حصار قطر ومسارات العلاقات الخليجية التركية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
حصار قطر ومسارات العلاقات الخليجية التركية


ومسارات العلاقات الخلي.jpg

عاتق جار الله

( 19 أكتوبر، 2018)

مقدمة

منذ تولي حزب العدالة والتنمية التركي الحكم في البلاد، وتبنيه سياسة الانفتاح مع محيطه العربي والغربي في آن معاً، شهدت العلاقات الخليجية التركية تطورا ايجابياً كبيراً على المستويات السياسية والاقتصادية وبشكل أقل العسكرية، وتستند هذه العلاقات إلى جملة من المعطيات والتحولات الداخلية والإقليمية التي تُولّد فرصاً ثريةً لاطراد نموها وتقدمها، وإمكانية تحولها إلى علاقات استراتيجية وثابتة، سواء على مستوى المسار الجماعي لدول مجلس التعاون، أو على مستوى المسارات الفردية لبعض دول المجلس.

لكنها في الوقت ذاته تتعرض لجملة من الاهتزازات والتحديات التي تعترضها وتدفعها نحو الجمود وربما التراجع، ومن أهمها؛ المواقف المتباينة من “الربيع العربي”، وكذلك الموقف من الانقلاب العسكري في مصر.

وبالرغم من ذلك لم يلجأ أي من الأطراف إلى قطع العلاقات مع الآخر – بشكل نهائي – نتيجة الشعور المتبادل بخطورة المشروع الإيراني الذي بات يتحرك تارة بغطاء أمريكي وتارة بغطاء روسي، كما أن الموقف الخليجي التركي شبه الموحد تجاه النظام السوري خصوصاً في عهد الملك السعودي الراحل (عبدالله بن عبدالعزيز) فضلا عن الشعور العام بخطر انتشار الجماعات الارهابية والمجموعات المسلحة أو ما يسمى بــ الفاعلين غير الدوليين في المنطقة ( NON STATE ACTORS ) مثل (تنظيم الدولة، حزب الله، الحشد الشعبي، وجماعة الحوثي وحزب العمال الكردي). بالإضافة إلى أن رفض الاتحاد الأوروبي منح تركيا عضوية كاملة في النادي الأوروبي دفع تركيا للبحث عن البدائل والاتجاه شرقاً.

وتشهد المنطقة تحولات جذرية وخطيرة تتعرض فيها العلاقات الخليجية التركية لاختبارات جدية خصوصاً بعد استدارة السياسة الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي الجديد (دونالد ترامب) وإظهار عدائه للسياسات الإيرانية مما قد يخفف قلق دول الخليج من مخاطر التحركات الإيرانية ويقلل حاجتها للتحالف مع تركيا، وتأتي تداعيات الازمة الخليجية ووقوف تركيا مع الدوحة إذا ما تصاعدت الأزمة، على مستقبل العلاقات التركية مع ثلاث دول خليجية هي السعودية والإمارات والبحرين، حيث إقامة أنقرة قاعدة عسكرية في قطر، وفق اتفاقية عسكرية بين قطر وتركيا تهدف إلى تعزيز التعاون العسكري بين البلدين، والتي صادق عليها البرلمان التركي في السابع من يونيو/حزيران 2017، وصادق عليها الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” في التاسع من الشهر ذاته، الأمر الذي يقتضي دراسة هذه ديناميكيات العلاقات الخليجية التركية، في ظل التحولات الرئيسية التي مرت بها خلال عامي 2016/2017، والوقوف على ما تمتلكه من فرص، وما يعترضها من صعوبات وتحديات، للتعرف على مسارها المستقبلي وهو ما تسعى إليه هذه الدراسة.

تطور العلاقات الخليجية التركية

ترتبط العلاقات الخليجية التركية بمسار العلاقات التركية العربية عموماً، وهي العلاقة التي تأثرت بطبيعة التوجهات الفكرية للنظام السياسي للدولة التركية منذ تأسيسها في عام 1924م، والذي يقوم على الارتباط السياسي والفكري والاقتصادي بالدول الغربية والقطيعة الكاملة مع كل من المنطقة العربية والتاريخ والحضارة والثقافة المشتركة التي تجمع بينهما.

ومع انكسار حدة التوجهات الفكرية المتشددة للنظام التركي العلماني في بداية عقد الخمسينيات من القرن الماضي أخذت العلاقات التركية العربية في التحسن، وبشكل أكبر خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات، غير أن التحول الأبرز في مسار تلك العلاقات حدث مع وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في تركيا في 22 نوفمبر 2002م، وهو الحزب الذي يُعطي اهتماماً متزايداً للتوجه التركي جنوباً ومد الصلات السياسية والاقتصادية والثقافية بالمحيط الجغرافي بتركيا، وفي القلب منه الدول العربية والإسلامية.

امتلك هذا التوجه ثقلاً أكبر في السياسة الخارجية التركية خلال الفترة الممتدة من 2002 وحتى 2010م، وفي هذه الفترة شهدت العلاقات التركية بكل من سوريا والعراق، ودول مجلس التعاون الخليجي وعدداً آخر من الدول العربية تطورات إيجابية في الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية، وأصبح الدور التركي أكثر حضوراً في قضايا المنطقة، وبالذات القضية الفلسطينية، وأضحى يتمتع برمزية وشعبية كبيرة في الشارع العربي، مع تحقيق معدلات نمو مرتفعة في الاقتصاد التركي، ونهضة شاملة ساهمت في خلق فرص ومجالات تعاون أوسع في العلاقات التركية العربية، وعلى وجه الخصوص العلاقات التركية الخليجية.

الموقف من ثورات الربيع العربي

مع اندلاع الاحتجاجات الشعبية في تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا انحازت تركيا إلى جانب تلك الاحتجاجات، وتعاطفت مع مطالبها، وكانت تأمل في أن تُحدث تلك الثورات تحولات في المنطقة تُسهم في زيادة التكامل بين تركيا والدول العربية، لعل ما ساعد على ذلك هو الطبيعة الديمقراطية للنظام التركي، بحسبان أن الانتخابات هي الآلية التي وصل من خلالها حزب الحرية والعدالة إلى السلطة، واستمر فيها، أو التغلب على حكم العسكر في المنطقة.

ومع أن مسار التطورات في سوريا وليبيا وبشكل أقل في اليمن خلق تقارباً في وجهات النظر التركية الخليجية، إلا أن انحياز دول الخليج – باستثناء قطر – إلى جانب انقلاب الجيش ودعمه مالياً وسياسياً وإعلامياً، ومشاركتها في إجهاض حكم الرئيس المصري المنتحب “محمد مرسي”، وموقف تركيا الرافض لكل ذلك، وضع العلاقات التركية مع الإمارات في حالة اشتباك سياسي وإعلامي ووضع علاقاتها مع السعودية في تناقض كبير، وأدخلها في حالة جمود وتوتر استمرت حتى وفاة الملك السعودي الراحل “عبدالله بن عبدالعزيز”.

وبوصول الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى سدة الحكم انفتحت آفاق جديدة للعلاقات السعودية التركية وبالتالي التركية الخليجية، وتجاوزت عملياً الخلاف حول التطورات في مصر وشهدت حراكاً سياسياً واقتصادياً وتنسيقاً في المواقف تجاه السياسة الإيرانية والقضايا الملتهبة في سوريا والعراق، واليمن وليبيا، قبل اندلاع أزمة الخليج (السعودية والإمارات والبحرين من جهة وقطر من جهة أخرى)، والتي تحاول كلا من تركيا والسعودية تحديداً الحفاظ على مستوى من التعاون والتنسيق وعدم توتر العلاقة نتيجة لعلاقتيهما المتناقضتين مع السياسات القطرية.

مسار العلاقات الثنائية

بالرغم من تشابه الأنظمة السياسية لدول الخليج العربي إلا أن حجم التباين وربما التضارب في سياساتها الخارجية أصبح يظهر إلى السطح مع اشتداد الازمات في المنطقة ولعل علاقة دول الخليج وموقفها من السياسات التركية تُشكل أحد أهم مؤشرات الاختلاف، وبالتالي فإن دراسة العلاقات الخليجية التركية يتطلب تجزئتها وتناولها بشكل ثنائي وصولاً إلى رؤية أوضح عن واقع ومستقبل العلاقات الخليجية التركية وعن حجم التحديات والفرص أمام هذه العلاقات التي باتت محلاً لاهتمام الكثير من مراكز الأبحاث العالمية نظراً لأهميتها ومركزيتها في تحديد مستقبل المنطقة، فتركيا والخليج باتت هي الأطراف المعنية بالعمل على إخراج المنطقة من دوامة الصراع والحروب الأهلية.

أولاً: العلاقات التركية السعودية

إذا كانت العلاقات التركية القطرية قد تطورت في السنوات الماضية بمستويات أكبر أيضًا، وكذلك مع باقي دول الخليج، غير أن الثقل الأكبر للعلاقات الخليجية التركية كان ولا يزال مع المملكة العربية السعودية، وهي العلاقة التي تجاوزت الكثير من المصاعب وأخذت منحىً جديدا ًبعد وصول الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى سدة الحكم في يناير 2015م، “فبعد وصوله إلى الحكم شرع الملك سلمان بن عبدالعزيز في إعادة العلاقات شبة المقطوعة بين الرياض وأنقرة على خلفية الانقلاب العسكري في مصر والاطاحة بالرئيس المنتخب وإزاحة الإخوان المسلمين عن السلطة، وفي عهده حولت السعودية وجهتها الخارجية صوب تركيا التي باتت لاعباً مهماً في المنطقة، للتعاون معها في وقف تمدد النفوذ الإيراني ومواجهة تطورات الملف في سوريا، واليمن، والعراق ولبنان، والتحولات العميقة في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه التطورات في المنطقة.

وشهد عام 2015، تطورًا بارزًا على صعيد العلاقات التركية – السعودية، حيث جمعت ثلاث قمم الرئيس التركي “رجب طيّب أردوغان” مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، وانتهى عام 2015م، على تأسيس تركيا والسعودية “مجلس تعاون استراتيجي مشترك”، عقب زيارة ناجحة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الرياض ولقائه الملك سلمان بن عبدالعزيز بعد عام واحد تقريبًا من توليه عرش المملكة، وقد جسد إنشاء “مجلس التعاون الاستراتيجي” بين السعودية وتركيا التقاء رؤية البلدين حيال الكثير من الملفات الساخنة في المنطقة، بعد عام من الصعاب التركية والسعودية في مواجهة التدخل الروسي الخطير في سوريا، والتدخل الإيراني الأخطر في اليمن وسوريا والعراق ولبنان أيضًا (1) .

وبلغ التعاون بين البلدين، ذروته خلال عام 2016 بتوقيع أنقرة والرياض يوم 14 أبريل/ نيسان، في مدينة إسطنبول على محضر إنشاء مجلس التنسيق السعودي التركي، وذلك بحضور الملك السعودي والرئيس التركي، وخلال ذات القمة منح الرئيس التركي «رجب الطيب أردوغان»، وسام الجمهورية، للملك «سلمان بن عبدالعزيز آل سعود»، وهو أعلى وسام في تركيا يمنح لقادة ورؤساء الدول، كما شهد العام قمتان بين ولي العهد السعودي السابق الأمير «محمد بن نايف» بنيويورك في 21 سبتمبر/ أيلول 2016، وأنقرة في 30 سبتمبر/ أيلول، وقمة مع الأمير «محمد بن سلمان» الذي كان يشغل منصب ولي ولي العهد السعودي في مدينة هانغتشو الصينية يوم 3 سبتمبر/ أيلول 2016 .

وتوجت تلك القمم بزيادة التعاون بين الجانبين على مختلف الصعد، ولا سيما العسكرية، حيث شهد هذا العام عدة مناورات عسكرية مشتركة بين الدولتين، على النحو الذي سنشير إليه.

وتأكيدًا لتميز هذه العلاقات، كانت السعودية من أوائل الدول التي وقفت إلى جانب تركيا بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة التي تعرضت لها منتصف يوليو/ تموز، حيث أجرى خادم الحرمين الشريفين اتصالاً هاتفيًا بالرئيس التركي، هنأه فيه بعودة الأمور إلى نصابها بعد محاولة الانقلاب العسكري التي شهدتها تركيا .

