حوار مع نائب مديرية التربية والتعليم بفلسطين
مقدمة
• "علِّم نفسك"... سلاح فلسطيني لمواجهة الصهاينة.
• التعليم الذاتي وسيلة لا تتوقف لصد العدوان.
• مناهج جديدة لدعم المقاومة وحماية الهوية.
• المتفوقون علميًا يتقدمون صفوف المقاومة.
• المناهج الصهيونية تُربي على قتل العربي.
تتسع دائرة الصراع مع الكيان الصهيوني الغاصب في فلسطين المحتلة، لتشمل التعليم الفلسطيني ومؤسساته المختلفة، باستهداف الصهاينة لتدميره بشكل متعمد ومنهجي، حتى تجف منابع التعليم لدى أبناء فلسطين، باعتبارها رافعة رئيسة للمقاومة والنضال، وحتى تخبو شعلة الجهاد الفلسطيني، ولكي يصبح الإنسان الفلسطيني جاهلاً، وذلك من خلال اللجوء إلى اغتيال الكفاءات العلمية، ومنع التنقلات بين المدن الفلسطينية، وإغلاق الجامعات والمدارس الفلسطينية أو تدميرها، أو تحويلها إلى ثكنات عسكرية.
وقد تنبَّه الفلسطينيون إلى هذا الخطر، فانتهجوا سياسة "التعليم الذاتي"، في مواجهة هذه الهمجية الصهيونية، مركزين في مناهجهم الفلسطينية البديلة التي وضعوها، على تنمية روح الجهاد وترسيخ روح الانتماء للوطن.
وحول هذه المناهج وأهدافها، والانتهاكات التي تتعرض لها مسيرة التعليم في فلسطين المحتلة، جاء هذا الحوار الذي أجراه موقع" إخوان أون لاين.نت" مع الدكتور "ماجد الديب" أستاذ المناهج وطرق التدريس والنائب الفني لمديرية التربية والتعليم بشمال غزة بفلسطين، الذي يؤكد فيه أن الإجراءات الصهيونية لم تفلح- ولن تفلح إن شاء الله- في وقف مسيرة التعليم بالأراضي المحتلة، مشيرًا إلى أهمية التعليم الفلسطيني في تشكيل عقول الطلاب على رفض الظلم والاحتلال الغاشم.
والآن إلى نص الحوار
- بدايةً: كيف تنظرون إلى قيمة العلم في الوقت الذي يستمر فيه العدوان الصهيوني المتواصل على الشعب الفلسطيني؟
- ثبت بالأمر القاطع أن الطلبة المتميزين والذين يحملون الفكر الحي والواعي هم الذين يقاومون الاحتلال إما بفكرهم أو بطرق أخرى، لذلك فإن الطلبة الفلسطينيين يستمسكون بالعلم كأحد الخيارات المتاحة لهم وباعتباره شكلاً من أشكال المقاومة التي يخشاها العدو الصهيوني، خاصةً أنه يحاول اغتيال الكوادر العلمية من خلال الإغلاقات ومنع التنقلات بحجج واهية وغير مقنعة، ولكن ما دام هناك هدف تَمَّ وضعه مسبقًا أمام المعلم الذي يغرس هذه القيم والاتجاهات لدى أبنائنا، ويرسخ الانتماء إلى أمته العربية والإسلامية، فلابد أن يأتي اليوم الذي يُعيد فيه الصهيونيون النظر في أننا أصحاب قضية وأرض وشعلة علمية مضاءة تغرس قيمًا واتجاهات وترسخ انتماءً لهذا الوطن الذي رسمناه بدماء شهدائنا وآمال أسرانا وتطلعات علمائنا ومعلمينا.
- وما دافعكم لوضع مناهج جديدة للتعليم في الأراضي المحتلة؟
- منذ عودة السلطة الفلسطينية إلى أرضنا المحتلة قررت إعداد مناهج فلسطينية خاصة، وشارك في إعداد وتأليف هذه المناهج لجنة من التربويين والمتخصصين وأساتذة الجامعات من ذوي الخبرة العالية، وتطبق هذه المناهج حاليًا بشكل نهائي بعد أن طُبقت بشكل أولي، وتَمَّ إدخال عدد من التعديلات والتطوير عليها حتى وصلت إلى مستوى جيد.
