يزعزعُهُ

قصفٌ منَ الريحِ أو عصفٌ منَ الفَنَدِ

صاغَ الكتائبَ في أبهى تألقها

فيها النجاة وفيها عزةُ البلدِ

هذي سبيلُكَ يا قسامُ نسلكهَا

نهجُ النبيِّ قويمٌ غيرُ ذي أَوَدِ

شَقَّ الدروبَ دروبَ الخيرِ يقطعُهَا

صوبَ الجنانِ ولمْ يقعدْ ولمْ يَحِدِ

يمضي بهَدْي رسولِ اللهِ معتمدًا

شرعَ الإلهِ وربي خيرُ مُعْتَمَدِ

ما كانَ يركنُ للدنيا ويعشقُها

بلْ كانَ ينشدُ وجهَ الواحدِ الأَحَدِ

شقَّ الطريقَ إلى الفردوسِ مبتسمًا

وما تشبثَ بالأموالِ والولَدِ

كمْ أُرْعِدَ الكفرُ منْ أشبالهِ فرقًا

وليس يخشى هزيمَ القاصفِ الرَّعِدِ

جاءتْ إليهِ جيوشُ البغي زاحفةً

تطوقُ الأرضَ بالأرتالِ والمَدَدِ

وبومةُ الغدرِ بالأجواءِ ناظرةٌ

إغفاءةَ الصقرِ أو تهويمةَ الأَسَدِ

تغدو وتخنسُ في خوفٍ وفي قلقٍ

كأنَّ في جيدهَا حبلٌ منَ المَسَدِ

ما كانْ يمكنُ والضرغامُ منتبهٌ

أنْ ينعقَ البومُ أو يدنو ذوو القَوَدِ

كمْ كانَ يُنْشِبُ في الأعداءِ مخلبَهُ

كمْ كانَ يفصلُ بينَ الرأسِ والجَسَدِ

يحيا الغضنفرُ في أحراجهِ مَلِكًا

والعيْرُ يرسفُ بينَ القيدِ والوتَدِ

والسيلُ يجرفُ دفاقًا بأوديةٍ

غثَّ الغثاءِ ويرمي رغوةَ الزَّبَدِ

والنجمُ يسطعُ في الآفاقِ مؤتلقًا

والدودُ يلعقُ تُرْبَ الأرضِ في لَبَدِ

أنتَ الغضنفرُ أنتَ النجمُ يا أبتِ

أنتَ الشهيدُ الذي استولى على الأَمَدِ

أنتَ الصفاءُ ونورُ الشمسِ ما سطعتْ

أنتَ الإباءُ ورمزُ العزِّ والنَجَدِ

قدْ عشتَ حرًا عزيزَ النفسِ مصطبرًا

تلقى الخطوبَ بقلبٍ الواثقِ الجَلِدِ

إذا رءَاكَ بنو صهيونَ في حُلُمٍ

نادَوا ثبورًا وهَمَّ القومُ بالرَّفَدِ

حتى تمنوا رياحَ الموتِ تأخذُهُمْ

وأنَّ سارايَ لمْ تولدْ ولمْ تلدِ

لو دُسْتَ يومًا ترابَ الأرضِ في رفحٍ

لاهتزت الأرض في حيفا وفي صَفَدِ

أعددتَ جندًا يهابُ الليثُ سطوتَهُمْ

وإنْ تراءوا لهُ بالغابِ لمْ يَصِدِ

وإنْ تنادوا على الأحراجِ فارقها

وإنْ رآهُمْ بنبعِ الماءِ لمْ يَرِدِ

يلقى المئينَ بعزمِ الألفِ واحدُهُمْ

ويَجْبَهُ الجيشَ بالأحجارِ والعَمَدِ

كأنَّ واحدَهُمْ في الحربِ كوكبةٌ

منَ الفوارسِ لمْ تنقصْ ولمْ تَزِدِ

لا يستجيرُ بأعدادٍ ولا عُدَدٍ

لا يستجيرُ بغيرِ الواحدِ الصمدِ

مثلُ الأسودِ إذا لاقوا ململمةً

لا يسألونَ إذا شدُّوا عنِ العَدَدِ

تلكَ العزائمُ يا منْ بِتَّ تشحذُهَا

ليخفقَ العزَّ خفاقًا على أُحُدِ

لكَ التحياتُ والأشواقُ نرفعُهَا

ملءَ الحناجرِ يا إطلالةَ الأَسَدِ

يا منْ صنعتَ بعزِّ الدينِ ملحمةً

تسري بأمتنَا كالروحِ في الجَسَدِ

سقيًا لكفكَ كمْ أحييتَ منْ مُهَجٍ

كنتَ الرؤوفَ بها يا مهجةَ الكَبِدِ

لا زالَ ذكْرُكَ في الآفاقِ يغْمُرُهَا

طيبًا تَضَوَّعَ في الأدنى وفي البَعَدِ

لا زلتَ تملأُ أسماعًا وأفئدةً

تحيا بحبكَ طولَ العمرِ والأَبَدِ

صلاح شحادة.. صحابي القرن الحادي والعشرين

كتب: محمد الحوراني

شحادة يودع ثلاثة من استشهاديي الكتائب

لن أبالغ إن قلت إنني ما زلت حتى اللحظة غير مصدق لما حدث في الثالث والعشرين من يوليو من عام 2002م، علمًا بأنني أعرف تمام المعرفة الممارسات الصهيونية الهمجية بحق الشعب العربي والإسلامي، إلا أن عدم تصديقي لما حدث في ذلك اليوم ينبع من الطريقة التي تم بها اغتيال القائد الشهيد صلاح شحادة؛

إذ إنه وبالرغم من التطور الكبير في الترسانة العدوانية الصهيونية إلا أنها عجزت عن النيل من صمود هذا القائد المقدام وشجاعته، بالرغم من تنوع الأساليب وقسوة الإجراءات التي اتخذتها بحقه، ولما أدرك الصهاينة أن أساليبهم هذه لن تنال من صمود وشجاعة القائد كان لا بد لهم أن يلجأوا إلى طريقة يستحيل أن تخيب آمال القيادة الحربية والسياسية الصهيونية،فماذا كانت الطريقة؟ وكيف كان رد بعض وسائل الإعلام الغربية، الموصوفة بالنزاهة منها؟

في تصريح يدل عن الخوف والإرباك اللذَين أصابا القيادة الصهيونية نتيجة للعمليات التي خطط لها القائد الشهيد صلاح أعلن الميجور جنرال دان هالوتز أن الصهاينة ألقوا قنبلةً بلغت زنتها "طنا" على رأس الشهيد صلاح، مؤكدًا في الوقت نفسه أن الصهاينة مضوا قدمًا في عمليتهم التي نفذتها طائرات إف 16، بالرغم من علمهم بأن الهجوم سيسفر عن استشهاد الكثيرين من الأبرياء،

ومع أن هذه العملية ليست بالجديدة على القادة الإجراميين في الكيان الصهيوني، إلا أن اعترافهم بالكمية الضخمة من المتفجرات التي تم إلقاؤها على أشخاص عزل، وتباهيهم بهذا الفعل الدنيء يدل دلالةً واضحة على التواطؤ الأمريكي والدولي في أحيان كثيرة، مع القادة العسكريين في الكيان الصهيوني.

ومع أن الصهاينة ليسوا بحاجة إلى من يشجعهم على أعمالهم العدوانية هذه، إلا أن بعض الصحف الغربية ووسائل الإعلام أبت إلا أن تحثهموبوقاحة منقطعة النظيرعلى القيام بالمزيد من هذه الأعمال الإجرامية، فقد اعتبرت صحيفةالتايمز البريطانية أن اغتيال "الكيان الصهيوني" لصلاح شحادة قائد الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس أمرٌ له ما يبرره..!!

وقالت الصحيفة في صفحة الرأي

"إنه بالنظر إلى الماضي الدموي لصلاح شحادة، ودوره المستمر في إدارة الإرهاب الأعمى، فإن استهدافه من قِبل الكيان الصهيوني أمرٌ مبررٌ تمامًا كما هي مبررة مطاردة الغرب لأي قيادي في تنظيم القاعدة".

ورأت "التايمز" أنه من حق الكيان الصهيوني مواصلة حربها "الدفاعية" حتى تزول أسباب العمليات التي تقوم بها ضد الفلسطينيين، ودعت الصحيفة الكيان الصهيوني إلى مواصلة حرب الدفاع عن نفسها!!

ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هو:

  • لماذا كل هذا الحقد على الشهيد صلاح، لا سيما وأن بضعة جرامات من المتفجرات كفيلةٌ بوضع حد لحياته الدنيوية؟
وفي الإجابة عن هذا السؤال أقول: إن النهج الذي سار عليه الشهيد صلاح هو الذي دفع بالصهاينة إلى كل هذا الحقد عليه والرغبة بالانتقام منه، لا سيما وأنه كان أحد الصحابة في هذا الزمن كما تقول زوجته الشهيدة ماجدة قنيطة، وتصف الزوجة الثانية للشهيد حياتها معه بالقول:
"عشت شهرين في عصر الصحابة".. مشيرةً إلى أنه كان دائمًا يضع مخافة الله أمام عينيه، وكأنه يمشي على الصراط، وكأن الجنة والنار ماثلتان أمامه، يفتش على نيته قبل أن يخطو خطوةً، لا تغفو عينه إلا بعد الساعة السابعة صباحًا، ينام ساعتين أو ثلاثة تقريبًا، ثم يجلس في مكتبه يستقبل المكالمات، ويرد على الرسائل التي كانت تأتي إليه بكثرة من الشبان عاشقي الشهادة، أو رسائل إدارية تخص الجهاز، وإذا شعر بالتعب أخذ يسلي زوجه، ويجاذبها أطراف الحديث عن ماضيه.
  • لكن ما هي أبرز الصفات التي تعلمتها الشهيدة ماجدة من زوجها الشهيد صلاح؟
تقول الشهيدة ماجدة تعلمت منه التواضع، وامتلاك الأعصاب الهادئة، والتصرف في الأمور بحكمة، وكان يقول لي:
القائد يجب أن يكون هادئ الأعصاب لا ينفعل؛ ففي السجن "كان الوقت يمر ببطء، كنت في زنزانة عتمة، طولها أقصر مني، وعرضها لا يكفي لأنام، وظلامها لا أرى منه يدي، ورائحتها كريهة، في الشتاء أبرد من الثلج، وفي الصيف رطوبة قاسية لا أعرف فيها الليل من النهار، ومع ذلك عشت لم أشعر فيها بأي ألم، وأقلمت معها حياتي، ومكثت فيها أشهرًا عدة"..!!
وأضافت: "كان حقًا صحابيًا في القرن الحادي والعشرين، لقد كان أمةً يفيض بالحب والتسامح؛ فقد كان يقول:"يجب أن نربي الأجيال القادمة على الحب والتواضع"، كان شعاره "أحب أن ألقى ربي وليس في كتابي مظلمةٌ لأحد.. أريد أن أفوز بالجنان ورضى الرحمن"، كما كان يمتلك سحرًا عجيبًا في أَسْر القلوب بنظرة واحدة منه، وفرض احترامه على العدو قبل الصديق،

هكذا كان الشهيد صلاح، وهذا هو الذي يخيف الصهاينة ويربك تحركاتهم؛ لأن قائدًا كهذا كفيلٌ بخلق الجيل الذي بشر به النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأنه سيقهر "يهود" ويدحرهم من ديار الإسلام وإلى الأبد؛ ولهذا فقد كثفت القيادة الصهيونية في الفترة التي سبقت عملية الاغتيال من ملاحقتها للشهيد صلاح شحادة مستخدمة من أجل ذلك أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا

"الصهيوأمريكية"، وهو ما أكدته صحيفة يديعوت أحرنوت الصهيونية عندما أعلنت أن القوات الصهيونية كثَّفت من مراقبة تحركات القائد العام لكتائب القسام، مستخدمةً في سبيل ذلك أحدث الوسائل والتقنيات التكنولوجية إلى جانب العملاء،

ومؤكدةً في الوقت نفسه أن كل متتبع لقرارات الطاقم الوزاري كان على يقين بأن الفوهة الصهيونية تتعقب الشهيد صلاح شحادة في كل تحركاته وسكناته، حتى غدا الملاحَق رقم واحد لجيش الاحتلال، وكان قد أشرف على اغتياله رئيس وزراء الكيان الصهيوني شخصيًا؛ ليكون بحق "رجلاً تحاربه دولة"؛

فيلقى ربه شهيدًا في أبشع جرائم جيش الاحتلال الصهيوني في مدينة غزة في مذبحة راح ضحيتها 15 شهيدًا، معظمهم من النساء والأطفال بتاريخ 23/7/2002م بعد حياة عسكرية وجهادية استمرت قرابة عشرين عامًا،

ولإن نجح الصهاينة في اغتيال الشهيد صلاح فإنهم لم ولن ينجحوا في اغتيال المقاومة، لا بل إن مثل هذه العمليات العدوانية لن تزيد المجاهدين إلا ثباتًا وإصرارًا على السير قدمًا باتجاه النصر والتحرير.

صلاح شحادة.. رجل القسام الأول

الشهيد صلاح شحادة وابن أخيه بلال

كتب : حبيب أبو محفوظ

انسابت الكلمات من بين يدي..

واغرورقت عيوني بالدموع..

وزفرت آهاتي بالأنين،

ووقفتُ لبرهةٍ أتخيلُ ذاك الرجل الذي علمنا بموته معنى الحياة،

رجلٌ عاش لغيره..

واستشهد لربه..

فيا ترى أتفيه كلماتي هذه حقَّه؟

لا ورب الكعبة..

ولا بنقطة دمٍ واحدةٍ من جسده..

لا ورب الكعبة..

ولا بسوطِ جلادٍ غادر على ظهره.

كثيرةٌ هي الكلمات التي خُطَّت حروفُها على صفحات مجدك،

وكثيرة هي الكلمات التي تعانقت حروفها لتشكل مع صاحبها اسمك "صلاح شحادة"،

لكنها قليلةٌ هي تلك التي لامست شغاف قلبك النوراني الدافئ.

عاجزةً..

تقف كلماتي عن وصفك،

خجولاً..

أقف اليوم أمام اسمك،

مسرعًا..

أحف الخطى على دربك،

عنيدًا..

أحمل المصحف والسيف وأرجو الشهادة من بعدك..

نم قرير العين في جنات ربك..

نم قرير العين فنحن جندك،

هذا هو عهد رجال القسام،

فكلماتك على صدورنا وسامٌ وإن طال الزمانُ،

فشعار رجالك على الدوام الانتقام الانتقام.

قتلوك بغدرهم..

قتلوك بخوفنا..

لكنك يا رجل القسام الأول حيٌ عند ربك ترزق..

هذا هو العهد..

وهذا هو الأمل..

وعلى هذا الطريق ماضون.

حُرًا يا سيدي عشت في سجونهم..

سيدًا عظيمًا كنت في عيونهم.. صقرًا حلقت عاليًا في سمائهم..

ولا سماء لهم، كان صوتك مزلزلاً اهتزت لزمجرته مخابئ الأقزام..

كان جسدك عملاقًا شامخًا على الظُلام..

هكذا هي بداية الحكاية مع رمزك تكون..

ومع نهايتها تتوقف ألسنتنا عن الكلام.

كلمات من نور للشهيد صلاح شحادة

إن الكلمات لتعجز عن الحديث عن بطل قوي صلب لا تلين له قناة،

عالي الخلق والهمة،

عابد متبتل إلى الله،

مربٍّ فاضل ذو ثقافة عالية صبور،

يمتلئ قلبه حبًا لإخوانه،

يعيش همهم في كل مكان،

ينطبق عليه قول الله تعالى: ﴿إِِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ﴾ (القصص: من الآية 26)..

رحمك الله يا قائدنا وشيخنا أبا مصطفى،

وأسكنك وإيانا والمجاهدين وجميع المسلمين فسيح جناته بجوار قائدنا الأول المصطفى عليه السلام وبصحبة النبيين والصديقين وحَسُن أولئك رفيقًا، لقد رحل عنا القائد العام إلى جنات الخلد بإذنه تعالى ولكن تبقى ذكراه وتبقى كلماته نبراسًا يضيء لنا طريق النصر المبين، وهذا الحوار التالي من مجموعة حوارات أجريت مع الشيخ صلاح شحادة قبل استشهاده ونشرها موقع (قسام):

  • هل يمكن للشيخ صلاح أن يطلعنا على شخصيته (الاسم- الميلاد- البلد والمسكن- التعليم- حماس والعمل العسكري) بشكل لمحات؟
بطاقتي الشخصية: صلاح مصطفى محمد شحادة مواليد 1953م- البلدة الأصلية يافا.

السكن: مدينة بيت حانون- قطاع غزة.