وفي 18 يوليو/تموز الماضي، أوقفت السلطات السعودية في مطار الدمام الملحق العسكري التركي في الكويت بعد محاولته السفر جواً إلى أوروبا إثر فشل الانقلاب، بعدما طلبت أنقرة ذلك، بالإضافة إلى أن كلاً من قطر والسعودية أبدتا استعداداً للتعاون مع تركيا في حملتها ضد الانقلابين .

كما كانت تركيا، من أوائل الدول التي أدانت قانون «جاستا» الأمريكي، واعتبرته يستهدف السعودية، ويعمل على الابتزاز السياسي والاقتصادي ضدّها، ويستهدف المنطقة بكاملها، وتجلى الدور التركي في دعم السعودية والتحالف العربي في التصدي للحوثيين باليمن، وموقفها الواضح في دعمها للملكة العربية السعودية بعد إعدام رجل الدين الشيعي «نمر باقر النمر»، في يناير/ كانون الثاني الماضي، وزاد من عمق العلاقات حضور العاهل السعودي الملك «سلمان» القمة الإسلامية الـ13 لمنظمة التعاون الإسلامي بإسطنبول (2) .

واقتصادياً، زاد حجم التبادل التجاري بين السعودية وتركيا عدة مرات خلال السنوات العشر الماضية حيث ارتفع من (5) مليارات ريال إلى (22) مليار ريال في العام 2014 أي ما يعادل 5 مليارات دولار.

وشهد العلاقات بين البلدين توسعًا مستمرًا، فالتجارة الثنائية بين البلدين تقدر بنحو (7) مليارات دولار مع إدراك الطرفين بأن هناك فرصة أكبر للمزيد من التجارة والاستثمار في كافة المجالات بين البلدين وخصوصًا في مجال الدفاع والصناعات العسكرية التركية الصنع، والجدير بالملاحظة ازدياد الشركات التركية العاملة في السعودية في نشاطات متنوعة مع تواجد ما يقرب من (100) ألف عامل تركي في السعودية يعملون في مجالات مختلفة.

وفي العام 2016، وقعت شركة “أسيلسان– Aselsan “، التركية للصناعات العسكرية الإلكترونية، والشركة السعودية للتنمية والاستثمار التقني الحكومية “تقنية” اتفاقا لتأسيس شركة مناصفة معنية بالصناعات الدفاعية الإلكترونية بالسعودية (3) مثل (تصميم وتطوير الرادارات، ومعدات الحرب الإلكترونية، والرؤية البصرية، وسد احتياجات المملكة والمنطقة من هذه المعدات) (4) .

وقد بلغ عدد المشاريع المشتركة بين البلدين حوالي (159) مشروعًا منها (41) مشروعًا صناعيًا و(118) مشروعًا في مجالات غير صناعية تختلف باختلاف نشاطاتها وبرأس مال مستثمر يبلغ مئات الملايين من الريالات، كما تم في وقت سابق توقيع اتفاقية التعاون التجاري وأخرى للتعاون الفني والاقتصادي للاستفادة من إمكانات الدولتين في تنويع الصادرات والواردات، بالإضافة إلى اتفاقات لتشجيع وحماية الاستثمارات وتجنب الازدواج الضريبي وتنظيم عمليات نقل الركاب والبضائع بين البلدين (5) .

وقد ارتفع حجم التبادل التجاري بين تركيا والسعودية إلى ثمانية مليارات دولار سنويا، وسط جهود لزيادة التعاون بين الجانبين. وبلغ عدد الشركات السعودية العاملة في تركيا 800 شركة، فيما بلغ عدد الشركات التركية العاملة في المملكة قرابة 200 شركة، بحجم أعمال إجمالي بلغ 17 مليار دولار، ورأسمال يتجاوز 600 مليون دولار . وبلغت الصادرات التركية للسعودية 3.2 مليارات دولار، مقابل واردات من المملكة بقيمة 2.5 مليار دولار تقريباً . أما بالنسبة إلى عدد السياح السعوديين في تركيا فقد ناهز 450 ألف زائر خلال عام 2015، وبحسب التوقعات ارتفع حجم السياح نحو 30%، غير أنه لا يوجد أي ارقام رسمية بهذا الصدد.

ثانياً: العلاقات التركية القطرية

تُعد العلاقة التركية القطرية الأقوى بين علاقات تركيا بدول مجلس التعاون الخليجي، حيث يرتبط البلدان باتفاقيات في المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية، وقد تعززت العلاقات التركية القطرية مع وصول حزب العدالة والحرية إلى السلطة في عام 2002م، وتطورت بشكل أكبر منذ اندلاع “ الربيع العربي“، ويرتبط الطرفان بوجهات نظر ومصالح مشتركة في عدة ملفات، ففي الملف السوري هناك تطابق كبير في وجهات النظر بين الدولتين حول مصير بشار الأسد، وكذلك دعم الفصائل المسلحة في مناطق سيطرة المعارضة السورية، أيضا فيما يخص الوضع في مصر فكل من الدوحة وأنقرة تعدان مناهضين للانقلاب العسكري الذي أوصل “عبدالفتاح السيسي” إلى الحكم في مصر، وحليفين وداعمين مهمين للتحالف المناهض للانقلاب الجيش، وكذلك الحال بالنسبة للوضع الفلسطيني وخاصة قطاع غزة، فتركيا وقطر يؤيدان حق الشعب الفلسطيني في المقاومة، ويقدمان لفصائل المقاومة، وعلى رأسها حركة المقاومة الإسلامية “حماس” دعماً واسناداً مالياً وسياسياً وإعلامياً، ويوفران لها غطاء إقليمي.

شهد عام 2015م، كثافة في التواصل بين المسؤولين الاتراك والقطريين على مختلف الاصعدة، منها (أربع) قمم جمعت الرئيس التركي مع أمير قطر، الشيخ “تميم بن حمد آل ثاني”، وجرى التوافق حيال القضايا والملفات التي تهم البلدين، والتوقيع على العديد من اتفاقيات التعاون المشترك في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية والعسكرية.

في سبتمبر من العام نفسه (2015) وأثناء زيارة الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” للعاصمة القطرية الدوحة، أعلن مسؤولون أتراك وقطريون اتفاقًا بشأن تأسيس “المجلس الأعلى للتعاون الاستراتيجي” بين البلدين، تم التوقيع على 16 اتفاقية مُشتركة، وفي ديسمبر تم التوقيع على الاتفاقية التي تم التصريح حينها بأن من شأنها أن “تعزز التعاون الثنائي بين البلدين على أعلى مستوى، لاسيما في المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والمالية والاستثمارية، إضافة لمجالات الطاقة والأمن والعلوم والتكنولوجيا ” .

وصرح “برات جونكار”، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي أن اللجنة قامت بالمصادقة على حزمة من مشاريع القوانين الجديدة من بينها مشروع “اتفاق تعاون عسكري” بين تركيا وقطر، يتيح لكل دولة الحق في نشر قوات على أراضي الدولة الأخرى، كما أكد أن تركيا ستقوم بتوقيع اتفاقيات مماثلة مع دول أخرى في الخليج .

ولتبديد أي مخاوف من هذا الاتفاق، أكد “جونكار” أن مضمون ونطاق هذا الاتفاق قد تُرك مفتوحًا، وهو لا يخدم أي غرض آخر غير ما هو معلن ضمن بنوده، لذا يجب عدم تفسيره وإعطائه أبعادًا تتنافى مع مضامينه، كربطه بالتفاهم المبرم بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية حول تدريب وتجهيز المعارضة السورية، أو بنشاطات القيادة العسكرية المركزية الأمريكية، والتي مقرها قطر، فضلاً عن أن مشروع القانون، سيخضع للتصويت بكل شفافية في البرلمان التركي، تبعًا للأصول والمراحل المتبعة فيما يخص الاتفاقات الدولية بين تركيا والبلدان الأجنبية. (6)

وانعكست قوة العلاقة بين الدولتين، على كل من موقف قطر من محاولة الانقلاب الفاشلة التي جرت في تركيا منتصف عام 2016م، وعلى موقف تركيا من الحصار الذي فرضته عدد من دول مجلس التعاون الخليجي ومصر على قطر على النحو الذي سنرى لاحقاً.

فـمع الساعات الأولى للانقلاب الذي حدث في تركيا ظهر الموقف القطري من الوضع بشكل واضح، فقبل أن تصدر أي بيانات أو مواقف دولية أو إقليمية تواصل الأمير “تميم بن حمد آل ثاني” مباشرة مع الرئيس التركي لمعرفة الأوضاع، وأكد له دعم الدوحة للحكومة المنتخبة والوقوف بجوارها في هذه الأزمة، الموقف القطري السريع في إدانة الانقلاب يأتي في إطار عملية التنسيق السياسي والأمني بين الدوحة وأنقرة، كما يكشف مدى تحالف البلدين وعمق العلاقات التي تجمعهما .

وقد سخَّرت قطر منذ اللحظات الأولى أدواتها الإعلامية في دعم حكومة حزب العدالة والتنمية، وفي الوقت الذي كانت وسائل إعلام عربية ودولية تحاول أن تُظهر نجاح الانقلاب وتمكن العسكريين وسيطرتهم على البلاد، كانت قناة الجزيرة تدعم النظام التركي وتحاول نقل حقيقة المشهد على الأرض بما يُرسخ فشل الانقلاب، وهذا ربما ما دفع الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” إلى الظهور على قناة الجزيرة في أول حوار له مع وسائل الإعلام بعد المحاولة الفاشلة، أيضا في إطار الدعم السياسي كان أول مسؤول عربي يصل تركيا بعد الانقلاب هو وزير الخارجية القطري “محمد بن عبدالرحمن آل ثاني” (7)

على المستوى السياحي بين البلدين، يلعب قطاع السياحة دوراً مميزا في العلاقات بين البلدين، فقد بلغ عدد القطريين الذين زاروا تركيا في إطار جولات سياحية العام 2016 نحو 18 ألف قطري، في حين لم يكن هذا الرقم يتعدى 1400 زائر في عام 2002 . (8) واتجهت العلاقة بين تركيا وقطر خلال عام 2016، والشهور الأولى من عام 2017م نحو المزيد من التنسيق والتكامل، فقد شهد عام 2016م، (3) قمم إحداها في 12 فبراير/ شباط بقصر يلدز في إسطنبول، والثانية في 19 يونيو/ حزيران 2016 بقصر هوبر في المدينة نفسها، والثالثة بنيويورك في 19 سبتمبر/ أيلول 2016، تلك القمم صاحبها وأعقبها تعاون متنام على مختلف الصعد، حيث وقعت في 28 أبريل/ نيسان 2016 اتفاقية بين الجانبين لتعزيز التعاون العسكري بين البلدين، وتتعلق بتمركز القوات التركية في قطر، ونتيجة لكل ذلك اتسمت العلاقات التركية القطرية بـ”التجانس والتناغم” في رؤية القضايا الإقليمية المختلفة .

ولعل ما يعزز من العلاقات بين البلدين أن ثمة توافق في الأجندة السياسية، فكليهما يمتلك أجندة متوافقة من ناحية، ومن ناحية أخرى فـإن الأجندات القطرية والتركية، طموحة فيما يخص السياسة الخارجية، تركيا تسعى لاستعادة نفوذها في المجال المحيط بها، في حين تسعى قطر بمرونة للحفاظ على وجودها بين العمالقة على حدودها، إيران والسعودية، هذا الطموح أكدته بعض المصادر، التي أشارت إلى أن نقاشًا حول التمدد التركي والقطري في أفريقيا والبلقان كان من بين النقاشات التي حصلت على حيز من أحاديث الجانبين القطري والتركي في لقائتهما المستمرة فيما يخص التعاون السياسي .

الأتراك لديهم موطئ قدم بالفعل في العديد من العواصم الأفريقية، كما أنهم يعتبرون دول البلقان هي الامتداد الطبيعي لبلادهم، وهو ما تدعمه الرواية التركية للتاريخ وطبيعة الجغرافيا على الجانب الغربي من بحر إيجة .

