الحزب الوطني الجديد 1944 - 1953م

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الحزب الوطني الجديد 1944-1953م
دراسة في أوراق وصحف الحزب (فتحي رضوان ومجموعته)

بقلم: الدكتور زكريا سليمان بيومي

الطبعة الأولي 1988

الناشر

دار الكتاب الجامعي 8 شارع سليمان الحلبي بالقاهرة

بسم الله الرحمن الرحيم

الإهداء

إلى روح الزعيم الوطني

وفاء وعرفان وتقدير لما قدمه لبلاده

مقدمة

شهدت مصر في فترة ما بين الحربين وبخاصة في الثلاثينات قيام العديد من التنظيمات السياسية , وانحصر نشاط أغلبها في المدن وذلك لكونها قد تأسست على أكتاف جماعات من الطلاب والمثقفين والموظفين والعمال .

وإلى جانب تأثر بعض هذه التنظمات بالمؤثرات الأجنبية الوافدة فإن العوامل المحلية كانت وراء قيام العديد منها , بل إن التنظيمات القليلة التي تأثرت بالتيارات الوافدة قد دفعتها عوامل داخلية للبحث عن وسائل للتعبير عن أهدافها ومصالحها والتقت مع إعجابها بالتنظيمات الخارجية وما حققته في مسيرتها النضالية سياسيا واجتماعيا واقتصاديا فدفعتهم هذه العوامل وهداهم إعجابهم المؤيد بثقافتهم إلى تنظيمات سياسية .

ولا شك ان من أهم العوامل الداخلية في مصر التي أسهمت في قيام أغلب هذه التنظيمات الفشل الذي نتج عن تطبيق التجربة الديمقراطية فيما بعد الحرب العالمية الأولي حيث اندفعت الأحزاب القائمة على هذه التجربة في حصر القضية الوطنية في إطار المفاوضات الثنائية مع الاحتلال مع إدراكها أن ذلك ليس أسلوب الأمثل لتحقيق الأهداف والمطالب الوطنية مع أنها أطلقت على هذه السياسة مصطلح الواقعية وبررتها بأنه ليس في الإمكان أبعد مما كان إلا أن الدافع الحقيقي لمسيرتها هو التقاء مصالحها مع وجود الاحتلال حتى يستقر ويستمر الهرم الاجتماعي الذي يضمن لهم الحفاظ على ممتلكاتهم وتحكمهم واستمروا في مصادرة مصالح الشعب وآرائه وظلوا يطلقون على أنفسهم أصحاب المصالح الحقيقية في البلاد واستطاعوا بكل هذا أن يستثمروا ثورة الشعب ضد الاستعمار والظلم الاجتماعي سنة 1919 , وأن يقتنوا مصالحهم بدستور سنة 1923 الذي لم تراع فيه مصالح الأغلبية الكادحة , واستمروا في فرض صورة ديمقراطية سطحية زائفة .

واندفع أتباع الاتجاه الديني المحافظ يترجمون تأثرهم بعوامل الظلم الاجتماعي داخلي وفشل وتواري اتجاه الجامعة الإسلامية خارجيا ليقيموا تنظيمات كان لابد أن تتجه اتجاها سياسيا وعسكريا لا من منطلق ديني حسب وإنما لمقاومة الظلم الاجتماعي في المقام الأول .

واتجهت مجموعة أخري من الشباب مدفوعة بنفس العوامل الداخلية وبضيقها بالتجربة الديمقراطية الفاشلة لتترجم إعجابها بالنموذج الفردي الذي ظهر على الساحة الأوربية في أعقاب الحرب العالمية الأولي كالنظام الفاشي في ايطاليا والنازي في ألمانيا وكونوا جماعة مصر الفتاة سنة 1933 وحاولوا أن يلبسوا اتجاههم ثوب محليا فسعوا إلى إحياء النموذج التقليدي الذي كان يمثله الحزب الوطني حزب مصطفى كامل الذي سعي لاستقلال مصر في إطار النظام الخديوي ( الملكي ) مع تطويره بالدعوة إلى الدستور إلى الدستور .

ولم تكن ظروف البلاد مهياة لتقبل ذلك النموذج القديم المحصور في إطار المبادئ والخطب والمقالات كما لم تكن كل عناصره قادرة على تحمل محاربة الحكومة لهم وتهديدهم بالسجن فاختلف القائمون على هذا الاتجاه حول مدي الالتزام بأسلوب مصطفى كامل ومدي صلاحيته للظروف وغير ذلك وكان هذا في الظاهر لكن خلافهم الحقيقي كان يرجع في الغالب إلى اختلاف أصولهم فلم تمض سنواته قليلة نشوب الخلاف بينهم .

واتجه الرجل الثاني في تنظيم مصر الفتاة بعد حمد حسين رئيس الجماعة وهو فتحي رضوان إلى تأسيس تنظيم مستقل يكون أكثر تقيدا باتجاه الحزب الوطني القديم فأسس " اللجنة" العليا لشباب الحزب الوطني " أو " الحزب الوطني الجديد ".

ولم يتعارض إتباع الحزب الوطني القديم قيام هذا التنظيم في البداية بل بالعكس طربوا له ورحبوا به بعد أن أصبح حزبهم العتيق هيكلا مجرد كأشجار الخريف فلم يكن لحزبهم مقر وكانوا يستعيضون عن ذلك – إذا اقتضت الضرورة – بالاجتماع في بيت أحد أعضائه ولم تكن لهم جريدة كلسان حال للحزب ومضت السنين دون اجتماع لجنة الحزب الإدارية فتمزقت أوصاله وأصبح وجوده قاصرا على الناحية الرسمية ولا يسمع عنه أحد إلا إذا ذكرهم بوجوده كاتب بين الحين والحين حتى أن أغلب قطاعات الشعب بل كلها كادت تسقط هذا الحزب من حسابها .

من هنا كان ترحيب الأعضاء القدامى بانضمام التنظيم الناشئ الذي نفخ فيهم روحا جديدة وفتح لهم مقرا وجعل لهم جريدة وجاهدوا سويا في تذكير الناس بهم وبحزرهم أكثر من جهادهم لإثبات دورهم على الساحة السياسية .

وفي نفس الوقت رحب التنظيم الجديد بهذا البعض حيث التقي ذلك مع اتجاهه في التمسك بالأسلوب التقليدي لمؤسس الحزب وأوجد لنفسه عمقا على الساحة السياسية وحاول أن يستفيد ببقايا شعب وفروع الحزب القديم ليوجد لنفسه قدر الإمكان – عمقا شعبيا فضلا عن احتمائه بفلول هذا الحزب العتيق من تضييق الحكومة وتهديدها لعناصر مصر الفتاة .

ومع ذلك فإن عوامل عدم الاستمرار والالتقاء بين جيل الشباب والتقليديين كانت أكثر وأقوي من عوامل الارتباط بينهما فسرعان ما استقل الشباب وأصدروا لأنفسهم برنامجا مستقلا تضمن لائحة ونظاما يخصهم وخرج بهم من عبادة الحزب القديم تماما بعد أن اشتد عودهم وأصبحت علاقتهم بأفراد الحزب القديم كعلاقتهم ببقية القوي السياسية القريبة بين مد وجزر.

ولما كانت قد درست من قبل أثناء إعدادي لدرجة الماجستير , الحزب الوطني القديم ولم أتطرق لدراسة التنظيم الجديد لكونه يحتاج إلى دراسة مستقلة وبحكم أنه تنظيم مستقل لا ينبغي أن تشمله الدراسة .

وحيث أنني سبق أن حصلت على العديد من أوراق هذا التنظيم الأصلية التي أمدني بها رئيسه الأستاذ فتحي رضوان لذلك وجدت إنه من الضروري أفراد هذه الدراسة محاولا بها توضيح جانب من جوانب تاريخ مصر الحديث والمعاصر .

والله من وراء القصد

جدة في 20/10 / 1988 م

د. زكريا سليمان بيومي

الفصل الأول: نشأة الحزب وتنظيمه

النشأة:

على الرغم من أن النشأة الرسمية للحزب الوطني الجديد الذي أطلق علي نفسه اسم " اللجنة العليا لشباب الحزب الوطني تمييزا لها عن الحزب الوطني القديم كانت في أواخر سنة 1944 وهو تاريخ يتواءم مع صدور صحيفة اللواء الجديد التي صدر العدد الأول منها في 12 نوفمبر سنة 1944 إلا أن اشتغال المجموعة المكونة له في النشاط السياسي والاجتماعي تسبق ذلك بأكثر من عشر سنوات .

ولم يكن اشتراكهم في تأسيس جماعة مصر الفتاة هو بداية نشاطهم السياسي بل كان نتيجة لتجاربهم التي سبقت هذا التأسيس . فقد وجدوا في الأنشطة التي دعت لها جماعة الشباب المسلمين والتي تركزت في الميدان الاجتماعي والرياضي مجالا يبرزون فيه جهودهم ويعبرون من خلاله عن مطالبهم وكانوا ما زالوا طلابا في الحقوق .

ولا شك أن هذه الفترة قد أسهمت إلى حد بعيد في التأثير على ميولهم وأفكارهم السياسية , فقد كان أغلب القائمين على جماعة الشبان المسلمين من رجال الحزب الوطني القديم كالدكتور يحى الدرديري والدكتور عبد الحميد سعيد والشيخ عبد العزيز جاويش وغيرهم من مدرسة مصطفى كامل الذين ترسبت أذهانهم صورة العمل السياسي القائم على نظام الخديوي ( الملكي ) وفي إطار الدعوة للدستور واشتطوا في إعلان عدائهم للاحتلال البريطاني دون السعي لإيجاد الوسيلة لإجلائه , وورثوا بغضا شديدا للأحزاب السياسية التي تسير في طريق مفاوضته وفي مقدمتهم الوفد وسلكوا بعد ذلك أسلوب العمل السري الذي سلكه الحزب القديم قبيل الحرب العالمية الأولى وأثناءها .

ولا نستطيع أن نفصل بين جهود فتحي رضوان مؤسس الحزب موضوع الدراسة وبين جهود أحمد حسين في هذه الفترة السابقة لاشتراكهما في تأسيس جماعة مصر الفتاة فمع أن كل منهما قد اتجه إلى مشروع معين إلا أنه استعان بالآخر في تدعيم مشروعه فساند فتحي رضوان أن أحمد حسين في مشروع القرش ولقي مساندته في الدعوة لعقد مؤتمر للطلبة الشرقيين الذي تأثر فيه بقراءته عن الزعيم الهندي غاندي الذي ألف عنه كتابا سنة 1932.

وإذا كانت فكرة الدعوة لهذا المؤتمر قد عرضت في إطار ثقافي ورياضي وغير ذلك إلا أن التركيز على دعوة الطلبة في البلاد التي تئن من الاستعمار الانجليزي والفرنسي قد أكدت بعدها السياسي وقد نجح كل من أحمد حسين وفتحي رضوان في أن يقنعا العديد من أساتذة الجامعة وبعض المفكرين البارزين بفكرة المؤتمر كالدكتور علي إبراهيم , وأمين الخولي وعبد الرزاق السنهوري وعلى مصطفي مشرفة , ورأوا أن يعقد المؤتمر سنويا في القاهرة ليعمل على تقوية الروابط بين الدول الممثلة فيه وفي نفس الوقت نجحا في أقناعهم بفكرة أحمد حسين بمشروع القرش واشتركا سويا في سكرتاريته ووسعا دعوة الشخصيات العامة من أمثال حافظ إبراهيم وخليل مطران وعباس العقاد وإبراهيم عبد القادر المازني والدكتور محمد حسين هيكل واستكتبوهم بما يؤيد المشروع مما أسهم في انجاحه وفي إجبار حزب الوفد على تغيير موقفه حيث تحول إلى تأييد المشروع بعد أن حاول عرقلته في البداية خشية أن يؤدي إلى استقطاب الشباب الوفدي .

وبعد أن أسهم هذان المشروعان وغيرهما في صقل هذه المجموعة الشابة كان من الطبيعي أن يتجهوا إلى إقامة تنظيم بهم فكانت جماعة مصر الفتاة التي تأسست سنة 1933 .

وتبلورت أفكارهم في أهداف هذه الجماعة فمع أنهم أعلنوا أن فكرة " مصر الفتاة " مأخوذة عن مصطفى كامل إلا أن تأثرهم بتجربة الحكم الفردي والعلو القومي في أوربا وإعجابهم بما حققته من نجاح لبلادها كالفاشية في ايطاليا والنازية في ألمانيا وتجربة أتاتورك في تركيا كان لها دور كبير في اتجاههم للقومية المصرية فرفعوا شعار " مصر فوق الجميع " الذي تضمن الدعوة للإمبراطورية المصرية التي تعتمد على الروح العسكرية ووسائل العنف ونبذ أسلوب المفاوضات وكان اهتمامها بالسودان يرجع إلى اعتبارها مصر والسودان نواة لهذه الإمبراطورية . وكان لابد أن تدفع بهم هذه السياسة إلى ضرورة معاداة الاحتلال من زاوية الأحزاب الليبرالية وفي مقدمتها الوفد من زاوية أخري وحين وصل بهم اندفاعهم إلى حد إعلان الثورة على الانجليز قبضت عليهم السلطة العسكرية الانجليزية في مصر فسجن كل من أحمد حسين وفتحي رضوان وحافظ محمود مدة تقارب الشهر .

وقد شاركت هذه العناصر الحزب الوطني القديم في موقفه الرافض لمعاهدة سنة 1936 وواصلت إعلان عدائها للوفد , وحاولت أن توضح وجهة نظرها من خلال تفنيد البنود التي أتاحتها المعاهدة للاحتلال لبسط سلطانه على البلاد .

ومع أن هناك من رأي أن عوامل التضييق التي مارستها السلطة العسكرية الانجليزية وبعض الحكومات وفي مقدمتها حكومات الوفد كانت وراء حدوث انشقاق في صفوف مصر الفتاة أدي إلى خروج الرجل الثاني وهو فتحي رضوان وبعض الأعضاء البارزين أو أن تقارب مصر الفتاة مع الوفد بعد إقالة الحكومة الوفدية سنة 1944 قد أدي إلى حدوث هذا الانشقاق إلا أن الانشقاق في رأي فتحي رضوان قد حدوث قبل ذلك بسبب خلاف رئيسي بينه وبين أحمد حسين منذ سنة 1937 كان في أغلبه خلاف على الزعامة ترجم إلى عدم اتفاق على بعض القضايا السياسية وإن كان التقارب الذي حدث بين مصر الفتاة وحزب الوفد قد دفع فتحي رضوان – مع عوامل أخري إلى إعلان تنظيمه .

على أن هناك مجموعة من الأسباب أسهمت في تأخر " فتحي رضوان " ومن معه من المنشقين على " مصر الفتاة " في إقامتهم لتنظيم جديد ولعل من هذه العوامل وأهمها قيام الحرب العالمية الثانية وما تبعها من إعلان الأحكام العرفية والتضييق على العناصر الموالية للألمان ومن بينها عناصر " مصر الفتاة " كما أن المجموعة المنشقة لم تكن قادرة في حد ذاتها لقيام مثل هذا التنظيم إلى جانب عدم تملكهم لصحيفة تكون لسانهم في هذا السبيل ومما لا شك فيه أن عزيز المصري الذي وصل إلى مصر في هذه الفترة , وسعي إلى تجميع القوي القريبة من المحور والمعادية لمعسكر الانجليز والحلفاء قد لعب دورا في هذا الأمر إذ كان فتحي رضوان سكرتيرا له ولم يكن من السهل في هذه الفترة أن يقبل انشقاقا معلنا داخل المعسكر الذي يسعي لتوحيده والذي ضم جماعة الإخوان المسلمين ومصر الفتاة وعناصر الحزب الوطني القديم والشبان المسلمين وبعض عناصر من الجيش .

وقد أدت هذه الفترة إلى حدوث تقارب بن فتحي رضوان ورفاقه ورجال الحزب الوطني القديم وبعض عناصر ممن كونوا تنظيما في الجيش وما أن أشرقت الحرب على نهايتها وتمكنت هذه المجموعة من إصدار صحيفة اللواء الجديد إلا وأعلن فتحي رضوان ورفاقه – من خلالها – قيام تنظيمهم الجديد.

مبادئ تنظيم الحزب

على الرغم من وجود برنامج مستقبل ومطبوع للحزب الوطني الجديد على غرار الأحزاب السياسية الأخرى إلا أنه من الواضح أن ذلك البرنامج لم يكن موجودا عند بدء إعلان قيامه في نهاية سنة 1944 , فلم يكن من المقبول أن يعلن أعضاؤه إحياءهم لمبادئ مصطفى كامل وتأكيدهم بأنهم لن يحيدوا عنها بما يعني تأكيد اندماجهم في الحزب الوطني القديم ثم يعلنون برنامجا خاصا بهم .

وتشير النشرات التي أصدرها الحزب الوطني سنة 1947 أن اندماجا فعليا قد حدث بينهما وأن فتحي رضوان زعيم مجموعة الشبان وصاحب اللواء الجديد وصاحب المقر الجديد للحزب قد عين أمينا عاما مساعدا للحزب الوطني المندمج, وأنه كان وراء صدور هذه النشرات التي جمع فيها المقالات المتناثرة لحافظ رمضان باشا رئيس الحزب الوطني القديم التي توضح مواقفه من بعض القضايا السياسية السابقة .

ومع ذلك فإن صحيفة اللواء الجديد التي كان الشبان يسيطرون عليها كانت برغم احتشادها بمقالات لزعماء الحزب القديم إلا أن الشبان استخدموها لتثبيت وجودهم وتأكيد شرعيتهم وحرصوا على أن يبرزوا ما لهم من مبادئ خاصة بهم وأن لم تكن في أغلبها تخالف مبادئ الحزب القديم والتي احتواها برنامجهم الذي صدر بعد ذلك .

وصدرت نشرة أخري في نفس العام ( 1947) بعنوان " كفاحنا في نصف قرن ) لكنها كانت خاص بجماعة الشباب الذين أطلقوا على أنفسهم فها " اللجنة العلا لشباب الحزب الوطني " وبتوقيع فتحي رضوان بصفته رئيسا لهذه اللجنة الأمر الذي يوحي بحدوث انفصال بين جماعة الشباب والحزب القديم .

وبرغم ذلك فقد احتوت هذه النشرة على استعراض لتاريخ كفاح الحزب الوطني القديم الذي ظلوا ينسبون أنفسهم إليه منذ تأسيسه في عهد مصطفى كامل وحتى وقت صدور النشرة مما يشير إلى عدم رغبتهم وربما قدرتهم في إعلان انسلاخ سريع عن الحزب القديم وهم حديثوا عهد بالانسلاخ عن مصر الفتاة وحتى لا يصيبهم هذا بالتمرد أو الرغبة في الانفصال أو عدم رسوخ وصدق مبادئهم .

على أنهم ساروا تدريجيا في تأصيل تأكيد وجودهم المستقل وهو أمر يرجح صدور برنامجهم الخاص في نهاية عام 1948 ومما يدعو للتأكيد على صحة هذا الرأي حول توقيت صدور البرنامج إلى جانب الأدلة السابقة التقرير الذي أعده " يوسف حلمي المحامي " عضو اللجنة العليا والذي دعا فيه أعضاء اللجنة إلى ضرورة وضع خطة ثابتة ومدروسة يسيرون عليها ويسعون لتنفيذها وحاول التقرير أن يضع تصورا لهذا البرنامج وردت بعض نقاطه في البرنامج النهائي .

وفي تقرير آخر أعده نفس العضو أكد فيه ضرورة إعداد برنامج ثابت ومدروس وذكر في هذا الصدد أن " شباب اللجنة العليا شباب كفروا بالأحزاب السياسية القائمة كما كفروا بالزعماء والمتزعمين جميعا وآمنوا بأن مبادئ مصطفى كامل ومحمد فريد هي المبادئ المثلي ولما كانوا فتيانا طاهرة قلوبهم خالصة وطنيتهم فقد لذوا بالحزب الوطني ليتجمعوا تحت لواء مطهر حيث يلقي كل منهم أخاه الذي ينطوي على نفس أحاسيسه وأمانيه لعلهم يستطعيون أن يتكاتفوا ليجربوا أن يعملوا خالصين مخلصين لوجه هذا الوطن , ذلك هو الرباط الروحي الوثيق الذي ينتظم به شباب الحزب الوطني أما ماذا يعملون وكيف يعملون فذلك ما لم تتضح لهم بعد معالمه حيث لا يجمعهم حتى الآن برنامج واحد مدروس دراسة مركزة وأسس من الحقائق والإحصاءات ".

أما عن البرنامج نفسه فقد احتو على ثلاثة وأربعين مادة تقع في ثمان عشرة صفحة ويحتوي كذلك على سبع مواد عن مبادئ الحزب العامة وسياسته الخارجية ورؤياه للعالم العربي والإسلامي وموقفه من الدستور ونظام الحكم وتصوره الاقتصادي وتصوره لنظام الجيش وغير ذلك .

فعن مواده الثلاثة والأربعين والخاصة بقانون تنظيم الحزب فإن الجدير بالملاحظة في هذا البرنامج أن المادة الأولي فيه حددت إن الحزب يتكون من مجلس إدارة ولجان مركزية في عواصم المديريات وعواصم المحافظات ولجان فرعية بعواصم المراكز والأحياء بالمدن الكبرى وشعب بالفري وأخري بأحياء المدن ويبدو من ذلك أن الحزب في إطار النظري لم يكن قاصرا على المدن بل شمل القري كذلك .

ويلاحظ أيضا أن المادة الثانية منه قد ركزت سياسة الحزب في يد مجلس الإدارة الذي نصر البرنامج على أن يتكون من خمسة وعشرين عضوا وأعطاه البرنامج حرية واسعة من تقرير رأي الحزب في كل ما ينشأ من الحوادث ورسم الخطط واختيار الوسائل لتنفيذ برنامج الحزب وتحقيق قراراته وتحديد علاقاته الخارجية والداخلية والإشراف على نشاطه بالقاهرة والأقاليم وإصدار المجلات والدوريات وعقد المؤتمرات والندوات ويعرض سياسة الحزب على الجمعية العمومية , الدفاع عنها , ودعوة الجمعية العمومية للانعقاد متي شاء , وهو أمر يطابق رؤياه في أداة الحكم التي رأي أن تبدأ مركزية ثم تغير القوانين لتعين مع الزمن على التحول إلى اللامركزية .

كما أن النص على أن يكون عضو مجلس الإدارة ممن لهم سابقة جهاد أو خدمة عامة للبلاد وممن أمضوا ثلاث سنوات في عضوية الحزب قد جعل المجلس في أغلبه شبيه بالدائم .

وكان المجلس وقت إعداد البرنامج في أغلبه من المحامين وهو أمر يفسر اهتمامهم باحترام القضاء واستقلاله في عدة جوانب من البرنامج وقد نصت المادة السادسة على أنه لا يجوز ضم عضو جديد لمجلس الإدارة إلا بموافقة كل أعضاء المجلس وهو أم صعب يوحي بصعوبة انضمام أى عضو جديد إليه ويؤكد في نفس الوقت حرضهم على تأكيد المركزية .

ومع أن المادة التاسعة من البرنامج قد نصت على أن رئيس الحزب وسكريتره وأمين صندوقه إلى جانب وكيل أو وكيلين ومساعدا للرئيس يختاروا بالانتخاب إلا أنها أوكلت هذه المهمة للمجلس لا إلى الجمعية العمومية للحزب وهي أمور تؤكد المركزية أيضا .

ومما يشير إلى مزيد من المركزية أن المادة الحادية عشر قد نصت على أن " لرئيس الحزب الحق دائما في دعوة المجلس إلى الاجتماع في غير المواعيد وله عن تعذر اجتماع المجلس لظروف قاهرة أن يصدر ما تقتضيه الظروف من قرارات أو بيانات " كما أن الباب العاشر الخاص بالعقوبات التأديبية في المادة الواحدة والثلاثين تنص على عقوبة أى عضو ينقد سياسة الحزب أو ينقد قرارات من قراراته حتى ولو صدر على غير موافقته , أو يعيب في رئيس الحزب أو أحد أعضاء المجلس , وبما أن قرارات الحزب في أغلبها – أو كلها تقريبا – تصدر عن رئيس الحزب أو مجلس الإدارة فإن ذلك يؤكد استثناء المجموعة لرأي أعضاء الحزب في اللجان المركزية أو الفرعية وأن مهمة اللجان تنفيذ تعليمات هذه المجموعة وهو ما توضحه المادة الرابعة والثلاثون حيث تنص على أنه على العضو " ان ينفذ ما يعهد إليه من أى لجنة من لجان الحزب "

ومع أن برامج الحزب قد اشتمل على تكوين لجان له في القري إلا أنه في المادة السادسة والعشرين قد أشار إلى فصل العضو الذي على الفلاحين الانضمام إليه مهما كان الاشتراك ضئيلا ولهذا فإن المواد التي أشارت إلى تكوين لجان الحزب في الأقاليم ( 36,37,38) قد جعلت تأسيس هذه اللجان جوازيا وليس بالضرورة .

وبقي أن نشير في هذا الصدد أن المادة الأخيرة من هذا البرنامج (43) قد نصت على أن الجمعية العمومية للحزب التي من المفروض أن تجتمع مرة كل سنة لا تصدر قرارات " في غير الأمور المقدسة لها من مجلس الإدارة " وهذا يؤكد ما ذهبنا إليه من حيث استئثار المجموعة المكونة لمجلس الإدارة بكل أمور الحزب , ولما كان أغلب نشاطه في الغالب على العاصمة ولم يبد حرصا – برغم ما ورد في برنامجه- وجوده في الأقاليم وبرغم ما ورد في جريدة الحزب اللواء الجديد عن تكون بعض اللجان في الأقاليم .

وحتى نشاط الحزب في القاهرة كان نشاطا محددا فإلي جانب خلوا برنامجه من الإشارة إلى تشكيلات في صفوف العمال أو الطلاب وهما مركز اهتمام الأحزاب في المدن فإن الحزب لم يبد اهتماما خاصا بهما ويتضح هذا في التقرير الذي قدمه يوسف حلمي المحامي في أغسطس سنة 1948 حيث طالب " بالاهتمام بتأليف لجان الحزب في الجامعة وفي المدارس الثانوية والفنية والأزهر وكلياته في القاهرة ... ويتحتم تشكيل لجنة فورا باسم لجنة المعاهد العلمية " كما طالب التقرير بالاهتمام بمحيط العمال وعلق على ذلك بقوله :" فإني أخشي أن يهم الحزب الوطني في سماء أرستقراطيته الفكرية ويتجاهل وجود طبقات الشعب من عمال وفلاحين وقوتهم كعامل فعال في قضية الحرب " ونادي بضرورة تأليف " لجان من عمال الحرف المختلفة ".

وتشير أوراق الحزب بأن الحزب قد اهتم بالملاحظات التي تضمنها تقرير يوسف حلمي المحامي فقام بحملة واسعة من الدعاية لضم أعضاء جدد إليه في أواخر سنة 1948 وأوائل سنة 1949 وقد نجح في ضم ما يقرب من مائتين وخمسين عضوا كانت الأغلبية منهم أصحاب الحرف وثمانية من طلاب المدارس الثانوية كانوا جميعا من مدرسة كشك الثانوية بزفتي فيما عدا أحدا فقط من القاهرة وطالبان جامعيان أحدهما في الهندسة والآخر في الحقوق , وطبيب , وأربعة من الموظفين كانوا جميعهم من سكان القاهرة أما الحرفيون فكانا جميعا من سكان القاهرة فيما عدا واحدا فقط كان يعمل في القاهرة ويسكن في قليوب البلد وهي احدي ضواحي العاصمة .

