الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الفضيل الورتلاني»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا ملخص تعديل
 
(١١ مراجعة متوسطة بواسطة ٣ مستخدمين غير معروضة)
سطر ١: سطر ١:
'''بقلم / المستشار : [[عبدالله العقيل]]'''
'''<center><font color="blue"><font size=5>الفضيل الورتلاني</font></font></center>'''




== '''[[الفضيل الورتلاني]]''' ==
'''بقلم: المستشار [[عبدالله العقيل]]'''


== الفضيل الورتلاني ==


[[ملف:الفضيل الورتلاني.gif|إطار]]
[[ملف:الفضيل الورتلاني.gif|إطار]]
يعتبــٍر العلامة الفضيل الورتلاني الجزائري من أبرز أعلام الحركة الاسلامية في [[:تصنيف:الإخوان في الجزائر|الجزائر]] الذين كان له دور مهم وفاعل في تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائرين سنة [[1931م]] ، حيث كان من اقرب الشخصيات للامام [[عبد الحميد بن باديس]] و الامام [[البشير الابراهيمي]] رحمهما الله ،وساهم مساهمة فعالة في التمكين لمباديء الجمعية في [[:تصنيف:الإخوان في الجزائر|الجزائر]]ثم في [[:تصنيف:الإخوان في فرنسا|فرنسا]] في صفوف العمال الجزائريين هناك .


ثم كان همزة الوصل القوية بين الفكر الاخواني وجمعية العلماء ، بحيث انضم الى جماعة [[الاخوان]] لما استقر في [[مصر]] وأصبح من أقرب المقربين للامام الشهيد [[حسن البنا]] رحمه الله وكان محل ثقته ، إذ كان ينوبه أحيانا في درس الثلاثاء وكلفه بالاشراف على فتح بعض شعب [[الاخوان|الجماعة]] في [[مصر]] كما كلف بملف اليمن، وقد جمعت بعض مقالاته في كتاب بعنوان [[:تصنيف:الإخوان في الجزائر|الجزائر]]الثائرة .
يعتبــٍر العلامة الفضيل الورتلاني الجزائري من أبرز أعلام الحركة الإسلامية في [[الجزائر]] الذين كان له دور مهم وفاعل في تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائرين سنة [[1931]]م ، حيث كان من اقرب الشخصيات للامام [[عبد الحميد بن باديس]] و الامام [[البشير الإبراهيمي]] رحمهما الله ،وساهم مساهمة فعالة في التمكين لمباديء الجمعية في [[الجزائر]] ثم في فرنسا في صفوف العمال الجزائريين هناك .
 
ثم كان همزة الوصل القوية بين الفكر الإخواني وجمعية العلماء ، بحيث انضم الى [[جماعة الإخوان]] لما استقر في [[مصر]] وأصبح من أقرب المقربين للامام الشهيد [[حسن البنا]] رحمه الله وكان محل ثقته ، إذ كان ينوبه أحيانا في درس الثلاثاء وكلفه بالاشراف على فتح بعض شعب [[الاخوان|الجماعة]] في [[مصر]] كما كلف بملف [[اليمن]]، وقد جمعت بعض مقالاته في كتاب بعنوان [[الجزائر]] الثائرة .




سطر ١٤: سطر ١٦:
== المولد والنشأة ==
== المولد والنشأة ==


ولد "إبراهيم بن مصطفى الجزائري"- المعروف بـ"الفضيل الورتلاني"- في 2 جوان [[1900م]]" في بلدة بني ورتلان بولاية سطيف شرقي [[:تصنيف:الإخوان في الجزائر|الجزائر]] ، وإليها انتسب، وجاءت شهرته بالورتلاني، ونشأ في أسرة كريمة لها اتصال بالعلم، فجدُّه الشيخ "حسين الورتلاني" كان من العلماء المعروفين في منطقته .
ولد '''"إبراهيم بن مصطفى الجزائري"''' المعروف بـ'''"الفضيل الورتلاني"''' في 2 جوان [[1900]]م" في بلدة بني ورتلان بولاية سطيف شرقي [[الجزائر]] ، وإليها انتسب، وجاءت شهرته بالورتلاني، ونشأ في أسرة كريمة لها اتصال بالعلم، فجدُّه الشيخ '''"[[حسين الورتلاني]]"''' كان من العلماء المعروفين في منطقته .
 
ومثل غيره من طلبة العلم حفظ القرآن الكريم وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ودرس علوم اللغة العربية على علماء بلدته، ثم انتقل إلى مدينة قسطنطينة سنة [[1928 م]] حيث استكمل دراسته على يد العلامة الشيخ "[[عبد الحميد بن باديس]]"، وفي مدرسة "ابن باديس" تلقى دروسه في التفسير والحديث والتاريخ الإسلامي، والأدب العربي، وتأثر بشيخه المصلح الكبير وبطريقته في الإصلاح، وغيْرته على المسلمين. ولم يلبث حتى بات منذ سنة [[1932م]] مساعداً له في التدريس، و متجوّلاً لصالح مجلة الشهاب ومرافقاً لابن باديس في بعض رحلاته بالوطن، مشاركاً بقلمه في كل من البصائر و الشهاب بروح وطنية متوثبة ، وشعور ديني ملتهب.


ومثل غيره من طلبة العلم حفظ القرآن الكريم وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ودرس علوم اللغة العربية على علماء بلدته، ثم انتقل إلى مدينة قسطنطينة سنة [[1928]]م حيث استكمل دراسته على يد العلامة الشيخ '''"[[عبد الحميد بن باديس]]"'''، وفي مدرسة '''"ابن باديس"''' تلقى دروسه في التفسير والحديث والتاريخ الإسلامي، والأدب العربي، وتأثر بشيخه المصلح الكبير وبطريقته في الإصلاح، وغيْرته على المسلمين. ولم يلبث حتى بات منذ سنة [[1932]]م مساعداً له في التدريس، و متجوّلاً لصالح [[مجلة الشهاب]] ومرافقاً لابن باديس في بعض رحلاته بالوطن، مشاركاً بقلمه في كل من البصائر و الشهاب بروح وطنية متوثبة ، وشعور ديني ملتهب.


== النشاط الإصلاحي ==
== النشاط الإصلاحي ==


'''لم يكن الشيخ "ابن باديس" يقصر دعوته على إصلاح حال الجزائريين في بلادهم، بل امتد بصره إلى المغتربين في [[:تصنيف:الإخوان في فرنسا|فرنسا]] من الجزائريين'''، ورأى أن من أوجب واجبات الجمعية أن تحمي إسلام هؤلاء من الضياع، وأن تتولى تربية النشء الجديد قبل أن تلتهمه الحياة الفرنسية، ونظر حوله فلم يجد أكفأ من "الفضيل الورتلاني" للقيام بهذه المهمة الشاقة التي تتطلب؛ إيمانًا بالقضية وإخلاصًا لها، ورغبة في الإصلاح والتغيير.
لم يكن الشيخ '''"ابن باديس"''' يقصر دعوته على إصلاح حال الجزائريين في بلادهم، بل امتد بصره إلى المغتربين في فرنسا من الجزائريين، ورأى أن من أوجب واجبات الجمعية أن تحمي إسلام هؤلاء من الضياع، وأن تتولى تربية النشء الجديد قبل أن تلتهمه الحياة الفرنسية، ونظر حوله فلم يجد أكفأ من '''"الفضيل الورتلاني"''' للقيام بهذه المهمة الشاقة التي تتطلب؛ إيمانًا بالقضية وإخلاصًا لها، ورغبة في الإصلاح والتغيير.
 
نزل "الفضيل" [[:تصنيف:الإخوان في فرنسا|فرنسا]] سنة "1355 هـ/[[1936م]]" مبعوثًا عن الجمعية، وأقام في باريس، وبدأ نشاطه المكثف بهمة عالية، واتصل بالعمال والطلبة الجزائريين [[:تصنيف:الإخوان في فرنسا|بفرنسا]]، وأخذ في إنشاء النوادي لتعليم اللغة العربية ومبادئ الدين الإسلامي ومحاربة الرذيلة والانحلال في أوساط المسلمين المقيمين [[:تصنيف:الإخوان في فرنسا|بفرنسا]]، واستطاع خلال عامين أن يفتح كثيرًا من النوادي الثقافية في باريس وضواحيها وبعض المدن الفرنسية الأخرى.


وانتهز فرصة وجوده في باريس فاتصل بالدارسين العرب في الجامعات الفرنسية، وتوثفت بينهم المودة والصلة، مثل العلامة "[[محمد عبدالله دراز]]" صاحب كتاب '''(دستور الأخلاق في القرآن الكريم)'''، والشيخ "[[عبدالرحمن تاج]]" الذي صار شيخًا للأزهر، والعلامة السوري "[[محمد المبارك]]"، والشاعر "[[عمر بهاء الدين الأميري]]".
نزل '''"الفضيل"''' فرنسا سنة '''"1355 هـ/[[1936]]م"''' مبعوثًا عن الجمعية، وأقام في باريس، وبدأ نشاطه المكثف بهمة عالية، واتصل بالعمال والطلبة الجزائريين بفرنسا، وأخذ في إنشاء النوادي لتعليم اللغة العربية ومبادئ الدين الإسلامي ومحاربة الرذيلة والانحلال في أوساط المسلمين المقيمين بفرنسا، واستطاع خلال عامين أن يفتح كثيرًا من النوادي الثقافية في باريس وضواحيها وبعض المدن الفرنسية الأخرى.


وقد أقلق هذا النشاط السلطات الفرنسية فضيقت على "الفضيل الورتلاني" حركته، وجاءته رسائل تهدده بالقتل، فاضطُّر إلى مغادرة فرنسا إلى إيطاليا ومنها إلى القاهرة.
وانتهز فرصة وجوده في باريس فاتصل بالدارسين العرب في الجامعات الفرنسية، وتوثفت بينهم المودة والصلة، مثل العلامة '''"[[محمد عبد الله دراز]]"''' صاحب كتاب '''([[دستور الأخلاق في القرآن الكريم]])'''، والشيخ '''"[[عبد الرحمن تاج]]"''' الذي صار شيخًا للأزهر، والعلامة السوري '''"[[محمد المبارك]]"'''، والشاعر '''"[[عمر بهاء الدين الأميري]]"'''.


كانت وجهته إذن سنة [[1940]] [[:تصنيف:إخوان القاهرة|القاهرة]] حيث آثر الانتساب إلى الأزهر فحصل على شهادته العالمية في '''"كلية أصول الدين والشريعة الإسلامية"''' مواصلاً جهاده القومي الوطني، للتعريض بالاستعمار الفرنسي في [[:تصنيف:الإخوان في الجزائر|الجزائر]] وخدمة '''"القضية الجزائرية"'''، وقضايا المسلمين عموماً ، فأسس مثلاً سنة [[1942 م]] "اللجنة العليا للدفاع عن [[:تصنيف:الإخوان في الجزائر|الجزائر]]" كما أسس سنة [[1944 م]] "جبهة الدفاع عن شمال إفريقيا" ثم مكتب جمعية العلماء المسلمين في [[:تصنيف:إخوان القاهرة|القاهرة]] سنة [[1948 م]] الذي استقبل فيه الشيخ [[محمد البشير الإبراهيمي]] سنة [[1952 م]] وقد صار عضواً في تنظيم حركة [[الإخوان المسلمين]] وكانت تربطه صلة وثيقة بـ"[[حسن البنا]]"، ونظرًا لملكاته الخطابية وقدرته على الإقناع، وكان من تقدير الإمام [[البنا]] للورتلاني أنه كان ينوب عنه حين يكون غائبًا عن [[:تصنيف:إخوان القاهرة|القاهرة]] في إلقاء حديث الثلاثاء [[المركز العام للإخوان المسلمين|بالمركز العام]] لجماعة [[الإخوان]].
وقد أقلق هذا النشاط السلطات الفرنسية فضيقت على '''"الفضيل الورتلاني"''' حركته، وجاءته رسائل تهدده بالقتل، فاضطُّر إلى مغادرة فرنسا إلى إيطاليا ومنها إلى [[القاهرة]].


كانت وجهته إذن سنة [[1940]] [[القاهرة]] حيث آثر الانتساب إلى [[الأزهر]] فحصل على شهادته العالمية في '''"كلية أصول الدين والشريعة الإسلامية"''' مواصلاً جهاده القومي الوطني، للتعريض بالاستعمار الفرنسي في [[الجزائر]] وخدمة '''"القضية الجزائرية"'''، وقضايا المسلمين عموماً ، فأسس مثلاً سنة [[1942]]م '''"اللجنة العليا للدفاع عن [[الجزائر]]"''' كما أسس سنة [[1944]]م '''"جبهة الدفاع عن شمال إفريقيا"''' ثم مكتب جمعية العلماء المسلمين في [[القاهرة]] سنة [[1948]]م الذي استقبل فيه الشيخ [[محمد البشير الإبراهيمي]] سنة [[1952]]م وقد صار عضواً في تنظيم حركة [[الإخوان المسلمين]] وكانت تربطه صلة وثيقة بـ'''"[[حسن البنا]]"'''، ونظرًا لملكاته الخطابية وقدرته على الإقناع، وكان من تقدير [[الإمام البنا]] للورتلاني أنه كان ينوب عنه حين يكون غائبًا عن [[القاهرة]] في إلقاء حديث الثلاثاء [[المركز العام للإخوان المسلمين|بالمركز العام]] ل[[جماعة الإخوان]].


