محيي الدين عطية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
محيي الدين عطية .. الشهيد الحي والشاعر المجاهد

موقع إخوان ويكي (ويكيبيديا الإخوان المسلمين)

مقدمة

الشهيد الحي، تتعجبون من هذا! ولكنه حقـًا كاد أن يكون شهيدًا في مجزرة لم يعرف التاريخ لها مثيلاً ، في محنة قضاها هو وإخوانه في سجن لأعتى الطغاة تجبرًا في عصره، في سجن من طغى وتجبر، في سجن من تفر عن وتأله، في سجن من استخف قومه فأطاعوه، ولم يراعوا حرمات أمرهم بانتهاكها، بل أمرهم بأن ينهوا عباد الله إذا صلوا، ولم يعبئوا إن كان من أمروهم على الهدى، أو كانوا على التقوى، بل كذبوا وتولوا، وتجهلوا عن علم بأن الله يرى، ونسوا وعيد ربهم إن لم ينتهوا ليُسحبُنَّ من ناصيتهم ثم ليُجرُّنَّ بها بقسوة وعنف إلى النار، وإن كانوا أصحاب بأس فليحضروا من استعانوا بهم في تعذيب المؤمنين وسيفاجئوا بزبانية جهنم تحملهم ومن استعانوا بهم إلى نار كانت لهم جزاء ومصيرًا.

بالرغم من قسوة ما لاقى من تعذيب إلا وتجده رقيق الإحساس والمشاعر مرهف في أحاسيسه تجد له قلمًا طيب التعبير حسن التصوير رائع التفسير يصوغ ما بداخله صياغة أديب بارع فهو حقًا أديب بارع وشاعر رقيق سخر قلمه للحق وللإسلام.

إنه الأستاذ الشاعر محيي الدين عطية محمد .

المولد والنشأة

  • عاش الأستاذ محيي الدين عطية حياة مليئة بالعطاء، فكان مولده في يوم الأول من يناير لعام 1934م الموافق 15 من شهر رمضان لعام 1352هـ في حي منشية الصدر من أحياء القاهرة، قضى الثلاثة أعوام الأولى من حياته فيها، ثم انتقلت أسرته به وهو ابن الثالثة من عمره إلى حي السكاكيني بالقاهرة، حيث قضى فيه قرابة العشرة أعوام، حيث فارق في هذه المرحلة المبكرة من عمره أباه وأمه وأخته الكبرى، حيث مات أبوه وهو ابن تسع سنين، ثم حصل على الابتدائية وبعدها بعام تقريبـًا ماتت أمه، ففقدهما مبكرًا، وفي نفس العام التي توفيت فيه أمه ماتت أخته الكبرى، فبذلك يكون قد انقطع حنان الأبوة والأمومة عنه كليةً.
  • احتضنته خالته فذهب إليها للإقامة معها، والتحق عندها بمدرسة الحسينية الثانوية حيث كانت تقطن هي أيضًا في حي السكاكيني وتعرف في هذه المرحلة على دعوة الإخوان المسلمين.

في ركب الإخوان المسلمين

  • تعرف على دعوة الإخوان المسلمين في عام 1946م وكان قد بلغ من العمر اثنا عشرة سنة كان ساعتها طالب في الثانوية العامة وكان سبب تعرفه بالإخوان المسلمين هو شقيقه الأكبر الدكتور جمال الدين عطية – حفظه الله- فالتحق بشعبة الإخوان المسلمين في حي الظاهر بالقاهرة وكانوا يقيمون في الرحلات والأسر والمعسكرات للشباب ومحاضرات تعلم التفسير والتجويد وغيرها من دروس العلم الذي كان يتربى عليها الشباب في الشعبة واستمر فيها حتى انتقل إلى شعبة الروضة.

اعتقال في حداثة سن

  • لم يمر عليه الكثير في ركب الإخوان حتى ابتلي باعتقال وهو طالب في مرحلة التوجيهية (المرحلة الثانوية حاليــًا) حيث التحق بالتوجيهية في عام 1946م وكان الاعتقال في عام 1948م في الهايكستب قضى خلاله ثمانية أشهر بعدها في أوائل عام 1949م صدر قرارًا بالإفراج عن المعتقلين.

