حسن محمد رشوان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
حسن محمد رشوان .. على خط النار


مقدمة

شهدت فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية تغييرات جذرية على الصعيد الداخلي والعالمي، فقد استيقظ الشعور الوطني لدى المجتمع، وأخذ يطالب بالاستقلال وطرد المحتل الإنجليزي عن البلاد، وعلى الصعيد العالمي انتهت الحرب العالمية الثانية بهزيمة دول المحور بعد خمس سنوات من الحروب الضارية.

كما أخت القضية الفلسطينية منعطفا جديدا وخطيرا حينما بدأ المحتل الإنجليزي الانسحاب منها وتسليمها ضمنيا للعصابات الصهيونية ، وهو ما أزعج بشدة جماعة الإخوان المسلمين وكل غيور على أراضي وطنه حيث تمثل موقف الإخوان المسلمين من القضية الفلسطينية في فترة الحرب الثانية من خلال استمرار الدعم الإعلامي والسياسي، كما انتفضت الجماعة وفتح باب التطوع للدفاع عن الأراضي الفلسطينية ضد ما يحاك لها، وكان الحاج حسن محمد رشوان واحد من هؤلاء الذيت تطوعوا للدفاع عن أرض فلسطين.

النشأة

حسن محمد رشوان، من مواليد 26 أغسطس 1921 بقرية شلشلمون مركز منيا القمح محافظة الشرقية، غير أنه تركها في صغره ليستقرَّ في السويس؛ حيث كان يعمل والده.

التحق بالتعليم وظل به حتى الصف السادس الابتدائي، إلى أن تم استبعاده بسبب قرحة في إحدى عينيه، وبعد أن ترك التعليم احترف مهنة الحلاقة وعمره عشر سنوات مع أخيه الأكبر، وظل يمارسها في صالونه الخاص إلى توفاه الله بعدما تجاوز الثمانين من عمره.

بين الإخوان المسلمين

كانت السويس من المدن التي تفاعلت مع دعوة الإخوان المسلمين منذ انطلاقها بمدينة الإسماعيلية، حيث اهتم بها الإمام حسن البنا فزارها كثيرا وفتح بها العديد من الشعب، حيث تعرف الحاج حسن على الدعوة في إحدى هذه الشعب، وكان لتدافع الأحداث أثر في تفاعل شباب الإخوان خاصة القضية الفلسطينية والجهاد في سبيل الله حيث عاش شباب الدعوة على شوق في أن يجاهدوا في سبيل الله وللدفاع عن أوطانهم ومقدساتهم، حتى كان أول اختبار في حرب فلسطين عام 1948م.

ففي الفترة التي أعلنت فيها بريطانيا الانسحاب من فلسطين استشعر الإخوان المؤامرة التي تحاك ضدها، فقاد الشيخ حسن البنا - رحمه الله - العديد من المظاهرات في الجامع الأزهر، مطالبًا الحكومة بفتح باب التطوع للجهاد، وتوفير الأسلحة للمجاهدين؛ مما اضطّرَّ الحكومة إلى إعلان فتح باب التطوع، فوتدفق الآلاف من شباب الإخوان من جميع المحافظات على المركز العام في الحلمية لتسجيل أسمائهم ضمن المتطوعين للجهاد في فلسطين، وكان الحج حسن واحد منهم، وكان معه حوالي 20 شابًّا من محافظة السويس.

على أرض النار والجهاد

اختير الحج حسن ضمن المجاهدين الذين تقرر سفرهم لسوريا للانضمام لمعسكر قطنة تحت إشراف مراقب سوريا الدكتور مصطفى السباعي

حيث يقول:

سافرنا من المركز العام إلى بورسعيد؛ حيث كانت هناك سفينة معدة لتبحر بنا إلى سوريا، وهناك وجدنا مصوِّرًا يقوم بالتقاط صور لنا، فقام إليه الأخ مالك محمد إبراهيم نار - رئيس الفرقة التي كنت فيها - واكتشف أنه مصوِّر يهودي وحدثت مشاجرةٌ حتى أخذ الكاميرا ومسح الصور التي التقطها.
وعند وصولنا سوريا ذهبنا إلى معسكر (قطنا) الذي مكثْنا فيه فترة التدريب على يد شاب من الجيش السوري يسمَّى رؤوف، وكان تدريبنا خلال هذه المرحلة على الأسلحة الخفيفة وبعض حركات المقاومة والمواجهة وجهًا لوجه، بالإضافة إلى فنون الكرّ والفرّ والزحف والاشتباك وعمليات القتال والدوريات الليلية، واستعمال المواد المتفجرة وغيرها من التدريبات الشاقة المكثَّفة ليلاً ونهارًا، حتى وصلنا إلى المستوى المطلوب من الاستعداد لمحاربة الصهاينة.

