نظرة في فكر الداعية زينب الغزالي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث


" نظرة في فكر الداعية زينب الغزالي "

بقلم / أ. عبده مصطفى دسوقي

الحاجة زينب الغزالي

يقول الشهيد سيد قطب: "عندما نعيش لنذواتنا ولشهواتنا تبدو لنا الحياة قصيرة، تافهة، ضئيلة، تبدأ من حيث بدأنا، وتنتهي بانتهاء عمرنا المحدود!".

و من الملاحظ أن معظم الرموز النسائية الإسلامية لا يحظين بالشهرة والانتشار الذي لمثيلاتهن من التيارات الأخرى، ويكاد ينحصر دورهن وتأثيرهن على ذوات الانتماء الإسلامي فقط بعكس الرموز النسائية العلمانية؛ حيث استطاعت الدوائر الإعلامية العربية والغربية في إظهارهن كرموز عامة ونماذج للمرأة العربية على اختلاف انتماءاتها.

لكن قليلاً من النساء وضعن لأنفسهن هدفًا وغاية يسعين له ويعملن من أجله، ولقد حفل العصر الحديث بأمثال هؤلاء ليكنّ نبراسًا ونورًا يضيء للحيارى الطريق ويهديهم إلى أعظم الغايات وهى الله رب العالمين، ومن هؤلاء الداعية الإسلامية الحاجة زينب الغزالي.

لقد كانت السيدة زينب نموذجا حيا للمرأة المسلمة التي عرفت قيمة بيتها، وحقيقة دعوتها، وطبيعة مجتمعها، فعملت على تحقيق معاني الدعوة الحية في بيتها، ووسط أخواتها، وبين نساء مجتمعها، بل تعدت تلك الحواجز وكان لها دورها في قضايا الأمة حتى أن الرئيس الباكستاني ضياء الحق بكى عندما خاطبته بقولها في إحدى المؤتمرات التي دعيت إليها بباكستان عام 1987م: كيف تلقى الله يا ضياء الحق وأنت لم تطبق الشريعة.

لقد كانت مدرسة تربوية غرست كثيرا من المعاني الحية في نفوس أبناء هذا الجيل من خلال كتاباتها ومحاضراتها.

زارت المملكة العربية السعودية 60 مرة ، وأدت فريضة الحج 39 مرة ، واعتمرت 100 مرة، وزارت الكثير من الدول العربية والإسلامية لنشر الدعوة الإسلامية ، ولإلقاء المحاضرات الدينية في الدعوة إلى الله تعالى. وقد أمضت في حقل الدعوة 53 سنة - أكثر من نصف القرن - التقيت فيه بكل رجال الدعوة الكبار. وتأثرت بشخصيات كثيرة منهم: حسن البنــا، وهو الأكثر تأثيرا في نفسها وضميرها.

وفي هذه التطوافة نقف عند التنوع الفكري الذي زخرت بها المكتبة الإسلامية لكتابات هذه السيدة الجليلة لتكون نبراسا لمن جاء بعدها.

لقد تنوعت كتابتها ما بين دعوي وسياسي وسرد تاريخي لأحداث عايشتها، فجاءت كتاباتها معبرة عما تكنه من حب لدينها داخل صدرها.

فنجد تنوع هذه الكتابات مثل:

1- نظرات في كتاب الله، وهو تفسير للقرآن الكريم، يمثل أول محاولة نسائية لتفسير كتاب الله على مدى التاريخ، وقد طبعته دار الشروق عام 1995م.

2- مشكلات الشباب والفتيات في مرحلة المراهقة.

3- إلى ابنتي.

4- أيام من حياتي.

5- نحو بعث جديد.

6- الأربعون النبوية.

فمما سبق نري هذا التنوع في الفكر، هذا غير كتاباتها في الصحف والمجلات مثل مجلة الدعوة ومجلة لواء الإسلام، وغيرها.

ففي كتاب نظرات في كتاب الله تقول بعد صدوره:-

«أنا أحببت القرآن حتى عشته ، فلما عشته أحببت أن أدندن به لمَن أحب ، فدندنت بعض دندنة المفسرين ، ولا أقول إني مفسرة ، ولكني أقول : إنني محبة للقرآن ، عاشقة له ، والعاشق يدندن لمن يحب ، والعاشق يحكي لمن يحب ، ويجالس من يحب ، ويعانق من يحب ، فعانقت القرآن ، وتحدثت به وله في جميع الملايين من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ، وعشت أدندن به في المساجد لأكثر من ستين عاماً ، أي عمر الدعوة التي أسستها في المساجد منذ 1937 م».

