قالب:كتاب الأسبوع

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٠٢:٢٢، ١ أكتوبر ٢٠٢٢ بواسطة Admin (نقاش | مساهمات)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
مكتبة الموقع
القرضاوى يكتب عن ذكريات السجن والدعوة مع عز الدين إبراهيم.. الرجل الذى أعاد مسلمى أمريكا السود إلى الإسلام الصحيح

من أعظم المصائب التى تنزل بالأمة أن تفقد علماءها وحكماءها، الواحد بعد الآخر، ولا تجد منهم عوضا، فإنما الأمة برجالها، وقديما قالوا: الرجال قليل. وإذا كان الرجال قليلا، فإن العلماء منهم قليل، وإذا كان العلماء قليلا، فإن العاملين منهم قليل، وإذا كان العاملون قليلا، فإن المخلصين منهم قليل، ومن هنا تجد الرجال العلماء العاملين المخلصين، هم قليل من قليل من قليل، وصدق الله تعالى إذ يقول: «وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ» [سبأ:13]، ويقول تعالى: «إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ» [ص:24].

ومن هنا كان فقد الأمة لرجالها الأقوياء الأمناء، أو الحفَّاظ العلماء، نكبة أعظم من فقد الأموال، ونقص الثمرات، وخصوصا إذا كان هؤلاء الرجال من أهل العلم والدعوة، وأهل الرأى والحكمة، فإن المصيبة بفقدهم تتضاعف، والخسارة برحيلهم تتفاقم، حتى يُخْلِف الله على الأمة مَن يسدُّ مسدَّهم، أو يقوم ببعض دورهم، وهذا ما نبَّه عليه الحديث النبوى الصحيح المتَّفق عليه، عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبقَ عالما، اتَّخذ الناس رءوسا جُهَّالا، فسُئلوا فأفتَوا بغير علم، فضلُّوا وأضلُّوا».

أقول هذا بمناسبة ما أُصيبت به الأمة الإسلامية، والدعوة الإسلامية، والثقافة الإسلامية، والتربية الإسلامية، من فقد رجل من خيرة رجالاتها، وحاديا من أهدى حُداة ركبها، إنه الأخ الحبيب، والصديق الأثير، العالم الباحث الأديب، والداعية المربى الكبير، الأستاذ الدكتور عز الدين إبراهيم، الذى ربطتنى به روابط عدَّة منذ نحو ستين عاما، حتى فرَّق بيننا هادم اللَّذات، ومفرِّق الجماعات (الموت).

لقد عرَفتُه قبل أن ألقاه، فقد كان من طلاَّب الإخوان المسلمين المتميِّزين فى جامعة القاهرة، (جامعة فؤاد الأول)، مع مصطفى مؤمن وسعيد رمضان، وغيرهما، وكنا نحن طلاَّب الإخوان فى الثانوى حينذاك نعتزُّ بهم ونفخر.

أما أول ما لقيتُه واستمعتُ إليه، فأظنُّه كان فى سنة 1946م، حين كنتُ فى القاهرة لمناسبة من المناسبات، وكان شأننا إذا كنا فى القاهرة أن نزور المركز العام للإخوان، ونحاول لقاء الأستاذ المرشد حسن البنا، وقلَّما كان يُتاح لنا ذلك، وفى هذه المرَّة قيل لنا: فى هذه الليلة يُقام احتفال بذكرى المولد النبوى بشُعبة السيدة عائشة بالقلعة، وسيخطب فيه بعض الدعاة الشباب، ومنهم عز الدين إبراهيم، وحرصتُ على أن أشهد الاحتفال لأستمع إليه، لقد عشقته أذنى قبل أن يراه بصرى. والأذن تعشق قبل العين أحيانا.

وقد حضرتُ مع بعض الإخوة إلى الشعبة المذكورة، وشاركنا فى هذا الاحتفال بالاستماع إلى خطبائه، الذى كان فى طليعتهم الشاب الجامعى عز الدين إبراهيم، الذى تحدَّث عن السيرة النبوية، وانتقد ما يقدَّم للشَّعْب فى (قصة المولد)، التى تُتلى على الناس فى كلِّ شهر ربيع الأول، واستمعتُ إلى عز الدين إبراهيم يتحدَّث عن واجبنا نحو السيرة النبوية، حديثا جديدا، عن قصص المولد النبوى التى تُعرض على الناس فى المساجد، وقد تُقرأ فى البيوت، وضرورة تصفيتها من هذه الشوائب التى لا تتَّفق مع قرآن ولا سنة، ولا علم محقَّق. وعرض السيرة السليمة التى تُتَّخذ منها الأسوة المحمدية، ويقتبس الناس من دروسها النيرة ما ينفعهم، ويرقى بهم فى دينهم ودنياهم....اضغط هنا

مكتبة الموقع