ما بعد الاعتقال

  • بعد خروجه من الاعتقال عاد ليكمل دراسته الثانوية، فحصل على شهادة الثقافة من مدرسة الحسينية بالعباسية في عام 1949م وبعدها بعام أتم تعليمه في المرحلة الثانوية وتخرج في مدرسة فؤاد الأول عام 1950م.
  • بعد الثانوية التحق بكلية التجارة جامعة القاهرة، وكانت إقامته في هذه الفترة ما بين منيل روضة وحلوان حتى تخرج فيها في يونيو من عام 1954م، من شعبة الاقتصاد.
  • ومن الجدير بالذكر أنه في مارس من عام 1950م ألغى رئيس الوزراء النحاس باشا معاهدة 1936م التي كانت بين مصر والإنجليز والتي أضرت بمصالح البلاد فبإلغاء هذه المعاهدة تحرك الشعب لمناهضة الاحتلال وحربه فتجهزت كتائب من كل مكان من أنحاء البلاد ومن كل فئات المجتمع وفي القلب منها الإخوان المسلمين وفي القلب منهم طلابهم في الجامعات فكونت كتيبة في جامعة القاهرة واشترك فيها الكثير من طلاب الجامعة وكان معهم وفي الصدارة فيهم الأستاذ محيي الدين عطية الذي لم يألوا جهدًا في أن يجاهد مع المجاهدين لتحرير بلاده من المستعمر الغاشم كان ذلك في عام 1954م.

الإعتقال الثاني ... الأقسى

  • بعد تخرجه من الجامعة في يونيو من عام 1954م، كانت الحادثة المشئومة حادثة المنشية التي اتهم عبد الناصر فيها الإخوان بأنهم هم من دبروا لقتله، في حين أن هذا الاتهام لا يصمد أمام التحقيق الموضوعي وسرعان ما سينكشف أنه فرية كبرى نفذها عبد الناصر ورجاله للتخلص من الإخوان وهذا ما أثبتته الكتابات المحايدة بعد ذلك من مؤرخين محايدين ومنصفين أمثال الدكتور أحمد شلبي وغيره، بسبب هذا زجَّ بكثير من الإخوان المسلمين في السجون وأقيمت لهم المشانق ونكلوا في سجون عبد الناصر تنكيلاً، وكان للأستاذ محيي الدين عطية نصيبٌ في هذا التنكيل؛ حيث كان اعتقاله في أوائل عام 1955م وكانت حادثة المنشية في أكتوبر من عام 1954م، قضى خلال هذا الاعتقال رحلة شاقة لا مثيل لها من العذاب الشديد فكأن طاقة من جهنم فتحت عليهم دون ذنب، قضى في السجن ثلاث سنوات، ويا لهذه السنوات من أهوال وويلات.

تنقل الأستاذ محيي خلال هذه السنوات على ثلاث سجون من أكبر سجون مصر العتيدة المعروف عنها بالقسوة البالغة، فيها أشرس صناديد وزبانية عبد الناصرـ ففي السجن الحربي، وما أدراك ما السجن الحربي! عذاب بلا هوادة، وتنكيل وتعليق وتقتيل بلا رحمة، وتفنن في صب العذاب على المسجونين صبًا لا يطيقه إنسان أو حيوان أو حتى حجارة صماء، وكانت المحطة التي تليها كانت محطة سجن طرة، هذا السجن الذي تشهد جدرانه وأراضيه على أن دماء الإخوان أريقت فيه إراقةً لا نظير لها في التاريخ وتشهد غُرَفُهُ ما دبره الغاشم الأثيم من كيد بشباب هم من خيرة شباب مصر، بشباب آمنوا بربهم وترعرعت فيهم بذرة الصحوة الإسلامية بأنوارها المشرقة، حيث كان في عام 1957م مذبحة مروعة لـ 180 من الإخوان المسلمين أراد عبد الناصر أن يقتلهم شر قتلة وأن يتخلص منهم فكاد لهم كيدًا وكاد ربك كيدًا لهؤلاء الضعفاء المؤمنين الذين لا حيلة لهم ولا سند لهم إلا الله.

