فيتوريو إبن فلسطين, فلترحلوا يا إرهابيين

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
فيتوريو إبن فلسطين, فلترحلوا يا إرهابيين
علم فلسطين.jpg

بقلم : خالد أبو شرخ

تتعدد الاسماء والمسميات, وتتعدد الذرائع والمبررات, وتتعدد الشرائع والعقائد, وتتعدد الشعارات والرايات, ولكن يبقى الارهاب هو الأرهاب, لاتفرقة به, ولا هوية أخرى له, والقتل هو القتل, لاتمييز به, ولا تبرير له, والمجرم هو نفس المجرم, والضحية هي نفس الضحية , فالقاتل أيا كانت جنسيته وأفكاره وتوجهاته, خرج من مفرخة رفض الاخر, وإضطهاده وإمتهان كرامته, ونفي حقه المقدس في الحياة, والضحية أيا كانت هويتها, خرجت من رحم المعاناة, لتحمل قيم السلام الحرية والعدالة والمساواة وتآخي الإنسان مع أخيه الإنسان, ولتدفع ثمن هذه القيم.

أيا كانت هوية قتلة المتضامن الأممي فيتوريو اريغوني وأيا كانت معتقداتهم الفكرية والعقائدية ومهما كانت دوافعهم وغاياتهم, إلا أنهم لم يخرجوا إلا من نفس المفرخة التي انتجت سائق بلدوزر الإحتلال الإسرائيلي الذي داس المتضامنه الاممية راشيل كوري ( يهودية الأصل) وأزهق روحها أثناء تصديها لسياسة هدم بيوت الفلسطينين من قبل الإحتلال الإسرائيلي في مدينة رفح.

والأيادي التي لفت حبل المشنقة حول رقبة فيتوريو أريغوني هي نفس الأيادي التي أطلقت رصاصات الغدر على الكونت برنادوت, وجوليانو خميس, وناجي العلي, وشهداء أسطول الحرية بل ومن قبلهم وبعدهم مئات القوافل من الشهداء الذين خضبوا أرض فلسطين , والتي لم تعرف ومنذ انعقاد مؤتمر بازل (المؤتمر الصهيوني الاول) إلا لغة الحروب والإرهاب والعنصرية والفاشية والاحتلال وأصبحت المثال الساطع لظلم الإنسان لأخيه الإنسان.

كُثُر الباكين والمتباكين على شهيد الإنسانية فيتوريو أريغوني فمنهم من بكاه بحق ومنهم من جعل من دموعه موازيناً جديدة تضيف له رصيداً في ميزان الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أو في ميزان الإنقسام الفلسطيني الفلسطيني, فيتوريو الذي كان يكرر دائما " كن إنسانا " بكاه من أراد أن يكون إنسانا, وذرف دموع التماسيح عليه, من تقنع بالإنسانية لتمرير سياسات الإحتلال وبرامج الإنقسام

باستشهاد فيتوريو تباكى أصدقاء إسرائيل وأنصارها ومحبيها وعاشقي سياستها العدوانية, ووجدوا ضالتهم في توجيه سهام حقدهم على الشعب الفلسطيني وتشويه صورة نضاله العادل من أجل حريته واستقلاله, ووجدوا ذريعة جديدة لتبرير الحصار الظالم على القطاع, وأي عدوان جديد سواءاً على غزة أو على قوافل المتضامنين معها, وتقديم قطاع غزة للعالم على أنه مفرخة للإرهاب والجماعات المتطرفة وجزءاً مع معسكر الشر والإرهاب العالمي, ويستحق أكثر من حصار وأكثر من عدوان, وان قوافل المتضامنين معها, إما مضَلَله أو متواطئة مع بؤرة من بؤر الإرهاب في العالم.

باستشهاد فيتوريو تباكى أمراء الإنقسام الفلسطيني,ولم يرُ في إستشهاده سوى حادثة تقدم لهم التبرير الكافي لتشديد قبضتهم الامنية وسياسة الإستعلاء والتسلط على قطاع غزة, والاستمرار بنهج نفي الاخر وتكفيره وتخوينه, ورفض أي مبادرة للمصالحة الوطنية, وإعادة اللحمة إلى أبناء الشعب الواحد والقضية الواحدة, متجاهلين أن ثقافة التكفير والتخوين, واستخدام لغة العنف بدلا من لغة الحوار في حل الخلافات الداخلية, وسياسة رفض الآخر جملة وتفصيلا, والتحريض عليه بفتاوي دينية, وتسيس منابر المساجد وحلقات الوعظ الديني, وتكريس الإنقسام الفلسطيني وعرقلة قطار المصالحة والوحدة, علاوة على ممارسات الاحتلال, هي من خلق المناخ المناسب والبيئة الصالحة لنمو جماعات التطرف والعنف والإنغلاق الفكري في المجتمع الفلسطيني.

