عائلة الحاج أمين الحُسيني

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
عائلة الحاج أمين الحُسيني

03-10-2003

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،


أصل وتاريخ العائلة الحسينية

كانت فلسطين جزءا من الإمبراطورية العثمانية لمدة أربعمائة عام، (1517 ـ 1917)، وكانت القدس، المدينة المقدسة، عاصمة سنجق القدس. واما العائلات المشهورة في القدس فهي: عائلة الحسيني، والعلمي، والأنصاري، والعسلي، والبديري، والدجاني، والإمام، وجار الله، وجودة، والخالدي، ومعتوق، والنمري، والنشاشيبي، ونسيبة، وقطينة، ويوزباشي(1).

وقد كانت علاقة العائلات الإسلامية هذه طيبة مع العائلات المسيحية التي سكنت فلسطين(2). وقد انقسمت هذه العائلات فيما بينها زمن الانتداب البريطاني الى مجموعتين هما: جماعة آل الحسيني، وجماعة آل النشاشيبي(3). وأخذت عائلات فلسطين تؤيد عائلة ضد أخرى من هاتين العائلتين. وكان حكم الإنجليز يزيد المنافسات اشتعالا على أساس فرق تسد. ومن المناسب أن نذكر أن بعض هذه العائلات كانت تسكن فلسطين منذ زمن طويل، فمثلا عائلة جودة، وعائلة نسيبة، ما زالتا تحتفظان بمفتاح كنيسة القيامة، وهو المفتاح الذي كان قد تسلمه الخليفة عمر بن الخطاب عندما فتح القدس عام637م، من البطريرك صفرونيوس(4).

وهذه العائلات المذكورة، عائلة الحسيني التي لعبت دورا هاما في تاريخ القدس واصبحت مشهورة في كل فلسطين خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر(5)، وهناك عائلات سميت بالحسيني(6) عاشت في مناطق مختلفة من العالم الإسلامي، وبعض منها عاش في فلسطين وقد عين عدد منهم قضاة في القدس. ومعروف تاريخيا أن العائلات الإسلامية سواء الحسينية أم الحسنية أم العائلات الإسلامية الأخرى كانت تتبع أحد المذاهب الإسلامية الأربعة، وهو المذهب الحنفي أو الشافعي أو المالكي أو الحنبلي.

إن أفراد العائلة الحسينية الموجودين الآن في فلسطين يعتبرون أنفسهم أحفاد الحسين إبن الخليفة علي بن أبي طالب ـ كرم الله وجهه ـ، وزوجته فاطمة بنت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ(7)، ويقولون إن جدهم هو محمد بن بدر الذي يرجع أصله الى الحسين إبن الخليفة علي بن أبي طالب(8). وقد رحل إبن بدر الى القدس في عام 1380م أو 82 هـ من وادي النسور (وادي غرب القدس)، وسكن أجداده في هذا الوادي منذ أكثر من 200 سنة بعد أن هاجروا من الحجاز(9). ولكن هناك بعض أعداء العائلة الحسينية لفقوا قصة في بداية القرن العشرين مفادها: إن العائلة الحسينية سكنت في قرية «دير سودان»(10)، وسميت العائلة الحسينية بعائلة أسود إشارة الى اسم القرية، وهذا الادعاء لفقه اعداء العائلة الحسينية(11).

وقد شاهدت عند سعيد الحسيني في أيار1890م، في القدس نسخة من شجرة آل الحسيني(12) وهي تحتوي على تسلسل أجداد العائلة حتى الخليفة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وتحتوي الشجرة أيضا على بعض الفقرات التاريخية لعدد من أفراد الأسرة. ومن الملاحظ أن تاريخ أفراد الأسرة الحسينية منذ زمن محمد بن بدر ـ الذي يعتبره الحاج أمين هو جد العائلة الحسينية المشهورة ـ حتى زمن عبد القادر بن كريم الدين الوفائي الحسيني لا نعرف عنهم إلا الشيء القليل(13).

وتولى عبد القادر بن كريم الدين منصب الإفتاء في القدس(14) في بداية القرن السابع عشر، وعندما توفي عبد القادر انتقل هذا المنصب الى علماء من عائلات محلية في القدس، مثل عائلة العلمي، وعائلة جار الله، وكذلك شغل منصب الإفتاء شيوخ ليسوا من هذه العائلات المذكورة، فمثلا عين أبو بكر محمد بن صلاح الدين، الملقب بالعلبي الحنفي القدسي مفتيا للحنفية، وقد رحل فيما بعد الى أسطنبول (تركيا)، وتوفي هناك عام 1144هـ، الموافق 1731م(15).

وهناك شيخ آخر ولد في القدس واصله من غزة هو الشيخ أحمد بن محمد بن يحيى المعروف بالموقت القدسي الذي عين مفتيا في القدس مرتين، وقد غير مذهبه المالكي الى المذهب الحنفي وتوفي في 1071هـ، الموافق 1660م(16).

هذا وقد استطاع بعض أفراد العائلة الحسينية الوصول الى وظائف هامة في الدولة العثمانية، ولا سيما وظيفة مفتي، ووظيفة نقيب الأشراف. وقد شغلت هذه العائلة هذه الوظائف الدينية منذ بداية القرن السابع عشر حتى القرن الثامن عشر(17).

وأطلعني الدكتور اسحق موسى الحسيني على وثيقة غير منشورة، كتبها حسن الحسيني بن عبد اللطيف الحسيني عام1131هـ، باللغة العربية، وتوجد نسخة من هذه الوثيقة في متحف فلسطين (متحف روكفلر) في القدس (18)، وأما النسخة الأصلية فموجودة في المتحف البريطاني، وتعتبر هذه الوثيقة مصدرا أساسيا عن تاريخ عائلة الحسيني، وعائلات أخرى في القدس، ويرجع سبب كتابة هذه الوثيقة الى أن خليل أفدني المرادي، مفتي دمشق، كان قد طلب من حسن الحسيني أن يكتب عن سيرة عائلات القدس(19)، واعتمد خليل أفندي المرادي في كتابته عن سيرة حياة سكان القدس، وأعيانها على هذه الوثيقة. وكتب الدكتور بطرس أبو منة في «نسيلة من الشرق» عن العائلة الحسينية في القرن الثامن عشر، واعتمد على هذه الوثيقة، وقال: «إن عبد اللطيف بن عبد القادر بن عبد اللطيف الحسيني هو أكثر أفراد العائلة الحسينية شهرة، لأنه مؤسسها(20).