ويضيف:

كانت هناك حراسة طوال اليوم وكان يقوم بها اثنان كل أربع ساعات، وأثناء عبور الأخ مالك وجد أحد أفراد الحراسة نائمًا، فأخذ الأخ مالك سلاحه وتركه نائمًا، وفي الصباح بعد أن استيقظ الأخ ذهب يبحث عن السلاح الذي كان معه، وفي النهاية ذهب إلى الأخ مالك واعترف له أن السلاح قد سُرق لأنه كان نائمًا، فعاقبه الأخ مالك بجلده لكي يكون موعظةً لغيره، ففي الجيش نفسه إذا حدث هذا فإنه يعتبر شيئًا صعبًا جدًّا.
وأثناء فترة حراستي ذات مرة في أحد الخنادق وجدت أمامي دشمة يختبئ وراءها اليهود، فحدثتني نفسي أن أطلق عليها النار، وبالفعل عمرت البندقية وضربت طلقةً واحدةً، وتحركت مسافة بسيطة، ففوجئت بوابل من الرصاص أُطلق مكان ضرب الطلقة؛ لدرجة أن الرمال ردمت الخندق، وبعد ذلك سألني إخواني عما حدث، فقلت لهم أطلقت عليهم رصاصة، فضحكوا جميعًا، وحذرني الأخ مالك من التحرك مرةً أخرى دون إذن، لكنهم قدروا حماستي ويقظتي.
ومن ضمن الحوادث المثيرة أيضًا أنه كان يجلس بجواري الأخ محمد الطنبولي وكان من السويس، وكانت بيدي بندقية بها رصاصة وأنا لا أعرف، فإذا بي وأنا أضعها على الأرض تخرج منها رصاصة لا تبعد أكثر من سنتيمتر واحد عن صدغ الأخ الطنبولي!!
كانت قواتُ الإخوان مقسَّمةً إلى ثلاث مجموعات، تدافع كل مجموعة منها عن منطقة بعينها ترابط فيها، وكانت القوة الأولى ترابط في النقب، وخاضت هذه المجموعة معارك في صحراء النقب والقدس، كان من أهمها معركة مستعمرة كفار داروم، التي سقط فيها مجموعة من شهداء الإخوان، من بينهم الشهيد محمد عبد الخالق يوسف، والشهيد عبد الرحمن عبد الخالق، والشهيد عبد الرحيم عبد الحي، وكان هناك حوالي 20 من الشهداء والجرحى الذين سقطوا من الإخوان ضمن هذه المعركة، وقد استعصت هذه المستعمرة!!
إلا أن الإخوان قاموا بإعادة تنظيم صفوفهم والانتقال إلى أساليب حرب العصابات بدلاً من الحرب أو المواجهة المباشرة واستهداف خطوط المواصلات والمرافق، وعلى رأسها شبكات أنابيب المياه.
وتواصلت غارات الإخوان المسلمين على هذه المنطقة؛ مما اضطر العصابات الصهيونية إلى تعيين عربات مصفَّحة ومدرَّعات لحراسة القوافل اليهودية في الصحراء، وبالرغم من ذلك إلا أن قوات الإخوان كانت كثيرًا ما تنجح في إسقاط هذه الدفاعات والاستيلاء على ما في هذه القوافل من أسلحة ومعدات عسكرية من بينها مدرعات أمريكية حديثة.
أما القوة الثانية - وهي التي كنت أشارك فيها - فكانت بقيادة الصاغ محمود عبده، وأوكلت لها مهمة الدفاع عن مرتفعات صور باهر الحصينة بجوار القدس، وقد وفقنا الله أن نصلي في المسجد الأقصى على دفعات، ولحقت بنا بعد ذلك قوة كبيرة من متطوعي الإخوان المسلمين في الأردن بقيادة المجاهد المغفور له إن شاء الله عبد اللطيف أبو قورة - المراقب العام للإخوان المسلمين بالأردن سابقًا - وشكلوا معًا قوةً مشتركةً.
أما الفرقة الثالثة فكانت من إخوان سوريا، يقودهم المجاهد مصطفى السباعي - المراقب العام للإخوان المسلمين - وعملت بهمة ونشاط في مناطق المثلث والقدس، وكانت هناك مجموعات أخرى، شكَّلتها شعب الإخوان في فلسطين، تعمل في المناطق الشمالية والوسطى تحت القيادة العربية المحلية.