ولم يحدث أى تطوير على برنامج الحزب خلال فترة الدراسة التي تشمل فترة الحزب وإذا كان الحزب قد تقدم ببرنامج جدد إلى الحكومة بعد ثورة سنة 1952 وفقا لقانون تنظيم الأحزاب فإن ذلك لا يعد تطوير وبخاصة أنه لم يطرأ عليه تغيير كبير في تشكيلان الحزب ولجانه وأن خلا من الأهداف والمبادئ العامة التي تضمنها برنامجه الأول.

ومع ذلك فقد أعد أحد أعضاء الحزب وهو " حسن البسيوني المحامي " تقريرا تضمن ملاحظاته على البرنامج الجديد قدمه إلى رئاسة لحزب في 17 ديسمبر سنة 1952 فذكر في التقرير – الموجود لدينا ضمن أوراق الحزب – أنه لاحظ ط بصفة عامة على هذا القانون أنه قد اهتم أساس بتنظيم مجلس الإدارة وتحديد واجبات أعضائه وحقوقهم وأنه لم يفرد لأعضاء الحزب عموما إلا عددا ضئيلا ممن المواد وضعت في ذيل القانون رغم أن الترتيب المنطقي أن يبدأ بحقوق الأعضاء العاملين والتزاماتهم ثم يتلو ذلك تنظيم مجلس الإدارة ".

والذي يراجع برنامج الحزب الوطني القديم الذي أصدره في أعقاب ثورة سنة 1919 لا يجد فيما تضمنه من مبادئ عامة خلافا كبيرا مع المبادئ التي تضمنها برنامج الحزب الوطني الجديد أو " اللجنة العليا لشباب الحزب الوطني " حيث تضمنت برنامج الحزب القديم العشرة الدعوة " لاستقلال مصر مع سودانها وملحقاتها استقلالا تاما غير مشوب بأية حماية أو وصاية أو سيادة أجنبية أو أى قيد يقيد هذا الاستقلال " والدعوة لقيام حكومة دستورية وغير ذلك .

على أن ذلك لا يعني التزام لجنة شباب الحزب الوطني بهذه المبادئ أو تقيدها بها لكن التشابه الكبير بين البرنامجين يرجع إلى أنها مبادئ وأحكام عامة وأن كان برنامج لجنة الشباب قد تضمن بعض المبادئ الإشتراكية بل لقد خالف إلى حد كبير برنامج جماعة مصر الفتاة الذي غالي في الدعوة القومية وتزعم مصر للمنظمة العربية والإسلامية بل والدعوة لنموذج فرعوني وإذا كان برنامج مصر الفتاة قد تغير بعد تحولها إلى " الحزب الإشتراكي " فإن برنامج للجنة العليا لشباب الحزب الوطني أو الحزب الوطني الجديد قد احتوي على مبادئ اشتراكية مشابهة فقد حددت الفقرة السادسة من المادة السادسة من باب الأحكام والمبادئ العامة وأن الدولة يجب أن تخول حق تأميم ما تراه من المرافق ومصادرة الثورة طبقا لمقتضيات الظروف الاقتصادية ولحماية الثروات القومية من الاستغلال الأجنبي مقابل تعويض عادل كما دعت إلى تحديد الملكية الزراعية وغير ذلك من المبادئ الإشتراكية التي تدعو للقول باتفاقهما في الدعوة إلى اشتراكية الدولة .

صحافة الحزب الوطني الجديد :

لم يمتلك الحزب سوي جريدة اللواء الجديد وقد صدر العدد الأول منها في 12 نوفمبر سنة 1944 الذي حمل إعلان تأسيس الحزب وكان حجم الجريدة عند بداية صدورها متوسطا بين الجرائد العادية والمجلات كما أنها كانت تصدر أسبوعية لمدة عام وصنف ثم انقطعت بعض الوقت وعادت لتصدر بغير انتظام ولقد علل الدكتور نور الدين طراف الرجل الثاني في الحزب سبب ذلك بالأزمة المالية التي كانت تواجه المجلة وأنها " فقيرة تعبر عن أمة فقيرة وتصدر متواضعة لهذا السبب أيضا ".

على أن الحزب كان قد شرع في إصدار مجلة أخري سنة 1948 وقد ورد هذا في تقرير أعده يوسف حلمي المحامي وعضو الحزب لكن الأحكام العرفية قد عطلت إصدارها وقد طالب التقرير المذكور لجنة المجلة التي كان الحزب قد شكلها بأن تستعد لإصدارها فور انتهاء الأحكام العربية .

وتشير أوراق الحزب إلى حرص الحزب في مطلع سنة 1952 على إيجاد مندوبين للجريدة في الأقاليم أملا في توسيع أنصاره وانتشار آرائه , فقد تعين الأستاذ " حساني أحمد عبد الرحمن " التاجر مندوبا للجريدة في كوم امبو , وحضرة " محمد أحمد فؤاد مندوبا في طنطا , " عبد المنعم مصطفى شوقي أفندي " مندوبا في شبين الكوم " السعيد على زرين أفندي " تاجر أخشاب وآلات زراعية مندوبا في السنبلاوين . ولكون هؤلاء المندوبين هم الذين تقدموا للحزب لكي ينوبوا عنه في أماكنهم وفي إبلاغ إدارة الجريدة بالأخبار في مناطقهم وفي نفس الوقت يتولون توزيع الجريدة تحت إشرافهم فإن ذلك يشير إلى ازدياد توزيع الجريدة من جهة ووجود أنصار للحزب في هذه الأقاليم من جهة أخري .

وفي أعقاب قيام ثورة يوليو سنة 1952 تعثر صدور الجريدة بسبب الأوضاع السياسية , حيث أصبحت تصدر متقطعة وبلا انتظام كما خضعت لرقابة مشددة على ما تحويه من مقالات ثم توقفت بفعل هذه العوامل عن الصدور .

وتتضمن أوراق الحزب مجموعة من الخطابات أرسلت من سكرتير الجريدة إلى بعض المسئولين في النظام الجديد فقد أرسل خطابا إلى البكباشي أ . ح . أنور السادات شكا له فيه تعطيل الرقابة . لصدور الجريدة وأرسل خطابا مماثلا للأستاذ مصطفى أمين بأخبار اليوم وخطابا ثالثا إلى الأستاذ محمد فؤاد جلال وزير الإرشاد القومي .

ولما كان الحزب الوطني الجديد قد اشترك كثير من أعضائه كوزراء في الثورة حيث كان رئيسه فتحي رضوان وزير الدولة والدكتور نور الدين طراف وكيله وزيرا للصحة , والدكتور محمد صبري منصور عضو الحزب وزيرا للتجارة إلى جانب وزير الإرشاد القومي , فإن توقف جريدتهم كانت مسألة تدعو لاثارة مجموعة من التساؤلات حول نفوذهم الفعلي في الحركة أن مدي حرصهم على استمرار حزبهم أو جريدتهم وغير ذلك .

موارد الحزب المالية :

لا شك أن الحزب قد أعتمد في موارده المالية على تبرعات أعضائه وبخاصة أنه كان يضم في مجلس إدارته مجموعة من المحامين ومتوسطي الملاك. ومما يؤكد ذلك أن الحزب قد قدم بيانا وبموارده المالية لحكومة الثورة في أكتوبر سنة 1952, وقد بلغ عدد المتبرعين سبعة عشر شخصا , وبلغ مجموع ما تبرعوا به خمسمائة وعشرون جنيها أودعت جميعها في حساب الحزب ببنك مصر .

وكان الحزب يعتمد على تبرع مؤسسيه بشكل ثابت , أما في الحالات التي كانت تستوجب إسهام الحزب ماليا فكان يقوم بطبع الإيصالات لهذا الخصوص وتحوي أوراق الحزب دفتر إيصالات أعد بهدف تبرع الحزب للكتائب الوطنية في حرب فلسطين سنة 1948 وقد تراوحت قيمة التبرع بين عشرة قروش ومائة وخمسون قرشا شهريا وكان أغلب المتبرعين من الموظفين .

على أن التبرعات الثابتة كانت تستخدم في إعانة الجريدة أما مقر الحزب فكان في المكتب الذي يزاول منه رئيسه فتحي رضوان مهنة المحاماة .

وقد حاول كبار أعضاء الحزب تأجير ناد للحزب وحققوا ذلك بالفعل لفترة محددة لكنهم لم يستطيعوا الاستمرار ولا شك أن المسائل المالية قد لعبت دورا مؤثرا في هذا الخصوص .

الفصل الثاني: النشاط السياسي للحزب

الحزب والأحداث السياسية – موقف الحزب من المشروع الأمريكي البريطاني بربط مصر بدائرة الأحلاف العسكرية – معاهدة 1936 في أكتوبر سنة 1951 – الحزب وحركة الكفاح المسلح – الحزب وثورة سنة 1952 .

الحزب والأحداث السياسية

تعرضنا في الفصل السابق لنشأة فتحي رضوان , مؤسس الحزب , والنشاط الذي مارسه منذ بداية استغلاله في الحياة السياسية وحتى تأسيس الحزب سنة 1944 , إذا كانت نشأة هذا التنظيم وصحيفته لم تسمح به السلطة السياسية في مصر إلا بعد أن اتضحت ملامح الحزب العالمية الثانية وهزيمة المعسكر النازي , وما أدي إليه من قرب انتهاء الأحكام العرفية في مصر فذلك لأن مثل هذا التنظيم كان يمكنه أن يستقطب بعض العناصر التي خرجت عن صفوف الوفد في أعقاب حادث 4 فبراير سنة 1942 والتي لم يكن أمامها سوي الانضمام إلى تنظيمات يراها الاحتلال متطرفة سواء أكانت في أقصي اليمين كجماعة الإخوان المسلمين أم في أقصي اليسار كالتنظيمات اليسارية .

ولم تكن سلطات الاحتلال – بشكل عام – تري بأسا في تعدد التنظيمات التي تضم عناصر من أبناء الطبقة الوسطي تمزيقا لها من جهة , وإدراكا لانحصار شعبيتها في عدد قليل من أبناء المدن من جهة أخري ولكونها في الغالب أحزابا صحفية وليست أحزابا شعبية .

ومع أن أهداف الحزب الجديد والتي أشارت إليها صحيفته في عددها الأول لم تختلف كثيرا عن الحزب الوطني القديم إلا أن بعضها قد صيغ في قالب جديد من زاوية كما تضمنت أهدافا جديدة تتمشي مع الظروف التي أحاطت بنشأته من زاوية أخري .

وقد حرصت اللواء الجديد على ابراز هذه الأهداف منذ صدورها كالمطالبة بوحدة وادي النيل والدعوة لجلاء القوات الأجنبية وإلغاء ما بقي من الامتيازات الأجنبية والتأكيد على حياد مصر حيادا دائما تجاه الدول غير العربية والإسلامية وركزت على ضرورة السعي لتمصير قناة السويس وتقرير حيادها وخلع الصفة العالمية عنها واستقلال لنقد المصري , والدعوة إلى استقلال الدول العربية استقلال تاما وتحقيق التعاون بينها .

ومن الواضح أن الدعوة للحياد تجاه الدول غير العربية والإسلامية وتمصير قناة السويس وكذا مساندة حركات الاستقلال العربية من البنود الجديد التي تلتصق بمجموعة الشباب , لذلك فقد استقبل الحزب توقيع ميثاق جامعة الدول العربية بالتأييد واعتبر قيام الجامعة العربية من أهم الحوادث بالنسبة للبلاد العربية ومن " أكثرها توفيقا , وأن تطبيق الميثاق سيشبع النزعات الجائعة ويحقق الآمال القومية المكبوتة والمطالب الوطنية المضغوطة " ورأى أن المرحلة الأولي أمام الجامعة هي لسعي للتخلص من الاستعمار ثم تطور أهدافها بعد ذلك لتكون جامعة شعوب عربية ودعت جريدة الحزب اللواء الجديد شباب العرب إلى خلق مجالات للالتقاء على غرار مشروع الطلبة الشرقيين الذي قام به زعيم الحزب فنحي رضوان في بداية حياته السياسية كإقامة مشروعات رياضية واجتماعية وثقافية تسهم في تدعيم الروابط العربية .

وحين أدرك الحزب أن الجامعة العربية في بدايتها لم تكن على مستوي الأهداف المأمولة سارع بنقدها لموقفها السلبي من مشكلة سوريا ولبنان وتمني لها العمل كي تكون على قدر أمل العرب فيها .

أما علي الصعيد الداخلي فقد واكب إعلان الحرب وجو انتخابات نيابية لذلك بادر الحزب بترشيح الدكتور نور الدين طراف في دائرته المنيا كما رشح رئيس الحزب نفسه في دائرة مصر الجديدة ونشرت اللواء الجديد العديد من المقالات التي تدعو فيها لاختيار مرشحيها مؤكدة أنهم يحيون مبادئ مصطفى كامل ومحمد فريد زعماء الحزب الوطني القديم كما ذكرت أن هناك أعضاء آخرون تابعون قد رشحوا في بعض الدوائر ونشرت ما يفيد انضمام مجموعة من أعضاء إليهم في دائرة المنيا كنوع من الدعاية الانتخابية وإن كان أغلبهم من الذين يعملون في دائرة أسرة نور الدين طراف .

وفي أعقاب ظهور نتيجة الانتخابات التي لم تسفر سوي عن نجاح الدكتور نور الدين طراف لما له من تأثير اجتماعي أكثر منه سياسي والت اللواء الجديد نشر ما يفيد تأسيس لجان لها في الأقاليم كلجنة الحزب في أسيوط وقويسنا والفيوم , وبالقطع فإن التركيز على اتساع نشاط الحزب مع أنه كان متمشيا مع نشأته الجديد إلا أنه كان في هذه الفترة نوعا من رد الفعل لفشله في معركة الانتخابات على أنه من الملاحظ على هذه اللجان أنها كانت تؤسس باسم فروع اللجنة العليا لشباب الحزب الوطني , الأمر الذي يؤكد ما اتجهنا إليه في عزم مجموعة الشباب من البداية على الاستقلال عن الحب الوطني القديم .

وكان هناك أعضاء من الحزب الوطني القديم قد دخلوا البرلمان وهم محمد محمود جلال بك وعبد العزيز الصوفاني بك وفكري أباظة بك وكان دوام نجاح هؤلاء في الانتخابات البرلمانية رجع إلى مكانتهم الاجتماعية أكثر من كونهم أعضاء في الحزب الوطني , وشاركهم الدكتور نور الدين طراف مجموعة الشباب ولم يكن هناك تنسيق بين طراف والمجموعة القديمة تجاه القضايا التي كانت تثار وتستوجب وحدة في المواقف داخل لبرلمان وبشكل جعلهم يصطدمون في الآراء أحيانا أو يعارض بعضهم بعضا , كما يؤكد أدراك الجانبين لطبيعة التحالف المؤقت بينهما .

ومن الأمور التي أدت إلى اهتزاز الرصيد الضعيف للحزب الوطني الجديد حادثة اغتيال زعيم الحزب السعدي الدكتور أحمد ماهر باشا رئيس الوزراء أثناء خروجه من البهو الفرعوني في مجلس النواب , فقد أشير بأصابع الاتهام إلى جماعة شباب الحزب الوطني في هذا الحادث في حين نشرت جريدته اللواء الجديد استنكار لهذا الحادث , فنشرت صورة للفقيد على صد صفحتها الأولي ومقالا للدكتور نور الدين طراف على الصفحة الثالثة أشاد فيه بجهود أحمد ماهر الوطنية وأطلقت عليه الجريدة صفة " شهيد الوطن " ولم تعلق على قراره الاشتراك في الحب إلى جانب انجلترا , الذي كان يعني الخروج بمصر عن حيادها الذي ظلت عليه طوال الحرب وهو مبدأ كان الحزب الوطني الجديد يدعو له وكان سببا رئيسيا وراء اغتياله .

وما أن خرج الحزب من دائرة الأحداث هذه إلا وسار في سياسته العدائية ضد الأحزاب الليبرالية التي ترتكز على نبذ أسلوب المفاوضات ومهاجمتها منذ أن بدأت في أعقاب ثورة سنة 1919 . ومهاجمة المعاهدات التي جاءت نتيجة لهذا السياسة وفي مقدمتها معاهدة سنة 1936 فألقي الدكتور نرو الدين طراف الرجل الثاني في الحزب كلمة في البرلمان هاجم فيها الحكومات التي أبدت حرصا على الالتزام بالمعاهدة في حين أن المعاهدة تنفذ من جانب مصر فقط فأشار إلى أن الجيوش الأجنبية ما زالت في البلاد وأن مسألة الوسدان لم تتقدم خطوة واحدة وذكر أن الظروف التي عقدت فيها المعاهدة قد تغيرت وليس هناك ما يدعو للتمسك بها ودعا إلى إعلان بطلان المعاهدة والعودة إلى طرح القضية الوطنية على أساس المطالبة بالاستقلال التام . وشاركه كثير من كتاب الحزب في الدعوة – من خلال صحيفة الحزب – إلى تدويل القضية المصرية والدعوة إلى إلغاء المعاهدة والاشتراك في مؤتمر سان فرانسسكو أو غيره من المؤتمرات القادمة .

وأعربت اللواء الجديد عن أملها في ألا ينسي الحلفاء المنتصرون حقوق الشعوب التي ساندتهم خلال فترة الحرب وما أسهمت به من نصيب أدي إلى ذلك النصر وعددت من الأمور ما يؤكد تضحيات مصر وما بذله شعبها في هذا السبيل وبما يستوجب مساندة قضيتها العادلة نحو الاستقلال الذي تستميت في سبيله ونشرت – في هذا الاتجاه - مقالا لعزيز باشا المصري يدعو فيه لتدويل القضية المصرية وضرورة عرضها على المؤتمر الذي سيعقد لبحث السلام بين الدول بعد الحرب العالمية الثانية وفي نفس الوقت ناشدت اللواء الجديد الحكومة بضرورة الإفراج عن عزيز باشا بعد أن وضعت الحرب أوزارها وأصبح لا خف من أى در يبذله في التقرب إلى معسكر المحور وعجبت من استمرار اعتقاله .

ودعت الجريدة بريطانيا أن تقلع عن أسلوبها القديم في مراوغة المصريين الذين أصبحوا على دارية بأساليبها السياسية العتيقة التي تشعرهم بعدم الثقة في نواياها وتدل على عدم خلوص النية . تجاه القضية المصرية وطالبت الأحزاب السياسية أن يقفوا يدا واحدا في رفض التعامل مع بريطانيا إذا ما استمرت على هذا الأسلوب وألا يمكنوها من تحقيق أغراضها ورأت ألا سبيل إلى ذلك سوي بإصلاح الأحزاب حتى تصبح أداة قومية تعين على تحقيق الخبر للبلاد وعددت بنودا من الإصلاح الشريعي المقترح لهذه الأحزاب حتى يسهم في الحد من ديكتاتورية الزعماء ودوام سيطرتهم والقضاء على بطاناتهم التي تحيطهم والتي تزايدت بفعل رئاسة الأحزاب لمدة طويلة .

وردا على دخول حكومة إسماعيل صدقي في مفاوضات مع الانجليز دعت اللواء الجديد إلى ضرورة المناداة والعمل على إيجاد حكومة شعبية جديدة تسعي إلى عرض القضية المصرية على مجلس الأمن وإرسال وفد مصري إلى المنظمة الدولية لهذا الغرض , ورأت أن ميثاق الأمم المتحدة ينسخ معاهدة سنة 1936 وأن أى مفاوضات تتم لابد أن تكون على يد حكومة شعبية وبدعوة من مجلس الأمن ودعت إلى رفض دعاوي المصريين الذين يحاولون التوفيق بين إعلان بريطانيا وميثاق الأمم المتحدة وأيدت ما طرحته الجبهة الإشتراكية حول إرسال وفد مصري يحمل توكيلات من أفراد الشعب لعرض القضية على مجلس الأمن ذلك لأن هيئة الأمم المتحدة تجبر الاتصال بهيئات غير حكومية لأن الوفد الشعبي هو خير ممثل للبلاد ويستطيع أن يتصل بالدول والشعوب الصديقة والاستفادة بمعونتها في مجلس الأمن . وانتقدت الجريدة وصف أحد السياسيين المصريين للإنجليز بالخصوم الشرفاء المعقولين ووصفته بأنه خصيم لأمته منافق لمصريته وحذرت انجلترا بأن الشعب المصري لن يمكنها من التمتع بمركز ممتاز عن بقية الدول على أرضه , وفي نفس الوقت وجهت نداء إلى الدول العربية طالبتها فيه بتأييد القضية المصرية مؤكدة أن وضع مصر الجغرافي هو السبب فيما تعانيه وأنهم مقصودون معها بالأطماع الانجليزية .

وحول معاهدة صدقي بيفن كتب فتحي رضوان رئيس الحزب إلى رئيس الوزراء صدقي باشا يقول :" إن المعاهدة التي تحيك خيوطها لبلادك هي كفون الموت أو حبال المشنقة وأنه لا يرضي بالزج بين المصري والانجليزي سوي الشيطان ولابد أن يسخر المصريون قواهم لمقاومته .

وعلق الحزب على إجراءات صدقي التي أعقبت توقيع المعاهدة بحشد القوات لحراسته بأنها لن تستطيع حمايته من الجماهير الرافضة لأسلوبه, ووصفه رئيس الحزب فتحي رضوان " بالماريشال " وقال في مقال شديد وجهه له " أيها المصريون تخنثوا واحفظوا الدروس التي يذيعها المجرمون الذين خلت قلوبهم من الإيمان بالوطن فآمنوا أننا لا نستحق سوي هذه المعاهدة وأن السبل سدت أمامنا إذا رفضنا الخير الذي انطوت عليه نصوص المشروع العظيم الذي أتي به البطل الخالد إسماعيل صدقي باشا .

واتجه زعيم الحزب إلى الدعوة إلى ترك " أصابع الشيطان " الممثلة في الحكومات المصرية المفاوضة , وضرورة إعداد الشعب إلى مقاومة الشيطان نفسه وهو الاحتلال وانتقدت جريدته أساليب الحكومة في محاكمة خصومها ووصفها بالجرم الشديد وناشد البرلمان المصري ألا يسكت عن هذه الفظائع .

واستقبلت جريدة الحزب وزارة النقراشي باشا بهجوم شديد فكتب رئيس الحزب فتحي رضوان مقالا شديد اللهجة في الهجوم قال فيه :" كم يحتاج المصريون من جلد ليشاهدوا مر أخري فصلا سبق أن شاهدوه فران على صدورهم الضيق حتى كاد يزهق أنفاسهم فتمثيل الدور ثقيل الحركة بطئ الخطوة ليس فيه ما يمتع , ولا في دوره ما يروح عن النفس والرواية نفسها مأساة باكية حزينة تكررت مرارا حتى أتلفت الصبر وأهلكت الحلم . النقراشي لا يأتي إلا بعد صدقي , وصدقي لا يأتي إلا بعد النقراشي كأن أحدهما المقدمة والآخر نتيجة وهيكل في كل مرة يقف على أطراف أصابعه ويحاول أن يدس نفسه بينهما فلا يستطيع ولكنه لا ييأس ".

وعلقت اللواء الجديد على الائتلاف الذي تم بين أحزاب المعارضة والذي انضم إليه الحزب الوطني القديم بأنه ائتلاف لا يوحي بالثقة حيث ينحصر هدفه في العمل على إسقاط الوزارة وقالت " إن اللجنة الائتلافية التي يؤيدها الحزب الوطني الجديد هي التي تركز جهود الأحزاب على مكافحة الانجليز وتنظيم خطة للكفاح والجهاد ضدهم "

وحين أراد النقراشي البدء في إجراء المفاوضات مع الانجليز كتبت اللواء الجديد مقالا هاجمته فيه كما هاجمن أسلوب المفاوضات وقالت أن النقراشي لم يتعظ من معارضة الشعب التي أسقطت وزارته السابقة وأكدت أنه لا سبيل إلا بعرض القضية المصرية على هيئة الأمم المتحدة "

وصدر بيان رسمي عن الحزب احتج فيه على ما أشيع عن اتجاه نية الحكومة إلى مد قانون الأحكام العرفية وطالب البيان الوزارة أن تضع حدا لهذه الأحكام كما طالب مجلسي النواب والشيوخ أن يقفوا صفا واحدا في وجه امتدادها لو طلبت الحكومة ذلك وذكر البيان أن هذه الأحكام قد انتهت بتوقيع الهدنة مع إسرائيل في 24 فبراير 1949 وأن الحزب حريص على ألا يطول حرمان الشعب من حريته " بعد ست سنوات من الأحكام العرفية لصالح بريطانيا " وذكر أن الأحكام العرفية لم توفر الأمان للبلاد حيث قتل رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي ورئيس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا وحكمدار العاصمة سليم زكي .

وشرع في قتل مصطفى النحاس رئيس حزب الوفد , وأن الفوضي قد شاعت في البلاد خلالها وامتلأت السجون والمعتقلات بالمصريين عموما والمسلمين خصوصا وفرضت الرقابة على الصحف وغير ذلك .

موقف الحزب من المشروع الأمريكي البريطاني لربط مصر بالأحلاف العسكرية :

شهدت فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية اتجاها أمريكيا يرمي إلى ربط دول المنطقة – بما فيها مصر – بسلسلة الأحلاف العسكرية الغربية التي كان هدفها المعلن هو حمايتهم من الخطر الشيوعي في حين كان القصد حقيقي منها هو ربط هذه الدول بالاستعمار الغربي وفتح أسواقها لمنتجات الغربية ومحاولة استغلال ثرواتها الطبيعية وبخاصة بعد اكتشاف البترول بكميات كبيرة فيها .

وحاول الأمريكيون من خلال البريطانيين أو بالتستر وراء دور الوساطة أن يربطوا بين الهدف وبين مدي نجاح المفاوضات مع المصريين والرامية إلى تحقيق الاستقلال ومع أن بعض القوي السياسية في مصر لم تر ما يمنع في مسايرة هذا الاتجاه إلا أن قلاوى قد أدركت حقيقة ما يرمي إليه وعارضته منذ البداية كاليسار المصري وأتباع اتجاه الإسلامي وغيرها .

وقد وقف الحزب الوطني الجديد في مقدمة الرافضين لهذا المشروع وأعلنت جريدته معارضة الشعب له وكتبت مقالا أعلنت فيه . أنها " تعارض فكرة التحالف مع بريطانيا وأمريكا " وأن مصر في حاجة إلى حليف ضد الاستعمار البريطاني أولا " وأن أمريكا ما سعت إلى ذلك إلا لأنها " تستعد لحرب ثالثة تتفادي بها الأزمة الاقتصادية التي تهددها هي وبريطانيا " وأن " أية حكومة لا تملك عقد هذا التحالف معهما حيث أن الكلمة الأولي فيه ترجع إلى الشعب ".