- وكان طلاب مدارس فلسطين يدرسون قبل ذلك مناهج أردنية في الضفة ومناهج مصرية في محافظات غزة، ولم يكن عيبًا في هذه المناهج سوى أنها لا تحقق خصوصية هذا الشعب واهتماماته وتطلعاته، على الرغم من قوتها وتميُّزها في كثير من المجالات.
- لذلك أصبح لزامًا على هذا الشعب أن يضع المناهج الخاصة به، والهوية التي تعكس ذاته وتحقق طموحاته نحو بناء الشخصية الفلسطينية المتميزة التي تواجه هذا المارد الكبير، وهذا الغزو الفكري والثقافي لأمتنا العربية والإسلامية ولشعبنا الفلسطيني بشكل خاص.
المحاور والأهداف
- ما هي أهم المحاور التي تتضمنها المناهج الجديدة؟
- يقع على عاتق واضعي المناهج ومخططيها عبء كبير ومهم في تشكيل الشخصية الفلسطينية وصقل الإنسان الفلسطيني الذي يواجه تحديات هذه المرحلة، خاصةً في ظل هذا التصارع العلمي والمتطور يومًا بعد يوم، وفي ظل هذه التغيرات السريعة التي تعيشها الأمة الإسلامية والشعب العربي بشكل عام والفلسطيني بوجه خاص، وهذه الظروف تتطلب من واضعي المناهج الصحوة الثقافية ضد الغزو الثقافي والفكري الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني، وتعزيز روح الانتماء لهذه الأمة، ولهذا الشعب الذي قدم - ومازال- كل ما يملك نحو بناء دولته وعاصمتها القدس الشريف.
- ما أهم الأهداف التي يُنتظر تحقيقها من تطبيق مناهج فلسطينية خاصة للطلاب؟
- هدفنا الأسمى غرس الميراث الفكري ضد الغزو الثقافي الذي تتعرض له أمتنا العربية والإسلامية وشعبنا الفلسطيني، وذلك بربط حاضر الطالب والماضي الذي عاشه آباؤه وأجداده عبر المناهج الفلسطينية الحديثة، والبعد عن خطر العولمة والغزو الثقافي المسموم.
- وكذلك لابد من غرس مهارات إبداعية في المواد العلمية بشكل عام، والتي تؤدي إلى تنمية التفكير بأنواعه المختلفة، وقد وُجد من خلال البحث والدراسة أن معظم الطلبة لا يستطيعون تحمل مشاق الاستقصاء والتنقيب، وذلك لضيق الوقت وتعديات جيش الاحتلال.
العقبات والحلول
- ولكن ما أهم العقبات التي يضعها الصهاينة أمام العملية التعليمية الفلسطينية؟
- المشكلة الرئيسة عدم تمكن الطلاب والمدرسين من الحضور إلى المدارس والجامعات، حيث تقسم البلاد إلى حواجز يجب على الطلاب المرور من خلالها؛ مما يسبب عبئًا على الطلاب، خاصةً الطالبات اللائي يَخشى عليهن أهلهن من مضايقة الصهاينة لهُن.
- كما لا يستطيع المدرسون الذهاب إلى المدارس في كثير من الأحيان، إذ يتمّ منْعهم من ذلك، كما أنَّ جيش الاحتلال يُحارِب العلماء والمتعلمين عبْر منعهم من التنقُّل بين أقطار الدول العربية وحضور المؤتمرات العلمية، فضلاً عن تدمير البنية التحتية للجامعات الفلسطينية، حيث تعرضت جامعة الأقصى فرع الجنوب لتخريب جميع الغُرف الدراسيَة وقاعات المحاضرات بها لدرجة أنها أصبحت لا تصلح للتدريس.
- كما تعرض الكثير من مدارس وزارة التربية والتعليم العالي- خاصةً المتاخمة للمستوطنات ولمواقع قوات جيش الاحتلال- للكثير من التخريب والتدمير وترويع الأبرياء من الطلاب بهدف تخريب العملية التعليمية، والحدّ من النهوض بها؛ من أجل تجهيل هذا الشعب وقتل الروح النضالية للشعب الفلسطيني.
- وقد تعرضت مديرية شمال غزة التي أعمل بها إلى تعديات جيش الاحتلال من حرق وتدمير وسلب لممتلكاتها، ومن ناحية أخرى يقوم الصهاينة بإغلاق الجامعات وتدمير بعضها وتحويلها إلى ثكنات عسكرية، وإصابة بعض التلاميذ وترويعهم بهدف الإرهاب وعدم توجه التلاميذ والطلاب إلى مدارسهم وجامعاتهم.