ويضيف أيضا:

ما سجله التاريخ في حرب فلسطين من قصص البطولة والفداء بالنسبة للإخوان، أعتقد أنه أقل بكثير مما حدث على أرض الواقع، وفي نفس الوقت فهو أكبر من أن تسجله الكتب؛ لأن كل أخ شارك في هذه الحرب فهو شاهد بذاته على ما حدث، ولا أعتقد أن التاريخ يستطيع أن يقف أو يدوِّن ما حدث وعاصره الإخوان في هذه المرحلة المهمة من تاريخ أمتنا.
كما أن الإخوان لا يفخرون ببطولاتهم أمام أحد ولا حتى التاريخ؛ لأننا أصحاب دعوة قبل أن نبحث عن تاريخ أو غيره، وللتاريخ.. فالدور الذي قام به الإخوان في هذه الحرب ليس دورهم وحدهم، بل شاركهم فيه الكثير، فعندما وصل الإخوان إلى مشارف القدس كانت معهم الجيوش العربية التي شاركت من مصر وسوريا والأردن وفلسطين ولبنان، وحاصرنا أكثر من مائة ألف صهيوني، استغاثوا ببريطانيا والولايات المتحدة؛ مما جعلهم يفرضون هدنةً على القادة العرب في مايو 1948م، من أجل إنقاذ اليهود من الهزيمة المحققة.
وأثناء هذه الهدنة كانت الإمدادات لا تنقطع عن قوات الصهاينة، واستطاع الصهاينة أن يحتلوا مواقع مهمة بهجمات غادرة، وبالرغم من أنه نقضٌ للهدنة، إلا أن الدول العربية اكتفت بالاحتجاج لدى مجلس الأمن، الذي اعتذر بأن الذين يقومون بهذه الأعمال عصابات متطرفة، ليس لأحد سلطان عليها.
وقد قامت هذه العصابات الصهيونية بالهجوم على قوات الإخوان عند منطقة العسلوج، واستطاعوا السيطرة عليها لقلة جنود الإخوان بها، ولأهمية تلك المنطقة التي كانت طريق تموين الجيش المصري ومواصلاته تحرك الجيش لاسترداد القرية، إلا أن قوات الجيش فشلت في تحقيق ذلك، وبتعاون الجيش مع الإخوان استطاعا السيطرة على القرية مرةً أخرى باستخدام الأسلحة الخفيفة، ثم كانت الهدنة الثانية في يوليو 1948 لإنقاذ اليهود مرةً ثانية.
وفي هذه الأثناء وصلت إلى اليهود إمداداتٌ من الأسلحة الثقيلة والطائرات الحديثة من أوربا؛ مما سهَّل لهم الهجوم على الجيوش العربية مرةً أخرى، مما اضطَّرَّ الجيش المصري إلى التخلي عن المناطق التي سيطر عليها، وترك خمسة آلاف جندي محاصرين في الفالوجا.
وطالب الإخوان بإعطائهم السلاح والسماح لهم بجلب بعض المجاهدين من مصر، حتى يمكنهم إنقاذ الجيش المصري المحاصر في الفالوجا، فوافقت القيادة العامة للجيش المصري، وواصل الإخوان عملياتهم، وقاموا بعمل العديد من الكمائن التي منعت اليهود من التنقل بين مستعمراتهم
واستطاع الإخوان تدمير 15 مصفحةً ودبابةً في أسبوع واحد؛ مما ساعد الجيش المصري على الانسحاب من الفالوجا إلى مواقع جديدة، إلا أن الصهاينة انتهزوا التمزق التي يعيشه العرب - وخاصةً مصر - فهاجموا الجيوش المصرية دون مراعاةٍ للهدنة التي نادَوا بها من قبل، ونجحوا في احتلال العديد من المواقع، وتمكَّنوا من عزل القوات العربية عن بعضها في كثير من الأماكن!

