ثقافة القتل وصناعة الجثث

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

ثقافة القتل وصناعة الجثث ..... بقلم / أحمد منصور

جرائم أمريكا في أفغانستان

فى الحقيقة... القتل شيء مليء بالمتعة ، عندما تذهب لأفغانستان تجد رجالا كانوا يصفعون النساء بلا مبالاة طيلة خمس سنوات لأنهم لا يرتدون الحجاب ... لذا قتلهم هو شيء مليء بالمتعة " .

بهذه اللغة وهذه الثقافة تحدث الجنرال الأمريكي جيمس ماتيس قائد إحدي فرق مشاة البحرية الأمريكية فى ندوة عامة فى مدينة سان دياجو بولاية كاليفورنيا الأمريكية فى الأول من فبراير عام 2005 ، ولم يكن الجنرال يتحدث بهذه اللغة عن ثقافة خاصة به وإنما عن ثقافة عامة لدي القوات الأمريكية التى تمارس القتل والخراب والدمار فى أنحاء العالم منذ أن قامت الولايات المتحدة على أطلال قبائل الهنود الحمر السكان الأصليين لما عرف بعد ذلك بالولايات المتحدة الأمريكية نهاية القرن السابع عشر .. غير أن ثقافة القتل وصناعة أكوام الجثث لم تكن تجد في ذلك الوقت من يقوم بتصويرها تليفزيونيا وربما فوتوغرافيا ، فلم تتوفر صور حقيقية لها ولكن بقيت ثقافتها يمارسها الأمريكيون جيلا بعد جيل فى أطراف الدنيا ، وكانت القنبلتان النوويتان اللتين ألقيتا من طائرتين أمريكيتين علي كل من مديني هيروشيما ونجازاكي اليابانيتين في السادس والتاسع من أغسطس من العام 1945 ، أكبر جرائم القتل الجماعي للبشر التى ارتكبت فى تاريخ الأنسانية فى خلال ساعات معدودة ، فخلال ثلاثة أيام فقط قتل ما يقرب من مائتين وخمسين ألف شخص وجرح ما يزيد علي مائة ألف فيما بقي الملايين علي مدي أجيال يعانون من آثار الأشعاع النووي ، وبقي الطيارون الذين اركتبوا هذه الجريمة الأنسانية الجماعية التى لن تمحي من تاريخ البشر لا يشعرون بأي ذنب تجاه ما قاموا به حتى اللحظات الأخيرة فى حياة كل منهم حيث توفي الأخير منهم قبل سنوات معدودة ، وكان هذا الطيار الذي يدعي بول تيبتس قد حاورته صحيفة الواشطن بوست الأمريكية في شهر أغسطس عام 1995 في ذكري مرور خمسين عاما علي إلقاء القنبلتين حول مشاعره تجاه ما قام به بعد مرور خمسين عاما وما إذا كان قد شعر بأي ندم أو أرق لمقتل وإصابة مئات الآلاف من البشر بسبب قصفه لهم فأجاب قائلا : " لا ... لم يحدث أن عانيت من أي أرق نتيجة التفكير في هذه المسألة ، ولن أعاني أبدا من مثل ذلك ، فأنا لم أقم بعمل يمكن أن أخجل منه " أما الطيار الذي كان قد كلف بمهمة إلقاء قنبلة ثالثة علي مدينة يابانية أخري والذي ألغيت مهمته بعد إعلان اليابان عن استسلامها علق علي إلغاء مهمته قائلا : " لقد شعرت في ذلك الوقت بخيبة أمل حينما أبلغوني بإلغاء العملية ، فقد أردت أن أعرف كيف يكون ذلك " .

