دستور الاخوان عام 1952م

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٧:٣٥، ٦ أكتوبر ٢٠١٠ بواسطة Helmy (نقاش | مساهمات)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
دستور الإخوان عام 1952م


مقدمة

الدستور المقترح تم تحريره عام1952 وذلك بمعرفة الشعبة القانونية للإخوان وصاغ بنوده الدكتور طه بدوى أستاذ القانون العام بجامعة الإسكندرية في 103 مادة تحت إشراف المستشار محمد كامل رئيس الشعبة القانونية للإخوان وكان يشغل قبل ذلك رئاسة المحكمة العسكرية.

وناقشته لجنة برئاسة عبد العزيز عطية عضو مكتب الإرشاد ورئيس المكتب الإداري للإخوان بالإسكندرية ومشاركة كل من على فهمي "محامي" والدكتور غريب الجمال "أستاذ اقتصاد" وهما من أعضاء الشعبة القانونية للإخوان، وأقرته الهيئة التأسيسية للإخوان فى16سبتمبر 1952. وبذلك الإقرار صار هذا المشروع يعبر عن الجماعة وكل بنوده مثلت خلاصة مبادئ نظرية تحدد رؤية الإخوان السياسية والدستورية.


ملكية أم جمهورية

وتم طبع هذا الدستور في مطابع الإخوان وعلى غلافه كتب "مشروع دستور إسلامي للدولة المصرية.. ملكية أم جمهورية؟؟"..

حيث كان الصدور في أول ديسمبر 1952 قبل إلغاء الملكية في 18 يونيو 1953 وبالتالي روعي تضمين الدستور الإخواني بعض التقاليد الملكية والجمهورية لاسيما عند الحديث عن مدة الحكم أو إجراءات التولية والعزل والمحاسبة.

وافتتح المشروع بمقدمة نظرية ضمنها الدكتور بدوى الضوابط الناظمة للصياغة والرؤى الحاكمة لفلسفة الدستور المقترح، والتي تعود إلى أصول أحكام القران وسنة الرسول "ص" وخبرات الحكم في عهد الخلفاء الراشدين. وينوه بأن المشروع أخذ بما صلح في النظم الدستورية المعاصرة كالنظام الرئاسي المعمول به في الولايات المتحدة الأمريكية ونظام حكومة الجمعية العمومية الذي أخذت به الدساتير الأوربية كدستور النمسا الصادر عام 1920 والدستور التركي عام 1924 والدستور السويسري.

كذلك بدأ المشروع – بحسب المقدمة– مجافيا للنظام البرلماني الذي نشأ في إنجلترا ثم انتقل منها إلى غيرها في العديد من البلدان كفرنسا وبلجيكا ومصر "يقصد دستور23" وذلك لما ينطوي عليه هذا النظام من استقلال رئيس الدولة عن الهيئة التي تمثل الأمة "البرلمان"، فلا يسأل أمامها عن تصرفاته في شؤون الدولة سياسيا ولا جنائيا إن كان ملكا، إذ الأصل في رئيس الدولة "الملك" انه فوق البشر وأن ذاته مقدسة ومعصوم من الخطأ ،واعتبار أن مجرد سؤاله تعد على قداسته.

وكما تبين الديباجة فإنه لا توجد مثل هذه النظرة في الإسلام فالعصمة لله وحده دون عباده وضرورة أن تتم محاسبة الرئيس على أدائه أمام مجلس الأمة وأن يسأل سياسيا فإذا ثبت تقصيره عزل عن الرئاسة.


في السيادة

وتم تقسيم الدستور المقترح على خمسة أبواب، الأول :تحت عنوان "في السيادة" ويتضمن مادتين. والثاني في الهيئة الحاكمة ويتضمن 41 مادة وفيه يعالج الدستور المقترح كيان الحكومة الذي يتلخص في وجود هيئة حاكمة تتكون من مجلس الأمة ورئيس الدولة أو الملك الذي يختار من مجلس الأمة ويباشر التنفيذ ويسال عن هذه المباشرة .

أما الباب الثالث فعنوانه "في توزيع الوظائف".. التشريعية والقضائية والتنفيذية والقوات المسلحة والإدارة المحلية. كما اقتبس المشروع العديد من بنود دستور 23 في بعض أحكامه المالية ويعلل لذلك الدكتور بدوى لعدم مخالفة تلك البنود للشريعة من جهة ولثبوت صلاحيتها في التطبيق من جهة أخرى.

وتضمن الباب الرابع حقوق الأفراد، إلا أن المشروع جعل الصدارة للحقوق الاجتماعية فأوردها في صدارة الباب الرابع قبل الحريات الفردية مخالفا الدساتير الغربية النزعة التي إما أن تكتفي بضمان الحريات الفردية دون الحقوق الاجتماعية، وإما أن تجعل للأولى الصدارة على الأخيرة. أما الباب الخامس فهو يتحدث عن أحكام عامة كالجنسية والديانة وضمان حقوق اللاجئين السياسيين وألا يمس أي تعديل للدستور في أي وقت أصول الحرية والمساواة.


