كوتة للمرأة أم مزيد من الاستبداد السياسي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
كوتة للمرأة أم مزيد من الاستبداد السياسي

تقدمت الحكومة في الأسبوع الأخير لدورة مجلس الشعب بمشروع تعديل للقانون 38 لسنة 1972- الخاص بمجلس الشعب- وهو التعديل الذي عرف بقانون كوتة المرأة والذي يهدف لتخصيص 64 مقعد للمرأة بمجلس الشعب, وبالطبع احتشدت الأغلبية الميكانيكية للحزب الوطني بما يكفي لتمرير القانون بينما رفضته كافة القوى السياسية الموجودة في البرلمان (الإخوان المسلمون ، المستقلون ، الوفد ، التجمع ، الحزب الدستوري).

فهل جاء هذا القانون فعلاً من أجل توسيع المشاركة السياسية للمرأة المصرية ؟ وهل يتصور-أصلا- أن يسعى الحزب الوطني لذلك ؟! وكيف تعترض المعارضة المصرية (بالإجماع) على توسيع المشاركة السياسية للمرأة ؟ وهل يحقق هذا القانون أية فائدة للمرأة المصرية أو للممارسة السياسية أو للتجربة الديمقراطية في مصر أم أنه فقط يحقق مصالح للحزب الوطني ولمجموعة مخصوصة من النساء (مجموعة المجلس القومي للمرأة ولجنة السياسات إياها )؟.


أولاً:- ما السبب وراء ظاهرة العزوف الشعبي(رجالاً ونساءً) عن المشاركة السياسية في مصر ؟

معلوم أن المشاركة السياسية تعنى المتابعة والاهتمام بالشأن العام ثم الحرص على المشاركة بالتصويت في الانتخابات والاستفتاءات العامة ثم التقدم للترشيح لتحمل المسؤوليات في المواقع المختلفة ومن ضمنها المجالس التشريعية, ومعلوم كذلك أن نسبة المشاركة السياسية بالتصويت في الانتخابات المصرية- من خلال الأرقام الحقيقية للمراقبين- هي من أدنى نسب التصويت في الدول (كانت نسبة المشاركة في محليات 2008 3بين 3و5%، شورى 2007 بين 8 و 11%، شعب 2005بين 18 و 22%.... قارن مثلاً بنسب 75-85 %في الانتخابات اللبنانية والإيرانية الأخيرة ) ومعلوم كذلك أن سبب هذا العزوف يرجع أولاً إلى عدم ثقة الناخبين في نزاهة وشفافية العملية الانتخابية – وخاصة بعد التخلص من الإشراف القضائي – ومعلوم كذلك أن تراكم مشاهد منع الناخبين من الوصول إلى اللجان الانتخابية والتحرش بهم والاعتقالات الكثيفة التي تصاحب وتسبق الانتخابات المصرية ومنع المرشحين من تقديم أوراق ترشيحهم فضلاً عن فرص اللقاء الحر بين المرشحين والناخبين وانعدام الحيدة لدى الأجهزة الإعلامية ..... كل هذه الممارسات وتراكمها أدت إلى عزوف الناس ( رجالاً ونساءً ) عن المشاركة السياسية بكافة أشكالها ( تصويتاً وترشيحاً ) .


ثانياً :- هل الحزب الوطني جاد في الرغبة لتوسيع المشاركة السياسية للمرأة المصرية ؟؟

أقول :

1- وهل منع أحد الحزب الوطني من الترشيح والدعم والدفع بالمرأة لمقاعد البرلمان الـ 444 التي ترشح عليها طوال العقود الثلاثين الماضية ( الحقيقة أن السيدات الأربعة اللاتي وصلن للبرلمان الحالي عن طريق الانتخابات تقدموا كمستقلين ثم انضموا للحزب بعد نجاحهن باستثناء السيدة د / آمال عثمان والتي تمثل النظام أكثر مما تمثل المرأة المصرية ).

2- كم عدد النائبات اللاتي قدمهن الحزب الوطني في انتخابات شورى 2007 ؟ في الوقت الذي حصد فيه الحزب الوطني كل المقاعد .

