د. عصام العريان يكتب عن: علاقة النظام والإخوان بين الليمان والبرلمان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
د. عصام العريان يكتب عن: علاقة النظام والإخوان بين الليمان والبرلمان
30-04-2007

مقدمة

بعد توقفٍ دام أكثر من 5 سنواتٍ عادت المحاكمات العسكرية للإخوان المسلمين تطل برأسها من جديد، ومثل نائب المرشد العام المهندس خيرت الشاطر والدكتور المهندس محمد بشر عضو مكتب الإرشاد ومعهما ثلةٌ من الشرفاء المخلصين من قيادات الإخوان يزيد عددهم على 33 مهنيًّا وأساتذة جامعات ورجال أعمال أمام مجلسٍ عسكري يوم الخميس الماضي 26/4/2007 في غمرةِ احتفالات مصر بعيد تحرير سيناء الذي يُعدُّ أكبر إنجاز لقواتنا المسلحة في العصر الحديث، وفي النصف قرن الماضي.

ولم يمنع ذلك المرشد العام من تهنئة القوات المسلحة في رسالته الأسبوعية التي أصدرها في نفس يوم بدء المحاكمة رغم الزج بها في الصراعات السياسية.. هذه هي المحاكمة العسكرية السابعة للإخوان منذ عام 1995م والتي بدأت بالقضية 8 "جنايات عسكرية"، ومعها القضية 11 "جنايات عسكرية" لعام 1995م، والتي مثل فيهما أكثر من 80 قياديًّا منهم 4 أعضاء في مكتب الإرشاد وأكثر من 20 عضوًا بمجلس الشورى، وصدرت أحكام وقتها من 3- 5 سنوات على أكثر من 60 منهم، ضاق بهم سجن مزرعة طرة المكوَّن من 20 زنزانة انفرادية فقط، وتبع ذلك محاكمات حزب الوسط والنقابيين وعبد الوهاب شرف الدين وحده في قضيةٍ عجيبةٍ، وكان آخرها قضية أساتذة الجامعات في 2001م بعد أحداث سبتمبر الشهيرة، وكان سببها عجيبًا، وهو ترديد المصلين في مؤتمرٍ بالجامع الأزهر قول "حسبنا الله ونعم الوكيل" بصوتٍ عالٍ عندما كان الإمام يأتي على ذكر رئيس.

قرار الإحالة للقضاء العسكري منذ شهور كان القرار الخطأ والاختيار السيئ من بين عدة بدائل أمام الرئيس، كما أن قرار بدء المحاكمة في نفس يوم عيد تحرير سيناء كان الاختيار الأسوأ والقرار الخطأ في التوقيت الخطأ في رسالةٍ لن تصل إلى عنوانها أبدًا، وستضلًّ الطريق إلى متلقِّيها، كما تبدَّدت الرسائل السابقة.

وستأتي كل هذه الاختيارات بعكس ما يُدبِّر أصحابُها، فلن يتوقف الإخوان عن العمل والنشاط وفق منهجهم السلمي الإصلاحي في إطار الدستور والقانون بعيدًا عن العنف والإرهاب، ولن يستفزَّهم أحد للخروج عن طريقهم، كما أنه لم تفلح المحاكمات ولا العقوبات- مهما كانت- في القضاء على الإخوان أو اجتثاث جذورهم وإنهاء وجودهم أو حتى إضعاف قوتهم وتحجيم انتشارهم وإيقاف خططهم الرامية إلى بعث صحوةٍ إسلاميةٍ متجددةٍ، وتحقيق نهضة إسلامية شاملة، تستنهض الإيمان، وتشعل جذوته في نفوس المصريين.. مسلمين ومسيحيين.. ليشاركوا في إرساء إصلاحٍ شاملٍ على أسس ومبادئ وقيمٍ لتجديد حضارة العرب والمسلمين.