وكان عبد اللطيف (الجد) شيخ الحرم القدسي، ونقيب الأشراف في القدس(21)، وكان له ثمانية إخوة، وتوفي عبد اللطيف في عام 1107هـ، الموافق 165م، وأصبح ابنه عبد الله نقيبا للاشراف بعده، وقد نظم قصيدة في رثاء والده، الذي لقبه بالهاشمي الحسيني(22). وأما عبد اللطيف (الحفيد) الذي لمع نجمع أكثر من جده، فكان يشغل وظيفة نقيب الاشراف، فضلا عن شيخ الحرم القدسي، وقد تم تعيينه نقيبا للاشراف في عام 1158هـ، الموافق 1745م(23)، من قبل نقيب الاشراف في اسطنبول، وبسبب هذه الوظائف فقد أصبح عبد اللطيف (الحفيد) أكثر شهرة من المفتي نفسه، الذي لم يكن من أسرة الحسيني. وقد أثنى الحجاج الذين زاروا القدس على السيد عبد اللطيف الحسيني، كما أثنى عليه أيضا مفتي القدس الشيخ التافلاني المغربي، ومولانا سليمان أفندي المحاسني، خطيب الجامع الأموي في دمشق(24). وعندما زار المحاسني القدس في (1176 هـ، الموافق 1762م) قال: إن عبد اللطيف يرجع بنسبه الى فاطمة الزهراء بنت الرسول محمد صلى الله عليه وسلم(25). هذا وقد كانت علاقة عبد اللطيف جيدة مع شيوخ دمشق، فقد زاره في القدس مثلا الشيخ سعيد افندي السمان قادما من دمشق ليبارك له زواج ولديه، وفي أثناء الزيارة مدح السمان عبد اللطيف وعائلته، فقال: إن أصل هذه العائلة الحسينية يرجع الى سيدنا الحسن(26)، (إبن بنت الرسول محمد صلى الله عليه وسلم). ثم قام عبد اللطيف، وزار شيوخ دمشق ردا على زيارتهم في عام 1172هـ، ولكن علاقته مع والي دمشق تدهورت بسبب ازدياد شهرة عبد اللطيف، التي لغت على شهرة الوالي نفسه، حتى أن عبد اللطيف أصبح يطلق عليه شيخ شيوخ القدس(27). وحسدا من والي دمشق فقد أصدر أمرا يقضي بعدم مغارة عبد اللطيف القدس مدى الحياة وتجريده من وظيفتيه وهما: نقيب الأشراف، وشيخ الحرم وإعطائهما لابنه عبد الله.

وقد توفي عبد اللطيف الحسيني عام 1188هـ، وخلفه أولاده الأربعة(28)، وهم عبد اله المذكور آنفا، والحاج حسن الذي أصبح مفتيا للقدس، وهو أول شخص من آل الحسيني يصبح مفتيا، بعد أن فقدت العائلة هذه الوثيقة في القرن السابع عشر، والحاج مصطفى، والحاج عبد الصمد، الذي انتقل الإفتاء اليه بعد أخيه، وبقي الإفتاء في يد عبد الصمد، وذريته من بعده حتى زمن الحاج أمين الحسيني. وفي أثناء دفن عبد اللطيف أنشد الشيخ عبد الغني الجواهري قصيدة رثاء على قبر عبد اللطيف كانت مؤثرة(29). وكتب خليل المرادي مفتي دمشق المتوفي عام 1791م عن أعيان القرن الثاني عشر مشيرا الى عبد اللطيف بكلمة «السيد عبد اللطيف»(30)، دلالة على أنه من الأشراف الذين يرجع نسبهم الى فاطمة الزهراء، وأطلق المرادي كلمة القدسي(31) بدلا من الحسيني في كتابه على عائلة عبد اللطيف. ولم يكن لقب الحسيني شائع الاستعمال بل كان لقب القدسي هو الشائع الاستعمال. وقد كتب حسن الحسيني في وثيقته المذكور آنفا أن هذه العائلة كانت تتوارث وظائف نقابة الأشراف، ووظيفة شيخ الحرم.

أما النظام الإداري في الحكومة العثمانية، فكان يتطلب موافقة قاضي القدس ورضى المواطنين على من يشغل منصب نقابة الأشراف والإفتاء، ولم يكن للمتصرف الحق في التعيين أو العزل، لهذين المنصبين. وكانت طريقة التعيين تتم بأن يرفع قاضي القدس تقريرا، أو طلبا، الى الوالي في دمشق للموافقة عليه، وكان الوالي بدوره يرفع هذا الطلب الى نقيب الأشراف في اسطنبول للموافقة عليه، وكان نقيب الأشراف في العاصمة العثمانية يصدر قراره (فرمانا) على موافقته على هذا التعيين، لأن الشخص من سلالة فاطمة الزهراء. ولكن تعيين نقيب الاشراف أصبح فيما بعد من اختصاص قاضي القدس فقط(32).

ومن الجدير بالملاحظة أن بعض أفراد العائلة الحسينية شغلوا منصب نقيب الأشراف في كل من يافا، واللد (وهما مدينتان كبيرتان في فلسطين) وكذلك شغل نقابة الاشراف في القدس أفراد آخرون من العائلة الحسينية(33)، وكان نقيب الأشراف يبقى في وظيفته لمدة سنة واحدة فقط، وكانت وظيفته تتجدد تلقائيا، إذا أرسل الهدايا الى بعض موظفي الدولة العثمانية، أو الى نقيب الأشراف في إسطنبول(34)، لذلك كان الحسينيون يرسلون من القدس الصابون الفاخر من صنع مصنعهم، كهدية الى وكيلهم في العاصمة العثمانية، وكان هذا بدوره يوزع الهدايا من الصابون الفاخر الى الموظفين في العاصمة، وبهذا العمل كان يضمن الحسينيون تجديد تعيينهم المستمر في وظائفهم في القدس(35).

وقدس سبق أن ذكرنا أن المذاهب الإسلامية أربعة: الحنفي، الشافعي، المالكي، الحنبلي، وقد اتبع العثمانيون المذهب الحنفي، في حين كان المذهب الشافعي مذهب معظم شعب فلسطين(36). وقد عين حسن الحسيني مفتيا للقدس بتاريخ1789م، وهكذا حصل الحسينيون على منصب الإفتاء بعد أن فقدوه في القرن السابع عشر عندما توفي عبد القادر بن عبد الكريم الوفائي الحسيني الذي لم ينجب أطفالا، وقد حصل حسن الحسيني للمرة الثانية على التعيين كمفتي عام 1791م(37)، بعد أن ناسه ثلاثة شيوخ هم موسى الخالدي، وعبد الحق الجاعوني، وموسى الغزي(38). ويعود سبب تعيين حسن الحسيني كمفتي للمرة الثانية الى صداقة العائلة الحسينية مع رجال الدولة العثمانية عن طريق وكيلهم في العاصمة، وبقي الحسينيون يشغلون منصب الإفتاء في القدس من عام 1891م حتى 1937م، ولكنهم فقدوا هذا المنصب لفترة وجيزة في هذه الفترة، وذلك في منتصف القرن التاسع عشر ويعود هذا الى وجود بعض الأعداء أو المنافسين للعائلة. وذكر الدكتور بطرس ابو منة أن العائلة الحسينية استعملت لقب الحسيني منذ زمن السلطان سليم الثالث(39)، وذلك لقهر أعداء العائلة ومنافسيها، وكذلك لكي تضفي الصيغة الشرعية على العائلة بأنهم من الأشراف.

وعندما توفي حسن الحسيني عام1809م، أصبح الشيخ طاهر بن عبد الصمد مفتيا للقدس، لأن أولاد حسن الحسيني كانوا صار السن. وقد عمل الشيخ طاهر في المسجد الأقصى كمدرس للأحاديث الشريفة في صحيح البخاري في عام 1227هـ، الموافق 1912م(40)، وكانت وظيفة تدريس العلوم الدينية في المسجد الأقصى من اختصاص العلماء فقط.