هذه الثقافة التى يتم غرسها فى نفوس هؤلاء البشر هي التى أوجدت هذه الحروب التى لا تتوقف وهذه الجرائم البشعة التى ترتكب فيها حيث كان قتل خمسة أو ستة من البشر من قبل يعتبر مجزرة ، فأصبح بعد ذلك مسمي مجزرة يطلق علي شعب بأكمله أو جماعة بمكوناتها من النساء والأطفال والشيوخ ، وكانت الفلسفة الأمريكية فى تصفية القري والمدن والنساء والأطفال تعلن بشكل واضح لا يدعوا للأرق أو الندم أو التردد فى كل حروبها وأطولها حرب فيئتنام حيث كانت المنشورات الأمريكية تلقي علي سكان القري من الطائرات وتقول لهم : " إن قوات الفيتكونج تختبيء بين النساء والأطفال فى قراكم وإذا ما استخدمكم الفيتكونج في هذه المنطقة أو استخدموا قراكم لهذا الغرض فانتظروا الموت من السماء " وكان الموت يأتي الفيئتناميين نساء وأطفالا وشيوخا وحيوانات وبشر علي مدرا الساعة طيلة عشرين عاما علي يد الآلة العسكرية الأمريكية فيما كان مهندس الحرب وزير الدفاع الأمريكي آنذاك روبرت ماكنمارا يعلن ثقافة القتل التى تقوم علي أن " التصرف المعقول في التعامل مع القنابل هو التخلص منها " والتخلص منها هنا بإلقائها علي البشر الأبرياء ، حيث ألقيت كافة أنواع القنابل علي الفيئتناميين فقتلت وجرحت وشردت الملايين وأهلكت الحرث والنسل ، وما حدث فى فيئتنام علي مدي عشرين عاما يحدث فى أفغانستان منذ العام 2001 وفي العراق منذ العام 2003 ، لكن أفغانستان تعرض في أكتوبر ونوفمبر من العام 2001 إلي أكبر عملية " قصف سجادي " في تاريخ الحروب ـ أي مسح الأرض شبرا بشبر وذراعا بذراع بالقنابل ـ حتى أن البروفيسور الأمريكي مارس هيرولد أعد تقريرا حول هذا الموضوع قال فيه إن مخازن وزارة الدفاع الأمركية قد تم تفريغها من كافة أنواع القنابل الكبيرة الحجم التى كانت متراكمة بها طوال عقود وتم التخلص منها حسب ثقافة ماكنمارا ولكن علي رؤوس الشعب الأفغاني المسلم ، فصعنوا أكواما هائلة من الجثث وراكموا كما هائلا من القصص المروعة والجرائم البشعة ، وربما كانت وسائل الأعلام حتى عقد أو عقدين علي الأكثر تتجنب إلي حد ما إطهار صور الجثث والمذابح علي صفحات الصحف أو عبر شاشات التلفزة لاعتبارات كثيرة ، ولعل الجميع يذكر تلك الصورة التى لعبت دورا كبيرا في إيقاف حرب فيئتنام ودفع الأمريكيين للخروج وهي صورة العائلة التى كانت تهرب من قنابل النابلم التى كانت تحرق الأخضر واليابس فى تلك البلاد والتى طورت الولايات المتحدة ماهو أكبر وأشد فتكا منها الآن حيث تستخدمه ويستخدمه حلفاؤها الإسرائيليون فى كل من أفغانستان والعراق وفلسطين فينشرون ثفاقة أكوام الجثث حتى أن الكاميرات لم تعد تستطيع أن تهرب من تلك الأكوام بل أصبحت أكوام الجثث تدخل بيوت الأحياء عبر شاشات التلفزة بالليل والنهار فى أطراف الدنيا دون أن تحرك ساكنا لدي الناس ، حينما تشير التقارير إلي أن عدد من قتلوا في العراق منذ العام 2003 وحتى الآن يزيد علي مليون عراقي كثيرون منهم لا يعرفون لم قتلوا ، وحينما يقتل ما لايقل عنهم فى أفغانستان حيث لا تفرق القنبلة والصاروخ الأمريكي بين طفل يرضع علي ذراع أمه أو شيخ ساجد يدعو ربه أو مقاتل يتواجد بعيدا فى الجبال يرد ويواجه المحتل الذي غزا أرضه ، فتكون نفس السياسة التى أعلنها ماكنمارا فى فيئتنام وهي إدانة الشعب كله طالما أن هناك مقاتلين بين صفوفه ، هذه الثفافة أدت إلي نشر تلك الثقافة " ثقافة القتل " ووجود تلك الصناعة الشيطانية " صناعة أكوام الجثث " ، حتى تعود الناس علي مناظر الدماء والأشلاء والخراب و الدمار صباح مساء ، حيث كانت صورة أم تهرب من قنابل النابلم وعلي ذراعها ابنتها قبل أربعين عاما كفيلة بإيقاف حرب كبري لكن أكوام الجثث التى تعرض علينا بالليل والنهار لم تعد تحرك ساكنا لدي الناس ، إن ما يحدث في أفغانستان و العراق وفلسطين ليس عبثا ، وما تبثه الكاميرات ووسائل التلفزة دون أن يحرك لدي الناس شيئا ليث عبثا كذلك ، حيث أصبح القتل وأكوام الجثث لا يحرك عند الناس شيئا سوي الأسف وهم جالسون علي أرائكهم يلومون الضحية أحيانا ، لكنهم فى الحقيقة ينتظرون دورهم فى القتل .


المصدر : نافذة مصر