الإخوان المسلمون وإنشاء جامعة الدول العربية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان المسلمون وإنشاء جامعة الدول العربية

مركز الدراسات التاريخية ويكيبيديا الإخوان المسلمين

مقدمة

كما كان للإخوان مواقفهم تجاه القضايا الدولية كما تناولناها سابقاً كان لهم تحركات مستمرة على الصعيد العربى والاسلامى، ناهيك عن انتشار دعوة الإخوان فى معظم تلك الدول، سعت الجماعة من خلال مرشدها ومؤسسها الإمام البنا لبناء شبكة علاقات قوية من خلال التواصل المستمر مع قادة تلك الدول بل والوساطة بينهم أحياناً، وكانت رغبة الإخوان وحرصهم المستمر فى بناء وحدة عربية قوية، ويبدو هذا جلياً فى رسائلهم السابقة التى أرسلوها للدول الكبرى.

الإخوان وجامعة الدول العربية

لقد احترم الإمام البنا والإخوان كل المؤسسات الشرعية والتي تعمل على إنصاف المظلوم، ورفعة الشعوب العربية والإسلامية، ومن ثم فكانت فكرة إنشاء جامعة تجمع كل الدول العربية مترسخة في ذهن الإخوان.

فقد بدأ المخلصون من أبناء الحركات الإسلامية والوطنية التحرك من أجل إنشاء وحدة عربية تكون نواة لوحدة أشمل وهي الوحدة الإسلامية، وكان ضمن هؤلاء المخلصين "الإخوان المسلمون"، وذلك منذ بداية الحرب العالمية الثانية، وفتحت صحيفة النذير (الناطقة باسم الإخوان) صفحاتها لمن يكتب ويشجع هذا المعنى وهذا الاتجاه؛

فتحت عنوان: "الجامعة الإسلامية أقوى رابطة بين الأمم تأسيسها على الوحدة العربية" جاء فيه: "إن لكل شيء أساسًا يبنى عليه أمره، ويترتب على تحققه وجوده، وإن من الضروري لإقامة ذلك المؤسس تحصيل أساسه المرتكز هو عليه، وإن أساس الجامعة الإسلامية العامة تحقق الوحدة العربية الصادقة" .

غير أن فكرة الجامعة العربية كانت فكرة بريطانية، أراد الإنجليز من ورائها تحقيق مطامع لهم، خاصة في ظل الضربات التي يوجهها الألمان للقوات الفرنسية والبريطانية؛

فيقول محمود عبد الحليم في كتاب الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ:

"كان الإنجليز يهدفون من وراء هذا المشروع إلى استحداث جهاز يسهل لهم بسط نفوذهم على جميع الدول العربية، وليس أقدر على إصابة هذا الهدف من إنشاء هذه الجامعة، ولكن الإخوان رأوا في إنشاء هذا الجهاز مع سوء القصد في إنشائه رمزًا يومئ إلى معنى عزيز هو من صميم دعوتهم ألا وهو إشعار قسم ذي بال من المسلمين في هذا العالم بأن هناك آصرة قرابة تربطهم، وأن هذه البقعة مهما تعددت أسماء الدول فيها فإنها أمة واحد".

ويؤكد ذلك الدكتور محمد حسين هيكل بقوله:

في 24 فبراير 1943م أعلن مستر "إيدن" وزير الخارجية البريطانية في مجلس العموم البريطاني قبول بريطانيا إنشاء جامعة عربية حيث قال:

"إذا فكرت البلاد العربية في تكوين جامعة لها فإن إنجلترا تنظر إلى هذه الجامعة بعين العطف"، ثم يواصل الدكتور هيكل كلامه عن غرض إنجلترا من هذا التصريح قائلاً:
"أيدت إنجلترا مطلب سوريا ولبنان في الاستقلال، ثم أعلن وزير خارجيتها أن الحكومة البريطانية تنظر بعين العطف إلى جامعة للدول العربية إذا فكرت البلاد العربية من تلقاء نفسها في إنشاء هذه الجامعة ..
ثم بدأ الإنجليز التحرك نحو هدفهم، فأوعزت إلى نوري السعيد باشا رئيس وزراء العراق أن يرفع أول صوت مناديًا بإنشاء الجامعة العربية، ومع بداية هذا التحرك البريطاني بدأ تحرك آخر من جانب الإخوان؛

