د. عبد الودود شلبي شاهد على أزمة الأزهر

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
د.عبد الودود شلبي شاهد على أزمة الأزهر

[27-07-2004]

مقدمة

-120 ألف مؤسسة تنصير في العالم.. أين الأزهر؟!

- نصيحة من أستاذ أمريكي للمسلمين بدعوة الغرب إلى الإسلام

عرض: عمرو محمود

منذ أربعمائة سنة في عهد السلطان سليمان القانوني تمَّ الإعلان عن وظيفة إمام مسجد خالية، فكانت الشروط الواجب توافرها في المرشَّح هي:

- أن يجيد اللغة العربية، والتركية، والفارسية واللاتينية.

- أن يكون دارسًا وفاهمًا للقرآن الكريم والإنجيل والتوراة.

- أن يكون عالمًا في الرياضيات والطبيعة.

- أن يجيد ركوب الخيل والمبارزة بالسيف.

- أن يكون حسن المظهر.

- أن يكون جميل الصوت.

- أن يكون قدوةً حسنةً، وأسوةً صالحةً.

والآن أين هو العالم الأزهري الذي تتوافر فيه هذه الشروط؟! إن هذا ما دعا د. عبد الودود شلبي- وكيل الأزهر السابق- أن يسجل الأزمة الراهنة التي يمر بها الأزهر في كتاب بعنوان (الأزهر.. إلى أين؟!)، يقول المؤلف:

لو كان للأزهر دور حقيقي ما ارتفعت صيحات الإلحاد والتطرف، واختفت إلى الأبد عصابات الإرهاب المسلَّح، فالأزهر تراجع عن دوره في التعريف بدين الإسلام الصحيح السمح، ودوره في تقويم اللسان العربي الذي يكاد يختفي في الأزهر نفسه!!

هذا هو حال الأزهر، بينما يقول "تي بي أرفنج"- الأستاذ بجامعة (تنسي) الأمريكية- موجِّهًا خطابه إلى المسلمين: إنكم أيها المسلمون لن تستطيعوا أن تنافسوا الدول الكبرى علميًّا، أو اقتصاديًّا، أو عسكريًّا في الوقت الحاضر على الأقل، ولكنكم تستطيعون أن تجعلوا هذه الدول تجثو على ركبها أمامكم بالإسلام!!

ويرى المؤلف أن البون شاسع بين المسئولية المنوطة بالأزهر وبين واقعه الراهن، ويَستدل على ذلك بعدد من الحقائق، منها تراجُع دوره على مستوى الدعوة وتأهيل الدعاة، وما جرى لأوقافه، وما حدث لمجمع البحوث الإسلامية (هيئة كبار العلماء سابقًا)، وما جرى في جامعة الأزهر في السنوات الأخيرة.


الدعوة والدعاة

بعض طلاب الأزهر الشريف

اللورد البريطاني المسلم "هيد لي" يقول: "لو كان للإسلام دعاةٌ على مستوى الإسلام لدان معظم الناس في الغرب والشرق للإسلام".. أما العالم الداعية البارز الدكتور زغلول النجار فيقول:

"أعطوني أربعين شابًّا يفهمون الإسلام، ويطبقونه على أنفسهم أفتح بهم الأمريكتين".. ما أحكم هذا القول في النصح للدعوة والدعاة؛ لكن للأسف مَن يسمع؟! ومَن يطبق؟!

إن المسئولين الرسميين عندما يتحدثون عن دور الأزهر يبالغون كثيرًا في إعداد الدعاة والمبعوثين إلى الخارج، ويكشف د. عبد الودود شلبي عن أن العدد لا يتجاوز ثلاثة آلاف ما بين مبعوث ومتعاقد؛ بل إن المتعاقدين هم الأغلبية العظمى في هذا العدد، وهؤلاء سافروا إلى الدول العربية ليس من أجل الدعوة، وإنما لتحسين أحوالهم البائسة، والخروج من عنق الزجاجة الذي يعيش فيه معظم موظفي الحكومة، وأما الباقون فيعملون في تدريس مبادئ الدين واللغة وفي بلاد مسلمة لا تعرف من اللغة العربية شيئًا..