'''وامتد نشاط "الورتلاني" إلى مساندة الأحرار في [[:تصنيف:الإخوان في اليمن|اليمن]]'''، وكانت البلاد تموج بحركة معارضة قوية، ورغبة طموحة في الإصلاح والتغيير، وكان الإمام "[[البنا]]" على علم بما يجري في [[:تصنيف:الإخوان في اليمن|اليمن]]، ومِن تطلُّع إلى الخروج بالبلاد من عزلتها وفقرها وجهلها، فأوفد "الفضيل الورتلاني" إلى هناك.
وامتد نشاط ''' "الورتلاني"''' إلى مساندة الأحرار في [[اليمن]]'''، وكانت البلاد تموج بحركة معارضة قوية، ورغبة طموحة في الإصلاح والتغيير، وكان الإمام '''"[[البنا]]"''' على علم بما يجري في [[اليمن]]، ومِن تطلُّع إلى الخروج بالبلاد من عزلتها وفقرها وجهلها، فأوفد '''"الفضيل الورتلاني"''' إلى هناك.


سنة 1366 هـ/[[1947م]] نزل "الفضيل الورتلاني" [[:تصنيف:الإخوان في اليمن|اليمن]] ونجح في توحيد صفوف المعارضة، وإزالة الخلاف بينهم، وبدأ في تهيئة الناس للتغيير بخطبه الحماسية التي تلهب المشاعر وتوقد الحماسة في الصدور.
سنة 1366 هـ/[[1947]]م نزل '''"الفضيل الورتلاني"''' [[اليمن]] ونجح في توحيد صفوف المعارضة، وإزالة الخلاف بينهم، وبدأ في تهيئة الناس للتغيير بخطبه الحماسية التي تلهب المشاعر وتوقد الحماسة في الصدور.


وفي ربيع الآخر 1367 هـ/ [[فبراير]] [[1948م]] نجحت المعارضة في الوصول إلى الحكم بعد إزاحة الإمام "يحيى" واتهم الورتلاني بالمشاركة في محاولة انقلابية في ([[:تصنيف:الإخوان في اليمن|اليمن]]) فقبض عليه هناك ثم أفرج عنه مع من شملهم العفو الذي سخر منه (الإبراهيمي) في مقالة نشرها في البصائر معرّضاً بالنظام القائم على الهوى لا على القانون. فغادر الورتيلاني اليمن، وتنقل في عدة دول أوربية، ورفضت الدول العربية استقباله حتى وافقت [[:تصنيف:الإخوان في لبنان|لبنان]] على استقباله، شريطةَ أن يكون الأمر سرًا.
وفي ربيع الآخر 1367 هـ [[فبراير]] [[1948]]م نجحت المعارضة في الوصول إلى الحكم بعد إزاحة الإمام '''"يحيى"''' واتهم الورتلاني بالمشاركة في محاولة انقلابية في '''([[اليمن]])''' فقبض عليه هناك ثم أفرج عنه مع من شملهم العفو الذي سخر منه '''(الإبراهيمي)''' في مقالة نشرها في البصائر معرّضاً بالنظام القائم على الهوى لا على القانون. فغادر الورتلاني [[اليمن]]، وتنقل في عدة دول أوربية، ورفضت الدول العربية استقباله حتى وافقت [[لبنان]] على استقباله، شريطةَ أن يكون الأمر سرًا.


وبعد قيام حركة الجيش بالإطاحة بالملك "فاروق" عاد "الورتلاني" إلى [[مصر]] بعد غياب عدة [[سنوات]]، واستقبله العلماء والسياسيون استقبالاً حسنًا؛ نظرًا لماضيه المشرِّف في [[الجهاد]] وعاد "الفضيل" إلى جهاده، ومؤازرة الثورة الجزائرية التي اشتعلت على أرض بلاده في سنة 1374 هـ/[[1954م]]، وأصدر بيانًا مع المجاهد الكبير الشيخ "[[محمد البشير الإبراهيمي]]"- رئيس جمعية علماء المسلمين- بعنوان: '''"نُعيذكم بالله أن تتراجعوا"'''، وشارك في تأسيس جبهة تحرير [[:تصنيف:الإخوان في الجزائر|الجزائر]] سنة 1375 هـ/[[1955م]]، وكانت تضم الشيخ "الإبراهيمي"، وممثلي جبهة التحرير مثل "أحمد بن بيلا" و"حسين آية أحمد"، وبعض ممثلي الأحزاب الجزائرية. ولم تَطُل مدة إقامة "الفضيل الورتلاني" [[:تصنيف:إخوان القاهرة|بالقاهرة]]، فقد غادرها إلى بيروت سنة 1375هـ/[[1955م]].
وبعد قيام حركة الجيش بالإطاحة بالملك '''"فاروق"''' عاد '''"الورتلاني"''' إلى [[مصر]] بعد غياب عدة سنوات، واستقبله العلماء والسياسيون استقبالاً حسنًا؛ نظرًا لماضيه المشرِّف في [[الجهاد]] وعاد '''"الفضيل"''' إلى جهاده، ومؤازرة الثورة الجزائرية التي اشتعلت على أرض بلاده في سنة 1374 هـ/[[1954]]م، وأصدر بيانًا مع المجاهد الكبير الشيخ '''"[[محمد البشير الإبراهيمي]]"''' رئيس [[جمعية علماء المسلمين]]- بعنوان: '''"نُعيذكم بالله أن تتراجعوا"'''، وشارك في تأسيس جبهة تحرير [[الجزائر]] سنة 1375 هـ/[[1955]]م، وكانت تضم الشيخ '''"الإبراهيمي"'''، وممثلي جبهة التحرير مثل '''"[[أحمد بن بيلا]]"''' و'''"[[حسين آية أحمد]]"'''، وبعض ممثلي الأحزاب الجزائرية. ولم تَطُل مدة إقامة '''"الفضيل الورتلاني"''' ب[[القاهرة]]، فقد غادرها إلى بيروت سنة 1375هـ/[[1955]]م.


كان "الورتلاني" من الرجال الذين تشغلهم القضايا الكبرى عن نفسه، وربما وصل الليل بالنهار في عمل دائم، دون أن يذوق طعامًا، شأنه في ذلك شأن أصحاب الدعوات، وقد أدى ذلك إلى اختلال في صحته، وتعرُّضه لأمراض خطيرة، لكنَّ ذلك لم يمنعه من الحركة والعمل في سبيل الدعوة، حتى لقي ربه في إحدى مستشفيات مدينة "أنقرة" في 2 من رمضان 1387 هـ/ 12 من [[مارس]] [[1959م]]، سنة [[1987 م]] و بعد [[سنوات]] من الجحود، نقلت رفاته من ([[:تصنيف:الإخوان في تركيا|تركيا]]) ليعاد دفنها في مسقط رأسه ودفن في مسقط رأسه [[:تصنيف:الإخوان في الجزائر|بالجزائر]].
كان '''"الورتلاني"''' من الرجال الذين تشغلهم القضايا الكبرى عن نفسه، وربما وصل الليل بالنهار في عمل دائم، دون أن يذوق طعامًا، شأنه في ذلك شأن أصحاب الدعوات، وقد أدى ذلك إلى اختلال في صحته، وتعرُّضه لأمراض خطيرة، لكنَّ ذلك لم يمنعه من الحركة والعمل في سبيل الدعوة، حتى لقي ربه في إحدى مستشفيات مدينة '''"أنقرة"''' في 2 من رمضان 1387 هـ 12 من [[مارس]] [[1959]]م، سنة [[1987]]م و بعد سنوات من الجحود، نقلت رفاته من ([[تركيا]]) ليعاد دفنها في مسقط رأسه ودفن في مسقط رأسه ب[[الجزائر]].


== اتصالاته وجولاته  ==
== اتصالاته وجولاته  ==


كانت له اتصالات واسعة بالمسلمين المقيمين في [[:تصنيف الإخوان في فرنسا|فرنسا]] من الجزائريين وغيرهم من العرب الدارسين هناك أمثال الشيخ [[محمد عبد الله دارز]] والشيخ [[عبد الرحمن تاج]] والأستاذ [[محمد المبارك]] والأستاذ [[عمر بهاء الدين الأميري]] ، وقد آثار هذا النشاط الإسلامي السلطات الفرنسية والمنظمات العنصرية الإرهابية فأخذت تضيق على المسلمين الناشطين وفي مقدمتهم الأستاذ الفضيل الورتلاني الذي قررت منظمة '''(اليد الحمراء)''' الإرهابية اغتياله، فما كان منه إلا أن غادر [[:تصنيف الإخوان في فرنسا|فرنسا]] إلى ايطاليا بمساعدة الأمير شكيب أرسلان الذي وفّر له جواز سفر حيث توجه إلى [[مصر]] سنة [[1939م]] وهناك وجد المناخ المناسب للنشاط الإسلامي فقد سبقه لزيارتها شيخه ابن باديس قبل ربع قرن والتقى علماءها أمثال الشيخ [[محمد بخيت المطيعي]] مفتي الديار المصرية آنذاك والشيخ [[أبي الفضل الجيزاوي]] الذي صار فيما بعد شيخاً للأزهر. وكان الإمام الشهيد [[حسن البنا]] شديد الإعجاب بالشيخ [[عبد الحميد بن باديس]] وجهاده الإسلامي حتى أنه أسس مجلة فكرية اسماها بـ '''(الشهاب)''' تيمناً بمجلة الشهاب الجزائرية، وقد سهلت هذه الصلة الروحية بين الحركتين الإسلاميتين [[الإخوان المسلمين]] [[مصر|بمصر]] وجمعية العلماء الجزائرية [[:تصنيف:الإخوان في الجزائر|بالجزائر]] الطريق لاتصال الفضيل الورتلاني بـ[[الإخوان المسلمين]] والانضمام إليها وأصبح عضواً بارزاً فيها، وقد ألقى الفضيل الورتلاني (حديث الثلاثاء) بالمركز العام [[للإخوان المسلمين]] نيابة عن [[المرشد العام]] [[للإخوان المسلمين]] [[حسن البنا]] الذي كان خارج [[:تصنيف:إخوان القاهرة|القاهرة]].
كانت له اتصالات واسعة بالمسلمين المقيمين في فرنسا من الجزائريين وغيرهم من العرب الدارسين هناك أمثال الشيخ [[محمد عبد الله دارز]] والشيخ [[عبد الرحمن تاج]] والأستاذ [[محمد المبارك]] والأستاذ [[عمر بهاء الدين الأميري]] ، وقد آثار هذا النشاط الإسلامي السلطات الفرنسية والمنظمات العنصرية الإرهابية فأخذت تضيق على المسلمين الناشطين وفي مقدمتهم الأستاذ الفضيل الورتلاني الذي قررت منظمة '''(اليد الحمراء)''' الإرهابية اغتياله، فما كان منه إلا أن غادر فرنسا إلى ايطاليا بمساعدة الأمير [[شكيب أرسلان]] الذي وفّر له جواز سفر حيث توجه إلى [[مصر]] سنة [[1939]]م وهناك وجد المناخ المناسب للنشاط الإسلامي فقد سبقه لزيارتها شيخه ابن باديس قبل ربع قرن والتقى علماءها أمثال الشيخ [[محمد بخيت المطيعي]] مفتي الديار المصرية آنذاك والشيخ [[أبي الفضل الجيزاوي]] الذي صار فيما بعد شيخاً للأزهر.  


وكان [[الإمام الشهيد]] [[حسن البنا]] شديد الإعجاب بالشيخ [[عبد الحميد بن باديس]] وجهاده الإسلامي حتى أنه أسس مجلة فكرية اسماها بـ '''(الشهاب)''' تيمناً بمجلة الشهاب الجزائرية، وقد سهلت هذه الصلة الروحية بين الحركتين الإسلاميتين [[الإخوان المسلمين]] ب[[مصر]] وجمعية العلماء الجزائرية ب[[الجزائر]] الطريق لاتصال الفضيل الورتلاني بـ[[الإخوان المسلمين]] والانضمام إليها وأصبح عضواً بارزاً فيها، وقد ألقى الفضيل الورتلاني '''(حديث الثلاثاء)''' ب[[المركز العام]] [[للإخوان المسلمين]] نيابة عن [[المرشد العام]] [[للإخوان المسلمين]] [[حسن البنا]] الذي كان خارج [[القاهرة]].


== نشاطه وجهاده  ==
== نشاطه وجهاده  ==
[[ملف:الفضيل.jpg|تصغير|<center>[[الفضيل الورتلاني]]</center>]]
شارك الفضيل الورتلاني وهو في [[مصر]] تأسيس عدة جمعيات خيرية وسياسية كاللجنة العليا للدفاع عن [[الجزائر]] وجمعية الجالية الجزائرية سنة [[1942]]م وجبهة الدفاع عن شمال أفريقيا سنة [[1944]]م التي كان أمينها العام وتضم في عضويتها الشيخ [[محمد الخضر حسين]] وحفيد الأمير [[عبد القادر الجزائري]] والأمير [[عبد الكريم الخطابي]] المغربي.


شارك الفضيل الورتلاني وهو في [[مصر]] تأسيس عدة جمعيات خيرية وسياسية كاللجنة العليا للدفاع عن [[:تصنيف:الإخوان في الجزائر|الجزائر]] وجمعية الجالية الجزائرية سنة [[1942م]] وجبهة الدفاع عن شمال أفريقيا سنة [[1944م]] التي كان أمينها العام وتضم في عضويتها الشيخ محمد الخضر حسين وحفيد الأمير [[عبدالقادر الجزائري]] والأمير [[عبدالكريم الخطابي]] المغربي.
وكان للفضيل الورتلاني دوره البارز في تنظيم وتنظير ثورة الأحرار في [[اليمن]] سنة [[1948]]م مما يعرفه القاصي والداني رجالات [[اليمن]].


وكان للفضيل الورتلاني دوره البارز في تنظيم وتنظير ثورة الأحرار في [[:تصنيف:الإخوان في اليمن|اليمن]] سنة [[1948م]] مما يعرفه القاصي والداني رجالات [[:تصنيف:الإخوان في اليمن|اليمن]].
'''ولست ادري من أي الجوانب أبدأ الحديث عن هذا الشخص العظيم'''، والسياسي المحنك والبطل الشجاع، والمغامر الجسور، والمجاهد الصابر، الذي حار الناس في مواهبه المتعددة، وعجزوا عن مجاراته في انطلاقه لتحقيق الأهداف التي يؤمن بها، والمبادئ التي يدين لها، وهي تحرير الشعوب الإسلامية بكاملها، من ربقة الاستعمار الأجنبي أياً كان لونه وجنسه، والإحلال [[الإسلام]] كنظام شامل للحياة كلها عقيدة وعبادة وخلقاً وشريعة ومنهج حياة.
 
