يعيش الإخوان في هذا الوقت محنة حقيقية لمست جميع أعضائها ومحبيها، وضحى الكثير بالنفس والمال والحرية من أجلها، حيث لم تقتصر المحنة على هذا الوقت فحسب، لكن منذ أن بدأت الدعوة تأتي ثمارها وسط المجتمع المصري والعربي وقد تعرضت للعديد من المحن من الاستعمار وأعوانه القابعين على سدة الحكم في محاولة لوقف انتشارها.
ولقد حفل القرآن الكريم بالكثير من آيات الابتلاء والاضطهاد، آمرا نبيه بالصبر واللجوء لله، واصفا جزاء الصابرين بالنصر في الدنيا ولو بعد حسين، وبالنعيم في فردوس الرحمن في الآخرة.
وهذه ما تجعل عبيد الدنيا لا يريدون لأبدانهم ضررا ولا محنة، ومن ثم وجدنا من علم حقيقة هذا الدنيا، وأحسن غايته وصفت نيته كان لابد له من بلاء يختبره ويمحص قلبه فيغفر لها ذنوبه.
كثيرا لا يسمع عنه ولا يعرفه ولا يعرف دوره حتى بدأت بعض الأقلام تكتب عن دوره البطولي خاصة في نصرة اهل غزة وأمدادهم بالسلاح الذي ما زالوا يجابهون به العدو الصهيوني بعد طوفان الأقصى، إنه وسام بن حميد ذلك الشاب الليبي الذي جابه طغيان القذافي حتى أسقطه، وأدخل كميات كبيرة من السلاح إلى غزة عن طريق مصر بعد ثورة يناير حتى انقلاب العسكر على الرئيس مرسي في 3 يوليو 2013م، ثم جابه طغيان المجرم حفتر وأولاده وأذنابه حتى ارتقى شهيدا في ساحة الجهاد.
ولد وسام بن حميد في عام 1977م في منطقة الواقعة في المدخل الشرقي لمدينة بنغازي شرق ليبيا، وعمل ميكانيكيا حتى بدأت أحداث ثورة فبراير 2011 ضد القذافي.
دأ هذا العهد مع الأنصار في المدينة حين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة العقبة الأولى على الإيمان والالتزام بأخلاق الإسلام، وبايعوه البيعة الثانية على الإسلام والنصرة، وأن ينصروه بما ينصرون به أنفسهم وأولادهم وأموالهم..
وبعد أن أذن الله لنبيه صلى الله عليه وسلم بالهجرة كان من مقتضيات الإيمان أن يهاجروا إلى المدينة لينصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يكونوا معه في مواجهة معسكر المشركين.
الهجرة في مفهومها الإيماني ودلالتها السياسية تحتاج إلى وقفة وتأمُّل؛ فالمسلمون أمة واحدة يتعاونون على إقامة دولة الإسلام ودفع الأخطار عنها، ولذلك كان المسلم المقيم في مكة القادر على الهجرة مُطالَباً بأن يرحل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويهاجر إليه، فإن لم يفعل كان خاذلاً لدين الله خاذلاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ظالماً لنفسه مُستجيباً لهواها وشهوتها.
علمتني الهجرة: أن العاقبة للمتقين، فمهما انتفش الباطل فهو مهزوم، لكن النصر ليس فقط تغلبا على عدو، ولا قهرا لخصم؛ بل ثباتك على الحق نصر، وتمسكك بمبادئك نصر، فمصعب لم ير تمكينا، وحمزة لم ير غلبة للدين وقد انتصروا بثابتهم على المبدأ حتى ماتوا، وإمامهم في ذلك نبيهم صلى الله عليه وسلم حين قال كما في سيرة ابن هشام : "يَا عَمِّ وَاللَّهِ لَوْ وَضَعُوا الشَّمْسَ فِي يَمِينِي، وَالْقَمَرَ فِي يَسَارِي عَلَى أَنْ أَتْرُكَ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يُظْهِرَهُ اللَّهُ، أَوْ أَهْلِكَ فِيهِ مَا تَرَكْتُهُ".