صالح عشماوي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٠٣:٢٠، ١٤ يونيو ٢٠١٠ بواسطة Rod (نقاش | مساهمات)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

بقلم الأستاذ : عبده مصطفي دسوقي


صالح عشماوى ...... والنهضة الإعلامية الإسلامية

الأستاذ صالح عشماوي

صالح عشماوى اسم لا يعرفه كثير من الناس، ولم يسمع عنه معظم شبابنا.


اسم غائب حاضر بيننا، ناضل كثيرًا من أجل الوطن، وكافح طويلاً لنشر المبادئ الإسلامية إنه اسم جدير بأن يكون محلَّ دراسة الدراسين ومعرفة المثقفين.


إنه صالح عشماوي.. شخصية حفرت لها مكانةً بمداد من نور في ذاكرة التاريخ، ولم يكن واحدًا وُلد ثم مات فحسب، بل امتلك شخصيةً أثَّرت في محيط المجتمع والبيئة التي وُجد بها، فمنذ أن وُلد صالح عشماوي في بيئة تجاهد وتكافح الاستعمار الجاثم على صدر الأمة، وقد اشتعلت لديه صفاتُ العزة التي تأبَى وجود مستعمرٍ فوق تراب وطنه، وتفتَّحت لديه مشاعر وأحاسيس الأديب الذي ينشد الحرية لوطنه السليب.


لقد كافح صالح عشماوي بقلمه وعقله، وقاد المظاهرات وربَّى مع إخوانه جيلاً جاهد المستعمر الإنجليزي الغاصب، فأرَّق مضاجعه وأراق دمه، وأفزعه في حلمه؛ حتى خرج هذا المستعمر وهو يجرُّ أذيال الخيبة والحسرة.


ميلاد

وُلد الأستاذ صالح عشماوي بالقاهرة في 22 من ذي الحجة 1328هـ الموافق 4 ديسمبر 1910م، وحفظ القرآن الكريم كاملاً وهو في سنٍّ مبكرة، وتدرَّج في دراسته بتفوق حتى تخرج في كلية التجارة العليا سنة 1351هـ= 1932م بجامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليًّا) وكان أول دفعته، ووُظِّف في بنك مصر لمدة سنة واحدة ثم تركه، واشتغل بالأعمال الحرة، وسافر إلى السودان عام 1353هـ= 1934م، وعمل على توثيق العلائق بين الشمال والجنوب، وكان من أثر دعوته إنشاء البعثة الاقتصادية سنة 1354هـ= 1935م، والتي عملت على زيادة وتنسيق التبادل التجاري بين مصر والسودان، ثم عاد إلى مصر سنة 1355هـ= 1936م، قطن في 22 ش صبري بالظاهر.


بين الصفوف المؤمنة

عاد صالح عشماوي من السودان عام 1936م، والتحق بالأحزاب الموجودة على الساحة، وتنقَّل بينها غير أنه لم يستقر به المقام في أحدها؛ لعدم اقتناعه ببرامجها ولعدم جديتها في العمل.

في تلك الفترة كانت دعوة الإخوان المسلمين قد انتقلت من الإسماعيلية في أكتوبر 1932م واستقر بها المقام في القاهرة، وبرزت على الساحة؛ فتعرف على الإمام البنا وأعجب بالإخوان، وفي 1937م انضم إلى الإخوان، وكانت صفاته ومؤهلاته تؤهِّله ليتبوَّأ مكانًا في القيادة، وبرزت موهبته في الكتابة فتوسَّم فيه الإمام البنا خيرًا، وأسند إليه رئاسة تحرير مجلة "النذير" التي صدرت عام 1938م، غير أنه تركها عندما آلت إلى جمعية "شباب محمد" عام 1940م، ثم تولَّى رياسة تحرير مجلة "الإخوان المسلمين" النصف شهرية، ثم الجريدة اليومية وغيرها من صحف الإخوان، وقام صالح عشماوي بمهمته خيرَ قيام، فنهض بهذه الصحف.

وفي هذا يقول على لسانه: "أذكر يوم تخرجت في كلية التجارة العليا شابًّا واسع الآمال بعيد الغايات، وقد كنت أول دفعتي، وما كانت الدنيا عندي إلا لهوًّا ومتاعًا وتفاخرًا وزينةً..".