وهو كتاب ليس بكتاب تفسير بقدر ما هو كتاب نظرات حول آيات القرآن الكريم، ويقع هذا الكتاب في جزأين، حيث يحوي الجزء الأول من سورة الفاتحة حتى سورة إبراهيم، ثم يحوي الجزء الثاني ما بقى من سور القرآن الكريم.

أما عن كتاب أيام من حياتي فيعتبر وثيقة هامة وسجلا تاريخيا لحقبة تاريخيه مهمة للدعوة، وهي حقبة جمال عبد الناصر والذي حاول أن يطمس الهوية الإسلامية بتهميش دور الزهر واعتقال الدعاة، ويتعرض الكتاب لما وجهت الدعوة الإسلامية والدعاة من ظلم واضطهاد واعتقال وقتل في هذه الحقبة.

وإن كان الكتاب يعد من كتب السير الشخصية غير انه يعتبر إطلاله قوية علي أحداث تلك الحقبة، حيث كانت السيدة زينب أحد الذين جرت على شخصيتها هذه الأحداث.

ويعد الكتاب من الكتب التي يظهر عورات نظام عبد الناصر وتعسفه خاصة في ظل تعنت النظام المصري في الإفراج عن وثائق تلك الحقبة خاصة وقد مر عليها المدة القانونية والتي تسمح بخروج الوثائق للباحثين وللجمهور العام غير أن ذلك لم يحدث حتى الآن فجاء هذا الكتاب –وهو من الكتب القليلة التي تحدثت عن تلك الفترة خاصة محنة عام 1965 م- ليبر عما حدث للمجتمع المصري من ذل واستعباد وضياع وخراب في تلك الفترة، وكيف حدثت هزيمة عام 1967م، ودور العسكريين فيها ومدى استهتارهم بمقومات الحرب والاستعداد الفعلي لها.

وقد حوى الكتاب صور لمواقف الثبات على المبدأ والدين الإسلامي في حياة الدعاة المعاصرين، ويتراوح أسلوبها بين الحوار والسرد.

كما أظهرت نموذج للمرأة المسلمة التي اعتقلت من اجل دينها، وعذبت من اجل دعوتها، وحكم عليها سنين عددا في سجون عبد الناصر، وأبرزت أيضا حقيقة هامة وهي أنها لم تكن المرأة الوحيدة التي ابتلعها سجن عبد الناصر بل شاركتها أكثر من مائتين من الأخوات محنة الاعتقال أمثال غادة عمار وعلية الهضيبي وحميدة قطب ونعيمة خطاب زوجة المستشار حسن الهضيبي وآمال العشماوي زوجة المستشار منير الدلة، وفاطمة عبد الهادي زوجة الشهيد محمد يوسف هواش وفاطمة عبيد (والتي اشتهرت باسم أم أحمد)وغيرهن الكثيرات.

ثم يأتي كتابها مشكلات الشباب والفتيات في مرحلة المراهقة، وهو كتاب من جزأين وقد قامت دار التوزيع والنشر الإسلامية بطبعه عام 1997م، تناولت فيه كل ما يهم الشباب والشابات في تلك المرحلة الحرجة ووضعت في أسلوب مبسط بعض الطرق التي تحمي المراهق من عدم استثمار هذه الفترة وضياعها فيما لا طائل فيه.

ثم يأتي بعد ذلك كتاب "إلى ابنتي" والذي يقع في جزئين وهو من طبعة دار التوزيع والنشر الإسلامية، حيث صدر الجزء الأول عام 1994م، ثم صدر الجزء الثاني عام 1996م.

وتعبر الحاجة زينب عن مضمون الكتاب بقولها: « إلى ابنتي المسلمة الواعية , التي تشتاق إلى عودة الأمة من جديد إلى رحاب الأمن والإيمان في ظل نور التوحيد واستقامة الطريق ومقعد العزة والريادة والقيادة .. إلى ابنتي التي شرح الله صدرها للإسلام تنهل من معينه وتتربى في مدرسته وتعيش حياتها وفق مبادئه وأخلاقه وآدابه إلى ابنتي التي نذرت حياتها لحب هذا الدين والدفاع عن قيمه وأصوله فعاشته سلوكا في حياتها ويقينا في قلبها ..أقدم هذا الكتاب.

