حوار مع الأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
حوار مع الأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني

[08-09-2004]

المقدمه

ليس هناك مستقبل للسلام في ظل التصعيد الصهيوني

نحن غير راضين عن أي دور عربي رسمي تجاه القضية الفلسطينية

حوار- محمد هاني

نفى د. سمير غوشة- عضو المجلس الوطني الفلسطيني، والأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني- أن تكون حركة حماس قد طالبت من قبل بدولة فلسطين على مساحة 42% فقط، وقال إنه من المستحيل مطلقًا ذلك، وفنَّد الادعاءات الصهيونية التي تروِّج لهذا الحديث، والتي تستهدف من ورائه محاولةَ إثارة الفتنة وشقِّ الداخل الفلسطيني..

وقال- في حديث خاص لـ(إخوان أون لاين)- إن الشعب الفلسطيني بأكمله لن يقبل بأي دولة فلسطينية إلا في حدود ما أقرته الشرعية الدولية، وأقرته الأعراف الدولية والمواثيق، وهو حدود الرابع من يونيو 1967م، وبموجب القرار الصادر من مجلس الأمن برقم 242، والذي يُلزم الكيان الصهيوني بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، وفيما يلي نص حديثه..


نص الحوار

  • ما أسباب الزيارة التي قمتم بها للقاهرة مؤخرًا؟
في الحقيقة إن هذه الزيارة جاءت من أجل الحوار، والذي جاء في وقت حرج جدًّا يمرُّ على الأمة العربية كلها، خصوصًا بعد الاجتياح الأمريكي للأراضي العراقية، وما ترتَّب عليه من طرح خريطة الطريق، وإشغال الرأي العام العربي كله عما يدور في أرضه من مؤامرات تستهدف وحدته وأمنه واستقراره، ونحن جئنا الآن للقاهرة في محاولة جادَّةٍ منا لرأب الصدع الفلسطيني؛ حتى تتوحَّد كل فصائلنا وكل أهدافنا الرامية إلى إزالة هذا الاحتلال وبأي وسيلة من الوسائل المشروعة.
  • هل هناك أي ضغوط وقعت عليكم من أجل إجراء هذا الحوار؟ وما أهمية الدور المصري في حوار الفصائل الفلسطينية؟!

لم تقع علينا أية ضغوط من جانب الحكومة المصرية، بل على العكس نحن جئنا وبكامل رضانا، ونحن من هنا نعجز عن شكرنا الدائم للاهتمام الذي توليه حكومة الرئيس مبارك للقضية الفلسطينية ولكل الشعب الفلسطيني، وهذا الحوار الآن هو الثاني من نوعه، فقد جئنا من قبل للقاهرة في أوائل هذا العام, والآن نستكمل ما بدأناه في حوار القاهرة في الشأن الفلسطيني ومن أوسع أبوابه وعلى أعلى المستويات، وأنا أتمنى من كل الفصائل التجاوب نحو إنجاح أي مؤتمر حواري للإصلاح الفلسطيني، مع الإشادة الكاملة بكل دور مهتم بهذا الحوار.


