محمد حمزة الجميعي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
محمد حمزة الجميعي مسئول مكتب إداري البحيرة في عهد الإمام البنا


إخوان ويكي

مقدمة

حث الإسلام الحنيف أتباعه على العمل لتعمير الأرض وتوريثها صالحة جيل بعد جيل، وزادت أهمية العاملين للإسلام في العصر الحديث للصعوبات الشديدة التي يواجهونها من أنصار الباطل.

ولد الأستاذ محمد حمزة الجميعي في مدينة دمنهور حيث عاش وتعلم وعمل مصلحا بين الناس طوال حياته كما عمل في وزارة العدل حتى أصبح رئيس خبراء وزارة العدل فى دمنهور عام 1945م، وتعرف على دعوة الإخوان المسلمين في وقت مبكر حتى اختير مسئولا عن المكتب الإداري للإخوان في البحيرة.

يقول الأستاذ علي أبو شعيشع:

الأخ حمزة الجميعي رئيس مكتب الخبراء بدمنهور موهوب في تفكيره تحمل مسئولية رئاسة المكتب الإداري لإخوان البحيرة في ظروف صعبة فكان قدوتنا رغم ما ابتلاه الله من مرض كنا كثيرا من نشفق عليه حين يبذل الجهد أو يدوام على السهر معنا.
وكان من كريم خلقه أن ضرب المثل العالي في القيادة، فحينما كانت الأمور محتدمة بين الوفد والإخوان فجاءت زيارة المرشد العام الإمام البنا لدمنهور لترطب الجو وتجذب أحد كبار الوفديين وهو الأستاذ محمود الحلبي والذي كان مسموع الكلمة فتنازل له الجميعي عن منصب مسئول المكتب الإداري وقام به خير قيام، لكنه لعصبيته للوفد ترك الإخوان.

مواقف لها تاريخ

حينما هجم بعض الوفديين على مقر شعبة الإخوان وضربوا الأخ الموجود فكان للإخوان رد مما دفع الأستاذ محمد الجميعي لأن يقف أمام الوفديين موقف حازم

يذكره الأستاذ أبو شعيشع بقوله:

في يوم جمعة وبينما كان الإخوان منتشرين في البلاد مع قوافل نشر الدعوة وقبل صلاة العصر حاصر الشباب الوفدي الشعبة الرئيسية ولم يكن بها سوي الأخ محمد القباني الذي سارع واتصل تليفونيا بمن تبقي في المدينة وهاجم الوفديون الشعبة واعتدوا على الأخ محمد وما هي إلا دقائق حتى وصل الإخوان وحملوا عصي الجوالة الموجودة داخل الشعبة
وردوا الوفديين على أعقابهم وعلم الضابط النوباتجي بهذا الصدام فطلب من ضابط المطافي التوجه فورا إلى الشعبة لفك الاشتباك بخراطيم المياه وكان الضابط متعاطفا مع الإخوان فوجه الخراطيم إلى الوفديين الذين اضطروا أن يجلوا مكانهم فتبعهم الإخوان ضربا بالعصي إلى أن التجئوا إلى النادي الوفدي .
وأحس أحمد بك الوكيل رئيس الوفد بالبحيرة بخطورة الأمر فأرسل إلى الأخ حمزة الجميعي رئيس المكتب الإداري وعرض عليه الصلح وطلب أحمد بك أن يصدر الإخوان قرارا بفصل الأخ محمد القباني من الجماعة وهنا اعترض الأخ حمزة فقال : وماذا تري من العقاب؟ فأجابه : بأن أتقدم للمكتب الإداري بمذكرة أطلب فيها إيقاف الأخ محمد عن النشاط أسبوعين وهنا عجب أحمد بك من دعوة تعاقب بإيقاف النشاط وحزب يستجدي النشاط من أتباعه وقبل الفكرة.
وفي يوم 26/11/1950 عرضت بصفة عاجلة إحدى هذه الدعاوي وهي مرفوعة من محمد حمزة الجميعي بصفته رئيسا لشعبة الإخوان بدمنهور ضد وزارة الداخلية ومدير البحيرة والمندوب العام لتصفية أموال جمعية الإخوان يطالب فيها بإلغاء أمر الحل لصدوره مخالفا للقانون والدستور ولتضمنه نصوصا بالإلغاء والمصادرة لا يملكها الحاكم العسكري، كما يطالب بصفة عاجلة بوقف تنفيذ الأمر الصادر من مدير البحيرة بناء على أمر الحل ببيع أرض يملكها المدعي بصفته رئيسا للشعبة ونائبا عن المرشد العام ووضعت عليها الحراسة يدها باعتبارها من ممتلكات الجماعة.