القطريون كذلك أوجدوا لهم نفوذًا عبر المساعدات والمشاريع الاستثمارية في أفريقيا، فالقارة السمراء باتت تحوز قرابة (76.5%) من المساعدات والمعونات الإنسانية والتنموية المقدمة من دولة قطر التي تقدر بـ(5.4) مليار ريال قطري، سواء عبر حكوماتها أو الجمعيات الخيرية التابعة لها إلى دول العالم، خلال عامي 2010 – 20111، وفقًا لتقرير رسمي للخارجية القطرية (9) .

على المستوى الاقتصادي تنشط الشركات التركية في قطر منذ العام 2005 وخاصة في قطاع البناء والتشييد، حيث استطاعت الشركات التركية الفوز بـ (119) مشروعًا بقيمة (15.1) مليار دولار بينما بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو (1.13) مليار دولار في العام 2014.

وقد تجلت الشراكة الاستراتيجية بين تركيا وقطر بدخول الاتفاق بين حكومتي البلدين بشأن الإعفاء المتبادل من تأشيرات الدخول لحملة جوازات السفر العادية حيز التنفيذ منذ 28 مايو/أيار 2016 .حيث أعلن أردوغان في 2 ديسمبر/كانون الأول 2015 إلغاء تأشيرات الدخول المتبادلة بين تركيا وقطر، وذلك خلال اجتماع اللجنة في المقابل يبلغ حجم استثمارات الشركات التركية وتحتل الاستثمارات القطرية في تركيا المرتبة الثانية من حيث نحو 20 مليار دولار، وتتركز تلك الاستثمارات في قطاعات الزراعة والسياحة والعقارات والبنوك (10) .

أما الصادرات التركية إلى قطر، فشهدت ارتفاعاً ملحوظاً خلال السنوات الـ10 الماضية، وشكلت السفن، واليخوت، والمنتجات الإلكترونية، والآلات، والأثاث، وبلغت قيمتها نحو 440 مليون دولار خلال العام الماضي . وبلغت الواردات التركية من قطر 271 مليون دولار عام 2016، شكل النفط ومشتقاته والألومنيوم والمنتجات البلاستيكية قسمها الأكبر وتعمل في قطر شركات تركية في قطاعات حيوية مثل المقاولات والبنى التحتية والصحة، وقد بلغ عدد الشركات أكثر من 150 شركة تركية. كما تشكل تركيا وجهة هامة للسياح القطريين، ويقدر عدد السياح القطريين إلى تركيا بنحو 40 ألف سائح عام 2016 . ومنتصف يناير/ كانون الثاني الماضي افتتح مسؤولون قطريون وأتراك المستشفى التركي الأول بالدوحة، بتكلفة 300 مليون ريال قطري (قرابة 82 مليون دولار)، في خطوة لتوسيع مجالات التعاون بين قطر وتركيا، بحسب ما صرح مسؤولو البلدين. (11)

غير أن الملف الأبرز في الجوانب الاقتصادية وفي العلاقات التركية القطرية عموما، يتمثل في ملف الطاقة، وهو ملف شديد الحيوية بخاصة لتركيا، فرغم حصول تركيا على تخفيضات مغرية على الغاز الذي تستورده من روسيا، فإن الإدارة التركية تسعى إلى ترسيخ مبدأ تنويع مصادر الطاقة حتى لا تقع في خطأ الاعتماد بشكل كامل على الطاقة الواردة من روسيا، وحتى لا تتورط تدريجيًا في الارتهان لمصدر طاقة رئيسي روسي؛ مما قد يتيح الفرصة لروسيا لابتزاز القرار السياسي التركي في الملفات الإقليمية .

وبحسب تقرير نشره مركز “ستراتفور” الاستخباراتي في يناير 2013، فإن العامل أو الرابط الأكثر وضوحًا في التقارب القطري التركي هو الطاقة؛ فتركيا تعتمد اعتمادًا كبيرًا على الغاز الروسي، في حين أن إيران كمورد للغاز، لا يمكن الاعتماد عليها بشكل كبير، تنامي استهلاك الطاقة في تركيا يمنعها من الهرب من قبضة روسيا، لكنه يؤدي بتركيا أيضًا إلى التفكير في تنويع إمداداتها من الطاقة .

وخروجاً من كل ذلك اتجه الجانب التركي إلى توفير أكبر قدر ممكن من حاجته من الغاز عن طريق قطر، فأثناء زيارة الرئيس التركي “أردوغان” إلى الدوحة مع بداية 2014، قام بالتوقيع على اتفاقية تقضي باستيراد (1.2) مليار متر مكعب من الغاز القطري المسال في تسع دفعات خلال عامي 2014 و2015 .

وتعتبر قطر من الشركاء الاستراتيجيين لتركيا في الخليج، حيث تم توقيع العديد من الاتفاقيات بين البلدين، ناهيك عن العلاقة الوثيقة بين زعيمي البلدين. والأهم من ذلك أن تركيا أقامت أول قاعدة عسكرية أجنبية لها في الشرق الأوسط في قطر (12) .

كما أكد نائب الرئيس التنفيذي لشركة “هافلسان- HAVELSAN “، وهي شركة للدفاع الجوي والبرمجيات التركية، أن الشركة ستفتح قريبا أول مكتب لها في الشرق الأوسط في قطر حيث سيعمل فيه ما بين 15 و20 مهندسا وفنيا، وسيقوم المكتب بتطوير الأعمال وتقديم خدمات إدارة المشاريع في دول الشرق الأوسط، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والكويت وسلطنة عمان والبحرين والأردن والإمارات العربية المتحدة. وقد وقعت في وقت سابق صفقات مع شركات سعودية (13) .

ثالثاً: العلاقات التركية العمانية

تعود العلاقات التركية العمانية إلى العهد العثماني وبدأت إطارها التعاوني مع وصول الإمام أحمد بن سعيد إلى حكم عمان عام 1744م والذي تعرضت عمان في عهده لأطماع حاكم فارس “نادر شاه”، الذي شن حملة عليها كادت تودي باستقلالها، وفي هذه الظروف سارعت الدولة العثمانية وعن طريق واليها في بغداد لتقديم الدعم للإمام أحمد منطلقة من حرصها على بقاء عمان قوية، بعدها ردت عمان بالوقوف إلى جانب الدولة العثمانية في حماية مدينة “البصرة” التي كانت تمثل سوقاً تجارياً هاماً. (14)

ويمكن القول إن العلاقة العمانية العثمانية اتصفت بالحرص الشديد من قبل العثمانيين للحفاظ على علاقات متميزة مع عمان، قابلها إخلاص وولاء واضحان من قبل حكام عمان بلغ حد إعراب الإمام أحمد بن سعيد عن ولائه وطاعته للسلطان خليفة الرحمن، في إشارة منه إلى انضواء عمان تحت فكرة الخلافة (15) ، لما كانت تشكله التهديدات الفارسية على الطرفين في حينها.

مؤخراً اتسمت العلاقات العمانية التركية بالإيجابية، لكنها لم تصل إلى الشراكات الاستراتيجية بل أنها أقل نشاطاً من بين دول الخليج سواءً على المستوى التجاري أو حتى الزيارات الدبلوماسية رفيعة المستوى في ايار من العام 2014 زار احمد بن علوي وزير الخارجية العماني أنقرة استجابة لدعوة رئيس الوزراء التركي الأسبق أحمد داوود اوغلو الذي قال إن العلاقات التركية العمانية استمرت منذ القرن السادس عشر ولم تواجه منذ ذلك الوقت أي عقبات، فيما أعلن وزير الخارجية العماني دعم السلطنة لمساعي تركيا في الترشح للعضوية غير الدائمة في مجلس الامن الدولي لعامي 2015 و2016، وفي أثناء الزيارة أكد الطرفان عن امكانية رفع حجم التبادل التجاري من 500 مليون دولار إلى 1 مليار دولار، واكدا أنهما يملكان الإرادة السياسية لتطوير العلاقات الثنائية في مجالي الصناعات الدفاعية والمشاريع الثقافة، وتكثيف العلاقات السياسية والاقتصادية (16) .

وخلال المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا عبرت عمان رفضها لتلك المحاولة وأرسلت عبر سفيرها في أنقرة برقية تضامن مع الحكومة التركية تضمنت إدانة لمحاولة الانقلاب العسكري.

ويأخذ التعاون بين البلدين أهمية استراتيجية وتحديدا بعد الأزمة الخليجية وما ولدته من مخاوف، ويبدو أن التطورات الإقليمية قد وضعت التعاون خيارا بين البلدين للاستفادة على المستوى الثنائي وللمساهمة في الترتيبات الإقليمية وقد بدأت مؤشرات تحسن العلاقات تظهر في عدة أمور منها زيارة نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية لمسقط في شهر مايو من العام 2017م.

وبخصوص ملف إيران وتهديد ترامب بعمل عسكري ضدها وملف القضية الخليجية مع قطر والذي جاء بدفع من ترامب شخصيا يبرز هنا تأثير موقف أنقرة ومسقط في ذلك رغم أنهما في دائرة الحلفاء لواشنطن، لكنهما يتسمان بتوازن يحافظ على شخصيتهما الاعتبارية، ولم يذهبا كضحايا مع شعوبهم أو في حدودهم لصالح مشاريع التوجه الأمريكي الجديد، إن مهمة الاحتواء المزدوج، الذي ممكن أن تقبل به إيران، في التعاون مع استراتيجيات تحالفية بين تركيا وعمان، سيكون له تأثير كبير للغاية (17) .

أما فيما يتعلق بالأزمة الخليجية، فإن تركيا كانت ولا تزال الحليف الاستراتيجي لقطر، كما أن عمان مثلت الشريك الأقرب إلى قطر بالإضافة إلى دولة الكويت، لضمان تدفق المصالح الاقتصادية، وهي تتطور اليوم بصورة كبيرة كموانئ جوية وبحرية، فموقف البلدين متقاطع بالضرورة مع دعم قطر (18) .

وعلى مستوى العلاقات الاقتصادية والتبادلات التجارية بين البلدين تشهد البلدان تطورا ملحوظاً ففي العام 2014 تطور حجم التبادل التجاري بين البلدين من 300 مليون دولار إلى مليار دولار إضافة الى تطور مجال الشراكة في المشروعات بين البلدين حيث أنجزت الشركات التركية في جميع أنحاء عمان الكثير من المشاريع، وتعمل 20 شركة في مجال البناء والتشييد في حين تتواجد 11 شركة عمانية في تركيا تقوم باستثمارات تعمل في مجال التعدين والاستيراد والتصدير والعقارات ويبلغ حجم الاستثمارات التركية في سلطنة عُمان 8 مليارات. (19)

وعلى مستوى الصناعات العسكرية سلمت تركيا مؤخرا لعمان أول مدرعة قتالية من نوع “بارس”، ووفقا للاتفاق بين تركيا وعمان والذي تم عام 2015، سيسلم الجانب التركي القوات السلطانية العمانية 172 مدرعة حتى عام 2020، من طرازي “بارس 3- 8×8″ و”بارس 3- 6×6” متعددة المهام (20) .

من خلال ما سبق يظهر أن العلاقة بين البلدين في تحسن دائم في مجالات السياسة والأمن والتجارة والسياحة، ويمكن أن يكتشف الطرفان فرصا جيدة في هذه المجالات وبالتالي فإن العلاقات التركية العمانية رغم تباطؤ خطواتها إلا أنها تبدو ثابتة ومتجذرة.

رابعاً: العلاقات التركية الإماراتية

تُمثل العلاقات التركية الإماراتية نقطة الضعف الأساسية بالنسبة للعلاقات التركية الخليجية، وأحد عوامل إعاقتها وتوتيرها، ويعود ذلك جزئياً إلى التباين في التوجهات السياسية لكل من حكومة حزب العدالة والتنمية في تركيا والحكومة الإماراتية، ورؤية الطرفين حيال التطورات في المنطقة العربية، وخصوصا تجاه ثورات 2011، والتطورات الناجمة عنها، حيث يمتلك كل طرف منهما موقفاً متناقضاً مع رؤية وموقف الطرف الأخر.