حيث بدأ الإخوان دراسة مشروع الجامعة العربية دراسة تفصيلية فيقول الأستاذ محمود عبد الحليم:

"وقبل أن ينادي بها نوري السعيد كان الإخوان قد وضعوها موضع الدراسة والفحص، وقلبوها على جميع جوانبها، وخرجوا من الدراسة بأن يتبنوا هذا المشروع، ولو أنه من وضع الإنجليز ..
ولذلك بدأ الإخوان سلسلة مقالات في جريدة الإخوان المسلمين يوجهون فيها هذه الوحدة إلى الوجهة الصحيحة فكان مقال "الوحدة العربية" من بواكير المقالات التي تناولت هذا الموضوع

حيث جاء فيه:

"بيد أني أنتهز هذه الفرصة فأنصح لهؤلاء الدعاة بألا يصبغوا هذه الدعوة الكريمة البريئة بصبغة العصبية الطائشة الجارفة التي تجرح شعور الأمم الشقيقة الحية التي وحد بيننا وبينها ما هو أسمى من الجنس والدم واللون، وذلك هو الإسلام وأخوته وعقيدته، فالوحدة العربية وسيلة لا غاية وخطوة لا نهاية... نصل منها إلى الهدف الأخير وهو الوحدة الإسلامية..

يقول الأستاذ جمعة أمين عبد العزيز:

وقد تمثلت جهود الإخوان الداعية إلى إنشاء الجامعة العربية في عدة محاور بداية من المحور الإعلامي والدعائي؛ حيث بدءوا الترويج للفكرة، وتحميس الناس لها، ففي مجلة الإخوان المسلمين كُتب مقال تحت عنوان: "الوحدة العربية أمل كل أخ مسلم"، ثم توالت المقالات حول الوحدة وطبيعتها وأهدافها، ومن هذه المقالات مقال بعنوان: "وحدتنا الكاملة".

ولم يكتف الإخوان بهذا المحور، بل بدأ تحركهم الفعلي والعملي بتكوين لجنة برئاسة الأستاذ أحمد السكري سكرتير عام الجماعة عهد إليها متابعة موضوع الجامعة العربية، وخاصة بعد تحمس الملك فاروق لفكرة إنشائها، ودعوته لوفود البلاد العربية لعقد لجنة تحضيرية في مصر تبحث تحقيق تلك الجامعة، وبالفعل سافرت اللجنة إلى الإسكندرية مع مجيء أعضاء وفود الدول المشاركة في وضع الميثاق؛

وقد اختار الأستاذ المرشد الأستاذ محمد لبيب البوهي رئيس الإخوان بالإسكندرية ليكون ضابط الاتصال بين الإخوان وبين لجنة الرؤساء،

يقول الأستاذ محمود عبد الحليم عن تلك الأحداث:

"دعي إلى القاهرة رؤساء وزارات الدول العربية المستقلة في ذلك الوقت، وكانت سبع دول تقريبًا هي: مصر والسعودية واليمن والعراق وسورية ولبنان لوضع ميثاق لجامعة الدول العربية".

ثم يواصل حديثه عن تحرك الإخوان قائلاً:

"وكانت الخطة التي وضعها الأستاذ المرشد أن يكون في استقبال هؤلاء الرؤساء وفد من الإخوان للترحيب بهم، ولإشعارهم بأن المهمة التي قدموا من أجلها تلقى من اهتمام الشعب ما هي جديرة به وهو ما كان الإنجليز يحاولون إيهام الشعوب العربية به ولذا فإن هذه الحركة من الإخوان قد نالت رضا نوري سعيد الذي كان المتبني لفكرة الجامعة وكان هو الداعي لها".

وقد أتاح الإخوان لأنفسهم بهذا الرضا فرصة الوجود بجانب لجنة الرؤساء، وعن طريق هذا الوجود استطاعوا أن يعرفوا كثيرًا مما كان يدور خلال اجتماعات هذه اللجنة، واستطاعوا بطريق غير رسمي الاشتراك في بعض المناقشات ..

