هل يتسبب نواب الخدمة العسكرية في حل البرلمان المصري؟!
بعد نواب المخدارت- في عصر السادات رحمه الله- ونواب القروض الذين حلُّو ضيوفًا على سجن مزرعة طرة رغم أن كثيرًا منهم سددوا ديونهم فكان جزاؤهم تشديد العقوبات بينما تَمَّ تدليل المتعثرين، جاء دور نواب الخدمة العسكرية بعد نواب الجنسية المزدوجة.
المحكمة الدستورية العليا التي قضت يوم الأحد 17/8/2003 م ببطلان عضوية النواب الذين لم يؤدوا الخدمة العسكرية ويعفوا منها قانونًا ولم يقدموا ما يثبت موقفهم القانوني من أداء ضريبة الدم في خدمة العلم والدفاع عن الوطن تحجُّجًا ببلوغهم السن 35 سنة التي لا يطالب بعدها مواطن بإثبات موقفه من التجنيد.
كانت أحكام القضاء الإداري تضاربت بشأن 22 نائبًا (جميعهم تقريبًا ينتمون للحزب الوطني الحاكم) وحاول النواب الالتفاف على القضايا التي رفعها ضدها خصومهم السياسيون ويتهمون فيها بتضليل لجان الترشيح، وأن كثيرًا منهم تهرَّب من أداء الخدمة وبعضهم زوَّر أوراقًا في شأن ذلك، حاولوا في لجنة الاقتراحات والشكاوى تمرير قانون مشبوه يعدل أحكام الترشيح بحيث يسري بأثر رجعي فتصبح لذلك عضويتهم المشكوك بها لعدم توافر كافة شروط الترشيح.
انتبه د. "فتحي سرور" رئيس المجلس إلى المحاولة وقرر إلغاء ما ترتب في اجتماع اللجنة وإهدار الاقتراحات وأرسل خطابًا إلى المحكمة الدستورية العليا يطلب منها وفقًا لقانونها تفسير الأحكام المتضاربة وضبط القواعد القانونية وفقًا لاختصاصها في تفسير القوانين وإزالة التضارب والتنازع بين الأحكام القضائية، ولعله أراد أن يكون الحكم نهائيًا وملزمًا لكافة أجهزة الدولة في قضية لا تحتمل التلاعب، فقد أصبحت سمعة النواب في الحضيض بسبب التساهل مع أعضاء الحزب الوطني والمهرولين إليه في أوراق الترشيح وعدم التدقيق في سمعة المتقدمين للترشيح والذين يزكيهم الحزب، وذلك كله تسبب في إشاعة صورة غير لائقة لأعضاء المجلس المحترمين في أثار الغبار حول المجلس نفسه، وبات الحديث عنه كمؤسسة دستورية مضغة تلوكها الأفواه.
قررت المحكمة الدستورية في حكمها الملزم ضرورة أداء الخدمة العسكرية أو تقديم ما يُفيد الإعفاء عنها. كما كان من قبل في شأن الجنسية، وهما يتعلقان بمدى ولاء المرء لوطنه وحرصه على الدفاع عنه والفخر بالانتماء إليه.
والسؤال الآن: ماذا يفعل المجلس بعد الحكم الملزم له؟
هل يلجأ إلى مقولة "سيد قراره" كما كان يقول المرحوم الدكتور "رفعت المحجوب"؟!
الموقف مختلف الآن... فالحكم صادر من أعلى هيئة قضائية في البلد، وفي توقيت حرج بعد وفاة رئيسها المرحوم "محمد فتحي نجيب" والذي كان وجوده ضابطًا لمسألة الموائمة السياسية بحكم شغله مواقع في وزارة العدل من قبل، وبعد أن تأجَّل القرار طويلاً؛ لأن المفوضين انتهوا من زمن بعيد والمحكمة الدستورية ليست كالمحكمة الإدارية العليا التي واجهها "المحجوب" من قبل، وقد تسببت محكمتين سابقتين في حل مجلس الشعب عامي 87 ، 1990م. بسبب قوانين التوائية تحرم المواطنين المستقلين من حقوقهم الدستورية.
والحكم ملزم ونهائي لكافة أجهزة الدولة وللكافة بنص قانون المحكمة الدستورية. والدستور يجعل صحة العضوية أو بطلانها أو إسقاطها من سلطة مجلس الشعب نفسه مادة (93، 94)
واللائحة الداخلية لم تتعرض لمثل ذلك الأمر، وتخوض في تفاصيل تتعلق باعتبارات أخرى.
لماذا نضع أنفسنا في ورطة بعد ورطة ولأمور تتعلق بأكبر المؤسسات الدستورية (البرلمان) الذي يقوم- وفقًا للدستور- بأهم القضايا ومنها ترشيح وتزكية اسم رئيس الجمهورية؟! لماذا نُعرِّض مؤسسات كبرى للقيل والقال؟!
لماذا تعبث بنا أهواء ساسة الحزب الوطني وصراعات أجنحته المتقاتلة؟!
الحل للمستقبل هو أن نخرج عملية الانتخاب كليةً من يد وزارة الداخلية التي تستجيب للضغوط وتعمل لصالح الحزب الحاكم.
الحل في تشكيل لجنة عليا قضائية وسياسية للإشراف على الانتخابات، وهو نظام موجود في بلاد قريبة مثل اليمن.
الحل في الإشراف القضائي الكامل على العملية الانتخابية، وليس الاقتراع فقط من أول استلام أوراق الترشيح وحتى إعلان النتائج.
الحل في الاستقامة السياسية ووضوح الإرادة السياسية لإقامة انتخابات حرة ونزيهة، يشتاق الجميع إليها.
الإصلاح والتغيير بأيدينا نحن، وليس الترقيع أن يأتي الطوفان والتغيير من الخارج وبأيدٍ أجنبية ولصالح أعدء الأمة.
المصدر
- مقال:هل يتسبب نواب الخدمة العسكرية في حل البرلمان المصري؟!إخوان أون لاين