التعليم: بكالوريوس خدمة اجتماعية- الأسكندرية.
الانتماء: أنتمي إلى حركة المقاومة الإسلامية حماس.
تأسست حركة المقاومة الإسلامية في ديسمبر عام 1987م، وكُتب بيانها الأول ليلة الأربعاء 8/12 صباح الخميس 9/12 ووُزع ليلة الخميس على المساجد ليوزع بعد صلاة الجمعة، ولا أبالغ إن قلت إنه أول بيان في الانتفاضة الأولى وإن لم تكن قد أخذت اسم الانتفاضة في ذلك اليوم بل مواجهات وفعاليات، وربما سأل سائل فلماذا التاريخ للانطلاقة بـ14/12 نقول لقد اجتهد الإخوة القائمون على أمر الحركة آنذاك عام 1990م؛ ليعلنوا أن يوم الانطلاقة هو يوم 14/12؛
وتُوِّج هذا اليوم بعملية البطلين أشرف البعلوجي ومروان الزايغ رحمهما الله، الأول في سجون الاحتلال والثاني ارتفع شهيدًا إلى العلا.اسم حركة المقاومة الإسلامية وقع به بيانان تقريبًا ثم اختصرت إلى حماس، والفضل والمنة من الله وحده ولا فضل لي بذلك.
  • يُنسب إليك أنك واحد ممن شاركوا في تأسيس حركة حماس، وكان لك الفضل في تأسيس ذراعها العسكري.. فهل لكم أن تحدثونا عن هذه البدايات على صعيد حماس أو الجهاز العسكري؟
وأما عن الجهاز العسكري فكان لجماعة الإخوان المسلمين ذراعٌ عسكريٌ في قطاع غزة بسيط يتناسب مع بساطة الحركة آنذاك، وعلاقتي به في أواخر عام 1983م حتى سُجنت في 26/06/1984م،
وعندما خرجت من السجن بعد عامين في 1986م التقيت بفضيلة الشيخ أحمد ياسين وكان الاتفاق على إعادة بناء الجهاز العسكري الذي باسم (المجاهدون الفلسطينيون) حتى عام 1989م وسجنت في 18/8/1988م، وبعد ذلك تطور الجهاز بفضل الله تعالى ثم بفضل المخلصين من أبناء حركة المقاومة الإسلامية حماس.
  • يشير رئيس الشاباك السابق يعكوف بيري إلى أنه حقق معك شخصيًا في كتابه "القادم لقتلك"، ويزعم أنك لم تعمل بكل ما لديك وأنهم كانوا متيقنين أنك طوال الإثني عشرة سنة التي قضيتها في السجن كنت تصدر التعليمات والتوجيهات؟
  • هل لكم أن تطلعونا على هذه التجربة الاعتقالية والتعرض للجوانب التي أثرت بك؟
بالنسبة لما يقوله رئيس الشاباك بأنه حقق معي فربما حصل هذا، ولكن لا أعرف وقت التحقيق من الذي يحقق معي من كثرة الأكاذيب التي سمعتها من رجال الشاباك، فكلهم يدعي أنه المسئول وأنه.. إلخ، فربما حقق معي ولم أعرفه.
وأما أني لم أٌدل بكل ما لديَّ، فلم يكن لديَّ ما أقوله أصلاً، وثانيًا ولنفترض جدلاً أن لدي شيئًا ما فلسنا أصدقاء لأفتح له قلبي بل نحن أعداء معذِّب ومعذَّب، وأعتقد جازمًا أنهم واهمون فيما تصورونه من إعطائي التوجيهات للإخوة في الخارج من عدة نواحٍ:
  1. الإخوة ليسوا في حاجة إلى توجيهات، فهم الذين على أرض الواقع وأعلم به مني.
  2. سنوات قضيتها في عزل فكيف كان يدار الجهاز العسكري؟! كيف يدار الجهاز وأنا لا أتصل بأحد.. هذا ادعاء اتخذوه ذريعةً لإبقائي في السجن 26 شهرًا بعد انتهاء مدة محاكمتي.
وأما تجربة التحقيق فهي طويلة؛ إذ استغرق التحقيق خلال مدة اعتقالي أكثر من سنة، فبدأ من 1/9/1988م- 26/1/1989، ثم من 14/5/1989م إلى مائتي يوم متتالية، ثم 22 يومًا عام 1992م في شهر يوليو وأغسطس، وعشرات الاستدعاءات إلى التحقيق.
فهي تجربة علاقة بين صاحب حق ومغتصب لهذا الحق، وإن كان من كلمة في هذه التجربة فممنوع إلى ألف ممنوع أن تثق بعدوك طرفة عين، وعليك أن تشكَّ في نواياه وفي أفعاله وعليه يتولد الحذر.. كما أقول في الجانب الآخر يجب الاستفادة من تجربة الاعتقال؛ لتطوير أساليب المواجهة والتعبئة النفسية والعلمية.
  • يضعك الصهاينة الآن على رأس المطلوبين وتنسب إليك المسئولية عن قيادة الذراع العسكري لحماس..برأيكم إلى أي مدى تصدق الكيان الصهيوني في مزاعمه؟ وما هي الاحتياطات الأمنية التي تتخذها شخصيًا؟
العدو الصهيوني يضعني على رأس قائمة المطلوبين، فهذا أمر طبيعي؛ لأنهم قوم لا يفقهون، ولأنهم يحسبون كل صيحة عليهم، فكم مجاهد أو فدائي وضع على رأس القائمة؟!
قوائم الصهاينة لا تنتهي، ولن يعجزوا في إيجاد الذرائع للقتل والاغتيال؛ فهم كاذبون في قولهم إني مسئول الجهاز العسكري، فالجهاز العسكري لم يكن لينتظرني حتى أخرج من السجن بعد اثنتي عشرة سنة، فحماس لديها طاقات وإمكانات أكبر من ذلك،
وأما عن الاحتياطات الأمنية فهي كأي أخ يدعي الكيان الصهيوني أنه في قائمة الاغتيال، وعليه واجبات مطلوب تأديتها، وعندما يأتي اليوم فلن يدفعه شيء كما لم يقربه شيء وكما قال تعالى ﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله﴾ (آل عمران: 145).
  • تتحدث الصحف ووكالات الأنباء عن القدرة العسكرية لحماس، وعن التصنيع العسكري الذي ذاع صيته، فهل لكم أن تخبروننا عن المدى التي وصلت إليه حماس والشوط الذي قطعته في مجال التسليح؟
وأما عن الصحف التي تتحدث عن التصنيع وقدرة حماس فهذا أمر مبالَغ فيه، فحماس في طور البدايات وليس عندها ما تخفيه من أسلحة، فالأسلحة المصنعة معروفة لأننا في حرب ومواجهة مستمرة، ولا نستطيع أن نجعل السلاح لحرب قادمة، فها هي الحرب مشمِّرة عن ساقيها، عندنا الهاونات والإنيرجا والقنابل اليدوية، وهذا يعرفه العدو الصهيوني، وهذه الخبرات ليست مقتصرةً على حماس وحدها في الشعب الفلسطيني..
والرقابة مستمرة لأي جهد تصنيعي من قِبل السلطة الفلسطينية، ونحن لسنا معنيين بالصدام مع السلطة الفلسطينية بأي شكل من الأشكال.
  • يرى الكثيرون أن أغلب الاستشهاديين الذين أثلجوا صدورنا كانوا من مناطق الضفة الغربية، هل يعطي هذا مؤشرًا على صعوبة الوضع في قطاع غزة؟وهل يمكن أن تصفوا لنا شيئًا من هذه الصعوبات؟
وأما ما يراه الكثيرون من أن أغلب الاستشهاديين من الضفة الغربية، وأن له علاقة بصعوبة الوضع في غزة..
نعم الأوضاع في غزة صعبة جدًا رغم أن الانتفاضة المسلحة كانت بدايةً في غزة، ونظرًا للإجراءات الأمنية المشتركة والحصار الخانق وعدم وجود طرق جانبية جعل الخروج من غزة أصعب بكثير وإن لم يكن مستحيلاً، وما ذلِك على اللهِ بعَزيز، لا هذا يعني أن الطريق من الضفة سهلاً.. كلا إنها صعبة جدًا إن لم تكن مستحيلة.
  • ماذا تقولون في الذين يرون أن الاستشهاديين هم (قتلة وأنهم انتحاريون حسب افتراءاتهم)؟