وكان الشيخ طاهر، والشيخ عمر الحسيني بن عبد السلام الحسيني (نقيب الأشراف) يشغلان أعلى المناصب الدينية في فلسطين، ولكنهما نفيا الى القاهرة في عام1834م، بسبب ثورة القدس التي اشتعلت ضد ابراهيم باشا بن محمد علي باشا حاكم مصر(41)، وقد مكثا في المنفى الى أن انسحب إبراهيم باشا، وجيوشه من سوريا. وقد ضعف نفوذ العائلة الحسينية، وازداد نفوذ العائلة الخالدية في اسطنبول، خلال الأعوام1834 ـ 1876م علما بان العائلة الحسينية كانت تشغل وظيفة الإفتاء، ونقابة الأشراف معا، أما العائلة الخالدية فكانت بيدها وظيفة «باش كاتب» في القدس، وهي وظيفة دينية هامة كانت زمن الدولة العثمانية(43). ولكن منذ عام1834م خسرت العائلة الحسينية هذه الوظائف الدينية، وحلت محلها عائلة العلمي ثم تبعتها عائلة جار الله(43). واما في منتصف القرن التاسع عشر فقد استطاع الحسينيون استرجاع هذه الوظائف الدينية أولا بسبب نشاط وكيلهم في اسطنبول، وثانيا بسبب العلاقة الطيبة بين العائلة الحسينية وحاكم القدس العثماني(44).

وعندما توفي الشيخ محمد الفضل جار الله مفتي القدس عام 1856م، استطاع الحسينيون بمساعدة حاكم القدس من الوصول الى منصب الإفتاء بعد أن خسروه خمسة وعشرين عاما. وعندما تولى منصب الإفتاء مصطفى الحسيني (جد الحاج أمين)، كانت علاقته طيبة مع السلطات العثمانية(45)، ذلك استمر منصب الإفتاء بدون انقطاع في عائلة الحسيني من عام 1856 ـ 1937م، وتولى منصب الإفتاء في هذه الفترة على التوالي: مصطفى الحسيني (جد الحاج أمين)، وطاهر الحسيني (والد الحاج أمين)، وكامل الحسيني (الأخ الأكبر للحاج أمين)، وأخيرا الحاج أمين الحسيني(46).

وشغل الحسينيون في فترة حكم السلطان عبد الحميد الثاني 1876 ـ 1909م وظائف دينية، وإدارية هامة في كل من العاصمة اسطنبول والقدس. ففي عام 1886م شغل موسى الحسيني زعيم هذه العائلة منصب رئيس المحكمة الجنائية في القدس، وكان أخوه سليم نقيب الأشراف، أما ابنه شكري فكان قد تزوج من بنت اخ كامل باشا رئيس الوزراء (الصدر الأعظم)(47).

وإن السبب الذي ادى الى نجاح العائلة الحسينية بشغل هذه المناصب الإدارية، والدينية، والبرلمانية، هو تفوقهم على غيرهم في العلوم الدينية والسياسية. وأما العائلتان اللتان نافستا العائلة الحسينية في تلك الفترة فهما عائلة الخالدي، وعائلة العلمي، ولكن بعد عام 1908م، دخلت عائلة النشاشيبي حلبة صراع على المناصب والزعامة مع العائلة الحسينية في القدس، وفي كل فلسطين(48) ولا سيما زمن الانتداب البريطاني. وفي زمن السلطان عبد الحميد أيضا أصبح سليم الحسيني رئيس بلدية القدس، وقد شغل هذا المنصب من بعده ابناه حسين وموسى كاظم الحسيني(49)، هذا وقد شغل هذا المنصب أيضا أفراد من عائلة الخالدي، وعائلة العلمي(50). وتولى إدارة شؤون القدس في الفترة ما بين 1963 ـ 1913م ستة عشر رئيسا للبلدية، وكان منهم أربعة من العائلة الحسينية هم بالترتيب: عمر بن عبد السلام الحسيني، وسليم الحسيني، وسعيد الحسيني، وحسين سليم الحسيني(51). هذا ويجب أن لا ننسى أن بعض الأفراد من العائلة الحسينية وأعضاء آخرين من فلسطين عينوا أعضاء في البرلمان العثماني، مجلس المبعوثان، فمثلا انتخب سعيد الحسيني عضوا في البرلمان العثماني مرتين، وأصبح سعيد الحسيني فيما بعد وزيرا للخارجية في حكومة الملك فيصل في دمشق عام 1920م وتوفي عام1945م(52).

وهناك فلسطينيون آخرون وصلوا الى عضوية البرلمان العثماني، وكان منهم أفراد من العائلة الحسينية، وهذا الجدول يثبت ذلك(53):

انتخابات البرلمان العثماني عام1876م:

عضو عن القدس: يوسف ضياء باشا الخالدي

عضو عن القدس: روحي الخالدي

عضو عن القدس: سعيد الحسيني

عضو عن يافا: حافظ السعيد

عضو عن نابلس: الشيخ أحمد الخماش

عضو عن عكا: الشيخ أسعد الشقيري


انتخابات عام1912م:

عضو عن القدس: روحي الخالدي

عضو عن القدس: عثمان النشاشيبي

عضو عن غزة: أحمد عارف الحسيني

عضو عن نابلس: حيدر طوقان

عضو عن عكا: الشيخ أسعد الشقيري


انتخابات عام1914م:

عضو عن القدس: سعيد الحسيني

عضو عن القدس: راغب النشاشيبي

عضو عن القدس: فيضي العلمي

عضو عن نابلس: توفيق حماد

عضو عن نابلس: أمين عبد الهادي

عضو عن عكا: عبد الفتاح السعيدي


وهناك أعضاء من العائلة الحسينية نشطوا سياسيا وأصبحوا أعضاء في منظمة سرية قبل الحرب العالمية الأولى، وكمثال على ذلك(54):

(عضو): شكري الحسيني

جمعية الإخاء العربي العثماني

(عضو): إسماعيل الحسيني


(عضو)

جمال الحسيني

المنتدى الأدبي

(عضو)

محمد صالح الصمادي الحسيني

(عضو)

سعيد الحسيني

كتلة البرلمان العربي

(عضو): مصطفى الحسيني

جمعية العلم الأخضر

(عضو): سعيد الحسيني

حزب اللامركزية العثماني


(عضو)

رشدي الإمام

(عضو): سعيد الحسيني

حزب العربية الفتاة

الجمعية القحطانية وجمعية العهد: لا أحد.


كانت عائلات القدس تؤثر تأثيرا كبيرا على فلاحي فلسطين، حتى أن نفوذها كان يفوق نفوذ حاكم القدس نفسه على الفلاحين(55)، وكان الفلاحون يؤيدون عائلة ضد أخرى، وأول من زرع هذا الانقسام في فلسطين هو إبراهيم باشا (1831 ـ 1839)، فمثلا أيد ابراهيم باشا عائلة عبد الهادي، وعائلة النمر ضد عائلة طوقان في نابلس(56).

ويجب أن لا ننسى أن أبناء فلسطين كانوا منقسمين الى قسمين منذ القدم الى قيسي ويمني(57) وكانت العائلة الحسينية تتبع الفرع اليمني في حين كان آل الخالدي قيسيين. ونستطيع القول أخيرا إن أبناء فلسطين، ومنهم الفلاحون خاصة، قد أيدوا العائلة الحسينية لسببين هما: أولا شرف العائلة الديني ونسبها، وثانيا الدعم المالي للفلاحين المحتاجين ولا سيما زمن الحكم العثماني.


الهوامش

(1) مقابلة مع الاستاذ حيدر الخالدي بتاريخ5/7/1980م. وهو أمين المكتبة الخالدية في القدس، وكان مدرسا في الرملة ما بين عام 1932 ـ 1935م، وعمل مدرسا في الكلية الرشيدية من 1935 ـ 1948م، وقد سمح لي الخالدي بتصوير وثيقة تبحث عن العائلة الحسينية تحت عنوان «تراجم أهل القدس في القرن الثاني عشر»، وهذه الوثيقة من املاك آل الخالدي، وموجودة في متحف روكفلر (متحف فلسطين سابقا) في القدس. وكتب هذه الوثيقة مفتي القدس حسن الحسيني في القرن الثامن عشر الميلادي، وأصل هذه الوثيقة موجود في المتحف البريطاني في قسم مكتبة الدراسات الشرقية يقع تحت رقم «OR3047».