لقد جاء قرار الإحالة سابقًا في أعقاب حكمٍ لمحكمة جنايات القاهرة بإخلاء سبيل خيرت الشاطر ومعه نصف المجموعة تقريبًا بعد طعنهم على قرار نيابة أمن الدولة العليا بحبسهم على ذمة القضية، فكان يُمثِّل تحديًا للقضاء المدني الطبيعي، وضربًا بأحكامه عرض الحائط، ثم صدور قرار اعتقال لإبقاء خيرت الشاطر وإخوانه محبوسين بأي وسيلة وتحت أي ذريعة.

ثم جاء القرار الأخير ببدء المحكمة العسكرية بطريقةٍ مُتعجِّلةٍ أيضًا من بين اختيارات عديدة كلها سيئة، لكنه كان الأسوأ قطعًا، فقد جاء بعد الحكم الثاني القاضي بالإفراج للمرة الثالثة عن خيرت الشاطر أيضًا من محكمة جنايات ثالثة بعد نظر تظلمه من قرار الاعتقال الصادر من وزير الداخلية، وكان قرار إفراج وجوبيًّا لأنه الثاني بعد اعتراض الوزير، وذلك وفق القانون الذي من المفترض أن يحترمه ويطبِّقه الحاكم ولو كان عسكريًّا بموجب قانون الطوارئ المعمول به أثناء فرض حالة الطوارئ التي نعيش في ظلها منذ بداية حكم الرئيس مبارك.

تحدٍّ جديد للقضاء المدني الطبيعي الدستوري، أو بالأحرى انتهاكٌ قويٌّ جدًّا للدستور والقانون، ولا أريد أن أستخدم الكلمة الدارجة التي تعوَّد عليها المصريون للتعبير عن هذا الموقف، ولكنها عملية وليست قولية، تهدر الحقوق والواجبات وترسِّخ الظلم البيِّن الواضح الذي لا يحتاج إلى دليل.

كان أمام الحاكم أن يُعيد اعتقال الشاطر أو يعرضه بأدلة جديدة على النيابة العسكرية أو المدعي العام العسكري الذي لم يقابله حتى هذه اللحظة في خروجٍ صريحٍ على المبادئ القانونية المستقرة، وسيراه للمرة الأولى أمام المجلس العسكري؛ ليطالب بتوقيع أشدِّ العقوبات عليه دون أن يستجوبه أو يتعرَّف على أقواله ويستمع إلى دفاع محاميه، إذا كان يريد استمرار حبس الشاطر وإخوانه.

القرار الصحيح والسليم الوحيد في مثل هذه الحالة كان الإفراج الفوري عنهم امتثالاً لحكم القضاء 3 مرات، وإعمالاً للقانون، واحترامًا للدستور، ولكن متى تعوَّدنا من النظام على ذلك، ولو على سبيل التجمُّل والظهور بمظهرٍ مُشرِّفٍ أمام الناس والعالم والرأي العام.

هذه هي بشائر التعديلات الدستورية، وهذا هو التطبيق الذي ينتظره الجميع حتى قبل وضْع قانون الإرهاب للمادة "الخطيئة الكبرى" 179، وهي رسالة إلى كل المعارضين، ومَن يرتفع صوتُهم ضد السياسات المدمِّرة الظالمة ظلمًا بعد ظلم بعد ظلم، لم يكتفوا بتقييد حرية الإخوان وحرمانهم من أولادهم وزوجاتهم وأهلهم، فصادروا أموالهم وتحفَّظوا على ممتلكاتهم، ثم حرموهم من حقهم الطبيعي في التقاضي أمام قاضيهم الطبيعي المدني في الدولة المدنية التي صدَّعونا بها طوال شهور التعديلات فإذا بنا نكتشف أنها عسكرية جدًّا.

وبدلاً من أن يتم تفعيل المواطنة زيَّنوا بها المادة الأولى والتي انتهكت حقوق المواطنين المقررة أصلاً في المادة 40 الباقية، إذًا بهذه المواطنة تميّز بين المصريين وفق معتقداتهم السياسية والفكرية وموقفهم من النظام، فمن يؤيد أو يعارض برفقٍ أو يمثل دور المعارضة فمرحبًا به، وله من الكعكة نصيبٌ، ومَن يعارض بجد وقوة ويُمثِّل تحديًا حقيقيًّا فمصيره أمام المحاكم العسكرية أو رهن الاعتقال الطويل، حقوقك كمواطن مرهونة بموقفك السياسي، وليست مرتبطةً بالدستور، فأين المعارضة وأين المجتمع المدني وأين منظمات حقوق الإنسان؟!

