رسالة من د. محمد حبيب إلى كل مصري
أيها المصري الكريم..
تحيةً من عند الله مباركةً طيبةً، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد!!
فأتوجه إليك بهذا النداء، وأنا أعلم يقينًا أنك سوف تستمع إليه بكل عقلك وقلبك، وتتجاوب معه بكل وجدانك وعواطفك، فمروءتك وشهامتك وأصالتك تأبى عليك أن ترى إنسانًا شريفًا يُضارُّ في حريته ومالِه بغير ذنب ولا جريمة.
أعلم يقينًا أنك ترفض الظلم وتأباه، وأنك تقف دائمًا مع المظلومين أيًّا كانت عقيدتهم، وأيًّا كان دينهم، لكني أسألك: هل يليق بمصر- تاريخًا وحضارةً.. شعبًا وحكومةً- أن يحال مجموعةٌ من المدنيين الشرفاء والأوفياء، والذين لا علاقة لهم من قريب أو من بعيد بعنف أو إرهاب أو اتِّجار بمخدرات، أقول هل يليق أن يحال هؤلاء إلى محكمة عسكرية؟! وهل بلغت الخصومة السياسية إلى الحد الذي يُفرض حظرٌ على أموال ومنقولات وشركات هؤلاء الأفراد؟ ولمصلحة من؟!
أيها المصري النبيل..
أنا أعلم أنك لست بحاجة لأن أعرِّفَك بالإخوان؛ لأنهم يعيشون في ضميرك ووجدانك، فقط أذكِّرك من باب ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (الذاريات: 56) هؤلاء الإخوان هم منك ولك، هم أهلك وناسك، هم يعملون من أجلك، من أجل أن تعيش حرًّا كريمًا، ومن أجل أن تعيش في وطن قوي عزيز، هم يريدون الخير والأمن والأمان لك، هم الذين جاهدوا في فلسطين ضد عصابات بني صهيون، هم الذين جاهدوا على ضفاف القناة ضد الاحتلال الإنجليزي، هم الذين وقفوا يدافعون عن حرية هذا الشعب وكرامته وكرامة وطنهم، وقد تحمَّلوا في سبيل ذلك كل أنواع التضحيات.
أنا أعلم أنهم تاريخٌ تحفظه ذاكرتك، ويستحضرُه وعيُك في كل الأحداث التي تمر بك، فلا تتردد أن تقف إلى جوارهم في قضيتهم، التي هي في الحقيقة قضيتك.
أيها المصري الحبيب..
أنا لا أريد أن أكلفَك شيئًا فوق طاقتك, أو أن تقوم بعمل لا تقدر عليه، أو بموقف ربما يكلفك الكثير، خاصةً أمام نظام قمعي، لا يقيم وزنًا لدستور أو قانون أو حكم قضائي.. نظام لا يضع اعتبارًا لكرامة إنسان أو حقوق أفراد، إن كنت تستطيع أن تتكلم فتكلم.. تكلم مع أهلك، مع جارك، مع زميلك في العمل.
إن كنت تستطيع أن تعبِّر عن قلقك على هذا الوطن فلا تدَّخر وسعًا في أن تبوح بما يعتمل في صدرك، من آلام وأحزان، بل ورفضٍ لما ترى أنه إساءةٌ واعتداءٌ على حقِّ هذا الوطن، وانتهاكٌ لكل ما هو جميلٌ ونبيلٌ، فهذا الوطن هو مسئوليتُك، هو أمانةٌ في عنقك، هو حاضرُك ومستقبلُك، هو أهلُك ومالُك وولدُك، هو أرضُك وعرضُك، هو كرامتُك وشرفُك..
لذا أرجو ألا تفرِّط فيه، أو أن تنأى بنفسك عنه، مؤثِرًا- كما يزعمون- السلامة وهي في الحقيقة الندامة كل الندامة، فضلاً عن ضياع الوطن.
أيها المصري العزيز..
لا بد أن يشعر الظالم أنه محاصَرٌ في كل وقت، وأنه مرفوضٌ من كل الناس كل الناس.. يجب أن يشعر أن الأرض تبغضه، وأن النفوس تكرهه، وأن عامل الزمن ليس في صالحه، وأن ما يتمتع به من قوة لن تحميه ولن تسعفه، لا بد أن يشعر أن هناك نهايةً لطغيانه، وأن هناك حدًّا لممارساته وتجاوزاته في حق الوطن والشعب.
وأخيرًا.. تقبَّل وافِرَ تحياتي، وعظيمَ تقديري، وخالص أمنياتي لكَ ولكل مَن حولك، بمستقبل زاهر تشرق فيه شمس الحرية، وتنعم فيه بالأمن والطمأنينة والسلام.
- د. محمد حبيب - النائب الأول للمرشد العام للإخوان المسلمين
القاهرة في: 14 من جمادى الأولى 1428هـ الموافق 31 من مايو 2007 م
المصدر
- خبر:رسالة من د. محمد حبيب إلى كل مصريإخوان أون لاين