(2) Geoffrey Furlong: Palestine is my Country, the Story of Musa al - Alami, John Myrry Geoffry, Furlong London. p.9.

(3) مقابلتي مع الدكتور عزة طنوس بتاريخ8/12/1980م، وهو مواطن فلسطيني مسيحي ومؤسس المكتب العربي في لندن، وقد لعب دورا سياسيا في تاريخ فلسطين زمن الانتداب البريطاني على فلسطين.

(4) مقابلة مع الاستاذ حيدر الخالدي في القرن في 5/7/1980م.

(5) د. بطرس أبو منة: «أضواء جديدة على علو شأن العائلة الحسينية في القدس في القرن الثامن عشر»، نسيلة من الشرق، عدد رقم3، تموز 1979م، ص15.

(6) الحسن والحسين هما أبناء علي بن أبي طالب، الخليفة الرابع في الإسلام. زوجته هي فاطمة بنت النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وبعد وفاة الحسن والحسين اعتبر كغيره من المسلمين أنهم يرجعون بنسبهم الى الحسن أو الحسين، وهدفهم هذا هو لإضفاء الشرعية على نسبهم.

(7) Yehuda Taggar: The Mufti of Jerusalem and Palestine Arab Politics, 1930 - 1937. London School of Economics thesis, 1973, P. 10.

(8) مجيد خضوري: عرب معاصرون. الدار المتحدة للنشر، بيروت، 1973م. صفحة 131.

(9) المصدر نفسه: كتب الدكتور خضوري انه تسلم رسالة من الحاج أمين الحسيني في كانون أول عام 1971م، وتحتوي الرسالة على شجرة العائلة. وقد ذكر الحاج أمين في رسالته ان جد العائلة الحسينية هو محمد بن بدر الذي سكن وادي النسور، وان العائلة جاءت من الحجاز.

(10) دير سودان: قرية قرب رام الله في فلسطين.

(12) قال لي الدكتور داود الحسيني في تاريخ23/7/1980م في عمان إن أسماء أفراد العائلة الموجودين في شجرة العائلة قد أخذ معلوماتها من سجل المحكمة الشرعية في القدس.

(13) انظر شجرة العائلة عند سعيد الحسيني.

(14) Yehuda Porath: The Emergence of the Palestinian National Movement 2 Vols. Frank Cass and Co., Ltd Great Britain, 1974.

(15) خليل المرادي: سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر. مجلدان، مكتبة المثنى، بغداد، صفحة 49.

(16) المصدر نفسه. صفحة 175.

(17) Porath: The Emergence. Vol, 1, P. 184.

(19) د. عبد الكريم رافق: مقاطعة دمشق. 1723 ـ 1783م. بيروت 1966م. صفحة333.

(20) د. بطرس أبو منة: أضواء جديدة على العائلة الحسينية في «نسيلة من الشرق» ص15.

(21) شيخ الحرم هو الشخص المسؤول عن حماية المسجد الأقصى والصخرة المشرفة. ونقيب الاشراف هي وظيفة تدل على ان صاحبها يرجع بنسبه الى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.

(22) وثيقة لندن رقم (OR3047) السابقة الذكر.

إن كلمة سيد في الوثيقة هي للدلالة على نسبتهم الى النبي الكريم عن طريق ابنته فاطمة الزهراء. وقد قارنت وثيقة لندن مع وثيقة القدس فوجدتهما متشابهتين ما عدا نقطة واحدة هي ان وثيقة القدس تذكر ان وفاة عبد اللطيف الأول كان في 1106هـ في حين تذكر وثيقة لندن ان وفاة عبد اللطيف كانت في 1107هـ.

(23) د. بطرس أبو منة: أضواء جديدة. (نسيلة من الشرق)، ص16.

(24) وثيقة لندن رقم OR3047.

(25) الوثيقة نفسها.

(26) الوثيقة نفسها، سيدنا الحسن هو حفيد النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

(27) خليل المرادي: سلك الدرر، الجزء الثالث، صفحة124.

(28) وثيقة لندن OR3047، انظر ايضا الجبرتي: عجائب الآثار، ج1، صفحة 412.

(29) المصدر نفسه.

(30) خليل المرادي: سلك الدرر. الجزء الثالث، صفحة 124.

(31) المصدر نفسه.

(32) وكمثال على تعيين نقيب الاشراف من قبل القاضي: كان تعيين عبد السلام الحسيني كنقيب للاشراف بعد وفاة أخيه عبد اللطيف بن عبد الله قد تم على هذه الوثيقة، ولم يكن القاضي ليصدر قرارا كهذا إلا بعد ان طلب أهالي القدس منه هذا التعيين، وأهالي القدس هم أعيانها مثل العلماء والاشراف وأرباب الكلام. انظر سجل المحكمة الشرعية في القدس رقم 278 صفحة 41 بتاريخ ربيع ثاني 1211هـ، الموافق تشرين أول 1796م، وانظر سجل المحكمة الشرعية رقم293 صفحة 37.

(33) سجل المحكمة الشرعية في القدس رقم 28صفحة 32، وسجل رقم 279صفحة 49 وانظر كذلك وثائق رقم1،2،3 في نسيلة من الشرق للدكتور بطرس أبو منة.

(34) Gibb and Bawen: Islamic Society and the west, 1951 and 1957, Vol. 2. P100. See also Dr. Abu Minna: Nasila. Documents No. 2,3.

(35) سجل المحكمة الشرعية في القدس رقم 297 صفحة 161 ـ 162. وانظر أيضا وثيقة رقم 4 في نسيلة من الشرق.

(36) مقابلة مع الدكتور اسحق موسى الحسيني، القدس في 28/6/1980م.

(37) سجل المحكمة الشرعية في القدس رقم 273، صفحة 12.

(38) د. بطرس أبو منة: أضواء جديدة. نسيلة من الشرق. هامش رقم 54. ذكر د. أبو منة ان العائلة الحسينية زودته ببعض الوثائق الهامة.

(39) المصدر نفسه: صفحة 21.

(40) سجل المحكمة الشرعية رقم295 صفحة 186، القدس.

(41) عارف العارف: المفصل في تاريخ القدس، مطبعة المعارف. 1961م. ص281 وص284.

وأخبرني الدكتور رجائي الحسيني ان أحد أفراد العائلة الحسينية قد نفي الى القاهرة من القدس عندما افتتحت قنصلية بريطانية في القدس، وقد حاول هذا الحسيني انزال العلم البريطاني لأنه يحمل الصليب، وكان هذا النفي بناء على طلب الإنجليز، وربما تكون هذه الحادثة ليست هي نفسها حادثة نفي الشيخ عمر والشيخ طاهر من القدس للقاهرة، والله أعلم.

(42) مقابلة مع حيدر الخالدي في القدس بتاريخ5/7/1980م، وانظر ايضا في نسيلة من الشرق، أضواء جديدة للدكتور أبو منة.

(43) إحسان النمر: تاريخ جبل نابلس والبلقاء. نابلس 1938 وعام 1961م، المجلد الثاني ص405.

(44) Y. Porath: Al - Hajj Amin Al - Husatni; Murti of Jerusalem. Asian and Africn Studies, 1971, 7:121 - 56, p.124.