اختير عضوًا في مكتب الإرشاد أواخر عام 1939 بعد المؤتمر الخامس وظل في مكتب الإرشاد حتى عام 1953م.


صالح عشماوى والنظام الخاص

بجانب مهامه في الصحافة أسند إليه الإمام البنا الإشراف على النظام الخاص الذي أنشأه عام 1940م؛ بهدف:

1- محاربة المحتل الإنجليزي داخل القطر المصري.

2- التصدي للمخطط الصهيوني اليهودي للاحتلال فلسطين.

حيث دعا الإمام البنا خمسةً من الإخوان، وهم: صالح عشماوي، وحسين كمال الدين، وحامد شريت، وعبد العزيز أحمد، ومحمود عبد الحليم، وعهِد إليهم بإنشاء النظام الخاص وتدريبه، ورتَّب القيادة؛ بحيث يكون صالح عشماوي الأول، ويليه كمال الدين حسين، وقد وضعوا برنامجًا للدراسة داخل النظام، مثل:

1- دراسة عميقة ومستفيضة للجهاد في الإسلام، من خلال القرآن والسنة والتاريخ الإسلامي.

2- التدريب على الأعمال العسكرية.

3- السمع والطاعة في المنشط والمكره.

وبرز هذا النظام في حرب فلسطين عام 1948م؛ حيث ضرب أروع الأمثال في الجهاد وكبَّل العدوَّ الصهيوني خسائر جسيمة، وذلك بشهادة اللواء أحمد المواوي وفؤاد صادق والحاج أمين الحسيني مفتى فلسطين، كما برز دوره في حرب القنال عام 1951م في نسف مخازن السلاح الإنجليزي وغيرها من المهامّ.


صالح عشماوى مبعوثا خاصا لباكستان

ولم يقتصر دور صالح عشماوي على ذلك فحسب، بل كان مبعوث الإخوان المسلمين لدولة الهند والباكستان، والتي كان زعيمها محمد علي جناح عام 1947م؛ حيث توجه وهو يحمل رسالةً من الإمام البنا لمحمد نجاح رئيس الدولة، وقد زار المدارس وبعض المنشآت الباكستانية، وفي هذا يقول: "لقد أتيت إلى الهند لكي أنشر دعوة الإخوان المسلمين"، وافتَتَح فروعًا للإخوان والأخوات فيها، وقال الإمام البنا فيه في رسالته لمحمد جناح: "وإني أقدم إلى حضراتكم الأخ المجاهد الأستاذ صالح عشماوي- وكيل الإخوان المسلمين ورئيس تحرير جريدتكم- التي لا تدع فرصةً تمر دون القيام بالواجب في تقوية الصلة بين الرأي العام المصري والباكستاني".


نشاطه الدعوى وإدارة الأزمات

منذ أن التحق صالح عشماوي بدعوة الإخوان عام 1937م، وقد أخضع نفسه وماله ووقته لخدمة الدعوة، فاختير عضوًا في مكتب الإرشاد في سبتمبر 1939م تقريبًا، وكان ذلك بعد حفل المؤتمر الخامس، وأصبح جنديًّا خدومًا لدعوته لم يشغله عنها شيء وأخذ يباشر أعمال المركز العام في وجود الإمام البنا أو في غيابه، وتم انتخابه وكيلاً للجماعة عام 1946م= 1365هـ، خاصةً بعد فصل الأستاذ أحمد السكري والدكتور إبراهيم حسن من الجماعة، فيما عُرف بـ"فتنة السكري".

رشَّح نفسه في انتخابات 1945م؛ بناءً على التوصيات التي وردت في رسالة المؤتمر السادس بخوض الإخوان للانتخابات، ورشَّح الأستاذ عبد الحكيم عابدين نفسه عن دائرة فيدمين الفيوم، والأستاذ عبد الفتاح البساطي عن دائرة بندر الفيوم، والسيد محمد حامد أبو النصر عن دائرة منفلوط، غير أن الانتخابات زوَّرتها السلطة ضدهم!