- وكيف يتغلب الفلسطينيون على هذه العراقيل التي يضعها الصهاينة أمام تعليم أبناء فلسطين؟
- حاولت وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية أن تتغلب على الانتهاكات التي يقوم بها جيش الاحتلال من خلال فتح دور العلم والمؤسسات الخاصة لتلقي المحاضرات والدروس والندوات بعيدًا عن الحواجز، وكذلك توزيع مواد إثرائية (مواد بديلة يدرسها الطلاب في المنازل ويتابعها أولياء الأمور)، ويتم من خلال هذه المواد معالجة القضايا العلمية الملحة، خاصةً في مرحلة التعليم الأساسي ووقت الإغلاق حتى يتم مراعاة التعلم الذاتي، وبمتابعة هذه الآلية مع أولياء الأمور- ثم عقد الامتحانات مع تعديل المسارات الخاطئة لدى الطلبة، أولاً بأول- تتم مواجهة هذه المرحلة الصعبة التي يعيشها أبناؤنا الطلاب.
- ومن ناحية أخرى أصبح التحصيل العلمي الهدف الأساسي للأسرة الفلسطينية، ويبدو أن الطالب الفلسطيني قد تحدَّى هذه المرحلة، وأصبح يواجه هذه الترسانة بالذهاب إلى المؤسسة التعليمية عبر الطرق الملتوية والجبال الشاهقة والسهول والوديان؛ للوصول إلى مؤسَّسته لتلقي العلم.
- هل تأثر مستوى الطلاب الفلسطينيون نتيجة هذه الانتهاكات المتصاعدة؟
- بفضل الله لم يتأثر مستواهم، وما زال أبناء الأقصى يقبلون على التعليم ونسبتهم مرتفعة للغاية، كما يدرس الطالب الفلسطيني بشكل يؤهله لمواصلة حياته وتخرجه والانتقال إلى الجامعات الفلسطينية والعربية والعالمية لتحقيق الرسالة التي وُضعت كأمانة في عاتقه نحو بناء هذا الصرح الذي تسعى المؤسسة العسكرية الصهيونية جاهدةً لهدمه كلما بُنِي من قِبَل السواعد الفلسطينية المخلصة، ولكن طالما بَقِي أُناس مخلصون من الشعب الفلسطيني ستبقى هذه القضية، وسيبقى الطالب الفلسطيني يواجه كل هذه التحديات بروح عالية، يملؤها التحدي والنضال والمقاومة لترتفع راية العلم عالية.
- أخيرًا: تكرس مناهج التعليم الصهيونية العنصرية والإرهابية ضد العرب والمسلمين.. كيف تستطيع المناهج الفلسطينية مواجهة ذلك؟
- بالفعل.. هذه المناهج الصهيونية مُعادية للعرب والمسلمين عامةً وللفلسطينيين خاصةً من خلال حث طلبتهم منذ نعومة أظفارهم على قتل العربي أينما وجد، وأن هذا العربي مغتصب أرضهم وحاجب حريتهم؛ لذا يجب اجتثاثه من الأرض التي يدَّعون أنها أرض الميعاد.
- وفي المقابل جاءت مناهجنا الفلسطينية لتنمية الروح النضالية والجهادية عبر البحث عن الحقيقة وترسيخ روح الانتماء لهذا الوطن الغالي، والربط بين الحاضر والماضي، والتذكير بأمجاد العرب والمسلمين عبر نتاجاتهم البطولية والثقافية.
- كما ترسخ المناهج الفلسطينية معنى أن العرب من خير الأمم التي تنظر إلى الجهاد والنضال بعيدًا عن الإرهاب كما يصفه أعداء هذه الأمة؛ لذلك كان العاتق الكبير على واضعي المناهج الفلسطينية هو تحديد فلسفة خاصة للمجتمع الفلسطيني تربط بين أبناء فلسطين والأمة العربية، وتتفاعل مع التحديات التي تواجه الطلاب في المراحل الدراسية المختلفة، كما تعمل هذه المناهج الجديدة على الحث على النضال وعدم التفريط في الحقوق والثوابت الفلسطينية.
المصدر
- حوار: حوار مع نائب مديرية التربية والتعليم بفلسطين موقع اخوان اون لاين