(45) Joseph Schecktman: The Mufti and the Fuhrer, the Rise and Fall if Hajj Amin Al - Husayni, A. S. Barnes and Co. , lnc, . 1965, P. 16.

(46) د. بيان الحوت: القيادات والمؤسسة السياسية في فلسطين 1917 ـ 1948م. رسالة دكتوراة. الجامعة اللبنانية. 1977م، بيروت، ص: 237.

(48) د. أنيس صايغ: من فيصل الاول الى جمال عبد الناصر، المطبعة العصرية والمحرر، صيدا وبيروت 1965م. ص64.

(49) Y. Porath: The Emergence. Vol. 1. 14.

(50) Geoffrey Furlong: Palestine is my Country: The Suory of Musa Alami. John Murry, London. 1969. p.29.

(51) مصطفى مراد الدباغ: بلادنا فلسطين. ج10، القسم الثاني، مطبعة دار الطليعة، بيروت 1976م ص201.

(52) مقابلة مع منيف الحسيني. (منيف كان محرر جريدة الجامعة العربية) بتاريخ14/12/1980م.

(53) د. بيان الحوت: القيادات. ص221 شكل رقم1.

(54) المصدر نفسه، ولكن. بيان الحوت ذكرت في رسالتها أشخاصا آخرين كانوا أعضاء في هذه المنظمات السرية، ولكنني اقتبست فقط اسماء أبناء العائل الحسينية.

(55) Y. Porath: The Emergence. Vol. 1. P. 14.

(56) المصدر نفسه: ص15.

(57) إلياس حداد: الأحزاب السياسية في سوريا وفلسطين ـ قيسي ويمني. هذا المقال كتبه حداد في مجلة فلسطين حيث ذكر في مقاله ان الشيخ ناصيف اليازجي في كتابه مجمع البحرين في الفصل الرابع عشر تحت عنوان التهامية قال: إن قيس هو من بني عدنان وقد تشاجر مع شخص من بني قحطان يدعى يمن، وأسس كل منهما جماعة تؤيده ونشبت الحرب بينهما، وانتشر هذا الانقسام بين العرب حتى وصل ايضا الى عرب الحجاز واليمن. انظر هذا المقال في:

Journal of Palestine Society. Nol l. P. 210. See Tnis Journal located at snhool of Oriental and African Studies (S.O.A. S.) London university. No. 913. 8945 (1920 - 1921).


العائلة الحسينية واليهود قبل الحرب العالمية الأولى

عاش في فلسطين عدد قليل من اليهود بلغت نسبتهم7% زمن الحرب العالمية الأولى، وكان العرب يطلقون على اليهودي بيهودي عربي، وعلى المسيحي مسيحي عربي. وكان بعض اليهود يشتغلون في المزارع العربية، وعاشوا بين العرب. كمثال على ذلك كتب يهودا تجار «إن تجارة آل الحسيني في يافا كان يديرها لمدة ثلاثين عاما يهودي اسمه إبن راكاح الذي كان سليم الحسيني يحترمه»(1).

كانت عائلة الحسيني تملك أراضي كثيرة في مناطق مختلفة في فلسطين، مثل أراض في قرية الشرفة شمالي القدس(2)، وكذلك امتلكت عائلة الحسيني أراضي في قالونيا، وجليا، والقدس، ويافا، وغزة، ومناطق أخرى في فلسطين(3).

وقد قام البريطانيون بتشجيع اليهود على شراء الاراضي والسكن فيها في فلسطين منذ منتصف القرن التاسع عشر، وذلك قبل اصدار وعد بلفور بسنوات كثيرة. وكان قد سجل كثير من اليهود أسماؤهم في القنصلية البريطانية في القدس، وذلك بقصد حمايتهم بحسب قانون نظام الامتيازات العثمانية(4)، والدليل على ذلك أن المستر ديكسون «Dickson» القنصل البريطاني في القدس كتب بتاريخ 11/7/1893 الى المستر آرثر نيكلسون Arthur Nicolson رئيسه في وزارة الخارجية في لندن ما يلي: «يحصل لي الشرف أن اكتب لك قائمة باسماء اليهود الروس الذين سجلوا أسماؤهم في القنصلية البريطانية لحمايتهم للأبد واذكر لك انني بعثت بقائمة مماثلة الى السلطات في القدس»(5).

وكان سكان فلسطين عموما وآل الحسيني خصوصا قد منعوا هجرة اليهود الى فلسطين قبل الحرب العالمية الأولى، ولإثبات ذلك نقول ان سعيد الحسيني، وروحي الخالدي، وهما ممثلا القدس في البرلمان العثماني قد نجحا في اقناع البرلمان العثماني لإصدار قانون يمنع هجرة اليود الى فلسطين(6)، ورحب الفلاحون في فلسطين بالخطاب الذي ألقاه كل من روحي الخالدي، وشكري العسلي في البرلمان العثماني ضد الهجرة اليهودية الى فلسطين.

وبالإضافة الى النشاط الحسيني في اسطنبول كان هناك أفراد آخرون من هذه العائلة نشطوا في القدس لوقف الهجرة الى فلسطين ومثال على ذلك: الدور الذي لعبه مفتي القدس محمد طاهر الحسيني «والد الحاج أمين»، ففي عام 1887 ترأس المفتي جماعة، بقرار من الحكومة العثمانية ـ لتطبيق قرار الهدف منه هو مراقبة انتقال الاراضي في متصرفية القدس، وهذا القرار واضح وهو عدم انتقال الاراضي لليهود(7).

وهناك محاولات صهيونية، ونشاطات مبكرة للاستيلاء على الاراضي الفلسطينية في العهد العثماني، وحاول هرتزل ـ الزعيم الصهيوني ـ مثلا إقناع السلطان عبد الحميد السماح لليهود الروس بالهجرة الى فلسطين(8)، وقد فشل هرتزل في ذلك، ولهذا فقد عمل هرتزل خطة ثانية إذ أرسل الى السلطان عبد الحميد رسالة في عام 1902م قال فيها: «ان اليود مستعدون لمساعدة الدولة العثمانية ماديا لسداد الديون التي عليها بشرط السماح لليهود بالهجرة الى فلسطين»(9)، وقد فشل هرتزل للمرة الثانية، لذلك كتب الزعيم الصهيوني تقريرا للمنظمة الصهيونية قال فيه: «أنه لا يمكن لليود الاستفادة من تركيا إلا بتغير سياستها نحو اليهود، ولن يتم ذلك إلا إذا أوقع اليهود تركيا، وسلطانها في حرب مع دول أخرى»(10). وبقي السلطان عبد الحميد مصمما على عدم السماح لليهود بالهجرة الى فلسطين، بل ذهب الى أبعد من ذلك إذ منع اليهود الانجليز من السفر الى فلسطين، واستلم القنصل البريطاني Dickson رسالة بالشيفرة من وزارة الخارجية البريطانية تقول: «إن يهود بين بريطانيين يحملان الجنسية البريطانية وهما ليسا من سكان تركيا، مزودان بجوازي سفر من وزارة الخارجية لم يسمح لهما بالنزول في ميناء يافا في 21 من هذا الشهر»(11).