الهدنه فى الداخل الفلسطينى

عملية بئر سبع الاستشهادية الأخيرة
بصراحة متى كانت هناك أي نوع من أنواع الاستجابة للمطالب الفلسطينية القاضية بالانسحاب الصهيوني الكامل من الأراضي المحتلة ومتى توقف العنف الصهيوني ضد المدنيين والأبرياء وضد الفصائل الفلسطينية.. فستكون هناك هدنة، وإذا لم تتحقق هذه المطالب ولم نجد أية استجابة فإن المقاومة ستستمر حتى خروج المحتل البغيض عن أراضينا ويتحقق لنا النصر الذي نريده بإذن الله.
  • وما شروطكم التي تطرحونها لوقف إطلاق النار أو الهدنة؟!
إن شروطنا واضحةٌ جدًّا، وسبق أن أعلنَّاها مرارًا وتكرارًا، ولكن الكيان الصهيوني لا يريد الالتزام بها مطلقًا وبأي حال من الأحوال، وللمرة الأخيرة نقولها إذا لم يتوقف العنف فلن يكون هناك أي مستقبل للسلام، وإذا لم يتوقف الإرهاب والتشريد والإبعاد والنفي فلن يكون هناك سلام، والمعاملة أصبحت الآن بالمثل، القتل بالقتل، والذبح بالذبح، والبادئ أظلم.
  • وماذا عن الاتهامات التي توجَّه إليكم وتصفكم بالحركات الإرهابية؟!
نحن ندرك الظلم الذي لَحِق بالشعب الفلسطيني عندما وصل الأمر إلى حدِّ وصف مقاومته بالإرهاب، ومن وجهةِ نظرنا قد يكون هناك بعض أشكال العمل، ويجب إعادة التفكير فيها؛ ولذلك نحن ننادي- كجبهة تنادي بتحرير الشعب الفلسطيني- بضرورة تحييد المدنيين من الجانبين الفلسطيني والصهيوني، وضمان وقف الاجتياحات الصهيونية في هذا المجال, ولكن حركة حماس تعبر عن طموحات الشعب الفلسطيني وحقه المتكامل في نحر الاحتلال، وحقه في الحرية والاستقلال.
  • وماذا عن العمليات الاستشهادية التي تتم داخل الكيان الصهيوني؟! يقولون إنها أضرَّت كثيرًا بالقضية الفلسطينية.. فما وجهة نظركم في ذلك؟
هذه قضية كانت محل تجاوب وخلاف، ونحن أبدَينا وجهة نظرنا الخاصة فيها في جلسات الحوار الأولى التي تمت في أوقات سابقة وما قبل ذلك، أثناء حوارنا داخل الأراضي الفلسطينية، ونحن من وجهه نظرنا نقول إنه يجب إبعاد المدنيين من كِلا الجانبين، ونحن نعتقد أن هذه العمليات يجب وقفها، وخاصةً أنها تُستغل بوصم نضال الشعب الفلسطيني بالإرهاب، بينما لنا الحق المشروع في المقاومة الذي كفلته لنا الشرعية الدولية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 1967م؛ ولذلك نحن نسعى الآن للخروج بموقف موحَّد يدعو إلى إبعاد المدنيين من كِلا الجانبين من أي أعمال عسكرية.
  • لكم وجهة نظر واضحة في كل الاتفاقات التي تُعقد في الداخل أو الخارج الفلسطيني، ولكن كيف تعتبر ما جاء في وثيقة (جنيف) الأخيرة، التي أثارت العديد من الفتن في الداخل الفلسطيني وما زالت انعكاساتها خطيرة حتى اليوم على الشعب الفلسطيني؟
وثيقة (جنيف) هي وثيقة مجال تباين وخلاف داخل الساحة الفلسطينية، وهي لا تعبر عن أي موقف رسمي فلسطيني؛ حيث لم تقرها اللجنة الرسمية والتنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهي محاولة واجتهاد من قبل جهات فلسطينية وصهيونية اجتهدت في هذا المجال، ولكن ليس لها أي دور رسمي، كذلك فيما جاء يتعلق بهذا المجال نجدها قد لعبت دورًا في تحريك الأجواء الصهيونية، وفي المقابل هذه الوثيقة حملت تنازلات خطيرة فيما يتعلق بحق العودة للاجئين وموضوع القدس والسيادة؛ ولذلك يجب أن نضعها في الموضع الصحيح، والمسألة التي تواجهنا الآن هي الاحتلال وليس هذه الوثيقة التي تعبر عن رأي مجموعة معدودة، سواء كانت فلسطينية أو صهيونية لها اجتهادها.
  • وهل سيكون هناك تنسيق محتمَل في العمليات الاستشهادية فيما بين الفصائل الفلسطينية؟
ستكون إحدى قضايا البحث هو أشكال النضال وما هو الشكل المناسب الذي يجب اتباعه, ونحن من وجهة نظرنا نرى أن وسائل النضال يجب العمل بها، وهناك شريك يجب أن يكون معنا، وهناك أساليب يجب انتهاجها من عدمه، ونحن من وجهة نظرنا لم يعُد مجديًا لنا الإصرار الذي يحدث من قبل بعض الفصائل على الجهر بالعمليات الاستشهادية ضد المدنيين؛
ولذلك طالبنا بتحديد هذه الأساليب، وهناك الآن أشكال في المقاومة تأخذ الطابع الشعبي والجماهيري والانتفاضي، وعلى الشعب الفلسطيني أن يمارسها، وهناك عمليات مقاومة تُشَن عند أي هجوم تقوم به دولة العدو، لكن لا خلافَ على أن الشعب الفلسطيني سيظل يقاوم الاحتلال لكن كيف؟! فهذه القضية سوف تظل تشكِّل إحدى محاور البحث والنقاش للاتفاق حولها في هذا الحوار.
العدو لا يُخفي نواياه في إبعاد عرفات أو قتله تحت أسوأ فرض، والانتهاء من وجود عرفات أو السلطة، وهذا ما أعلنه من قبل بكل وقاحة، بما فيها محاولة التدخل في الشئون الفلسطينية ووضعهم؛ فالرئيس عرفات هو رئيس منتخَب ومن يقرر بقاءه أو ذهابه هو الشعب الفلسطيني، وبطريقة منتخَبة وديمقراطية؛ فهذا الرئيس يشكِّل رمزًا للشعب الفلسطيني، وهذه قضية فلسطينية ولا يمكن أن نقبل لدولة العدو ولا لغيرها أن تتدخل فيها.
أنا أعتقد أن أي طرف يتحدث عن القضية الفلسطينية يصعب عليه الذي يحدث الآن، والجميع يحرص كل الحرص على أن تُحل القضايا عن طريق الحوار وليس عن طريق الحرب والاقتتال والتناحر؛ لأنه ليس من المعقول أن يتناحر أبناء الشعب الواحد في مواجهة المحتل، وإن ما يريده العدو هو دفعنا للقتال والتناحر، وهذا الأمر هو سيكون على حساب قضيتنا الفلسطينية، ولا أتوقع الوصول حاليًا إلى مرحلة اقتتال أو تناحر، ولكن هذا لا يعني أن تكون هناك خلافاتٌ سياسيةٌ وإشكاليات حول الديمقراطية.


