أوسلو وسلاح غزة
- بقلم / أ. محمد سيف الدولة
الميثاق الوطني الفلسطيني

من الأهمية دائما العودة لأصول المسائل، حتى نستوعب ما يدور الآن ، وحتى لا نكرر اخطاء الماضي :
انطلق الميثاق الوطني الفلسطيني الصادر في عام 1968 من ذات الثوابت التى حكمت الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية منذ فجر المشروع الصهيوني في المنطقة ، اي منذ بداية القرن العشرين.
واهم ما يتضمنه الميثاق هو :
- وأن دولة الكيان الصهيونى غير مشروعة ولن تكون
- وأن المقاومة المسلحة هي الطريق الوحيد لاسترداد الارض
- ففي عام 1982 اجتاحت القوات الصهيونية بيروت وامرت باخراج كل القوات الفلسطينية من لبنان بعيدا عن الحدود الاسرائيلية والا سترتكب مذبحة ، فخرجوا في ظل صمت عربي وتواطؤ دولي كالمعتاد وتم نفي القيادة الى تونس .
- في تونس مورست كل انواع الضغط على ابو عمار ورفاقه ، وتم تسويتهم على نار هادئة من اجل دفعهم الى التسوية مع الكيان الصهيونى . الامر الذي نجح فى النهاية ، وتم اخضاع ارادتهم واوصلهم الى توقيع اتفاقيات اوسلو فى عام 1993 .
ما هي خلاصة اتفاقيات اوسلو
- والاعتراف بمشروعية دولة الكيان الصهيونى وحقها التاريخي في هذه الارض.
- واعتماد طريق المفاوضات طريقا وحيدا للحل.
- والاكتفاء بقوات شرطة قوامها 9000 جندي في الضفة و غزة معا ، تسلم قوائم باسمائها الى الكيان الصهيونى .
- مجمل تسليحها لا يتعدى7 آلاف قطعة سلاح شخصية خفيفة و 120 مدفعا رشاشا من عيار 3بوصة و 5 بوصة و 45 عربة مدرعة ذات عجلات من طراز يتفق عليه الجانبان.
- واعتبار اي سلاح ما عدا ذلك هو سلاح غير مشروع يجب نزعه.
- واعتبار اي شخص يحمل السلاح غير افراد الشرطة ارهابيا.
- والتزام فلسطيني بتنظيف الارض من اي اعمال او منظمات ارهابية فيما اسموه بالبنية التحتية للارهاب.
- وان يتم ذلك من خلال لجنة التنسيق الامني الفلسطيني الاسرائيلي المشترك.
ماذا اخذت السلطة الفلسطينية في المقابل :
- وعدا بالانسحاب التدريجي مع اعادة انتشار لقوات الاحتلال في مساحات محدودة.
- وان يتم الانسحاب بشكل متناسب مع انجاز السلطة الفلسطينية لمهماتها الامنية.
- وان يتم التفاوض على مراحل وصولا الى مفاوضات الحل النهائي التي لم يصلوا لها ابدا ولن يصلوا .
والمعابر والطرق الرئيسية والمياه الاقليمية والمجال الجوي.
- وستحتفظ بعدد من المستوطنات في الضفة الغربية وستتكفل قواتها بحمايتهم.
- وتؤجل قضايا القدس واللاجئين والحدود والمياه ...الخ الى الحل النهائي.
- و في جميع الاحوال ستكون الدولة الفلسطينية ان قامت دولة منزوعة السلاح.
المباركة الدولية والعربية
باركت الولايات المتحدة وشرعياتها الدولية هذه الاتفاقية فورا من حيث هي اول اعتراف فلسطيني على مدى قرن كامل بثلاثة امور :
- شرعية اسرائيل.
- نبذ المقاومة المسلحة كطريق للتحرير.