ومع حدوث محاولة الانقلاب الفاشل في تركيا في يوليو 2016، أشارت الكثير من أصابع الاتهام إلى إمكانية تورط الإمارات في المشاركة للتخطيط لهذا الانقلاب، وتعززت تلك الاتهامات في ضوء تعاطي وسائل الإعلام المحسوبة على الإمارات مع أحداث الانقلاب، وهو التعاطي الذي بدا داعما ومساندا له.

وثمة سؤال لابد من الإجابة عليه وهو لماذا تشارك الإمارات أو تدعم محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا؟ وللإجابة على هذا التساؤل يمكننا التطرق إلى مكاسب الإمارات إذا ما تم هذا الانقلاب (21) .

1ـ سقوط أردوغان ومشروعه :

يُمثل حكم حزب العدالة والتنمية أزمة للنظام الإماراتي نظراً للتعارض الشديد في الأجندات بين البلدين، فحكم أردوغان بصورة ما محسوب على تيار الإسلام السياسي الذي تعتبره الإمارات عدوها الأول، كما يُمثل هذا النجاح لأردوغان على المستوى السياسي والاقتصادي نموذجاً ملهماً للحركات الإسلامية التي تنشغل بالعمل السياسي ومن ثم يشجع ذلك جزء منها على تكرار تجربة أردوغان ومنها جماعة الإخوان المسلمين في الإمارات .

أيضا ثمة خلاف شديد بين أنقرة وأبو ظبي حول المعارضين الإماراتيين الذين يقيمون في تركيا، فقبل شهرين من عودة العلاقات الباردة بين البلدين طلبت الإمارات من تركيا تسليمها عدد من المعارضين لحكم “آل نهيان”، والذين صدرت ضدهم أحكام في قضايا أغلبها يعد مسيساً، الأمر الذي رفضته أنقرة، ولولا الضغوط السعودية لما وافقت الإمارات على عودة سفيرها إلى أنقرة، ومن ثم في حال نجاح الانقلاب العسكري كان هذا الأمر سيمثل للإمارات فرصة ذهبية في القبض على معارضيها في تركيا .

2ـ القضاء على جماعة الإخوان المسلمين :

منذ الانقلاب العسكري في مصر عام 2013، وتركيا تعد الداعم الأهم لجماعة الإخوان المسلمين، وسقوط النظام الحاكم كان سيمثل ضربة قوية للجماعة بلا شك، ومن ثم يضعف موقفها بشكل كبير أمام أي احتمالات لتسوية سياسية قادمة وربما يضعف الجماعة لعدة سنوات، مما ينعكس بالسلب على كل التنظيمات المنبثقة من الإخوان في العالم وهو ما يمثل أحد أهداف الإمارات .

3ـ تقويض النفوذ القطري في المنطقة :

لا يخفى على أحد الخلاف بين قطر والإمارات في العديد من الملفات وأبرزها دعم جماعة الإخوان المسلمين العدو اللدود للإمارات، وهذا الخلاف في بعض الأحيان يصل إلى حد الصراع بين الجارتين الخليجيتين، فتركيا أردوغان تعد حليفاً قوياً لقطر وتتوافق بشكل كبير مع الأهداف القطرية في المنطقة والتي بالطبع تزعج نظام الحكم في أبوظبي، ومن ثم سقوط أردوغان ونظامه كان سيمثل ضربة قوية لقطر ويُقلص دورها المتنامي في المنطقة منذ عقد تقريباً، ومن ثم يعد ذلك فرصة ذهبية للإماراتيين لملء حيز الفراغ الذي كانت ستتركه قطر في حال سقوط أردوغان .

4ـ التوسع في دعم نظام السيسي :

منذ الانقلاب العسكري عام 2013، على “محمد مرسي” أول رئيس منتخب في مصر، وتركيا أردوغان تعد الحليف الأهم والأقوى للرافضين للانقلاب، وفي نفس الوقت تعد عدو نظام “السيسي” الأول بعد رفض أنقرة للاعتراف به كونه جاء عبر الانقلاب، ومن ثم لو سقط أردوغان عبر العسكر فإن ذلك سيفتح الباب مباشرة أمام “السيسي” لتطبيع العلاقات مع تركيا ويُسهل له عملية تصفية الحسابات مع الإخوان المسلمين المتواجدين في تركيا وتسليمهم للمحاكمة في مصر ويدفع في اتجاه تحالف عسكر مصر وتركيا وإسرائيل ويعد ذلك مكسباً كبيراً للنظام المصري الذي لازال لديه عقده عدم اعتراف تركيا به .

وعقدت العديد من المنتديات الاقتصادية في السنوات الماضية بين الإمارات وتركيا نظمتها غرفة تجارة وصناعة دبي، حيث كانت مخرجات الاجتماعات بين الجانبين تحث على تقديم تسهيلات للاستثمارات التركية في الإمارات مثل إلغاء التأشيرات وتمديد الإقامات والتسريع بإنجاز اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا.

العلاقات الإماراتية، مع تركيا، شهدت خلال 2016، تطورا كبيرا، بإعادة أبو ظبي سفيرها «خليفة شاهين» لتركيا في يونيو/ حزيران، وذلك بعد فتور بالعلاقة بين البلدين، إلا أن المستجدات المتلاحقة خلال عام 2016، ومن قبله بشهور، في سوريا واليمن وليبيا والعراق ولبنان، والتي استدعت مزيداً من التعاون بين تركيا من جهة، والمملكة العربية السعودية وقطر تحديداً من جهة ثانية، ومن ثم باقي دول الخليج، فتركت ظلال شبه ايجابية على العلاقات التركية الإمارتية تمثلت في إعادة أبو ظبي سفيرها في تركيا “خليفة شاهين” لعمله في انقرة، قبل أن تتعرض لانتكاسة وحالة ارتداد كبيرة خلال الأزمة الأخيرة بين قطرية وبقية الدول الخليجية.

وبالرغم من ذلك تشهد العلاقات الاقتصادية التركية الإمارتية تنامياً مطرداً، فقد بلغ حجم الاستثمارات المتبادلة بين الإمارات وتركيا نحو 12 مليار دولار، ويتواجد في الإمارات أكثر من (600) شركة تركية، منها (282) شركة في دبي تعمل في مجالات مختلفة، كما يعيش نحو (10) آلاف مواطن تركي في أراضي الإمارات، وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو (7) مليارات دولار في العام 2015، حيث تصدر تركيا للإمارات بضائع بقيمة (3.2) مليارات دولار تشمل الذهب والمعادن والحديد ومنتجات صناعية، بينما تصدر الإمارات لتركيا منتجات بقيمة (8.2) مليارات دولار تشمل معادن ثمينة ومشتقات النفط، والجدير بالذكر أن مطار أبو ظبي يتولى إدارته شركة تركية كما أن شركات تركية أيضًا ساهمت في تنفيذ مشاريع متميزة في دبي مثل مترو دبي (22) .

وفي صيف 2016 أعلنت شركة “إعمار العقارية” الإماراتية عن الافتتاح المبدئي لمتنزه في مدينة أنطاليا السياحية التركية على مساحة تصل إلى 639 ألف متر مربع وتبلغ استثماراته مليار دولار وبالتعاون مع مجموعة فنادق “ريكسوس” العالمية . وتستثمر مجموعة أبراج كابيتال الإماراتية -التي تدير أصولا قيمتها تسعة مليارات دولار وتمتلك مكتبا في إسطنبول- بنحو 900 مليون دولار منذ عام 2007 في السوق التركية، وفقا لبيان سابق للمجموعة . وافتتحت شركة موانئ دبي العالمية (حكومية) في مايو/أيار 2016 رسميا محطة “موانئ دبي العالمية- ياريمشا” التي تعد واحدة من أكبر المحطات البحرية في تركيا. وتدل هذه المشاريع بشكل كبير على حجم العلاقات الاقتصادية بين البلدين (23) .

أما في ما يخص العلاقات التجارية بين البلدين، فقد بلغ إجمالي الصادرات التركية إلى الإمارات 4.6 مليارات دولار، في حين بلغ حجم صادرات الإمارات إلى تركيا 2.3 مليار دولار في 2016، ويتجاوز حجم الاستثمارات المتبادلة بين تركيا والإمارات نحو 12 مليار دولار . (24)

خامساً: العلاقات التركية الكويتية

تواصل تطور العلاقات بين تركيا والكويت، في العام 2016، لتستكمل مسيرة بدأت زيارة قام بها «أردوغان» إلى الكويت في أبريل/ نيسان 2015، وأجرى خلالها مباحثات مع أمير الكويت ركزت على تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، وبعد هذه الزيارة بسنة كاملة، استقبل «أردوغان»، أمير الكويت «صباح الأحمد الجابر الصباح» بمدينة إسطنبول في 14 أبريل/ نيسان، على هامش قمة التعاون الإسلامي .

وقبل ذلك، وفي فبراير/ شباط، استقبل «أردوغان» في مكتبه، رئيس مجلس الأمة الكويتي «مرزوق الغانم»، الذي قال عقب اللقاء، إن «دولة الكويت والجمهورية التركية على مسافة ليست ببعيدة من بؤر التوتر في المنطقة والتنسيق في الرؤى ووجهات النظر هو أمر ضروري لتحقيق نتائج إيجابية ”

وخلال زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان للكويت، تم التوقيع على عدداً من الاتفاقيات الاقتصادية، وتباحث الطرفان حول عدة مواضيع سياسية في المقام الأول، ومواضيع اقتصادية، إذ تنسق الكويت مواقفها بصورة كبيرة مع الجانب التركي فيما يخص الملف السوري، ودعم التحالف الدولي لاستعادة مدينة الرقة، ومواجهة تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش).

كما وقع البلدان عدداً من الاتفاقيات الاقتصادية، أبرزها مشاركة الرئيس التركي في مراسم وضع حجر أساس التوسعة الجديدة لمطار الكويت الدولي، والذي حصلت على امتيازات بنائه شركة “ليماك” التركية في عقد بلغت قيمته أكثر من أربعة مليارات دولار، ليكون أكبر عقد تفوز به شركة تركية خارج بلادها . ويرى مراقبون أن ترتيبات مشاركة الكويت في الملف السوري بالتنسيق مع تركيا، تكتسب أبعاداً كبيرة غير ظاهرة للعيان. كما وقعت الكويت وتركيا مجموعة من الاتفاقيات العسكرية قد تنتهي بوجود تركي عسكري في الكويت، هو الثاني لها في الخليج العربي بعد قطر، خصوصاً أن الكويت افتتحت لأول مرة، مطلع هذا العام، مقراً تنسيقياً لحلف الناتو لديها، كما وافق برلمانها على مشروع قانون يقضي بالسماح لقوات الناتو بعبور البلاد للقيام بعمليات عسكرية في العراق وأفغانستان .

ونفذت شركات المقاولات التركية أعمالاً في الكويت بلغت قيمتها 6.3 مليارات دولار . أما في ما يخص عدد السياح الكويتيين الذين يقصدون تركيا، فقد ناهز 120 الف سائح كويتي في العام 2015 . (25)

وتلعب الكويت مؤخرا دوراً كبيراً في تقريب وجهات النظر المختلفة بين بعض بلدان مجلس التعاون الخليجي وتركيا، فيما يخص الملفين المصري والسوري، إضافة إلى ملف اتفاقية تحرير التجارة بين الخليج وتركيا، والتي تم استئناف مفاوضاتها في أكتوبر/تشرين الأول 2016 في العاصمة السعودية الرياض . وهناك من يشير إلى أن “الكويت ستلعب دوراً مهماً أيضاً في تقريب وجهات النظر بين تركيا ومصر في المستقبل (26) .

أما عن التبادل التجاري بين تركيا والكويت، فكشف «لطفي ألوان» وزير التنمية التركي، خلال زيارته للكويت في سبتمبر/ أيلول 2016، أن حجم التبادل التجاري السنوي بين البلدين بلغ 700 مليون دولار، معربًا عن تعزيز علاقات البلدين في هذا الخصوص .