'''ولست ادري من أي الجوانب أبدأ الحديث عن هذا الشخص العظيم'''، والسياسي المحنك والبطل الشجاع، والمغامر الجسور، والمجاهد الصابر، الذي حار الناس في مواهبه المتعددة، وعجزوا عن مجاراته في انطلاقه لتحقيق الأهداف التي يؤمن بها، والمبادئ التي يدين لها، وهي تحرير الشعوب الإسلامية بكاملها، من ربقة الاستعمار الأجنبي أياً كان لونه وجنسه، والإحلال الإسلام كنظام شامل للحياة كلها عقيدة وعبادة وخلقاً وشريعة ومنهج حياة.


ومن هنا كان بطلنا الشجاع الفضيل الورتلاني صاحب السبق في ميادين [[الجهاد]]، والعمل لتحرير العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله الواحد القهار.
ومن هنا كان بطلنا الشجاع الفضيل الورتلاني صاحب السبق في ميادين [[الجهاد]]، والعمل لتحرير العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله الواحد القهار.


ولئن كان الورتلاني من أبناء [[:تصنيف:الإخوان في الجزائر|الجزائر]] فإن تحركه وجهاده لم يكن [[:تصنيف:الإخوان في الجزائر|للجزائر]] وحدها، بل للمسلمين عامة؛ لأن غايته [[الجهاد]] في سبيل الله لإعلاء كلمة الله.
ولئن كان الورتلاني من أبناء [[الجزائر]] فإن تحركه وجهاده لم يكن [[الجزائر|للجزائر]] وحدها، بل للمسلمين عامة؛ لأن غايته [[الجهاد]] في سبيل الله لإعلاء كلمة الله.


== دوره في اليمن  ==
== دوره في [[اليمن]] ==
 
لقد أسهم الورتلاني ورفيقه المصري عبد الحكيم عابدين مع إخوانهما في [[:تصنيف:الإخوان في اليمن|اليمن]] لرفع الظلم الواقع بهم، وإزاحة العقبات التي تحول دون تحقيق أمانيهم في الحياة الحرة الكريمة كما كان للورتلاني دور فاعل ومؤثر في رفد [[الجهاد]] الإسلامي في [[:تصنيف:الإخوان في فلسطين|فلسطين]] ضد يهود ومن والاهم. فضلاً عن الدور الأساسي الذي يضطلع به مع إخوانه من مجاهدي [[:تصنيف:الإخوان في الجزائر|الجزائر]] لتخليص بلادهم من نير الاستعمار الفرنسي والتصدي لكل القوى الماكرة التي تكيد للإسلام والمسلمين في كل مكان.


لقد أسهم الورتلاني ورفيقه المصري [[عبد الحكيم عابدين]] مع إخوانهما في [[اليمن]] لرفع الظلم الواقع بهم، وإزاحة العقبات التي تحول دون تحقيق أمانيهم في الحياة الحرة الكريمة كما كان للورتلاني دور فاعل ومؤثر في رفد [[الجهاد]] الإسلامي في [[فلسطين]] ضد يهود ومن والاهم. فضلاً عن الدور الأساسي الذي يضطلع به مع إخوانه من مجاهدي [[الجزائر]] لتخليص بلادهم من نير الاستعمار الفرنسي والتصدي لكل القوى الماكرة التي تكيد للإسلام والمسلمين في كل مكان.


== صلته ب[[الإخوان المسلمين]]  ==
== صلته ب[[الإخوان المسلمين]]  ==
[[ملف:الفضيل.jpg3.gif|تصغير|300بك]]
'''يقول عنه الأستاذ الكبير [[محمود عبد الحليم]] في كتابه القيم ([[الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ]]) :'''


'''يقول عنه الأستاذ الكبير [[محمود عبدالحليم]] في كتابه القيم ([[الإخوان المسلمون]] أحداث صنعت التاريخ) :'''
:'''(كان الفضيل الورتلاني شاباً جزائرياً من زعماء المجاهدين الذين طاردهم الاستعمار الفرنسي فهرب إلى [[مصر]] واتصل ب[[الإخوان المسلمين]] وكان كثير التردد على [[المركز العام]] [[للإخوان المسلمين]]، حتى ليكاد يتردد عليه كل يوم باعتبار هذه الدار مركز الحركات التحريرية ضد الاستعمار في كل بلد إسلامي؛ كان الفضيل الورتلاني لماح الذكاء سريع الحركة كثير المعارف، لا يقتصر تحركه على ما يخص موطنه الأصلي – [[الجزائر]] بل كان يرى العالم الإسلامي وحدة لا تتجزأ، وأنه مطالب بتحرير كل جزء منه، واعتقد أن الفضيل الورتلاني كان أول من سافر إلى [[اليمن]] التي أطاحت بالإمام يحيى) انتهى'''.


(كان الفضيل الورتلاني شاباً جزائرياً من زعماء المجاهدين الذين طاردهم الاستعمار الفرنسي فهرب إلى [[مصر]] واتصل ب[[الإخوان المسلمين]] وكان كثير التردد على [[المركز العام للإخوان المسلمين]]، حتى ليكاد يتردد عليه كل يوم باعتبار هذه الدار مركز الحركات التحريرية ضد الاستعمار في كل بلد إسلامي؛ كان الفضيل الورتلاني لماح الذكاء سريع الحركة كثير المعارف، لا يقتصر تحركه على ما يخص موطنه الأصلي – [[:تصنيف:الإخوان في الجزائر|الجزائر]]– بل كان يرى العالم الإسلامي وحدة لا تتجزأ، وأنه مطالب بتحرير كل جزء منه، واعتقد أن [[الفضيل الورتلاني]] كان أول من سافر إلى [[:تصنيف:الإخوان في اليمن|اليمن]] التي أطاحت بالإمام يحيى) انتهى.
إن أستاذنا الفضيل الورتلاني علم من أعلام [[الإسلام]] المعاصرين، فقد أتاه الله علماً واسعاً وذكاء حاداً وبديهة حاضرة وثروة من التجارب وافرة، وأسلوبا في الحوار نادراً، وجرأة في الحق وقدرة على التصدي للباطل، وسلاسة في الحديث وفصاحة في الخطابة، وقوة في الإيمان ويقظة في الضمير.
 
'''إن أستاذنا الفضيل الورتلاني علم من إعلام الإسلام المعاصرين'''، فقد أتاه الله علماً واسعاً وذكاء حاداً وبديهة حاضرة وثروة من التجارب وافرة، وأسلوبا في الحوار نادراً، وجرأة في الحق وقدرة على التصدي للباطل، وسلاسة في الحديث وفصاحة في الخطابة، وقوة في الإيمان ويقظة في الضمير.
 
'''ولست في هذا مبالغاً ولكنه بعض ما في الرجل'''؛ لأن [[الفضيل الورتلاني]] نموذج فريد للرجل المسلم القوي، الذي تصغر في عينه عظائم الأمور وتهون أمامه كل الصعاب فلا يتهيب نم اقتحام الميادين مهما عظمت التضحيات ولا يتردد لحظة في مواجهة الباطل المنتفش مهما كانت قوته وجبروته.


ولست في هذا مبالغاً ولكنه بعض ما في الرجل؛ لأن الفضيل الورتلاني نموذج فريد للرجل المسلم القوي، الذي تصغر في عينه عظائم الأمور وتهون أمامه كل الصعاب فلا يتهيب نم اقتحام الميادين مهما عظمت التضحيات ولا يتردد لحظة في مواجهة الباطل المنتفش مهما كانت قوته وجبروته.


== ثناء اليمنيين عليه  ==
== ثناء اليمنيين عليه  ==
[[ملف:مجلس الفضيل الورتلانى.jpg|تصغير|<center>'''مجلس الفضيل الورتلانى'''</center>]]
[[ملف:مجلس الفضيل الورتلانى.jpg|تصغير|<center>مجلس [[الفضيل الورتلاني]]</center>]]
يروي القاضي المؤرخ عبد الله الشماحي في كتابه ([[:تصنيف:الإخوان في اليمن|اليمن]] الإنسان والحضارة) قصة تعرفه بالإمام الشهيد [[حسن البنا]] و[[الفضيل الورتلاني]] فيقول :
'''يروي القاضي المؤرخ [[عبد الله الشماحي]] في كتابه ([[اليمن الإنسان والحضارة]]) قصة تعرفه ب[[الإمام الشهيد]] [[حسن البنا]] والفضيل الورتلاني فيقول :'''


(كان الإمام [[البنا]] ممن التقيته في الحج وقويت الصلة به وتلازمنا في منى ومكة والمدينة ودرسنا الوضع العام في العالم الإسلامي، وقد شخّصت للإمام [[البنا]] الوشع في [[:تصنيف:الإخوان في اليمن|اليمن]] واتفقنا على التعاون بين [[الإخوان المسلمين]] والمنظمات اليمنية؛ وقد أوفى الإمام [[البنا]] بوعده وساند النضال اليمني بما كانت تنشره صحافة [[الإخوان المسلمين]]، ثم أوفد الأستاذ الجزائري الفضيل الورتلاني وغيره إلى [[:تصنيف:الإخوان في اليمن|اليمن]] عن طريق عدن.
(كان [[الإمام البنا]] ممن التقيته في الحج وقويت الصلة به وتلازمنا في منى ومكة والمدينة ودرسنا الوضع العام في العالم الإسلامي، وقد شخّصت للإمام [[البنا]] الوضع في [[اليمن]] واتفقنا على التعاون بين [[الإخوان المسلمين]] والمنظمات اليمنية؛ وقد أوفى [[الإمام البنا]] بوعده وساند النضال اليمني بما كانت تنشره صحافة [[الإخوان المسلمين]]، ثم أوفد الأستاذ الجزائري الفضيل الورتلاني وغيره إلى [[اليمن]] عن طريق عدن.


ويأتي الأستاذ الجزائري الفضيل الورتلاني موفداً من الإمام [[حسن البنا]] وروح الثورة تتقدمه، فيمر بعدن ويضاعف حماس قادة حزب الأحرار وأعضائه، ذلك الحماس الزاحف مع الفضيل الورتلاني إلى كل مكان حل فيه.
ويأتي الأستاذ الجزائري الفضيل الورتلاني موفداً من الإمام [[حسن البنا]] وروح الثورة تتقدمه، فيمر بعدن ويضاعف حماس قادة حزب الأحرار وأعضائه، ذلك الحماس الزاحف مع الفضيل الورتلاني إلى كل مكان حل فيه.


وفي (تعز) اتصل الفضيل الورتلاني بالقاضي عبد الرحمن الإرياني والسيد زيد الموشكي والسيد أحمد الشامي وغيرهم وتبادلوا النظرات وبه ارتبط السيد أحمد الشامي ولازمه في تجولاته، وتأثر كل منهما بالآخر؛ وفي (صنعاء) قام الفضيل الورتلاني بنشاطه الثوري يرافقه المؤرخ المصري أحمد فخري ويساعده الشامي فيجتذبان إليهما السيد حسين الكبسي، ويندفع الفضيل الورتلاني في إقامة الندوات وإلقاء المحاضرات في المدارس والمساجد والحفلات، فتسري روحه إلى الشباب والضباط وطلاب المدارس) انتهى.
وفي '''(تعز)''' اتصل الفضيل الورتلاني بالقاضي [[عبد الرحمن الإرياني]] والسيد [[زيد الموشكي]] والسيد [[أحمد الشامي]] وغيرهم وتبادلوا النظرات وبه ارتبط السيد [[أحمد الشامي]] ولازمه في تجولاته، وتأثر كل منهما بالآخر؛ وفي (صنعاء) قام الفضيل الورتلاني بنشاطه الثوري يرافقه المؤرخ المصري [[أحمد فخري]] ويساعده الشامي فيجتذبان إليهما السيد [[حسين الكبسي]]، ويندفع الفضيل الورتلاني في إقامة الندوات وإلقاء المحاضرات في المدارس والمساجد والحفلات، فتسري روحه إلى الشباب والضباط وطلاب المدارس) انتهى.


'''ويري الأستاذ [[حسين محمد المقبلي]] في مذكراته (مذكرات المقبلي) :'''
'''ويري الأستاذ [[حسين محمد المقبلي]] في مذكراته (مذكرات المقبلي) :'''


(... وصل إلى صنعاء الأستاذ الفضيل الورتلاني سنة [[1947م]] وهو جزائري وعضو في حركة [[الإخوان المسلمين]] وخطيب لا يجاريه أحد في ذلك، وفهم للإسلام على غرار فهم الشيخ صالح المقبلي صاحب كتاب (العلم الشامخ في الرد على الآباء والمشايخ) وهو في مجمل القول خليفة الشيخ [[جمال الدين الأفغاني]] والشيخ [[محمد عبده]] المصري، عمره حوالي الأربعين عندما وصل [[:تصنيف:الإخوان في اليمن|اليمن]] لإنشاء فرع لشركة محمد سالم المصرية للمواصلات البرية.
(... وصل إلى صنعاء الأستاذ الفضيل الورتلاني سنة [[1947]]م وهو جزائري وعضو في حركة [[الإخوان المسلمين]] وخطيب لا يجاريه أحد في ذلك، وفهم للإسلام على غرار فهم الشيخ [[صالح المقبلي]] صاحب كتاب '''([[العلم الشامخ في الرد على الآباء والمشايخ]])''' وهو في مجمل القول خليفة الشيخ [[جمال الدين الأفغاني]] والشيخ [[محمد عبده]] المصري، عمره حوالي الأربعين عندما وصل [[اليمن]] لإنشاء فرع لشركة [[محمد سالم]] المصرية للمواصلات البرية.


