عصام العريان.. على طريق أردوغان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
عصام العريان ... على طريق أردوغان
12-05-2005

أوجه شبه كثيرة تتجمع بين القيادي الإخواني عصام العريان ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان؛ فكلاهما انتميا مبكرًا للتيار الإسلامي، ويعتبران من قياداتها الشابة، وقد كلَّفهما هذا الانتماء مكابدة مع الكبار، سواء الأنظمة المستحكمة في البلاد أم داخل التنظيمات نفسها، لكنَّ النصرَ في النهاية كان حليفهما.

العريان من الجيل الذي أسس الحركة الإسلامية في الجامعات مطلع السبعينيات، أيام كانت القيادات الإخوانية التاريخية مصفدة في السجون، وبعد الإفراج عن تلك القيادات، ساهم في دمج التيار المعتدل من الحركة الإسلامية في الجامعات ضمن أُطر التنظيم الإخواني، فيما تبلور التيار المتشدد ضمن إطاري الجماعة الإسلامية والجهاد.

هنا يمكن ملاحظة الفرق بين خريجي كلية الطب من نفس الجيل عصام العريان وأيمن الظواهري، فمكابدة السلطات سجنًا وعسفًا كرَّست منهج الاعتدال عند العريان، بخلاف الظواهري، الذي آمن بالعنف سبيلاً وحيدًا للمواجهة، مع أنَّ سنوات الاعتقال التي قضاها العريان كانت أطول مما قضى الظواهري.

بيد أنَّ مساحة الحركة التي أفسحها النظام التركي لأردوغان كانت أوسع، بما لا يُقاس مع العريان، فقد أُتيح للاعب كرة القدم أن يصل إلى رئاسة بلدية أسطنبول، وفي تلك البلدية، التي تُعادل بلدًا مثل الأردن سكانًا وإمكانات، برزت مواهب القائد الجديد، نزاهةً واستقامةً وجدًّا وعملاً، فلم يشبع الناس شعارات، بل حسَّن حياةَ كل فرد في المدينة، بيئةً ونظافةً ومشاريع، والأهم أنه أثبت لهم أن ثمة سياسيَّا تركيًا لم يصب بداء الفساد.

في ذروة حضوره الجماهيري، تحدى أردوغان النظام العلماني في خطابه الشهير في مدينة سرت، عندما قال: "قباب المساجد خوذنا والمآذن رماحنا"، لأجل هذه الكلمات لبث في السجن بضع سنين، من عرش إسطنبول إلى قاع السجن، وفي ظلمة السجن، انفتحت آفاق للعمل، قادته إلى الخروج على أستاذه نجم الدين أربكان، وبعد خروجه تمكَّن من هزيمة الكبار، شيوخه والنخب العلمانية والعسكر معًا.

رجب طيب أردوغان

حقق حزب التقدم والعدالة في ثلاثة انتخابات أرقامًا لم تتحقق لحزب في تاريخ تركيا، لم يكن ذلك بسبب نظافته واستقامته وأدائه الخدمي فقط، بل لمواقفه السياسية أيضًا، إذ تمكَّن، بذكاء، من تخليص بلاده، وهي الحليفة التاريخية لأمريكا، من وِزر الحرب على العراق، وكان لمواقفه من الحرب دور في فوزه، وقد قدر لي أن أشهد عودته رئيسًا للوزراء في الانتخابات الفرعية في مدينة سرت، وهي المدينة التي أدخلته السجن من قبل، واليوم يوصف أردوغان بأنه فاتح أوروبا، عقب نجاحه في مفاوضات الانضمام للاتحاد الأوروبي وهو ما يؤهله لفوز مقبل، يمكنه من ترؤس الجمهورية.

مساحات الحركة المتاحة في تركيا غير المتاحة في مصر، فالقيادي الطلابي والنقابي، والنائب عصام العريان لا يُسمح له أن يكون رئيس وزراء، لكن في السجن متسع له، وأيًّا كان، فالسجن خير له، فعندما سأله صحفي عمَّا فعله في السجن خلال الخمس سنوات، قال إنه قرأ روايات شكسبير باللغة الإنجليزية، ولا يعرف إن كان سجنه الأخير سيمتد خمس سنين كالسابقة، أم مجرد أيام لتليين مواقفه المساندة للتظاهرات، وفي هذه الحالة لن تتاح له قراءة روايات أخرى.

من الواضح أن المنطقة تمر بتغيرات زلزالية، أبرز ملامحها وصول المنفيين والمعتقلين والمطاردين إلى مواقع المسئولية، وبالمناسبة، فإنَّ الإصلاح ليس صنيعة أمريكية، فتضحيات أردوغان والعريان هي التي جعلته ممكنًا، ومع أنهما ليسا ملاكين، ولهما أخطاء، إلا أنهما يقدمان نماذج لتجارب إسلامية ناجحة، أو على الأقل في طريقها إلى النجاح.

المصدر