د. "ناصر الصانع" البرلماني الكويتي في حوار مع "إخوان أون لاين"
[09/08/2003]
مقدمة
تقدُّم التيّار الإسلامي في انتخابات الكويت الأخيرة كان له الكثير من الدلالات التي فسرت سرّ إقبال جماهير الكويت على التيار الإسلامي، الذي حصل على15مقعدًا من جملة50مقعدًا، وهو ما اعتبره البعض تصويتًا على الخيار الإسلامي، خاصةً في ظلّ الظروف التي تتعرض لها المنطقة من محاولات للهيمنة الأمريكية على البلدان العربية والإسلامية، خاصةً أن التيار الإسلامي كان من أكثر التيارات الرافضة للهيمنة الأمريكية والعدوان على الشعب العراقي، وكانت له أطروحات عدة في ذلك.
حول هذه القضايا وغيرها من القضايا المتعلقة بالعمل السياسي داخل الكويت التقينا بالنائب د."ناصر الصانع" عضو مجلس الأمة الكويتي، عن الحركة الدستورية الإسلامية، وأحد رموز التيار الإسلامي بالبرلمان، فكان هذا الحوار:
نص الحوار
- في البداية نريد أن نسمع رؤيتكم لما أفرزته الانتخابات البرلمانية الأخيرة في الكويت، خاصةً بعد تقدُّم التيار الإسلامي وبعد تراجُع الاتجاه الليبرالي؟!
- بلا شك هذه الانتخابات شهدت تغييرات كبيرة في وجوه المرشَّحين، حيث بلغت نسبة الوجوه الجديدة نحو46%، إلاَّ أننا حتى هذه اللحظة لا نستطيع أن نحكم على توجيهات البرلمان الجديد إلاَّ بعد أن يزاول عمله، ونرى ما سوف يطرحه من قضايا، وكيف سيتعامل معها؟!، إلا أنه رغم ذلك فليس هناك شك من اتساع قاعدة الكتلة الإسلامية، حيث حصلت الكتلة على15 مقعدًا من جملة50 مقعدًا، كما شهِد هذا المجلس أيضًا تراجعًا كبيرًا للتيار الليبرالي، ولكن الحديث هنا ليس عن تقدُم تيار وتراجُع آخر، وإنما الأهم من ذلك ماذا ستقدّم هذه التشكيلة- الموجودة الآن داخل المجلس- للتنمية في الكويت.
تراجع الحركة
- شهِدت هذه الانتخابات تراجُعًا للحركة الدستورية الإسلامية، حيث حصلت على مقعدين فقط، بينما سجَّل الاتجاه السلفي تقدُّمًا ملحوظًا، البعض أرجع ذلك إلى ظروف المنطقة، وأن الجماهير تُراهن على الاتجاه المعادي بقوة للإمبريالية الأمريكية... كيف ترون ذلك؟
- أنا أختلف مع هذا التصوُّر، وأرى أنَّ أسباب تراجع الحركة الدستورية يكْمن في أسباب محلّية، خاصةً أن الحركة الدستورية خاضت الانتخابات في دوائر تبلغ ثلاثة أضعاف الانتخابات الماضية، وهو الأمر الذي شتَّت الجهود في متابعة هذه الدوائر، إضافةً إلى أمر آخر، وهو أن بعض مرشحي الحركة الدستورية لم يكن بينهم توافقٌ، فجاءت النَّتائج أكثر سلبية.
- وماذا عن تفوق التيار السلفي؟
- تفوُّق التيار السلفي- كما قلت- يعود هو الآخر لأسباب محلية، كل دائرة- على حدة- لها ظروفها الخاصة بها، إضافةً إلى ذلك فإن التيار السلفي ليس كتلة واحدة، وإنما ينْقسم إلى قسمين هما:
- التيار السلفي التقليدي.
- السلفية العلمية "الحركة السلفية".
لكن اللافت للنظر في هذه الانتخابات هو نجاح عدد من الإسلاميين المستقلين، وهم يمثلون أكبر تكتل داخل الكتلة الإسلامية، وهي ظاهرة جيَّدة يتَّسم بها المجلس الحالي.
تنسيق مع القوى الأخرى
- هل هناك تنسيق بينكم وبين التيارات السلفيَّة داخل المجلس؟
- كل الإسلاميين في مجلسنا الآن تَضمُّهم كتلة واحدة هي الكتلة الإسلامية، وقد باشَرَت اجتماعاتها بعد النتائج بأيام قليلة في إطار هذه الكتلة، وقد قدَّمت مسودة لأجندة عمل موحدة لهذه الكتلة، تشتمل على قضايا عديدة يتعلق بعضها بقضايا الاقتصاد وإصلاح المؤسسات الدستورية، إضافةً إلى إصلاح البرلمان، فضلاً عن ذلك فإن الكتلة الإسلامية تناقش هذه الأيام عدة اقتراحات وتشريعات لتفعيل دور البرلمان في المجتمع وكيفية إحداث التنمية ومكافحة الفساد.
