مؤتمر فتح بين السياسات القديمة والوجوه الجديدة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
مؤتمر فتح بين السياسات القديمة والوجوه الجديدة

بقلم:ماهر أيوب

المؤتمر السادس لحركة فتح

انتخابات فتح تأتي بدحلان

انعقد المؤتمر السادس لحركة فتح،هذا المؤتمر الذي غاب عن الحركة وهيئاتها لأكثر من عشرين عاماً، فالفتحاويون الذين تاقوا لانعقاده،اختلفت آراؤهم حول ما جرى بين راضٍ وموافق،وبين غاضب ومنسحب، وبين متساقط وراسب،لكن البعض يقول:

(الأهم أن المؤتمر قد عقد)،فإذا كانت هذه المقولة صحيحة فنحن نقول:إن المؤتمر ليس مجرد آليات انتخابية واجتماع لكادرات حركة لم يلتئم شملها منذ عقدين،إنما هو تعبير حقيقي عن مطالب جماهير هذه الحركة المناضلة،من خلال اعتماد برنامج وطني يلبي مصالح أنصار الحركة والأهداف الوطنية للشعب الفلسطيني،والسؤال هنا هل ما جرى في هذا المؤتمر الفتحاوي هو تعبير عن ما يخالج شعبنا من أهداف وتطلعات؟وهل الحركة عقدت مؤتمرها فعلاً وراجعت نقدياً تجاربها منذ مؤتمرها الأخير وحتى لحظة انعقاد هذا المؤتمر ؟

فإذا كانت فتح عقدت مؤتمرها هذا بغية تغيير جوهري في سياسة الحركة ومحاربة الفساد،وإعادة النظر في شعارات وسياسات لم تجلب للشعب الفلسطيني إلا الانقسام والاقتتال متمثلة بالتفرد بالقرار الوطني تاريخياً وبسياسة المحاصصة والانهيارات المتوالية لسقف المفاوض الفلسطيني على طاولة المفاوضات منذ توقيع اتفاقيات أوسلو المجتزأة عام 1993 وحتى الآن،فبكل أسف يبدو أن نتائج المؤتمر لم تقدم لأبناء الحركة والشعب الفلسطيني ما يأمله ويطمح به،فالمؤتمر الذي أخذ طابع المهرجان السياسي افتتحه الأعضاء بأغاني وأناشيد فتحاوية عصبوية بدءاً من (غلابة يا فتح) وانتهاءً بـ (أنا ابن فتح ما هتفت لغيرها).

وهذا لا يعطي مؤشر نحو مستقبل فتحاوي يعمل من أجل الوحدة وينهي سياسات التفرد في القرار،ولا يدلل على حالة صحية مرتقبة للحركة تحمل في طياتها برنامج وطني ديمقراطي فلسطيني.وأذهب إلى أبعد من ذلك،حيث أن المؤتمر أجرى انتخاباته على عضوية اللجنة المركزية،ولكن التغيير الذي حصل في صفوفها جلب وجوهاً صحيح أنها لم تكن موجودة في اللجنة المركزية،ولكنها كانت قريبة دوماً من المطبخ السياسي الفتحاوي،إضافة إلى أن الحرس القديم حافظ على عضويته.


نتائج الانتخابات

فهذه الانتخابات أتت بمحمد دحلان وجبريل الرجوب إلى عضوية المركزية،وتساقط من عضويتها أحمد قريع لأسباب داخلية لها علاقة بتوازن قوى وتيارات داخل الحركة،إضافة لدوره داخل الحركة لما كان يمثله من (تيار حمائمي مساوم مع حركة حماس)، ناهيك عن مسيرته الحافلة بالفساد وتحديداً في مسألة بناء جدار الفصل العنصري ليعاد انتخابه وبدعم فتحاوي في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية،وهو بذلك ينتقل لأعلى هيئة في منظمة التحرير الفلسطينية.

ولعل وجود أشخاص مثل "دحلان والرجوب وقريع" في هيئات قيادية عليا لا أقول سيجهز على أي محاولة تغيير في سياسة الحركة القديمة،ولكن على الأقل لا يبشر حقيقةً بتغيير فعلي لسياسات انتهجتها فتح،هذه السياسات التي سقطت بالتجربة وبالملموس،ولا يبشر بما يتطلع إليه شعبنا بالحوار الوطني والوحدة الوطنية على أرضية انتخابات رئاسية وتشريعية تقوم على مبدأ التمثيل النسبي الكامل وتنهي حالة الانقسام العبثي المدمر، بل إنه يعطي مؤشرات واضحة لاستمرار سياسة التفرد في القرار واستمرار نهج المحاصصة والاقتتال.

إذاً ما جرى لا يعكس حقيقة رؤى وآمال وأهداف الشعب الفلسطيني ولا أنصار حركة فتح في مؤتمرها السادس،وإن المتتبع لما يجري يلاحظ أن الحركة تعيش أزمة واضحة بين مشروعين:الأول يضع فتح أمام تحديات تفرضها طبيعتها كحركة تحرر وطني وهذا ما لم نلمسه في برنامجها الأساسي الذي تبنته في المؤتمر،ففتح الثورة لم تتبنى المقاومة كوسيلة أساسية من وسائل النضال في مواجهة الاحتلال، بل تبنت طرحاً مغايراً ينص على أن فتح هي على تناقض أساسي مع الاحتلال.

والمشروع الثاني: يضع فتح أمام تحديات حقيقية كونها حزب السلطة،وهي في المشروع الثاني أمام تحول كبير سيفرغ الحركة من محتواها وسيمحو ما رسمته في أذهان الجماهير الفلسطينية باعتبارها حركة ثورية جماهيرية نضالية عبر تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة،والسؤال الذي سيظل برسم الإجابة في المرحلة القادمة هو أن هل فتح ستجري تغييراً في سياستها،أم أنها اعتمدت وانتهجت سياسات قديمة لكن بوجوه جديدة ؟! ...

المصدر