حين غفَت الأمّة!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
حين غفَت الأمّة!


بقلم: الأستاذ أوّاب إبراهيم

من الانتقادات التي وجّهها التيار القومي للإسلاميين في الماضي، أنهم يولون اهتماماً لما يجري في الشيشان وأفغانستان وكشمير والفيليبين، مماثلاً لاهتمامهم بما يجري في العراق وفلسطين واليمن وغيرها من البلاد العربية.

هذا الانتقاد جاء في مرحلة كان فيها الشارع الإسلامي في قمّة توقّده واندفاعه.

استجابت بعض التيارات الإسلامية للانتقادات القومية، وباتت تولي اهتماماً بالقضايا الإسلامية العربية أكثر من القضايا الإسلامية الأخرى.

بعدها بسنوات برزت انتقادات جديدة للتيار الإسلامي قوامها أن الإسلاميين يهملون شؤون الأقطار التي يعيشون بها، ويحصرون اهتمامهم بالقضايا الإسلامية والعربية.

فيشتعل الشارع غضباً في الأردن والسودان والكويت لما يجري في فلسطين، في حين أن كل واحد من هذه البلدان يعاني من أزمات ومشاكل تستحق الاهتمام والمتابعة والغضب والتظاهر.

استجابت الساحة الإسلامية مجدداً للانتقادات «الوطنجية»، وباتت تولي حيّزاً من الاهتمام بالقضايا الوطنية في القطر الذي تعيش فيه.

واستمر الأمر على هذا المنوال، حتى تحوّل هذا النهج مع مرور الوقت إلى أداء ومشروع تؤمن به فعلاً بعض القوى الإسلامية.

فباتت جرائم الشرف في عمّان تحتل حيّزاً من هموم الحركة الإسلامية، والعملة الخليجية الموحدة بنداً دائماً في لقاءات إسلاميي الخليج، والانقسام السياسي بين قوى 14 و 8 آذار على جدول أعمال إسلاميي لبنان، رغم حرص الجميع على التأكيد في كل مناسبة على مركزية القضية الفلسطينية والقضايا الإسلامية الأخرى، ومواصلة أئمة المساجد الابتهال إلى الله بالدعاء أن ينصر المسلمين في الفليبين وكشمير والشيشان والبوسنة والهرسك رغم أن الأزمات والحروب في هذه البلاد وضعت أوزارها منذ زمن.

المقدمة المطولة هذه جاءت تمهيداً للحديث عن حال الخمول التي تعتري الشارع العربي والإسلامي إزاء ما يجري في فلسطين من تهويد للمدينة المقدسة، واعتداء على ثالث الحرمين الشريفين.

ففي مرحلة خلت، كان لمشهد المستعربين اليهود وهم يقومون بخطف فلسطينيين والانهيال عليهم ضرباً ورفساً الذي بثته وسائل الإعلام العالمية مؤخراً، أن يشعل الشارع الإسلامي تنديداً وغضباً وتظاهرات وحرق أعلام.

في مرحلة خلت، كان يمكن مشهد اعتداء الجنود الإسرائيليين على النساء ورميهن على الأرض - كما حصل قبل أيام عند حاجز قلنديا في الضفة الغربية - أن يثير نخوة المعتصم من باكستان قاضي حسين أحمد إلى أردن همام سعيد.

لكن شيئاً من هذا لم يحصل، واقتصر الأمر على فعاليات تضامنية منظّمة، تكثر فيها الشعارات واللافتات المندّدة والمستنكرة التي تُخفي وراءها عدداً محدوداً من المشاركين.

في مرحلة خلت دفعت صورة الطفل محمد الدرة وهو في حضن والده ميتاً العالم كي يتناقل صورته بعد طبعها وتعليقها على زجاج السيارات والمحال التجارية، في الوقت الذي لم تجد صورة الكلب البوليسي الذي حرّضه جنود الاحتلال ليفترس المتظاهرين الفلسطينيين قبل أيام مكاناً لتعليقها.

التخاذل العربي الرسمي عن مناصرة المظلومين في فلسطين ليس جديداً ، الجديد هو تناغم الشعوب العربية والإسلامية وبعض القوى الحية مع حكامها في التخاذل عن نصرة الفلسطينيين، وعدم رفع الصوت رفضاً للمساس بالمقدسات الإسلامية.

حتى انتقاد الأنظمة العربية والقادة العرب الذي كان طريقة للتعبير عن الغضب والاستنكار، بات يتجنبه البعض كي لا ينعكس على العلاقة مع الأنظمة.

بل إن قوى المقاومة لم تجد مبرراً للتحرك، واكتفت بإصدار بيانات شجب واستنكار، وتضامن مع الشعب الفلسطيني، وإدانة للاعتداءات التي يتعرض لها.

نجحت أجهزة الاستخبارات المتآمرة في ما خططت له.

فنقاش القضية الفلسطينية بات يتركز على عمق علاقة حركة حماس بإيران، وعلى فضائح الفساد التي فاحت رائحتها من رموز السلطة الفلسطينية.

أما التطرق لمعاناة أهل قطاع غزة من الحصار والتجويع، فلا بد أن يقترن بالصواريخ التي نجحت حماس بإدخالها إلى القطاع عبر الأنفاق.

ومن يملك الجرأة لجمع التبرعات لصالح الشعب الفلسطيني وكتائب القسام، فإن عليه أن يضع في حسبانه إمكانية أن يعود بصندوقه خالي الوفاض.

الوضع في الساحة اللبنانية ليس بعيداً عن هذا الواقع.

فبالتزامن مع ما يجري في فلسطين من أحداث ربما تكون تاريخية، تتّجه أنظار اللبنانيين على ملامح وجه النائب وليد جنبلاط، وعلى رصد طريق المختارة- قصر الشعب، ومراقبة الوردة التي وضعها تيمور بك على ضريح جده في ذكرى اغتياله، بعدما تجنب وليد بك القيام بهذا الواجب خشية أن تنزعج القيادة السورية، بعدما نفدت منه وسائل إرضائها.

المصدر