وقد عمل عشماوي مع إخوانه على عودة الجماعة وإلغاء قرار الحل، حتى إنه قاد مظاهرة أمام البرلمان المصري في 18 أبريل 1951م لإسقاط قانون نظام الجمعيات، والمطالبة بعودة الجماعة، وفعلاً صدَّق البرلمان على إسقاط هذا القانون، وفي 30 أبريل 1951 سقط الأمر العسكري بحلِّ الإخوان، واستمرَّ في الجماعة حتى حدثت بعض الخلاف في وجهات النظر بينه وبين بعض الإخوان ترك الجماعة على إثرها، غير أنه عاد الى أحضان دعوته وإخوانه بعد خروجهم من المعتقل في السبعينيات، وظل محافظًا على صحيفة (الدعوة) حتى خرجوا وقدمها لهم.


صالح عشماوى كاتبا وصحفيا

للعودة إلي معرض الصور.
<<:: صور الأستاذ صالح عشماوى ::>>
إضغط علي الصورة للحجم الكامل


الأستاذ صالح عشماوي
الأستاذ صالح عشماوي
الأستاذ صالح عشماوي
الأستاذ صالح العشماوي وعن يمينه الشيخ محمد عبدالله الخطيب وعن يساره الأستاذ جابر رزق
الأستاذ صالح عشماوي في قضية السيارة الجيب
الأستاذ صالح عشماوي وسيد فايز
الإمام البنا والأستاذ صالح عشماوى وسط بعض الإخوة
الإمام حسن البنا وصالح عشماوي مع بعض المجاهدين من باكستان وشمال أفريقيا
جانب من الصحافة الاسلاميةالتي شارك الأستاذ صالح عشماوي في تحريرها
صالح عشماوى فى المعتقل عام 1949م
صالح عشماوى فى باكستان
صالح عشماوي رائد الصحافة الإسلامية
عابدين وعشماوي وسط إخوانهم.


الأستاذ صالح العشماوي وعن يمينه الشيخ محمد عبدالله الخطيب وعن يساره الأستاذ جابر رزق


ترك صالح عشماوي تراثًا عظيمًا من الكتابات لم يظهر حتى الآن؛ حيث تُعتبر كتاباته قريبةَ الشبه بكتابات الإمام البنا في الأسلوب والتعبير، برزت موهبته في الكتابة، فولاَّه الإمام البنا رئاسة تحرير مجلة (النذير)، والتي صدرت في 30 من ربيع الأول 1357هـ، الموافق 30 مايو 1938م، وظلت تصدر باسم الإخوان حتى تركها الإمام البنا فيما عُرف بـ"فتنة شباب محمد"، وتوقفت عن الصدور باسم الإخوان من 28 من ذي القعدة 1358هـ الموافق 8 يناير 1940م.

وعندما أصدر الإخوان مجلة الإخوان النصف شهرية في 17 من شعبان 1361هـ، الموافق 29 أغسطس 1942م تولى الأستاذ صالح عشماوي رئاسة تحريرها حتى توقفت عن الصدور في 26 من محرم 1368هـ الموافق 27 نوفمبر 1948م قرب حل الجماعة والذي كان في 8 ديسمبر 1948م.

وفي 3 جماد الآخر 1365هـ، الموافق 5 مايو 1946 صدرت جريدة "الإخوان المسلمين" اليومية، ورأَس تحريرها الأستاذ زكريا خورشيد حتى العدد 383 الذي صدر في 20 يوليو 1947م، انتقلت رئاسة التحرير للأستاذ صالح عشماوي، وظلت الجريدة تصدر حتى توقفت في 2 من صفر 1368هـ، الموافق 3 ديسمبر 1948م.

وفي 13 شعبان 1369هـ، الموافق 30 مايو 1950م أصدر الأستاذ صالح أول عدد من مجلة المباحث القضائية، والتي كانت تنطق باسم الإخوان، وتوقفت في 15 من ربيع الثاني 1370هـ، الموافق 23 يناير 1951م.