ويوضح سبب عدم انخراط متطوعي الإخوان في سرايا الجيش المصري واستقلالهم في كتائب مع بعضهم فقط بقوله:

تربية الإخوان تقوم على أساس المساواة والتكافل والحرية، فلم تكن هناك أيةُ ميزات بين المسئولين والأفراد إلا ميزة السمع والطاعة في العمل والواجبات، وكانت العلاقة بين الضباط والجنود علاقة أخوَّة ليس فيها شيءٌ من الرسميات، فلم نرَ تفاوتًا في الملبس أو المأكل
وكانت هذه الأوضاع شيئًا عاديًّا بالنسبة لطبيعة تربية الإخوان ومفهوم الجندية والجهاد؛ فمثلاً كنت تجد جنديًّا عاديًّا يحمل شهادةً جامعيةً عاليةً، بينما قائد فصيلته أو سريته عامل بسيط أو فلاح ذو ثقافة متوسطة، ولكنه اجتاز تدريبًا خاصًّا، أو قضى في الميدان مدةً طويلةً، أظهر خلالها شجاعةً فائقةً ودرايةً واسعةً في القيادة.
وعلى العكس كانت الأوضاع في الجيش المصري تسيطر عليها العقلية العسكرية الصارمة؛ حيث يقوم الخوف بين الجندي وقائده مقام الحب والاحترام، وحيث تقوم فجوة بين الرتب تشمل المأكل والملبس والمسكن، بذلك كان إذابة الإخوان في الجيش تعني هدم النظام الذي يقوم عليه كيان الإخوان الجهادي ومحو الملامح والخصال التي تنتج عنها خصال الفدائية والتضحية والتسابق على الشهادة.

خلف قضبان المحنة

تعرض الحاج حسن رشوان كغيره للاعتقال أثناء عودتهم من الجهاد على أرض فلسطين ومكث بالسجن فترة حتى أفرج عنه مع من أفرج ليعاود الجهاد مع إخوانه في حرب القنال عام 1951م، ويشارك إخوان في ثورة 23 يوليو قبل أن ينقلب عليهم عبدالناصر ويزج بهم في السجون، ويكون رشوان واحد منهم.

ويصف تلك المحن بقوله:

مررت بمحنة 1954 واعتُقلت فيها سنةً وأربعة أشهر، وفي محنة 1965 اعتُقلت خمس سنوات وأربعة أشهر، وكانت في هذه المرة بعض التحقيقات عمن يأخذ الاشتراكات، فكانوا يريدون معرفة من يأخذ الاشتراكات ويمرّ على أهالي المعتقلين، وذات ليلة خلعوا عني ملابسي تمامًا والجوّ كان باردًا جدًّا وقال لي الضابط: اعترف أحسن لك، من كان معك؟! وأين كنتم تجتمعون؟! ولمن كنت تدفع الاشتراكات؟!
فقلت له لم يكن هناك اشتراكات، ولم يكن هناك شيء، إنهم اعتقلوني وأنا لا أعرف شيئًا، فضربني على قدمي، فجلست طوال الليل على هذا الحال، وعندما سمعت أن الحاج عبد العزيز عزازي دخل دورة المياه طلبت من العسكري أن أدخل دورة المياه وقابلت الأخ عبد العزيز فسألته خلسةً: هل قلت عني شيئًا، فقال لي قلت إنك دفعت لي الزكاة، وشاهدَنا أحد عساكر السجن ونحن نتحدث مع بعض من بعيد
فقال: "أنت يا مسجون أنت وهو.. كل واحد يدخل مكانه"، ثم عدت إلى الزنزانة وبعد دخولي قلت للعسكري: أريد أن أقابل الضابط، فجاءني الضابط وسألني: هل ستعترف؟! فقلت له إنني تذكرت شيئًا.. أنني ذات مرة جاءني الحاج عبد العزيز عزازي، وقال لي إن أم الأخ فلان في المستشفى ونريد أن نحضر لها طرحة وجلابية بيضاء فأعطيته يومها 25 قرشًا
فقال لي الضابط: خذ ورقة واكتب فيها ما تريد، فكتبت فيها ما قلته وأعطيتها له، ثم أعطاني ملابسي لأرتديها، ثم ذهبت إلى النيابة العامة، وكنت مرتبكًا لأنها أول مرة أقف فيها أمام قاضٍ، فلما وقفت أمامه قال لي اجلس وسألني عما حدث، فقلت له حدث كذا وكذا، وسألني عن هذا الشخص الذي أمه مريضة فقلت له اسمه أحمد صديق، ونادى على العسكري وقال له: خذه، فكان اعتقالاً عاديًّا ولم يحكم عليَّ.