سواء بكينا على فيتوريو أم تباكينا عليه تبقى الأسئلة الذي لابد من الاجابه عليها, لماذا فيتوريو في غزة؟.....

ما الذي يفعله هناك؟.....

هل هو في رحلة إستجمام؟.....

ومن هو المستفيد من قتله؟....

من صاحب المصلحة في إسكاته إلى الأبد؟

لم يأت فيتوريو إلى غزة للسياحة أو الإستجمام أو الراحة, لقد أتى غزة وأقام بها متضامنا مع شعبها, أقام بها ليعيش همومها وأحزانها, أقام مع أهلها ليشاركهم معاناتهم وصمودهم, أتى نصيرا لأهداف الشعب الفلسطيني في التحرر والإستقلال, أتى مشاركا الشعب الفلسطيني نضاله العادل والمشروع, فاستنشق الغاز المسيل للدموع في مسيرات بلعين ضد جدار الضم العنصري, وإخترق حصار غزة , , ليغرز العلم الفلسطيني في الحزام الأمني في وجه جنود الإحتلال وتحت زخات رصاصهم, وليبحر مع صيادي غزة متضامنا معهم ضد ممارسات البحرية الإسرائيلية تجاههم, وقضى أيام الحرب الأخيرة على غزة شاهدا على جرائم الجيش الإسرائيلي, مسجلا شهاداته لصحيفة مينافستو الإيطالية اليسارية, فهو لم يكن مجرد متضامن عادي,

بل كان شاهدا على العصر لجرائم إسرائيل, كان ذلك المتضامن الاممي الذي لا يكون إلا حيث يوجد الظلم ليقف إلى جوار المظلوم, لم تثقل كاهله الحياة القاسية في غزة, ولا المعاناة من معاملة جنود الإحتلال على المعابر والحواجز التي تمزق أشلاء الوطن الواحد, ولا الخوف من قصف طائرات الإحتلال اليومي لأحياء غزة السكنية, بل أثقل كاهله وفاؤه لتراث أجداده الذين كانوا من الانصار الذين قاوموا الفاشية الإيطالية والنازية الألمانية, فقد عاش واستشهد يحمل هذا الإرث العظيم وفيا ومخلصا له, من عرفه من سكان غزة يؤكدون انه كان دائما مرحا وفرحا وفخورا بما يقوم به, معتزا بنسبه المناضل, كان دائم التكرار لكلماته التي ارتبطت به واصبحت علامته المميزه " كن إنساناً ".

بكلمتان فقط إختزل فيتوريو سيرة حياته وتراث أجداده وأسباب إستشهاده في سيرة فيتوريو نجد الإجابة على تساؤلاتنا السابقة, ففي سيرته نجد الإجابة على من يريد إسكات شاهدا على عصر جرائم الإحتلال, نجد الإجابة على من لا يريد وجود فيتوريو وأمثاله في فلسطين.

فلو لم يكن هناك إحتلال لم تسقط راشيل كوري شهيدة في رفح فلو لم يكن هناك إحتلال لم يعد فيتوريو أريغوني لأهله جثة هامدة فلو لم يكن هناك إحتلال لم نفقد مبدعا مثل جوليانو خميس الإحتلال هو مفرخة الإنغلاق الفكري والتطرف والعنف والإرهاب في كلا الشعبين.

بالدموع والشموع ودعت غزة جثمان الشهيد فيتوريو أريغوني, ولم يعكر صفو قدسية لحظات وداعه سوى أزيز طائرات الإحتلال تجوب سماء غزة باحثة عن فريسة تصطادها لإشباع غريزة القتل عند هيئة أركان جيشها, ولم يكن رد المودعين سوى صيحات قلوبهم " فيتوريو إبن فلسطين فلترحلوا عنا يا إرهابيين


المصدر