3- كم عدد المرشحات اللاتي قدمهن الحزب الوطني للترشح على قوائمه لمقاعد محليات 2008 ( علماً بأن عدد المقاعد كان 52 ألف مقعداً حصد منها الحزب الوطني لنفسه على أكثر من51 ألف مقعد)؟.

4- أليس الحزب الوطني بممارساته القمعية الإرهابية هو السبب في إحجام العشرات من السيدات الفضليات أن يفكرن في خوض مضمار الإنتخابات, ولا زلنا نذكر ما حدث لجيهان الحلفاوي مرشحة الإخوان المسلمين بالإسكندرية في انتخابات 2005 والتي اعتقلوا جميع أنصارها ومساعديها في حملتها الانتخابية ثم اعتقلوا زوجها ليجبروها على الانسحاب من الانتخابات فصمدت, فلما أجريت الانتخابات وتبين اكتساحها لها ثم إلغاء نتيجة الانتخابات ثم تجمدت الانتخابات في هذه الدائرة لمدة ثلاث سنوات ولحين التخلص من الإشراف القضائي ؟؟؟,وما حدث كذلك للأستاذ الجامعية د / مكارم الديري في دائرة مدينة نصروالذي يعرفه كل من تابع نتيجة فرز صناديق الاقتراع يومها ؟؟ وما حدث للعشرات من الأخوات اللاتي ترشحن في محليات 2008 فمنعن من تقديم أوراق الترشيح رغم صدور أحكام قضائية بإلزام الجهات الإدارية بتسليم أوراقهن .

5- حين تستدعي الذاكرة مشاهد اعتداء رموز الحزب والنظام على الصحفيات أمام نقابة الصحفيين – والتحرش بهن - لمجرد وقفة احتجاجية يوم 25/5/2005 ومشاهد محاصرة قوات الأمن للجان النساء في انتخابات 2000 /2005 وصور المرأة المصرية وهي تصعد السلالم الخشبية وتثقب الجدران من أجل الوصول إلى اللجان الانتخابية تكون الإجابة قاطعة وواضحة أن الحزب الوطني لا يمكن أن يسعى لتوسيع المشاركة السياسية للمرأة المصرية – ولا حتى تحت الضغوط والمطالب الأجنبية .


ثالثاً :- هل توسيع المشاركة السياسية مقصود به عموم المرأة المصرية أم نساء مخصوصات ؟؟

يتضح مما سبق ومن طريقة تخصيص الدوائر الـ32 لتشمل الدائرة الانتخابية التي ستخوض المرأة الانتخابات عليها محافظة بأكملها (بما يعادل عشر دوائر انتخابية عادية أو أكثر ), مما لا قدرة معه لامرأة – بل ولا لرجل – على تحقيق تواصل مع الجماهير في هذا النطاق الواسع ,أن هذا تعجيز لعموم المرأة المصرية ( طبعا باستثناء النساء اللاتي صنعت هذه المقاعد لأجلهن وهن المحسوبات على المجلس القومي للمرأة ، و المنتميات لسياسات الحزب الوطني الديمقراطي ) .

الأمر الذي يعني أن هذه المقاعد الـ 64 ستكون مقاعد إضافية خالصة للحزب الوطني مما يتيح توسيع دائرة الاحتكار والانفراد بالساحة السياسية مع تجميل صورة النظام أمام العالم, فها هي المرأة المصرية تصل للبرلمان بهذا العدد الضخم من خلال الانتخابات وليس التعيين .