وأما عن افتراءات من يقولون بأن الاستشهاديين منتحرون أو قتلة فهذا كذب وتحريف، فهل هناك أجود ممن يجود بلحمه ودمه..أولئك اللذين يصافحون محمدًا وصحبه قبل الزفاف إلى الجنة لو قرأوا وصايا الشهداء لعلموا أن الشهادة هي الحياة الحقيقية.
  • هل لكم من كلمة تخاطبون فيها الأمة الإسلامية وأنصاركم عبر العالم الإسلامي من خلال موقعكم (قسامييون)؟
وأما خطابي إلى الأمة العربية والإسلامية وإلى أنصار حركة حماس وجهازها العسكري:
نحن في حاجة ماسة إلى الخروج إلى الشوارع لتعبروا عن رأيكم فقط، وإنكم مع خيار الجهاد والمقاومة حتى يندحر الاحتلال..
فالمسيرات والمظاهرات على الممارسات الإرهابية الصهيونية تجعل المجاهدين والمقاومين ليسوا قلةً متمردةً على أغلبية الشعب، وهذا ما يخشاه الطغاة والمحتلون فيريدون عزل المجاهدين والمقاومين عن الظهير الذي يحمي مشروعهم.
كما ندعو الشعوب إلى التبرع بالمال والعمل على تسهيل إدخال السلاح إلى فلسطين، فهنا في فلسطين طلقة كلاشن تعدل ثلاث دولارات وإم 16 تعدل دولارًا ونصف الدولار وقد تصل إلى دولارين، وأما المضادات فلا توجد مضادات للدروع أو الطائرات وإن وجدت فهي نادرة أو بأسعار خيالية،
والمشكلة أننا نحارب المحتلين الصهاينة، وأما لو كانت حربًا أهلية لا سمح الله سنجدها بأسعار رخيصة كما البلاد التي تشكوا المجاعة وعندها أسلحة متعددة ومتنوعة للاقتتال الداخلي،فأقول للمسلمين والعرب وأنا أعتقد فيهم الخير
جودوا بالمال والسلاح أو سهِّلوا إدخال السلاح؛ فنحن في مقدمة المدافعين عن القدس والأقصى وتراب فلسطين المحتلة.عن أسرار الاستشهاديين وعملياتهم وأسلحتهم
  • نبدأ معكم الحديث حول ما هي المعايير التي يتم على أساسها اختيار الاستشهادي؟
اختيار الاستشهادي يتم وفقًا لأربعة معايير، وهي:
أولاً: الالتزام الديني، وكل المتقدمين للأعمال الاستشهادية ملتزمون بالتدين والصلاح، ويحافظون على الصلاة في المسجد والحمد لله.
ثانيًا: رضا الوالدين، فنحن نتحرى بأن يكون الشاب الاستشهادي مرضيًّا عنه من قِبَل والديه ومحبوبًا من أسرته، كذلك يجب أن لا يؤثر استشهاده على حياة أسرته، بمعنى أن لا يكون ربًّا للأسرة، وكذلك أن يكون له إخوةٌ آخرون، أي لا نأخذ وحيد أبويه.
والمعيار الثالث: القدرة على تنفيذ المهمة التي توكل إليه واستيعاب شدتها.
المعيار الرابع: أن يكون استشهاده دعوةً للآخرين للقيام بعمليات استشهادية وتحفيزًا للجهاد في نفوس الناس.طبعًا هذه القوالب ليست جامدةً، وليست مفصولةً عن بعضها وإنما هي مرتبطة كل واحدة بالأخرى، ونحن نفضل غير المتزوجين دائمًا.
  • من الذي يرشح الاستشهادي؟
أولاً: قيادة المنطقة في الجهاز العسكري للحركة التابع لها، وهي تقوم بدورها بترشيحه إلى القيادة، ثم يتم اتخاذ القرار بالموافقة عليه أو عدمه.
يوجد لدينا مجموعات رصد (استخبارات عسكرية)، مهمتها ملاحقة الدوريات الصهيونية والمغتصبين وملاحظة تحركات العدو على الحدود، ومن ثم ننتهز أي ثغرة أمنية نجدها في الجدار الأمني للعدو، وبعدها نحدد الهدف، وكيفية الانقضاض عليه، سواء كان الهدف مغتصبةً أو موقعًا عسكريًّا أو سيارةً عسكريةً، أو غير ذلك.
ويتم تصوير هذا الهدف عبر كاميرات الفيديو، ثم تعرض على لجنة وتقررها هيئة أركان العمل العسكري،وبعد إقرارها يتم تدريس الاستشهادي المنفِّذ على الهدف بعد معاينته، وبعد ذلك تكون العملية جاهزةً للتنفيذ، وهذا بعد أن تكون مجموعةٌ من الخبراء قد قررت الخطة وحددت عوامل النجاح والفشل.
  • هل تتم مراعاة الملامح الشخصية للاستشهادي؟!
بفضل الله إن اليهود من أقوام شتى، ومن بيئات مختلفة، وألوانهم مختلفة، فذاك يمكن أن يكون إثيوبيًا وهذا يمنيًّا وهكذا، وهذا الأمر يسهل علينا في هذه القضية كثيرًا.
  • هل بالإمكان أن توضح لنا هذا الأمر بشكل أوضح عن طريق عرض نموذج واقعي تم تنفيذه؟
سأتحدث لكم عن عملية الشهيدين إبراهيم ريان وعبد الله شعبان، فقبل استشهاده كتب ريان لنا العديد من الرسائل يطالبنا فيها بضمه إلى قائمة الاستشهاديين، ورفع روح الجهاد في الشبان أمثاله، وخاصةً أنه لم يكمل بعد عامه السابع عشر.
وكنا قد رصدنا مغتصبة "إيلي سيناي" وقمنا بتصويرها والاقتراب لغاية السلك مباشرةً عن طريق الشهيد جهاد المصري وزميل له استشهد في مغتصبة دوغيت فيما بعد، واستطاعا حقًا تصوير الموقع العسكري من الداخل وصورا من داخل موقع عسكري مهجور بالفيديو سيارات المغتصبين وأماكن دخول كل من الشهيدين إبراهيم وعبد الله شعبان؛
وبعد أن تم التصوير أُخبر إبراهيم بالهدف، وتم تدريبه على ضوء الهدف وطبيعة المهمة الملقاة على عاتقه، ونحن بهذه المناسبة نود أن نعرب عن فخرنا بجهاز الرصد الخاص بالكتائب الذي حقق الكثير من الإنجازات بفضل الله سبحانه وتعالى.
وفي عملية دوغيت المشابهة بات أفراد جهاز الرصد في داخل الموقع حتى اقتربوا تمامًا من طريق حركة السيارات الصهيونية، وكان معهما جهاز اتصال بقائد المجموعة وأخبروه بطريقة حركة السيارات، وقالوا له مثلاً: هذه سيارة مصفحة تمر أمامنا ولم نطلق النار؛
وهذا جيب مصفح لم نطلق عليه النار، وهذا جيب قادم.. سنطلق.. وفعلاً أطلقا النار على الجيب العسكري وكان يحمل عالمًا نوويًّا صهيونيًّا، وأحد أكبر عشرة علماء في الكيان الصهيوني، وقتلوه وأطلقوا النار من وسط الشارع الرئيسي لطريق المغتصبين؛
لأنهم باتوا في داخل المغتصبة، وكانت هذه فاتحةَ خير لعمليات أخرى نفذها الشهداء مازن بدوي، ومحمد عماد، وغيرهما، وكانت هذه العملية هي المشجعة لعملية الشهيد محمد فرحات التي تلتها.
  • حبذا لو تكشف لنا الستار أكثر عن عملية الشهيد محمد فرحات؟
عملية رصد محمد فرحات استغرقت حوالي ثلاثة أشهر ونصف، ولم يعلم الشهيد نفسه بالعملية إلا قبل تنفيذها بقليل، وكان من المفترض أن ينفذها عدةُ استشهاديين، وهم: محمد فرحات ومحمد حلس وبلال شحادة، ثم تم تغيير الخطة على أن يقوم بتنفيذها استشهادي واحد لسهولة الحركة، وهو الاستشهادي محمد فرحات.