وبدأت حركة صهيونية امريكية دؤوبة لاعادة ترتيب كل الاوراق انطلاقا من الثوابت الفلسطينية الجديدة ورتبوا نتائج خطيرة على هذه الثوابت ، كان اهمها :
- ان اصبح كل من لا يعترف باسرائيل ارهابيا.
- وكل من يطالب بباقى فلسطين ارهابي.
- وكل من يقاوم الاحتلال ارهابي ، يجب استئصاله وتصفيته واغتياله.
- وبالطبع غير معترف به ومحظور التفاوض معه.
- واصبح سلاح المقاومة غير مشروع.
- وصواريخها ارهابية مجرمة.
- واصبح العدوان على غزة دفاعا مشروعا عن النفس.
- واعتبر منع السلاح عنها هو اولوية صهيونية وامريكية ودولية قصوى.
كانت هذه هي حكاية أوسلو وفيما يلى أسانيدها الموثقة
أولاً ـ من بنود الميثاق الوطني الفلسطيني الصادر عام 1968 :
- المادة 9 " الكفاح المسلح هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين وهو بذلك استراتيجيا وليس تكتيكا "
- المادة 19 " تقسيم فلسطين الذي جرى عام 1947 وقيام الكيان الصهيونى باطل من أساسه مهما طال عليه الزمن لمغايرته لإرادة الشعب الفلسطيني وحقه الطبيعي في وطنه "
- المادة 20 " يعتبر باطلا كل من وعد بلفور وصك الانتداب وما ترتب عليهما وأن دعوى الترابط التاريخية والروحية بين اليهود و فلسطين لا تتفق مع حقائق التاريخ ولا مع مقومات الدولة في مفهومها الصحيح. "
- المادة 21 " الشعب العربي الفلسطيني معبرا عن ذاته بالثورة الفلسطينية المسلحة، يرفض كل الحلول البديلة من تحرير فلسطين تحريرا كاملا ويرفض كل المشاريع الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينيةأو تدويلها. "
- تم الغاء هذه المواد ضمن 12 مادة اخرى من قبل المجلس الوطني الفلسطيني ، بناء على طلب اسرائيل وتطبيقا لاتفاقيات اوسلو وفي حضور الرئيس الامريكى كلينتون فى 14 ديسمبر 1998
ثانيا ـ من نص خطاب اعتراف م.ت.ف بالكيان الصهيونى فى 9 سبتمبر 1993 :
- " تعترف منظمة التحرير بحق دولة الكيان الصهيونى في العيش في سلام وأمن "
- " إن المنظمة تلزم نفسها بعملية السلام في الشرق الأوسط وبالحل السلمي للصراع بين الجانبين، وتعلن أن كل القضايا الأساسية المتعلقة بالأوضاع الدائمة سوف يتم حلها من خلال المفاوضات
وطبقًا لذلك فإن المنظمة تدين استخدام الإرهاب وأعمال العنف الأخرى، وسوف تأخذ على عاتقها إلزام كل عناصر أفراد منظمة التحرير بذلك من أجل تأكيد التزامهم ومنع الانتهاكات وفرض الانضباط لمنع هذه الانتهاكات."
- " منظمة التحرير تؤكد أن بنود الميثاق الوطني الفلسطيني التي تنكر حق الكيان الصهيونى في الوجود .... أصبحت الآن غير ذات موضوع ولم تعد سارية المفعول "
ثالثا ـ من نصوص خطة تينت الموقعة بين الكيان الصهيونى والسلطة فى عام 2002 :
- تبدأ السلطة الفلسطينية، فوراً، عمليات التحقيق واعتقال الإرهابيين في الضفة الغربية و غزة، وتزود اللجنة الأمنية بأسماء المعتقلين، فور اعتقالهم، وتفاصيل الإجراءات،التي اتخذت.
- تمنع السلطة الفلسطينية جميع أفراد قوات الأمن من التحريض، أو المساعدة، أو إعداد هجمات، على أهداف إسرائيلية، بما فيها المستوطنات.
