“لحوم العسكر مسمومة”.. من أين استقى السيسي فكرة قانون منع الكلام؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
"لحوم العسكر مسمومة" .. من أين استقى السيسي فكرة قانون منع الكلام؟


لحوم العسكر مسمومة.jpg

كتبه سيد توكل

(29 أغسطس 2018)

مقدمة

رفض السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي تجريم سب الأنبياء والرسل، رغم مكانتهم المقدسة وعوضاً عن ذلك عمل قانون عدم سب رموز العسكر، عملاً بمقولة "لحوم العسكر مسمومة" فمن أين أتى السفيه بتلك المقولة، ومن جرب مفعولها قبلهم، وهل يمنع القانون المصريين من إطلاق النكات والقفشات والطرف على الظالمين وأعوانهم؟

وبات في حكم المعلوم موافقة برلمان الدم خلال دور الانعقاد المقبل على مشروع قانون تجريم إهانة الرموز والشخصيات التاريخية الذي قدمه النائب عمر حمروش، أمين سر لجنة الشئون الدينية والأوقاف. ويفرض القانون عقوبات بالسجن والغرامة على من يهين هذه الرموز، تصل إلى السجن عشر سنوات وتتجاوز الغرامة الـ 100 ألف جنيه مصري رغم عدم وضوح تعريف مفهوم الرمز التاريخي.

وتنتشر كثير من العبارات في مصر انتشار الرمال في الصحراء، ويستخدمها العالم والجاهل والكبير والصغير، وبالأخص منها العبارات الدينية؛ حيث يؤمن كثيرٌ من عامة الناس بقدسيتها في الإسلام، ومن ثم يستخدمونها في حياتهم ونقاشاتهم؛ وتتنوع مصادر هذه العبارات، ومن أكثر هذه العبارات انتشارًا "لحوم العلماء مسمومة"، روجها دعاة وشيوخ منابر تربوا في كنف أجهزة الأمن أيام المخلوع مبارك، مستغلين جهل البعض أو تقديس المصريين للشيوخ.

من هنا التقطها السيسي

وأول من أورد عبارة "لحوم العلماء مسمومة"، هو الإمام الحافظ ابن عساكر من علماء المسلمين في القرن السادس الهجري، وصاحب كتاب "تاريخ دمشق" الشهير؛ في خضم سجال وخصومه بينه وبين علماء غير الأشاعرة، والتقطها شيوخ البلاط والسلطان فجعلوها سيفا مسلطا على رقاب عامة الناس حتى لا يعارضهم أحد ولا يراجعهم في باطل.

يقول الناشط السياسي عمرو عبد الهادي ، عضو جبهة الضمير:

" لما عملنا في دستور 2012 عدم أهانه الرموز الدينية اعترضت الكتلة المدنية و الآن صمتوا عن غرامه نص مليون جنيه لسب السيسي وخونة كامب ديفيد".

ويؤكد الباحثون في الفقه وعلوم الحديث أنه ليس لأحد بعد الأنبياء قدسية في الإسلام كائن من كان؛ ومن يعرض نفسه للعلم والتعليم معرض للنقد في كثير من أقواله الدينية دون التعرض إلى شخصه؛ لأنه ليس معصومًا من الخطأ؛ لذلك هناك علم من أكبر علوم الحديث وهو علم الجرح والتعديل؛ الذي يهتم بصفات رواة الأحاديث من الصدق والكذب والعدل وغيره من الصفات؛ فهل يعد هذا من سموم لحوم العلماء؟

والسؤال هنا من الشخصيات التاريخية التي يقصدها السفيه السيسي المجرمةُ تمت إهانتها؟ ومن هؤلاء الرموز الذين يقدسهم العسكر؟ وفي أي عصر؟ من هو المسموح بانتقاده والمساس به؟ ومن هم الممنوع الاقتراب منهم؟ ومن وجهة نظر من؟ ومن الحكَم هنا؟ عضو برلمان الدم، أم القاضي، أم الرأي العام، أم كتب التاريخ؟!

من جانبه رأى الإعلامي محمود جعفر، إن "القانون حق يراد به باطل؛ وهدفه النهائي هو قمع حرية التعبير، وفرض المزيد من القيود عليها"، مضيفا أن "هذا القانون فيما لو صدر -وأظنه سيصدر- هو عبث مطلق"، وأضاف: "أراهن أن أول ما تبادر إلى ذهن واضعي القانون هو حماية السيسي من أي انتقادات لأنه شخصية تاريخية من وجهة نظرهم".

حماية رموز الانقلاب

ومنذ انقلابه على الرئيس محمد مرسي منتصف 2013، يتعرض السفيه السيسي للسخرية والنقد اللاذع عبر مواقع التواصل، وفي الشوارع، وحتى من خلال لعبة انتشار البندول بين الأطفال، التي اعتبرها النظام إهانة له، لا سيما أنه أطلق عليها اسم عدّ أنه إهانة للسفيه السيسي.

إن إجابات مشايخ سلفيين عادةً على أسئلة القراء حول أصل مقولة "لحوم العلماء مسمومة" التي اقتبس منها السيسي قانون إهانة الرموز، تتضمن ردها إلى قائلها الأصلي، أي ابن عساكر، مع طمس الحقيقة الجوهرية التي مفادها أن هذه العبارة قيلت لتحذير جماعات منهم أهل الحديث من غيبة علماء الأشعرية وأن قائلها أشعري ذو خصومات عنيفة مع أهل الحديث.

وألف الشيخ "ناصر العمر" قبل عشرين عاما رسالة عنونها بعبارة ابن عساكر، أعيد طبعها مرات عديدة، أشار فيها في المقدمة لقول ابن عساكر دون أي توضيح لمن هو ابن عساكر ولماذا قال هذه العبارة ولمن كانت موجهة رغم أن بيان هذه الحقائق للقارئ كفيل بمحق أي حجية لها في سياق نقد الباطل ورفض القبول به ولو من فم مشايخ البلاط.

لحوم الخونة

إن العبارة العتيدة زيادة على تفرقتها المقيتة وغير المقبولة بين البشر بناء على حظهم من العلم الشرعي، زائفة الدلالة لأنها قيلت في سياق جدل فرقي جعل كل فرقة ترى مشايخها هم فقط العلماء ونقادهم مجرد أكلة للحوم مسمومة، وهل يدخل شيوخ يتنافسون على لقب "راقصة بلاط السلطان"، ومنهم الداعية السعودي عبد العزيز الريس، وشيخ البيادة في مصر ياسر برهامي، في دائرة اللحوم المسمومة؟

وذلك بعد موجة الجدل التي أثارها الأول بفعل فتواه التي حرم فيها الخروج على بن سلمان حتى لو ظهر وهو يزني ويسكر عبر شاشات التلفاز، وعدم جواز الإنكار على ولاة الأمر بإقامتهم للحفلات الغنائية، أما الثاني فقد اشتهر بمواقفه المعادية لثورة الشعب المصري في 25 يناير 2011، وأيد الانقلاب العسكري عام 2013 الذي قاده السفيه عبد الفتاح السيسي ضد الرئيس محمد مرسي، وأيد اتهام "الإخوان" بـ"الإرهاب"

ووصف خطاب قيادتها بالتكفيري، كما دعم دستور 2014 وحشد للتصويت بـ"نعم" على دستور العسكر، وقال إن من حق السفيه السيسي الترشح للرئاسة ووصفه بأنه "رجل متدين وذكي ولديه القدرة والكفاءة على إدارة الدولة خلال الفترة المقبلة"، وقال لأتباعه "سيأتي يوم تقولون الله يرحم أيام السيسي"!

المصدر