أما الإعلان عن تفاصيل هذه العملية فهو مضرٌّ جدًا بالحركة؛ لذلك نحن سنحتفظ بتفاصيلها لأنها نجحت بناءً على عمليات سابقة نفذها الشهداء محمد عماد ومازن بدوي، فلو ذكرنا حينها تفاصيل تلك العمليات لما تمكنا من تنفيذ عملية الشهيد فرحات فيما بعد.
وكل ما أستطيع أن أذكره الآن أنها استغرقت ثلاثة أشهر ونصف من الرصد، وأدخلنا كافة المعدات القتالية عن طريق أضخم وأدق وأصعب الحواجز العسكرية في القطاع التي لا يستطيع الإنسان العادي أن يدخل هاتفه الجوال من خلالها، ولكن بفضل الله تعالى استطعنا أن ندخل الرشاشات والكلاشينات وأمشاط الذخائر وكافة احتياجات العملية.
انتشار القوات الصهيونية في كل مكان
  • وكيف استطعتم إدخال أسلحتكم رغم هذه الكثافة الأمنية والإجراءات المشددة؟!
هذا أمر خاص بنا ولا نستطيع الإفصاح عنه، وهذا لا يعني أننا سننفذ نفس العملية في نفس المكان..ونعود لتكملة ما نستطيع الإفصاح عنه من قصة عملية الشهيد محمد فرحات، ففي هذا المكان مكث محمد فرحات عشر ساعات داخل المغتصبة في مبنى المعهد الديني؛
وهذا المعهد مخصص لتأهيل كادر حزبي؛ حيث إن جميع من فيه هم من الكوادر الحزبية الصهيونية، وقد قُتل في هذه العملية 4 من القدس وليس من المغتصبين الذين يسكنون داخل المغتصبة، كما قتل وأصيب 27 طالبًا من أصل 60 طالبًا كانوا في المعهد الديني.
  • ولكن كيف يستفيد الجهاز العسكري من تجاربه السابقة؟
نحن نقيِّم أخطاءَنا باستمرار ونعترف بقصورنا ونقيمه ونستفيد من تجاربنا السابقة.
  • كم هي التكلفة المادية لتجهيز الاستشهادي؟
هذا يتوقف على نوع العملية، فعملية هجوم بالسلاح الأتوماتيكي تكلفتها هي ثمن السلاح مع الذخيرة التي لا تقل عن 250 طلقة، بالإضافة إلى عشر قنابل يدوية تقريبًا، ولكن بعض العمليات تحتاج إلى تكاليف أكبر تشمل عملية توصيل ودفع أموال وشراء سيارات وشراء ذمم من اليهود،وبعض العمليات تكلفنا ثمنًا باهظًا يتراوح ما بين 3500 دولار إلى 50 ألف دولار أمريكي، وهذا حسب طبيعة الهدف.
  • بدأت تطفو على السطح ظاهرة إقبال الشباب على الشهادة وإقدام بعضهم على تنفيذ عمليات بدون الرجوع إلى الجهاز العسكري.. كيف تتعاملون مع هذه الظاهرة؟
إقبال الشباب على نيل الشهادة دليلٌ على صحة ووعي المجتمع الفلسطيني وليس خطأً، فالأفراد الذين يُقبلون على الجهاد كثيرون، ولديهم استعداد لتقديم أرواحهم، وهي أغلى ما يملك الإنسان، وشتان بين من يقدم المال والقربان ومن يقدم روحه في سبيل الله مقابل سعادة الأمة ليرفع عنها البؤس والشقاء، وهذا دليل على حالة صحية.
رغم أننا لا نستطيع أن نوفر لكل إنسان عمليةً استشهاديةً يقوم بها؛ لأن الأهداف محدودة وأماكن العدو التي نريد أن نصلها محصنة جدًّا، وإذا لم يلتزم بعض الشبان بقرار الجهاز العسكري ولم يكن لهم ارتباط رسمي بالجهاز فهذا دليل على أن الأمة أصبحت أمةً جهاديةً ترفض الهوان والذل، وهي بذلك على أعتاب التحرر.
ومن هنا نقول إن ظاهرة الروح الجهادية وإقبال الأطفال على الشهادة قد يساء استغلاله، ونحن لا نشجع أي شخص أن يقوم باقتحام مغتصبة بأسلحة بيضاء؛
حيث لا بد من اختيار الوسيلة المناسبة، وان كان هذا الأمر دليلاً على ظاهرة صحية إلا أنها تحتاج إلى ترشيد، وترشيدها يتم عن طريق توعية الأشبال وتجنيدهم في الجهاز العسكري في قسم خاص؛ حتى تتم تربيتهم تربيةً جهاديةً عسكريةً، ومن خلالها يستطيع الشبل التمييز بين الصواب والخطأ، ومتى يكون قادرًا على تنفيذ عملية استشهادية ومتى يطلق النار.
  • هل بإمكانك أن تطلعنا على الهيكل التنظيمي للكتائب؟
الكتائب بشكل عام هي عبارة عن جيش صغير محكوم بقرار سياسي كأي جيش في العالم تتواجد فيه كافة تصنيفات الجيش والهيكل.
  • ما هي طبيعة العلاقة بين الجهاز السياسي والعسكري في حركة حماس؟
نحن جنود الجهاز العسكري، والجهاز السياسي لا يقول لنا افعل كذا أو كذا ونفذ هذه العملية أو تلك، إنما رؤية الجهاز السياسي رؤيةٌ سياديةٌ بالنسبة للجهاز العسكري، والقرار السياسي سيادي على القرار العسكري، دون أن يتدخل بالعمل العسكري.
  • إذن.. كيف يتم التنسيق بين الجهاز العسكري لكتائب القسام في شطري الوطن (الضفة والقطاع)؟
لا أستطيع الجواب على هذا السؤال لأنه أمر خاص بالجهاز.
  • صرح الشيخ أحمد ياسين أن العمليات الاستشهادية سلاحٌ ذو حدين.. فما رأيكم بهذا؟
العمل الاستشهادي سيف على رقاب أعدائنا فقط.
  • إذن على أي أساس يتم تقييم نجاح عمليات المقاومة؟
نجاح العملية لا يتم تقييمه بعدد القتلى في صفوف العدو، وإنما بإمكانية وصول مجاهدينا إلى الهدف،وآلية التنفيذ.. كذلك فإن التخطيط الجيد مهم جدًا لقياس نجاح العملية، أما عدد القتلى فهو محكوم بمشيئة الله وإرادته.
صواريخ القسام
من الطبيعي في حركة مثل حماس أن تطور سلاحها حسب المشكلات اليومية التي تواجهها من العدو الصهيوني من سياج أمني وآخر واقٍ، فلا بد من اختراقها عبر الصواريخ والهاونات، وقد استطاعت بفضل الله أن تتوصل إليها بالاستفادة من التجربة العملية والعلمية،
فلدينا أشخاص متخصصون من الناحية العلمية لتطوير الأسلحة، وهؤلاء يقومون بالمطالعة والمراجعة والتجربة بشكل يومي لصواريخ (البنا) التي تجمع ما بين الـ(آر. بي. جي) وصواريخ (لاو)، وهو يختلف عن (القسام 2) بأنه مخصص لأن يكون مضادًا للدروع المتوسطة.
أما القنابل اليدوية فيتم تصنيعها لتلبية حاجة الجهاز العسكري وأفراده، وبفضل الله أثبتت هذه القنابل مفعولها، وشهد بذلك وزير الحرب الصهيوني عندما قال إن هذه القنابل قوية، وجميع هذه القنابل والصواريخ يتم صناعتها محليًا وبشكل سهل وبسيط.
  • صناعة المادة المتفجرة هل تختلف بين التنظيمات؟
تقريبًا كافة التنظيمات توصلت إلى كيفية صناعة المادة المتفجرة، فالمادة المتفجرة في صواريخ (قسام 1و2) و(البنا) مصنعة من مواد أولية بسيطة تستطيع النساء في البيت أن تحضرها، وهذا العلم يمنحه الله لمن يستحقه.. ﴿وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ﴾ (البقرة: 282).
  • ما الفرق بين صاروخ القسام (1)و(2)؟
صاروخ القسام (1) كانت تجربةً صاروخيةً تقوم على أساس الدفع الذاتي، وعلى ضوئها تم تطوير (القسام 2).
  • نفذت حركة فتح مؤخرًا العديد من العمليات الاستشهادية.. كيف تقيمون هذه الخطوة؟