وكتبت الجرائد العربية عدة مقالات عن الحركة الصهيونية. فمثلا نشرت جريدة الاقدام مقابلات مع سعيد الحسيني، وراغب النشاشيبي، وتكلموا عن الحركة الصيهيونية. قال سعيد الحسيني في هذه المقابلة انه سيواصل كفاحه ضد الحركة الصهيونية في البرلمان العثماني وانه سوف يعمل على تحسين معيشة الفلاح الفلسطيني إذا انتخب للمرة الثانية في البرلمان العثماني(12). وعلى الرغم من نشاط سعيد الحسيني ضد الحركة الصهيونية في البرلمان العثماني إلا أن علاقة عائلة الحسيني مع اليهود غير الصهاينة في القدس كانت علاقة جوار وتبادل منفعة وذلك قبل اصدار وعد بلفور عام1917م(13).


هوامش

(1) Y. Taggar: The Mufti. P. 12 Footnote No. 8

(2) المصدر نفسه. ص10. ذكر لي بعض افراد من العائلة الحسينية ان اليهودي الذي عمل عند ال الحسيني هو ابن روزا وليس ابن راكاح ولكن ربما يكون هو نفس الشخص ولكن اختلاف في اللفظ للإسم فقط.

(3) مقابل مع منيف الحسيني بتاري14/12/1980.

(4) لتفسير كلمة امتيازات، انظر دائرة المعارف الاسلامية Encyclopedia of Islam، ط2، ج3، ص1178. وهذه الكلمة تعني: الحقوق التي اعطيت للاجانب الذين سكنوا في الدولة العثمانية.

(5) ارشيف وزارة الخارجية البريطانية، ملف رقم:

FO. 195/1806. No. 38 July 11. 1993. From Dickson to A. Nicolsom.

(6) د. عبد الوهاب الكيالي: تاريخ فلسطين الحديث، المؤسسة العربية للدراسات والنشر. بيروت 1973م. ص62.

(7) المصدر نفسه. ص50.

(8) مذكرات الدكتور حسين فخري الخالدي، رئيس بلدية القدس عام 1934م. كتب مذكراته في عام 1949م. ولزيادة المعرف عن نشاط هرتزل راجع مذكراته.

(9) المصدر نفسه.

(10) جريدة فلسطين. عدد رقم408/41، 24 آب 1921م.

(11) أرشيف وزارة الخارجية البريطانية ملف رقم FO. 195/1806. No. 46. August 25, 1893 .

(12) المصدر نفسه.

(13) مقابل مع حيدر الحسيني ورجائي الحسيني. حيدر الحسيني هو إبن مفتي القدس كامل الحسيني. وهو رئيس الهيأة العربية العليا. وهو زوج سعاد بنت المفتي الحاج أمين الحسيني. اما رجائي الحسيني فهو ابن اخت الحاج أمين الحسيني. وكان يعمل مدرسا في الجامعة الامريكية في بيروت.

طفولة الحاج أمين وثقافته

ولد الحاج أمين الحسيني في القدس في عام 1895م(1)، وهو الابن الثالث لطاهر الحسيني مفتي القدس الذي انتقل الى رحمة الله عام1908م. ورزق طاهر الحسيني من زوجته محبوبة سبع بنات وطفلا واحدا هو كامل الحسيني. وأصبح كامل مفتيا للقدس بعد وفاة والده. ورزق طاهر من زوجته الثانية زينب، طفلين هما فخري وأمين(2). وقد رضع الحاج أمين من مرضعة عربية(3) اسمها فاطمة القنبر من عائلة العباسي، من قرية سلوان قرب مدينة القدس(4). وتعود الحاج أمين على زيارتها باستمرار، وكان يحترمها مثل والدته ويقبل يديها كما يقبل يدي والديه(5).

وعاش الحاج امين أيام طفولته مع ابناء اخواته وهم أبناء جيل واحد، ومن اصدقائه في طفولته اسحق درويش، وراغب الامام، ورشدي الامام(6).

وكان بيت طاهر الحسيني «والد الحاج امين» يمتلىء بالزوار من شيوخ، وكان الطفل أمين يصلي معهم باستمرار في «الاوضه الكبيرة»(7). ويستمع اثناء طفولته الى الدروس الدينية التي كان يلقيها والده في هذا المجلس على الزوار، وكان في بيت طاهر غرفتان لاستقبال الضيوف، غرفة لاستقبال الرجال، وغرفة أخرى لاستقبال النساء، وكان الزوار أحيانا يبيتون ليلتهم في تلك الغرفة، وكان امين يرافق والده دوما للصلاة في المسجد الاقصى، وكان يصطحب معه اطفالا من اترابه. وتعتبر طفولة امين في معظمها دينية، لم لا، ووالده مفتي القدس وزوار والده معظمهم من شيوخ فلسطين، لذلك استطاع امين حفظ القران وهو في سن العاشرة من عمره، وتمتع امين شأنه شأن أطفال القدس بصيام شهر رمضان من كل سنة، وبقضاء عيد الفطر والصلاة في المسجد الاقصى المبارك، لذلك تأثر أمين بهذه الحياة الدينية في القدس منذ طفولته(8).

نستنتج من هذه الدراسة ان طاهر الحسيني نشأ اطفاله نشأة دينية، ولا سيما حين عين الشيخ علي الريماوي، من قرية بيت ريما العربية قرب مدينة رام الله، معلما لأطفاله: كامل، وفخري، وأمين، العلوم الدينية في البيت(9)، وبالاضافة الى هذا فقد درس أمين في مدارس خاصة تدعى «كتاب» وبعد ذلك أكمل دراسته الإبتدائية، والاعدادية في المدارس الحكومية، وكذلك درس لمدة سنتين اللغة الفرنسية في مدرسة الفرير في القدس(10).

وكان مركز أفراد العائلة الحسينية الذين توارثوا الإفتاء أبا عن جد، هو مركز ديني مرموق كان يحترمه سكان القدس خاصة، وفلاحو فلسطين عامة، حتى أن بيت مفتي القدس أصبح معروفا لعدة أجيال في القدس، ويدعى بدار المفتي(11). وعندما توفي طاهر الحسيني والد الحاج أمين الحسيني أصبح إبنه كامل مفتيا للقدس، وقد اهتم كامل بتربية أخيه أمين ولا سيما بعد وفاة زينب والدة الحاج أمين خلال الحرب العالمية الأولى.

وعندما بلغ الطفل امين الحسيني الثانية عشرة من عمره تعلم ركوب الخيل في أراضي العائلة الحسينية في قالونيا، وأصبح فارسا. وقرب هذه القرية أقام اليهود مستعمرة تدعى موتسا، وكان هرتزل قد زرع بها أول شجرة لهذه المستعمرة، ولكن أمين وأصدقاءه من الاطفال أرادوا أن يظهروا عداءهم للصهيونية فاجتث أمين تلك الشجرة(12). هذا وقد بدأ العداء العربي للصهيونية عندما بدأت الصحافة الفلسطينية تنبه الشعب الفلسطيني الى خطر هذه الحركة الغريبة، وألهبت الجرائد شعور سكان فلسطين لحماية أراضيهم من الغزو الصهيوني اليهودي الغريب(13).

وكتب أمين الحسيني يومياته مورخا بالتاريخ الهجري وتاريخ السنة المالية عندما كان يدرس في جامعة الازهر في القاهرة، ومن يقرأ هذه المذكرات يجد أن أمين الحسيني اقتبس اشعارا حماسية وطنية دونها في مذكراته، هذا بالاضافة الى اقتباسه مجموعة نصوص من خطب لجمال الدين الافغاني(14) ومن الجمل التي اعجبت أمين، ودونها بخط واضح في مذكراته هي «إذا تجمع الرماد المبعثر في الهواء فان دولتك ستبعث من جديد يا اورشليم»(15).

