أحمد شريت

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الشيخ أحمد أحمد شريت

بقلم : أ.د. رشاد محمد البيومي ... نائب المرشد العام للإخوان المسلمون

نشأته

هذا العالم الفقيه الفذُّ الذي نذر نفسه وعائلته لله، فكانوا جميعا مثلاً لهذا الجيل من الدعاة الذين استجابوا لله ولرسوله، ووهبوا أنفسهم وأموالهم وجهدهم لدعوتهم ولجماعتهم، ولقوا الله في أشرف ميدان وأطهر معركة.. معركة الحق والباطل.. حتى ولو تأول البعض غير ذلك (مما سوف أوضحه في حينه).

نشأ بصعيد مصر... وكان والده من كبار علماء الأزهر وقد أسس معهد القراءات.

نشأ الشيخ أحمد أحمد شريت في بلدة ريفية بصعيد مصر (محافظة أسيوط).. وكان والده الشيخ أحمد شريت رحمه الله أحد كبار علماء الأزهر، والذي أسس معهد القراءات بالأزهر الشريف، وكان له من الإخوة: الشيخ محمد، والأستاذ حامد شريت - وقد كان مسئولاً عن الإخوان في محافظة أسيوط - والأستاذ محمود شريت ، والأستاذ عبد العزيز شريت، وهم جميعا من رجال التربية والتعليم، والأستاذ مصطفى شريت .

مهابة وتقدير

الشيخ أحمد شريت

كان الشيخ أحمد شريت كبير مفتشي الوعظ في الأزهر الشريف، وكان مهابا مما أفاء الله عليه بسطة في العلم والجسم، فوهبهما لله، واستطاع أن يقوم برئاسة لجنة المصالحات في محافظة أسيوط، والتي عالجت بفضل الله الكثير من قضايا الثأر والمشاحنات الأسرية؛ لما كان له من مكانة في نفوس الجميع مسلمين ومسيحيين.

حتى إنه روى لي كيف استقبلته إحدى كبريات الأسر المسيحية مثل أسرة المحامي ألبرت ويصا واصف التي نزحت إلى القاهرة، مع احتفاظها ببعض الأراضي والممتلكات في أسيوط، وذلك في مشكلة مع أسرة مسلمة، ما أروع الذي استقبلته به كبيرة العائلة والدة المحامي، وهي تقول له: كفانا شرفًا أن شرفتنا يا فضيلة الشيخ، مضيفة أن ما تراه هو أمر لنا واجب التنفيذ، وكفانا أنك شرفت بيتنا.

وكان الشيخ أحمد شريت عضوا بمكتب الإرشاد عندما حدثت محنة ( 54 م)، وحكم عليه بالسجن لمدة 15 عاما أما الأستاذ حامد شريت فقد حكم عليه ب 10 سنوات مع إيقاف التنفيذ، وتم اعتقال الأستاذ عبد العزيز.

رحل فضيلة الشيخ أحمد شريت إلى ليمان طره، ومنها إلى سجن جناح بالواحات ثم إلى المحاريق، وكان رغم علمه الواسع وإلمامه بكل الجوانب الشرعية بسيطًا سمحا حلو الحديث طيب المجلس، ويملأ مجلسه بالعلم الذي لا تنقصه الدعابة الطيبة "والقفشات" الجميلة، وتحس معه بالأبوة الحانية والأخوة بكل ما تحمله من دواعي المودة.

لقيته أول مرة في سجن أسيوط وكان قد رحل إليه للعلاج، وكان دوره مؤثرا للغاية، واستطاع في المدة التي قضاها بيننا أن يحل الكثير من المسائل التي تُصادف مجتمع السجن، كان الجميع من السجناء يعرفونه حق المعرفة، ويعرفون مكانته في بلادهم، كما كانت إدارة السجن تحس هذا أو تتعامل معه هكذا، ولذا كانت زيارته لها أثر كبير علينا جميعا.

خرجتُ معه مرةً للعرض لمستشفى أسيوط العام، وفي كل مكان مرت به عربة الترحيلات، وعرفوا فيها الشيخ أحمد شريت كان الجميع يعانقونه بترحاب وافر حتى وصلنا المستشفى، فكان استقبال الأطباء والعاملين بالمستشفى مؤثرا للغاية، وعاد الشيخ إلى الواحات.