كان الإخوة الموجودون في [[مصر]] وعلى رأسهم الشيخ الشهيد محمد صالح المسمري على صلة كبيرة جداً بـ[[الإخوان المسلمين]]، وكان [[الإخوان المسلمون]] - وعلى رأسهم الشيخ [[حسن البنا]] – يطمحون إلى تغيير الواقع في البلاد العربية، والى قيادة إسلامية صحيحة، والى ناشئة الإسلامية قوية.
كان الإخوة الموجودون في [[مصر]] وعلى رأسهم الشيخ الشهيد [[محمد صالح المسمري]] على صلة كبيرة جداً بـ[[الإخوان المسلمين]]، وكان [[الإخوان المسلمون]] - وعلى رأسهم الشيخ [[حسن البنا]] – يطمحون إلى تغيير الواقع في البلاد العربية، والى قيادة إسلامية صحيحة، والى ناشئة الإسلامية قوية.


'''وصل الفضيل الورتلاني يحمل مشعلاً آخر'''، وبدأ يخطب الناس بأسلوب جديد دفع الشباب اليمني دفعاً إلى اعتناق الثورة، وبدأت أتردد على الفضيل الورتلاني في منزله غير مكتف بملاحقته في المساجد والمجتمعات للاستماع إلى خطبه. وبدأ يحدثني... إننا نحن المسلمين فوق كوكب هذه الأرض نمثل الملايين، ولكني أقول – وهو يضغط على الحروف – إننا مستسلمون ولسنا مسلمين...) انتهى.
وصل الفضيل الورتلاني يحمل مشعلاً آخر، وبدأ يخطب الناس بأسلوب جديد دفع الشباب اليمني دفعاً إلى اعتناق الثورة، وبدأت أتردد على الفضيل الورتلاني في منزله غير مكتف بملاحقته في المساجد والمجتمعات للاستماع إلى خطبه. وبدأ يحدثني... إننا نحن المسلمين فوق كوكب هذه الأرض نمثل الملايين، ولكني أقول – وهو يضغط على الحروف – إننا مستسلمون ولسنا مسلمين...) انتهى.


ويقول السيد أحمد بن محمد بن عبد الله الوزير في كتابه''' (حياة الأمير علي بن عبد الله الوزير كما سمعت ورأيت)''' : (... لقد كان [[للإخوان المسلمين]] وعلى رأسهم زعيمهم الإمام [[حسن البنا]] – رحمه الله – الذي لم يأل جهداً في بذل مساعيه الحميدة بإخراج [[:تصنيف:الإخوان في اليمن|اليمن]] من عزلتها وفقرها وجهلها، وكان الإمام [[البنا]] قد راسل الإمام يحيى وأدلى به بالنصح والإرشاد، وحاول أن يتصل بالإمام مباشرة، وأن تقدم جماعة [[الإخوان المسلمين]] كل طاقاتها وخبراتها ومعلوماتها لتنشئ دولة إسلامية في شعب مسلم عريق.
ويقول السيد [[أحمد بن محمد بن عبد الله الوزير]] في كتابه''' ([[حياة الأمير علي بن عبد الله الوزير كما سمعت ورأيت]])''' : (... لقد كان [[للإخوان المسلمين]] وعلى رأسهم زعيمهم الإمام [[حسن البنا]] – رحمه الله – الذي لم يأل جهداً في بذل مساعيه الحميدة بإخراج [[اليمن]] من عزلتها وفقرها وجهلها، وكان الإمام [[البنا]] قد راسل الإمام يحيى وأدلى به بالنصح والإرشاد، وحاول أن يتصل بالإمام مباشرة، وأن تقدم [[جماعة الإخوان المسلمين]] كل طاقاتها وخبراتها ومعلوماتها لتنشئ دولة إسلامية في شعب مسلم عريق.


لكن الأقدار لم تسمح بعد فتهيئ الفرصة لإقامة الدولة الإسلامية، لما عليه [[:تصنيف:الإخوان في اليمن|اليمن]] من جهل وتخلف وحرمان، ولأن الإمام يحيى لا يحب أن يفيق الشعب من سباته العميق، تهرباً من أن يدرك ما فيه من التخلف الحرمان فيهوي بعرشه المتداعي..
لكن الأقدار لم تسمح بعد فتهيئ الفرصة لإقامة الدولة الإسلامية، لما عليه [[اليمن]] من جهل وتخلف وحرمان، ولأن الإمام يحيى لا يحب أن يفيق الشعب من سباته العميق، تهرباً من أن يدرك ما فيه من التخلف الحرمان فيهوي بعرشه المتداعي..


وكان وصول الأخ عبد الله بن علي الوزير ومعه فضيلة المجاهد الكبير السيد الفضيل الورتلاني، قد دفعا بالحركة الإصلاحية قفزة واسعة.
وكان وصول الأخ [[عبد الله بن علي الوزير]] ومعه فضيلة المجاهد الكبير السيد الفضيل الورتلاني، قد دفعا بالحركة الإصلاحية قفزة واسعة.


وأخذت القضية تتحرك بسرعة واندفاع، فكان السيد الفضيل الورتلاني العلم الجزائري المعروف والخطيب المفصح، يُلهب أحاسيس الناس في الخطب يوم الجمعة، وعن طريق الاجتماعات المستمرة بالشخصيات القوية) انتهى.
وأخذت القضية تتحرك بسرعة واندفاع، فكان السيد الفضيل الورتلاني العلم الجزائري المعروف والخطيب المفصح، يُلهب أحاسيس الناس في الخطب يوم الجمعة، وعن طريق الاجتماعات المستمرة بالشخصيات القوية) انتهى.


'''ويقول الأستاذ [[أحمد بن محمد الشامي]] في مذكراته (رياح التغيير في [[:تصنيف:الإخوان في اليمن|اليمن]]):'''
'''ويقول الأستاذ [[أحمد بن محمد الشامي]] في مذكراته (رياح التغيير في [[اليمن]]):'''


(... وفي اعتقادي أن العالم المجاهد الجزائري السيد الفضيل الورتلاني هو الذي غيّر مجرى تاريخ [[:تصنيف:الإخوان في اليمن|اليمن]] في القرن الرابع عشر الهجري وأنه حين وضع قدمه على ارض [[:تصنيف:الإخوان في اليمن|اليمن]] كأنما وضعها على (زرّ) دولاب تاريخها فدار بها دورة جديدة في اتجاه جديد، لأن ثورة الدستور سنة 1367هـ - [[1948م]] هي من صنع الورتلاني.. لقد كانت هناك معارضة يمنية وكان هناك نقد وتبرم ومنشورات ضد الدولة، وكانت هناك طموحات وزعامات وتحفزات، وكل ذلك يصلح أن يكون وقوداً لثورة ما.. ولكن '''(المعارضة)''' كانت بلا تنظيم، واتجاهات زعمائها مختلفة ومتباينة، والمناشدون بالإصلاح ودعاة التغير والتطور لا توحدهم رابطة، والنقد والتبرم غير موجهين توجيهاً سياسياً هادفاً بناءً.. والطموحات تتنافس فيما بينها، وكل متربص بالآخر، والزعامات العلمية والدينية والسياسية قد خدّرها الوهن، وجمدتها الأطماع، والتحفزات الوطنية ليس لها زعماء أكفاء ذوو مؤهلات قيادية، فلما جاء السيد الفضيل الورتلاني، عمل ما لم يعمله احد من اليمنيين، فوحّد شتات '''(المعارضة)''' في الداخل والخارج وارشد المطالبين بالإصلاح والمناشدين بالتغيير والتطوير إلى طرق العمل وجمعهم في رابطة وطنية، وقارب بينهم وبين أرباب الطموحات السياسية والزعامات العلمية والدينية والقبلية والتحفزات الإصلاحية من الناقمين والناقدين والمتبرمين، وصهر مجهوداتهم وأهدافهم واتجاهاتهم وآمالهم وأمانيهم في بوتقة '''(الميثاق الوطني)''' وإنني اعتبر الورتلاني هو الذي استطاع أن يقنع الرئيس جمال جميل بأن يؤلف جبهة من ضباط الجيش لتأييد الدستور، وأنه هو الذي أعاد الثقة إلى قلوب الموشكي والشامي، وجعلهما يتعاونان من جديد مع الزبيري ونعمان في إطار الميثاق الوطني، وهو الذي استطاع إقناع الأمراء والعلماء والمشايخ والتجار والضباط والأدباء بمبايعة عبد الله الوزير إماما ثورياً دستورياً. ولولا الورتلاني ما توحّد الأحرار في [[:تصنيف:الإخوان في اليمن|اليمن]] فالورتلاني هو مهندس ثورة 1367هـ - [[1948م]] حقاً) انتهى.
(... وفي اعتقادي أن العالم المجاهد الجزائري السيد الفضيل الورتلاني هو الذي غيّر مجرى تاريخ [[اليمن]] في القرن الرابع عشر الهجري وأنه حين وضع قدمه على ارض [[اليمن]] كأنما وضعها على (زرّ) دولاب تاريخها فدار بها دورة جديدة في اتجاه جديد، لأن ثورة الدستور سنة 1367هـ - [[1948]]م هي من صنع الورتلاني..  


'''ويمضي الأستاذ أحمد محمد الشامي في كتابه المذكور فيقول :'''
لقد كانت هناك معارضة يمنية وكان هناك نقد وتبرم ومنشورات ضد الدولة، وكانت هناك طموحات وزعامات وتحفزات، وكل ذلك يصلح أن يكون وقوداً لثورة ما.. ولكن '''(المعارضة)''' كانت بلا تنظيم، واتجاهات زعمائها مختلفة ومتباينة، والمناشدون بالإصلاح ودعاة التغير والتطور لا توحدهم رابطة، والنقد والتبرم غير موجهين توجيهاً سياسياً هادفاً بناءً..


(إن واضع الخطوط العريضة الأولى لميثاق الثورة الدستورية اليمنية هو العلامة الجزائري السيد الفضيل الورتلاني والأستاذ [[البنا|الإمام]] [[المرشد العام]] [[للإخوان المسلمين]] [[حسن البنا]]، وكان هذان العبقريان المصلحان يهتمان بالمسلمين وشؤونهم في العلام بدافع قرآني خالص، لا يشوبه شعور وطني معين ولا تعصب إقليمي أو طائفي أو مذهبي محدود.
والطموحات تتنافس فيما بينها، وكل متربص بالآخر، والزعامات العلمية والدينية والسياسية قد خدّرها الوهن، وجمدتها الأطماع، والتحفزات الوطنية ليس لها زعماء أكفاء ذوو مؤهلات قيادية، فلما جاء السيد الفضيل الورتلاني، عمل ما لم يعمله احد من اليمنيين، فوحّد شتات '''(المعارضة)''' في الداخل والخارج وارشد المطالبين بالإصلاح والمناشدين بالتغيير والتطوير إلى طرق العمل وجمعهم في رابطة وطنية.
 
وقارب بينهم وبين أرباب الطموحات السياسية والزعامات العلمية والدينية والقبلية والتحفزات الإصلاحية من الناقمين والناقدين والمتبرمين، وصهر مجهوداتهم وأهدافهم واتجاهاتهم وآمالهم وأمانيهم في بوتقة '''(الميثاق الوطني)''' وإنني اعتبر الورتلاني هو الذي استطاع أن يقنع الرئيس جمال جميل بأن يؤلف جبهة من ضباط الجيش لتأييد [[الدستور]].
 
وأنه هو الذي أعاد الثقة إلى قلوب الموشكي والشامي، وجعلهما يتعاونان من جديد مع الزبيري ونعمان في إطار الميثاق الوطني، وهو الذي استطاع إقناع الأمراء والعلماء والمشايخ والتجار والضباط والأدباء بمبايعة عبد الله الوزير إماما ثورياً دستورياً. ولولا الورتلاني ما توحّد الأحرار في [[اليمن]] فالورتلاني هو مهندس ثورة 1367هـ - [[1948]]م حقاً) انتهى.


لقد كان لدى الأستاذ الورتلاني من المعرفة بكتاب الله وسنة رسوله والفقه وأصوله، والفهم والعبقرية والفصاحة والتقوى ما يخوله أن يفهم ويعرف ما فهمه وعرفه الإمام زيد بن علي الذي لم يكن (زيدياً) بل كان حنيفاً مسلماً، كما كان الورتلاني و[[البنا]] من بعده.
'''ويمضي الأستاذ [[أحمد محمد الشامي]] في كتابه المذكور فيقول :'''


(إن واضع الخطوط العريضة الأولى لميثاق الثورة الدستورية اليمنية هو العلامة الجزائري السيد الفضيل الورتلاني والأستاذ [[البنا|الإمام]] [[المرشد العام]] [[للإخوان المسلمين]] [[حسن البنا]]، وكان هذان العبقريان المصلحان يهتمان بالمسلمين وشؤونهم في العلام بدافع قرآني خالص، لا يشوبه شعور وطني معين ولا تعصب إقليمي أو طائفي أو مذهبي محدود.


'''ولا بد أن يدرك أن مجيء السيد الورتلاني كان له الأثر الفعال، حيث إنه هو الذي وحّد بين أحرار [[:تصنيف:الإخوان في اليمن|اليمن]] في الداخل والخارج ووحّد بين وجهات النظر المختلفة للفئات اليمنية) انتهى.'''
لقد كان لدى الأستاذ الورتلاني من المعرفة بكتاب الله وسنة رسوله والفقه وأصوله، والفهم والعبقرية والفصاحة والتقوى ما يخوله أن يفهم ويعرف ما فهمه وعرفه الإمام [[زيد بن علي]] الذي لم يكن '''(زيدياً)''' بل كان حنيفاً مسلماً، كما كان الورتلاني و[[البنا]] من بعده.