في هذه المذبحة دبر لهم بليل أنهم سيقتلونهم قتلةً قانونية حيث ستكون هذه في الجبل ويتهمونهم بأنهم أثاروا الشغب وحاولوا الهروب لكن الله سلم حيث أنهم لو نفذت فيهم هذه الخطة لقتل 180 من الإخوان بغير ذنب ومتهمين كذلك فأعلم الله الإخوان بذلك فرفضوا الخروج إلا أن جبروت المتجبرين لا يحده حد فما إن علموا بأن الإخوان رفضوا الخروج خوفًا على حياتهم وطلبوا التحقيق معهم من قِبـَل النيابة – وهذا تصرف قانوني – إلا وأصر الطغاة على إنفاذ ما بيَّتوه فأدخلوا عليهم كتيبة مدججة بالسلاح داخل السجن فقتلوهم في زنازينهم وفتحت عليهم النار من كل حدب وصوب فاستشهد منهم 21 وأصيب الأحياء جلهم وجن 14 منهم وكان من بين الذين أصيبوا وكتب الله لهم الحياة كان الأستاذ محيي الدين عطية حيث كتب الله له حياة مليئة بالجهاد في سبيل نشر الفهم الوسطي للإسلام بعد ذلك حيث انتقل بعد سجن طرة إلى سجن القناطر ثم خرج بالإفراج الصحي عن المعتقلين السياسيين في عام 1959م، وعن تفاصيل مذبحة طرة التي حدثت معه تحديدًا لم يبلغنا لتورعه عن ذكر ذلك ورغبته في أن يكون ذلك بينه وبين ربه.

استئناف الحياة بعد المحنة

  • بعد خروجه من هذه المحنة العصيبة استأنف حياته العملية بالعمل في شركة ( فولفو ) وكان وكيلها في القاهرة شركة الكويت والبلاد العربية للاستيراد والتصدير وكان ذلك في 18/10/1959م وكان ساعتها يقيم في حي منيل روضة بالقاهرة وكانت الشركة قريبة من منزله، قضى في هذه الشركة قرابة الثلاث سنوات.
  • في عام 1961م انتقل فأقام في حي مصر الجديدة بالقاهرة ولبعد المسافة بين سكنه الجديد وعمله في منيل روضه قرر البحث عن عمل وبالفعل في الأول من يناير من عام 1962م جاءته فرصة عمل في شركة الدلتا الصناعية إيديال كمدير للتصدير وكان هذا العمل بمثابة رزق الزواج حيث تزوج قبله فكان زواجه في يناير من عام 1961م، وفي أكتوبر من نفس العام وهبه الله ابنه الأكبر هاني فكان بشارة هناء لوالده حيث تم تعيينه في وزارة الحربية كملازم احتياط في يونيو من عام 1962م وبعدها بعامين حصل على دبلوم التسويق من جامعة القاهرة في شهر يونيو من عام 1964م.

الاعتقالين الثالث والرابع وحتمية الهجرة

  • في الحلقة الثانية من حلقات تنكيل عبد الناصر بالإخوان المسلمين، قاسى أهالي المعتقلين حياة صعبة لأن رب الأسرة الذي يعولها ويتكفلها قد انقطع ذكره وانمحى أثره إلى حيث لا يعلم متى سيعود، إن عاد، فكان على الإخوان الذين هم بخارج السجون ولم يقبض عليهم أن يقوموا بالواجب الإسلامي من كفالة الأسر التي تستحق المساعدة فتكفلوها تحقيقًا للمبدأ الإسلامي في كفالة الفقراء فما إن علم عبد الناصر بذلك إلا قرر استئناف الحلقة الثانية من حلقات التأله والتكبر على خلق الله بغير وجه حق وأصدر قرارًا من الاتحاد السوفيتي بالبحث عن التنظيم الإخواني المختفي فبحثوا واعتقلوا كل سبق اعتقاله من الإخوان المسلمين وكل من ساعد في إعالة الأسر الفقيرة المستحقة من أسر المعتقلين وقبض على الأستاذ محيي في هذه المرة أيضًا كان ذلك في سبتمبر من عام 1965م ووضع في سجن مزرعة طرة حتى أفرج عنه في ديسمبر من عام 1966م.
  • وما مرت عدة شهور حتى أعيد اعتقاله في عام 1967م قضى خلاله سنة وأفرج عنه في عام 1968م وبعد كل هذه المحن كان لا بد من الهجرة فهاجر إلى الكويت.