تجرد وإخلاص - كان أحد أربعة من مكتب الإرشاد الذين واجهوا محنة التأييد بكل حسم واقتدار وضربوا المثل فى التجرد والإخلاص والثبات.

كان أحد الأربعة من مكتب الإرشاد: الأستاذ عبد العزيز عطية ، والأستاذ محمد حامد أبو النصر ، والأستاذ عمر التلمساني الذين ثبتوا على العهد، وواجهوا محنة التأييد بكل حسم واقتدار، وضربوا المثل في التجرد والإخلاص والثبات.

كُنت أسكن مع الأستاذ أحمد شريت، والأستاذ محمد حامد أبو النصر في زنزانة واحدة.. وبعدها في زنزانة مع الأستاذ عمر، وكان الأستاذ عبد العزيز عطية في زنزانته ملحقا بالمستشفى، وكان عندما يستدعيهم لأمر ما.. سابق الثلاثة الإجابة.. يقفون من الأستاذ عبد العزيز موقف المريد من شيخه والتلميذ من أستاذه.

فإذا هموا بالانصراف لا يولونه ظهورهم.. يا له من مظهر كريم لم تفرضه أية قوانين أو نظم.. بل فرضته آداب الإسلام من تجرد وإخلاص وتواضع وأُخوة صادقة.

بلغَه نبأ استشهاد أخيه الأستاذ حامد عندما تناول وجبة سمك فاسدة في السجن الحربي بعد فترة حافلة بالتعذيب والتنكيل..

وخرجت روحه إلى السماء تشتكي إلى الله ظلم الظالمين.. وبغي البغاة.. بنفس راضية محتسبا إياه عند الله العلي الكبير، وتلا ذلك خبر وفاة أخيه عبد العزيز بعد أن أُفرج عنه بفترة وجيزة، فما لانت له قناة ولا كان لهذا من أثر عليه، رغم قسوة ظروفهم العائلية.

افترقنا عام 64 حيث تم ترحيل الأخوة المحكوم عليهم ب 15 سنة والمؤبد إلى سجن قنا؛ حيث لقوا إخوان سنة 65 ورحل الذين كان حكمهم 10 سنوات إلى سجن أسيوط.

وتم الإفراج عني عام 65 ، ثم تم اعتقالي بعد 24 يوما، ورحلت إلى سجن أبي زعبل ثم القلعة والحربي واستقر بي المقام في سجن مزرعة طره.

وفي عام 69 وقد انتهت مدة المحكوم عليهم ب 15 عاما، وبدلاً من الإفراج عنهم تم ترحيلهم إلى سجن المزرعة.. وليلة استقبال الشيخ أحمد شريت في سجن المزرعة كانت فرحا عاما، واستقر الشيخ وكنت معه والأخ الحاج مصطفى الكومي، والأخ طاهر أبو سعدة في زنزانة مع آخرين، وكعادته ملأ الشيخ المكان بالعلم والبهجة.

وأتيحت فرصة، وسمحت إدارة السجن بتحويل إحدى الزنزانات الكبيرة كملحق للمستشفى، وتم تجهيزها ببعض الأسرة، فانتقل الشيخ للإقامة بها على أن يأتي لتناول وجبات الطعام معنا.

وفي أحد الأيام تأخر في المجيء لتناول طعام الإفطار، فذهبت إليه وإذا به راقد في سريره، استفسرت منه عن سبب تأخره فقال: إنه يشعر ببعض التعب؛ ولكني ألححتُ عليه، فإخوانه في انتظاره، وقام معي، وفي الطريق إلى الزنزانة تعثَّر، ولم يستطع مواصلة السير.

إصابته بجلطة فى المخ

استدعينا الأخ الطبيب عبد الفتاح الجندي ، وكان معتقلاً معنا، فأشار بضرورة نقله فورا إلى المستشفى، وفي المستشفى تبين أنه أُصيب بجلطة في المخ، وكان لا بد من نقله فورا إلى القصر العيني، وكانت إدارة السجن عند حسن الظن، فلم يمضِ إلا وقت قصير وحملته سيارة إسعاف إلى المستشفى، حاولتُ مرافقته؛ ولكن الطبيب أشار علي بأنه سيطلب من إدارة السجن السماح لي بالتردد إلى القصر العيني لعلاج الجيوب الأنفية التي كنت أعاني منها، وذلك لمقابلة الشيخ.