مع شخصية حسن الهضيبي

يسوق الأستاذ جابر رزق حوار مع الأستاذ محمد الجميعي دل على عظمة الرجل ووضعه داخل الجماعة حيث يقول:

الأستاذ حمزة الجميعي أحد الأوائل الذين تعرفوا على دعوة الإخوان المسلمين وعملوا لها . وهو أحد قلائل من الإخوان كانوا على صلة بالإمام الهضيبي – بكم طبيعة العمل بوزارة العدل – وذلك قبل أن يتولي منصب الإرشاد . إذ عمل معه فى الأربعينات وتعرف على شخصيته وسلوكه وخلقه قبل أن يخلف الإمام الشهيد حسن البنا فى قيادة دفة الجماعة.

قلت للأستاذ حمزة الجميعي عضو الهيئة التأسيسية لجماعة الإخوان المسلمين ورئيس مكتب إداري دمنهور:

متي عرفت الإمام حسن الهضيبي؟
قال: عرفته – رضي الله عنه وتقبله فى الصالحين – عندما كان رئيسا لمحكمة المنيا الابتدائية وكنت وقتها أعمل خبيرا محاسبا فى محكمة المنيا الابتدائية .. فوجئنا يوما أنا ورئيس المكتب بدخول رئيس المحكمة علينا – وكان هو الإمام الهضيبي – يرغب فى أن يناقشنا فى عملنا ويحقق لنا مطالبنا ، ويتعرف على مشاكلنا ويساعدنا فى حلها وكان هذا أول رئيس محكمة يتصل بنا كخبراء وييسر لنا سبل العمل ، وكان الإمام الهضيبي يتعاون معا كخبراء فى المهمات التي تحال إلينا على أكمل وجه . أذكر أنه دخل علينا بابتسامته المعروفة وبدأ يمسك الدفاتر ويسأل:

كيف تباشرون عملكم ؟!

فشرحنا له كيف يسير العمل . وظل الرجل واقفا على رجليه ورفض أن يجلس وأخذ يستمع فى هدوء وفى صمت ، ولم يضايقه طول الوقت وطول الشرح ، وبعد أن استمع لنا بدأ يوجه ملاحظاته وتوجيهاته لنا بطريقة أشعرتنا جميعا أن هذا الرجل صنف جديد من رجال القضاء فى تحريه للعدل بكافة الطرق . وبعد ما انتهي وتركنا ولم أكن أعرفه من قبل سألت :

من هذا الرجل ؟!

فقيل لي: إنه حسن الهضيبي .. ويضيف الأستاذ حمزة معلقا
كلمة "الهضيبي" نفسها عندما يسمعها الإنسان دون أن تري الشخص نفسه تلقي فى الذهن أهمية كبيرة للشخص تأتي من أهمية "الهضبة" بالنسبة للأرض المستوية فلهضبة تمثل الارتفاع .. السمو... الهدوء .... النقاء... ويوما قلت لزملائي : هذا الرجل اسمه ينم فعلا عن تصرفاته وسلوكه وأخلاقه ومفاهيمه .. وقد شعرت بجاذبية خاصة تجاه الرجل ورغبت فى التعرف عليه وبعد أيام ذهب إليه نرد له الزيارة فاستقبلنا بترحاب وأبدي حسن استعداده لأى معاونة وأى طلبات نحن فى حاجة إليها.
ثم بعد فترة نقل الأستاذ الهضيبي من محكمة المنيا ، ونقلت أيضا بعده إلى مدينة بني سويف ومن بني سويف نقلت إلى دمنهور عام 1945. وقتئذ – فى عام 1945 – كنت رئيس خبراء وزارة العدل فى دمنهور وكان لى وكيل المكتب الزراعي الأستاذ محمد حسن ثابت الذي كان يمت بصلة المصاهرة للأستاذ الهضيبي فلما سألته :
أنت من منية أبو ثابت ؟
قال أنا من عرب الصوالحة.
فقلت أنت من بلد المستشار حسن الهضيبي؟
قال : عائلة ثابت أصهار لعائلة الهضيبي.

يقول الأستاذ حمزة:

بيني وبين نفسي أعتبرت محمد ثابت همزة وصل بيني وبين الأستاذ الهضيبي فقربته لى وتزاورنا وكان هدفي هو التعرف على الأستاذ الهضيبي أكثر . كانت أهم المعلومات التي عرفتها عن طريق الأستاذ محمد حسن ثابت هى أن الإمام الشهيد حسن البنا – رضوان الله عليه – كان من برنامجه فى الأجازة الصيفية علاوة على رحلته إلى مدن وقري الوجه القبلي أن يزور الأستاذ الهضيبي فى عرب الصوالحة وكان الأستاذ الهضيبي يتصل بالإمام حسن البنا وكل منهما يبدي رغبته للأخر لهذا اللقاء .
وكان الأستاذ محمد حسن ثابت يخبرني بوجود الإمام حسن البنا عند الأستاذ الهضيبي أثناء لقائهما هذا . واستمرت هذه اللقاءات فى أعوام 46،47 وإلى أن استشهد الإمام حسن البنا فى مساء يوم 12 فبراير 1949 . وكان الأستاذ الهضيبي خلال هذه اللقاءات يتعرف على الأنشطة المختلفة والجهود التي يبذلها الإمام البنا فى الأقاليم ويتعرف على المشاكل التى تواجهها جماعة الإخوان المسلمين.

