مقابلة الدكتور عبدالحميد القضــاه مع صحيفة فلسطين - غزه

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الجــراثيـم أبدعَ الله صُنعها..ومَن بحثَ "فيها" وقفَ مشدُوهاً! "الجراثيم".. جيوش جرارة و7 عجائب إلهية

صحيفة فلسطين – غـزه

حوار- هديل عطاالله

د.القضاة: الميكروبات الدقيقة تحمل صفة الذكورة والأنوثة وتتزاوج.

"البكتيريا "كائن" من أهون مخلوقات الله، إن لم يكن أشدها ضعفاً وهواناً لا تراه ولا تحسّ بوجوده، رغم أنه رفيقك منذ ولادتك، وسيبقى معك مادام فيك عرقٌ ينبض، فهو يسكن جوفك، وقد اتخذَ له فيك مقاماً آمناً، دون أن يستأذنك أو يرسل لك "نسخةً" للعلم..

ولتطمئن!!..فقد مرّت على البشرية "قبلك" عشرات آلاف السنين وهم يعيشون مع هذه الكائنات دون أن يشعروا بها، أو يكتشفوها لدقتها وصغر حجمها رغم أعدادها التي لا تحصى منتشرةً فيهم وعليهم وحولهم وهي لم تدخل قاموس المعرفة البشرية إلا في القرن السابع عشر..

عندما رآها العالم (لوف نهوك) بمجهره البدائي عام 1967، ورغم أن البكتيريا من أصغر المخلوقات الحية المعروفة، إلا أن فيها من الأسرار ما يبهر العقل ويأسره، فلا تملك حين ترى ذلك أو تسمعه إلا أن تهتف من أعماقك: "سبحانك ربي ما أعظمك".

"الكلام السابق" كان من بين أبرز الفقرات التي علقت في ذهني وأنا أتصفّح كتاباً لفتَ انتباهي للدكتور عبد الحميد القضاة، إنه كتاب "عجائب الميكروبات السبع"، فالدكتور "القضاة" وهو "أردني الجنسية" يُعدّ من بين الذين انصبّ جزءٌ من اهتمامهم على ربط الإعجاز بتخصصه في مجال "علم الجراثيم، ولذا استضافته "فلسطين" عبر "البريد الالكتروني" ليبيّن لنا هذا النوع من الإعجاز، فهو حاصل على درجة الدكتوراة في تشخيص الأمراض الجرثومية والأمصال عام 1982م من كلية طب جامعة مانشستر في بريطانيا، كما أنه خبير الإيدز والأمراض المنقولة جنسياً في الاتحاد العالمي للجمعيات الطبية والإسلامية، ومن أبرز كتبه "الميكروبات وكرامات الشهداء، و"قوم لوط في ثوب جديد"، و"الأمراض الجنسية عقوبةُ إلهية".

لا نستطيع العيش بدونها

في بداية الدراسة الجامعية للدكتور عبد الحميد القضاة راقَ له دراسة بعض كتب الحديث خاصةً "صحيح مسلم" ثم كتب الترغيب والترهيب، وهنا لاحظَ أن هناك أحاديثُ لها علاقة مباشرة في ما درسَه من علم الجراثيم والصحة العامة، مثل أحاديث الوضوء والاغتسال واستعمال السواك, وهكذا نشأ اهتمامه بهذا العلم، ليظهر فيها بعض جوانب الإعجاز النبوي في الوضوء، والوقاية من الجراثيم، والإعجاز النبوي في نظافة الفم.

وكان من بين الحقول الطبية التي ركّز عليها في الإعجاز هو "الميكروبات"، ويشير إلى أهمية هذا الاختيار بقوله:"الميكروبات مخلوقات صغيرة جداً لا تُرى بالعين المجردة، فلو كبّرنا الجرثومة الواحدة ليصبح حجمها كحبة القمح، وكبّرنا حبة القمح العادية بذات النسبة لأصبح طولها كيلومتراً كاملاً، ولكن فعلها عظيمُ لدرجة أن الإنسان لا يستطيع العيش على هذه الأرض بدونها، فهي المسئولة عن دورات العناصر الحيوية في التربة والهواء لتوازن الغازات ولتسميد الأرض ولحياة النباتات والحيوانات، فلو تخلّفت هذه الجراثيم عن عملها لنتج عن ذلك خلل كبير يؤثر على مسيرة الحياة للبشر والحيوانات والنباتات".

الميكروبات نعمة عظيمة من الله فهي تحلّل المواد والأجسام، وتزيل السموم، وتصنع للإنسان طعاماً وعلاجاً وشراباً، وتدير عجلة دورات العناصر الحيوية في الكون لمصلحة الإنسان والحيوان والنبات، ولنتخيل مخلفات الناس في العالم بدونها! د.القضاة

أحقاً للميكروبات عجائبها؟!..عن سؤالي يجيب:"نعم هي بالفعل كذلك، فهذه الميكروبات من بكتيريا وفيروسات وفطريات وأنواع أخرى كثيرة أقل شهرة، قادرة على العيش في أقسى الظروف الجوية والغذائية، فقد وُجدت البكتيريا على عمق ثلاثة كيلو مترات تحت الأرض، وعلى ارتفاع آلاف الأمتار في الفضاء..

