لماذا يتورط الجيش المصري؟ وعن أي أمن قومي يتحدثون؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لماذا يتورط الجيش المصري؟ وعن أي أمن قومي يتحدثون؟


علي أبو هميلة.jpg

( 07 يناير 2020)


بقلم: علي أبو هميلة

يشتد اللغط في مصر حول ما يتردد عن تحريك قوات من الجيش المصري إلى ليبيا من أجل الدفاع عن الأمن القومي المصري، فيما تتصاعد النبرة الإعلامية عبر منصات إعلام النظام عن الخطر التركي والأحلام العثمانية في إعادة الخلافة الإسلامية علي يد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

كما تتصاعد النبرة القومية لدي قطاعات عديدة حول الخطر التركي على أمن مصر القومي إلا من أصوات متفرقة راحت تحلل الفروق الجوهرية بين صراع النفوذ والصراع الاستراتيجي بين الدول وبين العداء.. فالفرق كبير بين صراع قد يبدو أو يظهر على فترات حيث صراع النفوذ وفوائض القوة وتأثيرها وفي هذا يبدو صراع مصر وعدة قوى إقليمية مثل إيران وتركيا حول مناطق نفوذ أو تنافس استراتيجي يأتي في ذلك التوسع الثقافي أو الاقتصادي أو العقائدي والعسكري

أما مسألة العداء فتلك مسألة أخرى وهناك فرق كبير بين عدو طبيعي لك وبين محاولات خلق أعداء وهميين سواء داخل البلاد أو خارجها. وقد حاول نظام السيسي أن يصنع بعض الأعداء في الخارج ،هي ابعد ما تكون عن أن تكون العدو في محاولة لسحب مشاعر مصرية وعربية عامة عن العدو الرئيسي للأمة العربية وهو الكيان الصهيوني، الذي يتمتع معه النظام بعلاقات دافئة على حد تعبير السيسي وامنياته وعلى حد تعبير مصادر كثيرة داخل الكيان الصهيوني

لماذا يذهب الجيش المصري الي ليبيا؟

يصدر النظام المصري وتوابعه منذ فتره أن الأمن القومي المصري هو السبب الرئيسي لدعم قوات حفتر في ليبيا فمصر تدافع عن أمنها القومي واستقرارها من حكومة السراج ومن يساعده (لاحظ هنا أن حكومة السراج هي الحكومة الشرعية والمعترف بها في العالم.. وان حفتر منقلب عليها.. وتساعده دول عديدة في المنطقة وفي العالم) مع العلم أن حكومة السراج طلبت من القاهرة مرات أن تكون وسيطا لحل الأزمة سياسيا ولكن لم تجد منها آذانا صاغيه لمطالبها

لذا يجب البحث وراء الأسباب الحقيقية لدعم حفتر وهذه الوتيرة المتسارعة نحو اعتبار تركيا عدوا لمصر، وقبل أن نذهب إلى ذلك علينا أن نناقش علاقة النظام المصري بالأمن القومي لمصر

جرائم النظام ضد الأمن القومي المصري

حدود مصر الشرقية الشمالية كانت دوما بوابة عبور الغزاة إلى مصر عبر تاريخ طويل من الهكسوس الي المغول والتتار ثم الحملات الصليبية وفي القرن الماضي عبر الكيان الصهيوني الذي حارب مصر والأمة العربية في حروب ٤٨ و٥٦ و٦٧ و٧٣

طوال نصف قرن من الزمن لم يتهدد مصر أي خطر سوى من جانب الكيان الصهيوني الذي استطاع في عام ١٩٧٧ أن ينفرد بمصر في صلح منفرد ويخلعها من أمتها العربية ومن هنا بدأت كل الخطورة على أمن مصر القومي.. بداية من الحرب على العراق وتفتيته الذي لم يكن يتم إلا بتحييد مصر.

ومن العراق بدأت احلام الدولة الصهيونية من الفرات الي النيل.. وتمتد اليد الصهيونية لتصل إلى سوريا.. ثم ما حدث في فلسطين وانقسامها ثم أصبح العدو حليفا استراتيجيا ونسعى معه إلى سلام دافئ.. وكانت الطامة الكبرى في حصار قطاع غزة الممتد طوال سنوات حكم السيسي ويحاول مع إعلامه شيطنة حماس وغزة وتصويرهما على أنها ألد الأعداء.. ولا تتعجب

هذه خطوط الأمن القومي لمصر فهل حافظ النظام عليها؟!