ويضيف الأستاذ حمزة:

إن مما استدعي انتباهي فى أحاديث الأستاذ محمد ثابت أن الأستاذ حسن الهضيبي – رضوان الله عليه – كان بطبيعته ومنذ نشأته ، ومنذ طفولته المبكرة إنسانا مسالما بمعني الكلمة وليست دعوة الإخوان المسلمين هى التي غرست الإيمان فى قلبه ولكنه نشأ منذ طفولته مستقيما غاية الاستقامة وكنا نحس هذا المعني عندما نستعرض أسماء أبنائه الذكور : محمد المأمون ... أسامة ... إسماعيل ...
ولو رجعنا إلى تاريخ ميلاد أسامة لوجدنا أن أسامة ولد فى وقت كان يسيطر عليه الإلحاد وغياب الروح الإسلامية فى مصر وعندما تجد رجلا فى القضاء يسمي ابنه بهذا الإسم فإن ذلك يدلك على أن الرجل على صلة قويه بالإسلام وبرجالات الإسلام فى الصدر الأول . كان هذا فى وقت لم يكن له أى صلة بالحركة الإسلامية الممثلة فى جماعة الإخوان المسلمين .

وكان الناس فى هذه الحقبة نوعين :

نوع ليس لديه فكرة عن الإسلام ويعيش وفق هواه ،ونوع آخر قلق ومهموم مما يراه من واقع المسلمين ويحاول أن يتعرف على هذا الطريق .. وكيفية إنقاذ الأمة وكان الأستاذ الهضيبي من هذا الصنف الأخير الذى عرف الإسلام دون أن تكون لدعوة الإخوان المسلمين أى دخل فى هذا.

ويذكر الأستاذ حمزة الجميعي حادثة يلقي بها الضوء على شخصية الإمام الهضيبي رضوان الله عليه فيقول:

عندما كان الإمام الهضيبي رئيسا لمحكمة جنايات أسيوط وقد قص على هذه القصة احد كبار المحامين .. قال لى أن وزير العدل فى حكومة الوفد 1947 وكان من كبار المحامين وقد حضر يوما إلى أسيوط كمحامي للدفاع عن متهم قاتل أمام محكمة جنايات أسيوط التى كان يرأسها وقتئذ الأستاذ الهضيبي فعرض على زميلين له من المحامين أن يذهبا إلى المحكمة ويسألا عما إذا كان رئيس الدائرة موجودا وحضر من القاهرة أم لا.
فقيل لهما أنه موجود بحجرته يطالع بعض الأوراق الخاصة بالمحكمة فعرض عليهم المحامي الكبير أن يذهبوا لزيارته قبل أن تبدأ الجلسة وفعلا استأذنوا على الأستاذ الهضيبي فأذن لهم فدخلوا وسلموا وجلسوا واستدعي الأستاذ الهضيبي الحاجب وأمره بإحضار القهوة لكل من الزائرين .
بعد انصراف الحاجب لإحضار القهوة بدأ المحامي الكبير يتحدث مع الأستاذ الهضيبي حديثا معناه أن الوفد سيعود إلى الحكم وأنه سيعود وزيرا للعدل . وألمح أنه يستطيع أن ينقل الأستاذ الهضيبي إلى القاهرة . بمجرد أن انتهي المحامي الكبير من حديثه ودخل الحاجب يحمل صينية القهوة فما كان من الأستاذ الهضيبي إلا أن أمر الحاجب بالخروج فورا دون أن يقدم القهوة لأحد من المحامين الزوار وأمره بالانصراف وأغلق الباب خلفه .

ثم اتجه الأستاذ الهضيبي إلى المحامي وقال له: " أنا مضطرا ألا اقدم لك هذه التحية ولا لزملائك لأنه لا يجوز من محامي سيقوم بالدفاع أمامي فى قضية منظورة اليوم ويلوح قبل نظر الدعوي بأنه سيكون رئيسا لى قريبا . هذا أمر لا أقبله ولهذا اضطررت رغم أنفي أن أمتنع عن تقديم التحية لكم فما السبب!! فاعتذر المحامون وخرجوا من عنده" .