- اعتدْنا في البلدان العربية أن يواجِه الطرح الإسلامي العديدَ من التحديات... هل تتوقَّعون -كاتجاه إسلامي- أن يواجهكم بعض هذه التحديات؟
- بالرغم من وجود العولمة، ومحاولات التغريب الثقافي، والتأثير الغربي..، إلا أن التيار الإسلامي في الكويت قادر على التعامل مع هذه المتغيرات دون أن يتأثر، فعلى سبيل المثال بالرغم من الوجود الأمريكي في المنطقة إلا أننا حققنا المكاسب الجيدة، وعلى صعيد التعاملات الداخلية حقَّق التيار الإسلامي نجاحًا كبيرًا في التعامل بصيغة سلمية مع التعددية السياسية داخل الكويت، وطرح وجهات نظره في كثير من القضايا دون خلق حالة من التوتر أو صناعة خلافات بينه مع الحكومة أو غيرها من التيارات السياسية الأخرى.
موقف السلطة
- هذا الحديث ينقلنا بالطبع إلى ضرورة توضيح موقف السلطة من الحركة الدستورية؟
- لا نلجأ في الكويت إلى استخدام مصطلح السلطة، فالسلطة حسب الدستور- لدينا- هي سلطة تشريعية وتنفيذية وسلطة رقابية، أما الحديث عن علاقة الحركة بالحكومة فهي علاقة سياسية وِفْق الآليات البرلمانية الموجودة، ولا توجد لدينا قضايا احتقان، ولكن تزداد العلاقة أحيانًا حدة وتوتُّرًا حسب الموضوعات المطروحة في البرلمان، فالحركة لها استقلاليتها في طرح آرائها وقضاياها، وتعارض إذا وجبت المعارضة ولا تتردد في ذلك، شأنها شأن أي تيار سياسي آخر في الساحة، ولكن في أوقات أخرى يكون هناك نقاط اتفاق بيننا وبين الحكومة.
الأزمة العراقية
- الكويت لها حساباتها الخاصة وأجندتها ذات الحساسية في التعامل مع الأزمة العراقية..، فكيف كانت رؤية الحركة تجاه العدوان الأمريكي على العراق؟
- نحن أعلنَّا رفْض هذه الحرب ورغم ذلك فنحن رأينا أن الكويت لا تستطيع أن تتحمَّل هذه الحرب، ومجلس الأمن نفسه فشل في إيقافها، وكان موقفنا واضحًا، فنحن ضد النظام العراقي؛ لأنه نظام بطش وديكتاتوري، وكنَّا نتمنَّى أن يتبنَّى العراقيون أمرَ أنفسهم، وأن يزول النظام العراقي من الداخل لا بأيدٍ أمريكية تتذرع بسعيها لفرض الديمقراطية على العالم العربي والإسلامي.
- نعود مرة أخرى إلى الحديث عن الحركة الدستورية وموقعها في الخريطة السياسية الكويتية؟
- الحركة الدستورية لها انتشار واسع في كافة دوائر الكويت، وربما تقلَّص تواجدها البرلماني،إلا أن تواجدها الميداني- وفي المؤسسات والنقابات وعلى المستوى الطلابي- كبير.
- هل هناك من تفسير لهذه المعادلة؟ كيف تكونون متواجدين في الشارع الكويتي بقوة، ورغم ذلك لم تحصلوا إلا على مقعدين فقط في البرلمان؟
- النتائج الضعيفة للانتخابات جاءت نتيجة ضعْف التكتيك والأداء، إلى جانب بعض الخلافات داخل التيار الإسلامي، فضلاً عن وجود تحالفات مختارة من التيارات الأخرى.
الإنجازات
- وخلال تواجُدِكم في المجلس الماضي... ما هي الإنجازات التي حقَّقْتموها؟
- حقَّقنا إنجازات كثيرة، من بينها العديد من التشريعات الإسلامية، وفي مقدمتها قانون المصارف الإسلامية، فضلاً عن فتْح كثيرٍ من ملفات الفساد والتغريب الثقافي وقضايا العمالة والتوظيف، وتبنَّيْنا الكثير من المشاريع للشباب الكويتي، إضافةً إلى مشروعات تحافظ على المكتبات الإسلامية والوطنية داخل الكويت.
المصدر
- حوار: د. "ناصر الصانع" البرلماني الكويتي في حوار مع "إخوان أون لاين" موقع اخوان اون لاين