عائلات الشهداء تطالب بالقصاص من مجرمي الداخلية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
عائلات الشهداء تطالب بالقصاص من مجرمي الداخلية
2/16/2011

الإسكندرية- محمد مدني:

صور الشهداء تزين ميدان التحرير

طالبت عائلات شهداء الثورة في محافظة الإسكندرية بالقصاص من المجرمين الذين تورطوا في قتل أبنائهم، مؤكدين أهمية محاكمة المسئولين على رأسهم وزير الداخلية السابق حبيب العادلي وتعقب الجناة؛ ثأرًا لدم الشهداء.

جاء ذلك في جلسة الاستماع التي عقدها مركز الشهاب لحقوق الإنسان، أمس، لأسر الشهداء وأهاليهم في محافظة الإسكندرية الذين راحوا ضحية ضباط الشرطة يوم 28 من شهر يناير، والمعروف باسم "جمعة الغضب".

والد أميرة الفلة التي لم تتجاوز الثانية عشرة من عمرها حكى قصة ابنته، والتي كانت تتابع تفاصيل ما يحدث من شرفة منزلها، أثناء قيام وائل الكومي وإبراهيم النجار ضابطي مباحث قسم الرمل ثان وآخرين بإطلاق الرصاص على المتظاهرين في الشارع، عندما حاولوا اقتحام مقر القسم، لتسقط على الأرض صريعة من رصاصات وائل الكومي، وهي واقفة في شرفة منزلها.

وقال والد أميرة: الذين يتحدثون عن تعويضات لأسر الشهداء أريد من أحدهم أن يجيبني؛ هل من الممكن أن أقتل ابنك أو ابنتك وأعوضك عنه بملايين الجنيهات؟!

وطالب النائب العام أن ينزل إلى الإسكندرية، ويجمع الأدلة بنفسه على هذه الأحداث، مشيرًا إلى أنه نزل الإسكندرية ليعرف أسباب انهيار مصنع محرم بك؛ بسبب وجود ضحايا، وإذا كان عدد القتلى في الإسكندرية العشرات؛ فهل هؤلاء لا يستحقون التحقيق للحصول على حقهم؟!

وأضاف زوج أخت الشهيد مصطفى عمر- والذي كان من المقرر أن يتزوج الخميس الماضي- أن الشهيد كان يقف في الورشة أمام المظاهرات قبل أن يلقى رصاصة لا يعرف من أين أتت وأودت بحياته، يكتشف بعد ذلك عن طريق الشهود العيان أنه وائل الكومي أيضًا.

وقال: الكومي كان يتعامل مع الجميع في منطقة الرمل بالرشاوى والفلوس التي تُقدر بحوالي عشرة آلاف جنيه شهريًّا، يحصل عليها من أهل المنطقة، سواء تجار مخدرات أو المحال، وإلا ألقى القبض عليهم ولفق لهم تهمًا.

الوضع كان مختلفًا تمامًا في حالة الشهيد أحمد عبد اللطيف الذي أشار والده إلى أن ابنه كان عائدًا من العمل، وقال: لسنا من المشاركين في المظاهرات ولا غيره، ابني كان يشاهد من بعيد، فوجد أناسًا على الأرض ميتين، ذهب لينقذهم، فكان نصيبه- وفقًا لما جاء في تقرير الطبيب الشرعي- ثلاث رصاصات اثنين في الصدر وواحدة في العنق.

وأضاف: أنا حضرت مظاهرات عام 77 أيام السادات؛ لكن لم نضرب بالنار، فقط كان الرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيلة للدموع؛ لكن ليس رصاصًا حيًّا ولا همجية بهذا الشكل الذي راح ضحيته أولادنا.

وتعهَّد أهالي منطقة الرمل- التي لقي أكثر من 38 شابًّا فيها مصرعهم برصاص وائل الكومي والقوى المعاونة له- بتعقب وائل الكومي، وعدم السماح للداخلية بإعادة فتح القسم قبل أن يتسلموا منهم الكومي حيًّا أو ميتًا- على حد تعبيرهم- أو أن تقوم الشرطة بمحاكمته في ميدان عام.