ونجحت مساعي الحزب مع مساعي أخري في ضم جبهة الرافضين لمشروعات الدفاع المشترك فعقد اجتماعا حضره رؤساء تحرير الصحف ضم إحسان عبد القدوس وصالح عشماوي وأحمد عزام " رئيس تحرير جريدة الملايين" ويوسف حلمي المحامي " رئيس تحرير مجلة الكاتب " وفتحي الرملي عن " الجمهور المصري " وأعلن فتحي رضوان باسمهم رفض الدفاع المشترك وعزمهم على السعي لمقاومة الاحتلال بإقامة حركة مسلحة .

وحين أعلن عن قبول الحكومة الوفدية اتفاقا للمساعدات المالية وال6فنية بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية وصرح بعده " جيفرسون" كافري " السفير الأمريكي بالقاهرة بأن " هذا الاتفاق يهدف إلى القضاء على قوي العدوان الشيوعي بمساعدة بلدان الشرق الأوسط اقتصاديا وعسكريا " اتهمت جريدة الحزب اللواء الجديد الحكومة الوفدية بأنها " تسمح لنفسها بقبول عرض أمريكي بتنظيم التدخل في بلادنا بحيث يصبح هذا التدخل استعمارا أمريكيا مكشوفا ".

وقالت أن الحكومة بقبولها هذا تكون قد عبرت عن ارتماء مصر في أحضان المعسكر الغربي ضد روسيا كما ذكرت أن الهدف من هذا الاتفاق هو جعل بلادنا سوقا لمصنوعاتهم وإخضاعنا اقتصاديا وطالبت بالتمثيل بموقف نهرو زعيم الهند الذي رحب بالمساعدات غير المشروطة .

كما أعلن الحزب رفضه للفكرة المطروحة بإحلال جيش مصري حل الجيش البريطاني في قناة السويس بعد تسليحه والتي نشرت في جريدة الأهرام وقالت جريدته أن الترويح لهذا إنما يؤكد أن بريطانيا " تنوي استخدام الجيش المصري المزمع في مساعدتها لحرب الإيرانيين وأن الجلاء الذي يتم على هذه الصورة لهو لقمة دنسة ".

وواصل الحزب – من خلال جريدته اللواء الجديد – هجومه على النشاط الأمريكي في مصر والمنطقة عموما فامتدحت الجريدة ما تم في إيران حيال تأميم شركات البترول ونشرت صورا لتفكك الجبهة الغربية بين أمريكا وبريطانيا وفرنسا كما امتدحت اتجاه خالد العظم في سوريا – رغم أنها دولة فقيرة – لرفض مساعدة النقطة الرابعة الأمريكية لبلاده . ووجهت نقدا شديدا لمشروع النقطة الرابعة الأمريكي لبلاده . الذي يعلن سعيه لرفع مستوي معيشة البلاد الخاضعة للاستعمار الغربي وقاية لها من الخطر الشيوعي في الشرق والغرب يسهم فيه الاستعمار الغربي باستمراره في التضييق على حرية الشعوب أن هذه الشعوب تسعي إلى حرية أولا ." ولذلك تبدو مشروعات النقطة الرابعة الأمريكية هزيلة ومضحكة وأنها نقطة في ميثاق العبودية السياسية للشرق العربي وللشعوب الأخرى "

وقد كان هذا الموقف – إلى جانب مواقف الحزب السابقة – من الأمور التي قاربت بينه وبين المنظمات اليسارية فقد ذكرت جريدة " الملايين" عن قيام الأمريكيين بمحاولة الاتصال ببعض المصريين في محاول لتأسيس حزب سياسي جديد حارب الفساد وتعاونه أمركا بتأييدها المادي والأدبي وعددت مجموعة من الأسماء التي حاول الأمريكيون الاتصال بهم في هذا السبيل ثم ذكرت أن عدة محاولات قد بذلت مع " فتحي رضوان " لكنه رفض بإباء ولقن المصريين أمام الأمريكيين درسا قاسيا في الوطنية " ونقلت جزءا من حواره أمام المبعوث الأمريكي أكد فيه كره الشعب المصري لهم لوقوفهم ضد القضية المصرية في مجلس الأمن .

جهود الحزب السياسية حتى قيام ثورة يوليو 1952:

تركزت جهود الحزب في العام السابق لأحداث يوليو سنة 1952 في السعي لإلغاء معاهدة 1936 إلى جانب مواصلة رفض محاولات ربط مصر بسياسة الدفاع المشترك ومهاجمة أسلوب المفاوضات والدعوة إلى الكفاح المسلح .

فقد دعا الحزب إلى اعتبار يوم 11 يوليو – وهو ذكري يوم ضرب الانجليز للإسكندرية في عام 1882 – يوما شعبيا وفي 12 يوليو ( 1951 ) وهو ذكري توقيع معاهدة 1936 – دعا إلي قيام مظاهرات احتجاج تعلن رفضها لهذه المعاهدة وقد اشترك الحزب في هذا مع الحزب الإشتراكي بزعامة أحمد حسين الذي عقد مؤتمرا حاشدا بهذه المناسبة وكذلك حركة أنصار السلام وبعض التنظيمات اليسارية وجماعة الإخوان المسلمين وحزب الفلاح الإشتراكي وتكونت لجنة من أحمد حسين وفتحي رضوان وغيرهما لصياغة قرارات المؤتمر التي تدعو إلى بطلان المعاهدة واستنكار لتحريم التعامل مع الانجليز عسكريين ومدنيين وعدم التعامل مع معسكراتهم .

وحينما أصدرت الحكومة الوفدية أمرا بإلغاء الاجتماعات هاجمه فتحي رضوان رئيس الحزب بمقال شديد اللهجة بعنوان " خادم الإمبراطورية العجوز" وجه سيد قطب – وكان من ابرز كتاب جريدة الحزب – نداء بهذه المناسبة قال فيه " أنه لا ينبغي أن تظل معركة أقلام صحفية وقد تكون الصحافة لسان المعركة لكن ليست ميدانها حيث ميدانها هو القرى والكفور في الريف , والحواري والأزقة في المدن , وهناك حيث يعيش الشعب المريض الجائع الجاهل المحروم الشعب الذي لا يقرأ مقالاتنا الملتهبة ولا التحذير في الدولة كلها على تحذيره فيطلقون عليه مشايخ الطرق الدينية ووعاظها الرسميين يخدرونه باسم الدين والدين براء مما يقولون "

وعلى أثر قيام الحكومة الوفدية بطرح مشروع قانون لتحجيم حرية الصحافة وحني توقف الهجوم الجارف عليها حشدت لها جريدة اللواء الجديد مجموعة من المقالات الهجومية فنقلت جزءا من مقال لأحمد أبو الفتوح بعنوان " الباكون على الديمقراطية " وآخر لحلمي سلام " متى تنكس نقابة الصحفيين أعلامها " وثالث لسيد قطب بعنوان " لسنا وحدنا " وأفردت جزءا كبيرا لمقال أصبع الانجليز" اتهم فيه الحكومة الوفدية بأنها لم تفعل هذا إلا بأوامر من الانجليز , وأتبعته بمقال لوكيل الحزب الدكتور نور الدين طراف بعنوان " مهلا يا أقزام الطغاة " ومقال آخر لأحمد بهاء الدين بعنوان " النظام الاجتماعي المصون " ذكر فيه أن الاتجاه إلى تضييق حرية الصحافة هو محاولة لوقف النقد الموجه للنظام الاقطاعي القائم والدعوة للاشتراكية .

وحين أرجأت الحكومة النظر في هذا المشروع كنتيجة لهذا الهجوم الجارف وخشية الانفجار لم تتركها اللواء الجديد بل ذكرت أنها لم تتخذ هذا الموقف إلا بتوجيهات انجليزية أمريكية كما طالبت بوضع جريدة " البلاغ " في القائمة السوداء حيث كانت هي الجريدة الوحيدة التي ساندت المشروع ثم نشرت مقالا شديد اللهجة لرئيس الحزب فتحي رضوان هاجم فيه الوفد وزعيمه مواصلا اتهامه بالعمالة .

الحزب وإلغاء معاهدة سنة 1936

سبقت الإشارة إلى موقف الحزب من معاهدة سنة 1936 ومناداته منذ قيامه بإلغائها إلا أنه كثف الهجوم عليها والمناداة بإلغائها في الفترة التي سبقت إعلان الحكومة الوفدية لهذا الإلغاء فكتبت جريدته اللواء الجديد مقالا ذكرت فيه أن " الشعب سيلغي المعاهدة سواء ألفتها هذه الحكومة أو التي تأتي بعدها فإن هذا الشعب لم يطلب شيئا وهو مؤمن بما يطلب و لا ظفر به وأن إحساس النحاس بهذا هو الذي دعاه يوما بإبطالها " ودعت الجريدة الشعب إلى مواصلة الضغط من أجل تحقيق هذا بالامتناع عن التعاون مع الانجليز وذكرت أن التعاون معهم " شرك بالله وتعاون مع الشيطان وأقبح عند الله من الزنا وشرب الخمر وأكل لحم الخنزير " وأعربت عن استيائها لما أشيع من أن الحكومة قد قرر قرارها على عدم الإلغاء .

وحينما أحس الحزب باتجاه الحكومة إلى إلغاء المعاهدة لم يستسغ فتحي رضوان القول بأن الحكومة في هذا تحاول الاستحواذ على رضا الجماهير بل اتهمها بالتنسيق مع الانجليز حول اجراءات الإلغاء وكتب مقالا هجوميا بعنوان " السيركين بويد ينظم للحكومة الغاء المعاهدة " اعتبر فيه أن النية إلى الإلغاء توجيها انجليزيا وليس اتجاها وطنيا .

وعقب إعلان النحاس رئيس الوزراء الوفدية قرارا رسميا بإلغاء معاهدة 1936 وتعديل المادتين 159, 160 لكي يكون الملك ملك مصر والسودان بدلا من مصر فقط ألقي الدكتور نور الدين طراف وكيل الحزب خطبه أكد فيها أن إلغاء المعاهدة يعتبر انتهاء لعهد المساومات والمفاوضات وبداية لعهد الكفاح النضال ودعا إلى ضرورة الإعداد لمواجهة مسلحة مع بريطانيا في قناة السويس . وكتب فتحي رضوان مقالا هنأ فيه النحاس على قرار إلغاء المعاهدة واعتبره عملا عظيما وعيدا من أعياد الحزب الوطني , ودعا الله أن يثبته عليه لكنه عاد ليبدي تخوفه من عودة الحكومة للمفاوضات وقال أن هذا العمل لا يعد عملا ايجابيا إلا إذا نزعت الحكومة من رأسها فكرة العودة للمحادثات مع الانجليز وأنه يجب أن يوصدوا هذا الباب إلى الأبد لأن العودة إليه خيانة وطالب الحكومة بالعمل على تجييش الشعب وطالب النحاس أن يتنازل عن ألقابه التي منحها له الانجليز .

ثم أصدرت اللجنة العليا لشباب الحزب الوطني بيانا بمناسبة إلغاء المعاهدة أكدت فيه أن فترة مباركة الوفد بإلغاء المعاهدة أكدت فيه أن فترة مباركة الوفد بإلغاء المعاهدة قد انتهت بإلغاء المعاهدة قد انتهت ولابد للانتقال إلى ميدان العمل وأن الانجليز لن يخرجوا إلا بعمل مادي ملموس وأن الصدام المسلح لا مفر منه وطالب البيان برفض أسلوب المفاوضة وعدم الإقدام على أى نوع من التحالف .

وأدرك الحزب أن محادثات سرية تدور بين الحكومة الوفدية والانجليز بواسطة الأمريكيين ترمي إلى ربط مصر بالأحلاف العسكرية الغربية فعاود الهجوم على هذا الاتجاه وعلى الدور الأمريكي فكتب " مصطفى مرعي " أحد أعضاء الحزب البارزين في يوم إلغاء المعاهدة مقالا دعا فيه إلى رفض الدخول في أى تحالف مع الانجليز أو غيرهم وبخاصة إن إسرائيل ستشترك فيه كما أنه لا يقبل أن يكون مصر في حلف ضد روسيا وحذر فتحي رضوان في مقال آخر الحكومة الوفدية من الاشتراك في حلف مع تركيا التي تسير في خط العداء لمصر والعرب دوما في نفس الوقت الذي تسير فيه تحت أقدام الانجليز .

ودعا الحزب لتوحيد الصفوف الوطنية بشكل خال من الأغراض والشهوات حتى يمكن مقاومة الضغوط الأمريكية لضم مصر للمعسكر الغربي ورفض الاتجاه المثبط الذي تتولاه بعض الأحزاب من أن مصر ستقبل مقترحات الدول الأربع أن عاجلا أو آجلا .

وعاد الحزب لمهاجمة الحكومة الوفدية على أثر اعتداء القوات البريطانية على البوليس والشعب في الإسماعيلية حيث اتهم الحكومة بأنها لا تبالي بهذه الحوادث أنها لا تسعي لإعداد الشعب لمواجهة الانجليز كما عقد الحزب العديد من مؤتمرات الاحتجاج في بعض شعبه في الأقاليم وكتب فتحي رضوان مقالا أعلن فيه رفضه وحزبه لأن يكون ارتباط مصر بالأحلاف ثمنا تدفعه مقابل جلاء صوري أو اسمي أو حتى فعلي لأنه احتلال من نوع آخر وهاجم سياسة نوري السعيد وسعيه للدخول في دائرة الأحلاف واعتبر أقدام الحكومة الوفدية على إلغاء المعاهدة مقدمة لربط مصر بالأحلاف العسكرية الغربية .

واستقبل الحزب وزارة علي ماهر بمطالبتها برعاية حركة المقاومة المسلحة وإعلان ذلك حتى يعلم الانجليز عزمها على الجلاء كما طالب الحزب الانجليز بالجلاء حتى تكسب ود الشعب المصري بدلا من ازدياد عدائه تجاههم .

وفي أعقاب حريق القاهرة في 26 يناير سنة 1952 أعلن الحزب أسفه الشديد لما أصيبت العاصمة لكنه رفض أن تكون هذه الأحداث سبيلا لاستمرار الأحكام العرفية وأعلن نائب الحزب في البرلمان الدكتور نور الدين طراف رفضه لمدة شهرين .

كما أعلن الحزب تأييده لإعلان رئيس الوزراء علي ماهر باشا أن حكومته تسير نحو تحقيق الجلاء ووحدة وادي النيل تحت تاج الفاروق المعظم وأبدي الحزب استعدادا للتعاون مع الحكومة في سبيل تحقيق الأهداف الوطنية كما طالب بضرورة لسعي للإصلاح الداخلي وأكد أعضاء الحزب أنه على الرغم من ارتياح الناس لعلي ماهر وثقتهم في نزاهته إلا أن ذلك يدعوه لمزيد من العمل وفق نظرة شاملة للشامل الاجتماعية والسياسية لأن " النزاهة وحدها لا تكفي "

واستقبل الحزب وزارة نجيب الهلالي بمطالبتها بالعمل المتصل للتخلص من الاحتلال تخلصا غير مشروط بقيود وتطهرا لأداة الحكم وتوزيعا للعدالة على المصريين ومراعاة للشعب الفقير وإجلاء أحداث 26 يناير .

وفي تعليق اللواء الجديد على الموقف السياسي على أثر لقاء رئيس الوزراء بالسفير الأمريكي وصفته الجريدة بالغموض وطالبت بوقف الأحكام العرفية وجددت رفضها لمشروعات الدفاع ل المشترك التي تحاول أمريكا جر مصر لها .

وعلى أثر إعلان الحكومة عن نيتها في تشكيل حزب جديد باسم " الوفديون الأحرار " وكذلك عدم رغبتها في إلغاء الأحكام العرفية إلى ما بعد الانتخابات هاجمتها جريدة الحزب اللواء الجديد هجوما شديدا , وكثفت من حجم المقالات التي تطالب بإلغاء الأحكام العرفية على أن الحزب قد شارك في الانتخابات حيث تم ترشيح رئيسه فتحي رضوان في دائرة مصر الجديدة رغم وجوده في الاعتقال .

الحزب وحركة الكفاح المسلح

لا شك أن فتحي رضوان قد أدرك منذ بداية حياته السياسية انحصار مبادئ الحزب الوطني القديم في أغلبها في إطار نظري وأن الشعار الذي رفعه بعض أتباع ذلك الحزب في أواخر الحزب العالمية الأولي هو " لا مفاوضة إلا بعد الجلاء " لم يكن شعارا مجديا وأدي إلى اتهام كثير من القوي السياسية للحزب الوطني بالديماجوجية والثرثرة وغير ذلك .

لذلك فإن فتحي رضوان ورفاقه الذين أسسوا جماعة مصر الفتاة قد اتجهوا اتجاها ايجابيا في مشروعات اجتماعية وسياسية كمشروع القرش واتحاد الطلبة الشرقيين في نفس الوقت الذي أكدوا فيه إحياءهم لمبادئ الحزب الوطني وزعيمه مصطفى كامل .

وقد أسهمت جذوره الاجتماعية – أى فتحي رضوان - ودراسته القانية والظروف التي كانت تعيشها مصر والممثلة في سيطرة كبار ملاك الأراضي الزراعية على الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية إلى ميله للنموذج الفاشي أو النازي إعجابا بما حققه هذا النموذج على الساحة الأوربية ضد سيطرة هذه الفئات إلى جانب ما حققته لشعوبها .

وإذا كانت هذه العوامل قد أسهمت في اقترابه من عزيز باشا المصري منذ وصوله إلى مصر قبيل الحرب العالمية الثانية وعمله سكرتيرا له فإنه قد تأثر إلى حد كبير بأراء عزيز المصري وبميله العسكرية ثم كان اقترابه من عناصر الجيش التي سعت إلى عزيز باشا إبان هذه الحرب .

ولما كان فتحي رضوان من الذين ضاقوا بأسلوب المفاوضات الذي تسلكه الأحزاب الليبرالية فقد أدرك أنه لا سبيل إلى جلاء الانجليز سوي القوة المسلحة وكان يدرك مع ذلك وبعد أن أسس تنظيما خاصا به أن هذا التنظيم أضعف من أن يتولي هو المهمة وحده لكن إيمانه بأن هذا السبيل الوحيد لإجبار الانجليز على الجلاء جعله يميل إلى التنظيمات الوطنية الأخرى بقدر اقترابها أو اقتناعها بهذا الأسلوب من أقصي اليمين ممثلا في جماعة الإخوان المسلمين إلى أقصي اليسار ممثلا في التنظيمات اليسارية ولم يكن ذلك على حساب مبادئه فقد كان يؤمن بالإشتراكية الإسلامية أو الإسلام الاشتراكي وهي أفكار قريبة من التي كان يدعو إليها رفيقه أحد حسين .

ومع أن اسم الحزب الوطني الجديد قد ورد في بعض قضايا الاغتيالات السياسية كقضية أحمد ماهر , وثبوت اشتراكه في حادث اغتيال أمين عثمان لانتماء القاتل حسين توفيق لهذا الحزب وكذلك اتهام سعد الدين كامل ابن أخت رئيس الحزب فتحي رضوان , وتولي فتحي رضوان الدفاع عنه إلا أن ذلك لم يؤكد تأييد الحزب لأسلوب العمل السري بل كان يريد تشكيل ميلشيات مسلحة علنية كما كانت عند الإخوان المسلمين ومصر الفتاة وغيرها .

وتشير أوراق الحزب إلى محاولة تأسيسه لهذه الميليشيات أو الكتائب في الفترة من أواخر عام 1946 وأوائل عام 1947 تحت اسم الكتائب الوطنية حيث يحمل أحد الخطابات الصادرة عن الحزب تعليمات إلى المسئولين في الحزب عن الكتائب الوطنية بالآتي :" يتقابل أعضاء الكتائب في الساعة السابعة إلا ربعا من صبيحة يوم الجمعة 17 أكتوبر سنة 1947 بمحطة باب اللوق حيث يستقلون قطار الساعة السابعة إلى حلوان الحمامات حيث يقيمون معسكرهم الثاني " ويفهم من هذا الخطاب أن هناك معسكر أول سابق لهذا المعسكر وبالطبع فإن هذه المعسكرات قد سبقها شئ من الإعداد والتجهيز مما يشير إلى التاريخ الذي حددناه لبدء هذا النشاط في الحزب .

وقد استمر هذا النشاط لفترة محدودة بعد أن شارك الحزب به في حرب فلسطين ويبدو أن هذه المشاركة كانت قاصرة على جمع التبرعات وتدريب بعض المتطوعين لكن أوراق الحزب , وغيرها من المصادر , لا تشير إلى وجود متطوعين تابعين للحزب قد شاركوا في الحرب وإن كان ذلك لا ينفي مشاركة عدد محدود من شباب الحزب في هذه الحرب ومن المحتمل أن تكون هذه المشاركة قد تمت تحت راية جماعة الإخوان المسلمين التي كانت وثيقة الصلة بالحزب في هذه الفترة .

ثم عاد الحزب لإحياء نشاطه في الكفاح المسلح في أعقاب إلغاء معاهدة سنة 1936 في أكتوبر سنة 1951 بل أن دعوة الحزب لهذا النشاط كان سابقا لإلغاء المعاهدة فقد دعا الحزب إلى قيام حركة مقاومة مسلحة في أعقاب اجتماع ضم رؤساء تحرير الصحف للإعراب عن اعتراضهم على مشروع الدفاع المشترك .

كما دعت جريد الحزب إلى تكوين " كتائب الفداء الشعبية " ورأت أنها هي الحل الوحيد لمواجهة الاحتلال البريطاني " وكل حل سواه خرافة أو خدعة أو غفلة " وقالت أن إلغاء المعاهدة لو أقدمت عليه الحكومة فإنه لن يخرج الاحتلال فالاحتلال لن يخرج إلا إذا اصطدم بمقاومة مادية وأن الحكومة لو كانت جادة لسلحت الشعب قبل الجيش واقترحت الجريدة ضرورة القيام بحرب عصابات فهو الطريق الممكن , ويجب أن تتألف فورا لجان لتدريبها وتسليحها في مدي معقول ورأت أن الهيئات التي يمكن أن تساعد في هذا السبيل هي جماعة الإخوان المسلمين والحزب الإشتراكي والحزب الوطني الجديد وأن الوعي القومي الآن في الذروة ويجب استغلاله في هذا الأمر .

وعقب الغاء المعاهدة دعا الحزب إلى تطوع الشباب في الكتائب لوطنية , على أن تكون قومية وليست قاصرة على هيئة أو جماعة بعينها وأن تكون لها قيادة موحدة وضربت مثلا بضم فتحي رضوان رئيس الحزب لمكتبة في مصر الجديدة إلى مكتب الوفد وحضوره الاجتماعات بمكتب الوفد.

وقد فتح الحزب مكاتبه لاستقبال المتطوعين وقام بطبع طلبات للعضوية تعلوها دعوة " الجهاد .... الجهاد " ثم تأتي بعدها آية قرآنية تحض على الجهاد " يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال أن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين , وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون " ويتضمن الطلب بعد ذلك دعوة للمواطنين " لقد حانت ساعة الجهاد الحقيقي في سبيل الله والوطن " ثم وصف الحرب ضد الاستعمار بأنها حرب مقدسة ثم دعوة لتملك السلاح والتدريب عليه والانضمام إلى مكاتب التحرير وينتهي بتوقيع لجنة التحرير بمصر الجديدة 11 شارع فخري ومكتب 21 شارع شريف وهو المقر الرئيسي للحزب الوطني الجديد ثم بيانات عن المتطوع تشمل الاسم والعنوان والسن والمهنة والحالة الاجتماعية .

وقد احتوت أوراق الحزب الموجودة لدينا والتي أمدنا بها الأستاذ فتحي رضوان مجموعة من هذه الطلبات تقرب الخمسين طلبا ولم تكن هذه هي كل الطلبات الموجودة لدي الحزب وإنما كانت نموذجا يمكن إجراء الدراسة عليه .

ويلاحظ في هذه الطلبات أن أغلب المتطوعين من سكان القاهرة وكان يمكن قبول تبرير ذلك بأن النماذج الموجودة لدي مكتب تطوع مصر الجديد فقط إلا أنني وجدتها قد تضمنت ثلاث طلبات من فلاحين من مركز أشمون منوفية وهي دائرة إبراهيم أبو علي المحامي وعضو الحزب ويوحي هذا بأن مكاتب التطوع التابعة للحزب كانت قاصرة على القاهرة كان يلاحظ أن أغلبهم من الحرفيين .

كما حوت هذه الطلبات تطوع بعض الأقباط الأمر الذي يؤكد بعدها الوطني برغم استخدامها للأسلوب الإسلامي . كما حوت كذلك طلبات تقدمت بها بعض الفتيان للتطوع في أعمال التمريض لكن الحزب وقع عليها بالحفظ الأمر الذي يوضح عدم إشراكه لعناصر نسائية في الكتائب .

ومن الواضح أن جهود الحزب كانت محدودة في هذا المجال وكان ذلك هدفا من أهداف دعوة كتابة الدائمة لتوحيد الجهود , فكتب رئيس الحزب فتحي رضوان مقالا بعنوان " الطريق إلى النصر ملئ بالصخور " دعا فيه إلى توحيد الصفوف وسرعة التسلح , كما كتب الدكتور نور الدين طراف مقالا بعنوان " فلنرتفع إلى مستوي الحوادث " انتقد فيه استمرار بعض مظاهر لفساد والمحسوبية في الحكومة وانشغال مجلس النواب بمنح الجنسية لرجل نمساوي دون التطرق لأحداث الفتة , واصلت جريدة الحزب نشرها للتبرعات التي تبرع بها تجار وبعض المواطنين لحركات الكتائب , وعلقت على الاجتماع الذي ضم كل الهيئات بانتقاد موقف التسويف من بعض الأحزاب , ما انتقدت موقف المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين حسن الهضيبي الذي بدا من سؤاله " ما هو نوع الفلاح الذي دعوتمونا لتنظيمه " ووصفته باللامبالاة .

وتشير الوثائق الأمريكية إلى تأثر موقف بريطانيا من زيادة حجم اقتناع كثير من المصريين بضرورة اتخاذه وقف ضد بريطانيا بدا أثره في الامتناع عن إمداد السفن البريطانية بالوقود في محاولة للضغط من أجل لجلاء , وإلى قيام السفير الأمريكي بالقاهرة " كافري بالتفاوض مع سراج الدين وعبود باشا لوقف هذه لأعمال وكافة نشاطات الفدائيين في القناة لافساح المجال لعودة المفاوضات بين مصر وبريطانيا وأن المفاوضين الوفديين كانت لديهم لنية للسعي لوقف النشاط الفدائي مقابل البدء بإجلاء القوات البريطانية لكن الدعاية في الصحف والتي كانت تقلق بريطانيا وسعي السفير الأمريكي لدي مفاوضي الوفد لوقفها لم يكن في نية – أو ربما قدرة – المفاوضين وقفها , وبرروا ذلك بأنها كانت وسيلة المصريين للتعبير عن كرههم الدفين للإنجليز .ويتضح من هذه الوثائق أن رجال الجيش البريطاني كانوا غير راضين عن أسلوب التنازلات في شكل إجلاء بعض فرق بريطانية مقابل التخفيف من حدة الهجمات الغذائية خاصة وأن خط الإمداد غير متعب لهم لأن إسرائيل قد سهلت هذه الأمور لهم وهو أمر جعل السفير الأمريكي بصفة بأنه كان فخا من إسرائيل لاستمرار الوجود البريطاني .