وحال هؤلاء مثل مَن سبقهم؛ وهو الخروج من النفق المظلم، وعقد هدنة مؤقتة مع الفقر المدقع؛ ولذلك يؤكد الدكتور عبدالودود شلبي أن المحصلة النهائية لهذا العدد الكبير من الأزهريين تكاد تكون منعدمة.

أما عن المبعوثين في أوروبا وأمريكا فالحال أسوأ؛ فهم وإن كان عددهم لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة فإن معظم جهودهم تنحصر في الصلاة بالمسجد إذا حضر الوقت، أو في الصلاة على ميت مسلم وافتْه المنيةُ في بلاد الغرب.

ويشير هنا إلى ما يجري من كثير من المبعوثين؛ حيث ذهبوا ولم يعودوا، ومنهم من يعمل بالتجارة أو يتفق مع دول أخرى تدفع بسخاء، أما مصر والأزهر فقد خرجا أو كادا أن يخرجا من دورهما التاريخي في الدعوة.


التنصير

تقول الإحصائيات إن عدد مؤسسات التنصير وإرسالياته ووكالات الخدمات التنصيرية يبلغ 120.880 مؤسسة، والمعاهد التي تؤهل المنصرين وتقوم بتدريبهم يبلغ عددها أكثر من مائة ألف معهد، ويبلغ عدد المنصرين أكثر من خمسة ملايين، ويوجد في مؤسسات التنصير 82 مليون جهاز كمبيوتر، ويصدر عن المؤسسات التنصيرية 25 ألف مجلة، وفي عام واحد أصدرت المؤسسات التنصيرية مائة ألف كتاب، وتمتلك 2500 محطة إذاعة وتليفزيون، وتمَّ توزيع 53 مليون نسخة من الإنجيل مجانًا، ويدرس تسعة ملايين طالب في المدارس الكنسية، أما دخل الكنائس التي تعمل في التنصير فيبلغ 9 مليون دولار، وبلغت التبرعات التي قُدِّمت للكنيسة في سنة واحدة هي سنة 1990م مبلغ 157 مليون دولار..!! ولذلك يتساءل د. عبد الودود شلبي:

ما مدى وعي دعاة الإسلام بمخططات التنصير في ديار الإسلام؟ وهل لديهم إحصائيات دقيقة عن أعداء المسلمين وتوزيعهم في العالم؟!

ويشير- في غِيرة شديدة- إلى أنشطة بابا الفاتيكان في قارة إفريقيا، التي أصبح فيها عدد الكاثوليك 16% من إجمالي عدد سكانها أي 65 مليون نسمة، وينادي شلبي بتوجيه أنشطة الدعوة، وبناء المساجد والمعاهد والجامعات إلى إفريقيا، التي من الممكن أن يذهب إليها فلا يجدها إلا في أيدي المنصِّرين الكاثوليك.


مشروع الإنقاذ

بعض الدعاة

يقدم د. شلبي مشروعًا لإنقاذ الدعوة، يبدأ من إعادة معهد الإعداد والتوجيه الذي كان قائمًا في الأزهر في أوائل الستينيات، الذي كان مخصصًا لتعليم اللغات الأجنبية، ويضيف إليه النقاط التالية:

- تقسيم العالم إلى قارات، وتقسيم القارات إلى مناطق.

- ولا يخرج مبعوث للعمل في أية منطقة إلا بعد أن يتعلم لغتها ويدرس أهم مشكلاتها وثقافتها والبدع والخرافات المنتشرة فيها.

- وأن يُلِمَّ بتاريخها وجغرافيتها.

- وأن يجتاز امتحانًا حقيقيًّا في العلوم الإسلامية والأفكار المعاصرة.

- وأن يجتاز امتحانًا في الحركات التنصيرية والشبهات التي يُثيرها أعداء الإسلام.


مجمع البحوث

هناك مقولة للإمام الأكبر الراحل محمود شلتوت تؤكد أن مجمع البحوث الإسلامية هو روح الأزهر ونافذته على العالم، هذه هي النظرة التي ينبغي النظر من خلالها إلى مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر (هيئة كبار العلماء سابقًا)، لكن ماذا يقول عنه الآن وكيل الأزهر الأسبق د. عبد الودود شلبي في شهادته التاريخية؟!