- يلجأ ممثلو الأمن،الفلسطينيون والإسرائيليون، إلى اللجنة الأمنية، ليزود كل طرف الآخر، وممثلي الولايات المتحدة، معلومات عن نشاطات إرهابية، بما فيها معلومات عن إرهابيين، أو من يشتبه في أنهم إرهابيون، ينشطون في مناطق خاضعة لسيطرة الطرف الثاني، أو يقتربون من هذه المناطق.
- على السّلطة الفلسطينية، اتخاذ إجراءات رادعة، ضد الإرهابيين وأماكن اختبائهم، ومخازن الأسلحة، ومصانع إنتاج قذائف الهاون، وتقدم تباعاً، تقارير عن نشاطها هذا، إلى اللجنة الأمنية.
- تعمل السلطة الفلسطينية وحكومة إسرائيل بصرامة، لمنع أفراد، أو مجموعات، من استعمال مناطق تحت سيطرتهما، لتنفيذ أعمال عنف. ويتخذ الطرفان إجراءات تضمن أن لا تُستغل المناطق الخاضعة لسيطرتهما، لشن هجوم على الطرف الثاني، أو لتكون ملاذاً بعد تنفيذ عمليات هجومية.
- يبذل رجال الأمن، الإسرائيليون والفلسطينيون، جهوداً مشتركة، في البحث عن أسلحة غير قانونية ومصادرتها، بما فيها القذائف والصواريخ والمواد المتفجرة، في المناطق الخاضعة لسيطرتها. وتبذل جهود قصوى، لمنع تهريب وإنتاج غير قانوني للأسلحة.
رابعا ـ نصوص من خريطة الطريق الامريكية الموقعة فى 2003 :
- تنشر القيادة الفلسطينية بيانا تعترف فيه بشكل لا يقبل التأويل، حق الكيان الصهيونى بالعيش بسلام وأمن. وتدعو، فوراً، الى وقف الانتفاضة المسلحة وكل النشاطات العنيفة ضد الاسرائيليين في كل مكان. وتتوقف كل المؤسسات الفلسطينية عن التحريض ضد الكيان الصهيونى .
- تعمل الدول العربية باصرار من اجل وقف التمويل الشخصي والشعبي للتنظيمات المتطرفة، وتقوم بتحويل دعوماتها للفلسطينيين عبر وزارة المالية الفلسطينية.
- يستكمل الاسرائيليون والفلسطينيون الاتفاق الامني الجديد على اساس خطة تينت، بما في ذلك فيما يتعلق باقامة جهاز امني فعال ووقف الارهاب والعنف والتحريض بحيث يتم تطبيق ذلك على ايدي الجهاز الامني الفلسطيني الذي يعاد بناؤه بشكل فعال.
- يتواصل التعاون الامني، وتصادر كافة الاسلحة غير القانونية ويتم تفكيك التنظيمات المسلحة بما يتفق مع الاتفاق الامني.
خامسا ـ من رسالة تطمينات الرئيس الأمريكي إلى رئيس الوزراء الإسرائيليى 14 ابريل 2004 :
- " وفقاً لخارطة الطريق يجب أن يُباشر الفلسطينيون بوقف فوري للنشاط المسلّح وكل أعمال العنف ضد الإسرائيليين في أي مكان. كما يجب أن توقف كافة المؤسسات الفلسطينية الرسمية التحريض ضد الكيان الصهيونى . "
- "يجب أن تعمل القيادة الفلسطينية بصورة حاسمة ضد الإرهاب، بما في ذلك عمليات مستدامة، ومركّزة، وفعّالة لوقف الإرهاب وتفكيك القدرات والبنى التحتية الإرهابية.
- " سوف لن يكون هنالك أمن للإسرائيليين أو الفلسطينيين إلى أن يتوحّدوا مع كل الدول في المنطقة وخارجها لمكافحة الإرهاب وتفكيك المنظمات الإرهابية."
