سطور من حياة المجـاهدة زينب الغزالي ( الحلقة 21 )

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
سطور من حياة المجـاهدة زينب الغزالي ( الحلقة 21 )
كان حفل الإفطار السنوي في بيتها فرصة لاجتماع قادة العمل الإسلامي في مصر
نجحت بسبب إيمانها وشخصيتها القوية في أن تتقدم إلى ريادة العمل الإسلامي العام
بدر محمد بدر2.jpg

بقلم/ بدر محمد بدر


ويحدثني الكاتب الصحفي الأستاذ " جابر رزق " ـ رحمه الله ـ الذي كان مدعوا معها لإلقاء المحاضرات في المخيمات الإسلامية في أمريكا, أنه رغم هذا البرد الشديد في هذا الوقت من العام, إلا أن الحاجة زينب ـ التي كان عمرها قد تجاوز السابعة والستين في ذلك الوقت ـ لم تكن تهدأ من العمل والحركة والنشاط, وكانت تنتقل من لقاء إلى آخر, ومن ندوة إلى أخرى, ومن محاضرة إلى زيارة, وكانت تضع الآخرين من ضيوف المخيمات في حرج, لغزارة نشاطها وحيويتها وتحملها المشاق, وكأنها كانت تعوض السنة الماضية التي منعتها فيها الحكومة المصرية من السفر!.

زارت الداعية الكبيرة الجالية المسلمة في عدد من الولايات الأمريكية, وعندما انتهت الزيارة توجهت إلى المملكة العربية السعودية لأداء العمرة, وبقيت هناك لمدة أسبوعين عقدت فيها عدة لقاءات وألقت عددا من المحاضرات!, وكأنها كانت تودع الأراضي المقدسة, لأنها لم تتمكن من زيارتها بعد ذلك بسبب مرضها وتقدمها في السن.

كان إيمان الداعية المجاهدة وشخصيتها القوية, وإخلاصها الشديد لما تدعو إليه, وتوفيق الله لها.. كل ذلك كان يتيح لها ما لا يتاح لغيرها من قيادات العمل الإسلامي, فكانت تتقدم خطوات إلى الأمام دائماً على طريق العمل الإسلامي العام, وبالرغم من الضغوط الأمنية التي أعقبت اغتيال الرئيس أنور السادات في عام 1981 , ثم اتساع نطاق الاعتقالات في صفوف الإسلاميين, إلا أنها سنت سنة حسنة في ذلك الوقت, وهي دعوة قيادات العمل الإسلامي في مصر إلى حفل إفطار رمضاني في بيتها بحي مصر الجديدة كل عام, عقب خروج الأستاذ عمر التلمساني المرشد العام للإخوان المسلمين وإخوانه من المعتقل ( يناير 1982 ).

الحاجه زينب.jpg

كانت تدعو في هذا الحفل ما يقرب من مائة وخمسين شخصية من العاملين للإسلام, سواء من تيار الإخوان المسلمين ـ الذي كانت تنتمي إليه ـ أو من التيارات الإسلامية الأخرى, أو من الشخصيات الإسلامية العامة.

كان هذا الإفطار السنوي فرصة كبيرة لاجتماع قادة العمل الإسلامي في مصر من كل التيارات والجمعيات, في جو رمضاني إيماني رباني قرآني, تصفو فيه النفوس وتستقر فيه القلوب وتقترب من الله أكثر, وهو بالتالي فرصة لمناقشة قضايا الأمة ومشكلات الوطن وتحسين وتطوير العلاقات بين العاملين للإسلام, وكيفية التنسيق والتفاهم على القضايا الرئيسية في الواقع الميداني, كان يحضر هذا الإفطار قيادات من الإخوان المسلمين والجمعية الشرعية وجمعية الخلفاء الراشدين وبعض السلفيين وقيادات في نقابات: المحامين والمهندسين والأطباء وغيرها, وكثير من المحبين للإسلام كذلك.

وكانت الداعية الكبيرة تحرص على تقديم أفضل أنواع الطعام المجهز في بيتها خصيصا, وأطيب اللحوم والفواكه والحلويات والمشروبات المختلفة, وتخص عدداً من الضيوف الكبار بأكلات معينة, تعرف أنهم يحبونها وينتظرونها في هذه المناسبة كل عام, مثل طواجن اللحم بالبصل ومحشي ورق العنب وغيرها, وكانت تحرص على خدمة الضيوف بنفسها, ولا تتناول إفطارها الأساسي إلا بعد أن ينتهي جميع ضيوفها من إفطارهم, ثم يغادرون المنزل بعد ذلك إلى صلاة العشاء والتراويح في المسجد.

وبالإضافة إلى خدمة الضيوف كانت زينب الغزالي تحرص على أمرين: الأول هو السؤال عن السائقين القادمين مع الضيوف, حتى تقدم لهم طعام الإفطار ـ ربما بنفسها ـ وتتأكد من أنهم أفطروا على نفس أنواع الطعام التي تناولها الضيوف, والأمر الثاني: البحث عن " المخبرين " المكلفين من جهاز أمن الدولة بمراقبة حفل الإفطار والضيوف الذين يشاركون فيه, وإحصاء عددهم ونوعياتهم وأرقام سياراتهم.. الخ, حتى يأخذ هؤلاء المخبرين حظهم من الإفطار مثل السائقين تماماً, ورغم ما عرف عنها من صلابة الرأي وقوة الشخصية والحدة في مواجهة سياسات جهاز مباحث أمن الدولة ضد الإسلاميين عموما, إلا أنها كانت شديدة الرفق بهؤلاء المخبرين, خصوصا في شهر رمضان, وتقول بالتعبير العامي المصري: " دول غلابة ", وبالتالي كانوا يشعرون بامتنان شديد لها.

ولم يكن أحد من المدعوين يتخلف عن الحضور إلى حفل الإفطار الرمضاني الذي كانت تدعو إليه السيدة زينب الغزالي ـ والذي كانت تحرص على أن يكون في أحد أيام النصف الأول من شهر رمضان كل عام قبل انشغال هؤلاء بالعبادة, أو السفر لأداء العمرة في العشر الأواخر من الشهر ـ إلا لعذر قهري, فهو فرصة للتعارف والتآلف والحوار, بالإضافة للاستمتاع بما لذ وطاب من طعام.

واستمر هذا الاحتفال السنوي لأكثر من خمسة عشر عاماً, حتى بدأت الداعية الكبيرة تتجاوز الثمانين من العمر وتدخل في سن الشيخوخة, وبعد أن مرضت أختها الحاجة ( حياة ), التي كانت تشرف على تنفيذ وإعداد طعام الإفطار, اقترحت زينب الغزالي إقامة الاحتفال السنوي في أحد الفنادق المعروفة.

المصدر

للمزيد عن الحاجة زينب الغزالي

روابط داخلية

كتب متعلقة

مؤلفاتها

مقالات متعلقة

.

متعلقات أخرى

.

وصلات خارجية

مقالات متعلقة

.

تابع مقالات خارجية

.

تابع مقالات متعلقة

أخبار متعلقة

وصلات فيديو