بيان موجز حول بعض أحكام الزكاة والصدقة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
بيان موجز حول بعض أحكام الزكاة والصدقة

17-09-2005

بقلم فضيلة الشيخ محمد عبد الله الخطيب*

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومَن والاه وبعد.. فهذا بيانٌ موجز حول بعض أحكام الزكاة والصدقة وعلاقات الأقارب والأرحام:-

1- الآباء والأبناء

اتفق الفقهاء: على أنه لا يجوز إعطاء الزكاة إلى الآباء والأجداد، والأمهات والجدات، والأبناء وأبناء الأبناء، والبنات وأبنائهن؛ لأنه يجب على المزكي أن ينفق على آبائه وإن علوا، وأبنائه وإن نزلوا، وإن كانوا فقراء، فهم أغنياء بغناه، فإذا دفع الزكاة إليهم، فقد جلب لنفسه نفعًا بمنع وجوب النفقة عليهم.

واستثنى الإمام مالك "الجد والجدة، وبني البنين، فأجاز دفع الزكاة إليهم لسقوط نفقتهم"، ويرى الإمام ابن تيمية "أنه يجوز دفع الزكاة إلى الوالدين إذا كان لا يستطيع أن ينفق عليهما، وكانا هما في حاجةٍ إليها".

هذا إذا كانوا فقراء، فإن كانوا أغنياء، وغزوا متطوعين في سبيل الله، فله أن يعطيهم من سهم (في سبيل الله)، كما أنَّ له أن يعطيهم من سهم (الغارمين)؛ لأنه لا يجب عليه سداد ديونهم، ويعطيهم كذلك من سهم العاملين، إذا كانوا بهذه الصفة.

2- الزوجة

قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الرجل لا يعطي زوجته من الزكاة، وسبب ذلك أن نفقتها واجبة عليه، فتستغني بها عن أخذ الزكاة، مثل الوالدين إلا إذا كانت مدينة فتُعطى من سهم الغارمين، لتؤدي دينها.

3- يستحب إعطاء الزكاة للزوج والأقارب

إذا كان للزوجة مال تجب فيه الزكاة فلها أن تُعطي لزوجها المستحق من زكاتها، إذا كان من أهل الاستحقاق؛ لأنه لا يجب عليها الإنفاق عليه، وثوابها في إعطائه أفضل من ثوابها إذا أعطت أجنبيًا.

عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه-: "أنَّ زينب- امرأة ابن مسعود- رضي الله عنه قالت: يا نبي الله إنك أمرت اليوم بالصدقة، وكان عندي حلي فأردت أن أتصدق به، فزعم ابن مسعود أنه وولده أحق مَن تصدقت به عليهم، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: "صدق ابن مسعود، زوجكِ وولدكِ أحق مَن تصدَّقت به عليهم" (أخرجه البخاري).

وأما سائر الأقارب كالإخوة والأخوات، والأخوال، والعمَّات، والخالات فإنه يجوز دفع الزكاة إليهم إذا كانوا مستحقين، في قول أكثر أهل العلم لقول الرسول- صلى الله عليه وسلم-: "الصدقة على المسكين صدقة (أي فيها أجر الصدقة) وعلى ذي القرابة اثنتان: صلة وصدقة" (أي فيها أجران: أجر صلة الرحم، وأجر الصدقة) الحديث أخرجه أحمد والنسائي والترمذي وحسَّنه.

4- هل في المال حق سوى الزكاة؟

والزكاة هي الحق الواجب في المال متى قامت بحاجة الفقراء، وسدت خلة المعوزين وكفت البائسين، فإذا لم تكفِ الزكاة، ولم تفِ بالحاجة، وجب في المال حق آخر سوى الزكاة، وهذا الحق لا يتحدد إلا بالكفاية، فيؤخذ من مال الأغنياء القدر الذي يقوم لكفاية الفقراء.

قال الإمام القرطبي في قوله تعالى ﴿وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ﴾ (البقرة: من الآية 177) استدل به مَن قال إنَّ في المال حقًا سوى الزكاة، يقول الإمام محمد عبده في تفسير المنار، في قوله تعالى ﴿وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ﴾ قال: وأعطى المال لأجل حبه لله تعالى، أو على حبه إياه أي المال، ثم قال "وهذا الإتياء غير إيتاء الزكاة، هو ركن من أركان البر، وواجب كالزكاة، وذلك حيث تعرض الحالة إلى البذل، في غير وقت أداء الزكاة، وهو لا يشترط فيه نصاب معين، بل هو حسب الاستطاعة.

وليس المضطر وحده، هو الذي له حق في ذلك، بل أمر الله تعالى المؤمن أن يُعطي من غير الزكاة (ذي القربى) وهم أحق الناس بالبر والصلة، فإن الإنسان إذا احتاج- وفي أقاربه غنى- فإن نفسه تتوجه إليه بعاطفة الرحم، ومن المغروز في الفطرة، أن الإنسان يألم لفاقة ذوي رحمه وعدمهم، أشد مما يألم لفاقة غيرهم، فإنه يهون بهوانهم، ويعتز بعزتهم، فمَن قطع الرحم ورضي بأن ينعم وذوو قرباه بائسون، فهو بريء من الفطرة والدين، وبعيد من الخير والبر، ومن كان أقرب رحمًا كان حقه آكد وصلته أفضل.

يقول الإمام ابن حزم: "وفرض على الأغنياء من أهل كل بلد، أن يقوموا بفقرائهم، ويجبرهم السلطانُ على ذلك، إن لم تقم الزكوات بهم، ولا في سائر أموال المسلمين بهم، فيُقام لهم بما يأكلون من القوت الذي لا بدَّ منه، ومن لباسٍ للشتاء والصيف، بمثل ذلك، وبمسكن يكفيهم من المطر والصيف، والشمس وعيون المارة برهان ذلك قوله تعالى: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ﴾ (الإسراء: من الآية 26) وقال تعالى: ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ (النساء: من الآية 36) (الجار الجنب: أي الجار البعيد، والصاحب بالجنب: أي الزوجة).

فأوجب تعالى حق المسكين وابن السبيل وما ملكت اليمين من حق ذي القربى، وافترض الإحسان إلى الأبوين وذي القربى والمساكين والجار وما ملكت اليمين، والإحسان يقتضي كل ما ذكرنا ومنعه إساءةً بلا شكٍ" (من كتاب المحلى لابن حزم).


المصدر

إخوان اون لاين