- " تُعيد الولايات المتحدة التأكيد على التزامها القوي بأمن الكيان الصهيونى ، بما في ذلك حدود آمنة يمكن الدفاع عنها، وحماية وتقوية قدرة الكيان الصهيونى على الردع والدفاع عن نفسها بنفسها ضد أي تهديد أو مجموعة من التهديدات المتوقّعة."
- " سوف تحتفظ الكيان الصهيونى بحقها في الدفاع عن نفسها في مواجهة الإرهاب، بما في ذلك القيام بأعمال ضد المنظمات الإرهابية."
- "سوف تقود الولايات المتحدة الجهود، وستعمل مع الأردن ومصر وآخرين في المجتمع الدولي لبناء قدرات وإرادة المؤسسات الفلسطينية على مكافحة الإرهاب، وتفكيك المنظمات الإرهابية، ومنع أن تُشكّل المناطق التي انسحبت منها إسرائيل خطراً يجب معالجته بأية طريقة أخرى".
سادسا ـ اتفاق فيلادلفيا بين مصر و الكيان الصهيونى :
- تم توقيعه فى اول سبتمبر 2005 بمناسبة الانسحاب الاسرائيلي من غزة و تم تعديله في 11 يوليو 2007 بعد استقلال حماس بغزة
- و هو بروتوكول عسكري بالاساس
- كما انه ملحق امني اضيف الى اتفاقيات كامب ديفيد اي انه محكوم بمبادئها العامة واحكامها
- وهو ينص على ان تتولى قوة من حرس الحدود المصرى في المنطقة المذكورة مهام منع العمليات الارهابية ومنع التهريب عامة و السلاح والذخيرة على وجه الخصوص وكذلك منع تسلل الافراد والقبض على المشبوهين واكتشاف الانفاق وكل ما من شانه تأمين الحدود على الوجه الذي كانت تقوم به اسرائيل قبل انسحابها .
سابعا ـ من نصوص الاتفاقية الامنية الاخيرة بين الكيان الصهيونى وامريكا 16 يناير 2009 :
- " وان الاعمال العدائية والارهابية، بما في ذلك تهريب السلاح، وتنمية قدرات الارهابيين من تسليح وبنية تحتية، قد شكل تهديدا لاسرائيل، وان اسرائيل، مثل كل الامم، لها حقها الكامل في الدفاع عن النفس، بما في ذلك الدفاع عن النفس ضد الارهاب من خلال التحرك المناسب. "
- "ورغبة منا في تحسين الجهود الثنائية والجماعية لمنع المنظمات الارهابية من حيازة السلاح، خاصة تلك التي تدير غزة، مثل حماس. "
- "ونؤكد على ان وقف اطلاق النار النهائي والدائم يعتمد على منع تهريب او امداد حماس في غزة بالسلاح، وهي منظمة ارهابية، وكل المنظمات الارهابية الاخرى، وأن غزة يجب الا تكون قاعدة تهاجم منها اسرائيل ابدا."
الخلاصة
- إذاً نحن امام منظومة متكاملة من الاتفاقيات والتفاهمات والترتيبات ، تمت صناعتها بمهارة على امتداد اكثر من 15 عاما ، بدأت باوسلو وبنيت على اساس شرعيتها، بهدف تصفية المقاومة .
- واي رغبة جادة في التصدي للاستراتيجية الصهيونية الامريكية الحالية الهادفة لنزع السلاح الفلسطيني عامة وسلاح غزة على وجه الخصوص لا يمكن ان تتم الا بالانسحاب الفوري من اتفاقيات اوسلو التي تمثل الاساس والغطاء الشرعي للعدوان الصهيوني الاخير على غزة واي عدوان قادم لا قدر الله.
وأي حديث آخر سيكون عبثيا.
المصدر : نافذة مصر