حوار مع نائب أمير الجماعة الإسلامية في (بنجلاديش)
[02-12-2003]
مقدمة
• اتفقنا مع الحكومة على عدم إصدار قرارات تخالف الإسلام.
• تردي أوضاع المسلمين يعود إلى إفساد الحكومات السابقة والأعاصير والفيضانات التي تضرب البلاد.
• نمتلك مشروعًا لأسلمة المجتمع، وتدريس التعليم الديني بجانب التعليم المدني.
• القوى الإسلامية متعاونة والعلاقة بين أطرافها جيدة.
وسط العديد من المشكلات التي تواجه المسلمين في (بنجلاديش) يبرز شعاع ضوء يتمثل في جهود الجماعة الإسلامية التي تدرك الأخطار والتحديات، وتعمل على مواجهتها من خلال المشاركة في الحكومة الحالية، وتوحيد الصف الإسلامي من الداخل والسعي لتحسين أوضاع المسلمين.
هذا الدور المهم للجماعة الإسلامية في بنجلاديش يلقي الضوء عليه الشيخ "أبوالكلام محمد يوسف"- نائب أمير الجماعة- على هامش زيارته الأخيرة للكويت.
نص الحوار
- منذ زمن و(بنجلاديش) تصنَّف ضمن أفقر دول العالم.. إلى أين وصلت أوضاع المسلمين؟
- بنجلاديش بلد زراعي صغير، لكنه ذو كثافة سكانية عالية، وهي دولة إسلامية يبلغ تعدادها140 مليون نسمة، 85% مسلمون، والباقي يتوزع بين الهندوس والنصارى والبوذيين، وفي ظل التنوع السياسي والاختلافات الأيدولوجية والاضطرابات المستمرة تواظب القوى الإسلامية على الدعوة إلى الله، وهذا ديدنها منذ عهد الاستعمار البريطاني وحتى الآن.
- وأوضاع المسلمين الآن تتجه نحو الاستقرار والتحسن بعد تشكيل الحكومة الائتلافية الحالية التي تشترك فيها الجماعة الإسلامية، كما تتطور أوضاعهم في اتجاه السلام، فيما كان المسلمون في عهد الحكومة السابقة يعيشون في حال من الخوف والوجل.
- ولا شك أن هذا التردي الذي يعيشه المسلمون جاء بسبب تعاقب الحكومات العلمانية الفاسدة؛ مما أدَّى إلى انتشار الرشوة والفساد، ومن ثم انهيار البلاد اقتصاديًا، فضلاً عن الأعاصير والفيضانات التي تضرب البلاد بين الحين والآخر، فتلْتَهِم الأخضر واليابس.
الوثنية الهندية
- الأخطار التي تواجه المسلمين في (بنجلاديش).. هل تأتي من الداخل أم من الخارج؟ وما أبرزها؟
- (بنجلاديش) دولة لا تتصل جيدًا مع العالم الإسلامي، والخطورة أنها محاطة بالهند الوثنية التي تعتبر العدو الخالص للمسلمين منذ العهد البريطاني، وخاصةً عندما انفصلت باكستان بشقيها الغربي والشرقي، وهي دائمًا تتآمر ضد المسلمين سياسيًا واقتصاديًا، تمنع المياه الجارية عبر الأنهار عن (بنجلاديش) بإقامة السدود دون احترام القوانين والأعراف الدولية، وتقوم بدفع المسلمين الناطقين باللغة البنغالية والمقيمين على أرضها للرحيل منها إلى (بنجلاديش)، الأمر الذي يترتب عليه الكثير من التوترات والاضطرابات.
- أما التحدي الآخر فمصدره المنظمات التنصيرية التي وفدت إلى البلاد تحت شعار تقديم الخدمات الإغاثية والإنسانية، فالمئات من هذه المنظمات تعمل بين أبناء المسلمين في مجالات التعليم والصحة وإنشاء المشاريع الزراعية والاقتصادية وغيرها، وتكمن رسالتها الحقيقية في استقطاب المسلمين وتنصيرهم أو تحريف عقيدتهم.
- وفي المقابل.. فإن هناك العديد من المؤسسات الخيرية الإسلامية التي تعمل على أرض بنجلاديش، وتحمل رسالةً ساميةً ونبيلةً مثل بيت الزكاة والهيئة الخيرية الإسلامية العالمية في الكويت، ورابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة، والعون الإسلامي في بريطانيا وغيرها؛ حيث نشطت في بناء العديد من المستوصفات والمستشفيات ودور الأيتام والمساجد والمدارس والمشاريع الإنتاجية.
