حسن البنا.. إمام مجدِّد وعطاء متجدد

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
روائع البنا.jpg

بقلم د/ عصام العريان


مرت بنا الذكرى الستون لاستشهاد الإمام المجدد حسن البنا واغتياله في مؤامرة دنيئة دبَّرها القصر الملكي، وقامت بتنفيذها حكومة الأقلية السعدية بزعامة إبراهيم عبد الهادي باشا، واستخدمت فيها الأدوات الحكومية من ضباط وجنود في حادثة يقل وقوعها في التاريخ عندما تتحول الحكومات إلى عصابات إجرامية، وهي التي تملك سلطة القانون وتحتكر العنف والقوة.


كانت الجريمة بدافع الانتقام لاغتيال النقراشي باشا على يد شاب من الإخوان اعترف بانتمائه بعد أن أصدر البنا بيانًا واضحًا يدين فيه اغتيال النقراشي بقوة وتحت عنوان "ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين"؛ مما يدل على أنه لم يكن يعلم بتدبير الجهاز السري لجريمة اغتيال النقراشي ردًّا على قراراه بحل الإخوان بأمرٍ عسكري ومصادرة أموالهم وممتلكاتهم وإغلاق مقارِّ شعبهم ووقف نشاطهم واعتقال الآلاف منهم ومن بينهم مجاهدون اعتقلوا على أرض فلسطين بعد أن أبلوا بلاءً حسنًا في حرب عصابات ضد العصابات الصهيونية أيام كانت عصابات وقبل أن تتحول إلى دولة مدججة بالأسلحة النووية وترسانة زرعت الرعب في قلوب العرب حتى أصبح خوفهم من مجرد احتمال حرب مع العدو يُثير الشفقة ويحتاج إلى عزيمة قوية لهزيمة ذلك الخوف المريع كما كان يقول روزفلت الرئيس الأمريكي الذي جاء بعد الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي ليقول للأمريكيين إن أخوفَ ما يجب أن نخافه هو الخوف نفسه، وهو ما يجب علينا هزيمته.


في الحقيقة لم يكنحسن البنا ولا الإخوان المسلمون يهددون النظام الملكي في شيء ولم يكونوا بعد مناقسًا قويًّا يخشاه حزب الوفد ولا أحزاب الأقلية فلماذا تم اغتياله إذن؟ ولماذا كان الحل الأول للإخوان بقرارٍ عسكري في ظلِّ أحكامٍ عرفية؟.


الجواب الذي يتبادر فورًا إلى الذهن هو الدور المهم الذي قام به الإخوان فيقضية فلسطين وقام به شخصيًّا حسن البنا.


اهتمَّ البنا منذ بداية الدعوة بقضية فلسطين وفي عام1930م أرسل مذكرةً ضافيةً إلى المؤتمر المنعقد حول فلسطين وضع فيها تصورًا شاملاً في محاور خمسة لإنقاذ فلسطين، وفي أعوام 1935، 1937م قام البنا والإخوان بتأييد ثورة القسام وجمع التبرعات للمجاهدين في فلسطين في الوقت الذي صرَّح فيه "محمد محمود باشا" زعيم حزب الأحرار الدستورية ورئيس وزراء مصر المعروف بصاحب القبضة الحديدية بأنه رئيس وزراء مصر وليس رئيس وزراء فلسطين غاسلاً يده من أي اهتمامٍ بأمن مصر القومي بصورته الشاملة، وعارض البنا فكرة القتال المستعجل الانفعالي دون إعداد في فلسطين عام1937م التي طرحها المتحمسون من شباب الإخوان الذين انفصلوا بعد ذلك عن الجماعة ليؤسسوا "جماعة شباب محمد"، وعندما نضجت الظروف وتأزَّمت القضية وظهرت المؤامرة جليةً كان قرار الإخوان ب الجهاد على أرض فلسطين في إطار واسع بالتنسيق مع الجامعة العربية وبقيادة مشتركة مع المفتي المجاهد "أمين الحسيني" وأول أمين للجامعة العربية "عبد الرحمن عزام باشا".


أدرك البنا أبعاد المؤامرة على العالم الإسلامي وقد عاصر منذ تفتح مداركه خطة إلغاء الخلافة الإسلامية العثمانية ثم إلغاء السلطنة وفرض العلمانية الأتاتوركية على تركيا وتمزيق التركة العثمانية أو ما كان يُسمَّى "تركة الرجل المريض" إلى دويلات وطنية صغيرة يرسم حدودها رجال الإمبراطورية البريطانية ومعهم الفرنسيون وبمراقبة أمريكية- روسية- ألمانية على البعد.