وقد هدد السفير الأمريكي بالانسحاب من دور الوساطة وقبل سراج الدين التفكير في إمداد السفن البريطانية إبقاء لهذا الدور , لكن استمرر أعمال الفدائيين قد قطعت على سراج الدين هذا التفكير كما أوحت للسفر الأمريكي بضرورة الاستمرار في الوساطة خشية تطور الموقف إلى أعمال جديدة وقد أدي اشتداد العمل الفدائي وكما تشير الوثائق الأمريكية إلى أن يفقد السفير البريطاني صوابه .

ولا شك أن الحزب موضوع الدراسة قد لهب دورا بارزا في هذه الناحية فقد واصلت جريدته الدعوة لتناسي الحزبية وتوحيد قيادة الكتائب وانتقد مصطفى مرعي , عضو الحزب ما كان يراه من سلبيات في العمل الفدائي فكتب مقالا بعنوان " إلى أين والي متي ؟" دعا فيه كل المصريين القادرين والهيئات السياسية إلى الإسراع لداء أمانة الجهاد والتحرير .

وتحدثت جريدة الحزب عن طبيعة الكتائب الوطنية ووصفتها بأنها ليست فرقا هجومية على أنظمة وليست معدة لحرب عصابات لأن حرب العصابات لا يصلح لها كل مصري ولا كل إنسان , وليست فرقا للدفاع المدني ولا فرق إسعاف , ,إنما هي حركة حشد وتجميع وتنظيم وتركيز واسعة النطاق , الغاية الأولي منها هي توحيد أفراد الشعب والمرحلة الأولي لإعدادها هي مرحلة تدريب على المبادئ العسكرية الأساسية مع دروس نظرية في الإسعاف والدفاع المدني مع التربية الروحية ثم يقسمون إلى فرق حسب إمكانات أصحابهم , وكانت خطة الفدائيين هي ضرب قوات الاحتلال بتدمير ونسف ما يمكن أن يصلوا إليه من مخازن ومستودعات وتمزيق خطو مواصلات ومنع وصول التموين وجعل الحياة الاجتماعية مستحيلة على جنود العدو لارهاقهم واعتمدوا في ذلك على أسلوب الكر والفر ليلا وقد حققوا نجاحا نسبيا في هذه الأمور .

ومع ذلك فقد تعرضت الكتائب لعوامل ضعف عرضتها لضربات شديدة حيث تسربت بينها عناصر تجسس لحساب السراي والأحزاب المعارضة لأسلوب الكفاح المسلح وأخري لحساب الانجليز والأمريكان كما أن هذه الحركة لم تنجح في أن تكون لها قيادة موحدة فضلا عن التعامل مع قطاعات الشعب قد حرمها من توفير وسائل للإمداد والتموين .

وقد سارعت جريدة الحزب اللواء الجديد بالدعوة لتوحيدها فكتبت مقالا بعنوان "أجيش مرابط جديد؟" عجبت فيه من تخوف بعض الهيئات من تحمل مسئولية جمع السلاح خشية أن يحدث لها ما حدث مع جماعة الإخوان المسلمين في أعقاب حرب فلسطين في أن يستعل هذا كدليل اتهام ضدها وأكدت أن الحكومة تخشي أن يشتد عود هذه الكتائب فتساورها أطماع داخلية وقالت أن الحكومة أكدت هذا الخوف بوضوح نيتها في إلحاق هذه الكتائب بالبوليس لحفظ النظام والدفاع المدني وأعلنت الجريدة معارضة الحزب لاتجاه الحكومة .

ودعمت الجريدة شكها في الحكومة بنشر خبر يفيدا استيلاء الفدائيين على سيارتين لنقل الأطعمة في منطقة القناة وقيامهم بتسليم السيارتين للبوليس المصري الذي قام بدوره بتسليمهما للقوات البريطانية , ووجهت مقالاتها للشعب مطالبة بضرورة قطع العلاقات مع الانجليز , ونشرت مقالا لأحمد بهاء الدين بعنوان " الجبهة الداخلية لا تؤدي" أكد فيه على ضرورة وقف كل جوانب التعاون مع الانجليز كالتعاون التجاري والطباعة وكافة الخدمات المتصلة بهم في مصر.

كما نشرت مقالا لسيد قطب بعنوان " ثغرات في جبهة الكفاح " أوضح فيه أن عدم استقرار التقاليد والقواعد الدستورة وعدم الاستقرار الاجتماعي , ووجود الطابور الخامس كلها ثغرات ينبغي على الشعب التكاتف لسدها .

وبعد أن تداركت مجموعات الكتائب بعض هذه الأخطاء واقتربت من الفلاحين ونجحت في معركة " القرين " قامت جريدة اللواء الجديد بنشر العديد من القصائد الحماسية التي تدعو فيها لمزيد من الإقبال على التطوع في صفوف الكتائب وزيادة حماس الكتائب العاملة بعد هذا النصر .

وعاد رئيس الحزب " فتحي رضوان " ليؤكد سوء الظن بالحكومة لتكلؤها في مساندة الكتائب وعدم أقدامها على إلغاء قانون حمل السلاح وكذلك عدم قطع علاقاتها مع بريطانيا.

وكانت الحكومة الوفدية قد استأنفت – سرا – المفاوضات مع بريطانيا حيث دار تفاوض بين صلاح الدين وايدن ( وزير الخارجية لمصر وبريطانيا ) طلب فيه ايدن وقف أعمال الفدائيين الذين أطلق عليهم اسم " الإرهابيين" ووقفت موقف العداء لبريطانيا في الصحف المصرية مقابل إعادة العلاقات المصرية البريطانية والعمل على استئناف المفاوضات وقد أبدي وزير الخارجية الوفدي موافقة مبدئية وأبدي أسفه على الأحداث المؤسفة التي جرت في تلك الأيام في نفس الوقت الذي أبدي فيه عدم رضاه على استمرا وجود الاحتلال البريطاني وحاول الوزيران وضع خطة تحتوي على عدة اقتراحات نوقشت في هذه الجلسة واتسم موقف بريطانيا بالمرونة حول مبدأ الجلاء الذي نادي به صلاح الدين وعلق صلاح الدين علي هذا بأنه سيكتب لحكومته تقريرا يتضمن هذه الاقتراحات ويقف على طبيعة التي تبذلها الحكومة لوقف أحداث منطقة القناة ورد " ايدن " على ذلك بأن حكومته ترقب نتائج رد الحكومة المصرية "

ولم يعبأ الحزب الوطني الجديد بمواقف الحكومة التي كان يعتبرها سلبية ومعوقة وواصل الهجوم عليها لإدراكه عودتها لأسلوب التفاوض مع بريطانيا . ووصلت جريدته نشر أنباء العمليات الفدائية في القناة كالهجوم على معسكر القصاصين ومهاجمة مرشح تكرير المياه في التل الكبير ونسف محطة ارسال أبي صير ونسف خط الزيتية والأدبية حول أسويس كما نشرت ملامح من البطولة وأسماء الشهداء .

ووالت الجريدة نشر العديد من المقالات المثيرة , فكتب عضو الحزب أحمد شوقي مقالا بعنوان " طلائع الفدائيين" تحدث فيه عن إبراهيم الورداني الذي اغتال بطرس غالي رئيس الوزراء المصري سنة 1910 وكتب فتحي رضوان مقالا بعنوان "التل الكبير تنتقم للتل الكبير " ذكر فيه ما أحدثه الانجليز في التل الكبير ضد جيش عرابي وكيف أن الفدائيين يقومون بتصفية حسابات مصر الآن .

الحزب وثورة 1952 :

سبقت الإشارة إلى أن ميول رئيس الحزب " فتحي رضوان " الفكرية والسياسية قد أسهمت في لقائه بعزيز باشا المصري , وقد لعب عزيز المصري دورا بارزا في تكوين تنظيم الضباط الأحرار , وظل يحظي باحترام الضباط وتقديرهم وكانوا يترددون عليه ويستمعون لنصائحه وتوجيهاته ويستشيرونه في كثير من أمورهم .

ولم يكن دور عزيز المصري هو سبيل الالتقاء الوحيد بين فتحي رضوان ومجموعة الضباط بل تعرف عليهم أيضا من خلال الأستاذ عبد العزيز علي الذي كان يتولي تدريب العناصر العسكرية في الحزب الوطني القديم ثم عناصر الحزب الوطني الجديد فكان يمثل حلقة اتصال بين الضباط وبين بعض المدنيين المعروفين .

وكان لمواقف الحزب وفتحي رضوان – سواء تجاه الجيش أو مواقف سياسية – أثر في اقتراب وجهة نظر الجانبين كمهاجمة الحزب لحكومة النقراشي لعدم عرض القضية المصرية على مجلس الأمن وكذلك مهاجمته للوفد داخل الحكم وخارجه لرفضه لأسلوب الثورة ضد الاحتلال وتفضيله لأسلوب لمفاوضة ومن خلاله فقط.

كما كان موقف الحزب من رفض المحالفات العسكرية وإدراكه أن إلغاء الوفد للمعاهدة تكمن وراءه رغبة بريطانيا لاستبدالها بمعاهدات لربط مصر بسياسة الأحلاف العسكرية تلقي رواجا وتأييدا من مجموعة الضباط وفي أعقاب قيام الوفد في أكتوبر سنة 1951 بإلغاء معاهدة 1936 صدر منشور من الضباط الأحرار يحث الجيش على الانضمام للشعب في مقاومة الانجليز الأحرار في القناة وأن يتوليا مهمة تدريب الشعب عسكريا وأوضح المنشور أنهم رحبوا بخطوة الوفد في البداية ثم هاجموه لتراخيه في تجهيز الشعب للمقاومة المسلحة وكانت هذه المواقف هي نفس مواقف الحزب الوطني الجديد في هذه الفترة .

وكان الحزب هو أولي الأحزاب التي تنبأت بقرب قيام الثورة فنشرت جريدته اللواء الجديد مقالا بعنوان " نحو فجر جديد" ذكرت فيه " أن في الأفق أمارات واضحة تشير إلى فجر جديد لا شك فيه فهذا الليل الحالك المخيم لابد له من فجر ... أن مثل هذا الظلام لا يدوم لأنه لا يمكن أن يدوم ,وتاريخ البشرية كله يشير إلى أن الأمور لا تصير إلى مثل ما صارت إليه في مصر إلا وهي تتهيأ لفجر جديد هذا موضع الرجاء القوي عندي بل هو موضع الرجاء الوحيد فإن أمة من الأمم مهما يبلغ بها الضعف والهزال ومهما يبلغ فيها التفكك والانحلال لا يمكن أن تصير إلى الأبد على مثل الأوضاع التي انتهت إليها الأمور واستعرض المقال جوانب الضعف التي تلم بالبلاد والتي تشير إلى ضرورة قيام ثورة وأنهي قوله ... ليس المهم أن نشهد بأشعاصنا هذا الفجر الطالع فنحن نشهده اليوم في نفوسنا وننظره ببصائرنا ونحسه بأرواحنا وسواء عليا أعشنا حتى نشهده أو طوتنا قبله ظلمة القبور , أنها ظلمة في الحس ولكنها للروح نور وعقب قيام الثورة مباشرة كان الحزب الوطني الجديد من أول التنظيمات التي أعلنت تأييدها لها تأييدا مطلقا وهو أمر يفسر اشتراك ستة من أعضاء الحزب في وزارة محمد نجيب الأولي هم سليمان حافظ ( نائب رئيس وزراء ووزير داخلية ) وحسين أبو زيد ( وزير مواصلات ) وعبد العزيز على ( وزير شئون بلدية وقروية ) والدكتور محمد صبري منصور ( وزير التجارة ) وفتحي رضوان ) وزير دولة وكان مازال معتقلا منذ حريق القاهرة في يناير 1926 والدكتور نور الدين طراف ( وزير صحة ) .

ووالت جريدة الحزب اللواء الجديد نشر بيانات التأييد للثورة فبدأت بنشر خطبة لأحد أعضاء الحزب قالها في اجتماع لجنة الحزب بقليوب ذكر فيها :" وإذا بالنجاة تأتي على يد جماعة من الضباط الأحرار في جيشنا الباسل ودعا الشعب إلى تأييدهم لأنهم يمثلون الشعب .

أما عن سبب قبول أعضاء الحزب الاشتراك في وزارة الثورة وقوات الاحتلال قائمة وأسلوب المفاوضات مطروحا فذلك يرجع إلى تكوين الضباط لكتائب ومعسكرات للفدائيين مع الإعلان للمفاوضات وإعلانهم كذلك لشروط الدخول فيها والتي تلتقي مع الشروط التي ينادي بها الحزب كالجلاء غير المشروط وعدم قبول الدخول في منظمات الدفاع المشترك وطلب الحرية والاستقلال المستمدة من ميثاق هيئة الأمم المتحدة .

وكان الحزب من أول الأحزاب التي احترمت البيان الصادر بحل الأحزاب السياسية وصدور قانون بإعادة تنظيمها بل إن فتحي رضوان رئيس الحزب والذي كان يشغل منصب وزير الدولة هو الذي أدلي بهذا البيان واستجاب الحزب لما تضمنه قانون تنظيم الأحزاب فكتب سكرتير الحزب المساعد محمود الحناوي المحامي لوزير الداخلية يبلغه بأن الحزب قد أودع أمواله وهي أربعمائة جنيه مصري في الحساب الجاري ببنك مصر .

واجتمعت الجمعية العمومية للحزب في 28 نوفمبر سنة 1952 وانتخبت فتحي رضوان رئيسا للحزب بالإجماع , ومعه سبعة عشر عضوا تم انتخابهم بالتزكية وتم إبلاغ وزارة الداخلية بذلك مع توضيح برنامج الحزب الذي لم يختلف عن برنامجه الأساسي سوي أنه خلا من الأهداف حيث اقتصر البرنامج الجديد على تنظيم الحزب . على أن جريدة الحزب قد واصلت في نفس الفترة نشر المقالات المؤيدة للثورة فكتب عضو الحزب أحمد شوقي مقالا بعنوان " فليفهم الجميع أننا في ثورة " حذر فيه رجال الأحزاب السياسية من الوقوف في وجه الثورة وإلا " داستهم بأقدامها " وكتب عضو الحزب مصطفى المنزلاوي مقالا بعنوان " عهد جديد وبلد جديد" بشر فيه بنهضة شاملة ستشمل البلاد وأن ميزان العدالة – بهذه الحركة – قد استوي في مكانه الأمين .

ومع ذلك فقد نشت الجريدة مقالا تنقد فيه الأوضاع العامة والمصالح الحكومية كإدارة كهرباء القاهرة ووزير المعارف وغير ذلك

وبعد توقف الجريدة اللواء الجديد عن الصدور بسبب إجراءات الرقابة التي فرضت عليها بسبب بعض مقالات النقد , لجأ الحزب إلى نقد الأوضاع العامة بإصدار المنشورات, فنشر الحزب في 24 يونية سنة 1953 منشورا بعنوان " من المسئول عن هذا الركود " أكد فيه أن المسئول عن الركود الذي عم نواحي البلاد هم الذين يتحكمون في مصائر البلاد من عسكريين ووزراء لأن " تصرفاتهم وطريقة معالجتهم للأمور وتركيزهم للسلطات كلها في أيديهم قد جعلت معظم أفراد لشعب يقفون موقف المتفرج " وأوضح أنهم مع إخلاصهم فإنهم لن يستطيعوا أن " يديروا شئون البلاد بمفردهم كما يحاولون الآن " وأنهم على الرغم مما يعلنوهن " بترحيبهم بالنقد لكنهم لا يطيقونه ويضيقون به ولا تزال مصر تدار بنفس العقلية القديمة التي كانت تدار بها ولا تزال كلمة الوزير مقدسة كأنها تنزيل من التنزيل وقد كنا نظن أن عصر الآلهة قد انقضي ولكن يظهر أن كل ما حدث هو أن هناك بعض التغيير في أشخاص الآلهة " لقد كنا في العهد البائد سمع أن القصر يريد كذا وكذا أو أن هناك رغبة سامية لتنفيذ كيت كيت وأصبحنا في هذا العهد نسمع أن هذه رغبة القيادة فهذا الموظف قد عين في وظيفته بأمر القيادة وهذه اللجنة قد روعي في تشكليها رغبات بعض ضباط القيادة وأصبح كل ضابط يتحدث باسم القيادة حتى لم يعد هناك ضابط لذلك . نحن الذين لم نقبل في وقت ممن الأوقات أن نستذل لأحد نري لزاما علينا أن نحذر من هذا وأن نعلن بأن هذا الركود يجب أن يزول سريعا وأن على المتحكمين . في أقدار البلاد أن يعملوا على أن تكون البلاد كلها عاملة منتجة وأن ينلقوا الشعب من موقف المتفرج إلى ميادين العمل والإنتاج .

ومن هنا يبدو أن مسندة الحزب للثورة وتولي أعضاء للمناصب الوزارية فيها لم يكن على حساب مبادئهم التي كان التمسك بها سببا في اتبعهم عن المناصب العامة واحدا بعد الآخر .

الفصل الثالث: الحزب والقوي السياسية

الحزب والقصر – الحزب والوفد – علاقة الحزب بالحزب الوطني القديم – علاقته بجماعة مصر الفتاة – علاقته بجماعة الإخوان المسلمين – علاقته بالتنظيمات اليسارية – علاقته بالجيش .

بعد أن أوضحت في الفصل السابق موقف الحزب من الأحداث السياسية والتي اتضح من خلالها المنهج السياسي والفكري له ننتقل لنعالج في هذا الفصل علاقته بالقوي السياسية ممثلة في القصر والأحزاب والتنظيمات السياسية .

الحزب والقصر

ظل مؤسس الحزب ط فتحي رضوان" وطوال انشغاله بالعمل السياسي يؤكد ارتباطه بمبادئ الحزب الوطني القديم وبآراء زعيميه مصطفى كامل ومحمد فريد . وقد أوحي من خلال ذلك بأنه كغيره من بعض سياسي هذه الفترة – يفضل النموذج التقليدي للدولة ممثلا في النموذج الخديوي في ظل الدستور .

وقد أكد فتحي رضوان هذه النظرة خلال مدة اشتراكه في جماعة مصر الفتاة التي كان يتفق فيها مع رئيس الجماعة ورفيقه أحمد حسين فطرحوا رؤياهم للإمبراطورية المصرية بشكلها القومي أو الديني بعد تحولها للحزب الإسلامي كما أكد قناعته بهذه النظرة من المؤلفات التي صدرت له والتي أكدت إعجابه بالنموذج الفردي حيث ألف عن موسيليني وهتلر وغاندي وديفاليرا ( زعيم الثورة الإيرنالندية )

كما أن اقتراب فتحي رضوان من عزيز باشا المصري قبيل الحرب العالمية الثانية وعمله سكرتيرا له بعد ابتعاده عن العمل في صفوف جماعة مصر الفتاة كان يعني اقترابه من الاتجاه الذي يحظي بتأييد الملك , وهو الاتجاه الذي اقترب من دول المحور بزعامة ألمانيا وأعلن عداءه للحلفاء وفي مقدمتهم بريطانيا .

لذلك كان الحزب الوطني الجديد أو جماعة شباب الحزب الوطني من التشكيلات التي تبد العدا للقصر وقد بدأ ذلك واضحا منذ صدور العدد لأول من جريدتهم اللواء الجديد حيث أعلنت ارتباطها بالملك وهو أمر كان يتفق ومنهج الحزب الوطني القديم الذي التحمت به جماعة الشباب في فترتها الأولي . فكتب اللواء الجديد في عددها الأول تؤكد ولاءها وارتباطها بالملك وذكرت " أن المليك الذي فتح عينيه على الثورة سنة 1919 قد ارتبط قلبه بقلب بلاده , ولما ولي الملك كان هو والمصريون على ميعاد , فتبادلوا في آن واحد الحب والثقة أحبه شعبه وأخلص به الحب وأحب شعبه وأخلص له الحب , وثق الشعب بمليكه وبقيادته وحكمته ونصاعة قلبه وكبر فؤاده ووثق هو بالشعب وبالذخائر العظيمة التي يخفيها تفرقه وفقره وقلة عمله وبعده عن الطريق المؤدي إلى العزة والكرامة ... لا خير في شعب لا يثق بمليكه ولا في مليك لا يثق في عظمة أمته .. أن الأمل معقود على المليك المفدي أن يوجه بالتفاتاته الملكية الدستورية الحكم إلى هذه الوجهة وأن تنشأ في حكمه الفياض بحب بلاده حياة دستورية متوازنة يحكم فيها الشعب نفسه بنفسه تماما ويفهم فيها الفقير قبل الغني والضعيف قبل القوي والجاهل قبل المتعلم قيمة صوته وقدر شخصه عاش الملك عاش الوطن "

وأثناء الإعلان عن احتفال الشعب بعيد ميلاد الملك أعلنت صحيفة الحزب ارتباط الحزب بالشعب والأمة منذ بداية تأسيسه , طالبت أنصا الحزب المشاركة في الاحتفال بهذه المناسبة كما نشرت على غلاف أحد أعدادها صورة للخديوي إسماعيل ولقبته بمنشئ الإمبراطورية المصرية الحديثة كما نشرت على غلاف عدد آخر صورة للملك فؤاد في ذكري وفاته .

وظل الحزب محافظا على سياسة التقرب من القصر حتى سنة 1951 حيث حدث تغير محدود في هذه السياسة بسبب اتجاه الوفد للتقرب من الملك من ناحية وأدرك الحزب أن الملك يلعب دورا في المفاوضات الأمريكية الرامية إلى ربط مصر بالأحلاف العسكرية من ناحية أخري فكتبت صحيفة الحزب مقالا يوحي باهتزاز العلاقة بين الحزب والقصر , فقد أشارت فيه بشكل نظري رمزي إلى الفرق بين ولاء العبيد وولاء الأحرار ثم ضرب مثلا بتخلي الملك فؤاد عن سلطانه المطلق راضيا وإصداره دستور سنة 1923 كما ذكرت أنه لا ذنب للملك فيمن يقبلون يده من الساسة والنفعيين وفي نفس الوقت ذمت هذا الأسلوب .

واقترحت الصحيفة في مقال آخر فكرة تحويل الهدايا التي تقدم إلى الملك في المناسبات لإنشاء مؤسسات قومية عامة يعود خيرها للشعب وذكرت أن هذه الفكرة تلقي تأييدا من دوائر القصر وتبع ذلك مقال لفتحي رضوان لتأييد هذه الفكرة ذكر فيه أن النحاس باشا وحرمه قد قدما هدية للملك بمناسبة عيد قرانه عبارة عن طقم شاي من الذهب الخالص تساوي عشرة آلاف جنيه .

ثم أفصح الحزب عما أصاب علاقته بالقصر من اهتزاز فكتبت اللواء الجديد مقالا عن مشكلة اليخت الملكي " فخر البحار ذكرت فيه أن اليخت كان للملك ثم باعه للدولة ليكون في وحدات الأسطول البحري المصري ثم استعمله الملك في رحلة خاصة إلى ايطاليا , وهذا لا يجوز حيث لا يجب الخلط بين مال الملك ومال الدولة ولا ينبغي أن يأخذ الملك أكثر من حقه من الدولة وهاجمت الصحيفة البرلمان الذي لا يحدد هذه الأمور وأن ذلك يعد من الإسراف واستغلال النفوذ وسوء التدبير وأن الدستور بهذا يموت , وباليتها تميتة دفعة واحدة .

كما وجه الحزب لوما شديدا لحكومة الوفد بسبب إخفائها للصحف الأوربية التي تهاجم الملك , وأن الحكومة كان أحري بها الدفاع ضد هذه الصحف .

وظلت العلاقة بين الحزب والقصر حتى قيام ثورة سنة 1952 التي قدر في أعقاب قيامها أن يقوم أحد المنتمين للحزب وهو سليمان حافظ بعرض قرار الثورة بتنازل الملك عن عرشه على الملك ويأخذ توقيه عليه .

موقف الحزب من الأحزاب السياسية .

لم يكن رفض الحزب للتجربة راجع إلى ميوله الفاشية فقط وإنما يرجع في أساسه إلى إخفاق لتجربة الديمقراطية في مصر في الإسهام في حل مشاكل البلاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية فقد انحصرت جهود القائمين على هذه الأحزاب في أعقاب ثورة سنة 1919 في حماية مصالحهم من خلال دستور سنة 1923 أكثر من حرصهم على تحديد الموقف من الاحتلال أو العناية بالفئات الكادحة التي قدمت بالثورة .

وكان موقف فتحي رضوان من التجربة الحزبية – شأنه شأن الذين مالوا إلى النموذج الفردي – موقف واضحا في مراحل عمله السياسي السابق لتأسيس الحزب عند نشأته أن يؤكدها فكتبت اللواء الجديد مقالا أوضحت فيه هذا فذكرت " أن البلاد التي تعرف الأحزاب لكنها كلها – أو معظمها – أحزاب بغير برامج ومن هذا ومنه وحده قاست مصر وما زالت تقاسي ويلات الحزبية وأخطاءها دون أن تجني مزية من مزاياها والجمهور في مصر لا يعرف للأحزاب آراء فيما يهمه من شئون ومن ثم فهو لا يملك أن يوازن أو يفاضل بينها على أساس آرائها , وهو من أجل ذلك موق إلى أن يجري هذه الموازنة على أساس أخر مبناه ما يعرفه أو يترامي إليه من أشخاص قادة الأحزاب وزعمائها من صفات الخير والشر وهذا هو ما جعل الغلبة للعنصر الشخصي في سياستنا فأصبحت سياسة شخصية تقوم وبيلة على الحزب الذي يتهمها فضلا عن أنها وبيلة على البلاد في مجموعها ".

وفي أعقاب ثورة سنة 1952 كان أقدام النظام الجديد على إلغاء الأحزاب يحظي بتأييد رجال الحزب الذين كانوا يشاركون في الوزارة ومع أنهم قد أعادوا تشكيل حزبهم وتقدموا به إلى ضباط الثورة عملا بقانون إعادة تنظيم الأحزاب إلا أنهم كانوا يؤيدون الجناح الداعي إلى عدم العودة إلى الحزبية فتشير مذكرات عبد اللطيف البغدادي أن فتحي رضوان والدكتور نور الدين طراف كانا من المؤيدين للاتجاه الذي أبدي تخوفه من عودة الأحزاب السياسية في مجلس قيادة الثورة وإذا كان البعض يري أن ذلك راجع لإدراكهم ما كان عليه حزبهم من ضعف إلا أن ذلك يرجع في حقيقته إلى عدم قناعتهم بالتجربة الحزبية وتفضيلهم للحكم الفردي الدستوري عليها .

علاقته بحزب الوفد

قد يكون من المقبول أن يحدد حزب في برنامجه رفضا لتيار سياسي أو فكري ولكن قلما ينص حزب في البرنامج على ضرورة إعلان العداء لحزب بعينه حتى إذا ما عدل هذا الحزب عن أسلوب معين مفضلا عليه أسلوبا آخر فلا يصبح برنامج الحزب عرضه للتبديل والتغيير لمثل هذا الأمر .