المأساة تكمن في والدة أحمد فوزي حداد الذي مات والده منذ أن كان عمره ثلاث سنوات، وهو الولد الوحيد لها، لا تعرف كيف تتحرك، وكان هو سندها في الدنيا قبل أن يخرج إلى الشارع؛ ليشاهد التظاهرات فيعود إليها صريعًا برصاصة في المخ، أدت إلى كسر الجمجمة وانفجار في المخ- على حد وصف التقرير الطبي- حتى إن الأم المسكينة لا تعرف كيف تخرج، ولم تخرج من بيتها إلا هذا اليوم فقط، لتروي قصة ابنها، ولم تتقدم ببلاغات حتى الآن؛ لأنها لا تعرف كيف تتقدم!.

وقال والد الضحية حسام فتحي (الذي يعمل مدرسًا): إذا كان بعض أولياء الأمور قالوا شبابنا ما كانش في مظاهرة، فأنا أقول إنني وابني كنا في المظاهرات؛ ليحتج على كل ما نعانيه من كبت وإذلال، حتى إن الفول كاد يهري أجسادنا من الفقر.

وأضاف: ودعت ابني قبل أن يخرج من المظاهرة، وخرجنا معًا، وقلت له واحد منا يظل في البيت، وخرج الجميع حتى ولديَّ الأصغرين دون علمي؛ لكنه لم يعد إلا قتيلاً، فقد مات برصاص الغدر، والقتل كان مقصودًا؛ لأنه لم يمت من الرصاصة الأولى، واختبأ في إحدى الورش الموجودة بالمنطقة، فجرى الضابط خلفه، وأطلق عليه الرصاص في الورشة مرة أخرى، وقتله فيها وضربه ومجموعة من المخبرين بأرجلهم حتى تمزق الكبد والكلى والطحال، ومستشفى فيكتوريا رفض استلامه أو إنقاذ حياته، وتركوه في الشوارع، ثم ذهب إلى مستشفى شرق المدينة؛ لتثبت وفاته بثلاث طلقات في الرقبة والجانب الأيسر والأيمن من الصدر.

ووصف هذه الجريمة بأنها قتل عمد مع سبق الإصرار، وقال: سنقاتل ضباط الشرطة، ومن كان لديه حس منهم، فعليه أن يقدِّم استقالته كي لا يشارك في هذه المهمة من قتل وتعذيب المواطنين، وأقول للوزير الحالي: لدينا ضباط جيش معاش مبكر، ولدينا خريجو كليات حقوق يمكن تعيين مدنيين في الأقسام للإشراف عليها، وأن يكون وزير الداخلية أيضًا بحس مدني يعرف حقوق الإنسان، ويعرف كيف يحافظ على أرواح المواطنين، بالإضافة إلى محاكمة المسئول والمتسبب عن كل هذه الوفيات والأعمال، وهو الرئيس السابق حسني مبارك ومعاونه الأول حبيب العادلي ثم الذين قاموا بالتنفيذ.

وقال والد محمد رمضان أحمد عبده (ضابط بحري بالمعاش): ابني عمره 16 عامًا، خرج من صلاة الجمعة في اتجاه نادي أبو قير ومعه صديقه كريم الذي تُوفي معه أيضًا، ولم أعرف ابني إلا من ملابسه؛ بسبب ملامح الجثث وكثرتها في المشرحة والتي كانت ملقاة على الأرض وليست في الثلاجات.

وفي مستشفى التأمين الصحي؛ حيث وجد جثته، قال له أحد الأطباء: "ابنك مضروب برصاص محرم دولي بيفجر المخ"، وأضاف: ابني حاول أن ينقذ صديقه اللي ضُرب برصاصة في بطنه، فحصل هو على رصاصة في رأسه، وكان يشعر أنه سيموت، وقال لأخته قبل أن يموت: لو مت ادفنوني مع جدي، وترك هاتفه المحمول في البيت، وودع أصدقاءه قبل أن يذهب إلى المظاهرات.وأكد والد محمد عثمان عبد ربه (الذي مات ابنه في منطقة الهانوفيل أمام مساكن طلعت مصطفى) أن ابنه مات برصاص محرم دولي، انفجر داخل رأسه، وفقًا لما جاء في تقرير الطبيب الشرعي.

وقال والد الضحية: خدمت في الجيش، وشاركت في حرب أكتوبر، والرصاصة التي ضُرب بها ابني تُسمى "دمدم"، عرفتها في الجيش حينما كنت أخدم فيه، مضيفًا أن ابنه قُتل بطلقة في أذنه، وأخرى في رقبته أدتا إلى تهتك في المخ وكسر في الجمجمة.