وبيّن «ألوان» خلال الزيارة أن استثمارات رجال الأعمال الكويتيين في تركيا بلغت قرابة 2 مليار دولار، وأن شركات المقاولات التركية قامت لغاية الآن بإنجاز أعمال في الكويت بلغت قيمتها 6.3 مليارات دولار . كما نجحت «ليماك» التركية، بالفوز بمناقصة إنشاء وإنجاز وتأثيث وصيانة مبنى الركاب الجديد بمطار الكويت الدولي، نهاية فبراير/ شباط 2016، بقيمة إجمالية تبلغ 4.33 مليارات دولار، وتعتزم الكويت خلال الأعوام الخمسة القادمة إنشاء مشاريع ضخمة بقيمة 150 مليار دولار أمريكي (27) .

سادساً: العلاقات التركية البحرينية

أكثر من أي وقت مضى تشهد العلاقات التركية البحرينية تحركاً ايجابياً نحو التقارب حيث اتسمت هي الأخرى بالتطور الايجابي خلال العاميين الماضيين 2016، وبرز ذلك في زيارة الملك البحريني «حمد بن عيسى آل خليفة» تركيا في أغسطس/ آب، كأول رئيس عربي يزور تركيا بعد الانقلاب الفاشل في تركيا، وهي الزيارة الأولى من نوعها للملك البحريني إلى تركيا منذ ٨ سنوات.

وخلال القمة، تم التوقيع على 5 اتفاقيات وبروتوكولات تعاون، كما شارك الملك «حمد» في افتتاح «جسر السلطان سليم» الذي يربط شطري مدينة إسطنبول الآسيوي والأوروبي، بحضور رسمي يتقدمه الرئيس التركي. وتعد تركيا من أهم الوجهات السياحية المفضلة للمواطنين البحرينيين الذين ارتفعت أعدادهم من 491 سائحا عام 2000 إلى أكثر من 32 ألفا عام 2015 (28) .

وتتركز صادرات البحرين إلى تركيا في الصناعات التحويلية والألمنيوم الخام، فيما تتركز واردات المملكة من تركيا على المنتجات الاستهلاكية كالأغذية والمشروبات والسجائر والألبسة والمنسوجات والإكسسوارات وغيرها، حيث تشكل 38% من واردات البحرين من تركيا (29) . واستضافت المنامة، منتدى الاستثمار الخليجي التركي الثاني، الذي عقد في نوفمبر/ تشرين الثاني، بمشاركة 600 مستثمر بحريني وخليجي وتركي واتحاد الغرف الخليجية، واتحاد غرف التجارة والصناعة التركي. وخرج المنتدى بتوصيات تدعو إلى تذليل العقبات المتعلقة بالتبادل التجاري خاصة فيما يتعلق بدخول أصحاب الأعمال الأتراك لدول «مجلس التعاون الخليجي» وتسهيل معاملتهم في الإجراءات والتأشيرات المتعلقة بدخولهم لتفعيل التجارة الحرة (30) .

وخلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للبحرين في 12 فبراير/شباط 2017 قلده الملك حمد بن عيسى آل خليفة وسام الشيخ “عيسى بن سلمان آل خليفة”، وهو أرفع وسام في البلاد، وفي تعبير بحريني بالغ الحفاوة استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أثناء حفل العشاء الذي أقامته السلطات البحرينية على شرفه بفرقة الأوبرا الوطنية بعزف المقطوعة الموسيقية الشهيرة الخاصة بالمسلسل التركي “قيامة أرطغرل ” ، كل ما سبق يدل على رغبة الطرفين بتنشيط قنوات الاتصال بين البلدين، خاصة فيما يتعلق بالملف الاقتصادي.

المسار الجماعي لعلاقات التركية مع دول مجلس التعاون الخليجي

استمرت العلاقات التركية القطرية في تطور مطرد، وتم بلورة التطور المتواصل في العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات وتأطيره مؤسسياً بإنشاء “اللجنة العليا للتعاون الاستراتيجي بين البلدين” والتي عقدت أول اجتماعاتها في ديسمبر 2015م، وكذا التوقيع على اتفاقيات عسكرية مشتركة.

وفيما خفت حدة التوتر نسبيا بين أنقرة وأبوظبي شهد عام 2016 تعاوناً اقتصادياً متنامياً بين تركيا ودولة الكويت، ونفس الأمر بالنسبة للبحرين، ووضعا طبيعياً في العلاقات التركية العُمانية، في ظل نمو مستمر في حجم الاستثمارات الخليجية في تركيا، وتسلمت مسقط الدفعة الاولى من صفقة السلاح المتفق عليها بين تركيا وعمان عام 2015، حيث سيسلم الجانب التركي القوات السلطانية العمانية 172 مدرعة حتى عام 2020 (31) .

وفي 13 أكتوبر 2016 شهد مقر الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي في الرياض انعقاد الاجتماع الوزاري الخليجي التركي المشترك في دورته الخامسة والذي كان قد تأجل عن موعده أربع سنوات، بمشاركة وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ووزير خارجة تركيا “جاويش أوغلو”، وتم خلال اللقاء مناقشة سُبل تعزيز العلاقات المشتركة بين الطرفين في مختلف المجالات، والتطورات السياسية والأمنية في المنطقة وجهود مكافحة الإرهاب (32) .

الاجتماع الوزاري المشترك الخامس للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون الخليجي الذي عقد بمقر الأمانة العامة بالرياض، بحضور وزراء خارجية دول مجلس التعاون ووزير الخارجية التركي “مولود تشاووش أوغلو”، وأمين عام مجلس التعاون الدكتور “عبد اللطيف الزياني”، على “تمديد خطة العمل المشتركة الحالية بين مجلس التعاون وتركيا إلى نهاية عام 2018 وتطويرها بما يتلاءم مع تطورات التعاون الاستراتيجي بين دول المجلس وتركيا”، والاتفاق على عقد الاجتماع الثالث لفريق عمل التجارة والاستثمار خلال العام 2017 في تركيا، وأكد الاجتماع، على “إنشاء منطقة تجارة حرة بين مجلس التعاون وتركيا في أقرب وقت ممكن من خلال استئناف مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة” (33) .

وتسعى تركيا لتطوير العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي وتتويجها باتفاقية للتجارة الحرة في أقرب وقت على حد قول وزير التنمية التركي لطفي ألوان، في كلمة ألقاها أمام مسؤولي بنك برقان ورجال أعمال كويتيين أثناء زيارة له للكويت للتباحث في العلاقات الثنائية بين البلدين.

وقد عزز التقارب التركي الخليجي من استثمارات تركيا في دول الخليج ورفد استثمارات خليجية في تركيا للاستثمار في كافة المجالات، كما أن ارتباط تركيا مع بعض الدول الخليجية مثل الكويت وقطر بعلاقات متينة يشجعها أكثر على التفكير بإقامة منطقة تجارة حرة تجمع تركيا مع مجلس التعاون الخليجي.

“اقتصاديا، فازت العديد من الشركات التركية بمشاريع تبلغ قيمتها مليارات الدولارات في دول الخليج، فيما ارتفعت وتيرة الاستثمارات الخليجية بتركيا، دون أن تتأثر بمحاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها البلاد في منتصف يوليو/ تموز 2016 .

وكشف المشاركون في منتدى الاستثمار الخليجي التركي الثاني، الذي عقد في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، بالمنامة، أن حجم التبادل التجاري بين تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي (16) مليار دولار، في حين تنفّذ الشركات التركية مشاريع إنشائية في منطقة الخليج بقيمة 40 مليار دولار، وبحسب إحصائيات رسمية، فإن عدد السياح في تركيا من دول الخليج بلغ (750) ألف سائح سنويا، منهم (500) ألف سائح من السعودية (34) .

تعاون في الجوانب العسكرية

خلال عامي 2015، و2016، “لم يتوقف الحديث عن التعاون العسكري بين تركيا ودول الخليج العربي ولو بصورة منفردة طوال عام 2016، وقد جرى الحديث عن تبادل بناء قواعد عسكرية بين تركيا وقطر، وكذلك تدريبات ومناورات عسكرية مشتركة في السعودية وتركيا، فبعد توقيع اتفاق التعاون الاستراتيجي بين تركيا والسعودية ذكرت تقارير مختصة عن شراء السعودية أسلحة ومعدات عسكرية تركية بقيمة (10) مليارات دولار، كما قامت قطر بتاريخ 5/4/2016م، بشراء (6) زوارق بحرية بقيمة (41) مليون يورو من طراز (MRTP 20 ) عالية السرعة ومتخصصة بإجراء دوريات بحرية، التي انتجتها شركة (يونجا أونوك) التركية.

وفي منتصف مايو /أيار من 2016 تواصلت عمليات التدريب والمناورات العسكرية المشتركة بين تركيا وعدد من الدول الخليجية، وفي مقدمتها قطر والسعودية، كما استضافت ولاية إزمير غرب تركيا تدريبات عسكرية مشتركة لقوات خاصة من عدة دول، بينها القوات الخاصة السعودية والقطرية، وشارك فيها إحدى عشرة دولة، منها الولايات المتحدة وأذربيجان والمانيا وتركيا وقطر والسعودية، وشملت التدريبات مشاركة قطع عسكرية بحرية ومجموعات برية وتدريبات لسلاح الجو، وهذه المناورات والتدريبات كانت فرصة لتركيا ودول الخليج للتعرف على الصناعات العسكرية التركية المتقدمة.

ومنها البندقية التركية (MBT-76 ) القتالية الخاصة بها، والتي تم تأسيس خط انتاج شامل لها عام 2015م لصناعتها في الولاية التركية “قريق قلعة” بعد أن انتهى المهندسون الأتراك من تصميمها وتجربتها، كما تنتج تركيا العديد من أسلحتها الدفاعية الخاصة، مثل الطائرات بدون طيار وصواريخ الدفاع الجوي المشابهة للباتريوت والسفن والغواصات البحرية، وهذا دليل على توجه تركيا لجعل الأسلحة الدفاعية من أهم مصادر دخلها الاقتصادي في المستقبل القريب، وهذا يتطلب دعماً مالياً من التمويل العربي، والأفضل أن يكون شراكة عربية تركية في هذه الشركات الكبرى لصناعة وبيع الأسلحة (35) .

وكان قد نتج عن زيارات العاهل السعودي لتركيا التوقيع على اتفاقيات عسكرية في إطار “التحالف الاستراتيجي” شملت تدريبات مشتركة في قاعدة “انجليريك” بولاية “أضنة”، ومشاركة تركيا في التحالف العسكري الإسلامي، والتمرين في رعد الشمال بمنطقة “حفر الباطن” (36) .

وبحسب رئيس مركز الخليج للأبحاث “عبدالعزيز صقر” فإنه من وجهة نظر عسكرية فإن الصناعات العسكرية التركية متطورة في المنطقة، ما يفتح المجال أمام تعاون خليجي تركي في هذا المجال، لاسيما وأن الحكومة التركية لم تتردد في تزويد السعودية بذخائر ومعدات عسكرية عندما احتاج التحالف العربي في اليمن إلى هذه الذخائر في بداية العمليات في مارس 2015م (37) .

تداعيات الأزمة القطرية الخليجية خلال العام الأول للأزمة

واجهت العلاقات الخليجية التركية منعطفاً جديداً تمثل في التداعيات الناجمة عن الأزمة القطرية مع عدد من دول مجلس التعاون الخليجي، وهي الأزمة التي نشأت إثر قرار مفاجئ لكل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والبحرين، والتي أعلنت صباح الخامس من حزيران/ يونيو 2017 قطع العلاقات الدبلوماسية والقنصلية مع قطر، وإغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية معها، ومنع العبور في أراضيها وأجوائها ومياهها الإقليمية، ومنع مواطنيها من السفر إلى قطر، وإمهال المقيمين والزائرين من مواطنيها فترةً محددةً لمغادرتها، ومنع المواطنين القطريين من دخول أراضيها، وإعطاء المقيمين والزائرين منهم مهلة 14 يوماً لمغادرة أراضي المملكة.

وقد أعلنت كل من: جزر القمر وجزر المالديف والحكومة اليمنية وما يُعرف بحكومة شرق ليبيا وموريتانيا مقاطعتها كذلك لقطر، وخفضت الأردن والسنغال وجيبوتي تمثيلها الدبلوماسي في الدوحة.