في الكويت

  • في عام 1968م كانت الهجرة إلى الكويت حيث عمل في شركة أمريكانا بالكويت وقطن فيها بحي السالمية حيث ارتحل خلال هذه الفترة مع عمله إلى أكثر من دولة حيث سافر تركيا عدة مرات متفرقة وكذلك البحرين ولبنان وألمانيا وبريطانيا والدانمراك فكانت فترة مليئة بالسفريات والتنقلات، نشر له خلالها أول مجموعة شعرية في عام 1969م.
  • في عام 1972م كانت الرحلة المحببة إلى قلوب ملايين المسلمين، رحلة الحج إلى بيت الله الحرام فكانت منحة إلهية لا يعدلها منحة أخرى.
  • مما امتاز به الأستاذ محيي حبه في المثابرة وطلب العلم حيث حصل على دبلوم التكاليف من جامعة بريطانية بلندن عبر المراسلة كان ذلك في عام 1973م أنشأ بعدها دار البحوث العلمية للنشر والتوزيع بالكويت مشاركة مع الأستاذ صلاح عمار رحمه الله فظل يعمل في هذه الدار قرابة الخمس سنوات تميزت بالسفريات الكثيرة إلى عدة دول من بلدان العالم مثل دبي ولبنان وبريطانيا والرياض وباكستان والهند وإيطاليا كما وهبه الله عز وجل بزيارة بيته الحرام معتمرًا ثلاث مرات.

الكويت .. المرحلة الثانية

  • تتميز هذه المرحلة بالعطاء الأدبي الوفير حيث بدأت ثماره الأدبية يراها الناس طيبه تخرج من شجرة يانعة غذتها السنون الطويلة بالأحداث الكثيرة والتجارب والدروس المستفادة فكان أول نتاج أدبي كما أسلفنا في عام 1969م بنشر مجموعات شعرية وكان ثاني نتاج أدبي ظهر للناس في هذه المرحلة نشر الببليوجرافيات في عام 1982م وهي عبارة عن تجميع كل ما كتب في موضوع بعينه في قالب مقالي ليستفيد منه الباحثين كان بعدها الفتح الرباني على الأديب الرباني في شهر إبريل من عام 1987م بالتعاقد مع المعهد العالمي للفكر الإسلامي فرع الكويت، مشرفــًا على الفروع الخارجية فيه، حيث يهتم هذا المعهد بنشر الفكر الوسطي للإسلام في ربوع المعمورة من خلال إنشاء فروع له في الأقطار تعمل على نشر الفكر بين أبناء القطر من مثقفيه وطلاب علم وغيرهم بإقامة ندوات ودورات وإصدار كتب وغيرها من النشاطات، فكان للأستاذ محيي الدين عطية إسهامات بالغة فيه هو وأخيه الدكتور جمال عطية، ففي عام 1987م نشر له مجموعة (صلاة الفجر) الشعرية، وبعدها بعام نشر له مجموعة (لكنكم تستعجلون) الشعرية، بعدها نقل إلى فرع المعهد الرئيسي في أمريكا ليصبح مديرًا لإدارة النشر.

الهجرة إلى أمريكا

  • كانت الهجرة إلى أمريكا بمثابة منعطف آخر في حياة الشاعر الأستاذ محيي الدين عطية حيث انتقل في عام1989م ليكون مديرًا لإدارة النشر في المعهد العالمي للفكر الإسلامي بأمريكا ثم مستشار أكاديمي بالمعهد حتى عودته إلى مصر في عام 2003م. ومن أواخر إسهاماته في يناير من عام 2010م سافر إلى لبنان لحضور اجتماع تحضيري لإنشاء جامعة إسلامية في بيروت.
  • إلى مصر الكنانة كانت عودته حيث المنشأ والحنين، رجع إليها بعد شوق طويل، ورحلة مديدة من الغربة عن أرض الوطن؛ حيث غادر مصر في عام 1968م وعاد إليها في عام 2003م أي ما يقرب من خمسة وثلاثين عامًا قضاها هجرة وغربة.