ورغم مرارة الحرمان والاضطهاد في السجون إلا أنه وصف الفترة التي عاشها خلف القضبان بقوله:

لم نشعر بها على الإطلاق؛ لأن روح الأخوَّة بيننا كانت مرتفعةً جدًّا؛ فكنا نخدم بعضنا البعض، ونأكل مع بعضنا البعض، ويذاكر بعضنا للبعض، فكان معنا الطلاب، وكان أيضًا معنا الأساتذة في العلوم والطب وفي جميع التخصصات، وقد أخطأ من ظن أن الاعتقال يمكن أن يبعدنا عن دعوتنا، فالمحنة تثقل الإنسان وتجعله يتمسك أكثر بدعوته ﴿يُرِيْدُونَ لِيُطْفِئوا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِم وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وِلَو كَرِهَ الكَافِرونَ﴾ (الصف: 9).
وكان معنا الدكتور يوسف الملط الذي كان وقتها مدير مستشفى الصدر بدمياط، وكان على خلُق، وبالرغم من كبر سنه ومكانته العلمية إلا أنه إذا مرض أحدٌ من الضباط أو صف الضباط يقولون في وسط السجن: "فين الواد يوسف؟" وليس الدكتور يوسف، فيذهب إليهم ويكشف عليهم ويكتب لهم العلاج، فأقول له: يا دكتور، اكتب لهم علاجًا يخلصنا منهم، فيرد عليَّ: حرام، الطب رسالة كبيرة لا نخونها.
وكان كل أخ يمتهن مهنة يؤديها؛ فالحلاق يقوم بالحلاقة، والخياط يقوم بالخياطة، وهكذا، وذات مرات كنت أحلق لشخص فمرَّ بجواري زميلي، وكان بيده موس ففُتحت يدي فذهبت إلى الشفخانة، وهي مستشفى السجن، فأعطوني "مكروكروم" وقطعة قطن.. فرآني الدكتور الملط فأجلسني وأتى بعلبة صفيح صغيرة فيها ماء وإبرة وفتله، وأوقد عليها النار بقطنه حتى غلى الماء، وخاط لي الجرح غرزتين، ويعلم الله أني لم أشعر بشيء، وكان الإنسان منا عندما يشعر بالصداع أو مغص كلوي يأخذ نصف قرص ريفو، وهذا من فضل الله.

حياة ما بعد المحنة

بعدما خرج من السجن في عهد السادات وضع نفسه في خدمة وطنه ودعوته فشارك في المقامة الشعبية لأهل السويس في حرب 1973م، كما شارك إخوانه إحياء العمل الدعوي في المحافظات

كما ظل يعمل في مهنة الحلاقة حيث تحدث عنها كثيرا بقوله:

الحمد لله، إلا أن الأزمة القلبية التي أصبت بها مؤخرًا كانت لها مضاعفاتٌ أثَّرت على عيني، فلم أعد أستطيع أن أبذل مجهودًا كبيرًا كما كان في الماضي، وتواجدي هنا في الصالون يكون حتى الساعة الخامسة مساءً وحتى يعود أبنائي من عملهم فهم يجيدون الحلاقة أيضًا.
والمواقف الطريفة في مهنة الحلاقة عادةً ترتبط بالمشط الذي يمكن أن يضرب قليلاً فوق، والمقص الذي يمكن أن "يغوط تحت شوية"، فلا تجد إلا أن تعترف للزبون بما حدث، وتطمئنه بأن الأمور ستكون على ما يرام بعد أن يطلع الشعر بعد يومين أو أي شيء من هذا القبيل، وفي هذه الحالات نحاول قدر المستطاع أن نعالج الشعر ليكون غير ظاهر، وهذه الحوداث تكون هفوات، ولكل عالم هفوة.

ويجيب عن سؤال مهم حول غلق الحلقين محالاتهم يوم الاثنين وسبب ذلك بقوله:

كان هناك جمعية لأصحاب الصالونات قبل العدوان الثلاثي، وطُرِح أن يكون هناك يومٌ إجازة للعمالة ولصالونات الحلاقة، وكان التفكير في يوم الجمعة إلا أن يوم الجمعة إجازة للموظفين وللمدارس والمصالح الحكومية، والكثير يحب أن يحلق يوم الإجازة، فقلنا يوم الأحد فوجدنا بعض المدارس تغلق يوم الأحد، فكان اختيارنا يوم الإثنين.

النهاية

لم نستطيع معرفة متى رحل الحاج حسن رشوان عن عالمنا إلا أننا ندعو الله له بالرحمة والمغفرة وأن يتقبل جهاده وصبره واحتسابه لما وقع له من محن.

المصادر

حوار مع الحاج حسن محمد رشوان أجراه الصحفي علاء عياد لموقع إخوان أون لاين ونشر يوم السبت 13 أكتوبر 2007.