حماس تعبر عن طموحات الشعب الفلسطيني

  • أعلنت حركة حماس من قبل أنها ستقبل بدولة فلسطينية ولو على حدود 42%.. فما وجهة نظركم في ذلك؟!
أولاً حماس لم تعلن ولم يعلن أي طرف فلسطيني نهائيًّا القبول بدولة مؤقتة على 42%، ولم يعلن من قبل أي فصيل فلسطيني هذا الأمر والذي هو مرفوض تمامًا، ونحن نريد إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967م بما فيها قضية القدس على أساس أنها عاصمة لدولتنا، وحل كل القضايا العالقة بما فيها قضية اللاجئين لأنهما أزمة حقيقية.
وهذا كله تؤيده القرارات الدولية، وبالأخص قرار الأمم المتحدة 194، وبرنامجنا الوطني هذا هو الذي أجمعت علية كافة الفصائل، وهذا ما صدر عن مجلسنا الوطني في وثيقة الاستقلال التي عُقِدت في الجزائر عام 1988م، وجميعنا لا زلنا متمسكين بهذا البرنامج وبهذه الثوابت الوطنية، فقد يكون لدى إخواننا في حماس أو غيرهم شعارات وطموحات ولكن لن يقوم أي أحد منهم بطرح موضوع دولة فلسطينية على 42% فقط، وهذا ما لا نقبله مطلقًا.
بلا شك، إنها كذلك، وحماس لها وجهات نظر فيما يتعلق بالدولة الفلسطينية، وفيما يتعلق بالمقاومة في فلسطين وغيرها.. أما القبول بدولة على 42% فلن ولم يطرحه أي طرف فلسطيني بأي حال من الأحوال، ولن نسمح لأي طرف بذلك مطلقًا، حتى ولو أدى بنا الأمر للدخول في صِدام معه وما طُرِح موخَّرًا جاء في خريطة الطريق، والذي صدر بالإجماع رقم 1515 والذي نص على قيام دولتين على أساس أن هناك القرارات الشرعية الدولية بما فيها القرار242.