لكن الحزب الوطني الجديد قد ينص في برنامجه على ضرورة إعلان أعضائه العداء لحزب الوفد وأن من يبدي ميلا لحزب آخر يكون بذلك قد عارض مبدأ رئيسيا من مبادئ الحزب يستحق عليه إلا يعاد من صفوف الحزب بل أنه من الأسباب القوية التي أدت إلى حدوث انشقاق في جماعة مصر الفتاة وخروج فتحي رضوان وبعض الأعضاء منها يرجع إلى أن الجماعة قد أبدت في سياستها ميلا إلى الوفد أو حتى مهادنته .

وكما سبق القول فإن موقف المجموعة التي تكون منها الحزب الجديد من حزب الوفد لم يكن ميولهم إلى الفاشية فقط بل لما شاهدوه وهم في بداية حياتهم السياسية من مدي إخفاق التجربة الديمقراطية بكل أحزابها في حل المشكلة الاجتماعي والاقتصادية فضلا عن المشكلة السياسية كما أن هذه المجموعة قد تعرضت لمحاربة الوفد وتعويقه لمشروعاتهم الاجتماعية التي وجهوا إليها نشاطهم الطلابي قبل تأسيسهم لجماعة مصر الفتاة والتي كان نجاحهم فيها تعبيرا عن الغياب الاجتماعي للأحزاب السياسية مثل مشروع القرش الذي عارضه الوفد معارضة شديدة .

واتخذ الوفد سياسة عدائية تجاههم بعد تأسيسهم لجماعة مصر الفتاة وكانت حجته في ذلك أنها حركة مساندة للقصر في سياسته الرامية إلي سلب مكاسب الشعب لصالحه في حين كانت هذه المجموعة تري أن كبار الملاك من المسيطرين على حزب الوفد أكثر سلبا لمكاسب لشعب الاقتصادية والسياسية من القصر لكن حقيقة عداء الوفد لهم ترجع في جانب منها إلى خشيته من قدرتهم على استهواء أنصاره من الشباب واستقطابهم إلى صفوفهم كما أنهم كانوا يحظون بتأييد كثير من أحزاب الأقلية التي يحاربها الوفد

وقد تعرضت جماعة مصر الفتاة للحل وإغلاق صحيفتها من جانب الحكومة الوفدية ولم تكن قد مضي على تأسيسها ثلاث سنوات حين وجه النحاس باشا رئيس الوفد ورئيس الوزراء في 22 يونية سنة 1936 اتهاما لمصر الفتاة في مجلس النواب بأنها تعمل لحساب دولة أجنبية واعتذر عن تقديم الوسائل الدالة على ذلك فأرسل فتحي رضوان سكرتير عام الجمعية برقية إلى النائب لعام طلب فيها التحقيق معه بتهمة الخيانة العظمي وفقا لاتهام رئيس الوزراء وأوفدت الجماعة ثلاثة من زعمائها إلى النائب الذي رفض التحقيق معهم فازداد هياجهم ووقعت مصادمات بين شباب الوفد ومصر الفتاة انتهي بقرار الحكومة بحل الجماعة ومصادرة صحيفتها .

لذلك فإنه ليس من المستغرب أن يحظي الوفد بنصيب كبير ممن هجوم الحزب الوطني الجديد منذ بداية تأسيسه فلم يترك مناسبة إلا وهاجم سعد زغلول وأتباعه الذين أطلقوا عليهم اسم " مدرسة المفاوضة " ووصفوا هذه المدرسة بأنها لا تخرج رجالا يرتفعون إلى مستوي الوطنية الطبيعية وكثرت المقالات التي تذكر الوفد بموقفه في حادث 4 فبراير سنة 1942 والتي تؤكد – من خلال رأيهم – عمالة الوفد للإنجليز وتهاجم من خلال هذه المقالات الزعيم الثاني للوفد مصطفى النحاس كما أعلنت صحيفة الحزب اللواء الجديد " رفضها – وطالبت الشعب بذلك – لكل ما يعتبره الوفد من أيام الوطنية كيوم 13 فبراير سنة 1919 الذي يعتبره الوفد عيد الجهاد وهو يوم ذهاب سعد زغلول واثنان من صحبه لدار الحماية البريطانية لعرض المطالب الوطنية فتصف جريدة الحزب هذا اليوم بأنه يوم مجلل بالعار والسواد وصم التاريخ المصري بوصمة ستظل تلوثه .

وحين أصدر حزب الوفد بيانا يتناول موقفه من حكومة إسماعيل صدقي وما تقوم به من مفاوضات وصفت اللواء الجديد هذا البيان بأنه عديم القيمة فبدلا من أن يسعي الوفد لطلب الاستقلال والنظر في مطالب مصر إذ به يصر على الانتخابات حتى يكون سبيلهم للوزارة والتفاوض وذكرت الصحيفة أن إلغاء الأحكام العرفية وإجراء انتخابات وتولي الوزارة ليس من المطالبة الرئيسية فقد قامت ثورة سنة 1919 في ظل الأحكام العرفية وفي غياب البرلمان .

وعلقت جريدة الحزب على هتافات الوفديين أثناء تشيع جنازة أحد أعضاء الود وهو " حفني الطرزي باشا " حيث هتف الوفديون " اشك الظلم لسعد يا حفني " فقالت الصحيفة " إذا كان حفني مكلفا من شراذم الوفديين أن ينقل إلى سعد الشكوي من لظلم فلمن يشكو المصريون والوطنية من سعد وممن جاء بعده ".

كما هاجم فتحي رضوان الوفد ردا على مهاجمة صحف الوفد لحافظ رمضان رئيس الحزب الوطني القديم واتهم النحاس بالعمالة للإنجليز واستند إلى حصوله على لقب سير ووصف رجال الوفد وصحفييه بأنهم ككلاب صيد يطلقهم الاحتلال للهجوم على الوطنيين .

وهاجمت صحيفة الحزب النحاس باشا أثناء رئاسته للوزارة واتهمته بأن أتباعه قد اشتروا له بيتا بعد أن كان يسكن في بيت إيجار في شبرا وفي نفس الوقت علقت على ما ذكره رئيس مجلس النواب عبد السلام فهمي جمعة أن النحاس سيلغي المعاهدة في الوقت المناسب بأن النحاس ينتظر الأوان وحتى يتم توقيع ميثاق الدفاع المشترك .

وواصل الحزب هجومه على الوزارة الوفدية فكتبت جريدته مقالا أعربت فيه عن أسف الشعب الذي جاء بالوفد في انتخابات يناير سنة 1950 حيث كان الشعب يأمل في أن يصون النحاس الدستور ويزود عنه فإذا به يعود ليطرق باب المفاوضات وكتب الدكتور نور الدين طراف مقالا هاجم فيه الوفد والأحزاب التي خرجت منه لأنها جميعا مصدر واحد وإنهم جميعا – كما ورد في المقال – يستوون في مسئولية الانهيار في كيانهم وكيان بلادهم وروحهم الوطنية وأنه الخلاص إلا بزوال هذه الطبقة من محترفي السياسة الذين يتجرون بالحكم ويجعلون منه سبيلا للغنم والكسب على حساب قضية الاستقلال وقضايا الأخلاق .

وفي مقال آخر شبهت اللواء الجديد النحاس " بمقاول الأنفار " الذي يسيطر وقالت أن هذا دوره بين الانجليز والأمة وأنه ما بقي يربي الشعب على التعلق بالزعامة لا بالحرية والمثل العليا فإن الانجليز يهيئون له السبيل ويتمسكون به كما وصفته بأنه لا يستحق بأن يربط حذاء إسماعيل صدقي باشا ووصفته كذلك بأنه بهلوان سياسة وأنه لا يعرف شيئا عن النزاهة وأنه سياسي قصير النظر وأنه منالذين يذهبون ليأخذوا نياشين من بريطانيا لقاء خدماته لها.

وكتب رئيس الحزب فتحي رضوان مقالا وجه فيه هجوما شديدا للنحاس ولسراج الدين الذي اسماه " شهاب الدين " تمشيا مع المثل الشعبي " شهاب الدين أسوأ من أخيه " وأكد أنه لا يمكن لكليهما وهما يلبسان خواتم ذهبية كبيرة أن يبحثا عن تطبيق العدل الاجتماعي وأعطي مثلا لذلك من تحول رغيف العيش إلى أسود لأن الحكومة لا تستطيع أن تدفع الفرق في تحويله إلى أبيض , مع أن الحكومة تشارك في مظاهر الإسراف وتصرف على المؤتمرات وتصرف على المؤتمرات وتقييم التماثيل وتشق الطرق إلى قصر رئيسها النحاس باشا في المرج .

وعلى أثر إلغاء حكومة الوفد الاجتماعات في ذكري يوم ضرب الإسكندرية ( 11يليو) كتب فتحي رضوان مقالا هاجم فيه النحاس باشا وأكد أنه حريص على بقاء الانجليز فقال :" أيسقط الاستعمار الذي علم النحاس أن يغسل يده بالعطور قبل الأكل وبعد الأكل ؟ أيسقط الاستعمار الذي وضع يده في يد النحاس خاتما يفتح ثمنه بيوت المئات أو الألوف من أهل القري الذين يبيتون على الطوي ويكتحلون بالعمي ويتعلقون بالأماني الكاذبة ؟"

وحين طرحت الحكومة مشروع قانون يهدف إلى تحديد حرية الصحافة فتحت اللواء الجديد صفاتها لكل المهاجمين للمشروع والحكومة فكتب أحمد أبو الفتوح مقالا بعنوان " الباكون علي الديمقراطية " وكتب حلمي سلام مقالا بعنوان " متي تنكس نقابة الصحفيين أعلامها " ومقالا آخر لسيد قطب " ولسنا وحدنا " وآخر لفتحي رضوان " هذه أصبع الانجليز " ومقال الدكتور نور الدين طراف بعنوان " مهلا يا اقزام الطغاة " ومقالا لأحمد بهاء الدين بعنوان " النظام الاجتماعي المصون " كما كتبت الصحيفة محذرة حكومة الوفد أن من يسير في التفاوض مع الانجليز ينبغي أن ينفي من قائمة الوطنية حزبا كان أم شخصا وقبل أن يبدأ الشعب معركة مع الاحتلال ينبغي أن يحاسب هؤلاء ويضعهم في القائمة السوداء .

وسبقت الإشارة إلى مهاجمة الحزب للحكومة الوفدية لموقفها من اتفاقيات الدفاع المشترك وما جري من تفاوض بهذا الشأن بينها وبين السفير الأمريكي وكذلك لعدم رعايتها الفدائيين ( كتائب التحرير) في أعقاب المعاهدة وحتى حين أصدرت الحكومة قرارا يقضي ببقاء كتائب التحرير هيئة شعبية تشرف عليها الحكومة وتحيطها برعايتها وتحميها من العبث أعلن الحزب رفضه لهذا القرار متهما الحكومة بأنها تريد ضرب الحركة لا حمايتها .

ولم يتوقف هجوم الحزب على الوفد بعد قيام الثورة فعلقت جريدته على موافقة النحاس على قانون تنظيم الأحزاب وقيامه بفصل الأعضاء الذين تحوم حولهم الشبهات بأنه كان الأجدر بالنحاس أن يطبق هذا القانون على نفسه .

علاقته بالحزب الوطني القديم :

سبقت الإشارة إلى أن اندماجا فعليا قد تم بين الحزب الوطني الجديد الذي سمي نفسه في البداية " اللجنة العليا لشباب الحزب الوطني " والحزب الوطني القديم منذ بداية الإعلان عن حزب الشباب حيث كان الشبان يهدفون من وراء ذلك تأكيد شرعيتهم برغم ضعف الحزب القديم كما كانوا يلتقون مع نموذج الحزب القديم التقليدي الممثل في الدعوة للحاكم الفردي المحاط بالدستور لذلك دعوا إلى إحياء مبادئ مصطفى كامل وذكروا أن اختيار اسم اللواء الجديد لجريدتهم هو إحياء للواء مصطفى كامل " والجديد " تمييزا لهم .

ورحب أعضاء الحزب القديم بهذه الاندماج الذي وجدوا فيه لحزبهم الذي أصبح جثة هادمة واوجدوا لهم مقرا وجريدة وذكر الناس بهم وبدورهم أى أوجد لهم دورا أى أوجد لهم دورا من جديد على الساحة السياسية .

وقد عبرت اللواء الجديد في العدد الأول لها عن هذا الاندماج حيث ربطت نفسها " بلواء مصطفى كامل التي طويت أن اللواء يرتفع إلى ساريته بطيئا ليأخذ مكانه من جديد

وفتحت الجريدة أبوابها لأعضاء الحزب القديم فكتب حافظ رمضان مجموعة من المقالات بعنوان " أبو الهول قال لى " وكذلك عبد العزيز الصوفاني الذي وصف مجموعة الشباب بأنهم " مجاهدون أحبوا وطنهم وشفقوا بخدمة بلادهم وسلكوا في الخدمة سبيلا استنه لهم ما هم عليه من نضرة وشباب . وأعلن أن الحزب الوطني " يسره أن تكثر الصحف الداعية إلى مبادئه والعاملة على تحقيق أغراضه ويسرع أن تنضم هذه المجموعة إليه .

وردت مجموعة الشباب على ذلك بمقال لفتحي رضوان عدد فيه مبادئ ومواقف الحزب الوطني منذ نشأته في عهد مصطفى كامل وربط بين جهده وإخوانه وبين هذه المبادئ ودعا الناس إلى الالتفاف حولها وشكر رجال الحزب القديم على تأييدهم واشتراكهم في جريدته .

على أن مجموعة الحب القديم كانت تعاني من تصدع وانشقاق برغم قلة عددها حيث حدث خلاف بينهم في أعقاب اشتراك حافظ رمضان رئيس الحزب في الوزارة للمرة الثانية معارضا بذلك سياسة الحزب في عدم الاشتراك في حكومات ما بقي الاحتلال هذا برغم نجاح المجموعة المؤيدة له في إعادة انتخابه رئيسا للحزب وقد أيدت مجموعة الشباب الجناح القريب من رئيس الحزب وبررت ذلك بخصها على وحدة الصف لكنها بذلك قد تعرضت للوم المعارضين بسبب هذا الموقف .

وقد شاركت لجنة الشباب في الجهود التي كان يبذلها بعض أعضاء الحزب وهم زكي علي وفكري أباظة لتقريب بين وجهات النظر المتعارضة والتي كان يمثلها رئيس الحزب من جانب وعبد الرحمن الرافعي من جانب آخر .

ولم يأت عام 1946 إلى نهايته إلا وكانت مجموعة الشباب قد حددت لنفسها دور مستقلا بعيدا عن صفوف الحزب القديم ويبدو ذلك في موقف لجنة الشباب التي أصبح اسمها " الحزب الوطني الجديد" من انضمام الحزب الوطني القديم إلى أحزاب المعارضة ضد حكومة " إسماعيل صدقي " حيث أعلن الحزب الجديد عدم ثقته في هذه اللجنة وأن غرضها الذي انحصر في إسقاط الوزارة قد تحقق فلا داعي لوجودها وانه يؤيد لجنة توحد الجهود لكل الأحزاب لمكافحة الانجليز وتنظم خطة للكفاح والجهاد ضدهم .

وعقب عودة صدور اللواء الجديد بعد فترة من احتجاجها نشرت مجموعة من المقالات لأعضاء الحزب القديم حافظ رمضان وعبد الرحمن الرافعي وفكري أباظة وهو أمر كان يوحي بالتقارب بينهما بعد فترة من جمود العلاقة بينهما .

ثم احتجبت مقالاتهم والأخبار المتعلقة بهم وبعلاقتهم حتى يناير سنة 1952 لتنشر اللواء الجديد نا ينم عن أن العلاقة بينهما قد ساءت إلى حد كبير فقد نشرت مقالا بعنوان " خاتمة رمضان باشا " ذكرت فيه أن حافظ رمضان قد كسب بصمته عضوية في شركات أمريكية وغير أمريكية وأنه أصبح يملك أرضا ودورا في المرج إلى النحاس باشا وأنه كان دوما يتسول منصب الوزارة وهو لا يستحق بهذا أن يدعي الانتساب لمصطفى كامل ومحمد فريد وأنه أهمل اللجنة الإدارية لحزبه فلم تعد تجتمع ولا حتى لمجرد التحية والسؤال عن الصحة وأنه وثق صلته بالسفارة الأمريكية وقدم لها مذكرة باللغة الفرنسية هي نفسها مقترحات الدول الأربع إل مصر وأن زكي علي سكرتير الحزب هاجم حافظ رمضان في الصحف فسعي حافظ رمضان إلى جمع اللجنة الإدارية وفصل زكي علي وأن عبد العزيز الصوفاني سكرتير اللجنة الإدارية للحزب قد ورد على استقالة حافظ رمضان بأنها لا تغني الحزب في شئ لأنهم لم يحسوا بوجوده وهاجمت اللواء الجديد كل من الصوفاني وحافظ رمضان ووصفتهم بأهل الكهف .

ورد بعض أعضاء الحزب القديم على هذا الهجوم باللجوء إلى القضاء متهمين جماعة الشباب بأنهم أغاروا على اسم الحزب وأكدت مجموعة الشباب في مرافعتهم أمام القضاء أن حزبهم حزب جديد في كل شئ ولا شأن له بالحزب القديم .

وفي أعقاب صدور قانون الثورة بإعادة تنظيم الأحزاب وتقديم مجموعة الشباب – التي كانت قد اشتركت في الحكم – بأوراق حزبهم إلى وزارة الداخلية تقدم أعضاء الحزب القديم بمذكرة جديدة إلى القضاء يطلبون فيها عدم قبول أوراقهم لإغارتهم على الاسم وتجمدت هذه القضية في أعقاب إلغاء الأحزاب السياسية .

الحزب وجماعة مصر الفتاة

أوضحت قبل ذلك أن فتحي رضوان رئيس الحزب الوطني الجديد قد لعب دورا بارزا – إلى جانب أحمد حسين – في تأسيس جماعة مصر الفتاة وقد حرصا سويا على تأكيد أحيائهم لمبادئ الحزب الوطني القديم وهو أمر كان يؤكد اتفاقهما في الاقتناع بالنموذج الفردي الرافض لما كانت عليه التجربة الحزبية التي سارت في طريق التفاوض مع الاحتلال وعلى رأسها الوفد .

وتشير أغلب المراجع إلى أن الخلاف الذي حدث بين أحمد حسين وفتحي رضوان يرجع إلى تقارب مصر الفتاة من الوفد الأمر الذي اعتبره فتحي رضوان ومعه بعض الأعضاء مخالفة لمبادئ الجماعة فقد أشارت جريدة المقطم إلى هذا الخلاف فذكرت أن السبب فيه كان يرجع إلى مطالبة أحمد حسين بتعديل معاهدة 1936 ولكن مع الاحتفاظ بالمحالفة مع بريطانيا لأن المحالفة ضرورية للجانبين وكان أحمد حسين قد أعلن من قبل رفضه لهذه المعاهدة في أعقاب إبرامها واعتبر فتحي رضوان أن ذلك – وغيره – إخلالا بمبادئ الجماعة ومن ثم ابتعد عن صفوفها في أعقاب ذلك .

وما أن عادت جريدة مصر الفتاة إلي الصدور في 2 أكتوبر سنة 1944 بعد انقطاع دام أربعة سنوات وهو تاريخ قريب من صدور اللواء الجديد وقيام الحزب الوطني الجديد إلا وكتبت في عددها الثاني " الأسبوعي " عن خروج فتحي رضوان على الجماعة وتكوينه لحزب جديد والخلاف بينه وبين جماعة مصر الفتاة فأعلنت اعتراضها على الهجوم الذي شنه فتحي رضوان على الجماعة وبخاصة بعد أن أخذ هذا الهجوم صورة " حملة كاذبة ظالمة حيث يدعي أن ثمانين في المائة من جماعة مصر الفتاة قد استقالوا وعرضوا رئاسة الحزب عليه " وذكرت أنها تنزه الأستاذ فتحي رضوان عن هذا الأسلوب وتحذره في الوقت نفسه بأن ذلك لن يجد نفعا , كما حذرته من أن التمادي في ذلك سيجعلها تظهر الدوافع الحقيقية لاستقالته من الجماعة .

وأعلنت الجريدة في عددها التالي عن وجود وساطة بين الطرفين مما دعاها لوقف الهجوم شريطة أن تلتزم بها مجموعة فتحي رضوان التي شكلت تنظيمها " الحزب الوطني الجديد " أن كانت في نفس العدد قد نشرت حديثا لأحمد حسين في ذكري العيد الحادي عش لمصر الفتاة تناول فيه علاقته بالأستاذ فتحي رضوان معلقا بأن الخارجين عليه لن ينالوا بإشاعاتهم منه أو من حزبه شيئا كما تناولت الصحيفة فتحي رضوان – دون ذكر اسمه – بالهجوم حيث ذكرت " عضو سابق فصلته الجماعة بالاجتماع مع بعض أعضاء الجماعة وينشر أكاذيبه وأضاليله ضد الحزب ورئيسه وآخرها في الإسكندرية"

ثم أعلن أحمد حسين هجوما شديدا على مجموعة فتحي رضوان واتهمهم " بالضعف والجبن والنفعية ولوصولية التي ضمتهم إلى صفوف غيرنا وتعرف أنهم مفلسون وكانوا عالة على مصر الفتاة وأنهم صفر اليدين حتى من الشرف " وأشار في هجومه إلى فتحي رضوان حيث ذكر أن " هناك غيرهم تركات وإمعان تحاول أن تتطاول برؤوسها إلى مواطن القيادة والزعامة ويغريها ما تتمتع به من شهرة وما توفر لها من سلطان أحرزوه في غفلة من الزمان وكأثر من آثار اختلال الأوضاع " وأعلن أن يتحدهم في وطنيتهم وفي نزاهتهم .

ويبدو أن العلاقات بينهما قد تحسنت تحسنا نسبيا ففي أعقاب القبض على أحمد حسين ودخوله سجن التخشيبة أعلنت اللواء الجديد احتجاجا شديدا على الحكومة وعلى سوء السجن الذي يعد مهينا للآدمية .

وأسهم اتفاقهما في المواقف من وزارة الوفد سنة 1950 إلى مزيد من التقارب بينهما فقد شنت مصر الفتاة حملة هجومية على زعماء الوفد وعلى سياسته ودعت إلى ضرورة إلغاء المعاهدة وإلى الجهاد المسلح وإلى التنبؤ بثورة للجيش .

ثم التقيا في الهجوم على محاولات ضم مصر إلى الأحلاف العسكرية وحذروا الحكومة والأحزاب من مشروع الدفاع المشترك وكثفوا الدعوة للكفاح المسلح وبطلان دعوي مواجهة المعسكر الشرقي وكثفوا الدعوة للكفاح المسلح وبطلان دعوي مواجهة المعسكر الشرقي وروسيا والدعوة الدائمة إلى مقاطعة الانجليز وكان بينهما شيئا من التنسيق في حركة الكتائب المسلحة في القناة في أعقاب إلغاء المعاهدة كما اتفقا في أسلوب الهجوم على الوفد .

الحزب وجماعة الإخوان المسلمين :

تأثر مؤسس الحزب فتحي رضوان بالاتجاه الإسلامي إلى حد بعيد منذ بداية حياته السياسية كما كان لهذا الاتجاه دوره في تأسيس مصر الفتاة ممثلا في دور الدكتور عبد الحميد سعيد رئيس جمعية الشباب المسلمين وأحد نواب الحزب الوطني القديم .

ولا شك أن ذلك كان من بين العوامل التي أسهمت في حدوث نوع من التقارب بين الإخوان المسلمين ومصر الفتاة في بداية تأسيسها سنة 1933 وبخاصة أن جماعة الإخوان كانت قد نقلت نشاها من الإسماعيلية إلى القاهرة في هذه السنة كما أن موقف كليهما من الأحزاب السياسية وميلهما إلى النموذج الفردي واتهامهما معا بالميل إلى الفاشية قد فرض عليهما – أحيانا – ضرورة التقارب وقد بدأ ذلك في دعوة البعض لطلب اندماجهما .

لكن مظاهر الوفاق وعوامل الاتفاق برغم ذلك لم يكن يقدر لها أن تستمر طويلا وذلك بسبب ما بدا على مؤسس مصر الفتاة من غلو قومي وميل إلى الإشتراكية وبشكل يخالف ما تدعو له جماعة الإخوان لذلك تعرض قادة مصر الفتاة لهجوم الإخوان الذين اتهموا أحمد حسين بأنه لا يصلي وأن فتحي رضوان يحارب الصلاة وظلت العلاقة تتردد بين المودة والتقارب والسكون فقد التقوا في موقف العارضة لمعاهدة 1936 ثم في محور عزيز المصري والقصر قبيل الحرب العالمية الثانية واستمر التقارب بين فتحي رضوان والجماعة حتى أعلن عن تأسيس الحزب الوطني الجديد وقد عبر عن هذا التقارب عقب قيامه بزيارة المقر العام لجماعة الإخوان فأثني على الجماعة وعلى القائمين عليها وتتنبأ بأن صوتهم سيعلو وامتدح مشروعاتهم الاجتماعية كالمستوصف المجاني والصيدلية ومقر الشركة معاملات إسلامية أصبحت تملك لوريات نقل وثلاثة ملاعب رياضية في القاهرة وذكر معلقا بأن ذلك أثلج صدره وأنه صورة لما ينبغي أن تكون عليه الأحزاب السياسية المصرية جميعا وأكد أنه من أصدقاء هذه الحركة ومن المعجبين بها وتمني أن يكون لهم برنامج تثقيفي يبصر ابتاعهم بما يدور في الدنيا .

واتفقت جماعة الإخوان مع اتجاه الحزب الداعي إلى عرض القضية المصرية على مجلس الأمن ووقف المفاوضات الدائرة في مصر كما شاركت في الإضراب الذي أعلن عنه في 7 يونية سنة 1946 .

وفي أعقاب صدور قرار النقراشي رئيس الوزراء السعدي بحل جماعة الإخوان المسلمين في ديسمبر سنة 1948 أعلن فتحي رضوان احتجاج حزبه على هذا القرار وأصدر منشورا سريا – يحمل توقيعه وبسبب توقف صحيفة الحزب ورفض الصحف الأخرى نشره – أعلن فيه هذا الاحتجاج وفتح الحزب أبوابه لقادة الجماعة لاستقبال أنصارهم فيه بعد إغلاق مقرهم نتيجة لقرار الحل . وقد ذكر فتحي رضوان أن محادثات قد دارت بينه وبين الشيخ حسن البنا المرشد العام للجماعة في هذه الفترة حول اندماج التنظيمين حيث يتولي فتحي رضوان إدارة النشاط السياسي في حين يتولي قادة الإخوان متابعة الدعوة الدينية لكن اغتيال البنا في فبراير سنة 1949 قد أبعد هذه الفكرة .