وعمل- رحمه الله- على استصدار صحيفة للإخوان، وتم ذلك عندما صدر قرار بإصدار صحيفة "الدعوة"، والتي صدر العدد الأول منها في 22 من ربيع الثاني 1370هـ الموافق 30 يناير 1951م، غير أنها توقَّفت في 24 من ربيع الثاني 1373هـ، الموافق 1 ديسمبر 1953م، وأُعيد فتحها مرةً أخرى بعد خروج الإخوان من المعتقلات، فصدرت مرةً أخرى عام 1976م، غير أنها توقفت مرة ثالثة في محنة سبتمبر 1981م، وبعدها اعتُقل الأستاذ صالح مع من اعتُقل وأفرج عنه بعد مقتل السادات.

وقد اهتم بكل نواحي مجالات الكتابة؛ فقد كتب في الأمور السياسية وكانت مقالاته تتميز بالقوة والجرأة والصراحة، وبخاصة ما كان منها ضد الظلم والطغيان والاستبداد السياسي، الذي كانت تمارسه الحكومات العميلة المدعومة من الاستعمار الأجنبي وبخاصة الإنجليزي والفرنسي.

وكتب في نواحي الإصلاح الاجتماعي؛ فحين نشرت مجلة "المصور" صورةً غير كريمة لوزير الأوقاف عندما حضر حفلاً دعت له هدى شعراوي في بيتها، كتب الأستاذ صالح عشماوي مقالةً بعنوان: (هذه العمامة نبرأ منها إلى الله ونستعدي عليها جلالة الملك).

وكتب في المجال الدعوي ردًّا على الذين طالبوا بتغيير العمل تحت اسم الإخوان؛ فقال في مقالة قوية بعنوان (ثبات) جاء فيها: "إن الذين ملُّوا الكفاح، وضعفوا عن أعباء الجهاد، ويريدون أن يستريحوا باسم غير اسمهم، وبوجوه غير وجوههم، ولأهداف غير أهدافهم، أمرهم إلى الله، ونسأل لهم الهداية، ولهم أن يعتكفوا في صمت وهدوء، ولكن ليس لهم أن يحاولوا خداع أحد، أو يشقوا طريق المؤمنين الثابتين، أما المؤمنون الصادقون، فلن يعملوا باسم غير اسمهم، ولن يظهروا للناس بوجوه غير وجوههم، ولن يجاهدوا من أجل أهداف غير الأهداف التي قاتلوا في سبيلها، وسيفشل معهم كل إغراء ووعد، كما فشل من قبل كل بطش ووعيد ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ (60)﴾ (الروم)".

أثنى عليه المستشار عبد الله العقيل في أعلامه، وتحدث عن دوره الصحفي الريادي؛ فقال: لقد كان بحقٍّ رائدَ الصحافة الإسلامية؛ حيث قام بتطويرها، وبذل كل جهد مستطاع لتحويلها من صحافة تقليديّة إلى صحافة حديثة، ملتزمة بمنهج الإسلام، ومستفيدة من الفن الصحفي المعاصر، الذي يُعنَى بالإخراج والخبر والتحقيق الصحافي، ويتابع الأحداث ويحللها ويعلّق عليها.

وأضاف العقيل قائلاً: التزم العشماوي الطابع الإسلامي المعاصر في عرض الخبر الصادق، بعيدًا عن التهويل والمبالغة والتشويش والإثارة التي تلجأ إليها بعض الصحف متخذةً الوسائل غير المشروعة للتسويق.


بعض كتاباته

كتاباته الدعوية

1- حسن البنا مرحلة في تاريخ الكفاح الإسلامي

جاء حسن البنا إلى الدنيا فوجد الخلافات المذهبية تمزق شمل المسلمين، وتفرق وحدة المؤمنين، فدعا إلى الوحدة، وسعى إلى التقاء المسلمين جميعا على أصول الدين وفي ظل التوحيد، ونادى بالعودة إلى مصادر الإسلام الأولى من الكتاب والسنة، ليأخذ المسلمين دينهم من هذا المنهل الصافي كما فعل أسلافهم الصالحون.

وبغض – رحمه الله – في الجدل والمراء، ونهى عن التعصب المذموم للرأي، وكان كثيرا ما يستشهد بالحديث الشريف "ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل". كما كان يوصي تلامذته وأتباعه بالقاعدة الذهبية "فلنتعاون فيما اتفقنا عليه، وليعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه".