ألم تكن جزيرتا تيران وصنافير أمن قومي مصري؟ ألم يكن التفريط فيهما والتنازل عنهما للمملكة العربية السعودية تفريطا في الأمن القومي؟ ألم يكن تحويل خليج العقبة من خليج مصري الى خليج دولي خطرا على الأمن القومي؟ ألم يكن وضع قدم الكيان الصهيوني على الخليج أمن قومي مصري؟ فلماذا تنازل نظام السيسي عن الجزيرتين ولم يحارب من أجل الأمن القومي المصري الذي يدعيه اليوم في ليبيا؟

ألم يكن نهر النيل امنا قوميا مصريا فلماذا ترك النظام يد الكيان الصهيوني تعبث في حوض النيل؟ ولماذا تنازل طواعية عن مياه النيل لإثيوبيا باتفاق اعلان المبادئ وعرض أمن مصر المائي للخطر؟ أليس النهر وعطش المصريين وبوار الأرض أمن قومي مصري؟!! لماذا لم يحرك السيسي قواته الي اثيوبيا حفاظا على الأمن القومي المصري؟ لعله سؤال ساذج إذا كان السيسي نفسه هو من تنازل عن مياه النيل

حقول الغاز في المتوسط

ألم تكن المياه الإقليمية في البحر المتوسط امنا قوميا مصريا؟ فلماذا تنازل عنها السيسي بتوقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل واليونان وقبرص؟

لقد كان الوهم الذي صدره السيسي للمصريين أن مصر ستصبح مركزا إقليما للغاز الطبيعي وها هي الاخبار تلاحقه وهو يحرك قواته الي الغرب بتوقيع الكيان الصهيوني اتفاقية مد خط الغاز لأوربا مع اليونان وقبرص في غياب مصر.

اتفاقية تركيا وليبيا تعيد حقوقا لمصر

بينما كانت اتفاقيات السيسي تتنازل عن حقول غاز للكيان الصهيوني سواء مباشرة او عبر اليونان تعيد اتفاقية تركيا مع الحكومة الليبية ٤٠ كم من المياه الإقليمية لمصر إليهان وقد صرح سامح شكري وزير الخارجية المصري بأن الاتفاقية لا تضر مصر انما تضر بدول أخرى في الإقليم ترى من هي الدول التي يصيبها الضرر؟ وان كان الضرر لا يصيب مصر بل تعيد الاتفاقية حقوقا بها فلماذا إذن تعترض مصر؟ ألم يكن التنازل عن تلك المساحات من المياه الإقليمية خطرا على الأمن القومي المصري.

سيناء أليست أمنا قوميا مصريا؟

ألم تكن سيناء عبر تاريخها بوابتنا الشرقية آخر خطوط الأمن المصري؟ فلماذا تقوم القوات المسلحة بإخلاء سيناء من أهلها وتهجيرهم وقصفهم والقبض عليها وحبسهم؟ بديلا عن تعمير سيناء وزراعتها لتكون خطا أمنيا مصريا بديلا عن تركها مرتعا للصهاينة

كل تلك الوقائع تعني أن الأمن القومي المصري لم يكن يوما في حسابات النظام المصري وعبد الفتاح السيسي بل هو من تنازل عن كل خطوط الأمن القومي المصري بجهد كبير بل هو من سعى لجعل مصر أسهل فريسه من الممكن أن تقع في يد الكيان الصهيوني عدونا الأول والوحيد

لماذا يتورط الجيش في ليبيا؟

وبعد كل ما سردناه من وقائع تؤكد غياب نظرية الأمن القومي عن النظام ورئيسه، فلنا أن نتساءل إذن ما هذا الدفع الإعلامي والسياسي نحو دعم حفتر ودق طبول الحرب مع تركيا وهذه المظاهرة للقوة التي قامت بها القوات البحرية منذ يومين في البحر المتوسط هل هي كما يقول السيسي وإعلامه؟ ام إن هناك هدفا آخر؟

فقد تعودنا من أنظمتنا ألا يسمح بتداول المعلومات واعتبار كل القرارات سرية وأمنا قوميا وألا نعرف ما وراء القرارات إلا بعدها بسنوات واتفاقيه أمس الأول بين الكيان الصهيوني واليونان وقبرص خير دليل

أخشى ما أخشاه أنه في ظل هذه الاتفاقية -وتركيا تقف حجر عثرة أمام تنفيذه- الا يكون تورطنا في ليبيا بدعم حفتر، أن نكون بديلا للكيان الصهيوني في معركته على الغاز وثروات البحر المتوسط ضد تركيا

أخيرا

إن غياب المشروع العربي وغياب مصر كقوة إقليمية كان من نتيجته كل ما تتعرض له ولذا فإن على المصريين أن ينتبهوا إلى أن إعادة ترتيب أوراق المنطقة يجب أن يبدأ من مصر؛ فتحرير الأمة يبدأ من تحرير القاهرة، وتأسيس المشروع المصري العربي يبدأ من القاهرة..

إن خلاص مصر من نظام السيسي هو بداية إعادة الأوضاع الى طبيعتها وإعادة المفاهيم إلى مدلولها الطبيعي.. فكفانا جريا وراء شعارات زائفة ربما لا يستفيد منها سوى الديكتاتور وصديقه نتنياهو.. قليل من العقل يا سادة.

المصدر