وعبرت جريدة اللواء الجديد عن قرار حل الجماعة بأنه يؤكد أن الدستور قد امتهن امتهانا مباشرا وأن الذي وقع عليه قرار الحل بالفعل هو حق المصريين في تأليف هيئات سياسية لا ترضي عنها الحكومة أو تناصب الحكومة العداء وأبدت الجريدة دهشتها لموقف الحكومة من الجماعة فقالت " لم نكن نظن أن مطاردة الإخوان ستصل إلى ما وصلت إليه بلا مبرر" وأكد المقال أن " الدفاع عن مبادئ الإخوان الوطنية دفاع عن كل ما نؤمن به "

ووجه الحزب نقدا للحكومة الوفدية لتراجعها عن الاتفاق مع جماعة الإخوان المسلمين بشأن إعادة الجماعة كجمعية دينية وتسجيل قسم للثقافة العامة بها واشترك الحزب مع الجماعة ومع الحزب الإشتراكي في الدعوة إلى اعتبار يوم 11 يوليو – وهو ذكري يوم إضراب عام كتعبير عن التحالف ضد الحكومة الوفدية واشتراكا سويا ( الحزب والجماعة ) في لهجوم على الوزارة الوفدية وسياستها فهاجمت جريدة الإخوان مظاهر الاستبداد لحكومة الوفد وأعلنت رفضها – مثقفة مع الحزب – لمشروع الدفاع المشترك .

وفي أعقاب إلغاء معاهدة سنة 1936 أعلنت جماعة الإخوان عن عدم ثقتها في نية الحكومة الوفدية وطالبت بإباحة حمل السلاح وقطع العلاقات مع انجلترا ومحاربة مظاهر الفساد ورفضها للعودة إلى أسلوب التفاوض وتوحيد فصائل الجهاد في الكتائب الوطنية وكانت في كل هذه الجوانب متفقة مع ما نادي به الحزب الوطني الجديد.

ومع أن الحزب قد بارك وحدة الصفوف ودعا إلى تقويتها والعمل على استمرارها إلا أنه قد أدرك اتجاه جماعة الإخوان في العمل وحدهم في كتائب التحرير وهو أمر دعاه لوصف المرشد العام للإخوان حسن الهضيبي باللامبالاة على أثر الاجتماع الذي عقد بين كل الهيئات والذي وجه فيه الهضيبي سؤالا للمجتمعين " ما هو الكفاح الذي دعوتمونا لتنظيمه ؟"

على أن ذلك لم يقف أمام استمرار تقارب الجانبين حيث اتفقا في الترحيب والتأييد للدكتور مصدق وحركته في غيران كما واصلوا الدعوة لاستمرار الكفاح المسلح وتدعيمه في الفتاة وكذلك الهجوم المتصل على الحكومة الوفدية .

الحزب والتنظيمات اليسارية

تضمنت مبادئ الحزب الوطني الجديد إلى جانب فكرة وأسلوبه السياسي الكثير من الجوانب التي تدعم التقارب بينه وبين التنظيمات اليسارية فقد تضمن برنامجه الدعوة إلى " أن الدولة يجب أن تخول حق تأميم ما تراه من المرافق ومصادرة الثروة طبقا لمقتضيات الظروف الاقتصادية ولحماية الثروات القومية من الاستغلال الأجنبي مقابل تعويض عادل " كما كان الحزب من أسبق القوي السياسية الداعية إلى تحديد الملكية الزراعية , وهي أمور دعت بعض الكتاب لأن يعتبروا الحزب من القوي ذات التوجهات الإشتراكية .

وقد دأبت جريدة الحزب اللواء الجديد " منذ بداية صدورها على الدعوة لمناصرة الطبقات الكادحة والحد من استبداد كبار الملاك الذين يسيطرون على موارد البلاد وأحزابها السياسية الحاكمة وكانت تعتبر أن المفتاح ضد هذه الفئة لا يقل عن كفاحها ضد المستعمر على أن انتماء رجال الحزب اجتماعيا , حيث كان أغلبهم من أبناء الطبقة البورجوازية قد جعل توجهاتهم السياسية أكثر من دورهم الاجتماعي وكان ذلك هو الجانب الذي أوجد الخلاف بين أسلوب التنظيمات اليسارية .

وقد تضم الحزب الوطني الجديد بين أعضائه بعضا من أصحاب التوجهات اليسارية ومن أبرز هؤلاء سعد الدين كامل ابن أخت رئيس الحزب فتحي رضوان الذي انضم إلى إحدى الجماعات اليسارية مع احتفاظه بعضويته في الحزب وقد كتب سعد الدين كامل عدة مقالات في اللواء الجديد عن القضاء في روسيا السوفيتية وعرضه بشكل نظري ثم أوضح إلى أى حد يراعي هذا النظام حقوق الفئات العاملة .

أما في الميدان السياسي فقد توافق موقف الحزب مع هذه الجبهة في كثير من الجوانب فقد أصدر الحزب بيانا أعلن فيه تأييده لبيان الجبهة الإشتراكية التي طالبت فيه بتأليف وفد مصر يحمل توكيلات من أفراد الشعب لعرض القضية المصرية على مجلس الأمن الدولي وأكد بيان الشعب لعرض القضية على مجلس الأمن الدولي وأكد بيان الحزب أن هيئة الأمم المتحدة تجيز الاتصال بهيئات غير حكومية وأن الوفد الشعبي خير ممثل لمصر ويستطيع أن يتصل بالدول والشعوب الصديقة والاستفادة بمعونتها ويقصد بذلك روسيا في عرض القضية المصرية علي مجلس الأمن .

ومع ذلك فقد تعرض الحزب الوطني الجديد لهجوم بعض اليساريين على الرغم من الاتفاق في مواقف كليهما تجاه بعض القضايا فقد توافق موقف الحزب مع المنظمات اليسارية في استنكار فصل العمال في شركة ترام القاهرة وكذلك في استنكار حادث الاعتداء على كنيسة الزقازيق والدعوة إلى وحدة المسلمين والأقباط ومهاجمة حكومة النقراشي وسياسة المفاوضات مع الانجليز بشكل عام .

إلا أن جريدة " الجماهير " اليسارية قد دعت إلى أن تحالف العمال والوفد يعتبر شرطا أسياسيا لتحقيق الديمقراطية وشنت هجوما على من أسمتهم أصحاب التوجهات الفاشستية وخصت أحمد حسين وحزبه الاشتراكي معلنة اعتراضها على مساعيه في الهيئة الدولية لعرض القضية المصرية لأنه – كما وصفته الجماهير – صديق الاستعمار الانجلو أمريكي وكذلك هاجمت جماعة الإخوان المسلمين والحزب الوطني الجديد بزعامة فتحي رضوان واعتبرت أن كفاحها ضد الفاشستية يعتبر جزءا من كفاحها ضد الاستعمار.

وواصلت " الجماهير " هجومها على الحزب الوطني الجديد وذكرت أنه من " العناصر الفاشية التي يلجأ إليها الاستعمار لتنفيذ خططه فيسمح الاستعمار الأمريكي بمزاولة نشاطها لتضليل الشعوب تحت ستار الدين أو الوطنية المتطرفة ودعت الجريدة شباب الحزب الوطني إلى " التحرر من زعمائه الذين تخلوا عن مبدئ مصطفي كامل وأن تنضم إلى جبهة الكفاح الشعبي الصلب "

ومع ذلك فقد واصل الحزب الوطني الجديد تأييده للقضايا الإشتراكية التي تعبر عما احتوته بعض مبادئه فعلي أثر قيام الحكومة بطرد بعض الطلاب السودانيين من مصر إلى السودان بحجة نشاطهم الشيوعي هاجم الحزب موقف الحكومة وقال أن ذلك يزيد من الهوة بين الحكومة والشعب وأن مصر محكومة – رغم أنفيها – بطائفة من الحكام لا يفعلون إلا أن يحموا أنفسهم ويصونوا مصالحهم وحدها كما هاجم مظاهر البزخ التي تبدو في حفلات المجتمع الراقي .

وقد أسهمت مواقف اللواء الجديد في دعوة التقارب بين الحزب وبعض المنظمات اليسارية فاعتبرت جريدة " الملايين " الناطقة باسم " الجبهة الديمقراطية للتحرر الوطني " وهي احدي هذه المنظمات فتحي رضوان من رؤساء تحرير الصحف الأحرار ونقلت على صفحاتها خطبته في رؤساء تحرير الصحف والصحفيين في نادي اللجنة العليا لشباب الحزب الوطني التي أعلن فيها رفضه لمشروع الدفاع المشترك .

وعلى أثر نشر وثيقة تتهم رئيس الوزارة الوفدية مصطفى النحاس بأنه مد يده للروس وإعلان النحاس رفضه لهذه الوثيقة علقت جريدة الحزب بأنه " صادق لأنه لا يمد يده للإنجليز وأنه خادم النظام الإقطاعي الرأسمالي وأن أولياءه عبود وفرغلي واندراوس والنقيب ".

وأعلنت اللواء الجديد ضيفا من " إعلان عميد كلية التجارة عن أن الخطر الذي يتهدد البلاد هو تسرب الخطر الشيوعي " وقالت أن الخطر الذي يتهدد البلاد هو تسرب الخطر الشوعيي " وقالت أن الخطر هو الاحتلال البريطاني ونشرت مقالا لسيد قطب رفض فيه أن يكون الخطر الشيوعي أهم وأخطر من الاستعمار البريطاني وإن كان قد تقمن احتقاره للشيوعية لأنها " تزن الإنسان بميزان هابط " لكنه ذكر أن هذا شئ والصراع القومي شئ آخر وأعلن تفضيله للجبهة الشرقية على الجبهة الغربية وأنه يرفض الارتباط بأمريكا ويحتقر دعاتها .

ونشرت جريدة " الملايين " مقالا لفتحي رضوان رئيس الحزب هاجم فيه الحكومة الوفدية واتهمها بأنها سبيل الانجليز للسيطرة على الشعب وآخر بمناسبة ذكر ضرب الإسكندرية ( 11 مايو) وحين هاجمت هذه الجريدة الأحزاب غير الماركسية واتهمتها بأنها ولا تنهج نهجا علميا أعلنت أنها لا تقصد أحمد حسين ولا فتحي رضوان ولا حتى الإخوان المسلمين ووصفتهم بالعناصر الثائرة .

وحين أعلن الحزب الوطني رفضه لمشروع النقطة الرباعية الأمريكي وما يسوقه من سعيه لرفع مستوي معيشة البلاد الخاضعة للاستعمار الغبي لوقايتها من الخطر الشيوعي أكد الحزب أن الاتجاه إلى الاتحاد السوفيتي والنجاح الشيوع في الشرق والغرب ليس مرجعه فقر هذه البلاد وإنما يرجع إلى غيمان هذه الشعوب بأن الاستعمار الغربي هو الذي قضي على حريتهم السياسية .

وقد استجاب الحزب لمطلب المنظمات اليسارية بتكوين جبهة تضم التنظيمات الثورية والوطنية والتي ضمت الحزب الإشتراكي والإخوان المسلمين وأنصار السلام ومنظمات العمال .

وعلقت اللواء الجديد على مشروع تقييد الصحافة التي كانت الحكومة الوفدية تدرس إقراره بأن القصد من ورائه هو الحفاظ على النظام الاجتماعي واستمرار تسلط الإقطاع وبقاء الطبقات المهضومة كما هي وذكرت أن الحكومة بمسلك رجالها هي التي تعرض النظام الاجتماعي للدمار حيث يقيم رجالها في القصور الشاهقة على مرأي من شعب ينام في الأكواخ وتفرض الضرائب على الكادحين لصالح القلة الغنية وأنه لا سبيل إلا بحل الأمور بشكل عادل .

وذكرت " الملاين " أن الأمريكيين قد قاموا بالاتصال ببعض الشخصيات المصري في محاولة لتأسيس حزب سياسي جديد وأنه من بين هذه الشخصيات فتحي رضوان رئيس الحزب الوطني الجديد الذي بذلت عدة محاولات للإتصال به لكنه " رفض بإباء ولقن المصريين أمام الأمريكيين درسا قاسيا في الوطنية " ثم نقلت عنه مطالبته بتوثيق العلاقات التجارية مع الاتحاد السوفيتي وعقد مواثيق صداقة مع البلاد التي تعطف على قضية الشعب المصري .

وكتبت اللواء الجديد عن إلغاء الإقطاع في الهند على يد " جواهر لال نهرو" وتسلم الحكومة أملاك ثمانية آلاف وستمائة أقطاعي وأنه جاري تطبيقه على إقطاعيات أخري وأن الحكومة ستدفع لهم تعويضا على خمسة عشر قسطا وأعربت عن تمنياتها بزوال الإقطاع من مصر واستبعدت أن يتم ذلك على يد وزير المالية الإقطاعي سراج الدين .

وقد لعب الحزب الوطني الجديد دورا بارزا في تأسيس حركة أنصار السلام التي تحسب على الحركة الشيوعية حيث انضم إليها سعد الدين كامل المحامي أبن أخت رئيس الحزب فتحي رضوان وعضو الحزب, وكذلك يوسف حلمي المحامي عضو الحزب الذي أصبح سكرتيرها العام ثم انضم إليها فتحي رضوان نفسه بعد ذلك وأصبح تقصير الحزب في سياستها واضحا من خلال أعضائه الذين اشتركوا فيها .

وعلى الرغم من وجود كثير من جوانب الاتفاق بين الحزب الوطني الجديد وبين الحزب الشيوعي المصري والتي تبدد في برنامج الحزبيين إلا أن اتجاه الحزب الشيوعي وأسلوبه في معالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية كانت تختلف عن أسلوب الكفاح المسلح ضد الانجليز في القناة في أعقاب الغاء معاهدة 1936 واعتبر أن المعركة الحقيقية ليست في القناة وإنما هي في الداخل وتتمثل في مواجهة النظام الرجعي والطبقات الرجعية .

وهكذا يبدو أن ملامح اللقاء التي بدت على ساحة الأحداث السياسية طوال فترة وجود الحزب الوطني الجديد بينه وبين المنظمات اليسارية والتي بدت بنسب متفاوتة كان الأساس فيها لوحدة الأسلوب لا لوحدة المبادئ برغم التوجهات الإشتراكية التي سعي الحزب لتأكيدها .

الحزب والجيش :

أولت جريدة الحزب الجديد قضايا الجيش اهتماما خاصا فقد بدأتها بالإشارة بدور الجيش في معركة الفالوجا وما تعرض له وشبهتها بمعركة ستا لينجراد من حيث البطولة والشجاعة كما أيدت فكرة الداعيين إلى إنشاء جيش مصري من ربع مليون جندي مع أسطول بحري وسلاح جوي , وقال " أن معركة الفالوجا ستصبح حجر الأساس في بناء الدولة الجديدة كما نحلم بها " كما أكدت في مقال آخر أن " الجيش هو عمود الأمة الفقري " " وأن مشاكل الأمة لن تحل إلا ببعث الجيش الجدير بمصر " ودعت إلى ضروري إقامة صناعات حربية دون الاعتماد على بلاد أخري في تسليحه لأن إسرائيل تستعد لجولة ثانية .

وحين أقدمت الحكومة الوفدية على العادة " عثمان المهدي " الذي قاد الجيش المصري في حرب فلسطين بعد إقالته انتقدت جريدة الحزب هذا الأمر واتهمت الحكومة بالتقصير لعدم محاكمته عن أخطائه في الحرب التي أودت بأرواح الكثير من الشهداء " الذين فقدناهم نتيجة الخطأ والجهل والانحناء لكل كلمة " و" والمال الذي فقدناه والأسلحة التي بددناها وكرامة مصر التي أهدرت بسبب جهل حيدر وعثمان كما انتقدت الجريدة ما تردد حول عزم الحكومة على إعداد قانون جديد تحطم به الأقلام التي تعرض قضايا الجيش في الصحافة من غير إذن من وزير الحربية وقالت أن " على الحكومة التي تدعي أنها جاءت بإرادة الشعب أن تستغل هذا في قوانين تلغي حرية الصحافة , وهاجمت الحكومة بسبب منعها نشر مذكرات فؤاد صاد باشا وقالت أن الحكومة كانت تملل بحجة الحرب مع إسرائيل فإن إسرائيل تعرف الخطة وكذلك السلاح لأنه يشتري من الخارج وتعرف أن جنودنا غير مدربين ونشرت في نفس العدد مقالا مثيرا بعنوان " جيش الوطنيين يبدأ حملة التحرير " صورت فيه أسلوب الكفاح الثوري في ابرلندا على يد ديفاليرا زعيم الثورة الإيرلندية .

وساندت جريدة الحزب القائمقام إمام إبراهيم الذي قدم تقريرا تناول فيه بعض جوانب الفساد في الجيس إلى حيدر باشا مما أدي إلى نقله إلى أسوان ثم تخطيه في الترقية .

كما وقفت إلى جانب شكوي الضباط العظام التي قدموها إلى حيدر باشا لتفريقه بين خريجي كلية أركان الحرب وبين خريجي مدرسة الضباط العظام في الترقيات , ومطالبة الضباط به إعادة دراسة هذه السياسة التي وصفتها بأنها سياسة مرتجلة .

وأعلنت الجريدة اعتراضها على ما ذكره " ايدن " وزير خارجية بريطانيا من أن الجيش المصري أكثر سكان مصر حبا للسلام والمودة والصداقة مع الانجليز , وذكرت أن الجيش لو وضع في يده سلاح من الدرجة الثانية وتولي قيادته ضباط شبان لعرفت انجلترا عكس ذلك ولعرفت الصراخ والعويل.

الفصل الرابع: رؤي الحب ومواقفه الاجتماعية

الجذور الاجتماعية – فئات المجتمع المصري: عمال – فلاحون – موظفون – طلاب

الجذور الاجتماعية

تستوجب معالجة موقف الحزب من فئات المجتمع المصري التعرف على الأصول الاجتماعية لمؤسسيه , فعن رئيس الحزب فتحي رضوان فهو من مواليد 14 مايو سنة 1911 بالمناي لكن موطن أسرته الحقيقي هو بلدة " المنير " من أعمال مركز بلبليس شرقية . وكان جده لأبيه ضابطا بالجيش التركي , اتخذ " المنير " مقرا بعد أن أحيل إلى التقاعد وهناك ولد والد فتحي , وتخرج والده من مدرسة المهندسخانة , ثم التحق بالعمل في الأشغال العامة والري وتدرج في الوظائف من مهندس ري بالوجه القبلي ثم وكيلا لتفتش الري, وقد ورث عن أبيه خمسة وعشرين فدانا في زمام بلدة " الخيس " شرقية ويعد بهذا من متوسطي الملاك .

انتقل فتحي رضوان صغيرا مع أسرته إلى القاهرة وبدأ تعليمه الابتدائي في مدرسة محمد على الابتدائية بالسيدة زينب , ثم التحق بمدرسة أسيوط الثانوية بعد انتقال والده إليها , واستكمل تعليمه الثانوي بمدرسة بني سويف الثانوية التي انتقل الوالد إليها بعد أسيوط حيث حصل فتحي رضوان على شهادة البكالويريا سنة 1929 . ثم التحق بمدرسة الحقوق وتخرج منها سنة 1933 وقيد منذ تخرجه بنقابة المحامين وإن لم يفتح مكتبا مستقلا يزاول منه المحاماة إلى سنة 1936.

وبعد أن أسس الحزب الوطني الجديد سنة 1944 ظل رئيسه إلى جانب مهنة المحاماة , وبعد قيام ثورة سنة 1952 تولي وزارة الإرشاد في سبتمبر سنة 1952 ثم وزيرا للدولة , ثم وزيرا للمواصلات وقد أشرف خلال هذه المدة على بعض دور الصحف الحكومية وكذلك الإذاعة ثم عين بعد تركه الوزارة عضوا بمجلس ا\إدارة البنك المركزي المصري منذ سنة 1959 وكان قد نجح في انتخابات مجلس الأمة عن دائرة مصر الجديدة في هذا التاريخ وظل في وظيفة البنك حتى النهاية السبعينات حتى تقاعد بكبر السن لكنه ظل يزاول المحاماة والكتابة في الصحف بشكل منتظم تقريبا حتى وفاته في أوائل أكتوبر سنة 1988.

أما الدكتور نور الدين طراف الرجل الثاني في الحزب فهو ابن على بك طراف من بلدة " دمشير " بمديرية المنيا وينتمي لأسرة تنتمي في أغلبها إلى فئة كبار الملاك والبعض منها من متوسطي الملاك , وقد كان في حوزة أبيه مائتا فدان , وبعد وفاته وزعت عليه وإخوته فكان نصيبه تسعة وعشرون فدانا أما أخوه الأكبر فتولي إدارة مصلحة السكك الحديدية ثم وزارة المواصلات , وكانت ثروته تزيد على نور الدين حيث أنه من الذين خضعوا لقانون الاصلاح الزراعي .

تعرف الدكتور نور الدين طراف على فتحي رضوان أثناء الدعوة لمؤتمر الطلبة الشرقيين , ثم اشتركا سويا في جماعة مصر الفتاة ويبدو أنهما ابتعدا عنها في توقيت متقارب حيث عمل الدكتور نور الدين طراف بعد تخرجه من كلية الطب سنة 1937 مديرا لمكتب محمد محمود رئيس الوزراء سنة 1938 وذلك لأن أسرته في الغالب تؤيد حزب الأحرار الدستوريين وفي نفس الفترة كان فتحي رضوان قد ابتعد عن جماعة مصر الفتاة وظلا هكذا حتى التقيا في تأسيس اللجنة العليا لشباب الحزب الوطني في نهاية سنة 1944.

وقد عمل الدكتور نور الدين طراف طبيبا بمركز رعاية الطفل في الجيزة وظل بوزارة الصحة حتى دخل البرلمان سنة 1949 . وعقب قيام ثورة سنة 1952 شغل منصب وزير الشئون البلدية والقروية في وزارة علي ماهر ثم وزيرا الصحة في وزارة محمد نجيب وحتى سنة 1958 ثم عين رئيسا للمجلس التنفيذي بعد إعلان وحدة مصر وسوريا ثم وزيرا للصحة المركزية لدول الوحدة ثم رئيسا لمجلس إدارة البنك الأهلي المصري حتى سنة 1966.

أما بقية الأعضاء المؤسسين فمنهم من تنتمي أسرته إلى فئة كبار الملاك مثل إبراهيم أبو علي ومنهم مجموعة من المحامين مثل محمود الحناوي ومصطفى المنزلاوي ومصطفى مرعي, والبعض عمل في السلك الدبلوماسي مثل الدكتور محمد صبري منصور وفي الغالب يمكن القول بأن المؤسسين للحزب ينتمون إلى البورجوازية المصري .

أما الأعضاء الذين انضموا للحزب فأمكن التعرف على انتماءاتهم الاجتماعية من خلال طلبات لعضوية والتي بلغت حتى سنة 1948 مائتين وخمسين عضوا وهي موجودة لدينا ضمن أوراق الحزب , ويلاحظ أن أغلب المتقدمين من الحرفيين بين كهربائي وسائق وسروجي وحداد واستورجي وترزي وقماش ونقاش وبلغ عددهم أكثر من مائتي عضو وهناك قلة من الموظفين وقلة من الطلاب سبقت الإشارة إليهم .

ومن الملاحظ كذلك أن نسبة كبيرة من المتقدمين لعضوية الحزب من سكان القاهرة وكذلك تضم عددا من الأقباط وفي نفس الوقت لا يوجد بها عنصر نسائي , ولوحظ أيضا تقدم كهربائي يوناني للعضوية , ولا يوجد على الطلب ما يفيد قبوله مع العلم بأن مبادئ الحزب قد حددت أن الحزب يقبل في عضويته من هو مصري أو سوداني فقط .

ويمكن من خلال استعراض الأصول الاجتماعية الاستدلال على مصادر تمويل الحزب التي اقتصرت في أغلبها على أعضائه المؤسسين الذين شكلوا مجلس الإدارة وهو أمر جعلهم يميلون بسلطاتهم في برنامج الحزب إلى المركزية كما يمكن الاستدلاء أيضا على تركز نشاط الحزب في القاهرة ثم في بعض المدن الأخرى الكبرى بشكل محدود وعدم اهتمامه بالأقاليم فضلا عن اهتمامه بقضايا الطبقة العمالية .

الحزب وفئات المجتمع المصري :

على الرغم من أن برنامج الحزب قد أشار إلى تكوين لجان له في الأقاليم إلا أنه – كما سبقت الإشارة – قد جعلها جوازية وليست ضرورية كما أن أغلب الفلاحين كانوا غير قادرين على سداد الاشتراك مهما كان ضئيلا وهو أمر ضيق عليهم فرصة الاشتراك في الأحزاب السياسية .

على أن ذلك لم يكن السبب الرئيسي في إحجام جموع الفلاحين عن الاشتراك في الحياة السياسية – بشكل عام – حيث كان السبب الرئيسي يعود إلى ما كان يعانيه الفلاح من جهل وضعف في مستوي المعيشة كما أن الجذور الاجتماعية لمؤسسي الحزب وهم في مجموعهم ينتمون إلى البورجوازية قد حصرت نشاطهم في أغلبه في لمدن الكبرى دون الأقاليم وأنهم إذا كانوا يعرجون على تناول مشاكل الأقاليم أحيانا فإن ذلك كان يبدو على فترات متباعدة وبشكل نظري في أغلبه ولتأكيد الوجهات والميول الإشتراكية للقائمين على سياسة الحزب .

فحين عرضت جريدة الحزب لأهدافه الداخلية دعت إلى قصر حق التملك للأراضي الزراعية على المصريين وحدهم وتوجيه الإنتاج الزراعي إلى إشباع الحاجيات العامة للمجتمع المصري وإعفاء الملكيات التي تزيد على خمسة أفدنة من الضرائب وتقرير مبدأ التصاعد في الضريبة على ما يزيد على هذا القدر مع مراعاة مبدأ الأعباء العائلية كما دعت إلى خطر تأجير الأراضي الزراعية من الباطن للقضاء على الوساطة بين الملاك والمستأجرين .

ومما يؤكد نظرية الدعوة للعناية بالأقاليم ما كتبه رئيس الحزب فتحي رضوان عن ضرورة الاهتمام بالرياضة في الأقاليم وفتح أندية رياضية فيها وهو يدرك أن ذلك لا يعد ضروريا وملحا إذا ما قورن بمتطلبات الحياة الطبيعية لأغلب سكانها .

على أن الحزب قد تعرض للفوارق الطبقية وهو في معرض هجومه على خصومه السياسيين الذين كانا يسيطرون على الحياة الاقتصادية والسياسية معا فحين تعللت الحكومة الوفدية بعدم قدرتها على سد العجز المالي لتحسين أحوال رغيف العيش اتخذها الحزب وسيلة للهجوم على مظاهر الإسراف والسفر في المؤتمرات وإقامة التمائيل للزعماء وشق الطرق لبيوتهم كما هاجمت صحيفة الحزب رئيس حزب الوفد وأكدت صلته بالانجليز من خلال مصلحته المادية فقالت " أيسقط الاستعمار الذي علم النحاس أن يغسل يده بالعطور قبل الأكل وبعد الأكل, أيسقط الاستعمار الذي وضع في يد النحاس خاتما يفتح ثمنه بيوت المئات أو الألوف من أهل القري الذين يبتون على الطوي ويكتحلون بالعمي ويتعلقون بالأماني الكاذبة .

