رحلة في ظلال ترجمة القرآن للفرنسية
مقدمة
الإسلامَ وضعَ حلولاً لكل شيء فهو دينٌ كاملٌ وسيسود العالم
نستطيع أن نستمد من القرآن معاني النهضة
المرأة لها دور في خلق مجتمعٍ صالحٍ
من المؤكد أنني قرأت القرآن كثيرًا، ولكن عندما تفرَّغت لترجمته إلى الفرنسية اكتشفت كثيرًا من أسراره وشعرت بمزيدٍ من الأسى على تقصير المسلمين نحوه.
بهذه الكلمات بدأت الدكتورة زينب عبد العزيز- أستاذ ورئيس قسم اللغة الفرنسية بكلية الآداب جامعة المنوفية- كلامها حول التجربة التي خاضتها وعاشت خلالها مع القرآن الكريم أيامًا وشهورًا وهي تترجم معانيَه وتتلمس مزيدًا من خزائن أسراره.
وعلى خلاف ما توقعنا قالت في بداية حوارنا معها إنها كانت تشعر بمرارةٍ كلما ترجمت شيئًا من معاني القرآن الكريم؛ لا لشيء إلا لأنها تكتشف مع كل آية تترجمها أنَّ الإسلامَ وضعَ لنا حلولاً لكل شيء ونحن تركناها ونبحث عن البديل الغربي، وتقول: الترجمة جعلتني أقف أمام كل آية وكل حرف وكل معنى وأقوم بتحليلها بكل الطرق والوسائل، وأدركتُ كيف أنَّ الله أعزنا بالإسلام، وكيف أنَّ الإسلام دينٌ كاملٌ وبهذا الكمال سيسود الإسلامُ العالم.
وتضيف: تيقنت أنه من القرآن نستطيع أن نستمد معاني النهضة ومقوماتها، لكننا بكل أسفٍ تركناه واتجهنا لفكرٍ منحرفٍ من الغرب، وعلى شبابنا أن يتحدوا بقوة ويتمسكوا بدينهم ويكونوا كالبنيان المرصوص لمواجهة الحرب على الإسلام.
وعن الإعجاز العلمي للقرآن الكريم تقول الدكتورة زينب: اكتشفتُ بعضَ الآيات التي أثبتها العلم الحديث وزاد يقيني بالله عزَّ وجل.
كما اكتشفتُ أنَّ المستشرقين اختاروا ألفاظًا معينةً لها أهدافٌ معينةٌ عند الترجمة، مثل اختيار كلمة (repudiation) كمقابل للطلاق، في حين أنَّ المقابل موجود فعلاً في اللغة الفرنسية وهو (divorce)؛ حيث إنَّ الأولى تعني مضمون الإهابة والطرد؛ الأمر الذي يسيء لموقف الإسلام من المرأة، وكأنَّ الإسلامَ لا يحترم المرأة ولم يكرمها.
ملامح التجربة
وعن ملامح التجربة تقول الدكتورة زينب: لقد حددتُ هدفي في البداية جيدًا، واجتهدتُ على مدى ثماني سنوات كاملة بمعدل متوسط خمس عشرة ساعة يوميًّا، ولجأت لأساتذة أصول دين والفقه الإسلامي بجامعة الأزهر؛ ليشرحوا لي أسبوعيًّا 5 صفحات من القرآن الكريم على درجة من الدقة والإتقان والأمانة؛ ليساعدوني في الترجمة لأخرج بالقرآن الكريم المترجَم كما رأيتموه.
وعن طعم النجاح تقول: عندما رشحتني جامعة الزقازيق للحصول على جائزة الملك فيصل في مجال خدمة الإسلام شعرتُ وقتها بالفرحة والدهشة، ولم أكن قد حصلتُ على أي جوائز من قبل، وذلك لما يحمله هذا التكريم من وقعٍ خاصٍّ في نفسي، خاصةً أنها جائزةٌ مرتبطة بمجال وهبت دراستي وعملي لأجله، وكان يُعدُّ عملاً شاقًّا شعرتُ أنه أضاف كثيرًا للمسلمين.
مواهب أخرى
وتكشف الدكتورة زينب عن جوانب أخرى في شخصيتها، فتقول: لم أهمل موهبتي في الفن منذ صغري والتي ساعدني زوجي على تنميتها، فأولاً أنا أرفض العبثيات الحديثة التي انتشرت للأسف تحت مُسمَّى "التجريب"، ولي كتاب بهذا الشأن بعنوان "لعبة الفن الحديث بين الصهيونية الماسونية وأمريكا"؛ وذلك لأوضِّح الخلفيات السياسية والاقتصادية لهذا المسمى من الفن والتي تفْصل الشكل عن المضمون، وهي من آثار العولمة، وهذا تخطيط تدميري للفن في العالم العربي وهو تخطيط متقن علينا أن نتصدى له.
لذلك فقد قدَّمتُ رسوماتٍ عديدةً خرجت من تفكُّري في خلق الله عز وجل بالدرجة الأولى، وركزت على أن تحمل رسوماتي معانيَ خاصةً يستشعرها غير المسلم فتهزّ وجدانه بعظمة خلق الله قبل أي شخص.
وعن رؤيتها لدور المرأة في التكوين الفكري والثقافي لأبنائنا تقول الدكتورة زينب: إنَّ المرأةَ هي أساس تكوين الأسرة، فهي مدرسة في كل المجالات، مؤكدةً أنَّ دورها في الأسرة وأمومتها هو الدور الأول والأساس، وأي أم تكون في هذا المكان فعليها أن تدرك أهمية رسالتها هنا ولا تأخذها على أنها وظيفة أكل وشرب ولبس للطفل، فهي ليست شغَّالة في البيت، بل هي التي تشكل خلق وصفات زوجها وأطفالها، وأول رسالة لها في الحياة هي أولادها، وهذه مساهمة منها في خلق مجتمعٍ صالحٍ، ثم بعد ذلك تستطيع أن تساهم مساهمات اجتماعية في أي رسالة أخرى تختارها، سواء بالدراسة ورسائل الماجستير والدكتوراه أو غير ذلك.
المصدر
- مقال:رحلة في ظلال ترجمة القرآن للفرنسيةإخوان أون لاين