وأدرك البنا أن فلسطين ليست قضية تخص الفلسطينيين فقط، وأن زرع دولة يهودية عنصرية في أرض فلسطين هو العائق الأكبر أمام نهضة حقيقية خاصة إذا كانت على أسس إٍسلامية، وهي العقبة الكئود أمام أي وحدة عربية، وأنها مشروع استعماري وظيفي ترعاه الدول الكبرى لتحقيق أهدافها الاستعمارية؛ ولذلك كان اجتماع سفراء الدول الكبرى في "فايد" عام1948م عندما ظهرت بطولات الإخوان في فلسطين ليقرروا حل الإخوان ومنع نشاطهم، وكان التنفيذ على يد النقراشي رغم تأييد الإخوان له في مهمته الوطنية من أجل الاستقلال والمطالب الوطنية أمام مجلس الأمن قبلها بعامٍ تقريبًا عندما عرض القضية الوطنية بعد أن فشلت المفاوضات مع الاحتلال الإنجليزي، وأوفد البنا وقتها الشاب "مصطفى مؤمن" ليتسلق الحواجز ويخطب في مجلس الأمن يؤيد مطالب النقراشي في الوقت الذي أعلن حزب الأغلبية "الوفد" أن النقراشي يُمثِّل حكومة أقلية لا تحظى بتأييد غالبية الشعب المصري اتساقًا مع شعار الوفد القديم العجيب "الاحتلال على يد سعد ولا الاستقلال على يد عدلي".


كان البنا والإخوان وفكرتهم ومشروعهم الإسلامي خطرًا على المشروع الغربي الاستعماري وليس خطرًا على المشروع الوطني النهضوي، فقد أعلن مشروعًا للنهضة على قواعد الإسلام يكفل لمصر مكانة ودورًا قياديًّا في الوطن العربي والعالم الإسلامي، بل أعلن مشروعًا إسلاميًّا إنسانيًّا ربانيًّا يحقق للعالم كله الأمن والاستقرار في ظل العدل والمساواة بين البشر؛ لذلك كانت فلسطين هي سبب اغتياله ويحق لنا أن نعلن أنه "شهيد فلسطين".


إذا كان البعض يعتبر أن المجددين أفرادًا فيمكننا القول بأن البنا إمام مجدد، وإذا كان البعض يُوسِّع الدائرة ليقول إن القرن يمكن أن يستوعب أكثر من مجددٍ فهو أحد المجددين في القرن الرابع عشر الهجري، وإذا كان البعض يتسع أكثر ليقول إن التجديد يمكن أن تقوم به جماعة أو هيئة فإن جماعة الإخوان المسلمين التي أسسها البنا يحق لها أن تُدعى أنها قادت سفينة التجديد في القرن الهجري الرابع عشر، وما زالت تشارك في مسيرة التجديد- وإن كان بدرجةٍ أقل بسبب ما تمرُّ به من ظروفٍ وحصارٍ وتضييق- في القرن الخامس عشر.


معالم التجديد التي أرساها البنا والإخوان تتمثل في العودة إلى شمول الإسلام لكل مظاهر الحياة وإحياء الأمل في استئناف حياةٍ اجتماعيةٍ إسلامية وتحقيق نهضة شاملة في الأمة الإسلامية على قواعد الإسلام وفق منهج محدد وطريق مرسومة خطواته وعمل متواصل من أجل ذلك الهدف.


ومن أبرز معالم التجديد العودة إلى منابع السهولة الأولى الصافية، وهي القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة واسترشادًا بفهم السلف الصالح بعيدًا عن التعقيدات والاختلافات التي عصفت بعقول المسلمين خلال قرون التخلف والانحطاط، ومن معالم التجديد خوض غمار التأسيس بعد التدريس والتربية بعد التعليم والتكوين بعد الدعوة، وقد كان الدعاة والوعاظ يكتفون بقول كلمة الحق أو الافتاء والتدريس، بينما جمع البنا المقتنعين بالدعوة والمستجيبين للوعظ في أسر وكتائب وشعب ومناطق ومكاتب إدارية في نظام دقيق مبدع وفق لوائح إدارية متطورة وشورى تحكمها لوائح تحقق شفافية اتخاذ القرارات والمحاسبة عليها في تطبيق إسلامي جيد لمبدأ الديمقراطية وحرية اختلاف الرأي وتداول مواقع المسئولية؛ ولذلك بقيت الجماعة والهيئة والتنظيم مع اتساعها لتشمل بلادًا عديدة ورغم كل المحن والمعتقلات والسجون والشهداء، بقيت متماسكة وقوية ومتجددة، ومن معالم التجديد الفكري عدم الجمود على ما قاله السابقون سواء في الفتاوى أو في النظم والإداريات، بل كان موقف البنا من الأفكار الجديدة والنظم الحديثة متطورًا ومتقدمًا جدًّا على آراء معاصريه في مجالات الاجتماع والسياسة والأفكار.