ويروي الأستاذ محمد العدوي:

"كتب الإمام الشهيد مذكرة كمشروع ميثاق، وتكونت لجنة برئاسة الأستاذ أحمد السكري وسافرت إلى الإسكندرية، وبدأ اتصالهم بالوفود واحدًا واحدًا وسلمتهم اللجنة المذكرة، ورحبوا بها كثيرًا، بل وطلب بعضهم صورة أخرى منها يحتفظ بها لنفسه؛ حيث سيبعث بالصورة المسلمة له إلى حكومته لإبداء الرأي، وانتهت الاجتماعات وصدر ميثاق أنطونيادس وإذا به يكاد يكون صورة طبق الأصل من مذكرة الإخوان" ..

استمر الإخوان في دعم الوفود السبع المشاركة في وضع ميثاق الجامعة العربية حيث أقام المركز العام للإخوان حفلات تكريم لهم، ومنها ما نشرته جريدة الإخوان المسلمين تحت عنوان: "أبطال العروبة في دار الإخوان"

متحدثة عن احتفال المركز العام للإخوان المسلمين بتكريم أعضاء الوفود العربية بمجلس الدول العربية فقالت:

"وقد حضر الحفل الكبير أعضاء الوفود العربية، وكثيرون من المشتغلين بشئون الشرق يتقدمهم أصحاب الدولة والسعادة السيد عبد الحميد كرامي، والسيد يوسف يس، والسيد تحسين السكري، والأستاذ أميل لحود النائب اللبناني، والأستاذ توفيق السويدي، والسيد تقي الدين الصلح، والسيد صادق المجددي، وصبري أبو علم باشا، وفؤاد أباظة باشا، ومحمد العشماوي بك، والدكتور عبد الو هاب عزام، والدكتور يعقوب خوري، والأستاذ إسماعيل الأزهري رئيس نادي الخريجين في السودان، وغيرهم كثيرون ..

ومع الرغم أن هذه الجامعة قد نشأت بإيعاز من الإنجليز إلا أن الجميع استبشر بها خيرا بما فيهم الإخوان المسلمين، ورأينا كيف احتفوا برؤساء الوزراء والوفود، تشجيعا لما يقومون به، إلا أن الإمام البنا حزن لعدم اشتراك بعض الدول العربية فيها؛

وذلك بسبب سياسة المستعمر الجاثم على كل دولة من هذه الدول، فقد عبر الإمام البنا في حديث مع سبنسر المراسل الأمريكي عن هذا الشعور بقوله:

خطت إنجلترا خطوة يسيرة نحو تحقيق توحيد العالم الإسلامي، فساعدت قيام جامعة الدول العربية لشرق البلاد العربية فقط وما زال غرب هذه البلاد (تونس والجزائر ومراكش) مقطوعا عنها وهى خطوة شكلية على كل حال؛
لأن الجامعة تقف مكتوفة اليدين أمام المصالح الجوهرية لشعوبها، فإذا كونت الأمم العربية وحدة توحد بينها المصلحة مستعدة للتعاون مع إنجلترا وأمريكا فإن أقرب الأشكال للجمع بينها يكون على هيئة تحالف .. (1)

ويقول الإمام البنا فى أحد مقالاته تحت عنوان" آمالنا فى الجامعة العربية":

من أول يوم ارتفع صوت الإخوان المسلمين هاتفا بتحية الجامعة العربية والأخوة الإسلامية إلى جانب الرابطة القومية والحقوق الوطنية وكان ذلك منذ سبعة عشر عاما، وكان الإخوان ينظرون من وراء سجف المستقبل القريب فيرون أن الدنيا ستصير ولا شك إلى التجمع والتكتل، وأن عصر الوحدات الصغيرات والدويلات المتناثرة قد زال أو أوشك أن يزول.
وكان الإخوان حينذاك يشعرون بأن ليست فى الدنيا جامعة أقوى ولا أضمن ولا أقرب من الجامعة التى تجمع العربى بالعربى، فاللغة واحدة تنظمها الفخامة والجزالة والرصانة والوضوح فى نسق واحد، والأرض واحدة تمتد من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب فى اتصال والتحام لا تقسمها الفواصل الكونية ولا التضاريس الأرضية، والآلام والآمال واحدة يمثلها التاريخ الضخم المشترك فى القديم والجديد.
وهكذا كان تحقق هذا الأمل رسميا بتكوين الجامعة العربية من جماع ما نهدف إليه ونعده لمواجهة المستقبل القريب والبعيد، فالجامعة العربية الآن هى عدة الحاضر وأمل المستقبل، ووجب إذن على رجال الجامعة أن يقدروا هذه التبعة بقدر ما لهذه القوة المعنوية من أثر، وأن يحسنوا الانتفاع بها كأداة تساعدهم على تحقيق رسالتهم من جمع كلمة العرب ولم شتاتهم وتوجيههم وجهة واحدة إلى تحقيق المثل العليا التى كانت ولا تزال ولن تزال رسالة العرب فى الحياة. (2)