2- في ذكرى استشهاد حسن البنا

عندما تآمرت الدولة .. ملكا وحكومة .. وكان ملكها يومئذ "فاروق" وعلى رأس حكومتها إبراهيم عبد الهادي .. عندما تآمرت الدولة بوزرائها المزودين بالنفوذ والسلطان، وبوليسها المسلح بالحديد والنار وعلى رجل أعزل سحب منه مسدسه ورفع الحرس عنه واعتقل أنصاره وأصبح هدفا واضحا سهلا لكل جبان رعديد ومستهتر أثير .. عندما تآمرت الدولة على هذا الفرد الوحيد لم تكتف باختيار الشارع الذي تقع فيه الجريمة، وتعيين السفاحين وتزويدهم بالسلاح وإعداد وسائل الهرب للجناة الآثمين .. لم تكتف الدولة بتعيين "المكان" ولكنها إمعانا في الإجرام قد عينت أيضا الوقت والتاريخ، فلم يكن يوم تنفيذ الجريمة مصادفة أو اعتباطا ولكن اختارت الدولة وعلى رأسها "فاروق" وذيوله يوما خاصا هو يوم عيد الملك حتى يتم لفاروق السفاح في يوم عيد ميلاده الفرح الكامل والسعادة التامة، وحتى يستطيع العبيد أن يقدموا رأس حسن البنا هدية لمولاهم في يوم عيد ميلاده! وكان ذلك في يوم 12فبراير سنة 1949م.


3- بين حسن البنا وحسن الهضيبي


صفحات رائعة من جهاد الإخوان المسلمين

في يوم 8ديسمبر سنة 1948 صدر أمر عسكري بحل الإخوان المسلمين ومصادرة أملاكهم ومؤسساتهم وإلغاء صحفهم، وفي يوم 12فبراير سنة 1949 اغتيل الإمام الشهيد حسن البنا وفي أكتوبر 1951 تم اختيار المرحوم الأستاذ حسن الهضيبي مرشدا عاما للإخوان المسلمين.

وفي هذه الفترة وقعت أحداث، لفقت التهم وزج بفريق كبير من الإخوان في السجون وفي المعتقلات ولقي الإخوان أشد أنواع التعذيب.

وحاولت السلطات إغراءهم برد أموالهم والسماح بنشاطهم رسميا إذا غيروا اسمهم .. فرفضوا. ثم حاولت خداعهم بإعادتهم باسمهم على أن يكونوا جمعية دينية لا شأن لها بالسياسة تخضع لقانون الجمعيات .. وتحدت دعوة الإخوان القانون كما تحدت الأمر العسكري من قبل. وعاد الإخوان المسلمون باسمهم الذي عرفوا به، وبنشاطهم ودعوتهم كاملة، واستردوا المركز العام وما بقي من مملتكاتهم وأصدروا الصحف الناطقة بلسانهم.


4- على بركة الله

أيها الجنود المرابطون

أيها الإخوان الكرام يا جنود الله ومحمد نبي الرحمة، ويا شباب الإسلام دين القيمة.

يا أنصار الحق يا من حملتم الأمانة المحمدية وعاهدتم أنفسكم على الجهاد في سبيل العزة الإسلامية..

يا رجال بايعوا ربهم على القيام بأداء الواجب عليهم فشعشع ضياء النجاة من الاستعباد من دعوتهم وتجددت الآمال بالعزة في نهضتهم ورتلت السموات والأرض ومن فيهن آيات الحمد والثناء على الله لهدايتهم.

أيها الإخوان المسلمون: أيها الأبطال المرابطون في معسكرهم بالإسكندرية ليتخذوا الأهبة للجهاد في سبيل الله وعزة قومهم سلام عليكم وتحية يبعثها إليكم إخوانكم بالقاهرة وأرجاء مصر والعالم الإسلامي.