متأثرة بالإخوان
- وماذا عن دور الجماعة الإسلامية في الدعوة إلى الله ومواجهة النظام العلماني؟ وهل تمثل كيانًا مستقلاً عن غيره في التنظيمات الإسلامية في العالم؟
- الجماعة الإسلامية في باكستان والهند وبنجلاديش كانت جماعة واحدة أسسها الإمام "أبو الأعلى المودودي"- رحمه الله-، وحين استقلت كل دولة عن الأخرى استقلت الجماعة الإسلامية في بنجلاديش عن شقيقتيها، لكن الأهداف والمبادئ وأساليب العمل للإسلام واحدة، ولا شك أنه في بعض الأحيان يحدث تباينٌ في وجهات النظر والمواقف تجاه بعض القضايا لاعتبارات خاصة.
- والجماعة الإسلامية- بصفة عامة- متأثرة بالأدبيات السياسية والدعوية لحركة الإخوان المسلمين، ولهذا فإنها تنتهج خط الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ونبذ العنف، والتغيير من خلال الأساليب السلمية.
- ونحن في (بنجلاديش) لا ندعي أننا سنقضي على العلمانية في يوم وليلة، ولكننا نتبنى مشروعًا لمواجهتها، والهدف من هذا المشروع "أسلمة" المجتمع وتغيير النظام التعليمي السائد، حيث يشتمل على التعليم الديني إلى جانب التعليم المدني، ومن سمات المشروع التدرج والمرحلية وتهيئة الأجواء للتعاطي مع الطرح الإسلامي في المجالات المختلفة.
حضور كبير
- وهل للجماعة الإسلامية دور في صناعة القرار بعد مشاركتها في الحكومة؟ وما حجم وجودها في المؤسسات الحاكمة؟
- لوجود الجماعة الإسلامية في المؤسسة الحاكمة أثر كبير، فالأخيرة لا تجرؤ على اتخاذ قرارات أو إصدار قوانين تخالف الإسلام أو تناهض مصلحة المسلمين كما كان في السابق؛ حيث كانت الحكومة البائدة تتخذ قرارات بإغلاق المدارس والمؤسسات الإسلامية.
- والجماعة الإسلامية تشارك في الحكومة من خلال وزارتَي الصناعة والشئون الاجتماعية، وهي تسعى دائمًا إلى بناء وتأهيل كوادر وعناصر قيادية، كما أن لها دور كبير في الأوساط الطلابية والمهنية، ورجالها موجودون في كثير من الدوائر الحكومية.
- وأمام هذا الوجود المؤثر في الحكومة وتمثيلها في البرلمان بـ 17 عضوًا... فإن هناك اتفاقًا بين الجماعة والحكومة على ألا تصدر أي قرارات تخالف تعاليم الإسلام.
- وماذا عن المؤسسات الإسلامية التي تعمل من خلالها؟
- الجماعة تمتلك وتدير العديد من المؤسسات، ومنها جمعية العمال وجمعية الفلاحين وجمعية التربية الإسلامية، ومطبوعة يومية وأخرى أسبوعية، وثالثة شهرية، فضلاً عن إدارة العديد من المدارس وثلاث جامعات حكومية تحظى بحضور إسلامي قوي في أوساط الطلاب.
- الجماعة الإسلامية هي أكبر القوى الإسلامية على الساحة، وإلى جانبها توجد قوى أخرى مثل مجلس الخلافة وحركة الخلافة، والتيار السلفي الذي يُعنى بعلم التوحيد، وجماعة التبليغ والدعوة وهي لا تهتم بالشئون العامة وليس لها دور في مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- والعلاقة بين القوى الإسلامية- رغم اختلاف مفاهيمها ورسائلها ومنابرها- جيدة، والجماعة الإسلامية بعد نجاحها في تجربة المشاركة في الحكومة تسعى إلى توحيد الصف الإسلامي، ودعم اتحاد القوى الإسلامية، والتقريب بين فصائلها.
*نقلاً عن مجلة المجتمع بتاريخ 27 رمضان 1424هـ= الموافق 22 نوفمبر 2003م
المصدر
- خبر: حوار مع نائب أمير الجماعة الإسلامية في (بنجلاديش) موقع اخوان اون لاين