كما وجدت متكيِّسة منذ ثلاثين مليون سنة، ثم أُعيد النشاط إليها من جديد، والأرض هي المستودع الأكبر للميكروبات، إذ إن الغرام الواحد من التراب يحتوي على عشرات الملايين من الميكروبات، ووجدَ العلماء أن ( ٣%) فقط من الميكروبات مسؤولة عن الأمراض البشرية المعدية، وحوالي ١٠ % منها ينتهز فرصة ضعف الإنسان لينقضّ عليه مسبباً له الأمراض، أما الغالبية الساحقة من الميكروبات ( ٨٧ %) فتعمل في خدمةِ الإنسان ليل نهار..

وتكمن عظمة الخالق في صغر الميكروبات ودقتها، فرغم صغرها، يشكّل الفرد منها عالماً بالغ الدقة، فمن بين "عجائبها السبع" أنها مخلوق يحب الحياة كغيرها، ويتجلى ذلك في صراعها من أجل البقاء، وفي فنونها للدفاع عن نفسها، وفي شبابها الذي لا يشيب، وفي إنجازاتها العظيمة للبشرية، وفي أسرار الذكورة والأنوثة فيها، وفي طرق تعامل آكل البكتيريا معه".

ويستطرد حول دورها بالنسبة للإنسان:"إن الميكروبات تقوم منذ بداية الخليقة وإلى يومنا هذا بعملٍ عظيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون!، لأنها مخلوقات غير مرئية فرغم انتشارها الأسطوري تقوم بهذا العمل بهدوء وصمت ليل نهار طاعةً لخالقها، وخدمةً للإنسان الذي كرمه الله..

هذه الميكروبات تحلّل المواد والأجسام، وتزيل السموم، وتصنع للإنسان طعاماً وعلاجاً وشراباً، وتدير عجلة دورات العناصر الحيوية في الكون لمصلحة الإنسان والحيوان والنبات، لذا هي نعمة من نعم الله، فإذا علمنا أن مجموع مخلفات وفضلات البيوت والمتاجر والمصانع اليومية في نيويورك وحدها يساوي أحد عشر ألف طن، وأن الولايات المتحدة الأمريكية تجمع سنوياً ما يساوي عشرة مليارات طن..

وهذا يعني أن مئات المليارات من الأطنان تُجمع سنوياً في العالم، ولكنها سرعان ما تختفي فلا تتراكم بفضل الذي أوجد لنا هذه المخلوقات العظيمة، مصداقاً لقوله تعالى:"وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ"، فلنا أن نتصور لو أن هذه المليارات من الأطنان تراكمت على مدى قرنٍ من الزمان فهل سيبقى وجه البسيطة صالحاً للعيش؟!، لا أظن ذلك..

والله تبارك وتعالى قد منَّ علينا أن خلق هذه الميكروبات لتنظيف الأرض أولاً بأول، دون أن تزاحم البشر على مكان أو طعام لتقوم بعملٍ عظيم بلا تكاليف، إنها الجندي المجهول الذي لو أوقفه الله لكان نوعاً من العذاب لم نألفه".

ومما لا يعلمون

"الثنائية الزوجية" هي أحد عجائب الميكروبات التي يشرحها د.القضاة بشيءٍ من التفصيل- ولمزيدٍ من الاطلاع على "العناصر الستة المتبقية" يمكن للقارئ الرجوع إلى "الموقع الشخصي" لضيفنا، يقول في ذلك:"لقد أوجد الله "الثنائية الزوجية" في كل شيء امتداداً من الذرة إلى المجرة..

نعم ذلك حق!.. فالمجرة السالبة على عِظمها تتداخل في مجرةٍ موجبة الكتلة في فضاء الله الواسع، وذلك مصداقاً لقوله تعالى:"وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكم تذكّرون"، وحقيقة الأمر أن هذا المبدأ حتى عند المخلوقات الأكثر تطوراً والأكبر حجماً من الميكروبات فيه إعجاز عظيم لمن يمعن النظر فيه، ففيه الذكر، وفيه الأنثى، ومنه ما جمع الصفتين فكان الجنس الثالث، ومنها ما كان الإعجاز في طريقة زواجه وعيشه، فمثلاً الطُفيل الذي يسبّب مرض البلهارسيا فيه الذكر وفيه الأنثى، وهما في حالة جماع مستمر ما داما أحياء داخل جسم المريض، أي أن الأنثى تدخل في تجويف داخل الذكر، وتبدأ بوضع بيوضها، فيُخصِّبُها الذكر، ثم تخرج مع بول المريض أو برازه لتُسبب المرض لغيره، وهذه الحالة تعمِّر سنوات طويلة ما دام المريض حياً ولم يُعالج".