محيي الدين عطية .. الشاعر

الأستاذ محيي الدين عطية
  • للشاعر نتاج غني من الأشعار والأعمال الأدبية بدأت أولى ثمار أعماله الأدبية في عام 1969م بنشر مجموعات شعرية، ثم تلاها ثاني ثماره الأدبية في عام 1982م بنشر الببليوجرافيات وهي عبارة عن تجميع كل المؤلفات التي كتبت في موضوع معين خلال فترة زمنية معينة حيث تميز فيه غاية التميز حتى صدر له مؤلف كبير هو "دليل مؤلفات الحديث الشريف المطبوعة القديمة والحديثة" بالاشتراك مع كل من صلاح الدين حفني ومحمد خير رمضان يوسف صدر عن دار ابن حزم في طبعته الأولى عام 1995م، حيث تهيأ هذا العمل للنشر بعد عقد من الزمن تم خلالها تجميع معلومات ببليوجرافية عن كتب الحديث الشريف من مصادر مختلفة وعلى فترات متقطعة.
  • في عام 1987م صدر له مجموعة "صلاة الفجر" الشعرية، وتلاها بعام صدرت مجموعة "لكنكم تستعجلون" الشعرية، ومن مجموعاته الشعرية أيضًا نزيف قلم – دموع على الطريق – قسماً- مجموعة أناشيد المقاومة- من الأعماق. ثم في عام 1992م نشر له الكشافات الموضوعية للقرآن الكريم وهي من الأهمية بمكان، ما يعلمه طلاب العلم والباحثين والعلماء وفي نهاية المطاف نشر له ديوان "رحلة نصف قرن" عن دار المختار.
  • يتميز الشاعر محيي الدين عطية بأن له أسلوبًا سلسًا، مذاقه في اختيار مفرداته وتراكيبه عذبة، تتميز أشعاره بموسيقى هادئة تتسل إلى الوجدان فتطربها، لتنقل إلى المستمع ما يدور بخلد الشاعر من أحاسيس مليئة بالعواطف والخبرات التي غذتها السنون والأحداث والأيام،
  • وتعالى بنا أخي القارئ لنحلق فوق أزهار أشعاره لنرتشف منها الرحيق:
في قصيدة صورة لها من العذوبة والروعة ما يبهر أذن السامع:

إذا مــا الفضـة انتشرت

خيوطــــاً في ليـاليــنا

تـراقبهـا مـآذننـــــا

فتصــدحُ كي تناديـــنا

نلبّيهـا فيهــرب مــــا

تثـاقـلَ مـــن مـآقينـا

ونلقي النسـمةَ العـذراءَ

نرشفُــــــها وتُــرْوينا

تعـانقُــنـا، تقبِّــلـنا

وتـوقـظُ خيـرَ مـا فينـا

وفي قصيدته (جريح من هرات) مجموعة من الصور الحيّة المعبّرة كهذه:

تمازُحــني كأنـك يـومُ عُـــرْسٍ

وجُـرحـك وجـهُ عـذراءٍ مليـحُ

وبضحـك في ندى عينـيك طــفلٌ

فتضــحك دمعتي، ولــها فحيحُ

وجُرْحُـك أحمـرُ الشفـتين يشـدو

بأغنيــةٍ لـها كالمسـك ريـح

واقرأ معي في قصيدته (نشوة) وتأمل هذه الصور البديعة:

إذا ما استحمّتْ عيون السماء بضوء القمرْ

هنالـك يُدعى اليراعُ الوفيُّ لبـعض السَّــهرْ

وتتلو القوافي مع الكائنات دعاءَ السَّحَرْ

هنا يسـبحُ المرءُ في نشوةٍ من نسيـج القدر

ومن الأهمية بمكان أن نذكر أن الشاعر كان له سجال شعري بينه وبين الشاعر نزار قباني حيث نظم الأخير قصيدة سماها "الخرافة"، يقصد بذلك الكتاتيب وما كانوا يدرسونه فيها، فرد عليه الشاعر المتوقدة أحاسيسه بروح الإسلام في قصيدة فنَّد فيها حججه الواهية ورد عليه فيها وأسمى القصيدة "الحقيقة":