'''وقد وصفه الشاعر اليمني القاضي محمد محمود الزبيري بقوله :'''
ولا بد أن يدرك أن مجيء السيد الورتلاني كان له الأثر الفعال، حيث إنه هو الذي وحّد بين أحرار [[اليمن]] في الداخل والخارج ووحّد بين وجهات النظر المختلفة للفئات اليمنية) انتهى.


(لا أظن أنه يوجد للفضيل الورتلاني نظير في العالم الإسلامي علماً وكمالاً وإخلاصا وهيبة وجلالاً) انتهى.
'''وقد وصفه الشاعر اليمني القاضي [[محمد محمود الزبيري]] بقوله :'''


:'''(لا أظن أنه يوجد للفضيل الورتلاني نظير في العالم الإسلامي علماً وكمالاً وإخلاصا وهيبة وجلالاً)''' انتهى.


== دور العلماء في [[:تصنيف:الإخوان في الجزائر|الجزائر ]] ==
== دور العلماء في [[الجزائر ]] ==


إن [[:تصنيف:الإخوان في الجزائر|الجزائر ]] المسلمة هي ارض البطولات وبلد التضحيات التي أرخصت الدماء الغالية في سبيل عقيدة [[الإسلام]]، والذبّ عن حياض الوطن الإسلامي، وقاومت المستعمرين سنين طويلة، وانتفضت كالمارد بعد طول رقاد، وقدمت الشهداء بمئات الألوف لتفخر أن يكون في طليعة رجالها ومقدمة أبطالها ابنها البار الفضيل الورتلاني، الذي كان كالشامة في جبين الأمة الجزائرية المسلمة، لما يتمتع به من صفات لا تتوافر إلا في القلة القليلة من أصحاب العزائم، لأن الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة.
إن [[الجزائر]] المسلمة هي ارض البطولات وبلد التضحيات التي أرخصت الدماء الغالية في سبيل عقيدة [[الإسلام]]، والذبّ عن حياض الوطن الإسلامي، وقاومت المستعمرين سنين طويلة، وانتفضت كالمارد بعد طول رقاد، وقدمت الشهداء بمئات الألوف لتفخر أن يكون في طليعة رجالها ومقدمة أبطالها ابنها البار الفضيل الورتلاني، الذي كان كالشامة في جبين الأمة الجزائرية المسلمة، لما يتمتع به من صفات لا تتوافر إلا في القلة القليلة من أصحاب العزائم، لأن الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة.


إن جمعية العلماء المسلمين الجزائرين كان لها الفضل بعد الله في تخريج هذه القمم السامقة وهؤلاء الأئمة الأعلام والرجال العظام، ولن ينسى المنصفون من الناس هذا الدور العظيم لهذه الجمعية المباركة، سواء في داخل [[:تصنيف:الإخوان في الجزائر|الجزائر ]] أو خارجها، فقد كان لمكتبها في [[:تصنيف:إخوان القاهرة |القاهرة]] وفيه أمثال الإبراهيمي، والورتلاني دور فاعل مؤثر في تهيئة الرأي العام العربي والإسلامي للوقوف إلى جانب [[:تصنيف:الإخوان في الجزائر|الجزائر ]] في محنتها، كما كان لهذه الجمعية الأثر الكبير في جمع كلمة الدعاة والقادة المسلمين في العالم العربي والإسلامي لمواجهة التحدي الاستعماري الذي يستهدف [[الإسلام]] كدين والمسلمين كأمة، والأرض الإسلامية كوطن.
إن [[جمعية العلماء المسلمين]] الجزائرين كان لها الفضل بعد الله في تخريج هذه القمم السامقة وهؤلاء الأئمة الأعلام والرجال العظام، ولن ينسى المنصفون من الناس هذا الدور العظيم لهذه الجمعية المباركة، سواء في داخل [[الجزائر]] أو خارجها، فقد كان لمكتبها في [[القاهرة]] وفيه أمثال الإبراهيمي، والورتلاني دور فاعل مؤثر في تهيئة الرأي العام العربي والإسلامي للوقوف إلى جانب [[الجزائر]] في محنتها، كما كان لهذه الجمعية الأثر الكبير في جمع كلمة الدعاة والقادة المسلمين في العالم العربي والإسلامي لمواجهة التحدي الاستعماري الذي يستهدف [[الإسلام]] كدين والمسلمين كأمة، والأرض الإسلامية كوطن.


ولقد استطاع الشيخ [[محمد البشير الإبراهيمي]] بمؤازرة أخيه الفضيل الورتلاني أن يكسبا تأييد الشعوب العربية والإسلامية، بل بعض الحكام المسلمين بحيث صارت قضية [[:تصنيف:الإخوان في الجزائر|الجزائر ]] المحور الأساسي للخطب والمحاضرات والندوات والمؤتمرات.
ولقد استطاع الشيخ [[محمد البشير الإبراهيمي]] بمؤازرة أخيه الفضيل الورتلاني أن يكسبا تأييد الشعوب العربية والإسلامية، بل بعض الحكام المسلمين بحيث صارت قضية [[الجزائر]] المحور الأساسي للخطب والمحاضرات والندوات والمؤتمرات.


وأقبل الناس يجودون بأموالهم بسخاء منقطع النظير، لرفد حركة [[الجهاد]] الإسلامي في [[:تصنيف:الإخوان في الجزائر|الجزائر ]] ، وقامت المظاهرات الكبرى في أنحاء العالم العربي والإسلامي، كلها تؤيد وتؤازر شعب [[:تصنيف:الإخوان في الجزائر|الجزائر ]] المسلم في تصديه للطغيان الفرنسي، وأصبحت لا ترى مسجداً أو نادياً أو معهداً أو مقهى أو مجتمعاً، إلا وكان الحديث فيه عن [[:تصنيف:الإخوان في الجزائر|الجزائر ]] وجهادها وضرورة الوقوف إلى جانب شعبها المسلم المجاهد. ولقد فاضت انهار الصحف والمجلات بالقصائد والمقالات التي تهيب بالمسلمين جميعاً لدعم إخوانهم مسلمي [[:تصنيف:الإخوان في الجزائر|الجزائر ]].
وأقبل الناس يجودون بأموالهم بسخاء منقطع النظير، لرفد حركة [[الجهاد]] الإسلامي في [[الجزائر]] ، وقامت المظاهرات الكبرى في أنحاء العالم العربي والإسلامي، كلها تؤيد وتؤازر شعب [[الجزائر]] المسلم في تصديه للطغيان الفرنسي، وأصبحت لا ترى مسجداً أو نادياً أو معهداً أو مقهى أو مجتمعاً، إلا وكان الحديث فيه عن [[الجزائر]] وجهادها وضرورة الوقوف إلى جانب شعبها المسلم المجاهد. ولقد فاضت انهار الصحف والمجلات بالقصائد والمقالات التي تهيب بالمسلمين جميعاً لدعم إخوانهم مسلمي [[الجزائر]].


'''إن هذا الدور الرائد الذي قام به الإبراهيمي والورتلاني وإخوانهما ليسجل في صفحات التاريخ المشرقة، كما نرجو من الله تعالى أن يجعل ذلك في موازين حسناتهما يوم القيامة.'''
إن هذا الدور الرائد الذي قام به الإبراهيمي والورتلاني وإخوانهما ليسجل في صفحات التاريخ المشرقة، كما نرجو من الله تعالى أن يجعل ذلك في موازين حسناتهما يوم القيامة.


== تعرضه للمخاطر  ==
== تعرضه للمخاطر  ==


لقد تعرض الورتلاني أثناء جهاده إلى مخاطر عديدة، وكان دمه مهدراً من قبل [[:تصنيف:الإخوان في فرنسا|فرنسا]] ووقع أكثر من مرة بالأسر ولكن عناية الله حفظته ورعته، وكان للإمام الشهيد [[حسن البنا]] دور في الإفراج عنه وعن رفيقه أمين إسماعيل بعد أحداث [[:تصنيف:الإخوان في اليمن|اليمن]] عام [[1948م]].
لقد تعرض الورتلاني أثناء جهاده إلى مخاطر عديدة، وكان دمه مهدراً من قبل فرنسا ووقع أكثر من مرة بالأسر ولكن عناية الله حفظته ورعته، وكان للإمام الشهيد [[حسن البنا]] دور في الإفراج عنه وعن رفيقه أمين إسماعيل بعد أحداث [[اليمن]] عام [[1948]]م.


وبعد فشل ثورة الدستور [[:تصنيف:الإخوان في اليمن|باليمن]] حُكم على الفضيل الورتلاني بالإعدام وأصبح مطلوباً حيث قضى خمس [[سنوات]] متستراً قضاها في التجوال في الدول الأوروبية والتقى بالشيخ [[محمد البشير الإبراهيمي]] رئيس جمعية العلماء الجزائريين ونائبه الشيخ محمد العربي التبسي في سويسرا.
وبعد فشل ثورة [[الدستور]] ب[[اليمن]] حُكم على الفضيل الورتلاني بالإعدام وأصبح مطلوباً حيث قضى خمس سنوات متستراً قضاها في التجوال في الدول الأوروبية والتقى بالشيخ [[محمد البشير الإبراهيمي]] رئيس جمعية العلماء الجزائريين ونائبه الشيخ [[محمد العربي التبسي]] في سويسرا.


وقد وافق رئيس وزراء [[:تصنيف:الإخوان في لبنان|لبنان]] رياض الصلح على استقرار الفضيل الورتلاني في بيروت شرط أن يكون ذلك سراً.
وقد وافق رئيس وزراء [[لبنان]] [[رياض الصلح]] على استقرار الفضيل الورتلاني في بيروت شرط أن يكون ذلك سراً.


== عودته إلى [[مصر ]] ==
== عودته إلى [[مصر]] ==


وبعد قيام [[الضباط الأحرار]] وعلى رأسهم للواء محمد نجيب بالإطاحة بالملك فاروق عاد الفضيل الورتلاني إلى [[مصر]] حيث رحب به العلماء والسياسيون وخصّصت له مجلة (الدعوة) لسان حال [[الإخوان المسلمين]] [[مصر|بمصر]] حواراً شاملاً نشرته في عددها السابع والثمانين كما حياه الأديب الإسلامي الكبير الشاعر علي أحمد باكثير بقصيدة جاء فيها :
وبعد قيام [[الضباط الأحرار]] وعلى رأسهم للواء [[محمد نجيب]] بالإطاحة بالملك فاروق عاد الفضيل الورتلاني إلى [[مصر]] حيث رحب به العلماء والسياسيون وخصّصت له مجلة '''(الدعوة)''' لسان حال [[الإخوان المسلمين]] ب[[مصر]] حواراً شاملاً نشرته في عددها السابع والثمانين كما حياه الأديب الإسلامي الكبير الشاعر [[علي أحمد باكثير]] بقصيدة جاء فيها :


<center>أفضيل هذي مصر تحتفل
<center>أفضيل هذي [[مصر]] تحتفل
:::أمسيت لا أهل ولا وطن
:::أمسيت لا أهل ولا وطن


سطر ١٥٥: سطر ١٦٠:
:::فالمجرمون به م الرسل</center>
:::فالمجرمون به م الرسل</center>


== مغادرته إلى [[لبنان]]==


== مغادرته إلى [[:تصنيف:الإخوان في لبنان|لبنان]]==
وبعد استئثار [[عبد الناصر]] بالسلطة وخلع [[محمد نجيب]] واعتقالاته [[للإخوان المسلمين]] وإعدام ستة من قاداتهم هاجم الورتلاني [[عبد الناصر]] على محاربته [[للإخوان]] وذلك في موسم الحج فكان جزاؤه السجن الحربي مع زميله [[الشاذلي المكي]] بعد عودتهما من الحج إلى [[القاهرة]] مما حدا بالفضيل الورتلاني أن غادر [[القاهرة]] سنة [[1955]]م متوجهاً ثانية إلى بيروت بعد أن تأكد من تآمر المخابرات المصرية عليه وعلى أستاذه الشيخ [[محمد البشير الإبراهيمي|البشير الإبراهيمي]].
 
وبعد استئثار [[عبدالناصر]] بالسلطة وخلع محمد نجيب واعتقالاته ل[[لإخوان المسلمين]] وإعدام ستة من قاداتهم هاجم الورتلاني [[عبدالناصر]] على محاربته [[للإخوان]] وذلك في موسم الحج فكان جزاؤه [[السجن الحربي]] مع زميله الشاذلي المكي بعد عودتهما من الحج إلى [[:تصنيف:إخوان القاهرة|القاهرة]] مما حدا بالفضيل الورتلاني أن غادر [[:تصنيف:إخوان القاهرة|القاهرة]] سنة [[1955م]] متوجهاً ثانية إلى بيروت بعد أن تأكد من تآمر المخابرات المصرية عليه وعلى أستاذه الشيخ [[البشير الإبراهيمي]].


== استمرار جهاده  ==
== استمرار جهاده  ==


وحين انطلقت الثورة الجزائرية في 1/11/[[1954م]] نشر الورتلاني مقالاً بتاريخ 3/11/[[1954م]] بعنوان '''(إلى الثائرين من أبناء [[:تصنيف:الإخوان في الجزائر|الجزائر]] : اليوم حياة أو موت)''' وبتاريخ 15/11/[[1954م]] اصدر مع الشيخ [[محمد البشير الإبراهيمي|البشير الإبراهيمي]] بياناً بعنوان : '''(نعيذكم بالله أن تتراجعوا)''' وبتاريخ 17/2/[[1955م]] شارك في تأسيس '''(جبهة تحرير [[:تصنيف:الإخوان في الجزائر|الجزائر]])''' التي تضم الشيخ [[محمد البشير الإبراهيمي]] وممثلي '''(جبهة التحرير الوطني)''' : أحمد بن بيلا وحسين آية أحمد، ومحمد خيضر، وبعض ممثلي الأحزاب الجزائرية : الشاذلي مكي وحسين لحول، وعبد الرحمن كيوان، وأحمد بيوض وغيرهم.
وحين انطلقت الثورة الجزائرية في 1/11/[[1954]]م نشر الورتلاني مقالاً بتاريخ 3/11/[[1954]]م بعنوان '''(إلى الثائرين من أبناء [[الجزائر]] : اليوم حياة أو موت)''' وبتاريخ 15/11/[[1954]]م اصدر مع الشيخ [[محمد البشير الإبراهيمي|البشير الإبراهيمي]] بياناً بعنوان : '''(نعيذكم بالله أن تتراجعوا)''' وبتاريخ 17/2/[[1955]]م شارك في تأسيس '''(جبهة تحرير [[الجزائر]])''' التي تضم الشيخ [[محمد البشير الإبراهيمي]] وممثلي '''(جبهة التحرير الوطني)''' : [[أحمد بن بيلا]] و[[حسين آية أحمد]]، و[[محمد خيضر]]، وبعض ممثلي الأحزاب الجزائرية : [[الشاذلي مكي]] و[[حسين لحول]]، و[[عبد الرحمن كيوان]]، و[[أحمد بيوض]] وغيرهم.