عطاء الإمام البنا ما زال صالحًا، بل إن هناك ردةً في المجال الإسلامي الواسع عن آرائه المتقدمة وأبرز الأمثلة على ذلك: مجال الفن والترويح ولتراجع الكُتيب الرائع للأستاذ عصام تليمة حول ذلك الامر، ومجال المرأة ودورها في المجتمع ومجال العمل الوطني العام المشترك مع الآخرين.


الوفاء للبنا ومنهجه يقتضي السير على منهجه في التفكير وليس مجرد ترديد ما قاله من آراء وأفكار؛ ولذلك قام الإخوان بمراجعة دقيقة لآرائه في الأحزاب والحزبية، وفي مجال نشاط المرأة في المجتمع (وقد كانت آراؤه في زمنه متقدمة جدًّا)، وأصدروا وثيقة مهمة ورسالة جديدة تقدم الجديد في ذلك الصدد.


سيظل حسن البنا معلمًا من معالم نهضة مصر الحديثة، وهو ليس ملكًا للإخوان المسلمين بعد وافته، وقد أحسنت مكتبة الإسكندرية عندما وضعته في المكانة اللائقة به، ويجب على مصر الرسمية أن تتعامل مع البنا بعيدًا عن تعاملها العنيف مع الجماعة التي أسسها فتكرمه في ذكراه، وتحتفي به كلية دار العلوم التي درس فيها وتحترم آراءه وأفكاره التي أصبحت شائعة وسائرة بين الناس.


عقد زواج ابنتي أسماء على محمد أسامة رسلان

بارك الله لكما، وبارك عليكما، وجمع بينكما في خير

كان يوم الجمعة 13/2/2009م يومًا مشهودًا في حياتي وأسرتي، فقد كان عقد زواج آخر العنقود في أسرتي الصغيرة، وكذلك في عائلتي الكبيرة، فهي آخر مَن بقي للزواج من الطبقة الأولى في عائلة العريان.


فرحتي لا تُعبِّر عنها الكلمات، وبعد أن يتم في الصيف القادم زفاف أسماء- إن شاء الله- تبدأ مرحلة جديدة في حياتي، ونبدأ العد التنازلي لزواج الأحفاد.


إلى أسماء ومحمد أسامه رسلان أدعو بالبركة: بارك الله لكما، وبارك عليكما، وجمع بينكما في خير، ورزقكم الله الذرية الصالحة والحياة المطمئنة الطيبة.


التهدئة على مراحل وتحديات حماس

أثبتت حماس وقيادتها أنها تجيد فن العمل السياسي، كما أجادت المقاومة، وها نحن أمام تهدئةٍ قادمةٍ يعقبها مراحل، والوساطة المصرية والضمان المصري هو الأهم في تلك التهدئة، وفي ما يُقدَِّم من مصالحة وطنية وصفقة إطلاق الأسرى الفلسطينيين.


مصر تراجع نفسها فعليًّا، والفضل بعد الله تعالى يعود إلى ثبات المقاومة وصمود الشعب الفلسطينيي، وتزايد شعبية المقاومة وحماس، وتحول المجتمع الصهيوني إلى التعصب والتطرف والتصويت لليمين المتطرف مما يعني جمود عملية التسوية.


أمام حماس تحديات ضخمة، يلخصها الآن كيف تتعامل مع المجتمع الدولي؟ مفتاح كل التحديات هو قبول أوروبا وأمريكا بحماس كلاعبٍ وطني وإقليمي، وهو سؤال يتردد على ألسنة كل الساسة الغربيين وآخرهم وزير خارجية بريطانيا الذي طرح حلاًّ يعيد ذكريات "مؤتمر مدريد" بأنه في ظل المصالحة الفلسطينية سيتعامل الغرب مع حماس، أي ليست هناك مقاطعة لحكومة وحدة وطنية أو وفاق وطني تشارك حماس في تشكيلها.


هذا يفتح ملف الإعمار وملف رفع الحصار وملف الانتخابات القادمة التي قد تكسبها حماس فتدخل مرحلة جديدة وتواجه تحديات أخطر.


المصدر : نافذة مصر