وكان قد سافر أمين عام1911م للإلتحاق بجامعة الأزهر(16)، وكان أخوه كامل قد بعثه الى الجامعة المذكورة للإلتحاق بها بقصد إعداد أخيه أمين ليصبح مفتيا للقدس من بعده(17). وكان يرس لاخيه أمين خمسة جنيهات تركية شهريا كمصروف(18). وفي القاهرة درس أمين في ثلاثة معاهد أكاديمية هي جامعة الأزهر، ودار الدعوة والإرشاد «وهي المدرسة التي أنشأها رشيد رضا»(19)، وكلية الآداب بجامعة القاهرة(20)، ودرس أمين في المعهدين الأول والثاني دراسة إسلامية على يد رشيد رضا «تلميذ محمد عبده»(21)، الذي درسه الفلسفه والحركة الإسلامية، وكان أول من بدأ في تدريس هذه الحركة الإسلامية جمال الدين الافغاني، الذي علم تلاميذه أهمية الوحدة الإسلامية لصد الزحف الأوروبي عن البلاد الإسلامية(22).

وكانت قاعات التدريس في الازهر مقسم الى مجموعة غرف، في كل غرفة يدرس جماعة من بلد واحد، يدرسهم شيخ، فهناك مثلا رواق الهند ورواق الشام ورواق المغرب وغير ذلك، وكان أمين ينتقل من رواق الى آخر للتعارف على المسلمين من مختلف الأمصار(23)، والمتخرج من الازهر كان يطلق عليه لقب شيخ، في حين لم يطلق على امين لقب شيخ ولكن اطلق عليه لقب الحاج فيما بعد، لانه ادى فريضة الحج مع والدته.

وأما عن رحلته لأداء فريضة الحج فقد كتب أمين الحسيني في مذكراته أن «في يوم السبت ظهرا في 16 ذي الحجة غادرنا مكة المكرمة الى جدة، وفي يوم الثلاثاء في الرابع من محرم الحرام عام1331هـ غادرنا الكرنتينا لركوب الباخرة الى السويس ثم الى لبنان... مكثنا في لبنان عشرة أيام ثم ركبنا باخرة تدعى توفيق في التاسع عشر من محرم الى حيفا...»(24).

لم يخرج الحاج أمين من جامعة الأزهر لأنه أدى فريضة الحج في عام 1913 ورجع الى القدس ثم وقعت الحرب العالمية الاولى التي منعته من الرجوع الى القاهرة، وكانت مدة دراسته في القاهرة سنتين ونصف تقريبا»(25).


هوامش

(1) اختلفت المصادر في تحديد السنة التي ولد فيها الحاج أمين. فبعض المصادر ذكرت انه ولد عام 1883، كما كتب كل من اليهوديين بيرلمان وسيختمان في كتابيهما عن حياة الحاج أمين. وذكرت بيان الحوت انها قابلت الحاج امين وذكر لها انه ولد في عام 1897م. وذكرت وثيقة في وزارة المستعمرات البريطانية تحت رقم CO733/248/17693 انه ولد عام 1895م، وان هذه المعلومات الموجودة في الوثيقة هي من موسى العلمي. وهناك وثيقة في الارشيف الصهيوني تحت رقم S25/10499 ذكرت ان الحاج امين ولد عام 1895م او 1313هـ. وذكر يهودا تجار ان الحاج امين قدم طلبا للحصول على جواز سفر في 1/8/1921م وكتب المفتي في الطلب انه ولد عام 1986م وان هذا الطلب موجود الان في ارشيف مكتب رئاسة الوزراء الاسرائيلي تحت رقم I.S.A. File 01820. Original: No. H/582 وقد صرحت لي زينب الحسيني وهو اكبر بنات المفتي انها سمعت والدتها عدة مرات مداعبة زوجها أمين انه اكبر منها بعشر سنوات وكان يجيبها بانه لم يكمل العشر سنوات، ونعلم ان تاريخ ميلاد زوجة الحاج امين هو عام 1904م لذلك فعند طرح 9 سنوات من عام 1904 نستنتج ان المفتي ولد عام 1895م.

(2) مقابلة مع زينب الحسيني. قالت زينب ان أخوات الحاج أمين من زوجة والده الاولى هن: زكية، وزهية، ومفتية، وزليخة، وفاطمة، وامينة، وخديجة، واخوهن هو كامل الحسيني. ورزق كامل إبن طاهر الحسيني اربعة أولاد هم: حيدر وطاهر ومصطفى وحسين.

(3) فاطمة القنبر هي امة في الرضاعة. عائلة القنبر لا تمت بصلة قرابة الى عائلة الحسيني.

(4) مقابلة مع زينب الحسيني بتاريخ12/6/1980.

(5) ان تقبيل يدي شخص ما تدل على احترام ذاك الشخص، وهي عادة متبعة في فلسطين وبعض الدول الاخرى.

(6) إميل الغوري: أعلام فلسطين ص20.

(7) المصدر نفسه.

(8) مقابلة مع منيف الحسيني.

(9) إميل الغوري: أعلام فلسطين. وربما ان قاسم الريماوي رئيس الوزراء الاردني السابق هو قريب الشيخ علي الريماوي، ولهذا كانت العلاقة طيبة بين الريماوي والمفتي.

(10) المصدر نفسه. وانظر ايضا كتاب Schechtman: The Mufti and the Fuhrer P.17.

(11) ذكرت لي والدتي في قرية ترمسيعا ان دار المفتي هي «أشهر من نار على علم» في القدس، واكد لي هذا الكلام والدي.

(12) مقابلة مع سعاد الحسيني «بنت المفتي» وصرحت لي سعاد ان أصدقاء الحاج أمين الذين رافقوه لاجتثاث الشجرة هم راغب الامام. ورشدي الامام. وانظر ايضا الغوري: أعلام فلسطين. ص3.

(13) ارشيف وزارة الخارجية البريطانية ملف رقم FO. 195/235. File 25, June, 1910. وانظر ايضا الكيالي: تاريخ فلسطين. ص61. واقرأ الجرائد التي كتبت في تلك الفترة عن الحركة الصهيونية: المقتبس، والمفيد، والحقيقة، والرأي العام، والكرمل.

(14) Albert Hourani: Arabic Thought in the Liberal Age, 1798 - 1939 Oxford University press, 1970, P 103.

(15) لاندري من اين اقتبس المفتي هذه العبارة، ولعله اقتبسها من التوراة.

(16) مقابلة مع الدكتور اسحق موسى الحسيني، في حين ذكر يهودا والبرت حوراني في كتبهما ان امين الحسيني سافر للقاهرة عام 1912م.

(17) Y. Taggar: The Mufti. p. 12

(18) Palestin. Vol. xll, March31, 1937, No 13, P. 100 School of. Oriental and African Studies London.

(19) Albert Hourani: Arabic Thought p. 222.

(20) أرشيف وزارة المستعمرات البريطانية ملف رقم Co 733/248/17693.

وانظر ايضا د. بيان الحوت، القيادات، ص234.

(21) Albert Hourani: Arabic Thugth. P. 130.

(22) Robrt John and sami Hahawi: The Palestin Diary 1914 - 1945 2 vols. Plo Research Center. Beirut 1970.

(23) مقابلة مع منيف الحسيني.

(24) يوميات المفتي.

(25) مقابلة مع منيف الحسيني. قال منيف لي ان مدة دراسة الحاج أمين في القاهرة كافية لان نطلق عليه كلمة عالم في تلك الأيام، في حين توجد وثيقة في الارشيف الصهيوني تحت رقم ZA/S25/10499. تذكر ان دراسته كانت لمدة سنة واحدة في مصر.