أما عن موقف الحزب من فئات المجتمع المصري , فنبدأ بتناول موقفه من العمال فقد بادر منذ بداية تأسيسه بالمناداة بمطالبهم فطالب لهم بمكافآت عن مدة الخدمة توازي مرتب شهر عن كل سنة وتعديل القانون المدني بشكل يعطي للعامل الحق في طلب التعويض عن الفصل بلا سبب أو في وقت غير لائق وتعديل القوانين بما يحتم على رب العمل أن يعطي مهلة للعامل قبل فصله على أن يراعي في تحديد هذه المهلة نوع المهنة من حيث ندرتها وكثرتها كما طالب بضرورة حصول العامل على مرتبه طوال مدة مرضه تأسيس نظام تأميني يشترك فيه صاحب العمل والحكومة والعامل والنقابة وضمان مرتب للعامل عند البطالة أو الشيخوخة يكفل له حياة معقولة على أن يوجد نظام تأميني يضمن هذا وتضمنت المطالب وجود المستشفيات المجانية والتوسع في التعليم المجاني الابتدائي والصناعي على أن تؤخذ خبرة الأسطوات في التعليم الصناعي .

وواصلت جريدة الحزب توضيح أهداف الحزب بشأن حقوق العمال فطالبت بتحديد الحد الأدنى للأجور في كافة الصناعات وفي الزراعة وتنظيم نقابات لعمال الزراعة وتحديد ساعات العمل وتأمين العمل ضد المرض والشيخوخة والبطالة وتقرير أجازات سنوية وراحة أسبوعية .

وقد وقف الحزب إلى جانب كثير من قضايا العمال فقد ساند مطالب عمال شركة مصر الجديدة حول إعادة النظر في نظام العمل في قطارات المترو , وهاجم غدارة الشركة لعدم استجابتها لذلك كما طالب بزيادة عدد القطارات وتحديد المسافة بشكل يوائم الظروف المادية الجديدة .

وناصرت صحيفة الحزب مطالب عمال " عينو الحلويات بالإسكندرية " وعملت على طرح شكواهم التي كانوا يتظلمون فيها من أنهم يشتغلون عشر ساعات يوميا بدلا من ثمان ساعات ويحرمون من الإجازات والرعاية الطبية اللازمة وقت العمل وبعد أن حولت شكواهم إلى قسم التحقيقات الذي اتقي مندوبه بصاحب اعمل حفظت الشكوي ثم قام صاحب العمل بطرد خمسة منهم دون أن يتولي مكتب العمل إعادتهم طالبا منهم اللجوء إلى القضاء وأظهرت جريدة الحزب ما يعانيه هؤلاء وما يتعرض له أولادهم من جوع.

كذلك ساند الحزب مطالب نقابة عمال النسيج الميكانيكية بالقاهرة الذين قدموا بها بلاغا إلى النائب العام يطلبون فيه حمايتهم من البوليس السياسي وتحرشه بهم وتدخله بين العمال وبين النقابة تحت حجة الحفاظ على الأمن .

ونشرت جريدة الحزب نص شكوي عمال مصنع " فيلكس وهنري كوهين للنسيج " بفم الخليج ضد إدارة المصنع التي حاولت تخفيض أجورهم فلما رفضوا فصلتهم بعد توقيع الجزاء عليهم وحين أعلن العمال تمسكهم بحقوقهم وتوقفوا عن العمل احتجاجا على تعسف الإدارة إعادتهم إلى العمل في 7 مايو ثم عادت وفصلتهم في 12 مايو مما ألجأ زملاءهم لمصلحة العمل مطالبين بعودتهم وصرف أجورهم.

ووقف الحزب إلى جانب عمال " شركة الكوكاكولا " في شكواهم ضد الشركة التي قامت بفصل نقابة لعمال وأعلن احتجاجه على ذلك وعلى تدخل البوليس الذي حال دون وصل الطعام للعمال المعتصمين .

وأعلن الحزب مساندته لعمال النقل المشترك بالإسكندرية في الشكوى المقدمة منهم بسبب قطع نصف مكافأة وضمان المعتاد صرفها سنويا وقيام البوليس بالقبض عليهم أثناء تشاروهم في أحد القهاوي .

وباركت جريدة الحزب اللواء الجديد إنشاء هيئة عمالية جديدة لبائعي وموزعي الصحف بالقاهرة وضواحيها ونشرت أنباء الاجتماع الأول لهذه الهيئة آملة أن تنتهي من تأسيس نقابة تدافع عن مصالحهم .

أما عن موقف الحزب من قضايا الفلاحين فقد سارع بإعلان أهدافه تجاههم فطالب بتوزيع أراضي الحكومة وما يستصلح من أراضي الصحراء على الفلاحين بمتوسط خمسة أفدنة لكل فلاح وذلك لإيجاد طبقة من المصريين وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر بحيث تضمن للمستأجر ربحا كافيا وأن تلزم الحكومة أصحاب المزارع الكبيرة ببناء المساكن الصحية لفلاحيهم وتقوم على نفقتها بتعميم القرى النموذجية في جميع أنحاء الريف وإنشاء الطلمبات في كل قرية حتى توجد المياه الصالحة للشرب وإنشاء وحدة صحية زراعية في كل قرية تحتوي على طبيب ومهندس زراعي وصيدلي والعناية بالتعليم المجاني حتى يدرك الفلاح حقوقه وواجباته وطالب الحزب كذلك بالعمل على نشر الجمعيات التعاونية بكل قرية ويكون من اختصاصها معاونة الفلاح على استخدام الآلات الزراعية الحديثة وفرض الضرائب التصاعدية على الملكيات الكبيرة مع رفع الضرائب عن كاهل المالك الذي لا يملك أكثر من فدانين وتحريم الملكية العقارية على الأجانب والعمل على شراء الأراضي المملوكة الجانب وتوزيعها على الفلاحين .

وتعرضت جريدة الحزب لكثير من جوانب ما يعانيه الفلاح وحددت بشكل واضح ان مشكلته هي الأرض , وأن مرضه وجهله يرجعان إلى فقرة الذي ينحصر سببه في سوء توزيع الثروة الزراعية وفوضي الإنتاج الزراعي وأن العلاج الجدي لهذه المشكلة هو أن ترد الأرض إلى الفلاح وان يرجع إليه ثمار عمله , ولن يكون ذلك إلا بتحديد ملكية الزراعية وتنظيم الإنتاج الزراعي وحمايته كما دعت إلى الحد من النفوذ الأجنبي أو القضاء عليه لأنه " أساس البلاء " وأنه لابد من إقامة شركات مساهمة مصرية للأرض الزراعية .

ثم أعربت الجريدة بشكل محدد أن الطريق الحقيقي إلى الإصلاح يتلخص في أمر واحد لا سبيل إلى إنكاره وهو تغيير أسس النظام الاقتصادي والاجتماعي في مصر تغييرا شاملا يعدل العلاقة القائمة بين مالك الأرض والإجراء الزراعيين وذكرت أن معظم الفلاحين أجراء لا يملكون فيها شبرا واحدا ومصر لا تزال تعيش على أسس النظام الإقطاعي الذي لا يصلح اليوم أن يكون أساسا لمجتمع صحيح وأوضحت أن الذين يملكون فدانا فأقل يبلغ عددهم 1,874,715 وهم ثلاث أرباع الملاك وهم لا يملكون سوي 12 % من مجموع الأراضي المنزرعة والذين يملكون مائة فدان فأكثر يبلع تشريعيه جديدة تتناوله بالتغيير هذه الملكيات الكبيرة وكل ما يختص بالعلاقة بين مالك الأرض والعامل الزراعي .

وأفسحت الجريدة صفحاتها لشكاوي الفلاحين وطالبت بتأييدها فنشرت شكوى أحد الفلاحين من رفع الحكومة للأموال الأميرية وزيادة ثمن السماد وقالت معلقة أن ذلك يسهم في زيادة كسب التجار على حساب الفلاح المعدم .

وحين قام أحد كبار الملاك وهو عبد العزيز البدراوي بالاعتداء على الفلاحين الذين يعملون في أرضه في نبروه وبهوت وأطلق النار عليهم فقتل أحدهم حملت جريدة الحزب عليه حملة شديدة وحثت جماهير الفلاحين بالثورة على هذا الطغيان , وقد وجهت النيابة لكاتب المقال " سيد قطب " تهمة التحريض على الثورة ضد كبار الملاك .

كما حملت جريدة الحزب على الحكومة بسبب رفض واحد المسئولين رش المبيدات لمقاومة مرض الملاريا المنتشر بين الفلاحين بحجة أن ذلك يضر " الخرفان " وطالبت بتحويل المسئول عن هذا الأمر إلى المحاكمة .

ووقف الحزب إلى جانب الفلاحين الذين أعلنوا شكواهم من ظلم أحد كبار الملاك وهو عبد اللطيف طلعت باشا في دائرة أجا وطالبت الحكومة بأن تسعي إلى تحديد سعر معقول للأرض وتحريم طرد المستأجر ما دام يؤدي الأجرة وعدم تحمل الفلاح للخسارة الناجمة عن الغرق أو الآفات الزراعية أو من أى من الأسباب الخارجة عن إرادته .

ومن بين الفئات التي تعرض الحزب لمساندة قضاياها الموظفين فاستعرض الحزب تاريخهم والقوانين المنظمة لأمورهم في مصر مع ضرب نماذج لذلك عرض مقترحات ذكر فيها " لا نري مندوحة في مصر لعلاج أسلوب التعيين في الوظائف لعمومية من الأخذ بنظام المسابقة واتخاذه أساسا لتقلد الوظائف العمومية مع تنويع الامتحان بحسب طبيعة الوظائف المراد شغلها وفي سبيل الترقي يبدو لنا أن سبيل الإصلاح الأول هو تقييد سلطة مجلس الوزراء في الاستثناء وإنشاء مجلس شبيه بمجلس الدولة لبحث المظالم على أن يون العزل سببا ومن القضاء وإلزام مجلس الوزراء شخصيا بالتعويض إذا أغفلوا حكم القانون في استعمال حق الفصل .

وساند الحزب إضراب الأطباء النواب والامتياز احتجاجا على عدم إجابة مطالبهم التي أيدتها نقابتهم وألقت باللائمة على الحكومة واتهمتها بالغفلة عن تطبيق أى نوع من العدالة .

كما أيد شكوى موظفي بنك مصر الذين لم يحصلوا على حقوقهم من مكافآت وعلاوات بقدر جهدهم وأن كبار الموظفين يحصلون على أكبر قدر منها وكذلك ساند مطالب رجال البوليس الذين يعملون بإدارة تحقيق الشخصية وطالب بوضع كادر لهم أسوة بغيرهم ووضعهم على درجات .

ونشرت جريدة الحزب شكوى أحمد أفندي حلمي الموظف السابق بالجمعية الزراعية الملكية حيث فصلته الجمعية من عمله بعد أن أمضي به سبعة عشر عاما وذلك لتوقيعه على برقية رفعت من موظفي الجمعية إلى جلالة الملك في يونيو سنة 1950 يطلبون فيها تطبيق إعانة الغلاء وأعلنت أنه قرر الصيام حتى يعود إلى عمله أو يموت .

ولم يحظ الطلاب بعناية من الحزب رغم أن الحزب كان تنظيما شبابيا بل إن الحزب لم يدافع عن الطلاب في الحملة التي شنتها بعض الصحف عليهم حيث رأي أن هذه الحملة رغم الافتئات والغلو فيها على الطلاب إلا أنها ليست ظالمة كلية واقتصرت المساندة على الدعوة لتحرر اتحادات الطلاب في الكليات واختيار ممثليهم بانتخابات حرة .

كما اقتصر موقف الحزب من قضية المرأة على المطالبة بالالتزام بالتشريع الإسلامي الذي يلزم بحجاب المرأة جاءت هذه الدعوة في معرض انتقاد جريدة الحزب لظاهرة الفساد في المصايف ولم تعثر في أوراق الحزب على وجود عناصر نسائية أو اهتمام بالتنظيم النسائي وحتى طلبت بعض الفتيات الاشتراك في كتائب التحرير كممرضات أعرض الحزب عن قبولهن وحفظ الطلب .

وتصدرت جريدة الحزب لبعض الظواهر الاجتماعية كظاهرة التسول في القاهرة حيث طالبت علماء الاجتماع بدراستها وكذلك ظاهرة محاكمة الأحداث وعدم الاهتمام بتهذيبهم وأرجعت كل هذه الظواهر إلى سوء توزيع الثروة القومية .

خاتمة

لا شك أن هذه الدراسة تؤكد أن قيام العديد من التنظيمات السياسية في مصر في نهاية العقد الثالث وخلال العقدين الرابع والخامس من هذا القرن كان نتيجة لإخفاق النظام الديمقراطي الليبرالي في تحقيق العدالة الاجتماعية التي عاني الشعب المصري منها طويلا ودفع بسببها الكثير من الشهداء إبان ثورة 1919 وكذلك فشل هذا النظام في تحقيق الأهداف السياسية الوطنية وأن كل ما كان يعتبره عنها في الميدان السياسي وهو دستور سنة 1923 والذي حاول أن يتخذ منه وسيلة للتدليل على نجاحه ولدوام استمراره ما كان إلا غنما خاصا حاول به ومن خلاله تثبيت النظام الاجتماعي القائم وحماية مصلحة وبالتالي فإن هذا الدستور لم يكن كسبا قوميا وبخاصة أنه قد خلا في كل بنوده من حقوق الفئات الكادحة وكان ثورة هذه الفئات سنة 1919 قد استثمرتها الفئة المسيطرة بمساندة الاحتلال وكان استمرارها بهذا يعتبر استمرار للظلم الاجتماعي .

كما سهمت الفئة المسيطرة وساندها الاحتلال أيضا في فتح البلاد لعديد من التيارات الحضارية الوافدة من أوربا والتي حملت في طياتها وبحكم طبيعتها عداء شديدا للدين الذي كان له تأثير كبير على كثير من قطاعات الشعب المصري فرأت هذه القطاعات أن في هذا اعتداء على هويتها الدينية التي ظلت طويلا مقرونة بهويتها القومية وحاول المثقفون من أبناء التيار الإسلامي الرد على هذا الاعتداء وانطوي ردهم على الرفض الكامل لك ما هو وافد دون تمييز وإذا كانوا بهذا قد دللوا لدي البعض عن أن الرفض نابع من عدم القدرة على فهم المعطيات الحضارية , فإن ذلك عند البعض الآخر يعني في بعض جوانبه رفضا لكل ما هو غربي لإدراكهم مدي كرهه وعدوانه على كيانهم القومي .

من هنا فإن قيام الكثير من التنظيمات السياسية التي تدعو للنموذج الفردي كانت تعبر عن رفضها للنموذج الديمقراطي الزائف المؤيد من الاحتلال , وتعبر عن إعجابها بما حققته ألمانيا وايطاليا من انتصارات على المعسكر الليبرالي في الساحة الأوربية . وكذلك كانت في دعوتها للمبادئ الإشتراكية تعبر عن مطالب العدل الاجتماعي المفتقدة وفي دعوتها للاتجاه الإسلامي حيث رأت أن الدفاع عنه يعتبر دفاعا عن الهوية القومية التي حاول الغرب – مستعلا تقدمه الحضاري – أن يهدرها .

وكأن الحزب الوطني الجديد بهذا وفي دعوته للنموذج الفردي أو الملكي الدستوري وللاشتراكية الإسلامية إفراز طبيعي لمطالب وطنية ولفئة أو لطائفة ثائرة تمثل أغلب المجتمع المصري .

على أنه إذا كانت الجذور الاجتماعية للمجموعة المؤسسة لهذا الحزب قد لعبت دورا في تحديد نشاط هذا الحزب في إطار المدينة لا القرية وانحاز مؤيديها في بعض الموظفين والحرفيين لا الفلاحين فإن مرد ذلك لا يرجع إلى فشل هذه المجموعة بقدر ما يرجع إلى طبيعة النظام الاجتماعي القائم الذي جعل الفلاحين في أغلبهم يخضعون باسم لقمة العيش – للفئة المسيطرة المراد الثورة عليها ولا يستطيعون الاشتراك في العمل السياسي لعدم قدرتهم المالية من جانب ولجهلهم من جانب آخر .

وقد فرضت هذه الظروف على كثير من التنظيمات السياسية ومن بينها هذا الحزب – أن تركز جهودها الوطنية في محاربة الفئة المسيطرة الباغية وكذلك الاحتلال المساند لها كخطوة رئيسية تحقق الاستقلال الوطني وتنسيق الإصلاح الاجتماعي بل إن موقف هذا الحزب – لمعالجة القضايا الاجتماعية من خلال منظور اشتراكي كان وسيلة لمهاجمة الفئة المسيطرة القابعة على رأس النظام الاجتماعي والسياسي أكثر من الإخلاص لهذا المنظور أو حتى لتطبيق العدل الاجتماعي .

وإذا كان الشكل الظاهري والقانوني هو الذي يدعونا لأن نعتبر هذا الحزب حزبا إلا أن الحقيقة تؤكد بأنها مجموعة مصرية ثائرة نجحت في تملك صحيفة وجمعت بعض الأنصار وراحت تعبر عن رأيها كوال السنوات التسع وجد فيها تنظيمهم ومع ذلك فهي كما قلت – كانت افراز طبيعيا لمطالب الشعب المصري الاجتماعية والوطنية .

تم بحمد الله

ملاحق الكتاب

برنامج الحزب الوطني الجديد

أولا – في المبادئ

1- نحن نؤمن بأنه يجب أن تكون غاية كل مصري أن يحرر وادي النيل من كل قيد يحد من سيادته أو إرادته أو وحدته . وأن يعمل على إلغاء وإزالة كل المعاهدات والاتفاقات والقوانين الدولية والثنائية والداخلية التي تتنافي مع حرية وادي النيل أو وحدته أو سيادته .

2- ونحن نؤمن بأن أبناء وادي النيل هم الذين سيحررونه من جيوش الاحتلال ومن المعاهدات التي فرضت عليه بالقوة والإكراه أو بالخديعة والخيانة .

3- ونحن نؤمن بأنهم لن ينجحوا في تحقيق هذه الغاية إلا إذا اتحدوا عندها وآمنوا بقضية الكفاح والتضحية ... وتسلحوا روحيا وماديا وقضوا على الدعوة للمهادنة أو اعتبار المفاوضة سبيل الاستقلال .

4- لذلك نحن نتعهد بأن نعمل لتقوم التربية الوطنية على الأسس التي وضعها مصطفى كامل مؤسس الحزب الوطني كما نطلب أن تكون جميع وسائل التربية والتثقيف في خدمة هذه التربية فيجب تبعا لذلك أن يكون أصحاب الصحف التي تصدر باللغة العربية ورؤساء تحريرها ومحرروها من المصريين وكذلك المسئولون والمشرفون على الإذاعة والتمثيل والمدارس كما تطلب ألا يؤذن لغيرهم بشئ من ذلك إلا بشروط تكفل ولاءهم لمصر وإخلاصهم وتضامنهم مع شعبها .

ثانيا – في السياسة الخارجية

1- نحن نؤمن بأن الاستعمار واحتكار المواد الأولية والتسابق على كسب الأسواق والنقط الإستراتيجية وإنشاء التكتلات وإبرام المعاهدات الثنائية هي جراثيم الحروب إلى تجر الويلات الخراب على الأمم والدول .

2- ولذلك فنحن نتعهد بأن نعمل لتكون مصر دائما ضد الاحتلال الأجنبي لأي بلد في العالم وضد المعاهدات الثنائية وضد التكتلات الدولية .

3- وتطلب أيضا أن تؤيد مصر المنظمات الدولية ما حصت هذه المنظمات على تأدية رسالتها الإنسانية القائمة على إبطال الاستعمار وكفالة حق المصير وإزالة أسباب الحروب ومنع قيامها وتحقيق العدالة الدولية وعدم احتكار الأسواق ومواد الإنتاج ومصادرة .

4- وفيما عدا ما تقدم نطلب أن نقف مصر موقف الحيدة من كل نزاع دولي .

ثالثا- في المحيط العربي الإسلامي

1- نحن نؤمن بأن مصر والبلاد العربية في المشرق والمغرب أسرة قديمة الروابط وأن الاستعمار فرق صفوفها وأتلف وحدتها وأعاقها عن خدمة الإنسانية نحن نؤمن بأن هذه الأسر لن تستعيد وحدتها ولن تؤدي رسالتها إذا التقت كلمة أبنائها على التحرر أولا من الاستعمار العسكري والحربي والسياسي والاقتصادي والثقافي .

2- نحن نؤمن بأن على مصر أن نتعاون دائما مع الدول والشعوب الإسلامية في جبهة لضمان رفاهية الإنسانية وتعاونها ولاستئناف هذه الجبهة خدماتها الروحية والثقافية للعالم بأسره .

رابعا – في الدستور

1- نحن نؤمن بحق كل مصري مهما كان دينه أو مركزه أو درجة ثروته في إبداء رأيه واختيار عقيدته ومزاولتها وفي انتخاب ممثليه انتخابا حرا عن طريق التصويت السري .

2- ونحن نؤمن بأن الدستور وما تضمنه من مبادئ لكفالة الحريات هو قبل كل شئ عقيدة وإيمان لذلك نطلب ونتعهد أن نعمل على تأكيد حب الحرية واحترام حق الغير فيها والاستعداد لمحاربة الظلم عند الأفراد والجماعات .

3- ونحن نؤمن بأن جوهر الدستور شعب يعرف حقوقه ويدافع عنها وسلطات موضحة الاختصاصات تلتزمها ولا تخرج عليها .

4- ولذلك نحن نتعهد بأن نعمل حتى تسن القوانين الرادعة للمعتدين على الدستور والمعطلين لأحكامه والخارجين عليه .

وحتى تلغي جميع القوانين التي لا تتمشي مع روح الدستور ونصه كقوانين الاجتماعات والمظاهرات والمطبوعات والجمعيات وسرية التحقيقات .

وحتى يعدل قانون الانتخاب وبحيث ينص على جعل الانتخاب واجبا وبحيث يحقق تمثيل الأمة تمثيلا صحيحا وحتى تحدد نفقات الدعاية الانتخابية .

5- نحن نطلب ونتعهد أن نعمل على تثبيت عدد دوائر الانتخاب .

6- نجن نطلب ونتعهد أن نعمل على تحويل مصلحة السجون إلى مصلحة مدنية يشرف علها أخصائيون فنيون من الأطباء وخبراء النفس والمربين .

7- على تحريم حجز الأشخاص أو حبسهم خارج السجون العامة والمركزية التي بتوفر فيها القدر المناسب من ضروريات الحياة وأسباب الراحة .

خامسا – في أداة الحكم

نحن نؤمن بوجوب قيام حكومة أمينة صالحة منتجة مؤدية لواجباتها قبل المواطنين قادرة على أن تكفل لهم عدلا ومساواة وللموظفين أمنا واستقرار وللوطن كرامة ومنعة .

ولذلك نحن نتعهد أن نعمل حتى :

1- يكمل استقلال القضاء بإسناد تعيين القضاء ورجال النيابة وعزلهم ونقلهم وتأديبهم وكافة ما يتصل بهم إلى مجلس القضاء الأعلى الذي ستكون قراراته نهائية لا يطعن فيها إلا أمام مجلس الدولة .

2- يكون تعيين الموظفين وترقيتهم عن طريق مسابقات.

3- تستبدل بالأنظمة الإدارية والمالية الحالية نظم بسيطة واضحة ذات روح دستورية خالية من التعقيد وان تعين مع الزمن على قيام اللامركزية وتقوية الشعور المسئولية .

4- وليوضع لجميع الموظفين الفنيين كادر واحد يسوي بين من تلزم بيهم التسوية لتمتع النظرة الطائفية ويبطل التعصب الطبقي .

5- وحتى تسن عقوبة الإعدام والأشغال الشاقة لجرائم الرشوة والمحسوبية والوساطة والاتجار بالنفوذ والكسب الحرام وليمنح ديوان المحاسبة ومجلس الدولة اختصاصا جنائيا ضانا لتنفيذ ما يصدر منها من قرارات وإحكام .

6- وحتى تدعم الهيئات الإقليمية مديرية كانت أو محافظة أو قرية بحيث ينمو مع الزمن وحسب الحاجة نصيبهم من الاستقلال الإداري والمالي عن السلطة المركزية وبحيث يكون تشكيلها مستندا إلى انتخاب حر .

سادسا – في الاقتصاد

1- نحن نؤمن بأن واجب الدولة الأول أن توفر لبنيها حياة كريمة يتمتعون فيها بإشباع ضرورياتهم من مأكل وملبس ومسكن وعلاج وبفراغ من الوقت للاستجمام وتجديد القوي والرياضة ومستوي هذه الحياة يجب أن يتطور ويرتفع مع تطور الحياة اللانسانية وزيادة نصيب الإنسان من المتاع الذهني والمادي .

2- ونحن نؤمن بأنه لا يوجد في قوانين الدولة ولا أنظمتها ولا وسائلها ولا أساليبها شئ مقدس ما عدا مبادئ الحريات العامة وحقوق الانسان فكل ما يعترض سبيل الدولة لاداء تلك الرسالة يجب أن يتطور ويعدل أو يلغي .

3- نحن نؤمن بأن المجتمع يجب أن يعيش أفراده وطوائفه وطبقاته بعضها مع بعض في سلام وتعاون ومحبة .

ونحن نؤمن بأن سبيل هذا السلام والتعاون هو أن تضيق الفوارق بين الطبقات إلى أبعد حد..

4- لذلك نحن نطالب بفرض ضريبة متجانسة تصاعدية على الدخل العام والتركات مع الغاء كافة الضرائب النوعية .

نحن نطالب ألا تعتمد الدولة بصفة أساسية في إعداد ميزانيتها على الضرائب غير المباشرة .

5- نحن نؤمن بأن الملكية وظيفة وليست امتيازا وأن العمل حق وواجب . حق لكل مواطن فعلي الدولة أن توفره لرعاياه وأن تؤمن أفرادها عند البطالة المتعمدة , واجب على الفرد يجب أن يؤديه مخلصا مستدفا مصلحة وطنه وخير مواطنيه .

6- نحن نؤمن بأن الدولة يجب أن تخول حق تأميم ما تاره من المرافق ومصادر الثروة طبقا لمقتضيات الظروف الاقتصادية ولحماية الثروات القومية من الاستغلال الأجنبي مقابل تعويض عادل .

7- نحن نؤمن بأن الزراعة هي أساسا الاستقرار الاقتصادي فيمصر ولذلك فنحن سنعمل لحمايتها لتوسيع رقعة الأرض المنزرعة من المضاربة والمضاربين واستثمار الأموال فيها .

8- وسنعمل على أن نتدرج في قصر الملكية الزراعية شيئا فشيئا على القائمين بزراعة الأرض فعلا أو المشرفين عليها إشرافا مباشرا وسنعمل أن يوضع حدا على لملكية الفرد الواحد .

نحن نؤمن بأن حماية وإنهاض العامل الزراعي هو العمود الفقري في حركة التحرير القومي لذلك نحن نطالب بأن يوضع تشريع مرن متطور لتحديد علاقات المستأجرين والعمال الزراعيين مع الملاك .

ونطلب أن يكون للعمال الزراعيين حق تكوين النقابات أسوة بعمال الصناعة والمحالة التجارية .

سنعمل على تشجيع الصناعات الزراعية والمنزلية في الريف وعلى نشر الملكية الزراعية وضم صغار الملاك في هيئة جمعيات تعاونية

9- نحن نؤمن بوجوب حماية الحركة النقابية وتدعيمها ولذلك نحن نطلب للعمال الحق في الإضراب لأغراض مشروعة وتكوين اتحادات عمالية .