بالنسبة لنا لم تكن مشاركة كتائب شهداءالأقصى في العمليات الاستشهادية مفاجئةً، وسعدنا جدًا لدخولهم هذا الميدان، وتخطيهم حاجز الأراضي المحتلة عام 1967م وصولاً إلى تنفيذ العمليات في الأراضي المحتلة عام 48.
وأذكر في شهر يوليو من عام 2001 أن صدر أول بيان مشترك في غزة لكتائب الشهيد عز الدين القسام وشهداء الأقصى، وفي هذا البيان تبنت كلتاهما عمليات في العمق الصهيوني، وأحدث هذا البيان هزةً كبيرةً؛
لأنه عبر عن توحد ما بين رؤى ووجهات نظر كلا الجهازين في غزة للمستقبل في حال توغل العدو الصهيوني وارتكاب مزيد من الجرائم، وتوعد كلا الجهازين بأن يكون الرد في العمق الصهيوني، وأن يستهدف الرد حتى المنازل،
رغم أن شهداء الأقصى لم تكن موجودةً في غزة في ذلك الوقت، وإنما كان البيان تعبيرًا عن توحد في الرؤى السياسية بين قادة كتائب القسام وإخوة لنا في حركة فتح، والحمد لله جاء الوقت الذي يمكن أن نصبح نحن وهم على قلب رجل واحد.
  • الاحتلال حملكم مسئولية تنفيذ عدة عمليات داخل العمق الصهيوني، بالإضافة إلى أخرى في غزة.. فما ردكم على هذا؟
قبل يومين فقط أعلنت حركة فتح مسئوليتها عن العملية التي وقعت شمال تل أبيب، وقبلها حدثت عملية استشهادية في "نتانيا" و"ريشون لتسيون" لم تعرف بعد الجهة المسئولة عنهما، ورغم هذا فاجأتني الصحف العبرية باتهامي بتلك العمليات، رغم أنه لا يوجد لدي أدنى علاقة بهما إطلاقًا،
ولا أعرف من وراءَهما، ولكن المخابرات الصهيونية تسعى من وراء ذلك إلى تحقيق هدف سياسي في حال اغتيالي، وأنا أؤكد أنها كاذبة، ومتأكد أنها لا تمتلك أدنى معلومات عن الجهة المسئولة عن تنفيذ تلك العمليات.
  • الصحف العبرية حملت حركة حماس مسئولية العمليات الأخيرة التي هزت الكيان الصهيوني.. فهل حقًا حركتكم أصبحت تتبع سياسة عدم الإعلان عن عملياتها؟
حدثت عمليتان فقط لم تعرف حتى الآن الجهة المسئولة عنهما، إحداهما في "ريشون لتسيون" والتي أدت لمقتل وإصابة العشرات من اليهود، وهم الآن يوجهون الاتهامات لي لكي أصرح حولها، وأنا لا أعرف حقيقة من منفذها، لكن اليهود قوم لا يفقهون.
أما حركة حماس فهي تعلن عن عملياتها؛ لأن إعلانها عن العمليات التي تنفذها ينفع العالم الإسلامي والعربي أكثر من عدم الإعلان، والعدو لا يفرق بين حماس والجهاد وفتح، وبالطبع أقصد بـ(فتح) هنا "كتائب شهداء الأقصى" الذين ينفذون العمليات الاستشهادية، وليس عناصر فتح الذين يتسلقونها من أجل المناصب والوظائف ويحاولون ليَّ عنق الحركة عن مسارها النضالي الصحيح.
  • ما هي أهم المعوقات التي تواجهكم كجهاز عسكري لحركة حماس؟
أهم هذه المعوقات:
أولاً: ندرة السلاح النوعي كالصواريخ المضادة للطائرات، والصواريخ البعيدة المدى.
ثانيًا: ضبابية الرؤية السياسية للسلطة الوطنية والتي تربك العمل العسكري، فالسلطة لم تحدد موقفها من العمل العسكري معه أم ضده؟ وهل هي سلطة تحرر وطني أم هي سلطة حكم ذاتي؟ وبالتالي هذا الأمر حيَّر الكثير من المجاهدين.. فالقرارات السياسية مضطربة.
ثالثًا: ملاحقة بعض الأجهزة وأشخاصها المحسوبين على الصهاينة للمجاهدين وورش التصنيع، ففي الأمس دمر الاحتلال "مسبكة" في حي الزيتون بغزة، فالسلطة تلاحق وتعتقل أصحاب هذه الورش، وتحقق معهم، ومن ثم تنقل اعترافاتهم إلى العدو من قبل مخترقين لهذه الأجهزة.
رابعًا: ارتفاع أسعار السلاح من قِبَل مصاصي الدماء "تجار السلاح"؛ حيث بلغ ثمن قطعة السلاح (إم 16) خمسة آلاف دولار، وثمن الرصاصة 5.1 دولارات، أما سلاح الكلاشنكوف 2000 دولار، والرصاصة الواحدة له 4 دولارات، بينما في الدول التي تعاني من فتن داخلية وتلك التي لا يجد مواطنوها أحيانًا ما يسترون به عورتهم يمتلك الأفراد سلاحًا متطورًا،أما نحن الذين نحارب اليهود فأسعار السلاح مرتفعة جدًا، بل ونادر وجوده بسبب تواطؤ الأنظمة العربية التي تمنع دخول السلاح إلى المجاهدين.
  • لكن كيف استطاع جهازكم العسكري التغلب نوعًا ما على ندرة السلاح مقارنةً بما كان يعانيه في أوائل التسعينيات؟
كل مرحلة لها إمكاناتها وإيجابياتها، والجهاز العسكري تطور كثيرًا عن أوائل التسعينيات وطوَّر وسائل الحصول على السلاح، ورغم ارتفاع أسعاره فإن ما يُنفَق على تنظيم في قطاع غزة أو في الضفة الغربية يكفي لتسليح جيش صغير في أي دولة في العالم.
واستطاعت الحركة التغلب نوعًا ما على مشكلة المال من جمعها لبعض التبرعات الشخصية أو من خلال تبرع الذين يحبون دعم مسيرة الجهاد في سبيل الله، كما استطاعت الحركة تصنيع جزء من الأسلحة المتوسطة؛
وبالتالي قللت من قيمة التكلفة، فتكلفة الصاروخ الذي يصنعه أفراد الجهاز مثلاً لا تتجاوز 1% مقارنةً بسعره إذا كانت الحركة ستشتريه.
  • تتوقع أوساط سياسية أن يتعرض القطاع لاجتياح صهيوني.. فما هي استعداداتكم لمواجهته؟
التفصيلات لا يمكن أن ندلي بها، لا نستطيع أن نحدد ما هي الوسائل، وكيفية آلية العمل لأنه خاص ولا يمكن نشره، ولكن هناك استعدادات سنلقِّن من خلالها العدوَّ درسًا لن ينساه.
لنردَّ الاعتبار للشعب الفلسطيني على ما اقترف العدو من جرائم في الضفة، ولكني أقول لسنا دولةً مسلحةً قادرةً على صد أي اختراق لحدودها، إنما نحن قوم نشهد أبناء شعبنا والعالم العربي بأننا "رأس حربة" متقدمة في أرض فلسطين "الرباط"، كما أننا بإذن الله وقوته سنثبت للعدو بأن إرادتنا لن تهزم، وكما قال عمر المختار: "لأن كسر المدفع سيفي لن يهزم الباطل حقي".
  • هناك اتهامات توجه ضد حركة حماس بأنها تستهدف المدنيين عبر عملياتها الاستشهادية..فما هو ردكم؟
منهجنا في الكتائب أنن لا نستهدف الأطفال أو الشيوخ أو المعابد، رغم أن هذه المعابد تحرِّض على قتل المسلمين ولم نستهدف حتى الآن المدارس؛ لأننا لم نؤمر بقتل الأطفال، وكذلك المستشفيات، رغم أنها سهلة وأمامنا؛ لأننا نعمل وفق مبادئ جهادية نلتزم بها،
وشعارنا "أننا لا نقاتل اليهود لأنهم يهود" وإنما نقاتلهم لأنهم محتلون لأرضنا، ولا نقاتلهم على عقيدتهم وإنما نقاتلهم لأنهم اغتصبوا أرضنا، ومن يسقط من أطفال فهو أمر خارج عن إرادتنا؛ لأنه ليس من سياسة تعاملنا معهم.

