نص كلمة د. "نعمان جمعة" في عزاء الأستاذ "محمد حامد أبوالنصر"
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين..
أحضر اليوم عن نفسي وعن الأستاذ "محمد فؤاد سراج الدين"، وعن حزب الوفد كله جميع أعضائه في القطر المصري؛ لكي أُقدم العزاء في فقيدنا العزيز المغفور له الأستاذ "حامد أبو النصر".. أقدم العزاء لجماعة الإخوان المسلمين وإلى مكتب الإرشاد، وإلى كل عضو من أعضاء هذه الجماعة العظيمة التقية المؤمنة المخلصة لوطنها.
لم أتشرف بعضوية هذه الجماعة أو الانتماء إليها، حيث التحقت بحزب الوفد منذ فجر شبابي، وخضت الكثير من المعارك السياسية، وقد التقيت بجماعة الإخوان المسلمين في العديد من القضايا، وأشهد أمام الله وأمام الجميع أنها مدرسة الإيمان والخلق القويم والإيجابية والوطنية والثورية الحقيقية.
فقيدنا العظيم أحد رفاق الإمام الشهيد الأستاذ "حسن البنا"، وهو جزء من تاريخنا المصري الذي نعتز بها ونفخر به ونباهي به جميع الأمم؛ لأنه أنشأ مدرسة وأنشأ تنظيمًا قدم لمصر الرجال الأوفياء الشرفاء الثائرين المحاربين في سبيل الله وفي سبيل الوطن، قدم لمصر الأوفياء الذين لم يُسمع عن أيٍ منهم أنهم تقلد منصبًا وتربح أو باع ضميره أو ارتشى أو صار في طريق الفساد، أنشأ مدرسة تكافح في سبيل الله، ما من معركة في سبيل مصر وفي سبيل العروبة.. حرب فلسطين، كفاح المصريين في قناة السويس، كان الإخوان المسلمون في مقدمة المكافحين، في مقدمة الأبطال والشهداء والمكافحين في سبيل هذا البلد.
هذه حقيقة يجب أن نعلنها جميعًا، قد نختلف في بعض التفاصيل أو يسير كلٌّ منا في طريق من أجل نفس هذا الهدف، ولكن الحقيقة ناصعة، ومن حق مصر علينا أن نعترف بالواقع وبالحقيقة، وأن نعترف للأجيال المقبلة بالفضل لأصحاب الفضل، يجب على حكام مصر وعلى أبناء مصر أن يعترفوا بالإخوان المسلمين.. بوجودهم فهي حقيقة لا يُنكرها مخلص أو أمين أو ذو عينين، لا يستطيع إنسان على أرض الكنانة إنكار وجود جماعة الإخوان المسلمين، وأنهم حقيقة كائنة وموجودة، ولا يستطيع إلا مكابر أن ينسب إليهم أنهم يدعون إلى الفتنة أو إلى الطغيان أو إلى سفك الدماء أو إلى العنف، غير صحيح أن يدعي البعض أن الإخوان المسلمين هم الذين يرتكبون الأحداث، وهم الذين يثيرون الفتنة، هذا الكلام كلام مرسل ولا دليل عليه، وهو غير صحيح، الإخوان المسلمون في تاريخهم كله لا توجد أية واقعة عداء لإخواننا الأقباط، لا يوجد أبدًا في أي خطبة أو كلمة أو كتاب أو دعوة معاداة لإخواننا في الوطنية الأقباط في مصر ولا يوجد في تاريخ الإخوان المسلمين واقعة اعتداء واحد أو سفك دماء ضد قبطي واحد، ما الخطأ إذن؟ لما هذه الحرب؟ ولم هذا الحصار؟ ولم هذا التجاوز المتجاوز؟، هي الدولة مع الإخوان المسلمين وليس في مصلحة مصر وليس من مصلحة العمل السياسي أن يضطهد تجمع هائل مثل تجمع الإخوان المسلمين، يضطهد وننكره ولا نعترف به ولا نسمح له بالعمل العام، ونطارده في الانتخابات حتى لا يوجد ممثل واحد منهم في مجلس الشعب، ولا أظن أن هذا شرفًا كبيرًا لقبول مثل هذا المجلس، ولكن المذموم هو هذا الحصار الأعمى المحكم على كل العاملين في مجال السياسة في مصر، وعلى وجه الخصوص الإخوان المسلمين، وكأن القائمين على الحكم يقولون إلى الإخوان المسلمين اعملوا تحت الأرض واعملوا سرًا واعملوا في الخفاء، واندرجوا في جماعات العنف، وهي نتيجة غير مطلوبة، والناس يعلنون أنهم غير راغبين فيها، يدينون العنف، وأهله يدينون سفك الدماء فلمَا نُصرُّ على أن نلزمهم بما في سبيله.
هذه كلمة حق أقولها بمناسبة وفاة المرشد العام المغفور له "حامد"، زميل المغفور له الشهيد "حسن البنا" في تأسيس وإقامة وتدعيم هذه المدرسة العظيمة، التي نتمنى لها دوام التقدم، وندعو الله أن يوفقها دائمًا في تكوين الشباب وتنشئة الأجيال الحديثة على الإيمان بالله، وعلى المبادئ القويمة، وعلى المثل العليا؛ لأننا في حاجة ماسة إلى هذه المثل وهذه القيم؛ لأننا في زمن ضاعت فيه القيم وضاعت المبادئ، وأصبحنا اليوم كل من ينادي بهذه المبادئ أصبح جريمة بين أناس يتربحون من المال العام، وينشرون الرذيلة في كل مكان، والانحراف في كل موقع لدرجة أن الانسان أصبح يائس من الإصلاح، ويائس من الوصول في يوم من الأيام إلى حكم طيب يحقق لهذا البلد التقدم والرقي وزيادة الإنتاج ورفع مستوى المعيشة، كل الأهداف التي نسعى إليها لا يستطيع نظام الحكم ولا جهازنا الإداري أن يحقق منها شيئًا، فأملنا الكبير في أن الأجيال القديمة والأجيال المتوسطة تكون أصحاب مدارس، ونحن نرجو من الإخوان المسلمين تكوين النشء، وتربية الشباب على القيم وعلى المثل، وعلى التمسك بآداب الدين، وهي كلها فضائل نرجو الله أن يوفقهم فيه، وندعو الله أن يحقق لهم التقدم والرقي.