إن القضاء العسكري لن يتحوَّل إلى قضاءٍ طبيعي بحالٍ من الأحوال، ومهما أدخلوا على قانون الأحكام العسكرية من تعديلاتٍ شكليةٍ فسيبقى المضمون كما هو.. القضاء العسكري إدارة من إدارات القوات المسلَّحة تتبع القائد الأعلى للقوات المسلَّحة.. أي هو يتبع السلطة التنفيذية في أشدِّ تجلياتها وضوحًا.

كما أن الضباط العظماء الذين يجلسون على منصة الحكم ليسوا قضاة محصَّنين ضد العزل وليسوا متخصصين أو تمرَّسوا على بحث القضايا، ولا يمتلكون حنكة القاضي وضميره الذي يتكون طوال سنوات عمله، بدءًا من بداية تعيينه معاونَ نيابةٍ، إلى أن يصبح مستشارًا قادرًا على الفصل في القضايا التي تُهدَر فيها الدماء، وتُستباح بها الأموال، ولن يجدي نفعًا أن يُقال إنه أصبح على درجتين، فالاستئناف لن يغني شيئًا ما دام القضاء كله استثنائيًّا، ويجب على العقلاء ألا يدمِّروا صرْح القضاء المصري بهذا التوسع في المحاكم العسكرية، وأن تبقَى مقصورةً على محاكمة العسكريين فقط بسبب ما يرتكبونه من مخالفات أو جرائم في الثكنات العسكرية، وإلا سمحوا للقوى الدولية بالتدخل في شئوننا الداخلية، كما يحدث الآن في لبنان والصومال.

يظن البعض في النظام أن هذا القرار وتوقيته قبيل الانتخابات القادمة لمجلس الشورى سيؤثر على قراراتِ الإخوان، وهذا وَهْمٌ كبيرٌ، فالإخوان يستمدُّون قوتهم- بعد إيمانهم بالله- من تضحياتهم التي يلمسها الشعب ويراها حقيقةً واقعةً بسبب الظلم الواقع عليهم.

تعليق..

طردوا النائبة المنتخَبة عن حزب الرفاة في تركيا منذ بضع سنوات مروة قاوقجي بسبب ارتدائها الحجاب من البرلمان، وها هي السيدة "خير النساء" زوجة السيد عبد الله جول- وزير الخارجية- الذي سينتخبه البرلمان التركي رئيسًا لتركيا العلمانية الإسلامية بالضبط المحظورة المشروعة.. ها هي بحجابها ستدخل قصر الرئاسة خلال أيام، ولو انتخب البرلمان زوجها بعد جولاتٍ ثلاثٍ وليس من الجولة الأولى.

متى نرى المذيعات المحجَّبات يتمتعن بحقوق المواطنة؟! ومتى يحترم وزير الإعلام أحكام القضاء؟!

رسائل..

- إلى د. سمير عليش: شفاك الله وعافاك.. ألف سلامة.. نفتقد حيويتك ونشاطك في فترة عصيبة.. الجبهة الوطنية للتغيير تنتظر عودتك سليمًا معافى.

- إلى خيرت الشاطر ومحمد بشر وإخوانهما ﴿وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)﴾ (آل عمران)، ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾ (إبراهيم: من الآية 42).

- إلى ممدوح إسماعيل وأيمن نور فك الله أسركما وخفف عنكما وعن جميع المعتقلين.

- إلى نانسي بيلوسي زعيمة مجلس النواب بالكونجرس الأمريكي: تستطيع النساء أحيانًا ما لا يقدر عليه الرجال.

- ماذا لو انضمَّت إليها هيلاري كلينتون رئيسة لأمريكا؟ هل سيصبح العالم أكثر أمنًا وأمانًا.. الله أعلم.