10- نحن نؤمن بالتعاون كمذهب اقتصادي واجتماعي كامل ..

وكوسيلة لتقوية روابط المجتمع . ولحماية الفلاح من استغلال كبار الملاك ولإعانته على الانتفاع بأدوات الزراعة الميكانيكية ولذلك نحن نطلب كفالة الحكومة للتعاون وتعميمه ونشره في القري والمدن وجعله أساس هاما من أسس الاقتصاد القومي .

11- نحن نؤمن بأن الدولة مسئولة عن حماية الطفولة والأمومة ولذلك نطلب أن نوفر للأمهات في أدوار الحمل والرضاع ما يلزم لهن ولأطفالهن من غذاء وراحة .

12- ونحن نؤمن بأن الدولة مسئولة عن توفير الطمأنينة لأفرادها لذلك نحن نطلب أن توفر لهم معاشا مناسبا عند المرض والشيخوخة .

13- نحن نؤمن بحاجتنا إلى سياسة تصنيع كاملة واسعة النطاق مدروسة غايتها إنشاء الصناعات الثقيلة وإحياء صناعتنا القومية المندثرة والانتفاع الزائد والأيدي العاملة الفائضة عن ضرورياتها .

ولذلك نحن نطلب وضع سياسة صناعية للمستقبل ونطلب العناية بالتعليم المهني والخبرة الفنية .

14- نحن نطلب ونتعهد أن نعمل على قصر الملكية العقارية على المصريين وحدهم .

سابعا : في الجيش

1- نحن نؤمن بأن الجيش هو عنوان أخلاق الأمة ومظهر تعاونها وثمرة صناعتها وزراعتها وتجارتها وأنه درع البلاد وسيفها المشهر فوق الأعداء .

ونؤمن لذلك بأن الجيش لا يؤدي واجبه إلا إذا كان جيشا وطنيا خالصا لا يشرف عليه الأجانب أو الذين خدموا الأعداء .

ونؤمن بأنه لا يؤدي واجبه إ لا إذا شملت البلاد فكرة صحيحة سليمة عن شرف الخدمة العسكرية وجلال التضحية في ظل الجيش.

ونؤمن بأنه لا يؤدي واجبه إلا إذا كانت مصادره من الأسلحة قائمة داخل حدود الوطن .

2- لذلك نحن نطالب بأن يسرع حالا في إنشاء مصانع للأسلحة الصغيرة والكبيرة بحيث تدخل كلها في نطاق سياسة التصنيع العام للبلاد في جر المنافع الشخصية له ..

3- ونحن نطلب أن تسن التشريعات التي تعاقب بالإعدام كل من يستغل الحرب في جر المنافع الشخصية له ..

ونحن نطلب أن تكون التعيينات في الجيش والترقيات والإحالة إلى الاستيداع وعلى المعاش بناء على قرارات مجلس أعلي مستقل دائن في الجيش وممثل لجميع الوحدات .

ثامنا: في التعليم والثقافة

1- نحن نؤمن بأن التعليم هو السبيل الأول لخلق مواطن صالح محب لخدمة الوطن وقادر على التعاون مع المجموع ومدرك لواجباته ولحقوقه القومية والدستورية ومستعد للنضال لحرية بلاده ولدستورها وقوانينها وتقاليده الشريفة .

لذلك نحن نطالب بأن يكون التعليم حقا لكل مواطن .

2- كما نطلب أن يكون هدف التعليم خلق مواطنين صحيحي الأبدان والعقول سليمي العاطفة وأن يقوي فيهم الوازع الخلقي ويشجعهم على الابتكار والتضحية وإنكار الذات ويحرك فيهم غريزة القتال .

3- كما نطلب العناية بتراثنا الثقافي وموالاة عرضه في أحسن الصور مع ربطه بالثقافة العالمية .

4- كما نطلب أن يظفر التعليم العملي والفني صناعيا كان أم زراعيا أم تجاريا بعناية الدولة وأن يتنوع بتنوع الأقاليم

الختام

ويعلن الموقعون على هذا أنهم يعتبرونه ميثاقا وعهدا . كما يعلنونه أنهم يعلمون أن الوسيلة لإنفاذه وتحقيقه هي أن يجاهدوا بأنفسهم وبأموالهم بأن يضعوا أرواحهم وما تملك أيديهم رهينة لهذا البرنامج ويدعونهم أن ينضموا إليهم في كفاحهم وأن ينشروا الدعوة له , ويثيروا في النفوس الإيمان به ولتظلنا وترعانا عناية الله وأرواح الشهداء الذين سبقونا إلى الكفاح من أجل استقلال الوطن العزيز . وحريته وكرامته

رئيس الحزب الوطني

فتحي رضوان – دكتور نور الدين طرافمصطفى المنزلاوي - محمود الحناوي - أحمد شوقيأحمد محمد مرزوقمحمد المغلاوي – دكتور محمد صبري منصورإبراهيم أبو عليمحمود محمد شاكر . محمود مكيويواقيم غبريالعلي شنبحسين الناظر – دكتور عبد المنعم الشرقاوي - أحمد مختار قطبمحمد شمس الدين خفاجيمحمد جمال الشرقاويمحمود موسى السيد .

ملحق رقم (2) قانون تنظيم الحزب الوطني الجديد

الباب الأول – تكوين الحزب

المادة الأولي: يتكون الحزب الوطني الجديد من الهيئات الآتية :

1- مجلس الإدارة .

2- لجان مركزية بالمحافظات وعواصم المديريات

3- لجان فرعية بعواصم المراكز والأحياء بالمدن الكبرى

4- شعب بالقرى وأجزاء الأحياء

الباب الثاني – مجلس الإدارة

المادة الثانية

مجلس الإدارة هو أكبر هيئات الحزب في تنظيمه الإداري وجميع الهيئات الأخرى في الحزب نابعة له ومنفذة لأوامره .

المادة الثالثة

بضع مجلس الإدارة سياسة الحزب العامة في نطاق مبادئه الثابتة الخطط ويختار الوسائل لتنفيذ برنامج الحزب وتحقيق قراراته .

ويحدد علاقات الحزب بالهيئات الداخلية والخارجية الرسمية والأهلية ويشرف على نشاط الحزب في القاهرة والأقاليم وعلى تأليف لجانه وشعبه وتنظيم الدعوة له ويتشرف على إعداد المطبوعات والنشرات وعلى إصدار الصحف والمجلات والدوريات وعلى عقد المؤتمرات والنشرات وعلى إصدار الصحف والمجلات والدوريات وعلى عقد المؤتمرات في مصر والخارج وإيفاد المندوبين في القرى والأقاليم والعواصم الخارجية وإعداد المعسكرات والأندية والمحاضرات والندوات وكافة ما من شأنه توسيع نطاق لدعوة للحزب مبادئه وقراراته بين كافة طبقات الشعب في وادي النيل .

وهو الذي يعرض سياسة الحزب السنوية على الجمعية العمومية ويدافع عنها ويدعو الجمعية للإنعقاد متي شاء .

المادة الرابعة

يؤلف مجلس الإدارة من عشرة أعضاء على الأقل وخمسة وعشرين عضوا على الأكثر من الوطنيين المصريين أو السودانيين حسني السمعة ومن الذين لهم سابقة جهاد أو خدمة عامة للبلاد أو للحزب ولا يقل من الواحد منهم عن الخامسة والعشرين .

وتسقط عضوية ثلث أعضاء مجلس الإدارة كل ثلاث سنوات بطريق القرعة وتنتخب الجمعية العمومية بدلا منهم من الأعضاء الذين انقضت على عضويتهم ثلاث سنوات على الأقل والذين يرشحون أنفسهم بخطاب مسجل يرسل إلى الرئيس قبل ميعاد الجمعية العمومية بخمسة عشر يوما على أن تكون جميع اشتراكاتهم عن جميع المدد السابقة مسددة قبل هذا الميعاد بشهر على الأقل .

المادة الخامسة

أعضاء مجلس الإدارة عند صدور هذه اللائحة هم : الأساتذة فتحي رضوان ( رئيس الحزب ) والدكتور نور الدين طراف " سكرتير عام الحزب ) ومصطفى المنزلاوي ( أمين صندوق الحزب ) ومحمود الحناوي ( سكرتير عام مساعد) والدكتور محمد صبري منصور وأحمد شوقي ومحمد علي المغلاوي وأحمد محمد مرزوق ومحمود مكي ويواقيم غبريال ومحمود محمد شاكر ومحمد شمس الدين خفاجي ومحمد جمال الشرقاوي وإبراهيم أبو علي والدكتور عبد المنعم الشرقاوي وعلي شنب ومحمود موسى السيد وحسين الناظر وأحمد مختار قطب .

المادة السادسة

لا يجوز ضم عضو جديد إلى الأعضاء الحاليين إلا بإجماع أعضاء مجلس الادارة ويجب أن يرشح العضو الجديد قبل جلسة اختياره بشهر على الأقل ويثبت ترشيحه في محضر الجلسة السابقة ويخطر الأعضاء بالترشيح في جدول الأعمال المرسل إليهم ويجوز لمن يتخلف عن الحضور العذر أن يبدي رأيه في المرشح كتابة لرئيس المجلس .

المادة السابعة

لا يجوز أن يضم إلى هذا المجلس أى عضو منتسب إلى هيئة سياسية أخري وبمجرد انضمام عضو المجلس إلى هيئة سياسية أخري تسقط عنه عضويته فورا ويحكم القانون وبغير حاجة إلى صدور قرار .

المادة الثامنة

للأعضاء فيما عدا القيد المذكور في المادة السابقة الحق في ممارسة أى نشاط أدبي أو ثقافي أو اجتماعي أو رياضي بشرط أن يخطر العضو المجلس بالهيئات التي يساهم في نشاطها وللمجلس مع ذلك أن ينبه على العضو بالانفصال عن أية هيئة غير سياسية انضم إليها وذلك بقرار يصدر من ثلاثة أرباع أعضاء المجلس فإن لم يطع هذا التنبيه سقطت عنه عضويته فورا وبحكم القانون وبغير حاجة إلى صدور قرار آخر .

الباب الثالث – مكتب المجلس

المادة التاسعة

ينتخب المجلس ثلاث سنين من بين أعضائه رئيسا وسكرتيرا وأمينا للصندوق بطريق الاقتراع السري في يوم الجمعة الأولي من شهر ديسمبر ويجوز أن ينتخب المجلس من أعضائه وكيلا وكيلين وسكرتيرا مساعدا وأمينا للصندوق مساعدا ومن هؤلاء جميعا يتكون المكتب التنفيذي للمجلس كما يجوز للمجلس أن ينتخب من أعضائه للوظائف الإدارية التي ينشئها بقرار .

الباب الرابع – الرئيس

المادة العاشرة: الرئيس المنتخب حسب المادة السابقة هو :

1- ممثل الحزب لدي الكافة ولسانه عند الحكومات والهيئات .

2- وله حق التحدث عن الحزب وشرح سياسته والدفاع عنها والدعوة إليها .

3- يرأس مجلس الإدارة .

4- يرأس الجمعية العمومية .

5- يرأس اللجان المركزية والفرعية إذا حضر فيها .

6- عليه أن يوقع على جميع محاضر الجلسات مع السكرتير .

7- وعليه أن يوقع مع أمين الصندوق على جميع قرارات الصرف يأمر بها مجلس الإدارة .

8- وبإمضائه مع أمين الصندوق تودع الأموال في الحسابات الجارية وتصرف منها .

9- ويؤول إليه عند غياب أى عضو من أعضاء المكتب اختصاصاته بغير حاجة إلى استصدار قرار من المجلس .

وله أن يتعاقد بموافقة المجلس باسم الحزب فيما يلزم لأعمال الحزب من العقود.

المادة الحادية عشر

للرئيس الحق دائما في دعوة المجلس إلى الاجتماع في غير المواعيد وله عند تعذر اجتماع المجلس لظروف قاهرة أن يصدر ما يقتضيه الظرف من قرارات أو بيانات .

المادة الثانية عشر

إذا لم يقرر المجلس في بداية السنة السياسية له اختيار وكيل أو وكيلين وغاب الرئيس تلي الرئاسة السكرتير العام للمجلس فإن غاب تولي عنه الرئاسة أكبر الأعضاء سنا ويرتبون في بداية كل سنة بحسب السن في كشف يودع في السكرتارية

المادة الثالثة عشر

يقوم السكرتير بحفظ جميع أوراق وسجلات ومراسلات المجلس ويتولي إعداد جدول الأعمال الخاص لكل جلسة وجدول الجمعية العمومية ويوجه الدعوات إلى الجلسات ويوقع عليها بإمضائه ويضبط محاضر الجلسات في سجل منظم ويعد سجلا خاصا بقرارات الحزب ثابتة في محاضرة ويشرف على جميع أعمال السكرتارية في لجان الحزب ويتولي إبلاغ قرارات الرحب ونداءاته للهيئات والصحف ودور الإذاعة .

وعليه تنظيم وسائل النشر والطباعة وتنفيذ قرارات الحزب السياسية والإدارة وإبلاغ المجلس أولا عما تم في التنفيذ وهو الصلة بين مجلس الإدارة ولجان الحزب وشعبه .

المادة الرابعة عشر

يجوز للمجلس عند بداية السنة السياسية انتخاب سكرتي مساعد وللسكرتير العام أن يستعين على مسئولية بمن يشاء من أعضاء المجلس أو أعضاء الحزب .

الباب السادس - أمين الصندوق

المادة الخامسة عشر

أمين الصندوق هو الذي يحفظ جميع أموال المجلس من اشتراكات وتبرعات وأثمان مبيعات مما يعده الحزب من كتب أو إشارات أو صور أو غير ذلك والأمين على دفاتر المجلس الحسابية المقيدة لكل ما يدخل ف خزانة الحزب من أموال وما يصرف منها على أن يقيد هذه الحسابات بالمستندات الصحيحة الواضحة وعليه إعداد ميزانية الحزب عن العام الحالي المنصرم الذي ينته في 30 سبتمبر من كل عام على أن تعرض على المجلس في الأسبوع الأخير من شهر أكتوبر ولأمين الصندوق الحق في صرف عشرة جنيهات شهريا بلا إذن من المجلس فيما يجد من المصروفات على أن يطلب اعتماد ذلك الصرف في أول جلسة من جلسات المجلس والأمين الصندوق أن يطلب من المجلس انتخاب مساعد له أو ينيب هو وعلى مسئوليته مساعدين له .

الباب السابع – جلسات مجلس الإدارة

المادة السادسة عشر

ينعقد المجلس مرتين كل شهر على الأقل بنادي الحزب بالقاهرة وتحدد مواعيد الانعقاد بقرار منه .

المادة السابعة عشر

لا تصح جلسات المجلس إلا إذا حضرها أغلبية أعضائه ويجب إخطار الأعضاء بتاريخ الجلسة بخطاب من السكرتير أومن الرئيس قبل انعقادها بثلاثة أيام على الأقل إذا لم يكن تاريخها قد تحدد في جلسة سابقة أو لم تكن من الجلسات الدورية الشهرية التي يقرر المجلس انعقادها .

المادة الثامنة عشر

تصح قرارات المجلس إذا صدرت بأغلبية الحاضرين من أعضائه في جلسة صحيحة حسب المادة السابقة إذا كان القرار في الأمور الإدارية الخاصة بانجاز أعماله أو أعمال الحزب اليومية أو الإذن بصرف مبلغ فيما يقرره المجلس .

المادة التاسعة عشر: تشترط الأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس إذا كان الموضوع المطروح للبحث :

1- اصدار بيان ينشر على الناس .

2- تحديد موقف الحزب من هيئة رسمية أو أهلية في داخل البلاد أو خارجها .

3- إيفاد شخص أو أشخاص لتمثيل الحزب في شأن خارج البلاد

4- تعديل موقف الحزب في أمر من الأمور المقررة في جلسة سابقة .

5- إصدار قرار في خلاف نشب بين عضوين أو أكثر من أعضاء هيئة من هيئات الحزب .

6- توقيع عقوبة تأديبية على أحد أعضاء المجلس .

7- إصدار قرار باعادة عضو اعتبر مفصولا من المجلس بحكم القانون لعدم سداده الاشتراك لتخلفه عن الحضور في الجلسات .

8- قبول تبرع أو هبة .

المادة العشرين

يجوز للعضو الغائب أن يفوض أحد الحاضرين في التصويت بخطاب يقدم للمجلس قبل الاقتراع يحدد تحديدا دقيقا موضوع التفويض ولا يعمل بهذا الخطاب إلا في جلسة واحدة .

الباب الثامن – في واجبات الأعضاء

المادة الواحدة والعشرون

يجب على كل عضو أن يحترم قرارات المجلس وأن ينفذها

المادة الثانية والعشرون

يجب أن يدفع عضو المجلس اشتراكا شهريا يحدده المجلس بقرار .

المادة الثالثة والعشرون

يجب عليه ألا يتخلف عن حضور جلسات المجلس إلا لعذر قاهري

الباب التاسع – فصل

( 1) بحكم القانون المادة الرابعة والعشرون

كل عضو ينضم إلى هيئة سياسية أخري تسقط عنه عضوية هذا المجلس فورا وبحكم القانون بغير حاجة إلى صدور قرار .

المادة الخامسة والعشرون

تسقط العضوية بحكم القانون عن كل من يرفض تنفيذ قرار من القرارات التأديبية التي تصدر بمواد الباب العاشر من هذا القانون.

المادة السادسة والعشرون

كل من يتخلف من أعضاء المجلس عن أداء اشتراك شهرين ينذر بخطاب مسجل يوقع عليه الرئيس وأمين الصندوق أو أحدهما فإذا لم يقم بالسداد في بحر أسبوعين من إنذراه يعرض أمره على المجلس للنظر في فصله في أول جلسة عادية أو استثنائية على أن يدعي لها بخطاب مسجل ويجوز بحكم القانون وعلى أمين الصندوق والرئيس أو احدهما توجيه خطاب للعضو بهذا المعني .

المادة السابعة والعشرون

كل عضو يتخلف عن حضور جلسات المجلس أكثر من ثلاث مرات متتالية بغير اعتذار ينبه عليه بخطاب مسجل من السكرتير فإذا لم يحضر الجلسة التالية مباشرة ينظر المجلس في أمره في الجلسة التي تليها بعد دعوته إليها بخطاب مسجل أيضا فإذا لم يحضر في هذه الجلسة اعتبر مفصولا لا بحكم القانون وعلى الرئيس والسكرتير أو أحدهما إرسال خطاب له بهذا المعني .

المادة الثامنة والعشرون

العضو المفصول لأحد الأسباب المذكور في المواد 25 , 26 , 27 لا يسوغ له حضور جلسات المجلس ولا التحدث بوصفه عضوا فيه ولا يرد إلى عضويته إلا بعد طلب يقدم إلى المجلس وتقبله الأغلبية المطلقة في جلسة يبين في جدول أعمالها المعد للأعضاء أن النظر في هذا الموضوع مما سيتناوله البحث .

(3) بقرار المادة التاسعة والعشرون

لا ينظر في فصل عضو من أعضاء المجلس لغر الأسباب الواردة في المواد السابقة إلا بناء على اقتراح من الرئيس أو بناء على طلب يقدم من خمسة من أعضاء المجلس على الأقل .

و المادة الثلاثون

ولا يصدر قرار الفصل إلا بموافقته ثلاثة أرباع أعضاء المجلس على الأقل .

الباب العاشر – العقوبات التأديبية

المادة الواحدة والثلاثون: تعتبر من المؤاخذات التي تستوجب لتوقيع إحدي العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون ما يلي :

1- نقده لسياسية الحزب .

2- مخالفته لقرار من قرارات المجلس أو نقده له ولو صدر على غير موافقته .

3- العيب في رئيس الحزب أو أحد أعضاء المجلس .

4- الخروج على نظام احدي الجلسات أو نظام الجمعية العمومية أو عن طاعة أوامر رئيس الجلسة أو الجمعية العمومية .

5- افشاؤه مداولات المجلس أو اللجان الفرعية أو قراراتها قبل إذاعتها على الوجه المقرر.

6- إهماله في حفظ ما لديه من أوراق أو مستندات أو مراسلات الحزب .

7- تخلفه عن رئاسة أو حضور جلسات احدي اللجان الفرعية المنتخب فيها مرتين أو أكثر أو تقصيره في أداء مأمورية موكول إليه القيام بها .

المادة الثانية والثلاثون

يدعي العضو الذي ارتكب احدي المؤاخذات للحضور أمام المجلس بخطاب مسجل قبل الجلسة بأسبوع ويتولي الاتهام السكرتير العام أو من ينتدبه المجلس للقيام بهذه المهمة .

ويصدر القرار بتوقيع عقوبة أو أكثر من العقوبات المذكور في المادة التالية بأغلبية أعضاء المجلس فيما عدا عقوبة الفصل فتسري عليها أحكام المادتين 29, 30 من هذا القانون .

المادة الثالثة والثلاثون: العقوبات التأديبية :

1- لفت النظر ويكتب به خطاب خال من اللوم والتأنيب .

2- اللوم.

3- التكليف بالاعتذار أمام المجلس بصيغة تذكر في القرار .

4- التكليف بالاعتذار بصيغة تنشر في جريدة الخرب بمقره العام .

5- الإيقاف عن حضور جلسات المجلس لمدة لا تزيد عن ثلاثة شهور ولا حسب صوت العضو خلال هذه المدة في إصدار القرارات ولا في صحة انعقاد الجلسات .

6- غرامة مالية لا تزيد على مائة جنيه .

7- الفصل .

الباب الحادي عشر – اللجان المركزية والفرعية والشعب والأعضاء العاملين

العضو العامل

المادة الرابعة والثلاثون: يعتبر عضوا عاملا في الحزب كل من يؤمن بمبادئ الحزب من المصريين والمصريات والسودانيين والسودانيات على أن :

1- يقدم طلبا إلى رئيس الحزب وتعتمد عضويته بخطاب منه

2- ويرصد اسمه في سجل العضوية .

3- يحمل بطاقة العضوية

4- ويدفع الاشتراك الشهر ي الذي يقرره مجلس الإدارة .

5- يحمل شارة الحزب .

6- وينفذ ما يعهد إليه من أى لجنة من لجان الحزب .

المادة الخامسة والثلاثون .

لا يفصل العضو العامل من الحزب إلا بقرار يصدره رئيس الحزب ويصح أن يصدر هذا القرار بناء على طلب أحد رؤساء اللجان أو بناء على طلب خمسة من الأعضاء العاملين .

اللجان المركزية

المادة السادسة والثلاثون

يجوز أن تتألف للحزب في عاصمة كل مديرية لجنة مركزية من عشرة أعضاء على الأقل من أعضاء الحزب العاملين الذين لا تقل أعمارهم عن 21 عاما ويراعي فيهم أن يكونوا من المصريين أو السودانيين حسني السمعة الذين أتموا تعليمهم العالي أو امتهنوا إحدى المهن الحرة وينتخبون من أنفسهم رئيسا وسكرتيرا وأمينا للصندوق بطريق الاقتراع السري كل سنتين .

يصدر رئيس الحزب القرارات اللوائح المنظمة لانتخاب اللجان المركزية وله اعتماد الانتخاب وتسجيل أسماء اللجنة وأصحاب الوظائف الإدارية فيها في سجل خاص باللجان ويرسل إلى الرئيس والسكرتير وأمين الصندوق خطاب بصحة الانتخاب واعتماد نتيجة ولرئيس الحزب أن لا يعتمد هذه النتيجة إذا رأي ذلك وفي هذه الحالة يندب من يشاء من أعضاء مجلس إدارة الحزب للقيام بالوظائف الإدارية في اللجنة المركزية .

المادة السابعة والثلاثون

يجوز أن تنشأ في أى مركز أو حي من أحياء العواصم الكبرى لجنة فرعية للحزب من سبعة من أعضاء الحزب العاملين المقيدة أسماؤهم بسجل الحزب والحاصلين لبطاقة عضويته ولرئيس الحزب اختيار رئيس هذه الشعبة وسكرتير وأمين صندوق أو تحديد يوم الانتخاب هؤلاء بحكم الحقوق المنصوص عليها له في شأن اللجان المركزية .

المادة الثامنة والثلاثون

يجوز أن تنشأ في جزء من حي من أحياء العواصم الكبري أو في قرية شعبة للحزب تتكون من خمسة من أعضاء الحزب العاملين المقيدين بسجل الحزب العام ويندب رئيس الحزب لها رئيسا وسكرتيرا تكون له أيضا اختصاصات أمين الصندوق فإذا زاد عدد أعضائها عن عشرة ندب منهم أمينا للصندوق وجاز في هذه الحالة إجراء الانتخاب لأعضاء هذه المناصب على أن تعتمد نتيجة الانتخاب على الوجه المبين في المادتين السابقتين .

الباب الثاني عشر – الجمعية العمومية

المادة التاسعة والثلاثون

تعقد الجمعية العمومية للحزب الوطني في الساعة الرابعة من مساء السابع من شهر ديسمبر من كل عام وهو ميعاد انعقاد الجمعية الأولي للحزب برئاسة المغفور له مصطفى كامل للنظر فيما يلي :

أولا – سماع خطاب رئيس الحزب الوطني .

ثانيا – سماع تقرير سكرتير عام الحزب .

النظر في الرغبات المتقدمة كتابة من أعضاء الحزب قبل انعقاد الجمعية العمومية بأسبوعين على الأقل إلى سكرتير الحزب العام وتنتخب الجمعية العمومية الأولي مجلس إدارة الحزب ثم تنتخب بعد ذلك كل ثلاث سنوات الثلث الذي يخرج بطريق الاقتراع حسب المادة الرابعة من القانون .

المادة الأربعون

يحضر الجمعية العمومية للحزب رئيس وأعضاء مجلس الإدارة ورئيس وسكرتير وأمين صندوق كل لجنة مركزية وفرعية وكطل شعبة وثلاثة أعضاء من كل لجنة مركزية وعضوين من كل لجنة فرعية وعضو من كل شعبة تنتخبهم لجانهم للحضور مع الرئيس والسكرتير وأمين الصندوق لتمثليها في الجمعية العمومية وللتصويت فيها على أن بخطر سكرتير الحزب بأسمائهم كتابة قبل انعقاد الجمعية العمومية بأسبوعين على الأقل .

المادة الواحدة والأربعون

يصبح انعقاد الجمعية العمومية الأول إذا حضرته أغلبية الأعضاء الذين يجوز لهم الحضور فيها فإذا لم تتوفر هذه الأغلبية أجلت الجمعية العمومية أسبوعا واحدا وصحت مهما كان عدد الحاضرين فيها

المادة الثانية والأربعون

يجب إلقاء خطاب رئيس الحزب أو من ينوب عنه وسكرتير عام الحزب مهما كان عدد الحاضرين في الجمعية العمومية الأولي وتؤجل بقية أعمال الجمعية إلى الميعاد التالي .

المادة الثالثة والأربعون

لا تصدر الجمعية العمومية قرارات في غير الأمور المقدمة لها من مجلس الإدارة أو الرغبات المقدمة كتابة حسب البند ثالثا من المادة التاسعة والثلاثين والمدرجة في جدول أعمال الجمعية ويتم التصويت على الأعمال المطروحة على الجمعية العمومية بالمناداة بالاسم أو برفع الأيدي حسبها يري رئيس الجمعية