جمعنا الله جميعًا تحت لواء المرشد العام في ساحة التضحية والجهاد والظفر بإحدى الحسنيين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


كتاباته عن فلسطين

  • هل سمعت أنباء البلاء الذي ينصب على عرب فلسطين المسلمين؟
  • هل قرأت ما يعانيه المجاهدون في فلسطين من فظائع وتعذيب وتنكيل؟
  • هل وصل إلى آذانك صوت القنابل يمزق أجساد المصلين والديناميت ينسف بيوت الآمنين؟
  • هل ترامى إليك خبر تمزيق القرآن الكريم وهتك أعراض المسلمات والمسلمين؟

هل علمت أن العربي في فلسطين يؤخذ إلى مكان أثبتت في أرضه قطع الزجاج ورءوس المسامير ويكرهونه على المشي والقفز فوقها فإذا تلكأ انهالت السياط عليه فلا يزال يقوم ويقع والدم ينزف من رجليه ويديه وسائر جسمه، حتى يرتمي آخر الأمر منهوكا أو مغمى عليه، وينزعون ثيابه ثم يضربونه بألواح من الخشب دقت فيها مسامير فيسيل دمه، ويركبونه على خشبة ويربطون في رجليه أثقالا من أكياس الرمل حتى يغمى عليه ويقرنون رجليه ويربطون إبهامه بسلك من الحديد ثم يشدونه حتى تكاد إبهامه تتقطع، ويلقون على ظهره ويربطون أعضائه التناسلية برباط متصل ببكرة في السقف ثم يجذبون الحبل شيئا فشيئا حتى يغمى عليه، ويقلعون أظافره بكلاليب خاصة، واحد بعد واحد، ويشدونه من شاربه ولحيته إذا كان ملتحيا وينتفون شعره ويصبون الماء في فمه بواسطة محقن خاص حتى يملأ جوفه وينتفخ كالقربة فيتألم أشد الألم، ويحمون أسياخ الحديد أمامه حتى تلتهب كالجمر ثم ينخسونه بأطرافها ويأتون بالمسامير المحماة بالنار ويغرزونها تحت أظافره!

هل سمعت كل هذا أو قرأته، ووصل إلى علمك وترامى نبأه إليك؟! كم كنت أحب ألا تكون سمعت أو قرأت أو فهمت حتى أبرر جمودك وأفهم السبب في سكوتك ولكني أقول والأسف يملأ جوانبي، ما من مصري إلا وسمع هذا أو بعضه ومع ذلك فالمصريون جامدون والمسلمون ساكتون! لا وربي بل أنهم يرقصون ويطربون وينعمون أو يضحكون، أي ثأر بين مصر وفلسطين أي عداء قيم وجفاء دفين بين فلسطين المقدسة ومصر الزعيمة، أهو لجوار وذكريات الماضي أم الوحدة في اللغة والعادات والدين.


كتاباته فى السياسة

الصهيونية تتحرك من جديد

توالت حوادث الاعتداء من الصهيونيين على مصر والبلاد العربية ويذكر القراء حادث الحدود وكيف عبرت قوة يهودية أرض المنطقة المصرية دون مراعاة لحدود الهدنة وبعد ذلك وقع حادث الطائرة اللبنانية التي قتل فيها أحد الركاب وضابط اللاسلكي وأصيب سبعة بجراح. وقبل هذا الحادث وذاك احتلت قوة من الجيش اليهودي ثلاثة بيوت عربية بدعوى أنها واقعة ضمن المنطقة اليهودية!!

وفي الوقت الذي تتوالى فيه هذه الحوادث الإرهابية العلنية إذا بإدارة الأمن العام تبلغ معالي وزير الداخلية أن تحرياتها السرية أثبتت وجود عصابة صهيونية في مصر من أهدافها الاعتداء على حياة كبار المصريين من الزعماء السياسيين والمسئولين في المناصب الكبرى، كما ثبت أن لهذه العصابة شعبا لتنفيذ أهدافها بالنسبة لكبار المصريين الذين يسافرون إلى الخارج.

ويقولون أن الهدف الذي يرمي إليه الصهيونيون من وراء هذا الإرهاب العلني والمستتر إنما هو "الصلح" مع مصر والبلاد العربية على أساس الأمر الواقع والاحتفاظ بما سلبوه ونهبوه. وليست هذه وسيلة جديدة ابتكرتها العقلية الصهيونية المجرمة، ولكنها مع الأسف، وسيلة قديمة جربتها العصابات المسلحة في اعتدائها الأول على الأرض المقدسة وعلى مصر والبلاد العربية فكانت النتيجة أن فاز اليهود بما لم يكن يحلموا به واستوطن واستقر المشردون بينما هام العرب والمسلمون من أصحاب البلاد على وجوههم.