== وفاته  ==
== وفاته  ==


واستمر الورتلاني في جهاده إلى أن لقي ربه في 12/3/[[1959م]] في مستشفى في أنقرة وكانت وصيته أن يدفن في ارض [[:تصنيف:الإخوان في الجزائر|الجزائر]] ، إلا أن الطغمة العلمانية التي قفزت إلى السلطة بعد التحرير رفضت ذلك وبقي في الباخرة دون أن تجرؤ دولة عربية على أن يدفن جثمانه في مقابرها، فقبلت [[:تصنيف:الإخوان في تركيا|تركيا]] ودفن فيها، وقبل [[سنوات]] نقلت رفاته إلى حيث دفن في مسقط رأسه [[:تصنيف:الإخوان في الجزائر|الجزائر]].
واستمر الورتلاني في جهاده إلى أن لقي ربه في 12/3/[[1959]]م في مستشفى في أنقرة وكانت وصيته أن يدفن في ارض [[الجزائر]] ، إلا أن الطغمة العلمانية التي قفزت إلى السلطة بعد التحرير رفضت ذلك وبقي في الباخرة دون أن تجرؤ دولة عربية على أن يدفن جثمانه في مقابرها، فقبلت [[تركيا]] ودفن فيها، وقبل سنوات نقلت رفاته إلى حيث دفن في مسقط رأسه [[الجزائر]].


رحم الله الأستاذ الفضيل الورتلاني رحمة واسعة وأعاد [[:تصنيف:الإخوان في الجزائر|للجزائر]] وجهها الإسلامي المشرق بجهود أبنائها البررة من رجال الحركة الإسلامية المعاصرة والحمد لله رب العالمين.
رحم الله الأستاذ الفضيل الورتلاني رحمة واسعة وأعاد [[الجزائر|للجزائر]] وجهها الإسلامي المشرق بجهود أبنائها البررة من رجال الحركة الإسلامية المعاصرة والحمد لله رب العالمين.


'''أيها المسلمون :'''
'''أيها المسلمون :'''


لقد قامت الشريعة، وتكونت الأمة، وقامت الدولة من قبل على غير مثال سبق، أو أصل متّبع، ومع هذا فقد بلغ المجتمع الإنساني فيها جميعاً أفضل حالات الكمال، حتى استحق أن يوصف بأنه "'''خير امة أخرجت للناس"''' ولا يعوزكم اليوم إلا الإرادة والعزم، والجد والحزم، والمثال معلوم، والأصل قائم، فهل تقدمون؟ ... [[حسن البنا]] .
لقد قامت الشريعة، وتكونت الأمة، وقامت الدولة من قبل على غير مثال سبق، أو أصل متّبع، ومع هذا فقد بلغ المجتمع الإنساني فيها جميعاً أفضل حالات الكمال، حتى استحق أن يوصف بأنه "'''خير امة أخرجت للناس"''' ولا يعوزكم اليوم إلا الإرادة والعزم، والجد والحزم، والمثال معلوم، والأصل قائم، فهل تقدمون؟ ... [[حسن البنا]] .
== المصدر ==
*من كتاب من أعلام الدعوة والحركة الإسلامية المعاصرة


== إقرأ أيضا ==
== إقرأ أيضا ==
سطر ١٩٢: سطر ١٩١:
<font size=2>
<font size=2>


*'''كتاب:'''[[الحركة الإسلامية المسلحة في الجزائر.pdf|الحركة الإسلامية المسلحة في الجزائر]،[[ملف:Pdf.png|وصلة=الحركة الإسلامية المسلحة في الجزائر.pdf]]
*'''كتاب:'''[[الحركة الإسلامية المسلحة في الجزائر.pdf|الحركة الإسلامية المسلحة في الجزائر]]،[[ملف:Pdf.png|وصلة=الحركة الإسلامية المسلحة في الجزائر.pdf]]
*'''كتاب:'''[[الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ ....محمود عبد الحليم]]،محمود عبد الحليم
*'''كتاب:'''[[الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ ....محمود عبد الحليم]]،محمود عبد الحليم
*'''كتاب:'''[[حسن البنا وثورة اليمن]]
*'''كتاب:'''[[حسن البنا وثورة اليمن]]
سطر ٢٠٨: سطر ٢٠٧:
</center>
</center>
<font size=2>
<font size=2>
*'''مقال:'''[[حصاد الأيام .... حسن العشماوي]]
*'''ترجمة:''' [[الفضيل الورتلاني]]
*'''مقال:'''[[تاريخ الإخوان في إندونيسيا]]  
*'''ترجمة:''' [[حسن العشماوي]]
*'''مقال:'''[[حسن العشماوي]]
*'''ترجمة:''' [[توفيق الشاوي]]
*'''مقال:'''[[توفيق الشاوي]]
*'''ترجمة:''' [[محفوظ نحناح]]
*'''مقال:'''[[محفوظ نحناح]]
*'''قسم:''' [[:تصنيف:الإخوان في الجزائر|الإخوان في الجزائر]]
*'''قسم:''' [[:تصنيف:الإخوان في الجزائر|الإخوان في الجزائر]]
*'''قسم:''' [[:تصنيف:أعلام من الجزائر|أعلام الإخوان في الجزائر]]
*'''قسم:''' [[:تصنيف:أعلام من الجزائر|أعلام الإخوان في الجزائر]]
*'''قسم:''' [[:تصنيف:أحداث الإخوان في الجزائر]]
*'''قسم:''' [[:تصنيف:أحداث الإخوان في الجزائر]]
 
*'''مقال:''' [[حصاد الأيام .... حسن العشماوي]]
*'''مقال:''' [[تاريخ الإخوان في إندونيسيا]]
</font>
</font>
|
<center>
<center>
<font color="green">
<font color="green">
سطر ٢٢٧: سطر ٢٢٥:
</center>
</center>
<font size=2>
<font size=2>
*مقال: [http://ikhwanonline.net/Article.asp?ID=875&SectionID=455 الفضيل الورتلاني عاش ثائرا ومات غريبا]،'''إخوان أون لاين''
*مقال: [http://ikhwanonline.net/Article.asp?ID=875&SectionID=455 الفضيل الورتلاني عاش ثائرا ومات غريبا]،'''إخوان أون لاين'''
*'''مقال:'''[http://www.paldf.net/forum/showthread.php?t=302837 من أعلام الإصلاح في الجزائر الشيخ الفضيل الورتلاني]،'''شبكة فلسطين للحوار'''  
*'''مقال:'''[http://www.paldf.net/forum/showthread.php?t=302837 من أعلام الإصلاح في الجزائر الشيخ الفضيل الورتلاني]،'''شبكة فلسطين للحوار'''  
*'''مقال:'''[http://www.shareah.com/index.php?/records/view/action/view/id/1959/ الفضيل الورتلاني ... الداعية المجاهد]،'''موقع لواء الشريعة'''
*'''مقال:'''[http://www.shareah.com/index.php?/records/view/action/view/id/1959/ الفضيل الورتلاني ... الداعية المجاهد]،'''موقع لواء الشريعة'''
*'''مقال:'''[http://www.yanabeea.net/details.aspx?pageid=1461&lasttype=5 البطل الجسور الفضيل الورتلاني]،'''شبكة ينابيع تربوية'''
*'''مقال:'''[http://www.yanabeea.net/details.aspx?pageid=1461&lasttype=5 البطل الجسور الفضيل الورتلاني]،'''شبكة ينابيع تربوية'''
</font>
|
<center>
<font color="green">
<font size=3>
'''تابع روابط خارجية'''
</font>
</font>
</center>
<font size=2>
*'''مقال:'''[http://www.arabtimes.com/portal/article_display.cfm?Action=&Preview=No&ArticleID=15837 الفضيل الورتلاني رجل الإصلاح و التنوير في الجزائر ]،'''بقلم: يحيى ابو زكريا،موقع عرب تايمز'''
*'''مقال:'''[http://www.arabtimes.com/portal/article_display.cfm?Action=&Preview=No&ArticleID=15837 الفضيل الورتلاني رجل الإصلاح و التنوير في الجزائر ]،'''بقلم: يحيى ابو زكريا،موقع عرب تايمز'''
*'''مقال:''' [http://www.awu-dam.org/book/00/study00/238-a-k/book00-sd008.htm العلاّمة الداعية المجاهد (الفضيل الورتلاني) رجل الفكر والسياسة]
*'''مقال:''' [http://www.awu-dam.org/book/00/study00/238-a-k/book00-sd008.htm العلاّمة الداعية المجاهد (الفضيل الورتلاني) رجل الفكر والسياسة]

المراجعة الحالية بتاريخ ١٠:٠٠، ٩ أكتوبر ٢٠١٢

الفضيل الورتلاني


بقلم: المستشار عبدالله العقيل

الفضيل الورتلاني

الفضيل الورتلاني.gif

يعتبــٍر العلامة الفضيل الورتلاني الجزائري من أبرز أعلام الحركة الإسلامية في الجزائر الذين كان له دور مهم وفاعل في تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائرين سنة 1931م ، حيث كان من اقرب الشخصيات للامام عبد الحميد بن باديس و الامام البشير الإبراهيمي رحمهما الله ،وساهم مساهمة فعالة في التمكين لمباديء الجمعية في الجزائر ثم في فرنسا في صفوف العمال الجزائريين هناك .

ثم كان همزة الوصل القوية بين الفكر الإخواني وجمعية العلماء ، بحيث انضم الى جماعة الإخوان لما استقر في مصر وأصبح من أقرب المقربين للامام الشهيد حسن البنا رحمه الله وكان محل ثقته ، إذ كان ينوبه أحيانا في درس الثلاثاء وكلفه بالاشراف على فتح بعض شعب الجماعة في مصر كما كلف بملف اليمن، وقد جمعت بعض مقالاته في كتاب بعنوان الجزائر الثائرة .


المولد والنشأة

ولد "إبراهيم بن مصطفى الجزائري" المعروف بـ"الفضيل الورتلاني" في 2 جوان 1900م" في بلدة بني ورتلان بولاية سطيف شرقي الجزائر ، وإليها انتسب، وجاءت شهرته بالورتلاني، ونشأ في أسرة كريمة لها اتصال بالعلم، فجدُّه الشيخ "حسين الورتلاني" كان من العلماء المعروفين في منطقته .

ومثل غيره من طلبة العلم حفظ القرآن الكريم وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ودرس علوم اللغة العربية على علماء بلدته، ثم انتقل إلى مدينة قسطنطينة سنة 1928م حيث استكمل دراسته على يد العلامة الشيخ "عبد الحميد بن باديس"، وفي مدرسة "ابن باديس" تلقى دروسه في التفسير والحديث والتاريخ الإسلامي، والأدب العربي، وتأثر بشيخه المصلح الكبير وبطريقته في الإصلاح، وغيْرته على المسلمين. ولم يلبث حتى بات منذ سنة 1932م مساعداً له في التدريس، و متجوّلاً لصالح مجلة الشهاب ومرافقاً لابن باديس في بعض رحلاته بالوطن، مشاركاً بقلمه في كل من البصائر و الشهاب بروح وطنية متوثبة ، وشعور ديني ملتهب.

النشاط الإصلاحي

لم يكن الشيخ "ابن باديس" يقصر دعوته على إصلاح حال الجزائريين في بلادهم، بل امتد بصره إلى المغتربين في فرنسا من الجزائريين، ورأى أن من أوجب واجبات الجمعية أن تحمي إسلام هؤلاء من الضياع، وأن تتولى تربية النشء الجديد قبل أن تلتهمه الحياة الفرنسية، ونظر حوله فلم يجد أكفأ من "الفضيل الورتلاني" للقيام بهذه المهمة الشاقة التي تتطلب؛ إيمانًا بالقضية وإخلاصًا لها، ورغبة في الإصلاح والتغيير.

نزل "الفضيل" فرنسا سنة "1355 هـ/1936م" مبعوثًا عن الجمعية، وأقام في باريس، وبدأ نشاطه المكثف بهمة عالية، واتصل بالعمال والطلبة الجزائريين بفرنسا، وأخذ في إنشاء النوادي لتعليم اللغة العربية ومبادئ الدين الإسلامي ومحاربة الرذيلة والانحلال في أوساط المسلمين المقيمين بفرنسا، واستطاع خلال عامين أن يفتح كثيرًا من النوادي الثقافية في باريس وضواحيها وبعض المدن الفرنسية الأخرى.

وانتهز فرصة وجوده في باريس فاتصل بالدارسين العرب في الجامعات الفرنسية، وتوثفت بينهم المودة والصلة، مثل العلامة "محمد عبد الله دراز" صاحب كتاب (دستور الأخلاق في القرآن الكريم)، والشيخ "عبد الرحمن تاج" الذي صار شيخًا للأزهر، والعلامة السوري "محمد المبارك"، والشاعر "عمر بهاء الدين الأميري".