من أقوال الشهيد

لقد كان الشهيد صلاح شحادة قائدًا محنكًا ومربيًا عظيمًا، كانت كلماته تنطق بحب الله ورسوله ولهذا الدين العظيم، وكانت نفسه تتوق للشهادة في سبيل الله، فظل حاملاً سلاحَه مدافعًا عن مقدسات وطنه التي دنسها الصهاينة ومن أقواله:

  • "أعمل عامًا واقفا خيرٌ من أن أعمل عشرات السنين تحت الأرض، فالأجل إذا جاء فلا أحد يدفعه، والشهادة أسهل من شربة ماء يشربها أحدنا".
  • "الأصل في الحياة الصلح والعفو لا القطيعة والضغينة والعدوان والقتال، والشعب عندما يتحرك يهزأ بكل تهديد؛ فالانتفاضة جعلت الشعب قادرًا على أن يفهم كل ما يقال له".
  • "لم يدع جنود الاحتلال شَعْرة في ذقني أو صدري إلا نتفوها حتى شككت أنه يمكن أن تنبت لي لحية مرةً أخرى، واقتلعوا أظافر قدمي ويدي، ولكني والله ما شعرت بألم، ولم أتفوَّه بآهةٍ واحدةٍ.. فقد كنت أردد القرآن".
  • "يجب أن نرتقي إلى المحاربة بالدماء، وسنواصل المقاومة مهما كلفتنا، وإن فقدنا السلاح فسنقاتلهم بأيدينا، علينا أن ندرك أن الشعوب المضللَة لا تستيقظ إلا بدفع الضريبة من دماء المسلمين، فلا بد من تقديم القرابين، وعلى مشهد من العالم، ولا بد من التحدي السري والعلني".
  • "إذا كانت الأجواء ساخنة فيكفي عود ثقاب أو شرارة لإحداث الحرائق الكبيرة، علينا أن نتمسك بحقوقنا كاملة مهما اشتدت الكروب، فلا يوجد سقف للعطاء الوطني والإسلامي".
  • "أيها الإخوة.. رؤية النصر أمنية يتمناها كل إنسان مسلم.. فكل واحد منا يريد أعلام الحرية فوق كل ذرة من ترابنا، ولكن يا ترى من سيموت منا قبل ذلك؛ لأنها سنة الله في الحياة، اقتضت أن يدفع أناسٌ أرواحَهم لتنعم أرواح غيرهم بالحرية.. أناس يداسون ليرتفع غيرهم".
دماء الشهداء المدنيين
  • "إن دماء الذين سقطوا لن تذهب هدرًا، وإن كنت أشد ما أخشاه ضياع هذه الدماء حتى أصبحت كابوسًا أعيش فيه حتى ألهمني الله رشدي؛ فإن هذه الدماء هناك من يقدِّرها وهو الله- عز وجل ولن يستطيع أحد تجاوز هذا الخط وتبديده؛ لأن الله وعد ووعده الحق: ﴿إِلاَّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا﴾ (التوبة: 39).
  • "كما خرج يوسف من السجن فستحمدون الله حتمًا وبإذن الله عندما يُخرجكم من السجن وتجتمعون بالأهل،سيجمع الله ما بين الإخوة الأعداء من الزعامات وداخل الشعب الواحد، وكما عاد البصر لسيدنا يعقوب عليه السلام سيعود الكنز المفقود "الأقصى"،وستعود القدس، وكل ذرة من تراب أرضنا، وسنرى الفرحة بعيون أجيالنا بإذن الله طالما كان الشعار هو نفس الشعار الذي نادى به يعقوب، وأنزله الله من فوق سبع طباق ﴿وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ﴾ (يوسف: 87).
  • "لقد كانت المظاهرات بيانًا عمليًّا يؤكد أننا أصحابُ الحق الشرعي في هذه الأرض، والحجر رسالةٌ لمن لا يسمع خطابنا، وهذا الجيل الذي سقط شهيدًا دليلٌ على حياة هذا الشعب ودليلٌ لمن بعده ليسير على طريق الإيمان؛ لقوله تعالى: ﴿مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً﴾ (الأحزاب: 23).

قالوا عن الشهيد

لقد كان الشهيد صلاح شحادة مثلاً في كل شيء، فكل من قابله وعايشه أشاد به ووصفه بأفضل الصفات التي يمكن أن يتصف بها إنسان كزوج وقائد ومربٍّ، حتى شهد له أعداؤه..

هو أبرز الشخصيات التي تم اغتيالها حتى الآن بلا شك.
  • يعقوب بيري رئيس جهاز الأمن الصهيوني السابق "الشاباك":
"صلاح شحادة يمتلك شخصيةً قويةً وصلبةً، وقادر على امتصاص جميع وسائل التعذيب،ومواجهة أية إغراءات في التحقيق.. شحادة هو كاتم أسرار الشيخ أحمد ياسين، وهو ضليع في الشئون الدينية، وحسن المحيا، يُخفي وراء هذا القناع شخصيةَ أحد القادة الأكثر قسوة في أوساط حماس".
"فشلنا في التأثير على شحادة، ودفعه إلى الاعتراف بالتهم الموجهة إليه، ولكي نؤثر عليه فقد حضر التحقيق معه إسحاق مردخاي وضباط آخرون رفيعو المستوى، ومع ذلك لم يفلح الجميع في التأثير على إرادته".
  • يعقوب بيري:
"لقد حرمناه من النوم لفترات طويلة، وحققنا معه بصورة مكثفة وطويلة، لكنه كان قويًّا ومصرًّا على عدم الخنوع".
"كنت أقول له: يا أبا مصطفى لقد انتهى دورك في الجهاد ومقارعة العدو؛ فاليوم هو دور تلاميذك، أما أنت فقد كبر سنك، وإن المطاردة عليك ستكون صعبة، وبإمكانك أن تفيد الدعوة في المجالات السياسية أو الاجتماعية أو الدعوية،لكنه كان يبتسم، ويقول: "لن نحيد حتى نلقى الله شهداء"، وكان يردد قول الله تعالى: ﴿مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً﴾ (الأحزاب: 23).
  • بوغي يعالون رئيس هيئة أركان الصهاينة:
إنه "الحوت" أو "القنبلة الثقيلة الموقوتة"، فهو لم يكن يسيطر على حماس القطاع فقط، وإنما أرسل ذراعين للضفة؛ حيث قام بإعادة بناء البنية التحتية عن بُعد، وأطلق العمليات،
ونقل تكنولوجيا الصواريخ و"القسام"، ومارَس الضغوط للبدء في إطلاقها باتجاه المدن الصهيونية، كما أجرى اتصالاتٍ مع حماس في الخارج، وألقى بظلاله على أحمد ياسين، مكلفًا الصهاينة ثمنًا دمويًّا بصورة شبه يومية تقريبًا؛ فعمليتا عمانويل مثلاً كانتا من تنفيذ خلية أُرسلت بإيحاء منه.
  • أليكس فيشمان المحلل السياسي في صحيفة يديعوت:
"في البداية اعتبر قتله أمرًا رائعًا.. فحين تم إبطال مفعول قادة خلايا "عز الدين القسام" في منطقة جنين الواحد تلو الآخر خلال أسبوع تقريبًا ظهر على الفور آخرون مكانهم.كان واضحًا أن ثمة أحدًا ما من الخارج يدير هذه الشبكة بصورة وثيقة؛ حيث اتضح للأوساط الاستخبارية أنه رغم الحضور المكثف للجيش في المناطق والعمليات المكثفة من الاعتقالات والإحاطات..
تواصل خلايا حماس في الضفة الغربية الحفاظ على صلة دائمة مع أوساط داخل الخط الأخضر، توفر لهم معلومات عن أهداف ممكنة لعمليات استشهادية، ثمة شخص ما يطرح الأسئلة، وثمة شخص ما يتلقى الإجابات، وثمة شخص ما ينقلها إلى الميدان، ومن أجل حث تصفية الخلايا السرطانية التي ترفض الزوال يجب الوصول إلى الدماغ.

وهناك كانت المفاجأةُ..

اتضح أن هذا الدماغ يقيم في غزة، وفجأةً في الأشهر الأخيرة أشارت المعلومات الاستخبارية إلى هذه الظاهرة الجديدة:
"صلاح شحادة" الرجل الذي يعتبر رقم 1 لعز الدين القسام في قطاع غزة، وكان قد احتل مكان رجال حماس الذين تمت تصفيتهم أو اعتُقلوا في "السور الواقي" و"الطريق الحازم"، وشكل مرجعيةً روحيةً وميدانيةً في كل شيء، وبدأ الجهاز الاستخباري يحكم الطوق على هذا الشخص".

"إننا إذ نودع اليوم قائدًا عظيمًا ومربيًا كبيرًا.. فإننا نؤكد أن مسيرة الجهاد والمقاومة التي كان للشيخ القائد عظيم الأثر في تأجيجها مستمرة ومتصاعدة تاركةً لدماء قائدها أن تحدد طبيعة الرد.

عهدًا شيخنًا أبا مصطفى نقطعه على أنفسنا أن نجعل للصهاينة في كل بيت عويلاً وفي كل شارع مأتمًا، عهدًا علينا شيخنا القائد أن نقدم لك الرد الذي يرضي الله، فقد تعلمنا منك كيف نرضي ربنا،
عهدًا أبا مصطفى، لا تقر لنا عين ولا يغمض لنا جفن حتى يرى الصهاينةُ أشلاءَهم في كل مطعم وموقف وحافلة وعلى كل الأرصفة،عهدًا علينا نقطعه وأنتم تعلمون عهدنا أن نجعل الصهاينة يلعنون أنفسهم ألف مرة على الساعة التي فكروا فيها بقتلك، أبا مصطفى نم قرير العين فقد نلت الشهادة التي تمنيت شيخنا القائد".
"كان نعم الزوج المثالي، إذا شعر بالملل أو التعب خاصةً أنه كان أحيانًا يصل الليل بالنهار وكان يمارس الرياضة، وإذا وجد بعض الأعمال المنزلية كان يقوم بها بنفسه، فكنت أنهاه، وأقول له:
يكفيك ما عليك من أعباء جهادية؛ فيرد علي بقوله: لستُ خيرًا من رسول الله- صلى الله عليه وسلم لقد كان يساعد أهل بيته.. فدعيني أحيي سنته"، وأضافت أنه كثيرا ما كان يجلس ليراجع حفظه من كتاب الله".
  • "إن شحادة تولى مسئولية الجناح العسكري لحماس عام 1988، ونجح شحادة خلال عامين في بناء الجهاز العسكري لكتائب القسام، ونجح من خلال عمله المؤسساتي أن يجد له تلاميذًا في الميدان يتولون القيام بمهمته فور غيابه".