ولسنا الآن بصدد تقصي أسباب هذه الكارثة ومحاسبة المسئولين عنها، ولكننا نريد أن نلفت أنظار المسئولين إلى هذه الصورة من الإرهاب الصهيوني العلني والسري، ثم ليرتد فكرهم ونظرهم إلى صورة أخرى، مطابقة كل التطابق، ومتشابه كل التشابه، لما يرون اليوم، فسيجدون في عام 1948 صورة الإرهاب العلني والإجرام الوحشي، يقع على العرب في فلسطين، وسيشهدون منظر الحبالى من النساء تبقر بطونهم، والأطفال تذبح، والرجال تقتل وتحرق، والأعراض تهتك، والأموال والحلي والمتاع ينهب ويسلب!

ثم يجدون بجانب هذا الإرهاب العلني صورا من الإرهاب المستتر، نسفت فيها بعض المحال اليهودية، وأعدت فيها الخرائط والخطط لاغتيال كبار المصريين من الزعماء السياسيين والمسئولين، ولم يكن الغرض من هذا الإرهاب الصهيوني على بعض المحلات اليهودية إلا ذر الرماد في العيون، وإبعاد الشبهات عن جرائمهم التي أعدوها لاغتيال زعماء العرب والمسلمين في مصر، وإلصاق هذه الجرائم زورا وبهتانا بالإخوان المسلمين الذين وقفوا لهم بالمرصاد، وأثاروا عليهم الشعوب في مصر والبلاد العربية، ثم لم يقفوا عند حد الكلام، بل سارع شبابهم المتحمس إلى التطوع إلى ميادين القتال، ودخل المجاهدون من الإخوان المسلمين أرض فلسطين قبل أن تدخلها جيوش العرب النظامية، وقاتلوا وقتلوا ببسالة وشجاعة أعادت إلى الأذهان ذكرى المجاهدين الأول في صدر الإسلام.

ولقد هال اليهود والمستعمرون هذه الروح الفدائية فضغطوا على دولهم وضغطت الدول بدورها على سفرائها وكانت النتيجة اجتماع فايد، ثم وجد اليهود والمستعمرون من بعض المصريين من يقدم على حل هذه الهيئة المجاهدة في سبيل الله والعروبة والإسلام، ومن يعتقل هؤلاء المجاهدين في المعسكرات والمنافي كما وجدت بكل أسف من تجوز عليه الغفلة فيتهم المصريين بداء الصهيونية وجريمتها، ويلقي الأطهار الأبرياء في أعماق السجون بتهمة الإرهاب والنسف والاغتيال!!

الآن وقد عادت الصهيونية إلى التحرك من جديد، الآن واليهود يعيدون سيرتهم الأولى في الإرهاب العلني والسري، الآن وقد كشفت تحريات إدارة الأمن العام عن وجود هذه العصابات الصهيونية في مصر، أترى بعد ذلك هل لنا أن نطمع من الحكومة الحاضرة في استعراض الصورتين والمقارنة بين الموقفين، فتكتشف الهوة السحيقة التي تردت فيها حكومة السعديين والبراهمة، وترى الإساءة البالغة والإجرام المشين والاعتداء الشنيع الذي وقع على المؤمنين والمجاهدين الصادقين؟

ثم هل لنا بعد ذلك أن ننتظر من حكومة الشعب – كما تفاخر – أن ترد للمسلمين حقوقهم وأموالهم، وتعيد للأبرياء حريتهم واعتبارهم؟ إن السكوت على الظلم ظلم آخر، لعله أشد وأنكى، وقد يقع الظالم في عدوانه غفلة وعمى ولكن أي عذر لم يرى الحق واضحا، ويشعر بالظلم فادحا، ثم لا يحرك ساكنا؟!