ويستأنف حديثه:"لكن الأعجب والأغرب من هذا كله، أن تكون هناك ذكورة وأنوثة في عالم الميكروبات، هذه المخلوقات الدقيقة المجهرية، منها ما يقوم مقام الذكر، ومنها ما يقوم مقام الأنثى، فالخلية البكتيرية الذكرية فيها مادة وراثية، خارج نطاق كروموسومها الوحيد الدائري تعطيها صفة الخصوبة، وتسمى اصطلاحاً الذكر (أف موجب)..

الثنائية الزوجية هي أحد عجائب الميكروبات، ولكن الأعجب أن تكون هناك ذكورة وأنوثة في عالمها، فمنها ما يقوم مقام الذكر، والآخر مقام الأنثى، فالخلية البكتيرية الذكرية لديها مادة وراثية، خارج نطاق كروموسومها الوحيد الدائري تعطيها صفة الخصوبة، وتسمى اصطلاحاً الذكر أف موجب د.قضاة


أما الخلية التي لا توجد فيها هذه المادة الوراثية "فاقدة الخصوبة" تسمى اصطلاحاً الأنثى (أف سالب)، والذكر هنا يظهر على جسمه شعيرات دقيقة جداً من بينها شعيرة أطول من غيرها اسطوانية الشكل مفرّغة أي مجوفة من الداخل تسمى "شعيرة الجنس"، والأنثى لا تملك مثل هذه الشعيرة، ولكن لديها أماكن معينة اسمها المستقبلات، تستطيع شعيرة الجنس الذكرية أن تلج للأنثى منها..

أما وظيفة شُعيرة الجنس الرئيسة، فهي ربطُ الذكر بالأنثى، ثم تقريبهما لبعض، ومن ثم تمر المادة الوراثية من خلالها إلى الأنثى، والأنثى التي تستقبل نسخة من المادة الوراثية الذكرية تحول جنسها من أنثى "أف سالب" إلى ذكر "أف موجب" فينمو عليها ما على الذكر من شعيرات جنسية، وتتصرّف حسب جنسها الجديد..

ومن العجيب أيضاً أن بعض البكتيريا الأنثوية، أثناء هذه العمليات يمكن أن تكتسب جزءاً من المادة الوراثية الذكرية من الذكور، وتندمج مع كروموسوم الخلية الرئيس، فتصبح جنساً ثالثاً، ظاهرها أنثى وباطنها مخلوط!!

ليس هذا فحسب ولكن هذه العمليات التي أشبه ما تكون تزاوجاً لا تحدث بين أفراد نفس النوع فقط، ولكنها تتعدى ذلك لتُمارَس بين أنواع مختلفة من البكتيريا، فتبارك الله ذو الجلال والمقدرة، العليم الخبير الذي قال لنا في محكم تنزيله قبل أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان ما يُشير إلى هذه الحقائق وأكثر مما لم نعلمه بعد: "سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُون).

"منسَأةُ" سليمان

( فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خرّ تبينّت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين)...إنها الآية التي كانت الأكثر تأثيراً في الدكتور القضاة، موضحاً تفسيرها:"لأن سيدنا سليمان نبي كريم لم يتحلّل جسده رغم مرور عام على موته والجن لا يعلمون، حتى جاءت دابة الأرض "وهي هنا الأرضة وما في بطنها من ميكروبات فحلّلت "المنسأة" وهي العصاة الخشبية فضعفت وانكسرت، عندها فقط علمت الجن بموت سيدنا سليمان، فالأصل أن تتحلّل الجثة أولاً ثم العصاة، ولكن مشيئة الله وقدرته عكست الأمر إكراماً لسيدنا سليمان عليه السلام.

ويرى ضيفنا أن العالم الإسلامي بحاجةٍ لتفريغ عدد من العلماء الموثوقين مثل الدكتور زغلول النجار لهذا العمل، ودعمهم بكل الإمكانات المطلوبة، مضيفاً:"كما نحن بحاجةٍ إلى تخصيص ميزانيةٍ لدعم أبحاث العلماء المبدعين في هذا المجال، وكذلك إدراج مثل هذا العلم في المناهج الجامعية، وأيضاً تكليف مجموعة من العلماء للطواف على جامعات العالم لإعطاء المحاضرات وإقامة الندوات، ونشر الأبحاث وإصدار المجلات في هذا المجال".

أما التغيرات التي طرأت على شخصيته خلال السنوات الماضية من البحث في أعظم طرق "الدعوة العصرية"، يشير:"أصبحتُ أكثر إدراكاً للقرآن الكريم وخاصةً الآيات المتعلقة بتخصصي، كما نمت لدي المقدرة على ربط القرآن الكريم بـ"علم الجراثيم" وإظهار بديع صنع الله وقدرته، كما واجهتُ مواقف كثيرة في الغرب لكنني رغم اجتهادي بهذا الأمر إلا أنني لم أنجح في إدخال علماء في الإسلام بهذا التخصص، إلا أني نجحتُ بالتأثير على كثيرين من المبتدئين، ودخل بعضهم في الإسلام ولله الحمد والمنة".

المصدر