رابعاً :- هل يتصور سعي الحزب الوطني لتوسيع المشاركة السياسية –أصلا-؟؟

الحقيقة أنه لا يتصور دعم الحزب الوطني لتوسيع المشاركة السياسية الحقيقية أصلاً -لا للرجال ولا لنساء- بدليل أن المادة 62 من الدستور التي استند إليها الحزب الوطني في قضية الكوتة للمرأة تحدثت أيضاً عن دعم الحياة الحزبية وتوسيع المشاركة الحزبية مما كان يقتضي الاتجاه للإنتخابات بالقائمة النسبية, وكان يمكن أن يفرض على الأحزاب تخصيص نسبة للمرأة من القوائم دون إضافة مقاعد للبرلمان – لكن لأن هذا الاتجاه يخالف رغبات ومصالح نواب الحزب الوطني فتم انتقاء الفقرة الأخيرة من المادة 62 الخاصة بالمرأة وتركت الأحزاب على هذا الوضع البائس مع أنها أولى بتشريعات لحماية وتوسيع التعددية الحزبية .(بالمناسبة عدد النواب المنتمين لكافة الأحزاب السياسية في البرلمان من غير الحزب الوطني عشرة أعضاء وهو نفس عدد مقاعد المرأة الحالية في البرلمان والتي يتباكى أصحاب القانون على أنه تمثيل غير لائق للمرأة -وهي كلمة حق ولكن للأسف يراد بها باطل-!)

هل المعارضة والإخوان – بصفة خاصة – ضد توسيع المشاركة السياسية للمرأة ؟؟ خامساً الحقيقة أن جميع القوى السياسية أكدت أنها مع مبدأ توسيع المشاركة السياسية للمرأة ولكن الجميع رفض المشروع المطروح لتخصيص 64 مقعد بهذا الشكل الذي لا يفعل الحياة السياسية بقدر ما يحقق مزيد من الاحتكار والاستبداد السياسي, وأكد الجميع أن الوصول لمشاركة سياسية أوسع يحتاج إلى حزمة إجراءات وآليات منها :-إطلاق الحريات العامة -إنهاء حالة الطوارئ-إطلاق حرية تكوين أحزاب ورفع القيود التي قتلت الحياة الحزبية-وقبل كل هذا ضمانات نزاهة وشفافية العملية الانتخابية بما يشجع الجميع على المشاركة السياسية . لا أظن أني في حاجة للتأكيد على تأييد ودعم الإخوان لتوسيع المشاركة السياسية للمرأة –من حيث المبدأ- ولن أذكر بمشاركة أم سلمة في قرارات الحديبية ولا بموقف عائشة في موقعة الجمل –رضي الله عنهن- فالحضور النسائي للإخوان في الانتخابات والمؤتمرات والفاعليات السياسية قاطع الدلالة فضلا عن نموذج وتجربة مشاركة نساء الحركة الإسلامية في مختلف الأقطار( حماس في فلسطين المحتلة).


سادسا:- لماذا تضاف هذه المقاعد الـ 64 إلى مقاعد البرلمان ولا تخصص من بين المقاعد ال 454 ؟ومن يتحمل تكلفة هذه المقاعد الإضافية ؟

الحقيقة أنه كما أسلفت كان يمكن أن يطلب من الأحزاب ( وتحديداً من الحزب الوطني ) تخصيص نسبة من المرشحين لتحقيق هدف توسيع مشاركة المرأة ..... لكن لأن هذا يتصادم مع مصالح النواب الحاليين ويستثيرهم ضد الحكومة فكان الاتجاه الأسهل هو إضافة هذه المقاعد علماً بأن:

1-تكلفة هذه المقاعد الـ64 ( بما يعادل 15% من قوة المجلس الحالي ) هي تكلفة ضخمة جداً – مليارية – وبالأرقام هي تكفي لدعم عشرة آلاف امرأة معيلة ( لا تجد ما تطعم به أولادها ), فأيهما أولى 64 مقعدا لنساء مخصوصات أم ضمان اجتماعي لعشرة آلاف امرأة معيلة لأسرة؟؟؟.

2- مقاعد المجلس الحالي لا تتسع سوى لـ 350 نائب مما يسبب مشكلة أفسدت ضبط نتائج التصويت من خلال التصويت الإليكتروني ولا يجد النواب مكاناً للقعود لا في القاعة ولا في اللجان... لكن القوم يعتمدون على تزويغ النواب من الحضور ويرتضون التصويت بطريقة موافقون موافقون.

مرة ثانية: أؤكد أن الخلاف لم يكن حول مبدأ توسيع المشاركة السياسية للمرأة ولكنه كان بسبب الاستهبال والاستغفال الذي يمارسه الحزب الوطني لتحقيق المزيد من الإحتكار السياسي والإستبداد وضمان استمراره كلاعب وحيد في الملعب .


المصدر : نافذة مصر