محنة ومنحة

تعرض الأستاذ صالح للمحن في الدعوة؛ فبعد حل الجماعة تم اعتقاله مع إخوانه وأودع سجن الطور؛ حيث ظل به حتى أُفرج عنه بعد أن أقال الملك وزارة إبراهيم عبد الهادي، التي اغتالت الإمام البنا في 12 فبراير 1949م، واعتقَلَت وعذَّبت الإخوان حتى عُرف عصره بالعسكري بعد اغتيال الإمام البنا كان معظم الإخوان خلف الأسوار، وبعد خروجهم أقام الأستاذ عبد الحكيم عابدين- سكرتير الجماعة- والأستاذ عبد الكريم منصور- صهر الإمام البنا- دعوة للمطالبة بإلغاء قانون الحل وعودة الجماعة وأملاكها، وفي 30 أبريل 1951م سقط الأمر العسكري وعادت الجماعة، وفتح المركز العام وباشر الأستاذ صالح مهام المرشد حتى تم اختيار المستشار الهضيبى مرشدا عاما للإخوان.

وبعد تولية المسئولية أراد أن يحدث بعض التغييرات فى النظام الخاص، غير ان بعض قيادات النظام اعترضت على ذلك أمثال الأستاذ عبد الرحمن السندى – قائد النظام الخاص – فحدثت بعض المشاكل مما أضطر المرشد العام ومكتب الإرشاد بتكوين لجنة من الهيئة التأسيسية للتحقيق فى ذلك ، واستقر الأمر على فصل الأستاذ عبد الرحمن السندى و محمود الصباغ وأحمد زكى حسن وأحمد عادل كمال من الجماعة فى 15 ربيع الأول 1373هـ الموافق 22 نوفمبر 1953م، وحدثت بعض اختلاف وجهات النظر مع الأستاذ صالح بسبب هذا الأمر.

وظل الأمر على ذلك حتى تعرضت الجماعة لمحنة قوية فى عهد عبد الناصر بعد حادث المنشية فى 26 أكتوبر 1954م، وحكم على معظم الإخوان بالسجن ما يقرب من عشرين عام.

وبعد خروج الإخوان من المعتقلات فى عهد السادات، ذهب الأستاذ صالح عشماوى والشيخ محمد الغزالى وكثير من الإخوان الى المستشار حسن الهضيبىالمرشد العام – وقدموا اعتذارهم عن سوء فهمهم وتقديرهم لبعض الأمور التى حدثت فى عام 1953م وقبل المستشار اعتذارهم ، وقدم الأستاذ صالح المجلة مرة أخرى للأستاذ عمر التلمسانى المرشد الثالث للإخوان وظلت تنطق بلسان الإخوان حتى توقفت علم 1981م.


وفاته

توفي الأستاذ صالح عشماوي بعد كفاح طويل وعمل متواصل لأكثر من نصف قرن لخدمة الدعوة الإسلامية بلسانه وقلمه في يوم الإثنين الثامن من ربيع الأول 1404هـ، الموافق الثاني عشر من ديسمبر 1983م.

رحم الله الأستاذ المجاهد، وحشرنا الله وإياه مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحَسُن أولئك رفيقًا.


المراجع

1 - جمعة أمين عبدالعزيز، سلسلة كتب أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين، الكتاب الرابع والخامس والسادس، دار التوزيع والنشر الإسلامية.

2 – أحمد عادل كمال، النقط فوق الحروف، الطبعة الثانية، الزهراء للاعلام العربى، 1409هـ ،1989م.

3 – محمود عبدالحليم، الإخوان المسلمون" أحداث صنعت التاريخ" ، الجزء الثالث، الطبعة الرابعة، دار الدعوة، 1985م.

4 – شعيب الغباشى، صحافة الإخوان المسلمين، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 2000م.

5 – محمد فتحي شعير، وسائل الاعلام المطبوعة فى دعوة الإخوان المسلمين، الطبعة الأولى، دار المجتمع للنشر والتوزيع بالسعودية، 1985م.

6 - صحيفة الدعوة،– العدد (21)، (22)– ربيع الأول 1398هـ / فبراير 1978م ، ربيع الثاني 1358هـ / مارس 1978م.

7- عبدالله العقيل: من أعلام الحركة الاسلامية، دار التوزيع والنشر الاسلامية.