أبيات نزار .. قصيدة الخرافة

الخرافـة

حين كنا .. في الكتاتيب صغارًا

حقنونا .. بسخيف القول ليلاً ونهارًا

درَّسونا

ركبة المرأة عورة

ضحكة المرأة عورة

صوتها - من خلف ثقب الباب - عورة

صوروا الجنس لنا

غولاً.. بأنياب كبيرة

يخنق الأطفال

يقتات العذارى

خوفونا .. من عذاب الله إن نحن عشقنا

هددونا .. بالسكاكين إذا نحن حلمنا

فنشأنا .. كنباتات الصحاري

نلعق الملح، ونستاف الغبارًا

يوم كان العلم في أيامنا

فَلَقَة تمسك رجلينا وشيخـًا .. وحصيرًا

شوهـونـا

شوهوا الإحساس فينا والشعورا

فَصَــلوا أجسادنا عنـا

عصوراً .. وعصورًا

صوروا الحب لنا .. بابا خطيرًا

لو فتحناه .. سقطنا ميتين

فنشأنا ساذجين

وبقينا ساذجين

نحسب المرأة .. شاة أو بعيرًا

ونرى العالم جنسًا وسريرا

أبيات محيي الدين عطية قصيدة الحقيقة:

الحقيقة

حين كنا

نتغذى من عقول الفضلاء

وتربينا شريفات النساء

آلت الأرض إلينا والسماء

أشرق النوار فينا

وتباهينا بجيل العظماء

وسقطنا

إذ رضعنا كلمات الآخرين

وطعمنا من فتات الغالبين

أوهمونا

أننا نطفو بإغراق السفين

أننا نحيا بدفن السالفين

فتسابقنا لسب العلماء

وتندرنا بقول الأنبياء

أي عشق ياسليب الأرض

من دون السماء ..

أي عشق ..

والصواريخ تدك الكبرياء

قد دحرنا ..

يوم صار الفن ماخورًا كبيرًا

يوم أضحى الشعر كأسـًا وسريرًا

لقَّـنوا

لا يكون الحب حبـًا

دون عري الركبتين

فسمعنا ..

وأطعنا ..

فتعرى الحب منا

حين صار القلب عند الركبتين

حين ضاع النبض بين الشفتين

ما قتـلنا ..

أو سبينا ..

ما هزمنا ..

بصواريخ الفناء

حقنونا ..

فانتحرنا ..

بمزامير صغنا لحنها

كالبلهاء

وفي تقديره لقيمة الوقت يقول في القصيدة:

كـم أوهـمونا بأن الـوقتَ مـن ذهَــبِ

عـدوه مـالاً، وإن زانـوه بـالـلـقـبِ

الوقت – إن شـئت تـعـريفـًا بجـوهـرِهِ

يعني الـحياة الـتي نـحيـا، بـلا عجـبِ

ما مـن صـباح، خـيوط الشـمس تنسـجهُ

إلا يـنادي: ألا إني بـلا عـقـــــــبِ

مالي رجوع لـدنيا الـنـاس ثـانيـــةً

فاقطف مـن الغصن خير الزاد، واحْتطـبِ

رباه بارك لنا في الوقـت ما سـمحـتْ

أعـمارنا، إنك الوهاب، فـاسـتـجـبِ

أما في قصيدة (الفساد) فيقول فيها:

غريبٌ بين أظهرنـا أقامـا

ومدَّ له فراشـًا واستناما

ولم نفطــن لمولده زمــانا

ولا ندري متى بلـغ الفطاما

وختمها بقوله:

فلا أجد السبيل سـوى رجوع

إلى هَدي الكتاب لنا إمامًا

وأنــوار النبوة نرتضيها

تقود مسيرة الركب التزاما
  • يعيش الأستاذ محيي الدين عطية حياة حافلة بالعطاء للإسلام والمسلمين، فاللهم اجزه عن الإسلام وأهله خير الجزاء وبارك له في صحته وذريته ودعوته وتقبل من كل أعماله، اللهم آمين.

ألبوم صوره

ألبوم صور الأستاذ محيي الدين عطية


إضغط علي الصورة لتظهر بحجمها الكامل

 

الأستاذ محيي الدين عطية

الأستاذ محيي الدين عطية

الأستاذ محيي الدين عطية

الأستاذ محيي الدين عطية


المراجع والمصادر