ثم تقول إن الظروف التي تمر بها المجتمعات الإسلامية والعربية والتحولات الضخمة التي تحدث في هذا العصر قد أثرت على شبابنا وأسرنا ونتج عنها زيادة حجم ونوعية المشكلات التي يعيشها الأفراد، وبالتالي لابد للحكم الشرعي أن يكون قائما على رؤية الواقع بأبعاده المختلفة ويقدم العلاج وفقا لمنهج الإسلام وشريعته الغراء».

ثم تقول: « إلى ابنتي الغالية ... إن أعز ما يدخر الإنسان لصالح حياته وللمشورة فيها ، صديق يعرف الله ، والمرأة العاقلة الواعية تختار صديقاتها من صاحبات الدين والورع ، والخوف من الله سبحانه ، وهذا الخوف الممزوج بمحبة ومودة أهل الإيمان ، فبذلك يا عزيزتي يمكنك أن تمارسي حياتك في محيط المخلصين الأوفياء ، باستطاعتك عندما تختارين صديقاتك أن تأمني في مجلسك على الأسرار ، وأن تعينهن ويعن بعضهن البعض على تنفيذ ما أمر به الله ، والانتهاء عما نهى عنه ،فتكون مجالسك يا ابنتي تفوح منها روائح الخير والبر ، وإياك وصحبة أهل البعد عن الله ، النمامات ، الناقلات لأحاديث المجالس المفرقات للشمل والمخادعات الكاذبات ، وإياك وصحبة من هن على شقاق مع الزوج والأبناء، من هن بعيدات عن الهداية، إلا أن تكون صحبتك بهدف الإصلاح ، اجتهدي أن تبيني لهن محاسن الأخلاق ومكارمها، كوني يا ابنتي داعية خير، كوني زهرة لها أريج يحب ، ويُــحَب ممن حولك من الصديقات ، حتى تكونين مصدراً لمشورتهم ، ويلتمسون عندك الخير والاطمئنان والفقه الحسن ... كوني يا ابنتي قدوة في مظهرك ومخبرك. في موعدك و في جدك ، كوني كاتمة السر لمن لديها مشكلة عالجي المشكلات بتجرد وإخلاص وحسن تفكير وتدبر، لا تضيعي وقتك في أحاديث اللهو والمزاح على حساب واجباتك... سارعي إلى فعل الخيرات وعيادة المريض ومواساة المحتاج ، وإغاثة الملهوف ... فتلك يا ابنتي من صفات الأخت المسلمة التي أريدها أن تكون في الغد الجديد إن شاء الله».

كما جاء فيه بعض النصائح للزوج فتقول تحت عنوان "كيف تفوز بقلب زوجتك": « تعرف على ما تحبه زوجتك فتجاهد لتحقيقه وعلى ما تكره فابتعد عنه وأبعدها عنه.

وأكثر من الكلمات الجميلة المحببة إلى نفس كل زوجة مثل حبيبتي, أحبك، وتفنن في إخراج هذه الكلمات بقوة وصدق .

واستمع إليها عندما تتحدث خصوصا إذا كان حديثها عن مشكلة تمر بها ترغب منك مشاركتها الرأي والمشورة ، استمع إليها بكل جوارحك .

وتزين لها دائما وبالغ في الزينة، ولا تشعر زوجتك بأنها مهانة لديك بل يجب أن تشعرها أنها معززة مكرمة، ولا تنس الثناء عليها بين الفينة والأخرى أمام ذويها وذويك في حضرتها وغيابها».

أما كتابها نحو بعث جديد فقد تكلمت فيه عن دور الأنبياء من لدن آدم عليه السلام وسائر الأنبياء، وكيف كان دورهم في إحياء البعث الإسلامي.

أما كتابها الأربعون النبوية فهو شرح وتحليل لأربعين حديثا نبويا شريفا.

كما لها كتاب ملك وآمال شعب تعطي فيه صور سياسية واجتماعية عن حياة الملك سعود.

كانت هذه تطوافة بسيطة حول ما آثرت به السيدة الفاضلة الحاجة زينب الغزالي المكتبة ليكون لها نبراس وسط شتى ألوان المعرفة والكتب التي زخرت بها المكتبات الإسلامية.