يروي د. شلبي ما حدث في قضية التكفير والهجرة واغتيال الرئيس الراحل أنور السادات؛ حيث أدان القضاءُ الأزهرَ الذي لم يستجب هو أو هيئة كبار العلماء (مجمع البحوث الإسلامية) لطلب الإدلاء بالشهادة أمام القضاء، ويشير إلى الطريقة التي يتم من خلالها اختيار أعضاء المجمع؛ وهو الأمر الذي جعل عددًا من كبار علماء الإسلام بعيدًا عن المجمع، مثل العلامة الشيخ يوسف القرضاوي، ود. محمد سليم العوَّا، والمستشار طارق البشري.. المشهود لهم.


جامعة الأزهر

يرصد الدكتور شلبي حالة التدهور التي أصابت جامعة الأزهر؛ حيث دارت في رحابها معركتان، ما كان لهما أن تنشبا في هذا المكان، أما الأولى فهي تتعلق بالفيلسوف الفرنسي المسلم رجاء جارودي الإسلام، الذي وصفه البعض بأنه مسلم مسيحي وماركسي، وقال عنه آخر:

إنه مرتد عن الإسلام، وردَّ ثالث بأنه لم يدخل الإسلام أصلاً حتى يُقال إنه ارتد عنه.. وهذا للأسف حدث في رحاب جامعة الأزهر، رغم أن الأزهر نفسه وجَّه إلى جارودي الدعوة بمناسبة الاحتفال بعيده الألفي، وألقى جارودي بهذه المناسبة محاضرةً في قاعة الشيخ محمد عبده، وكان شيخ الأزهر وكبار رجال الدولة من أوائل المرحِّبين بزيارة جارودي.

كما أن الرجل حصل على جائزة الملك فيصل العالمية، ومن آرائه أن المسلمين اليوم يستطيعون أن يحملوا إلى الغرب رسالة النور، وباستطاعة الإسلام أن يستعيد سلطانه الذي كان له خلال القرن الأول للهجرة، ويرى أن الحضارة الغربية قد أخذت تشعر بإخفاقاتها، هذا هو جارودي الذي رأى فيه بعض الأزهريين أنه كافر مرتد عن الإسلام، وللأسف الشديد كان هذا الهجوم على جارودي في الوقت نفسه الذي بدأت فيه الحملة عليه من قِبَل الجماعات اليهودية الصهيونية؛ بسبب ما كتبه عن الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية في المنطقة.

أما المعركة الثانية التي دارت في رحاب جامعة الأزهر أيضًا؛ بسبب مقال كتبه أحد قراء جريدة (آفاق عربية) المعروفة باتجاهها الإسلامي، كان القارئ ينتقد كتابات د. حسن حنفي- أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة- وهو معروف بأنه مفكر يساري، رغم إعلانه عن مشروع سماه اليسار الإٍسلامي، وقد علَّق على رسالة القارئ د. يحيي إسماعيل- الأمين العام لجبهة علماء الأزهر وأستاذ الحديث والعلوم بكلية أصول الدين بالقاهرة- ثم استضافت كلية أصول الدين المفكر د. حسن حنفي ونشبت المعركة، وانحاز عميد كلية أصول الدين إلى جانب ضيفه حسن حنفي، ووصلت المعركة إلى الصحافة التي بالغت في إشعال الفتنة داخل جامعة الأزهر.

وبدأ تعنُّت عميد كلية أصول الدين ضد زميله الشيخ يحيي إسماعيل، وبدأت سلسلةٌ من المعارك غير اللائقة، إذ أصدر رئيس الجامعة د. أحمد عمر هاشم قرارًا بتحويل علماء الجبهة بالجامعة إلى التحقيق، وجرى فصل عدد منهم واستقال آخرون.. كل ذلك أدَّى إلى زعزعة هيبة جامعة الأزهر وشيوخها.. الأمر الذي ما كان له أن يحدث لو تمَّ تحكيم العقل والمصلحة العامة.

المصدر