البنا وجامعة الشعوب العربية

كما وجه الإمام البنا رسالة للجنة التحضيرية لإعداد مؤتمر الوحدة العربية مبيناً أهمية مايقدمون عليه وضرورة أن يُعبر المؤتمر عن طموحات وآمال الشعوب العربية فيقول فى مقال له بعنوان "جامعة شعوب عربية":

حضرات السادة الفضلاء رئيس وأعضاء اللجنة التحضيرية لمؤتمر الوحدة العربية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد: ففى هذه الساعات التاريخية الفاصلة فى مستقبل الأمم والشعوب عامة والأمة العربية خاصة قدر لكم أن تعقدوا اجتماعكم هذا، وأن تطلعوا بأجل مهمة فى تاريخ العالم العربى الحديث؛
بينما يتطلع إلى جهودكم مائة مليون عربى من أقصى العراق إلى أقصى المغرب، ومن ورائهم ثلاث مائة مليون مسلم (والإسلام عروبة بعد العروبة) والجميع يرقبون بلهفة وشوق وأمل عظيم ما تقررون، وينتظرون منكم وضوح المؤمنين، وعزائم المجاهدين، وصلابة الذين لا يخافون فى الحق لومة لائم، ويسعدهم أن يفتدوا حقوقهم بأنفسهم وأولادهم ودمائهم وأموالهم. فلا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم.
وإنى باسم الإخوان المسلمين فى أنحاء المملكة المصرية وفى بلدان العالم العربى والإسلامى المختلفة أرفع إليكم أطيب التهنئات وأجمل التحيات، سائلا الله تبارك وتعالى أن يبارك عملكم، وأن يرفع العقبات من طريقكم، وأن يوفقكم لخير أمتكم وبلادكم. إنه نعم المولى ونعم النصير.

أيها السادة الفضلاء:

أ:تقدم إليكم باسم الإخوان المسلمين بهذه الخواطر، راجيا أن نكون بذلك قد أدينا بعض الواجب وساهمنا فى هذا الجهاد المبرور.

ومن تلك الأهداف:

(أ‌) تحقيق مظاهر الوحدة العامة.
فهنالك خطوات أولية تعتبر وسائل عملية للوحدة المنشودة وهى فى الوقت نفسه من حق الحكومات العربية الخالص التى لا ينازعها فيه منازع، ومن تلك الخطوات:
  1. رفع الحواجز الجمركية.
  2. إلغاء جوازات السفر ومنح حرية المرور والتنقل فى أى قطر من الأقطار العربية لكل عربى بعد التأكد من شخصيته، وإباحة الهجرة والاستوطان على نظام واسع ميسر.
  3. التوسع فى التعاون الاقتصادى وتأليف الشركات العربية الواسعة النطاق من سكان البلاد العربية جميعا فى أى قطر من هذه الأقطار، ودراسة المشروعات العربية العامة دراسة مشتركة وإحياء ما تعطل منها؛ كمشروع سكة الحديد الحجازية التى أنشئت بأموال العرب والمسلمين جميعا وأوقافهم.
  4. تنمية التعاون الثقافى والتشريعى والعسكرى، بتوحيد برامج التعليم ومناهجه، وتوحيد منابع التشريع وقواعده، وتوحيد نظم التدريب العسكرى وأساليبه.ومؤتمر الوحدة العربية مطالب من العرب جميعا بأن يعمل على تقرير هذه الخطوات، ورسم الخطط الموصلة إلى تحقيقها، وجمع الحكومات والشعوب العربية عليها.
(ب‌) تحقيق الأمانى القومية ومساعدة الأمم الناشئة على نيل استقلالها واستكمال نهوضها، ويأتى بعد الخطوة خطوة ثانية، فإن للبلاد العربية مطالب قومية وحقوقا سياسية لم تنلها بعد، ولا فائدة من ذكر العوامل التاريخية والحوادث التى أدت إلى انتقاص هذه الحقوق واغتصابها؛
ولكن الذى يفيد ويجدى الآن أن نواجه الأمر الواقع والوضع القائم ونجاهد فى سبيل تحقيق هذه المطالب وتخليص تلك الحقوق، وعلى مؤتمر الوحدة العربية ولجنته التحضيرية أن يرسم للشعوب والحكومات طرائق هذا الجهاد المشترك؛

