في ذكرى ثورة يناير.. ارفع رأسك فوق انت مصري

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
في ذكرى ثورة يناير.. ارفع رأسك فوق انت مصري


الفقيه1.jpg

( 29 يناير 2018)


بقلم: إحسان الفقيه

عبارة لطالما طَرِبتْ لها الآذان، عندما تُوّجت تضحيات الشباب المصري بسقوط النظام المستبد، وانبعثت الآمال من تحت الركام، آمال المصريين، وآمال الأمة بأسرها، خاصة لمن يُدرك قيمة أرض الكنانة وتأثيرها.


ها هي الذكرى السنوية السابعة لثورة يناير قد أقبلت، لكن العين لم تُبصر بين الأشقاء في مصر أي لون من ألوان البهجة والفرحة، فكأن القوم في حدادٍ يتَّشِحون بالسواد، وكأنهم أقاموا سُرادق العزاء لتلك الثورة بدلا من الاحتفاء بذكراها، يبكون ضياعها وسط غمز ولمز الساخرين. بأي ذكرى يفرحون، وقد سقطت دولتهم في قبضة الفرد، فلا صوت يعلو فوق صوته، ولا رأي يصدُر بعد رأيه، يسوق الشعب بعصاه، والويل لمن يتأوه ألمًا، والملأ من حوله إمّا زبانية يبطشون، أو سحرة يُسبحون بحمده، أو شذّاذ آفاق يرون فيه النجم الساطع الذي أضاء سماء مصر، يدعمهم محترفو الاقتباس «وعلامات وبالنجم هم يهتدون».

في ذكرى الثورة كانت سكْرة البكاء على ليلى، كلٌ يبكي على ليلاه، فبطنٌ خاوٍ، وأمٌّ ثكلى، ومغدورٌ مُسجّى، ومظلوم خلف القضبان، وفمٌ مُكمَّم، وقلمٌ مكسور، وعذراء اختفت قسرًا، وكسرة خبز مغموسة بالمذلة، وثروات المصريين تُبدّد أمام أعينهم فيزيدهم قهرًا. في غمرة هذه الأحزان التي يجْترُّها أصحابها، حانت لحظة تُنذر بولادة أمل، لكنهم سرعان ما كبّروا عليه أربعا.

أَفقْتُ اليوم على خبر آخر أتى في سياق الأحداث المأساوية المتلاحقة على أرض الكنانة، وهو محاولة اغتيال المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق، ونائب الفريق سامي عنان في حملته الانتخابية. جنينة من المعروف أنه من أكثر الرموز نزاهة ووطنية، وحُوكم على طريقة قوم لوط «أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون»، فجريمته كشف الفساد المالي الذي دمّر الاقتصاد المصري. لقد بلغ السيلُ الزُّبى، وبلغ السكين العظم، وتعجز الكلمات عن توصيف الواقع المؤلم في مصر، ووالله لم يعد الحديث عن الحل سهلًا. فهل يُعوّل المصريون على ثورة أخرى وقد سقطت كل مؤسسات الدولة الصلبة في يد النظام، وفرقاء الثورة قد فرَّقتْهم مذاهب القول؟ أم يُعوّل المصريون على تعديل النظام مساره؟ فكيف والأمور من سيئ إلى أسوأ، وأحلام الغد لم تعد مشروعة، وما من بادرة خير تظهر في الأفق؟ ورغم ضبابية الموقف، إلا أنه في جميع الأحوال ووفق كل السيناريوهات المتوقعة لما ستؤول إليه الأوضاع في مصر، هناك مسؤولية وطنية لا غنى عن الاضطلاع بها، وهي عودة اجتماع القوى المعارضة على مشتركات ثورة 25 يناير، وهذا يتطلب قدرًا من المرونة، والنظر إلى مدى واقعية الغايات.

وأقولها رغم عِلمي المُسبق بأنها ستثير حَنَق بعض الأصدقاء، التمسُّك بعودة الرئيس محمد مرسي – فك الله أسره- واستئناف البناء على فترة ما قبل الانقلاب، أصبح كلاما نظريا غير قابل للتطبيق على أرض الواقع، ومع ذلك فالعمل وفق هذه الغاية كُلْفَتُهُ عالية، وفي سبيله دفع الشباب المصري في الميادين ثمنا باهظا من أجل تحصيله. لذا لا مناص من إعادة صياغة رؤية المعارضة، والتقريب بين فصائلها على مشروع وطني جامع، يُسهِّل العمل من أجل إنقاذ مصر.

أهل السطحية كالعادة سوف يستنكرون كتابتي على هذا النحو في الشأن المصري الداخلي، وأما من يعرف أهمية مصر وانعكاس مسيرتها على الأمة بأسرها، سيدرك أن الاهتمام بكتابة بعض الكلمات عن أزماتها ليس بالشيء الكثير..

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

المصدر