مقتطفات من مؤلفات الشهيد

من كتاب "دراسة فلسطين" والتي كتبها من داخل المعتقل:

في يوم الأربعاء ليلة الخميس 8/12/ 1987م صاغ المكتب الإعلامي لحركة الإخوان المسلمين البيان الأول للانتفاضة، على أن يتم طباعته ويوزع يوم الجمعة 10/12/1987م في كل مساجد القطاع في وقت واحد، كما تمت صياغة برنامج عمل يوم الخميس 9/12/1987م؛
وتضمن حضور عدد كبير من أفراد الكتلة الإسلامية إلى الجامعة، وقذف سيارات الاحتلال، وإثارة طلاب المدارس عن طريق شباب الكتلة الإسلامية في هذه المدارس،وكذلك عدم خروج عمالنا وأصدقائنا إلى العمل، والقيام بإشعال إطارات السيارات، وعمل متاريس في المناطق، وقذف قوات الاحتلال بالحجارة، والتبرع بالدم للمصابين في المستشفيات.
وما إن تمت هذه الصياغة للبيان الأول الذي سيوزع يوم الجمعة والذي يعلن عن بداية انفجار البركان المقوض لأركان الاحتلال وصياغة جدول عمل يوم الخميس حتى كان صقور جهاز الأمن في انتظار القرار.
واتسعت دائرة الأحداث ليتلقى جمهورُنا البيان الأول يوم الجمعة بتاريخ 10/12/1987م موقعًا باسم حركة المقاومة الإسلامية، وأعطيت الرمز "ح. م. س" وسبق أن وزعت الحركة العديد من بياناتها بهذا الاسم، وكذا باسم الاتجاه والتيار الإسلامي والكفاح الإسلامي، إلا أن الله قدر اختيار اسم حركة المقاومة الإسلامية.
وتميزت بيانات الحركة في هذه الفترة بالتثوير الجماهيري والصدق، بعيدًا عن التعريض بأي اتجاه وصراعات الماضي، ومبينة أن عدو الجماهير الفلسطيني واحد وهو العدو الصهيوني، ومؤكدين أن حماس هي الساعد القوي لجماعة الإخوان المسلمين.

تخطي العقبات

انتفاضة الفلسطينيين

وشهدت الأيام الأولى للانتفاضة عقبات بالغة الخطورة، ولعل أخطرها، محاولات بعض الإخوة في حركة فتح ورفاق الجبهة الشعبية التشكيك في الإخوان المسلمين وفي حركة المقاومة الإسلامية، سواء بالكلمة أو اللمز أو بالفعل، أو بعدم الاستجابة لإضرابات حماس.

وتعدى الأمر هذا الحد عندما تصدى الإخوة في فتح لأفراد حماس وقاموا بالاعتداء عليهم، وتمت معالجة الموضوع بالاتصال بمن لهم كلمة نافذة على عناصر فتح، ومناشدتهم عدم تصعيد الأحداث وإشعالها، وإخبارهم أن المعركة لا بد أن تكون ضد العدو، وضرورة تجميع الجماهير على هدف واحد.

العقبة الثانية التي واجهتنا هي تشكيل القيادة الموحدة، دون أن يكون لنا أي معرفة بأمر تشكيلها إلا من خلال بيانها دون أن يتصل بنا أي فصيل منها حتى لمجرد إعلامنا، وهكذا أرادت أن تُصرف الجماهير عن الحركة فإذا بالقيادة الموحدة تصبح في كفة وحماس في كفة أخرى، لكن دون أن تتمكن القيادة من سحب البساط من تحت إقدام حماس.

وانطلقت الانتفاضة إسلاميةً بصيحات الله أكبر، ولم نقف مكتوفي الأيدي، وقد وعدت الحركة بأنها ستثأر للشهداء:

واحدًا بواحد، أي إذا استشهد واحد من شعبنا قتلنا واحدًا من الصهاينة.

لقد كانت البداية بسيطة لكنها فعالة وإن لم يعترف العدو بأي جرحى أو قتلى، ولم يعترف بوقوع عمليات أصلاً، فما بين بداية مارس وحتى منتصف أغسطس نفذ مجاهدونا حوالي 17عملية تفجير بالكهرباء، أو إلقاء عبوات.

وفي مارس 1988 تم إطلاق النار على مهندس صهيوني، وفي أغسطس على سيارة، وقتل أحد المغتصبين، وتمت أول عملية إحراق للمزروعات الصهيونية في معسكر البريج، وكان لا بد من التطوير النوعي؛ ففي الشهر الثاني للانتفاضة استخدم مجاهدونا العبوات الناسفة.

أجهزة الحركة

الأستاذ شحادة في الاحتفال بتأسيس حركة حماس

وعملت الحركة بتناسق تام مع أجنحتها الثلاثة:

  • الجناح العسكري:
وتأسس هذا الجناح عام 1983 بشكل رسمي، ولكنه تأثر بضرب الجماعة في يونيو 1984، وأعيد بشكل جيد في عام 1986م.
  • الجناح الأمني:
وتأسس عام 1983م؛ حيث يقوم بجمع المعلومات، وأخذ يتبلور كجهاز استخبارات بشكل أقوى عام 1984م، وتطور تدريجيًّا حتى تم اعتقال اثنين من مؤسسيه 1988، ولكن دون أن يعترفا على الجهاز، ولكنه جناح حماس وهو الساعد القوي لجماعة الإخوان،
وهو الذي دخلت باسمه في الانتفاضة، وتعمل هذه الأجنحة أو السواعد بتنسيق تام مع جهة القيادة العليا التي كانت في الأرض المحتلة.

وصية الشهيد القائد

نقلت حرفيًا وحذف منها البند الثامن المتعلق بتفصيل أمواله وديونه

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا أبي القاسم محمد بن عبد الله..

أما بعد

فهذه وصية شرعية أدعو من يقرأها إلى تنفيذها بكل ما يرد فيها.

أولاً: أوصيكم بتقوى الله والجهاد في سبيله، وأن تجعلوا فلسطين أمانةً في أعناقكم وأعناق أبنائكم إلى أن يصدح الأذان في شواطئ يافا وحيفا وعسقلان.

ثانيًا: أوصي في كل أموالي وديوني التي ستفصل في ملحق خاص بتنفيذ حكم الله فيها، وذلك بعرض تفاصيل ما يتصل بأموالي وديوني على عالم شرعي مختص من أتقياء المسلمين.

ثالثًا: أؤكد بتنفيذ المواريث حسب شرعنا الحنيف.

رابعًا: أوصي أن يتولى غسلي إن غُسلت الأخ نزار ريان، فإن لم يكن فالأخ عبد العزيز الكجك، على أن يستروا عورتي ويحفظا سري حفظهما الله وأن يتولى لحدي في قبري أَحد الأخوَين المذكورين.

خامسًا: تنتهي التعزية بي عند قبري وإني بريء من كل من يقوم بنصب مأتم لي، وأبرأ إلى الله من كل عمل يخالف شرع الله من النياحة أو اللطم أو شق الجيوب أو نتف الشعور أو تكبير صوري ووضعها على الجدران.

الأستاذ صلاح شحادة الشهيد يقبل ابن أخيه بلال شحادة

سادسًا: أوصي أهلي وزوجتي وذريتي بالدعاء لي بالمغفرة والستر، وأن يسامحوني من أي عمل يجدونه في خواطرهم علي.

سابعًا: أن يكون قبري بجوار قبور الصالحين ما أمكن، وألا يبنى قبري أو يجصص أو يكتب عليه الشهيد، وإن استشهدت فالله أعلم بعباده.

وأخيرًا..

أدعو الله تعالى أن يرحمني وإياكم،وإلى لقاء عند رب غفور رحيم كريم بإذنه تعالى،

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

كتب صلاح بن مصطفى بن محمد شحادة بتاريخ 20 صفر 1422هـ

شهد عليه الشيخ...

أشهد لقد كتبها وأنا أنظر وأحضر.

توقيع الشيخ الشاهد.

إقرأ أيضا

وصلات داخليةوصلات خارجية

وصلات فيديو