وأن يقرر تكاتف الجميع فى سبيل كسب هذه القضايا التى منها:

  1. العمل على استكمال استقلال مصر والمحافظة على وحدة وادى النيل، فكل محاولة يراد بها انتقاص استقلال مصر أو تقييد هذا الاستقلال أو تمزيق وحدة وادى النيل عمل ظالم، يؤثر فى كيان الأمة العربية العام.
  2. العمل على استكمال استقلال البلاد الشامية على اختلاف أقسامها، وإذا أصرت لبنان ومثيلاتها على المحافظة على استقلالها فليكن ذلك لها، حتى يقنعها الزمن وتثبت لها الحوادث أن من خيرها بل من ألزم اللوازم لها أن تعود إلى أحضان أمها "سوريا الكبرى" وإن ذلك لقريب.
  3. العمل على حل قضية فلسطين حلا يتفق مع وجهة النظر العربية ويؤدى إلى سلامة هذا الجزء من الوطن العربى وهو منه بمثابة القلب من الجسد، وإلى المحافظة على أن يظل عربيا خالصا.
  4. مساعدة بقية أقطار الجزيرة العربية (العراق وملحقاتها والمملكة السعودية وملحقاتها واليمن وملحقاتها) على استكمال استقلالها ونهضتها ودفع الدسائس السياسية المختلفة عنها.
  5. العناية بتحرير الأقطار العربية فى شمال إفريقية وإدخالها فى دائرة الوحدة.
ونرى أن من واجب اللجنة أن تدعو إلى المؤتمر ممثلين من أبناء هذه البلاد ومن أبناء فلسطين و أن يبسطوا أمامهم قضاياهم ومطالبهم.
(ج) الكيان السياسى العام للأمم العربية المتحدة:
وتأتى بعد الخطوة السابقة خطوة ثالثة يكمل بها بناء الوحدة العربية تلك هى لون الكيان السياسى العام لهذه الحكومات العربية المتحدة. ولا نظن أن الوقت قد حان أو أن الظروف قد تهيأت لمثل هذا البحث؛
كما لا نظن أن مهمة المؤتمر أن يختار شكل الحكومات، فإن ذلك متروك للشعوب نفسها يتخير كل شعب منها لنفسه النوع الذى يريد، ولكن الذى يجب أن يعمل له المؤتمر بهذا الخصوص ويقرره من الآن:
أن يحتفظ للحكومات العربية المستقرة بحق التمثيل فيما إذا أجرى استفتاء للشعوب العربية المحررة أو التى لم تستقر حكوماتها الوطنية بعد.
(د) تحديد الصلة بين البلاد العربية وجاراتها من الممالك الإسلامية غير العربية:
وهذا المعنى وإن كان لا يتصل بمهمة المؤتمر صلة مباشرة، إلا أنه مما يعزز الوحدة العربية وتهتم له الحكومات والشعوب معا. فهناك أقطار ليست عربية ولكنها تجاور بلاد العرب وتجمعها بها جامعة المصلحة والجوار من جانب والعقيدة الإسلامية والذكريات التاريخية من جانب آخر؛ كالأفغان وتركيا وإيران وغيرها.
(هـ) المطالبة بحقوق الشعوب الإسلامية المظلومة ورعاية الأقليات المسلمة فى مختلف البلاد والأقطار:
وهناك شعوب إسلامية وأقليات وجاليات عربية فى كثير من البلاد والأقطار، بلاد الحلفاء وبلاد الأعداء، كالشعب الأندونوسى، والتركستان، والمسلمين فى الهند، والمسلمين فى الصين والفلبين، والمسلمين فى روسيا وفى البلقان، وكل هؤلاء يضرب عليهم الاستعباد باسم الاستعمار، وتهضم حقوقهم، ويحال بينهم وبين الرقى والنهوض..
فإذا كان هذا الوقت هو الوقت الذى يترقبه المظلومون لينالوا حقوقهم وليصلوا إلى حريتهم، فإن أول من ينطق بلسان هؤلاء ويطالب بحقوقهم هو المؤتمر العربى بحكم الروابط الكثيرة بين العرب وبين هذه الجماعات، فعلى المؤتمر أن يطالب باسم الإنسانية وباسم التطور الجديد فى نظام العالم بتحرير الشعوب المستعبدة من هؤلاء، وإنصاف المظلومين من هذه الأقليات، ودراسة القضايا المعلقة التى طال عليها الأمد ولم تمتد إليها يد العدالة والإنصاف. (3)