خريطة الطريق

  • ما رؤيتكم لمستقبل خريطة الطريق الآن؟ وهل ترى أن هذه الخريطة تبشِّر بالفعل بقيام دولة فلسطينية في 2005م القادم..؟ أم أنها ادعاءات لشغل الشارع العربي والفلسطيني فقط..؟!
أولاً نحن أعلنا كسلطة فلسطينية من قبل أننا نلتزم بخارطة الطريق، ونحن كفصيل له وجهة نظر ولدينا العديد من الملاحظات على خريطة الطريق، ولا نرى أنها تلبي طموحات شعبنا، وبالرغم من ذلك أعلن الجانب الفلسطيني الالتزام بخارطة الطريق, ومن يرفض الالتزام هو الكيان الصهيوني؛
إذ لديها عدة تحفظات على خارطة الطريق، ويحاول شارون التملص من خارطة الطريق والتنصل عنها، والدليل العملي الملموس على ذلك هو استمراره ورفضه الالتزام بالوفاء بالاستحقاقات التي تنص عليها خارطة الطريق، وهذا الأمر يوقعنا تحت مطالب من قبل اللجنة الرباعية التي تشكَّل من الولايات المتحدة، وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وتشدد عليها أنه ما لم تمارس ضغوطها القوية من أن أجل أن تلتزم دولة العدو بخارطة الطريق ولجان رقابة دولية لثبت عدم التزام الكيان الصهيوني، بينما نحن نلتزم بها تمامًا.
  • ماذا تطلبون من العالم العربي؟! وهل أنتم راضون عن دوره في القضية الفلسطينية؟
نحن غير راضين عن أي أداء عربي رسمي في القضية الفلسطينية، ولا على التضامن العربي أو العمل العربي المشترك، ونحن نرى أن هناك نقصانًا في هذا المجال، ونرى أن الجامعة العربية- حتى القرارات التي تتخذها لا تنفذها، ونأمل أن يتم موقف عربي موحد بتضامن عربي، وأن تكون هناك جدية حقيقية في الوقوف العادل بجانب الشعب الفلسطيني؛ حيث إن المخاطر كبيرة ولا تستهدف الشعب الفلسطيني فقط، وإنما كل الأمة العربية في سياق العمل العربي المشترك.
ونطالب بتطبيق كل القرارات العربية حتى لا تبقى القضية في دائرة المناشدة والشجب والإدانة والمسلسل الذي لا ينتهي كل عام، ونحن إذا كان لنا ملاحظات رسمية فإننا نتوجه بالتحية والتقدير إلى الشعوب العربية بالكامل، والتي تقف بجانب النضال العربي الفلسطيني، والتي تعبر في كل مناسبة عن دعم النضال العربي الفلسطيني وعلى دعم الحق الفلسطيني من أوسع أبوابه، وكل من يقف مع عائلات الشهداء والأسرى، ونقول لهم إن فلسطين هي مقدمة الصراع الذي يحاك ضد الأمة العربية، وإن الشعب الفلسطيني يدفع هذه الدماء ليس دفاعًا عن فلسطين.. وإنما عن كل الأراضي العربية وعن قضية الأمن والسلام والديمقراطية في العالم أجمع، ونحن على ثقة بتجاوز هذه المرحلة الحرجة بانتصار ساحق لشعبنا العربي في كل الأرجاء.


سمير غوشة في سطور

  • من مواليد القدس، وحصل على شهادة الطب من جامعة دمشق, وهو من رموز حركة القوميين العرب، ومن رواد الحركة الطلابية الفلسطينية والعربية في دمشق.
  • انضم إلى صفوف الجبهة منذ بداية انطلاقتها، وكان عضوًا قياديًّا بارزًا وأمين سر للجبهة، والمحرك الأساسي لها خلال فترة انطلاقة الجبهة وحتى انتخابه أمينًا عامًّا.
  • انتُخِب أمينًا عامًّا للجبهة بإجماع أعضاء مؤتمر الجبهة المنعقد عام 1974م.
  • انتُخِب عضوًا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عام 1989م.
  • يُعتبر الراعي الأول لحركة الجبهة على كافة الأصعدة السياسية والتنظيمية.
  • أشرف على تطور الجبهة في كافة المجالات.
  • شارك في مجلس وزراء السلطة؛ حيث تسلَّم مهام وزارة العمل، وعمل على تأسيسها وتطويرها على أسس علمية ومنهجية باعتباره وزيرًا لها.
  • ما زال يشكِّل رمزًا لجبهة النضال الشعبي، وهو الأمين العام للجبهة.
  • عُرف عنه تواضعه وإخلاصه في خدمة الشعب والقضية الوطنية الفلسطينية، كما عُرف عنه اتزانه وموضوعيته في المواقف السياسية والقرارات المفصلية الفلسطينية.

المصدر