حياة الحاج امين العسكرية في تركيا

ذكرنا سابقا أن الحاج أمين رجع الى القدس من مكة، ولم يعد الى القاهرة، وفي عام 1914م وقعت الحرب العالمية الأولى. ووقفت تركيا الى جانب ألمانيا ضد الحلفاء، فقامت تركيا وأخذت تجند الشباب من سوريا الكبرى، ومناطق أخرى لتدريبهم للإشتراك في الحرب العظمى، وكان من بين هؤلاء الشباب الحاج أمين الحسيني(1). وذكر الحاج امين الحسيني في يومياته التي كتبها عندما كان في تركيا ان رتبته العسكرية هي «أوردو1، قولوردو4، فرقة46، ألاي 145، طابور3 ك34، طقم2، قومونداني قدسلي محمد أمين الحسيني»(2).

وكان الحاج أمين عسكريا نشيطا تنقل في مناطق كثيرة في تركيا أثناء العطل الرسمية. وكان يقوم دوما بزيارة إبن عمه إبراهيم بك الحسيني إبن إسماعيل بك الحسيني، وكذلك سعيد الحسيني الذي كان عضوا في البرلمان العثماني، وقام بزيارة بعض أقاربه وأصدقائه مثل إبن عمه جميل الحسيني، وفيضي العلمي «صديقه من القدس»، وكانت حياة الحاج أمين صعبة في تركيا ولا سيما في البداية بسبب ظروف الحرب العظمى، فكان كل شيء مرتفع الثمن في الدولة العثمانية حتى أن بعض الأشياء كانت مفقودة، ففي فلسطين مثلا بين اعوام 1911 ـ 1917م كانت الحياة صعبة لدرجة أن السكر واللحم كان وجودها نادرا(3). وكانت أحوال سكان قطاع غزة أسوأ من غيرهم في فلسطين لقربهم من ساحة المعركة، وتقدم الجيش الإنجليزي من مصر الى فلسطين عبر القطاع(4).

ووصف الحاج امين في يومياته ظروف الحياة في تركيا بأنها كانت صعبة جدا عندما كان جنديا(5)، وذكر أنه لم يستطع النوم ليالي كثيرة بسبب وجود القمل، والبق في ملابسه وفراشه، وأن كثيرا من انواع المأكولات كانت صعبة المنال، وأن الطقس البارد قد أثر على حياته، وكاد يموت بسبب البرد لعدم توافر الغطاء الكافي، ولكن هذه الحياة الصعبة تغيرت نحو الأحسن عندما أصبح ضابطا في الجيش التركي بعد مضي عام في تركيا.

وقابل الحاج أمين كثيرا من العرب في الجيش التركي، ومنهم من أصبح صديقه مدى الحياة. وكان العرب يلتقون دوما في اسطنبول، ويتناقشون عن الحرب، وظروفها، ومستقبل سوريا الكبرى في حالة خسارة تركيا الحرب، وعن ظروف الأهل في فلسطين، وكان يستمد المعلومات الأولية عن الحرب من عمه سعيد الحسيني، عضو البرلمان العثماني، ثم يقوم الحاج أمين بنقل هذه المعلومات الى أصدقائه من ابناء سوريا الكبرى، مثل فؤاد الدباغ، والشيخ عبد الرحمن أفندي العلمي، وسليمان أفندي الوعري، وشوكت أفندي النابلسي، وحمدي الخوجه، وعارف نسيبة، ويوسف أفندي العسلي، وشكري أفندي رصاص(6).

ويعتبر الحاج أمين رجلا وطنيا متحمسا للحركة الاسلامية التي نشرها بين اصدقائه ونرى هذا الحماس، والنشاط الديني، واضحا في يومياته، وهو في الجيش في تركيا، هذا بالإضافة الى الشعر الحماسي الكثير في يومياته، وكان دوما يذكر اشتياقه الى مسقط رأسه في القدس(7).

وكان قد كره الحاج أمين الحرب، وكتب في يومياته (وربما اقتبسها من الانجيل) أنه يتمنى أن تتحول هذه الأسلحة الى أدوات زراعية(8).

وعندما اصبح الحاج أمين ضابطا في الجيش في 15/8/1916م أي سنة 1335هـ تحسنت حالته، وأصبحت رتبته العسكرية في الجيش كما يلي: «قولوردو1، فرقة46، ألاي 145، طابور3، ياور قدسلي ملازم محمد أمين الحسيني»(9)، ووصف في يومياته اختلاف المعيشة بين كونه جنديا، وكونه ضابطا وانتقل مع فرقته الى أزمير وتقابل هناك مع ضباط مثل عبد الحميد الحص، ومحمد صوفان، وغيرهم، وكان المسؤول عن فرقته ضابط تركي الأصل اسمه عاصف اشتيب، الذي تشاجر معه الحاج أمين، لان هذا الضابط التركي لم يكن عادلا في توزيع الأكل على الجنود، وقال له الحاج أمين يجب عدم تفضيل جندي تركي على جندي عربي بل يجب أن يكون توزيع الأكل على الجنود بالتساوي وعدم التمييز(10)، لذلك بدأ الجنود العرب ينظرون الى الضابط أمين الحسيني نظرة تقدير واحترام، ولا سيما عندما كان يصلي في الجنود إماما، وكان يتقن اللغة التركية تماما.

واتخذ الضابط أمين ثلاثة أصدقاء من العراق، وهم زملاؤه في فرقة46 وأصبح هؤلاء الضباط العراقيون زعماء العراق زمن الانتداب البريطاني على العراق وهم: فهمي سعيد، وصلاح الدين الصباغ، ومحمد سلمان الذي أصبح في عام 1941م قائدا للقوات الجوية العراقية زمن رشيد عالي الكيلاني(11).


الهوامش

(1) ارشيف وزارة المستعمرات ملف رقم: CO733/248/17693. Biography of Hajj ESCO Foundation ofr Amin University press 1947. P494 وانظر ايضا :Palestine, Vol. 1. Yale وقد واجهت صعوبة في الحصول على معلومات عن حياة الحاج امين في تركيا لعدم توفر الوثائق او المصادر عن هذا الموضوع. وشكرا لعائلة الحاج امين التي زودتني بهذه المعلومات.

(2) يوميات الحاج امين.

(3) Geoffrey Furlong: Palesrine is my Country. The Story of Musa Alami. p. 42.

(4) مذكرات الدكتور حسين فخري الخالدي.

(5) يوميات الحاج أمين الحسيني.

(6) المصدر نفسه. ذكرت د. بيان الحوت في كتابها القيادات (ص235) ان يوسف العلمي هو صديق الحاج أمين، والصحيح هو يوسف العسلي وليس يوسف العلمي، كما هو واضح في مذكراته.

(7) المصدر نفسه.

(8) المصدر نفسه. كتب الحاج أمين في مذكراته انه كان يكره الحرب لانه رأى كثيرا من الجنود القتلى، ولذلك خاف ان يكون مصيره مثل مصيرهم. فكتب في مذكراته «إلى القارىء العزيز: «أرجو ان لا تمزق هذه المذكرات اذا لم تعرف قراءتها، واذا استطعت قراءتها ارجو ان توصل هذه المذكرات الى اخي فخري في القدس، مع جزيل الشكر». كتب هذه الكلمات وصية في حالة وفاته.

(9) المصدر نفسه.

(10) المصدر نفسه.

(11) مجلة فلسطين رقم 77، آب 1967م. صفحة 22. مجلة تصدرها الهيأة العربية العليا.

المصدر

منتديات انساب اون لاين