وقد أقلق هذا النشاط السلطات الفرنسية فضيقت على "الفضيل الورتلاني" حركته، وجاءته رسائل تهدده بالقتل، فاضطُّر إلى مغادرة فرنسا إلى إيطاليا ومنها إلى القاهرة.

كانت وجهته إذن سنة 1940 القاهرة حيث آثر الانتساب إلى الأزهر فحصل على شهادته العالمية في "كلية أصول الدين والشريعة الإسلامية" مواصلاً جهاده القومي الوطني، للتعريض بالاستعمار الفرنسي في الجزائر وخدمة "القضية الجزائرية"، وقضايا المسلمين عموماً ، فأسس مثلاً سنة 1942م "اللجنة العليا للدفاع عن الجزائر" كما أسس سنة 1944م "جبهة الدفاع عن شمال إفريقيا" ثم مكتب جمعية العلماء المسلمين في القاهرة سنة 1948م الذي استقبل فيه الشيخ محمد البشير الإبراهيمي سنة 1952م وقد صار عضواً في تنظيم حركة الإخوان المسلمين وكانت تربطه صلة وثيقة بـ"حسن البنا"، ونظرًا لملكاته الخطابية وقدرته على الإقناع، وكان من تقدير الإمام البنا للورتلاني أنه كان ينوب عنه حين يكون غائبًا عن القاهرة في إلقاء حديث الثلاثاء بالمركز العام لجماعة الإخوان.

وامتد نشاط "الورتلاني" إلى مساندة الأحرار في اليمن، وكانت البلاد تموج بحركة معارضة قوية، ورغبة طموحة في الإصلاح والتغيير، وكان الإمام "البنا" على علم بما يجري في اليمن، ومِن تطلُّع إلى الخروج بالبلاد من عزلتها وفقرها وجهلها، فأوفد "الفضيل الورتلاني" إلى هناك.

سنة 1366 هـ/1947م نزل "الفضيل الورتلاني" اليمن ونجح في توحيد صفوف المعارضة، وإزالة الخلاف بينهم، وبدأ في تهيئة الناس للتغيير بخطبه الحماسية التي تلهب المشاعر وتوقد الحماسة في الصدور.

وفي ربيع الآخر 1367 هـ فبراير 1948م نجحت المعارضة في الوصول إلى الحكم بعد إزاحة الإمام "يحيى" واتهم الورتلاني بالمشاركة في محاولة انقلابية في (اليمن) فقبض عليه هناك ثم أفرج عنه مع من شملهم العفو الذي سخر منه (الإبراهيمي) في مقالة نشرها في البصائر معرّضاً بالنظام القائم على الهوى لا على القانون. فغادر الورتلاني اليمن، وتنقل في عدة دول أوربية، ورفضت الدول العربية استقباله حتى وافقت لبنان على استقباله، شريطةَ أن يكون الأمر سرًا.

وبعد قيام حركة الجيش بالإطاحة بالملك "فاروق" عاد "الورتلاني" إلى مصر بعد غياب عدة سنوات، واستقبله العلماء والسياسيون استقبالاً حسنًا؛ نظرًا لماضيه المشرِّف في الجهاد وعاد "الفضيل" إلى جهاده، ومؤازرة الثورة الجزائرية التي اشتعلت على أرض بلاده في سنة 1374 هـ/1954م، وأصدر بيانًا مع المجاهد الكبير الشيخ "محمد البشير الإبراهيمي" رئيس جمعية علماء المسلمين- بعنوان: "نُعيذكم بالله أن تتراجعوا"، وشارك في تأسيس جبهة تحرير الجزائر سنة 1375 هـ/1955م، وكانت تضم الشيخ "الإبراهيمي"، وممثلي جبهة التحرير مثل "أحمد بن بيلا" و"حسين آية أحمد"، وبعض ممثلي الأحزاب الجزائرية. ولم تَطُل مدة إقامة "الفضيل الورتلاني" بالقاهرة، فقد غادرها إلى بيروت سنة 1375هـ/1955م.

كان "الورتلاني" من الرجال الذين تشغلهم القضايا الكبرى عن نفسه، وربما وصل الليل بالنهار في عمل دائم، دون أن يذوق طعامًا، شأنه في ذلك شأن أصحاب الدعوات، وقد أدى ذلك إلى اختلال في صحته، وتعرُّضه لأمراض خطيرة، لكنَّ ذلك لم يمنعه من الحركة والعمل في سبيل الدعوة، حتى لقي ربه في إحدى مستشفيات مدينة "أنقرة" في 2 من رمضان 1387 هـ 12 من مارس 1959م، سنة 1987م و بعد سنوات من الجحود، نقلت رفاته من (تركيا) ليعاد دفنها في مسقط رأسه ودفن في مسقط رأسه بالجزائر.

اتصالاته وجولاته

كانت له اتصالات واسعة بالمسلمين المقيمين في فرنسا من الجزائريين وغيرهم من العرب الدارسين هناك أمثال الشيخ محمد عبد الله دارز والشيخ عبد الرحمن تاج والأستاذ محمد المبارك والأستاذ عمر بهاء الدين الأميري ، وقد آثار هذا النشاط الإسلامي السلطات الفرنسية والمنظمات العنصرية الإرهابية فأخذت تضيق على المسلمين الناشطين وفي مقدمتهم الأستاذ الفضيل الورتلاني الذي قررت منظمة (اليد الحمراء) الإرهابية اغتياله، فما كان منه إلا أن غادر فرنسا إلى ايطاليا بمساعدة الأمير شكيب أرسلان الذي وفّر له جواز سفر حيث توجه إلى مصر سنة 1939م وهناك وجد المناخ المناسب للنشاط الإسلامي فقد سبقه لزيارتها شيخه ابن باديس قبل ربع قرن والتقى علماءها أمثال الشيخ محمد بخيت المطيعي مفتي الديار المصرية آنذاك والشيخ أبي الفضل الجيزاوي الذي صار فيما بعد شيخاً للأزهر.

وكان الإمام الشهيد حسن البنا شديد الإعجاب بالشيخ عبد الحميد بن باديس وجهاده الإسلامي حتى أنه أسس مجلة فكرية اسماها بـ (الشهاب) تيمناً بمجلة الشهاب الجزائرية، وقد سهلت هذه الصلة الروحية بين الحركتين الإسلاميتين الإخوان المسلمين بمصر وجمعية العلماء الجزائرية بالجزائر الطريق لاتصال الفضيل الورتلاني بـالإخوان المسلمين والانضمام إليها وأصبح عضواً بارزاً فيها، وقد ألقى الفضيل الورتلاني (حديث الثلاثاء) بالمركز العام للإخوان المسلمين نيابة عن المرشد العام للإخوان المسلمين حسن البنا الذي كان خارج القاهرة.

نشاطه وجهاده

شارك الفضيل الورتلاني وهو في مصر تأسيس عدة جمعيات خيرية وسياسية كاللجنة العليا للدفاع عن الجزائر وجمعية الجالية الجزائرية سنة 1942م وجبهة الدفاع عن شمال أفريقيا سنة 1944م التي كان أمينها العام وتضم في عضويتها الشيخ محمد الخضر حسين وحفيد الأمير عبد القادر الجزائري والأمير عبد الكريم الخطابي المغربي.

وكان للفضيل الورتلاني دوره البارز في تنظيم وتنظير ثورة الأحرار في اليمن سنة 1948م مما يعرفه القاصي والداني رجالات اليمن.

ولست ادري من أي الجوانب أبدأ الحديث عن هذا الشخص العظيم، والسياسي المحنك والبطل الشجاع، والمغامر الجسور، والمجاهد الصابر، الذي حار الناس في مواهبه المتعددة، وعجزوا عن مجاراته في انطلاقه لتحقيق الأهداف التي يؤمن بها، والمبادئ التي يدين لها، وهي تحرير الشعوب الإسلامية بكاملها، من ربقة الاستعمار الأجنبي أياً كان لونه وجنسه، والإحلال الإسلام كنظام شامل للحياة كلها عقيدة وعبادة وخلقاً وشريعة ومنهج حياة.

ومن هنا كان بطلنا الشجاع الفضيل الورتلاني صاحب السبق في ميادين الجهاد، والعمل لتحرير العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله الواحد القهار.

ولئن كان الورتلاني من أبناء الجزائر فإن تحركه وجهاده لم يكن للجزائر وحدها، بل للمسلمين عامة؛ لأن غايته الجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله.

دوره في اليمن

لقد أسهم الورتلاني ورفيقه المصري عبد الحكيم عابدين مع إخوانهما في اليمن لرفع الظلم الواقع بهم، وإزاحة العقبات التي تحول دون تحقيق أمانيهم في الحياة الحرة الكريمة كما كان للورتلاني دور فاعل ومؤثر في رفد الجهاد الإسلامي في فلسطين ضد يهود ومن والاهم. فضلاً عن الدور الأساسي الذي يضطلع به مع إخوانه من مجاهدي الجزائر لتخليص بلادهم من نير الاستعمار الفرنسي والتصدي لكل القوى الماكرة التي تكيد للإسلام والمسلمين في كل مكان.

صلته بالإخوان المسلمين

الفضيل.jpg3.gif

يقول عنه الأستاذ الكبير محمود عبد الحليم في كتابه القيم (الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ) :

(كان الفضيل الورتلاني شاباً جزائرياً من زعماء المجاهدين الذين طاردهم الاستعمار الفرنسي فهرب إلى مصر واتصل بالإخوان المسلمين وكان كثير التردد على المركز العام للإخوان المسلمين، حتى ليكاد يتردد عليه كل يوم باعتبار هذه الدار مركز الحركات التحريرية ضد الاستعمار في كل بلد إسلامي؛ كان الفضيل الورتلاني لماح الذكاء سريع الحركة كثير المعارف، لا يقتصر تحركه على ما يخص موطنه الأصلي – الجزائر بل كان يرى العالم الإسلامي وحدة لا تتجزأ، وأنه مطالب بتحرير كل جزء منه، واعتقد أن الفضيل الورتلاني كان أول من سافر إلى اليمن التي أطاحت بالإمام يحيى) انتهى.

إن أستاذنا الفضيل الورتلاني علم من أعلام الإسلام المعاصرين، فقد أتاه الله علماً واسعاً وذكاء حاداً وبديهة حاضرة وثروة من التجارب وافرة، وأسلوبا في الحوار نادراً، وجرأة في الحق وقدرة على التصدي للباطل، وسلاسة في الحديث وفصاحة في الخطابة، وقوة في الإيمان ويقظة في الضمير.

ولست في هذا مبالغاً ولكنه بعض ما في الرجل؛ لأن الفضيل الورتلاني نموذج فريد للرجل المسلم القوي، الذي تصغر في عينه عظائم الأمور وتهون أمامه كل الصعاب فلا يتهيب نم اقتحام الميادين مهما عظمت التضحيات ولا يتردد لحظة في مواجهة الباطل المنتفش مهما كانت قوته وجبروته.

ثناء اليمنيين عليه

يروي القاضي المؤرخ عبد الله الشماحي في كتابه (اليمن الإنسان والحضارة) قصة تعرفه بالإمام الشهيد حسن البنا والفضيل الورتلاني فيقول :

(كان الإمام البنا ممن التقيته في الحج وقويت الصلة به وتلازمنا في منى ومكة والمدينة ودرسنا الوضع العام في العالم الإسلامي، وقد شخّصت للإمام البنا الوضع في اليمن واتفقنا على التعاون بين الإخوان المسلمين والمنظمات اليمنية؛ وقد أوفى الإمام البنا بوعده وساند النضال اليمني بما كانت تنشره صحافة الإخوان المسلمين، ثم أوفد الأستاذ الجزائري الفضيل الورتلاني وغيره إلى اليمن عن طريق عدن.

ويأتي الأستاذ الجزائري الفضيل الورتلاني موفداً من الإمام حسن البنا وروح الثورة تتقدمه، فيمر بعدن ويضاعف حماس قادة حزب الأحرار وأعضائه، ذلك الحماس الزاحف مع الفضيل الورتلاني إلى كل مكان حل فيه.

وفي (تعز) اتصل الفضيل الورتلاني بالقاضي عبد الرحمن الإرياني والسيد زيد الموشكي والسيد أحمد الشامي وغيرهم وتبادلوا النظرات وبه ارتبط السيد أحمد الشامي ولازمه في تجولاته، وتأثر كل منهما بالآخر؛ وفي (صنعاء) قام الفضيل الورتلاني بنشاطه الثوري يرافقه المؤرخ المصري أحمد فخري ويساعده الشامي فيجتذبان إليهما السيد حسين الكبسي، ويندفع الفضيل الورتلاني في إقامة الندوات وإلقاء المحاضرات في المدارس والمساجد والحفلات، فتسري روحه إلى الشباب والضباط وطلاب المدارس) انتهى.

ويري الأستاذ حسين محمد المقبلي في مذكراته (مذكرات المقبلي) :

(... وصل إلى صنعاء الأستاذ الفضيل الورتلاني سنة 1947م وهو جزائري وعضو في حركة الإخوان المسلمين وخطيب لا يجاريه أحد في ذلك، وفهم للإسلام على غرار فهم الشيخ صالح المقبلي صاحب كتاب (العلم الشامخ في الرد على الآباء والمشايخ) وهو في مجمل القول خليفة الشيخ جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده المصري، عمره حوالي الأربعين عندما وصل اليمن لإنشاء فرع لشركة محمد سالم المصرية للمواصلات البرية.

كان الإخوة الموجودون في مصر وعلى رأسهم الشيخ الشهيد محمد صالح المسمري على صلة كبيرة جداً بـالإخوان المسلمين، وكان الإخوان المسلمون - وعلى رأسهم الشيخ حسن البنا – يطمحون إلى تغيير الواقع في البلاد العربية، والى قيادة إسلامية صحيحة، والى ناشئة الإسلامية قوية.