صحافة وإعلام: مشعل وعباس ومبارك

عناوين الصحافة العالمية والعربية والفضائيات هي لقاء خالد مشعل ومحمود عباس الزعيمَين الفلسطينيَّين بالقاهرة لمراجعة الأوضاع على الساحة الفلسطينية، فقط الإعلام المصري: تليفزيون وإذاعة وصحافة قومية يتحدث عن لقاء مبارك وعباس!!

خبر سعيد:

نادي هيئة تدريس جامعة القاهرة مع تباشير فجر يوم جديد (السبت)، حينما كنتُ أكتبُ أخبرني عقب الصلاة أستاذ بطب القاهرة بخبرٍ سعيدٍ استجابةً لدعاءٍ ألتزمُ به وأواظب عليه.. اللهم اسمِعنا خيرًا اللهم أرِنا خيرًا، وهو فوز قائمة المعارضة (الإخوان وحركة 9 مارس والمستقلون) في انتخابات النادي بالكامل، حتى مقاعد المعيدين لم يفُز بها أحدٌ من قائمة الحزب الوطني، أو بالأحرى لجنة السياسات التي يتزعَّمها عميد كلية الطب، وكنت أنتظر "الجمهورية" صباح الأحد بفارغ الصبر لأرى كيف ستكتب الخبر؟!

مقاطعة ومقاطعة:

قاطع حزب المعارضة في تركيا اجتماع البرلمان التركي في الجولة الأولى لانتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية؛ بهدف عدم إكمال نصاب الثلثين، ومارس نواب المعاضة ابتزازًا كبيرًا ضد الحكومة والحزب الحاكم للحصول على مغانم سياسية أو شخصية.. المسألة مهمة، والاجتماع تاريخي بكل المقاييس، والقضية مفصلية في تاريخ تركيا.. كيف سيتناول الخبراء والمحللون السياسيون هذه المقاطعة؟! وهل سيجدون مبرِّرات للمعارضة العلمانية واليسارية؟! أم سيتم اتهامها بمثل ما يتهم به نواب الإخوان والمعارضة عندما يقاطعون جلسات البرلمان المصري الأوتوماتيكية!!

خبر سيئ.. لا بواكي لهم

كنت في زيارةٍ لإخوتي بقريتي صلةً لرحمي، وسمعتُ من أرملة أخي- رحمه الله- بخبر وفاة 3 مساجين في سجن وادي النطرون، وأصابني القلق على الإخوة ورفاق ومساجين عاديين يقبعون في زنازين مظلمة باردة، لا حول لهم ولا قوة.

وسارعتُ بالاتصال بمكتب (الجزيرة) لمعرفة التفاصيل والأسماء، فأخبرني الأستاذ سمير عمر وهو يطمئنني بأنهم جنائيون وليسوا سياسيين وليسوا من الإخوان المسلمين، وتحسَّرت نفسي وأنا أقول له: وكأنَّ الجنائيين ومساجين الحق العام لا بواكي لهم..

وتذكرتُ مَن لقيتهم طوال سنوات حبس ومَن عزلونا عنهم قصدًا ولكننا بالضرورة نلتقيهم في ممرَّات السجون أو في الزيارات أو في الترحيلات، وهم يوصوننا بالاهتمام بهم وبأحوالهم المعيشية وأحوالهم الصحية..

أين منظمات المجتمع الأهلي والمدني؟ وأين منظمات حقوق الإنسان؟ ولا أقول أين المجلس القومي لحقوق الإنسان وتقاريره وأين وزارة الداخلية؟ بل أين مجلس الشعب ولجنة حقوق الإنسان به؟!

رحم الله المتوفين الثلاثة، وألهم أهلهم الصبر، وأسأل الله الشفاء للمصابين وقلبي ينفطر على أحوال سجون مصر، ليست المشكلة هي التعذيب فقط أو إساءة المعاملة فحسب.. المشكلة أعمق وأعقد بكثير.

المصدر