وقد جاء الرد التركي سريعاً، فقد وافق البرلمان التركي يوم الأربعاء الموافق 7 يونيو/ حزيران 2017، على قرار يقضي بنشر قوات تركية في قطر كجزء من الاتفاقية التي تم التوقيع عليها بين البلدين والتي تسمح بإنشاء قاعدة عسكرية تركية في قطر، وسارع الرئيس التركي لإصدار هذا القرار، وباشرت تركيا في إرسال بعض من أفراد الجيش التركي ومعداته إلى قطر، وفي محاولة للتخفيف من هذا القرار، قال وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن “أن القوات التركية القادمة إلى قطر هي لمصلحة أمن المنطقة بأسرها”.

من جهته استنكر الرئيس التركي “رجب طيب اردوغان” “عزل قطر من قبل عدد من الدول العربية، واصفاً قرار قطع العلاقات مع قطر بأنه “غير إنساني ومخالف لتعاليم الإسلام”، وقال أن قرار قطع العلاقات مع قطر “بمثابة اصدار حكم بالإعدام ضدها”، ونفى “اردوغان” الاتهامات الموجهة إلى قطر مشدداً على أنها أظهرت “موقفاً حازماً ضد تنظيم الدولة الإسلامية جنباً إلى جنب مع تركيا، ودعا إلى مساعدة قطر للتغلب على تأثيرات الأزمة، وحث السعودية على المبادرة لحلها (38) .

وللتخفيف من الآثار الاقتصادية للحصار المفروض على قطر، ارسلت تركيا عبر الجو شحنات من منتجات الألبان والدواجن والعصائر إلى الدوحة وزعت في أسواقها لسد العجز الموجود حول تلك السلع، ومع كل ذلك حرصت تركيا قدر الإمكان ألا يقود وقوفها إلى جانب قطر إلى توتر علاقاتها مع السعودية، فقد سارع المتحدث باسم الحكومة التركية “نعمان قورتولمرش” إلى التوضيح أن الأمر ليس متعلق بقطر أو أية دولة أخرى، وإنما بزيادة التوتر في المنطقة وتحويل الصراعات داخلها إلى أزمات وفوضى. وهو ما أكد عليه وزير الخارجية التركي أيضاً خلال مؤتمر صحفي جمعه مع وزير الخارجية البحريني الذي زار تركيا بالقول “أن تركيا ستواصل الجهود الرامية إلى نزع فتيل الخلافات بين الأشقاء الخليجيين، لأنها ترى أن أمن واستقرار الخليج من أمنها واستقرارها وأن التهديد الذي يستهدف الخليج يستهدفها، من جهته طالب رئيس الوزراء التركي “بن علي يلدريم” أطراف الأزمة الخليجية بالتهدئة.. موضحاً بأن المنطقة لا تحتمل مشاكل جديدة وحالة عدم الاستقرار” (39) .

وبصورة أوضح أكد وزير الخارجية التركي الذي قام مع وزير التجارة بزيارة قصيرة إلى قطر الأربعاء الموافق 14 يونيو 2017، أن “موقف تركيا مع قطر ليس معناه أننا ضد أحد أو أننا اخترنا أحد الأطراف” (40) .

وبرغم الحرص التركي على عدم الظهور بالانحياز الكامل مع قطر، فقد ارتد هذا الموقف على العلاقات التركية مع الدول التي تبنت مقاطعة قطر وأثار قدرا من التوتر معها، فبعد موافقة البرلمان التركي على قرار إنشاء القاعدة العسكرية التركية ونشر بعض القوات والمعدات العسكرية في قطر أعلن وزير الخارجية الإماراتي عبر تغريدة له على حسابه في تويتر بأن “الحل يأتي عبر الدبلوماسية لا اللجوء إلى الحليف الإيراني والتركي”.

ولم يكن الرد السعودي مختلفاً، فرغم علاقاتها القوية بأنقرة إلا أن الرياض تجاهلت دعوة الرئيس التركي للعاهل السعودي بوصفه الشقيق الأكبر لبقية دول الخليج للتدخل لحل الأزمة مع قطر، وأكثر من ذلك شنت بعض الصحف السعودية حملة ضد تركيا متهمة إياها بدعم قطر في إطار ما تصفه بدعم مشروع “جماعة الإخوان المسلمين، فقد نشرت صحيفة “عكاظ” المقربة من الدوائر الأمنية السعودية في يوم 7/6/ 2017م، خبراً رئيسياً بعنون ” مصادر لـ “عكاظ” مخطط إخواني مشبوه برعاية تركية لدعم قطر(41) .

كم أن تغيير وزير الخارجية التركية لمسار جولته في منطقة الخليج يشي بالتوتر الحاصل بين الرياض وانقرة، فقد ألمح أن زيارته ستكون إلى قطر ومن الممكن أن تكون إلى السعودية أيضاً، غير أنه انتقل بعد زيارته إلى الكويت بعد إن أنهي زيارته لقطر في مؤشر إلى عدم رغبة الرياض بهذه الزيارة، أو إلى تقديره بعدم جدواها في ظل تشدد المواقف السعودية والإماراتية.

كان الحذر بطبيعة الحال سمة التحركات الدبلوماسية للمسؤولين الأتراك الذين أبدوا حرصًا على القيام بدور الوسيط، وحاولوا جاهدين عدم القيام بأي فعل استفزازي للمملكة العربية السعودية تحديدًا لكن وفي المقابل أظهرت الجبهة الدبلوماسية بعض الاختلاف، حيث كان الحذر بطبيعة الحال سمة التحركات الدبلوماسية للمسؤولين الأتراك الذين أبدوا حرصًا على القيام بدور الوسيط، وحاولوا جاهدين عدم القيام بأي فعل استفزازي للمملكة العربية السعودية تحديدًا، خوفًا من اندلاع أزمة سعودية تركية، قد تعمل على تحويل موقف تركيا من الوسيط المحايد إلى الخصم المباشر .

وهو الأمر الذي لا تتمناه تركيا نظرًا للأهمية الاستراتيجية للمملكة العربية السعودية كقوة إقليمية من جهة وكشريك تجاري مربح من جهة أخرى، فقد كان من المخطط رفع مستوى التبادل التجاري بين البلدين ليبلغ قرابة الـ20 مليار دولار في المستقبل القريب، وهو الأمر الذي يعد مهمًا جدًا للاقتصاد التركي في ظل انتكاساته المتعاقبة بسبب العمليات الإرهابية والحرب في سوريا ومحاولة الانقلاب في تركيا تموز 2016 .

إن مراقبة التصريحات الرسمية الصادرة عن الأطراف المعنية بهذه الأزمة (تصريحات المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص) تظهر أن القرارات قد اتُخِذت بشكل حاسم وبما لا يقبل أنصاف الحلول، وبما أن الرد القطري لم يكن لينًا ولم يُظهر أي تنازلات حتى الآن، فإن احتمال فشل الوساطات والتصعيد الشامل غير مستبعد على الإطلاق .

وفي ظل الدعم التركي الكبير لقطر، فإن نشوب أزمة سعودية تركية موازية للأزمة الخليجية تبقى موجودة بالفعل ضمن الحسابات، في حال عدم مقدرة أنقرة على الإبقاء على مستويات التوتر منخفضة، لكن وبنفس الوقت، فإن خسارة قوة إقليمية صديقة بحجم وموقع وأهمية تركيا، لن يكون أيضًا من مصلحة المملكة العربية السعودية خصوصًا بالنظر إلى عمق صراعها مع إيران وشدة التوترات المحيطة بها .

إن هذا يطرح سؤالًا مهمًا وهو إلى أي مدى يمكن أن تستمر تركيا باستراتيجية الدعم الحذر لقطر دون أن تخسر صداقاتها في المنطقة؟ تبدو الإجابة متعلقة بتقييم أهمية تركيا بالنسبة للمملكة العربية السعودية وحلفها الجديد، ولكن الأمر المؤكد أن تركيا حريصة كل الحرص على الوجود ضمن اللاعبين الأساسيين في الساحة الخليجية .

ولفهم هذا الحرص ينبغي إدراك الأهمية الاستراتيجية لهذه الفرصة حيث إنها المرَة الأولى التي يتمكن فيها الساسة الأتراك من إيجاد موطئ قدم في الخليج العربي منذ سقوط دولة الخلافة العثمانية، خاصّةً في ظل الاهتمام الكبير للساسة الأتراك بالشرق والذي لا يمكن إنكاره، والذي ازداد كنتيجة لخيبات الأمل الناجمة عن المعوقات التي يحرص الاتحاد الأوروبي على وضعها في وجه عضوية تركيا .

الإدارة التركية تريد دورًا فاعلًا في الحل أيًا كان السيناريو المطروح للخروج من هذه الأزمة، ولكنها بذات الوقت ستعمل جاهدة لإبقاء علاقاتها الخليجية بمنأى عن انعكاسات الأزمة الحالية دون أن تساوم على استقلالية حليفها الأقرب قطر

كما ينبغي لفهم الاهتمام التركي بمنطقة الخليج العربي، التعمّق في تحليل المنظور التركي للشرق الأوسط، حيث تجد تركيا نفسها ملزمة بحماية وتوسيع مداها الجيواستراتيجي وطبقات نفوذها في المنطقة باعتبارها وريث طبيعي لنفوذ الدولة العثمانية، ولا يبدو هذا المنطق غريبًا عن “العمق الاستراتيجي” للجمهورية التركية كما فهمه السيد أحمد داوود أوغلو والذي وعلى الرغم من انتهاء صلاحياته الرسمية لا يزال تأثيره حاضرًا ليس فقط في الأوساط الأكاديمية بل أيضًا في سياسات تركيا الخارجية دون أدنى شك وذلك بسبب سنوات خدمته الطويلة والتي يمكن اعتبارها فترة إعادة الصياغة لسياسات تركيا .

إذًا الإدارة التركية تريد دورًا فاعلًا في الحل أيًا كان السيناريو المطروح للخروج من هذه الأزمة، ولكنها بذات الوقت ستعمل جاهدة لإبقاء علاقاتها الخليجية بمنأى عن انعكاسات الأزمة الحالية دون أن تساوم على استقلالية حليفها الأقرب قطر .

احتياجات وفرص حقيقية

إذا ما تم تجاوز تداعيات أزمة مقاطعة قطر من قبل عدد من الدول الخليجية على العلاقات التركية مع هذه الدول فإنه بالضرورة التأكيد بأن العلاقات الخليجية التركية تنطلق من دوافع واحتياجات حقيقية، وتستند إلى مقومات ومصالح مشتركة كبيرة بإمكانها أن توفر لهذه العلاقات فرص للنهوض والارتقاء إلى مستوى عالي من التحالف والتكامل.

فلدى هذه العلاقات ثُقل من المصالح الاقتصادية المشتركة التي تحقق منافع متبادلة للطرفين، وبإمكانها أن تمكنهما من التعامل مع ما يُحيط بهما من تحديات أمنية وسياسية متفاقمة إقليمياً ودولياً، وقد يكون تعزيز هذه العلاقات الطريقة الأمثل وربما الأقل كلفة في التعامل مع التمدد الإيراني الذي يهدد استقرار هذه الدول والمنطقة، وبإيجاز نناقش هنا الدواعي التي تنطلق منها هذه العلاقات والفرص والمنافع التي يمكن أن توفرها لطرفيها:

فرص اقتصادية واعدة

على المستوى الاقتصادي من شأن تطور العلاقات الخليجية التركية أن يوفر الكثير من الفرص الواعدة سواء للتركيا أو الدول الخليجية، فكلاهما يمتلك اقتصاداً قوياً ومزايا نسبية متكاملة، ويستطيع التكامل بينهما أن يضمن الكثير من المصالح والمنافع المشتركة لكليهما، فدول مجلس التعاون تمتلك اقتصاديات قوية حيث يقدر إجمالي الناتج المحلي لهذه الدول بـ”تريليون” دولار، ونفس الأمر بالنسبة لتركيا التي يقدر اجمالي الناتج المحلي لها بحوالي (800) مليار دولار.