وصل الفضيل الورتلاني يحمل مشعلاً آخر، وبدأ يخطب الناس بأسلوب جديد دفع الشباب اليمني دفعاً إلى اعتناق الثورة، وبدأت أتردد على الفضيل الورتلاني في منزله غير مكتف بملاحقته في المساجد والمجتمعات للاستماع إلى خطبه. وبدأ يحدثني... إننا نحن المسلمين فوق كوكب هذه الأرض نمثل الملايين، ولكني أقول – وهو يضغط على الحروف – إننا مستسلمون ولسنا مسلمين...) انتهى.

ويقول السيد أحمد بن محمد بن عبد الله الوزير في كتابه (حياة الأمير علي بن عبد الله الوزير كما سمعت ورأيت) : (... لقد كان للإخوان المسلمين وعلى رأسهم زعيمهم الإمام حسن البنا – رحمه الله – الذي لم يأل جهداً في بذل مساعيه الحميدة بإخراج اليمن من عزلتها وفقرها وجهلها، وكان الإمام البنا قد راسل الإمام يحيى وأدلى به بالنصح والإرشاد، وحاول أن يتصل بالإمام مباشرة، وأن تقدم جماعة الإخوان المسلمين كل طاقاتها وخبراتها ومعلوماتها لتنشئ دولة إسلامية في شعب مسلم عريق.

لكن الأقدار لم تسمح بعد فتهيئ الفرصة لإقامة الدولة الإسلامية، لما عليه اليمن من جهل وتخلف وحرمان، ولأن الإمام يحيى لا يحب أن يفيق الشعب من سباته العميق، تهرباً من أن يدرك ما فيه من التخلف الحرمان فيهوي بعرشه المتداعي..

وكان وصول الأخ عبد الله بن علي الوزير ومعه فضيلة المجاهد الكبير السيد الفضيل الورتلاني، قد دفعا بالحركة الإصلاحية قفزة واسعة.

وأخذت القضية تتحرك بسرعة واندفاع، فكان السيد الفضيل الورتلاني العلم الجزائري المعروف والخطيب المفصح، يُلهب أحاسيس الناس في الخطب يوم الجمعة، وعن طريق الاجتماعات المستمرة بالشخصيات القوية) انتهى.

ويقول الأستاذ أحمد بن محمد الشامي في مذكراته (رياح التغيير في اليمن):

(... وفي اعتقادي أن العالم المجاهد الجزائري السيد الفضيل الورتلاني هو الذي غيّر مجرى تاريخ اليمن في القرن الرابع عشر الهجري وأنه حين وضع قدمه على ارض اليمن كأنما وضعها على (زرّ) دولاب تاريخها فدار بها دورة جديدة في اتجاه جديد، لأن ثورة الدستور سنة 1367هـ - 1948م هي من صنع الورتلاني..

لقد كانت هناك معارضة يمنية وكان هناك نقد وتبرم ومنشورات ضد الدولة، وكانت هناك طموحات وزعامات وتحفزات، وكل ذلك يصلح أن يكون وقوداً لثورة ما.. ولكن (المعارضة) كانت بلا تنظيم، واتجاهات زعمائها مختلفة ومتباينة، والمناشدون بالإصلاح ودعاة التغير والتطور لا توحدهم رابطة، والنقد والتبرم غير موجهين توجيهاً سياسياً هادفاً بناءً..

والطموحات تتنافس فيما بينها، وكل متربص بالآخر، والزعامات العلمية والدينية والسياسية قد خدّرها الوهن، وجمدتها الأطماع، والتحفزات الوطنية ليس لها زعماء أكفاء ذوو مؤهلات قيادية، فلما جاء السيد الفضيل الورتلاني، عمل ما لم يعمله احد من اليمنيين، فوحّد شتات (المعارضة) في الداخل والخارج وارشد المطالبين بالإصلاح والمناشدين بالتغيير والتطوير إلى طرق العمل وجمعهم في رابطة وطنية.

وقارب بينهم وبين أرباب الطموحات السياسية والزعامات العلمية والدينية والقبلية والتحفزات الإصلاحية من الناقمين والناقدين والمتبرمين، وصهر مجهوداتهم وأهدافهم واتجاهاتهم وآمالهم وأمانيهم في بوتقة (الميثاق الوطني) وإنني اعتبر الورتلاني هو الذي استطاع أن يقنع الرئيس جمال جميل بأن يؤلف جبهة من ضباط الجيش لتأييد الدستور.

وأنه هو الذي أعاد الثقة إلى قلوب الموشكي والشامي، وجعلهما يتعاونان من جديد مع الزبيري ونعمان في إطار الميثاق الوطني، وهو الذي استطاع إقناع الأمراء والعلماء والمشايخ والتجار والضباط والأدباء بمبايعة عبد الله الوزير إماما ثورياً دستورياً. ولولا الورتلاني ما توحّد الأحرار في اليمن فالورتلاني هو مهندس ثورة 1367هـ - 1948م حقاً) انتهى.

ويمضي الأستاذ أحمد محمد الشامي في كتابه المذكور فيقول :

(إن واضع الخطوط العريضة الأولى لميثاق الثورة الدستورية اليمنية هو العلامة الجزائري السيد الفضيل الورتلاني والأستاذ الإمام المرشد العام للإخوان المسلمين حسن البنا، وكان هذان العبقريان المصلحان يهتمان بالمسلمين وشؤونهم في العلام بدافع قرآني خالص، لا يشوبه شعور وطني معين ولا تعصب إقليمي أو طائفي أو مذهبي محدود.

لقد كان لدى الأستاذ الورتلاني من المعرفة بكتاب الله وسنة رسوله والفقه وأصوله، والفهم والعبقرية والفصاحة والتقوى ما يخوله أن يفهم ويعرف ما فهمه وعرفه الإمام زيد بن علي الذي لم يكن (زيدياً) بل كان حنيفاً مسلماً، كما كان الورتلاني والبنا من بعده.

ولا بد أن يدرك أن مجيء السيد الورتلاني كان له الأثر الفعال، حيث إنه هو الذي وحّد بين أحرار اليمن في الداخل والخارج ووحّد بين وجهات النظر المختلفة للفئات اليمنية) انتهى.

وقد وصفه الشاعر اليمني القاضي محمد محمود الزبيري بقوله :

(لا أظن أنه يوجد للفضيل الورتلاني نظير في العالم الإسلامي علماً وكمالاً وإخلاصا وهيبة وجلالاً) انتهى.

دور العلماء في الجزائر

إن الجزائر المسلمة هي ارض البطولات وبلد التضحيات التي أرخصت الدماء الغالية في سبيل عقيدة الإسلام، والذبّ عن حياض الوطن الإسلامي، وقاومت المستعمرين سنين طويلة، وانتفضت كالمارد بعد طول رقاد، وقدمت الشهداء بمئات الألوف لتفخر أن يكون في طليعة رجالها ومقدمة أبطالها ابنها البار الفضيل الورتلاني، الذي كان كالشامة في جبين الأمة الجزائرية المسلمة، لما يتمتع به من صفات لا تتوافر إلا في القلة القليلة من أصحاب العزائم، لأن الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة.

إن جمعية العلماء المسلمين الجزائرين كان لها الفضل بعد الله في تخريج هذه القمم السامقة وهؤلاء الأئمة الأعلام والرجال العظام، ولن ينسى المنصفون من الناس هذا الدور العظيم لهذه الجمعية المباركة، سواء في داخل الجزائر أو خارجها، فقد كان لمكتبها في القاهرة وفيه أمثال الإبراهيمي، والورتلاني دور فاعل مؤثر في تهيئة الرأي العام العربي والإسلامي للوقوف إلى جانب الجزائر في محنتها، كما كان لهذه الجمعية الأثر الكبير في جمع كلمة الدعاة والقادة المسلمين في العالم العربي والإسلامي لمواجهة التحدي الاستعماري الذي يستهدف الإسلام كدين والمسلمين كأمة، والأرض الإسلامية كوطن.

ولقد استطاع الشيخ محمد البشير الإبراهيمي بمؤازرة أخيه الفضيل الورتلاني أن يكسبا تأييد الشعوب العربية والإسلامية، بل بعض الحكام المسلمين بحيث صارت قضية الجزائر المحور الأساسي للخطب والمحاضرات والندوات والمؤتمرات.

وأقبل الناس يجودون بأموالهم بسخاء منقطع النظير، لرفد حركة الجهاد الإسلامي في الجزائر ، وقامت المظاهرات الكبرى في أنحاء العالم العربي والإسلامي، كلها تؤيد وتؤازر شعب الجزائر المسلم في تصديه للطغيان الفرنسي، وأصبحت لا ترى مسجداً أو نادياً أو معهداً أو مقهى أو مجتمعاً، إلا وكان الحديث فيه عن الجزائر وجهادها وضرورة الوقوف إلى جانب شعبها المسلم المجاهد. ولقد فاضت انهار الصحف والمجلات بالقصائد والمقالات التي تهيب بالمسلمين جميعاً لدعم إخوانهم مسلمي الجزائر.

إن هذا الدور الرائد الذي قام به الإبراهيمي والورتلاني وإخوانهما ليسجل في صفحات التاريخ المشرقة، كما نرجو من الله تعالى أن يجعل ذلك في موازين حسناتهما يوم القيامة.

تعرضه للمخاطر

لقد تعرض الورتلاني أثناء جهاده إلى مخاطر عديدة، وكان دمه مهدراً من قبل فرنسا ووقع أكثر من مرة بالأسر ولكن عناية الله حفظته ورعته، وكان للإمام الشهيد حسن البنا دور في الإفراج عنه وعن رفيقه أمين إسماعيل بعد أحداث اليمن عام 1948م.

وبعد فشل ثورة الدستور باليمن حُكم على الفضيل الورتلاني بالإعدام وأصبح مطلوباً حيث قضى خمس سنوات متستراً قضاها في التجوال في الدول الأوروبية والتقى بالشيخ محمد البشير الإبراهيمي رئيس جمعية العلماء الجزائريين ونائبه الشيخ محمد العربي التبسي في سويسرا.

وقد وافق رئيس وزراء لبنان رياض الصلح على استقرار الفضيل الورتلاني في بيروت شرط أن يكون ذلك سراً.

عودته إلى مصر

وبعد قيام الضباط الأحرار وعلى رأسهم للواء محمد نجيب بالإطاحة بالملك فاروق عاد الفضيل الورتلاني إلى مصر حيث رحب به العلماء والسياسيون وخصّصت له مجلة (الدعوة) لسان حال الإخوان المسلمين بمصر حواراً شاملاً نشرته في عددها السابع والثمانين كما حياه الأديب الإسلامي الكبير الشاعر علي أحمد باكثير بقصيدة جاء فيها :

أفضيل هذي مصر تحتفل
أمسيت لا أهل ولا وطن

لم تقترف جرماً تدان به

إن الفساد إذا اعترى بلداً

بلقاك فانعم أيها البطل

وغدوت لا سفر ولا نزل

كلا ولكن هكذا البطل

فالمجرمون به م الرسل

مغادرته إلى لبنان

وبعد استئثار عبد الناصر بالسلطة وخلع محمد نجيب واعتقالاته للإخوان المسلمين وإعدام ستة من قاداتهم هاجم الورتلاني عبد الناصر على محاربته للإخوان وذلك في موسم الحج فكان جزاؤه السجن الحربي مع زميله الشاذلي المكي بعد عودتهما من الحج إلى القاهرة مما حدا بالفضيل الورتلاني أن غادر القاهرة سنة 1955م متوجهاً ثانية إلى بيروت بعد أن تأكد من تآمر المخابرات المصرية عليه وعلى أستاذه الشيخ البشير الإبراهيمي.

استمرار جهاده

وحين انطلقت الثورة الجزائرية في 1/11/1954م نشر الورتلاني مقالاً بتاريخ 3/11/1954م بعنوان (إلى الثائرين من أبناء الجزائر : اليوم حياة أو موت) وبتاريخ 15/11/1954م اصدر مع الشيخ البشير الإبراهيمي بياناً بعنوان : (نعيذكم بالله أن تتراجعوا) وبتاريخ 17/2/1955م شارك في تأسيس (جبهة تحرير الجزائر) التي تضم الشيخ محمد البشير الإبراهيمي وممثلي (جبهة التحرير الوطني) : أحمد بن بيلا وحسين آية أحمد، ومحمد خيضر، وبعض ممثلي الأحزاب الجزائرية : الشاذلي مكي وحسين لحول، وعبد الرحمن كيوان، وأحمد بيوض وغيرهم.

وفاته

واستمر الورتلاني في جهاده إلى أن لقي ربه في 12/3/1959م في مستشفى في أنقرة وكانت وصيته أن يدفن في ارض الجزائر ، إلا أن الطغمة العلمانية التي قفزت إلى السلطة بعد التحرير رفضت ذلك وبقي في الباخرة دون أن تجرؤ دولة عربية على أن يدفن جثمانه في مقابرها، فقبلت تركيا ودفن فيها، وقبل سنوات نقلت رفاته إلى حيث دفن في مسقط رأسه الجزائر.

رحم الله الأستاذ الفضيل الورتلاني رحمة واسعة وأعاد للجزائر وجهها الإسلامي المشرق بجهود أبنائها البررة من رجال الحركة الإسلامية المعاصرة والحمد لله رب العالمين.

أيها المسلمون :

لقد قامت الشريعة، وتكونت الأمة، وقامت الدولة من قبل على غير مثال سبق، أو أصل متّبع، ومع هذا فقد بلغ المجتمع الإنساني فيها جميعاً أفضل حالات الكمال، حتى استحق أن يوصف بأنه "خير امة أخرجت للناس" ولا يعوزكم اليوم إلا الإرادة والعزم، والجد والحزم، والمثال معلوم، والأصل قائم، فهل تقدمون؟ ... حسن البنا .

إقرأ أيضا

كتب متعلقة

أبحاث ومقالات متعلقة

روابط خارجية

تابع روابط خارجية