رسالة شباب الإخوان د. رفيق حبيب

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
رسالة شباب الإخوان


د. رفيق حبيب

(بتاريخ 18 - 12 – 2006)

قدم إتحاد الطلاب الحر عرضا رياضيا في يوم اعتصام مفتوح، اعتراضا على ممارسات الأمن وإدارة الجامعة ضد إتحاد الطلاب الحر، ومن قبله الممارسات التعسفية ضد انتخابات إتحاد الطلاب، والتي منع من دخولها طلاب الإخوان المسلمين وبعض التيارات الأخرى.

وبسبب الاستعراض الرياضي، والذي كان بملابس تشبه ملابس حركة حماس، ومورست فيه رياضيات مثل الكراتيه والكنغو فو، قامت الدنيا حول هذا الحدث، وكأنه حدث مفصلي في تاريخ جماعة الإخوان المسلمين ، واستخدم الحدث من المتربصين والمحرضين ضد الجماعة. ثم قامت أجهزة الأمن بحملة اعتقالات، وحملة تشويه وترويج للأكاذيب، مستخدمة هذا العرض كذريعة ودليل ضد الجماعة.

ليست هي المرة الأولى التي تواجه فيها جماعة الإخوان المسلمين حملة مغرضة، ولا هي المرة الأولى التي تواجه فيها حملة اعتقالات ولن تكون الأخيرة. بل أكثر من هذا أن حملة الاعتقالات جاءت في موعد حملة اعتقالات جديدة، بغض النظر عن العرض الرياضي الذي قام به الطلاب، فبعد انتهاء حملات الاعتقال السابقة والإفراج عن قيادي الجماعة الدكتور محمد مرسي والدكتور عصام العريان ، جاء موعد حملة جديدة تشمل عددا من القيادات والكوادر. فقد استمرت هذه السياسة الأمنية منذ عام 1992، ولم تهدأ أكثر من أيام، ومعنى هذا أن الحملة كانت قادمة على كل حال، واستخدم العرض الرياضي ليضيف لها مبررا خاصا.

ولكن أي مبرر هذا الذي يتحدثون عنه، هل العرض الرياضي مبرر، وهل يمكن أن نسميه عرضا عسكريا أو شبه عسكري، ثم نرى فيه بداية لاستخدام العنف من قبل جماعة الإخوان المسلمين ؟ كل تلك الروايات الغريبة تفتقد للمنطق، فكأن الجماعة أرادت أن تعلن عن تنظيمها لجناح عسكري سري، من خلال دعوة أجهزة الإعلام لحضور حفل الافتتاح.

والكل يعلم أن الجماعة حلت تنظيمها الخاص منذ عام 1954، وقررت بصورة نهائية العمل من خلال الأساليب السلمية، وأكد التاريخ الطويل استمرار الجماعة في التزامها بالعمل السياسي السلمي. ولن ندخل هنا في دور النظام الخاص، ولا في قضية 1965 والتي أتهم فيها سيد قطب وآخرون، ولكن علينا أن نعرف أن المنهج السلمي للجماعة هو جزء من رسالتها وإطارها الفكري، لأنها تقوم أساسا على دعوة الناس لفكرها، وهي بهذا لا تحتاج إلا لأساليب المنهج الإصلاحي السلمي.

وعندما قام طلاب الإخوان بالعرض الرياضي، لم يكن هذا نهجا جديدا أو تغيرا أساسيا في منهج الجماعة، وتغيير منهج الجماعة لا يكون بهذا الأسلوب أساسا. فهذا العمل جاء من قطاع من قسم الطلاب داخل الجماعة، كجزء من ممارستهم لدورهم الطلابي. وهنا كان علينا أن نفهم رسالة شباب الإخوان ، ولماذا قرروا القيام بهذا العرض الرياضي. وكل الأطراف لم تحاول فهم الرسالة الحقيقية من هذا العرض، بل حاولت تحويل الحدث لجريمة وإلقاء التهم جزافا.

وحتى قيادة جماعة الإخوان، لم تجد أمامها إلا إدانة العمل، والذي جاء بدون قرار جماعي من قيادة الجماعة، لأنه في نظر من قاموا به ليس عملا يحتاج لقرار جماعي من الجماعة، بل هو استمرار للنشاط الطلابي.

وهنا علينا النظر إلى رسالة الطلاب من جماعة الإخوان المسلمين ، فالبعض رأى أنها رسالة تهديد ووعيد، ولا يمكن أن نتصور أن من يريد مواجهة قوات الأمن في نظام بوليسي، سوف يواجهها بالألعاب الرياضية، وهي قوات مسلحة، ولا يمكن أن نتصور أيضا أن من يريد الدخول في معركة يقوم بإعلان التهديد أولا، وهو يعلم أنه محاصر ومراقب أمنيا.

وتلك لم تكن رسالة الشباب، بل كانت رسالتهم واضحة، ولم نراها، فقد ركزنا على الملابس والحركات والشكل العام، ولكن الرسالة كانت في تلك الكلمة البسيطة التي زينت ملابس الشباب، وهي صامدون. تلك هي الرسالة، فشباب الإخوان قالوا أنهم صامدون في مسيرتهم وعملهم ونشاطهم، وأنهم مستمرون في دورهم العام داخل الجامعة وخارجها.

ولكن الشباب قال أيضا، أنهم غاضبون، ومع ذلك صامدون. نعم هم غاضبون من هذا الكم الهائل من التعسف ضد النشاط الطلابي، فمن يفوز في انتخابات الطلاب لا يمسك الحكم في مصر ، ولكن النظام الحاكم يريد أن يسيطر على كل شيء، مهما كان دوره محدودا. والتعامل الأمني مع الطلاب والذي وصل لحد استخدام البلطجة، وصل لحد غير مقبول. ولقد قال لنا الطلاب في استعراضهم الرياضي، أنهم يرفضون هذا النهج الأمني. فهل قال الطلاب أيضا، أنهم على استعداد للدفاع عن أنفسهم ضد البلطجة؟

وهل هذا عيب، وهل على الإخوان تلقي الضربات في صمت؟ والحقيقة أنهم يتبعوا المنهج السلمي، ويتلقون الضربات في صمت، بل أنهم يضبطون تصرفاتهم لحد يبدو صعبا أو مستحيلا على غيرهم. ومع هذا لم تكن رسالة الطلاب إلا محاولة منهم للتأكيد على صمودهم، وقدرتهم على التحمل. لقد كان إعلانهم واضحا، ربما حمل معنى أنهم قادرون على المواجهة، أو أنهم لن يتراجعوا رغم الضربات الأمنية، وفي كل الأحوال فلقد كان المعنى الأهم أنهم صامدون.

وبهذا المعنى نرى أننا أمام شباب يمارس حقوقه السياسية والطلابية، ولن يتراجع عنها. وهذا ما نريده في مصر، فنحن نريد جيلا لا يتنازل عن حقوقه، وأول تلك الحقوق أن يختار من يمثله، جيلا يعي تماما حق الأمة الأصيل في اختيار من يمثلها ومن يحكمها. لهذا أحي طلاب الإخوان، رغم أن الجميع أدانهم.

المصدر