ويمتلك الطرفان أساس مثالي من التكامل في المزايا النسبية، ففي حين يتوفر النفط والغاز في دول الخليج العربي توجد الحاجة إليه في تركيا، والتي تستور منه90% من احتياجاتها النفطية، في الوقت ذاته يتولد طلب كبير لدى دول الخليج العربي للمنتجات الغذائية والصناعية التركية، وهي تمثل سوق مثالي لتلك المنتجات، وكما رئينا سابقاً فقد بدأ يتخلق طلب خليجي مماثل للصناعات العسكرية التركية، وبإمكان التكامل الاقتصادي والتجاري أن يضمن الكثير من المصالح والمنافع للطرفين.

ومع اتجاه تركيا نحو التوسع في المجالات الصناعية والتجارية والعقارية المختلفة تزداد حاجتها للاستثمارات الرأسمالية الخليجية والتي ستسهم في زيادة تشغيل الاقتصاد التركي وتوسيع طاقاته الانتاجية، وبذات الوقت فإن الاستثمار الخليجي في تركيا يولد عوائد كبيرة للمستثمرين الخليجيين ويحقق ما اسماه باحث تركي بـنظام “الكل رابح”.

وتُسهم التطورات المتصلة بالعلاقات الخليجية الغربية، وخصوصاً العلاقات الأمريكية الخليجية في التأكيد على الحاجة للتكامل بين اقتصاديات دول الخليج والاقتصاد التركي، فالتحولات في العلاقات الأمريكية الخليجية باتت تمثل مخاطر محتملة على الاستثمارات الخليجية في الولايات المتحدة وربما في الدول الغربية أيضاً.

ويقدم قانون “جاستا” الذي أقره الكونجرس الأمريكي مؤشرات كافية على أن الاستثمارات الخليجية وبالذات الجانب الرسمي منها قد لا تكون في مأمن، وهو ما تؤكده الخبرة في التاريخ القريب، كما حدث مع صناديق الاستثمار الكويتية أثناء جهود تحرير الكويت من القوات العراقية، ما يعني أن الاستثمار في تركيا ربما أكثر أمنا من مناطق أخرى.

كما أن التغيرات الاقتصادية المدفوعة بانخفاض أسعار النفط، وحاجة دول مجلس التعاون الخليجي إلى تنويع مصادر دخلها والتقليل قدر الإمكان من الاعتماد على النفط كمورد وحيد أو أساسي يدفعها إلى تكثيف استثماراتها في الدول والمناطق الواعدة، ومنها تركيا التي يشهد اقتصادها نموا مطرداً.

الاضطراب في علاقات الدول الغربية مع دول الخليجية ليست وحدها ما يدفع الأموال الخليجية للاستثمار في تركيا، فالتحولات التي تحدث في المنطقة العربية تعزز ذلك أيضا، فالصراعات التي تشهدها عدد من الدول العربية كما هو الحال في سوريا واليمن والعراق، وحالات عدم الاستقرار التي تعاني منها البعض الأخر كمصر ولبنان وبدرجة أقل الأردن، واضطراب المنطقة عموماً يجعل من تركيا واحدة من الأماكن المتاحة والمناسبة للاستثمارات الخليجية.

تحديات أمنية مشتركة

تعج المنطقة العربية بحالة غير مسبوقة من الصراع والاضطرابات والفوضى الناتجة عن انهيار عدد من دول المنطقة بسبب الصراعات الداخلية، وبروز دور فاعلين من غير الدول، والتغيير والحضور الدولي الكثيف، إضافة إلى التغيير في سياسات القوى الكبرى ومواقفها من حلفائها في المنطقة.

هذه التحولات أنتجت العديد من المخاطر ومصادر التهديد تجاه كل من دول مجلس التعاون الخليجي، وتركيا، كما أن من شأن التعامل الجماعي بين الطرفين أن يخفف من تلك التهديدات، ولا يتحقق ذات الأمر في تعامل كل طرف منفرداً معها.

فقد تولد عن تفكك سوريا وبدرجة أقل العراق صراعات ممتدة في هاتين الدولتين، ازدادت تعقيداً بفعل تدخلات القوى الإقليمية والدولية مما ضاعف من المخاطر والتهديدات التي تواجها كل من تركيا والدول الخليجية. فقد ساهم الصراع في العراق وسوريا في بروز حركات وتنظيمات طائفية كما هو الحال في الحشد الشيعي التي بات يمتلك الكثير من الدعم المالي والعسكري والقوة البشرية والعقائدية ويستغل الحرب على داعش لمد نفوه في كثير من مناطق العراق حتى أنه تمكن مؤخرا من الوصول إلى الحدود العراقية السورية، وهذا التنظيم لا تخفي مطامعها تجاه دول الجوار وفي مقدمتها دول الخليج.

وأنتج الصراع في هاتين الدولتين تنظيمات متطرفة كما هو حال في تنظيم داعش وجبهة النصرة، استجلبت التدخلات العسكرية الدولية والإقليمية ووفرت فرصة لمحاولات بعض القوى الإقليمية والدولية لضرب المكونات الديمغرافية والجغرافية (السنية) التي تمثل امتداد لكل من تركيا ودول الخليج، وتحميل هذه الدول المسؤولية عن هذه نشأت وسلوكيات تلك التنظيمات وابتزازها ماليا وسياسيا واقتصاديا.

ويحدث نفس الأمر بالنسبة لتداعيات الصراع في اليمن، بعد سيطرة الحوثيين على السلطة في اليمن، والتي باتت تهدد أمن السعودية ودول الخليج، لاسيما في ظل حضور إيران في هذا الصراع، والذي ازداد تعقيدا بعد التدخل العسكري الخليجي في إطار ما يُعرف بالتحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، وممارسة أطراف دولية ضغوط من أجل افشال مرامي التحالف، وتحويل اليمن إلى مستنقع لأنهاك قوة السعودية وابتزازها.

بذات المسار فقد استجلب الصرع السوري روسيا التي باتت تمتلك قواعد ثابتة وتواجد عسكري كثيف يمثل تطويق استراتيجي لتركيا من الناحية العسكرية والاستراتيجية، ونفس الأمر بالنسبة للتواجد العسكري الإيران الذي يتمدد يوما بعد أخر في العراق وسوريا.

ولا يختلف عن ذلك كثير ما تحظى به التشكيلات العسكرية الكردية في العراق وبشكل أكبر في سوريا من رعاية ودعم عسكري ومادي كبير من قبل الولايات المتحدة الأمريكية حيث يتم تزويدها بسلاح نوعي ويُتاح لها مساحة كبيرة في إطار محاربة تنظيم “داعش” الأمر الذي يمكنها من نشر سيطرتها العسكرية في مناطق مختلفة في سوريا وبالقرب من الحدود التركية بما يجعلها أحد أهم مصادر تهديد الأمن التركي في المستقبل القريب.

تتزامن التطورات الخطيرة في المنطقة مع تحولات في سياسات القوى الكبرى تجاه المنطقة، وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية التي اعادة رسم سياستها تجاه موقفها من إيران وإزاء التواجد العسكري الروسي في المنطقة وإعادة النظر في تحالفاتها مع الأطراف الرئيسية في المنطقة وبخاصة دول الخليج وتركيا.

فلم يعد الحد من النفوذ الإيراني أو التواجد العسكري الروسي هدفا مهما في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط، بل ويمكن القول بأن الولايات المتحدة شاركت بشكل أو بأخر في تسهيل تمدد النفوذ العسكري لإيران وروسيا في كل من العراق وسوريا، وكان هذا حتماً على حساب أمن دول الخليج العربي وتركيا.

ونفس الأمر فإنه باستثناء “إسرائيل” لم يعد حماية الأنظمة الحليفة هدفاً معتبراً في سياسة الولايات المتحدة تجاه المنطقة، إن لم يكن العكس فقد لاحظنا أن هذه الأنظمة غدت في الفترة الأخيرة في مرمى الاتهامات والابتزاز وربما الاستهداف، فإدارة الرئيس الأمريكي السابق “اوباما” لم تأخذ مصالح دول مجلس التعاون في الحسبان عند بناء الاتفاق النووي مع إيران، وجاهر الرئيس الحالي “ترامب” بضرورة مقايضة حماية المصالح الخليجية بالمال، وصارت السلطات الأمريكية تنحو منحاً متعددة لابتزاز دول الخليج، وبالذات المملكة العربية السعودية، وتوجه ضغوطها وربما ما هو أكثر نحو تركيا.

مواجهة التمدد الإيراني

شهد العقدان الأخيران تصاعدا في نفوذ إيران في المنطقة، وبرز هذا الصعود بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، وتسليمها السلطة للتشكيلات الشيعية التي هيمنت على مقدرات القوة في العراق، وبعد طي صفحة العراق اتجهت إيران لمد نفوذها في سوريا ولبنان واليمن والبحرين والكويت من خلال دعم واسناد المكونات المذهبية والطائفية في تلك الدول.

استغلت إيران الحرب الدولية على داعش في العراق والحرب الدائرة في سوريا وعملت على التحشيد الفكري والعسكري والمالي في هاتين الحربين، وسحق وتدمير المكونات غير الشيعية، من خلال تدمير ممتلكاتها وتهجيرها ونقلها إلى مخيمات للاجئين، أو دفعها للهجرة إلى دول الجوار والدول الغربية.

ويثير صعود النفوذ الإيراني هواجس ومخاوف دول الخليج وتركيا على حد سواء، فهذا الصعود المسنود إلى أيديولوجية طائفية سيكون بلا شك خصما من قوة الطرفين، وأكثر من ذلك فإن مواجهته من قبل كل طرف منفردا لن تكون ذات جدوى، في ظل التحولات الحقيقية في مواقف الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يجعل مواجهة التمدد الإيراني مجالا مشترك لتركيا ودول الخليج العربي.

“التحالف الخليجي – التركي”، يقابله “تحالف روسي- إيراني عراقي – سوري”، تلعب فيه طهران دورًا رئيسيًا في العراق، من خلال دعمها لحكومة حيدر العبادي، وتواجد عناصر من الحرس الثوري، تتولى تدريب وقيادة ميلشيا الحشد الشيعي، و”قاسم السليماني”، الذي تم تقنين وجوده رسميًا في العراق، بتعيينه مستشارًا عسكريًا لرئيس الوزراء العراقي، كما تلعب إيران دورًا عسكريًا وسياسيًا بارزًا في دعم نظام بشار الأسد، ووجود عناصر من الحرس الثوري وخبراء عسكريين إيرانيين في سوريا، بزعم “حماية المراقد الشيعية”، إضافة إلى ميلشيا حزب الله اللبناني، وجماعات شيعية من باكستان وأفغانستان، تقاتل بجانب النظام السوري” (42) .

تحديات تطور العلاقات الخليجية التركية

تواجه العلاقات الخليجية التركية جملة من الصعوبات والتحديات التي تعترض تطورها، وفي أحيان كثيرة تؤدي إلى إعاقتها، بعض هذه التحديات له علاقة بالأوضاع الداخلية وخصوصا التركية، والبعض الأخر يمثل هواجس سياسية لدى قطاع من النخبة السياسية الخليجية.

فتوجهات تركيا إزاء المنطقة العربية بما فيها منطقة الخليج تعبر عن رؤية حزب العدالة والتنمية الذي يمثل الحامل الرئيسي لها ولم تتحول بعد إلى اتجاه أساسي وكبير في بنية مؤسسات الدولة، وقد يتعرض هذا التوجه للنكوص في حال عدم حصول حزب العدالة والتنمية للأغلبية التي تبقيه في السلطة في أي انتخابات قادمة.

ويعترض العلاقات الخليجية التركية الشكوك والهواجس التي تبديها بعض أفراد النخبة السياسية والإعلامية الخليجية من أن لتركيا اطماع في عودة الخلافة العثمانية، وأنها توظف علاقتها مع الدول العربية والخليجية لمجرد الضغط على الدول الأوربية لقبول عضويتها في الاتحاد الأوربي، ومن أن لتركيا مصالح اقتصادية كبيرة مع إيران وأنها لن تضحي بها من أجل الدول الخليجية.