هذه القصة تدلك على مدي إحساس الرجل بالاستقلال التام فى إبداء الرأى والبعد عن أى تأثير خارجي يكون له تأثير فى إصدار الحكم .

كيف تم اختيار المستشار الهضيبي

قلت للأستاذ حمزة الجميعي: كيف أختير الأستاذ الهضيبي مرشدا للإخوان ؟

قال : عقب استشهاد الإمام حسن البنا وعقب إسقاط حكومة إبراهيم عبد الهادي والإفراج عن الإخوان من معتقل الطور أجريت الانتخابات وعاد الوفد إلى الحكم وبدأ التفكير فى عودة الجماعة ظهر أربعة كبار الإخوان كل منهم يريد أن يكون مرشدا هم : الأستاذ عبد الرحمن البنا شقيق الإمام الشهيد حسن البنا ، والأستاذ عبد الحكيم عابدين، والأستاذ صالح عشماوي ، والأستاذ أحمد حسن الباقوري ، وكان لكل منهم وجهة نظره فى أحقيته بهذا المنصب وبالذات هؤلاء الأربعة ، وهؤلاء القلة من الإخوان المسئولين كانوا يعدون على أصابع اليد الواحدة وهذا الاتجاه كان غير واضح بين الإخوان لعدم العثور على هذا الإنسان الذى يمكن أن يختار .

وكان من بين هؤلاء القلة الأستاذ حسن عشماوي المحامي ، وأذكر أنه حضر إلى سوهاج مع والده محمد باشا العشماوي المحامي للدفاع فى قضية قتل أمام محكمة جنايات سوهاج فقابلني وتحدث معي فيمن يكون مرشدا للإخوان ، وكان يريد التمهيد لاختيار مرشدا بعيدا عن هؤلاء الأربعة، وانا شخصيا وافقت على هذا المبدأ باعتبارى عضو فى الهيئة التأسيسية ، وباعتباري رئيس مكتب إداري دمنهور، وقتها فهمت أن فى ذهن الأستاذ حسن واحد معين لكنه لم ينص إلىّ اسمه ففوجئت أن كشف الإختيار الذى مرر على بالهيئة التأسيسية وبصفتي أحد أعضائها مرر على ووقعت بالموافقة على اختيار الأستاذ الهضيبي

والذين احضروا لى كشفا أسماء أعضاء الهيئة التأسيسية لأوقع عليه سألتهم:

كيف وصلتم إلى الأستاذ الهضيبي ؟

فقالوا : كان مصدر التفكير فى اختيار الأستاذ الهضيبي الأخ المستشار منير الدلة والأخ الأستاذ حسن العشماوي والأخ منير الدلة كان – بحكم منصبه القضائي – اعرف الإخوان المسئولين بالأستاذ الهضيبي.

فى بادئ الأمر اعتذر الأستاذ الهضيبي وتكرر العرض وتكرر الاعتذار وفي خلال هذه الفترة استعان الإخوان بالأستاذ صالح حرب باشا والأستاذ محمد العشماوي باشا رحمهما الله فى رجاء الأستاذ الهضيبي أن يقبل وبعد موافقة الأستاذ الهضيبي على اختيار الإخوان له مرشدا عاما دار حديث بينه وبين زوجته رحمها الله فقال لها :

هل تعرفين ثمن هذا الاختيار ؟!

فقالت: ما هو الثمن ؟!

فأشار إلى رقبته !!

فقالت : الأستاذ البنا استشهد ، وأنت عندما تمشي على نفس الطريق ربما استشهدت أيضا ... وبعد رجاء وإلحاح قبل الأستاذ الهضيبي بشرط موافقة المائة وخمسين عضوا الذين تتكون منهم الهيئة التأسيسية ويكون له حق فى الاعتذار إذا امتنع عضوا واحد على الموافقة على اختياره ، وفعلا وافق الجميع حتى الأربعة الذين كانوا مرشحين قبله .

ومما كان يحببني فيه ويزيدني ثقة به هو أنه كقاضي يحب أن تكون رؤيته للأشياء واضحة تمكنه من أن يحكم بالحق قدر الإمكان لذلك كان لا يصدر أى حكم ما لم يكن كل شئ واضح أمامه وليس فيه أى غموض أو خفاء أو أسرار وهذا ما يتفق مع جوهر الإسلام .

" كان رحمه الله يتسم بالصبر والثبات ولم يكن له داخل السجن مال خاص . وكان لا يتزحزح عن موقفه مهما حدث له ، مما جعل الجميع يحترمونه ".

وانقطع الخبر

من سياق كلمات الأستاذ جابر رزق أن الأستاذ محمد الجميعي استمر في الدعوة حتى فترة الثمانينيات وحتى توفاه الله، لكننا لم نعثر على أى معلومة عنه تسوقنا إلى تاريخ وفاته