كما أرسل الإمام البنا خطاباً إلى الجامعة العربية يطالب فيها الأمين العام للجامعة بضرورة عدم عقد أى اتفاقيات بين الدول العربية والدول الكبرى حتى تحصل البلاد العربية على كامل حريتها

وجاء فى هذا الخطاب:

حضرة صاحب السعادة الأمين العام للجامعة العربية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد: فقد كانت الجامعة العربية ولا زالت أعز أمانى الغيورين على حرية الأمة العربية واستقلالها ونهضتها، ولهذا اتخذ العرب يوم تكوين مجلس الجامعة وإعلان ميثاقها عيدا من أعيادهم القومية وتفاءلوا خيرا، إذ احتلت الجامعة مكانها الأدبى والسياسى اللائق بكرامة العرب وعظمة تاريخهم بين المنظمات الدولية الإقليمية، وأصبح معلوما لدى الجميع أنها أداة نافعة صالحة للتعبير عن شعورهم المشترك وتنسيق جهادهم الموحد فى سبلهم المقدسة.

وقد رأت السياسة البريطانية أخيرا أمام نضوج الوعى القومى وإلحاح الأمة العربية المتواصل فى المطالبة بحقها الطبيعى فى الحرية والاستقلال أن "تسد الفراغ" فى احتياجاتها الدفاعية بأن تلجا إلى عقد معاهدات انفرادية مع أمم الجامعة العربية، وحاولت ذلك مع مصر ثم العراق، وهاهى ذى تغرى بذلك شرق الأردن واليمن والمملكة العربية السعودية.

ولهذا يرجو الإخوان المسلمون مجلس الجامعة فى دورته الحالية أن يقرر فورا أن من الواجب:

  1. عدم ارتباط أية دولة من الدول الممثلة فيه إطلاقا بأية دولة من الدول الكبرى بمعاهدة، وخاصة الدول التى تحتل وطنا من هذه الأوطان.
  2. إيقاف سير المحادثات التى تجرى الآن مع بعض دول الجامعة وبريطانيا.
  3. إعلان بريطانيا إعلانا اجتماعيا من قبل الجامعة العربية بوجوب سحب قواتها على الفور من جميع البلدان الأعضاء، وإعلان فسخ معاهدة العراق 1920، ومعاهدة مصر 1936، ومعاهدة شرق الأردن عام 1945، لاستنفادها الأغراض التى وقعت من أجلها، ولمجافاتها روح العصر الذى نعيش فيه. (4)

وتفاعل الإخوان تفاعلاً واضحاً مع قضايا الدول العربية والأزمات التى انتابت بعض تلك الدول

المراجع

  1. حسن البنا وجامعة الدول العربية،موقع ويكيبيديا الإخوان المسلمين (إخوان ويكي)،عبده مصطفى دسوقي.
  2. مجلة الإخوان المسلمون، العدد (95)، السنة الرابعة، 22 ربيع الثانى 1365ه 26 [[مارس] 1946م، ص(3).
  3. جريدة الإخوان المسلمين اليومية، العدد (421)، السنة الثانية، 1 ذو القعدة 1366ه 16 سبتمبر 1947م، ص(5-6)، وهذه هى الوثيقة التى وجهها فضيلة المرشد العام فى غرة شوال 1363ه الموافق 18 سبتمبر 1944م إلى أعضاء اللجنة التحضيرية لمؤتمر الوحدة العربية التى تكونت منها نواة جامعة الدول العربية.
  4. جريدة الإخوان المسلمين اليومية، العدد (544)، السنة الثانية، 28 ربيع الأول 1367ه 8 فبراير 1948م، ص(1).