وأكثر من ذلك أن لتركيا علاقات مع تيار الإخوان المسلمين، وفي هذه النقطة تبرز في تقديرنا أهم التحديات التي تُقلق العلاقات الخليجية التركية ونقصد بها الاختلاف الحاد في التوجهات بين تركيا والإمارات العربية المتحدة، واختلاف رؤيتهما حيال كثير من القضايا والأحداث في المنطقة.

وبالنظر في هذه التحديات نجد أن معظمها يندرج في إطار الهواجس والاختلاف في التوجهات الفكرية وأن استمرار العمل المشترك بين الطرفين كفيل بإزالته أو التخفيف منه. وأن ما يجب التركيز عليه هو العمل على محاولة التقريب بين تركيا والإمارات من خلال جهود تبذلها دول في مجلس التعاون، وحوار تركي إماراتي مباشر.

مستقبل العلاقات التركية الخليجية

تنطلق العلاقات التركية الخليجية في بعدها التجاري وإلى حدٍ كبير الاقتصادي من احتياجات حقيقية توفر للطرفين مصالح متبادلة، ولهذا فقد كان لها حضور في العلاقة بينهما سواء قبل 2002م، وحتى أثناء توتر علاقات تركيا السياسية مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة نتيجة تباين مواقفهم من تطورات الوضع في مصر بعد الاطاحة بالرئيس “مرسي”.

غير أن تطور العلاقات بينهما في أبعادها السياسية والأمنية والاستراتيجية يظل مرهونا بمتغيرات معينة تكاد تمثل محددات لمسار العلاقة المستقبلية أهمها: تقييم التهديدات الإيرانية من قبل الاطراف المعنية، وموقف الاطراف من التيارات الإسلامية، ومستوى النفوذ الامريكي في المنطقة وعلاقة الاطراف بالولايات الامريكية المتحدة، والتحديات الاقتصادية والامنية المشتركة، ومستوى وعي القادة الخليجيين والاتراك بأهمية العلاقات وحجم التهديدات المشتركة.

فكما أشرنا فإن جانب من تطور علاقات تركيا بدول مجلس التعاون الخليجي يعود إلى التوجهات السياسية لحزب العدالة والتنمية التركي الذي وصل إلى الحكم في عام 2002، واستمر بقاءها وتطورها مع اطراد بقاء هذا الحزب في الحكم.

وحدث نفس الأمر فيما يتصل بعلاقات قطر والمملكة العربية السعودية بتركيا، فعلاقة كل منهما بتركيا تعززت وانتقلت إلى مستوى التعاون الاستراتيجي في الجوانب الأمنية والسياسية وحتى العسكرية، مع وصول الشيخ تميم بن حمد في قطر وبشكل أكبر مع وصول الملك سلمان بن عبد العزيز إلى الحكم في السعودية. ومن هنا فإن العلاقة بين هاتين الدولتين من جهة وتركيا من جهة أخرى ستتأثر سلبا وايجابا على نحو كبير ببقاء هذه التوجهات أو حدوث تغيّر فيها بمستويات متفاوتة.

كما أن مستقبل العلاقات التركية الخليجية سيتحدد بمسار الأزمة القطرية الخليجية، باعتبارها واحدا من أهم التحديات التي تواجه هذه العلاقات في الوقت الراهن على النحو الذي أشرنا إليه، فالمسارات التي ستنتهي إليها هذه الأزمة وعلى وجه الخصوص التأثير الذي ستتركه على العلاقات التركية مع الدول الخليجية وتحديدا السعودية والإمارات والبحرين، سيؤثر بشكل كبير على مستقبل علاقات تركيا بهذه الدول، وببقية دول مجلس التعاون، بما فيها قطر.

وفي ضوء هاذين المتغيرين، يمكن رسم ثلاثة مسارات لمستقبل العلاقات التركية الخليجية، تتضمن خطوط لمسارها في الفترة الزمنية القريبة القادمة على النحو التالي:

  • مسار اطراد التقدم

ينطلق هذا السيناريو من افتراض ثبات واستمرار التوجهات السياسية وبقاء نخب الحكم الحاملة لها في كل من تركيا والسعودية وقطر والكويت والبحرين وعمان، وانتهاء الأزمة القطرية الخليجية دون أن تترك تداعيات سلبية على علاقات تركيا بالسعودية على وجه التحديد، الأمر الذي سيمكن الطرفان من تجاوز هذه الأزمة من جهة، واستمرار تراكم التعاون والعمل المشترك بينهما في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية والعسكرية، لا سيما وأن الطرفان يواجها مخاطر مشتركة ومتعاظمة على المستوى الإقليمي وتحديات كبيرة على المستوى الدولي.

وأن اطراد تحسن العلاقات التركية بكل من قطر وبشكل أكبر السعودية سيدفع باتجاه استمرار التعاون الاقتصادي والسياسي مع الكويت والبحرين وسلطنة عمان، ومجلس التعاون ككل، وقد يؤدي إلى تحسن نسبي في العلاقات بين تركيا والإمارات، أو يمنع تدهورها على الأقل.

  • مسار الجمود:

يفترض هذا السيناريو فشل تركيا ودول الخليج في تحييد العلاقات بينهما من التأثيرات السلبية للأزمة القطرية الخليجية، وانزلاق علاقات تركيا بالمملكة العربية السعودية إلى التوتر وهو ما سينتهي بها نحو الجمود، وقد يتعزز هذا إذا ما تم تغيير نخب الحكم في تركيا أو السعودية، حيث من المرجح أن تعود العلاقات بينهما إلى ما كانت عليه بعد حدوث الانقلاب العسكري في مصر، من خلال استمرار العلاقات الاقتصادية والتجارية وجمود في العلاقات السياسية والأمنية والاستراتيجية.

  • مسار التأزم والتداعي:

يتأسس هذا السيناريو على حدوث تغيير سلبي في التوجهات السياسية أو نخب الحكم أو كليهما في هذه الدول أو بعضها، وحلول توجهات أو نخب لا تحبذ رفع للعلاقات مع الطرف الأخر في الجوانب الاستراتيجية والأمنية والسياسية، أو حدوث اشتباك سياسي وربما عسكري بين تركيا والسعودية والإمارات نتيجة تطورات سلبية حادة في الأزمة القطرية، وهو ما قد يؤدي إلى تأزم كبير في العلاقات بينهما، ويذهب بها نحو التداعي والانكسار.

ويخضع هذا السيناريو لقدرة الولايات المتحدة ودولة الإمارات بالإضافة إلى اسرائيل والنظام المصري في تأزيم العلاقات السعودية التركية وعدم اتاحة الفرصة للتقارب أكثر لاعتبارات سياسية واقتصادية، أهمها رغبة الإمارات في أن تصبح البوابة الاهيم للجزيرة العربية والبحر والبحار المحيطة بها، فضلاً عن خشية إسرائيل من أي تعاون استراتيجي بين السعودية وتركيا (43) .

الهامش

1 د. محمد زاهد جول، التقارب التركي – الخليجي رسالة إلى أمريكا وروسيا برفض النفوذ الإيراني الجديد، على الرابط التالي: https://goo.gl/9fRZqC [ggggg الرابط]

2 سلام الراجحي، العلاقات الخليجية التركية في 2016، تقارب سياسي وخطط للتكامل الاقتصادي، الخليج الجديد، 27 ديسمبر 2016

3 السعودية وتركيا تؤسسان شركة للصناعات الدفاعية الإلكترونية، تي آر الروسية ( TR )، 02.22. 2016

4 Sinem Cengiz, Turkey And The Gulf: Toward Even Closer Defense Cooperation ? The Middle East’s Leading English Language Daily 5 May 2017 : https://goo.gl/KrwTR5

5 تركيا في طريقها لعقد اتفاقية تجارة حرة مع دول الخليج العربي

6 عبد الرحمن عياش، ما الذي يعنيه تعاونًا استراتيجيا بين قطر وتركيا؟، نون بوست، 20‏/02‏/2015

7 غاندي عنتر، تداعيات الانقلاب التركي على دول الخليج، المعهد المصري للدراسات، 5 أغسطس 2016

8 حجم التبادل السياحي بين تركيا وقطر، تركيا بوست، على الرابط التالي: / الرابط

9 تركيا وقطر تتشاركان المصالح الإقليمية، نون بوست 18 يوليو 2014 على الرابط: الرابط

10 بلقيس عبد الرضا، بالأرقام.. حجم الاستثمارات التركية الخليجية، العربي الجديد، 14 فبراير 2017

11 المرجع السابق

12 Sinem Cengiz, Turkey And The Gulf: Toward Even Closer Defense Cooperation ? op. cit .

13 ibid

14 تركية بنت حمد الفارسي ، العلاقات العمانية التركية 1744م – 1856م، رسالة ماجستير، جامعة السلطان قابوس، سلطنة عمان، 2006.

15 العلاقات العمانية العثمانية في عهد الإمام أحمد بن سعيد (1744 – 1783م)، موقع أثير، 25 مايو 2014م.

16 زيارة السيد بن علوي وزير الخارجية العماني لتركيا، موقع وزارة الخارجية التركية، 3 مايو 2014

17 مهنا الحبيل، البوابة الاستراتيجية، الوطن القطرية، 6 نوفمبر 2017.

18 المرجع نفسه

19 محمود الرنتيسي، تطور العلاقات التركية العمانية، 2 نوفمبر 2017.

20 المرجع السابق

21 غاندي عنتر، تداعيات الانقلاب التركي على دول الخليج، المعهد المصري للدراسات، 5 أغسطس 2016

22 سلام الراجحي، العلاقات الخليجية التركية في 2016، تقارب سياسي وخطط للتكامل الاقتصادي، الخليج الجديد، 27 ديسمبر 2016

23 بلقيس عبد الرضا، بالأرقام.. حجم الاستثمارات التركية الخليجية، العربي الجديد، 14 فبراير 2017

24 المرجع السابق

25 المرجع السابق

26 خالد الخالدي، أردوغان يعزز العلاقات التركية الكويتية .. الاقتصاد أولاً، صحيفة العربي الجديد، 10 مايو 2017

27 إسلام الراجحي، العلاقات الخليجية التركية في 2016، تقارب سياسي وخطط للتكامل الاقتصادي، الخليج الجديد، 27 ديسمبر 2016

28 المرجع السابق

29 حسين محمود – أحمد يوسف، عاهل البحرين يبدأ زيارة لتركيا الخميس هي الأولى منذ ٨ سنوات، وكالة الاناضول، 24.08.2016.

30 المرجع السابق

31 العلاقات التركية الخليجية التبادل الاقتصادي بين مسقط وانقرة، الخليج الجديد، على الرابط

32 مصطفى محمد صلاح، الدور التركي الجديد في الشرق الاوسط في ظل مفهوم العثمانية الجديدة، على الرابط

33 العلاقات الخليجية التركية من الفتور إلى التحالف، صحيفة التقرير ،24 / أكتوبر 2016

34 العلاقات الخليجية التركية في 2016.. تقارب سياسي وخطط للتكامل الاقتصادي، الخليج الجديد،27 ديسمبر 2016 على الرابط: الرابط

35 د. محمد زاهد جول، التقارب التركي – الخليجي رسالة إلى أمريكا وروسيا برفض النفوذ الإيراني الجديد، على الرابط التالي: الرابط

36 صحيفة التقرير، العلاقات الخليجية التركية من الفتور إلى التحالف، على الرابط التالي: [١]

37 العلاقات الخليجية التركية تحديات مشتركة تعمق التعاون، صحيفة العربي الجديد، 4 ديسمبر 2016 على الرابط: [٢]

38 أردوغان: عزل قطر غير إنساني ويشبه حكم الإعدام 13 يونيو/ 2017 ، موقع قناة بي بي سي. على الرابط: الرابط

39 المرجع السابق

40 أحمد المصري، تركيا.. جهود حثيثة لحل الأزمة الخليجية، 17 يونيو 2017. الأناضول

41 تركيا والخيارات المكلّفة في الأزمة الخليجية 12 يونيو/ 2017 الرابط

42 العلاقات الخليجية التركية من الفتور إلى التحالف، صحيفة التقرير، 24 أكتوبر 2016 على الرابط التالي: الرابط

43 الآراء الواردة تعبر عن كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المعهد المصري للدراسات

المصدر