الدستور المجهول

والدستور الإخواني والذي ظل مجهولا لقطاعات واسعة من الإخوان كان محل دراسة أكاديمية باللغة الفرنسية على يد الباحث الدكتور إبراهيم زهمول والذي ضمن أطروحته عن الحركة الإسلامية بنود هذا الدستور بعد أن علق عليها وشرحها وأصلها تأصيلا قانونيا وشرعيا.

حيث يرى أن الدستور الإخوانى قدم فكرة دولة قومية يعيش فيها المسلمين وغير المسلمين يجمعهم الانتماء للوطن. ولعل أهم البنود التي تؤكد حقيقة هذا التوجه سنجدها في المادة 77 (يولد الناس أحرارا متساويين في الكرامة والحقوق والحريات بدون تمييز بحسب الأصل أو اللغة أو الدين أو اللون وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعض بروح الأخوة).


مصطلح الناس

وهو ذات النص الذي يوافق المادة الأولى من وثيقة حقوق الإنسان الصادرة عام 1948 ويقول الدكتور بدوى :حاول مشروع الدستور الإفادة من حيث الصياغة دون الجوهر من وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

ونلاحظ احتواء النص على مصطلح "الناس" وهو تعبير تراثي محايد جامع دون تمييز لكل التنوعات الذكورية والأنثوية والدينية، كما نصت المادة 78 (لكل فرد الحق في الحياة وفى الحرية والمساواة أمام القانون وأن يعيش آمنا ومطمئنا) والمادة 88 (لكل فرد في الوطن حرية التفكير والاعتقاد والتدين) والمادة 89 (لكل فرد الحق في حرية الرأي والتعبير).

وهذه البنود توضح حجم النقلة الفكرية التي قفز إليها الإخوان في ذلك التوقيت حيث الدولة المدنية التعددية التي تقدر حرية الرأي والتعبير تقوم على المواطنة والولاء السياسي بغض النظر عن الانتماءات العقائدية وبالتالي وجدنا تحررا من التقسيمات السياسية التي درج عليها الفقهاء الأقدمين التي تخص رعايا الدولة الإسلامية مثل الملية والذمية واتجه المشروع لعدم تحديد الديانة عند تدوين الحقوق.

واكتفى بمقولة "الفرد" وهو إلغاء ضمني لفكرة الذمة حيث لم يشترط في عضوية البرلمان الانتماء لدين معين بل نص على شروط موضوعية بحسب المادة الرابعة (أن يكوم مصريا حسن السمعة وأن يكون سنه أربعين سنة هجرية كاملة على الأقل وأن يكون على درجة من الأهلية الثقافية يحددها قانون الانتخاب).

ويبلغ الاجتهاد مداه عند اختيار رئيس الدولة والذي إشترط فيه نفس الشروط المطلوبة من عضو البرلمان على نحو ما جاء في المادة25 (يختار مجلس الأمة من بين أعضائه رئيسا للدولة المصرية لمدى الحياة كما يجوز له أن يختار من غير أعضائه، وفى هذه الحالة يشترط لصحة التعيين أن يكون الاختيار بأغلبية ثلثي أعضاء الذين يتكون منهم المجلس وان تتوافر في الشخص المختار ما يجب توفره في عضو المجلس).

وهو أن يكوم مصريا حسن السمعة أي أن الإخوان المسلمين يقبلون منذ أكثر من 50 عاما برئيس قبطي لدولة مصر وهو أمر محل خلاف حالي داخل الإخوان بل وقطع بعدم قبول لمثل هذا الطرح ؟؟


لماذا يا هذا؟

إلا أن الدستور المقترح حسبما يقول الدكتور إبراهيم زهمول غير محمل بأي تمييز يحول دون الحقوق والمواطنين سواء بسبب الأصل أو اللغة أو الدين فمبدأ الحريات العامة في بنوده لا يقتصر على فريق دون أخر حيث أن الجميع من حملة الجنسية المصرية وكلهم وفق المادة 96 (متساوون في الحقوق والواجبات سواء المالية أو في الخدمة العسكرية).

وتحدد المادة 72(الخدمة العسكرية إلزامية على المصريين جميعا على الوجه المبين بالقانون) بدون تفرقة أو فرض جزية ويضيف الدكتور زهمول: أكد الدستور أن حاملي الجنسية المصرية لهم حق تولى الوظائف العامة وحق الانتخاب والترشح ولم يرد في نصوص الدستور المقترح ما يقيد هذا الحق.

كما شددت المادة 91 على حق مدهش وربما غير مسبوق حيث يقرر الدستور انه لكل مواطن تحت سقف الدولة الإسلامية وحائز على الجنسية الحق في مقاومة جور الحكام حيث تؤكد المادة (مقاومة جور الحكام يعتبر بالنسبة لكل مواطن ولجميع المواطنين أقدس الحقوق والزم الواجبات)

أما إذا جئنا للمادة 97 والتي تقول (الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية) سنجد أنفسنا أمام نص متواتر عبر الدساتير المصرية الحديثة بكل تعديلاتها تقطع هوية الدولة ومرجعيتها وهو الأمر الذي يمكن ملاحظته من بداية دستور 23 ودستور 1930 ودستور1956 ودستور1971...


دستور الاخوان عام 1952م


"إضغط علي الصورة لتظهر بحجمها الكامل"