ذهبت إليه في اليوم التالي، وقابلته في المستشفى، وكان مرحبا كعادته يلاطف الأخ المرحوم رجب الخميس صاحب القلب الكبير، والنفس المخلصة، وطلب مني أن أحضر له بعض المستلزمات، وانصرفت عائدا إلى السجن وأحضرت له ما طلب.

وفي اليوم التالي ذهبت لألقاه، ووجدت أخاه الأستاذ محمود في حجرة الحرس، فتصورتُ أنه جاء لزيارته، ودخلت على الأخ رجب فوجدت الدموع تنهال من عينيه وصدمني الخبر، وظللت واجما إلى أن حكاها لي المرحوم رجب الخميس؛ فقد حكى له الشيخ عن رؤيا رآها في الليلة السابقة أن المرحوم الأخ أحمد نار (1) أتاه وقال له: بدلاً من مقامك هنا تعال لتعيش مع أخيك المرحوم عبد الحميد البرديني (2) ، وكان الاثنان قد توفاهما الله، وقال للأخ رجب: لقد وجدت الأخ عبد الحميد البرديني في الجنة يرفل في النعيم، فتاقت نفسي لصحبته، وقال الشيخ للمرحوم رجب: إنى سألقي الله قريبا، ولم تمر سويعات إلا وكان له ما أراد.

وصعدت روحه إلى بارئها، تنضم إلى مواكب الشهداء الصالحين، تنعى على الظالمين ظلمهم، وتشتكي إلى الله ما أصابها في سبيله.

ترك وصيته، وكان محصلتها أنه مدين بمبلغ يسير أوصى بسداده، وكان له ما أراد، وترك ابنه محمدا الذي أصبح طبيبا، وسار على نهج والده مقتفيا أثره.

وهكذا نقدم للأمة الإسلامية نموذجا آخر من نماذج التربية الإخوانية التي اختارت المسرى الإسلامي سبيلاً، والجهاد في سبيله طريقًا، غايتها الله، وقدوتها رسوله الكريم، لم تنحنِ منهم الهامات، ولم يشغلهم زخرف الدنيا عن نعيم الآخرة.

وفاته

  • رحل عن عالمنا بعدما قدم لدينه ودعوته الكثير وكان مثالا للتربوي الذي ترك في نفوس الجميع بصمات حيث توفي في 1970 م - 1389هـ

المصادر

  1. أحمد نار كان أحد فتوات محافظة الشرقية، وكان الجميع يخشى بأسه؛ حتى شيوخ المنسر.. ويأبى الله إلا أن يمن عليه ) بالهداية، ويصبح جنديا عاملاً في صفوف الجماعة هو وأخاه (مالك نار).
  2. عبدالحميد البرديني : أحد المجاهدين الصابرين الذي لقي الله في السجن، وقد ابتلي هو وعائلته: إخوته وأبناؤه وأبناء )

ألبوم صور

الشيخ أحمد أحمد شريت
 

الأستاذ-طلعت-الشناوي-والشيخ-أحمد-شريت-في-سجن-أسيوط

الأستاذ-حامد-شريت-أحد-الرعيل-الأول-للإخوان

الأساتذة-أحمد-شريت-وعمر-التلمساني-وحامد-أبو-النصر-وعبد-العزيز-عطية-عام-1954م

فضيلة-الشيخ-أحمد-أحمد-شريت

عادل-فريد-والشيخ--أحمد-شريت-وإخوانهم---فى-سجن-اسيوط-8-فبراير-1958م

عادل-فريد-والشيخ-أحمد-شريت-وإخوانهم---فى-سجن-اسيوط-8-فبراير-1958م

عادل-فريد-وأحمد-شريت-وعلي-نويتو-فى-سجن-اسيوط-8-فبراير-1958م

طلعت-الشناوي-والشيخين-أحمد-شريت-وأحمد-المصري

الشيخ-أحمد-شريت-وبجانبه-طلعت-الشناوي-وفي-الأمام-علي-نويتو-وعادل-فريد

الشيخ-أحمد-شريت

الشيخ-أحمد-شريت-والأستاذ-أحمد-المصري-في-كوكبة-من-إخوانهم-بسجن-أسيوط

الشيخ-احمد-شريت