ووافقه القول في ذلك الطبيب الذي أعد التقرير الخاص بشقيق حسن كمال حسن، والذي ورد في سبب الوفاة "دخول جسم غريب بجدار الصدر الأمامي من الناحية اليسرى"، لم يستطع الطبيب تحديده أو كتابة اسمه.

وقال الطبيب لأهله الذين ظنوا خوفه: "أنا أول مرة تقابلني حالة بالشكل ده، دي مش رصاصة عادية"، وأشار الطبيب إلى أن هذه الطلقات تنفجر داخل الجسم- على حد قوله- واتهم الضابط محمد التهامي بقتل شقيقه بجوار قسم مينا البصل.

أما والدة محمد إبراهيم درويش فقالت: ابني قاللي إنه نازل المظاهرات عشان يرجع حق البلد، فتخوفت عليه، فرد عليَّ، وقاللي سيبيني يا أمي أموت شهيدًا، اللي بيموت في المظاهرات بيدافع فيها عن بلده وحقه بيبقى شهيد، وأكملت: "الضباط اللي عملوا كدا في الهانوفيل، وقتلوا أولادنا لازم يتعدموا في ميدان عام، ابني قاللي مش هغيب عليكي يا أمي، وفعلاً لم يغب، نزل المظاهرة وبعد ربع ساعة جابوهولي غرقان في دمه ومضروب بالرصاص".

ووصف أحمد الحمراوي، أمين عام نقابة المحامين بالإسكندرية، ما حدث يوم 28 يناير بأنه مذبحة تعرض لها الشعب وشباب في ريعان الشباب وفي مقتبل العمر، استشهدوا جميعًا على يد المجرمين والسفاحين من وزارة الداخلية التي تحوَّلت إلى عصابة تحمي اللصوص والمزورين، ولم تكن حارسًا للشعب في يوم من الأيام.

وتعهَّد الحمراوي بملاحقة النقابة ومحاميها للمجرمين السفاحين على رأسهم وزير الداخلية، وقال: ولن نسمح بضياع دمائهم هدرًا، ونقابة المحامين ستقف بالمرصاد لهؤلاء القتلة، سواء كانوا بأمن الدولة أو الأمن المركزي أو ضباط الداخلية، وأكد أن القانون يحدد أن القاتل الذي يقتل عمدًا جزاؤه الإعدام، وأن النقابة ستسعى إلى أن ينالوا عقابهم هم وشركاؤهم ومحرضوهم، وهو الإعدام في ميادين عامة أمام أعين ذوي الشهداء، حتى نطمئن جميعًا للقصاص العادل.

وأضاف: الذين استعملوا السلاح والذين اشتركوا معهم بالاتفاق والمساعدة والتحريض، بداية من الرئيس المخلوع ومدير الأمن وقوات الأمن المركزي وأمن الدولة؛ سنتعقبهم جميعًا مهما كانت حمايتهم، وسنتعقبهم بالقضاء والتعويض العادل لأسر الشهداء.

وأشار خلف بيومي، مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان، إلى أن المركز تقدَّم ببلاغين إلى المحامي العام الأول في يوم 9 فبراير، يحتوي الأول منهما على أسماء 31 شهيدًا، إلا أنهم صدموا من خلال تعقب مكاتب الصحة؛ حيث تبيَّن أن عدد الشهداء الموثقين في المكاتب بتقارير وفاة بسبب الرصاص 85 قتيلاً في الإسكندرية، فضلاً عن تجاوز المصابين حد الألف، ولذلك تقدَّم المركز ببلاغ آخر إلى النائب العام حمل رقم (435/ 9) فبراير (عرائض محامي عام أول) ضد كل من اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية السابق، واللواء محمد إبراهيم مدير أمن الإسكندرية، ومدير قطاع الأمن المركزي محمد عزب، ووائل الكومي وغيرهم من الضباط المتورطين في قتل الشباب.

وقال: نريد وضع الجاني في قفص الاتهام، ووجه الدعوة إلى كل من لديه دليل، سواء كان صورًا أو فيديوهات عبر الهواتف المحمولة؛ أن يتقدم بها إلى المركز للمساعدة في تعقب الجناة، وإثبات التهم عليهم، موضحًا أنه في حال عدم الوصول إلى أدلة في حق هؤلاء الضباط، تبقى الوقعة معلقة في رقبة حبيب العادلي ومدير الأمن ورئيس قطاع الأمن المركزي.